إساءة إستعمال الحرم الكنسى فى المجامع والكنيسة القبطية
ج1 حياة القديس يوحنا ذهبى الفم قبل حرم الأقباط له
أسئلة لأسقف سيدنى الأنبا دانييل
تناقشنا هذا الأسبوع فى كنيسة مارينا بعد القداس كعادة العواجيز وطرح الموضوع أ. "ك. ع. أ" .. وإنقسمت الآراء حول معمودية يوحنا التى للتوبة ومعمودية المسيح وأشار الإنجيل إلى أربع مناطق تم فيها العماد يوحنا عمد فى 1- بيت عبرة كان يعمد يوحنا المعمدان (يو 1: 28) و 2- نهر الأردن بمنطقة (كسر / قصر اليهود ) (مر 1: 5) و 3- عين نون فى ساليم (يوحنا 3: 23) .. أما المسيح وتلاميذه عمدوا فى 4- نهر الأردن (ياردنيت) بالجليل السفلى راجع (يو 3: 25- 36) و (يو 4: 1- 2) .. ملحوظة ذكر المسيح أن المعمودية ولادة بالماء والروح والأسئلة هى هل معمودية المسيح والتلاميذ كانت للتوبة أم معمودية مسيحية أى الإيمان بالمسيح"من آمن واعتمد خلص، ومن لم يؤمن يدن." (مر 16: 16) لغفران الخطايا ؟ وهل تمت معمودية المسيح بدون الروح القدس لأن يسوع أرسله للتلاميذه ورسله يوم الخمسين - نرجوا من الأنبا دانييل أن يجاوب على الأسئلة التى أقلقت كبار السن فى مارينا
*******************************
معلمين كذبة
فى 9/2/2019م ظهر الأنبا دانييل أسقف سيدنى فى وسائل التواصل الإجتماعى يركب عربة أطفال فى كنيسة الأنبا آبرأم فى ماكوارى فيلد وشاهدت صورة أخرى له وهو يمسك كرة ويلعب البولنج وهو ما لم يحدث من أساقفة الكنيسة القبطية عبر التاريخ الماضى والحاضر واليوم تبرعات أقباط سيدنى تذهب لمحامين فى قضية رفعها الأنبا دانييل ضد أ. سمير حبشى بسبب نشره شهادة صحية نفسية وهذا يثبت أن هذا الأسقف لم يتبع طريق يسوع ولا يعرف تعاليمة على الإطلاق ولم يقرأ هذه الآية (مر 3: 21) ولما سمع اقرباؤه (يسوع) خرجوا ليمسكوه لانهم قالوا: «انه مختل!» أى أن أقرباء يسوع قالوا عنه أنه مختل ولم يرفع يسوع قضية على أحد هذه ثالث قضية يرفعها الأنبا على أ. سمير هذه القضية ستتكلف أكثر من 250 ألف دولار من تبرعات الأقباط فى الوقت الذى رفض البنك إعطاء الإيبارشية سلفة وهذا واضح لعجزها عن دفع المستحقات بعد مشكلة أبونا داود لمعى ومساكن كبار السن وأستفالة البورد الذى يدير المدارس . مشاكل ومشاكل ومشاكل فى كل يوم هل وافق اقباط سيدنىى على رفع هذه القضية - هناك خلل فى فى النظام الهيكلى الإدارى فى الكنيسة القبطية بشكل عام فالأسقف له مطلق الحرية فى التصرف فى أموال التبرعات وهذا ما حدث بشكل