يتمثل الخلاف المصري السوداني في الحدود المرسمة بين مصر والسودان التي حددتها اتفاقية الاحتلال البريطاني عام 1899 ضمت المناطق من خط
عرض 22 شمالا لمصر وعليها يقع مثلث حلايب داخل الحدود المصرية.
وفي عام 1902 قامت المملكة المتحدة والتي كانت تحكم البلدين حينذاك بجعل مثلث حلايب تابعاً للإدارة السودانية، لأن المثلث أقرب إلى الخرطوم منه إلى القاهرة ومساحة هذه المنطقة التي تقع على البحر الأحمر 20.580 كم2، وتوجد بها ثلاث بلدات كبرى هي حلايب وأبو رماد وشلاتين، أكبرها هي شلاتين وتضم في الجنوب الشرقي جبل علبة المنطقة محل نزاع حدودي بين مصر والسودان الا انها حاليا .
وظلت المنطقة تابعة للسودان منذ عام 1902 ولكن ظهر النزاع إلى السطح مرة أخرى في عام 1992 عندما اعترضت مصر على إعطاء حكومة السودان حقوق التنقيب عن البترول في المياه المقابلة لمثلث حلايب لشركة كندية فقامت الشركة بالانسحاب حتى يتم الفصل في مسألة السيادة على المنطقة
سحب البلدان قواتهما من المنطقة في التسعينات وتمارس مصر سيادتها على المنطقة وتديرها وتستثمر فيها منذ ذلك الوقت. وفي عام 2000 قامت السودان بسحب قواتها من حلايب وقامت القوات المصرية بفرض سيطرتها على المنطقة منذ ذلك الحين في عام 2004 اعلنت الحكومة السودانية انها لم تتخلى عن إدارة المنطقة المتنازع عليها ولم تهجرها أو تسلمها للمصريين ، وأكدت على تقديم مذكرة بسحب القوات المصرية إلى سكرتير الأمم المتحدة قام مؤتمر البجا في ولاية البحر الأحمر في السودان بتوقيع مذكرة لاسترجاع إدارة المنطقة للسودان ، حيث أوردوا ان قبائل البجة التي هي أصول وسكان هذه المنطقة يعتبرون مواطنون سودانيون.
حلايب.. أرض مصرية بدأ النزاع عليها فى أعقاب استقلال السودان عام ١٩٥٦
المصرى اليوم كتب فتحية الدخاخنى ٣/ ٧/ ٢٠١٠
أرض مصرية تسكنها قبائل البجا البشارية والعبابدة، ويقول الدكتور هانئ رسلان، مدير وحدة دراسات السودان وحوض النيل بمركز الأهرام، إن مثلث حلايب أرض مصرية بموجب اتفاقية ١٨٩٩، لكن السودان حاولت المطالبة بها، مستندة إلى حجج «ضعيفة»، مشيرا إلى أن مصر كانت لها السيادة على السودان حتى استقلاله عام ١٩٥٦، وأنه بموجب هذه السيادة كان مثلث حلايب تابعا لحاكم السودان، بقرار إدارى من وزير الداخلية فى مصر، لتسهيل حركة القبائل بين مصر والسودان.
ويضيف «رسلان» أن بوادر النزاع بدأت عقب استقلال السودان حيث حاول أول رئيس وزراء للسودان إقامة دائرة انتخابية فى حلايب، فاعترضت القاهرة، وحركت السودان قواتها إلى المنطقة، لكن الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وهو زعيم عروبى، لم يسمح بإراقة دم السودانيين فى مصر، وأمر بترك القوات السودانية فى المنطقة.
ويشير «رسلان» إلى أن النزاع عاد من جديد فى التسعينيات بعد قيام حكومة السودان عام ١٩٩٢ بإعطاء حقوق التنقيب عن البترول فى المياه المقابلة لمثلث حلايب لشركة كندية، الأمر الذى أغضب القاهرة، فقامت الشركة بالانسحاب حتى يتم الفصل فى مسألة السيادة على المنطقة.
ويقول بعد ذلك: «خرجت القوات السودانية من المثلث وأصبحت لمصر السيادة الإدارية على المنطقة»، مشيرا إلى أن القبائل التى تسكن المنطقة «أصلها سودانى (لكن) وجود السكان لا يعنى السيادة على الأرض».
وحول التوزيع القبلى فى المنطقة، يقول مسعود شومان، المشرف على أطلس المأثورات الشعبية بالهيئة العامة لقصور الثقافة، إن المنطقة تسكنها قبائل البشارية والعبابدة، وهما فرعان من القبيلة الأم التى عاشت فى الصحراء الشرقية الممتدة بطول ساحل البحر الأحمر فى مصر والسودان وإثيوبيا، والتى تضم ستة فروع رئيسية، مشيرا إلى أن كل فروع قبيلة البجا توجد بالسودان فيما عدا العبابدة والبشارية الموزعتين بين السودان ومصر، وأضاف أن هناك قبيلة أخرى تعيش بالمثلث الحدودى هى قبيلة الرشايدة.
ويتابع شومان: «لا يوجد لهذه القبائل تاريخ مكتوب»، بل تتواتر الحكايات والأقوال لتصنع تاريخا شفويا، ومن بين الحكايات أسطورة تقول إن جدهم الأكبر «كوكا» كان فى الأصل حجرا انحدر من جبل «علبة» بعدها تحول لبشر، وكانت له زوجة تدعى «جنية كوكا»،
وقد اختطفها الرومان، وفروا بها إلى الساحل لبيعها، لكنها هربت واختبأت بمغارة فى جبل علبة، فانهارت عليها، ولفظت أنفاسها الأخيرة بعد أن وضعت مولودها «أنوكا» وكبر طفلها وتزوج من امرأتين إحداهما تسمى «أتوانا»، والأخرى تدعى «أهوانا»، ومن نسلهما كانت قبائل البشارية. أما العبابدة فينتسبون إلى جدهم عباد الثالث المدفون بوادى عباد بقنا وهم يرجعون نسبه إلى الزبير بن العوام.
ويشير «شومان» إلى أنه ركز فى دراسته على شعر العبابدة لأنه أقرب إلى العربية، فى حين «لم يستطع فك طلاسم شعر البشارية،» لأنه بلغة الرطانة، ويحتاج إلى مجهود فى الترجمة، موضحا أنه يقوم حاليا بجمع مفردات لغة الرطانة، حيث جمع ما يقرب من ٥ آلاف كلمة، سيضعها فى «أول» معجم لهذه اللغة غير المكتوبة.
ويحذر «شومان» من انقراض التراث الثقافى للمنطقة، مشيرا إلى وجود تراث ثقافى «غنى» وآلات شعبية فى المثلث الحدودى، ومنها آلة تشبه السمسمية وتسمى الباسنكوب. ويحمل السكان من قبائل العبابدة والبشارية بطاقات هوية مصرية، باستثناء قبائل الرشايدة، ويقول مصدر مطلع إن قبائل الرشايدة قبائل رحل من الجزيرة العربية، غير معترف بهم فى مصر أو غيرها من الدول العربية، لذلك لا يمكن منحهم بطاقات الهوية، مشيرا إلى أن أفراد هذه القبيلة لا يسمح لهم بالسفر خارج البلاد إلا للتعليم أو العلاج.