فاضح فى سيدنى وملبورن أموال خرجت لا يعرف مصيرها وأموال ذهبت لإستثمارات وشراء اراضى وبناء أبراج أقول لكل قبطى سيحاسبك الرب يسوع عن كل دولار تدفعه ولا تعرف إلى أين يذهب الأنبا دانييل فى حديث أمام وزيرة الهجرة أشار عليكم وقال "انكم نفط وهو يكتشفكم " يا أستاذ نفط ويا سيدة نفط أفيقوا أنتم مستغليين - ومن ناحية أخرى وبكل أسف يجلس الآن على بعض كراسى الإيبارشيات القبطية فى داخل مصر وخارجها جهلاء بالمعرفة الدينية وبعض منهم إكتشفنا فيما بعد أنهم مرضى إما نفسيين أو جسديين .. أغلبهم رسموا فى عهد البابا تواضروس وقلة منهم رسموا فى عهد حبرية البابا شنودة بالرغم من تدقيقة الشديد ولكنه وثق فى الأساقفة الذين رشحوهم إليه واليوم يعانى الشعب من هرطقات الأساقفة وإنغماسهم فى العالم وأصبحوا جباة فلوس وليسوا جباة نفوس نفتش عنهم نجدهم ليسوا مع المسيح بل بعيدا فى المكان الذى أشار إليه المعمدان " بل ماذا خرجتم لتنظروا؟ اانسانا لابسا ثيابا ناعمة؟ هوذا الذين في اللباس الفاخر والتنعم هم في قصور الملوك (لو 7: 25) يا بابا ويا أساقفة (لو 9: 58) فقال له يسوع: «للثعالب أوجرة، ولطيور السماء أوكار، وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه».هنا الفرق بين المسيح وهؤلاء الأساقفة لبسوا البز والإرجوان وأفخر الثياب والأحذية وأغلاها يغيرونها فى كل مناسبة يصل الواحدة أكثر من 10 ألاف دولارالذين بنوا مبانى أطلقوا عليها مطرانيات وهى قصور وصاروا أباطرة فى تفكيرهم مثل العنكبوت التى تمسك بيديها وهي في قصور الملوك (أم 30: 28) يعتقدون بألوهيتهم وعصمة الرب يأخذونها لأنفسهم يحرمون من ينتقدهم أو يعارضهم والجميع يعرف حرم الأنبا دانييل أربعة من التناول بدون سبب دينى وقام بعض الكهنة فى مصر بحرم أى قبطى من التناول يشير أى يدوس لايك فى الفيس بوك نغتيرنها خطية ضد الذات الكهنوتية أو الأسقفية أو الباباوية ولكل من يزدرى أى منهم وكأن قانون إزدراء الأديان إنتقل بقدرة قادر لل للنيسة القبطية ونحيط علم قراء أن قانون مجمع نيقية الذى يذكر فى كل قداس يقول ان كل من يحرم أحدا بدون وجه حق يحرم وفى هذه المقالة نسلط الضوء على إساءة إستعمال الكنيسة القبطية للحرم الغير قانونى أسقفا حرم أربعة حرما غير قانونيا لعدم معرفته بالكتاب المقدس والقوانين الكنسية ومع أنه متهم بالسيمونية ولكنه لا ينظر للخشبة التى فى عينه بل يبحث عن القذى الذى فى عين الآخرين والقذى هو العماص فى الأعين ..
*******************************
أساقفة من التراب إلى كراسى الملوك
«على كرسي موسى جلس الكتبة والفريسيون" (متى 23: 2) وكان كرسيا من الحجر وليس مثل كراسى الملوك .. لم يجلس يسوع أو أحد تلاميذه على كرسى وصورة العشاء غير صحيحة .. كان وكانوا يجولون يكرزون ويبشرون وكانت الكنائس فى بيوت المؤمنين اليوم يختار الأساقفة من الرهبان فقط ولكن نص قانون مجمع نيقية أنه يختار الأسقف من المتبتليين سواء أكانوا فى العالم أو رهبان ويوجد ثلاثة من بطاركتنا ليسوا من الرهبان إختيروا بعد مجمع نيقية وكذلك البطاركة قبل المجمعع كان معظمهم من البتوليين يعيشون فى العالم الراهب ينتقل من االفقر الرهبانى المدقع إذا صح وكانوا رهبانا صالحين فى رهبنتهم ثم يتغير حالهم بعد رسامتهم أساقفة بين ليلة وضحاها يدخلون ألان الكنائس بزفة الملوك والتهليل وأصبحوا يجلسون على كراسى ملوك الزمان وتحت ارجلهم يجلس الناس الذين يظنون أن من يلبس ملابسهم ويجلس على كرسيا عاليا يصبح تلميذا من تلاميذ المسيح وإحترامه من إحترام المسيح ذاته وفى يدهم أموالا سائلة وأملاكا تقدر فى بعض إيبارشيات المهجر بأكثر من 200 مليون دولار بأسعار 2012م [ جاء فى العدد 169 لجريدة المنارة الصادرة بتاريخ 20/4/2014 تحت عنوان ( من حق الشعب ان يعلم ) فى الصفحة الثالثة والتى نشر عليها الموقف المالى لأسقفية سيدني بأستراليا طبقاً لاخر تقرير مالى بتاريخ 30/6/2012 ومن محاسبين الابراشية الأستاذ/ سيمون والأستاذ/ جون نخله * تمتلك الكنيسة القبطية بأسقفية سيدني 81 عقار مسجله بإسمها حتي 30/6/2012 تشمل كلمة عقار أراضي الكنائس التي بنيت عليها الكنيسة والبيوت المجاوره التي يتم شراؤها تدريحياً لتوسيع الكنائس منهم 40 عقار مرهونه بديون وأقساط شهريه بفوائد لبنك الكومنولث * عدد العقارات التي تمتلكها اسقفية سيدني كلية بدون أي قروض لأي بنك هي 41 إجمالى الديون لبنك الكومنولث وهو البنك الوحيد الذي تقترض منه الاسقفية 27,342,000$ للعلم بعد رجوع الانبا دانيال من بعد نياحة البابا شنودة بتاريخ 12 سبتمبر 2012 من المحتمل ارتفع الدين الي 27 مليون ونص الي 40 مليون تقريباً .] والسؤال هل توجد فى مصر كنيسة مرهونة وعليها دين وقارنوا بين فخامة كنائس مصر وكنائسنا وأساقفة اليوم الذين نذروا انفسهم للفقر الإختيارى عندما كانوا رهبانا كسروا نذورهم وإجتاروا سكن القصور وقد ورثت الكنيسة القبطية هذه العادات من البيزنطيين المسيحيين حيث كان الأساقفة بختاروا من طبقة أمراء الإمبراطويرة البيزنطية وقادة الجيوش المتبتليين ولم يحدث أن إعتلى الكرسى المرقسى أميرا .. إن بعض الألحان مأخوذة من ألحان إستقبال الملك ذكر فيلو السكندري في النصف الأخير من القرن الأول أن جماعة المسيحيين اخذوا ألحانا من عبادتهم المصرية القديمة ووضعوا لها نصوصا نصوص مسيحية وسجل الشاهد مرة أخرى في تاريخ يوسيبيوس أن الأقباط قد احتفظوا بموسيقاهم من أجدادهم وخاصة الموسيقى الدينية. وعن طريق التواتر عرفنا انه توجد بعض الألحان الفرعونية الأصل كلحن غولغوثا الذي كان يستعمله كهنة الفراعنة أثناء عملية التحنيط. ولحن بيك اثرونوس الذي يشتمل نصفه على نغمات حزينة لوفاة الفرعون ونصفه الثاني على نغمات فرحه بتنصيب الفرعون الجديد ولكن البعض يؤكد أن هذه النغمات الفرحة وضعها حديثا العريف ميخائيل جرجس البتانوني بقصد إضافة بصمته لهذا اللحن. لحن أخر يقال انه فرعوني الأصل هو ابؤورو الفرايحي يقال انه كان يتلى في دخول الملك ويؤكد البعض أن مطلع كلمات اللحن لم تتغير منذ أيام الفراعنة "يا ملك السلام اعطنا سلامك قرر لنا سلامك" لحن ربع يقال انه فرعوني اللحن السنجاري وهو اسم مدينة مصرية قديمة في شمال الدلتا واللحن الادريبي ربما هو منسوب لمدينة ادريب بشمال بنها رأى أخر يقول انه سمي ادريبي نسبة لكلمة اترهيبي القبطية وتعني حزن. ومن المصادر التي اشتق منها الأقباط ألحانهم الحزينة في أسبوع الآلام ألحان إيزيس التي قالتها في طلب جسد اوزيريس وهو احتمال قائم. تاريخ الكنيسة القبطية ليس كله أمجاد كما يعتقد الأقباط ولكننا نقرأ فيه السقطات والضعفات فى هذه البحث نستعرض صفحة من التاريخ الأسود لكنيستنا فى موضوع تاريخ إساءة إستعمال الحرم فى الكنيسة القبطية الذى كان بسبب السلطة أو الإنتقام الشخصى أو الحسد والغيرة من التفوق الروحى والعلمى كما حدث من البابا ديمتريوس البطريرك الـ 12 مع العلامة القبطى اوريجانوس كان يكفى أن أوريجانوس ترك له مصر وسكن فى قيصرية بالأراضى المقدسة وتنتهى القصة عند هذا الحد ولكنه أصر على حرمة المشكوك فى أسبابه وإمتد للأجيال التالية حتى سنة 385م البابا ثيوفيلوس البطريرك الـ 23.الذى إنتهى بمأساة ونفى وموت بطريرك القسطنطينية القديس يوحنا ذهبى الفم
*******************************
القديس ذهبى الفم الذى حرمته الكنيسة القبطية
القديس يوحنا الذهبي الفم بطريرك القسطنطينية (349 - 14 سبتمبر 407 م.) وذهبى الفم قديسا فى جميع الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية وحتى فى الكنيسة القبطية التى كان لها الدور الأساسى فى حرمانه وهو إبن الوالي سكوندس قائد الجيش الروماني بسوريا، تاركًا زوجته أنثوسا في السنة الرابعة من زواجها وهي شابة مع وفرة الغنى. تركها في العشرين من عمرها فحام الشبان حولها يطلبون ودها، لكنها كرزت حياتها لخدمة طفليها: ابنتها التي سرعان ما انتقلت، ورضيعها يوحنا الذي وُلد بمدينة إنطاكية نحو سنة 347 م. وشهد الفيلسوف الوثني ليبانيوس عنها قائلًا: "لله درّ النساء عند المسيحيين!" (what wives the Christians have) اجتهدت في تثقيف عقل إبنها يوحنا بالعلوم والمعارف، فأودعته عند الفيلسوف أندروغاثيوس يتدرب على البلاغة والمنطق وإنتقل إليتعلم من ليبانيوس أعظم خطباء عصره الذى اكتشف مواهب تلميذه يوحنا وفصاحته وكان يأمل أن يسلمه قيادة مدرسته من بعده التف حوله تلاميذه يسألونه عمن يخلفه وهو يحتضر فتنهد الفيلسوف السورى الوثني قائلًا: "يوحنا لو لم يسلبه المسيحيون منّا!" وعندما أصبح مسيحيا إشتهر يوحنا بسيرته وعظاته وكتاباته كأقونة حيّة لحياة الإيمان ففي سيرته نختبر الكنيسة السماوية المتهللة، المُعاشة على الأرض وسط الآلام. فقد أحب يوحنا الحياة الملائكية، وعشق البتولية، ومارس التسبيح والترنيم، وانطلقت نفسه من يومٍ إلى يومٍ نحو الأبديات. لكنه في هذا كله لم يتجاهل الواقع كإنسان يحمل جسدًا ويسكن على الأرض بين البشر، لذا مارس إيمانه بالأبدية خلال واقع عملي، سواء في بيت أمه، أو ديره أو وحدته أو في دار الأسقفية كاهنٍ أو أسقفٍ، على منبره وسط استحسانات الجماهير أو في منفاه في إنطاكية ومواهبه بممارسته المحاماة نحو عامين. كان يرفع إلى القضاء دعاوى المظلومين والفقراء ببلاغة وفصاحة، حتى صار يوحنا محط آمال الكثيرين والكثيرات، يتوقعون له منصبًا قضائيًا في وقت قصير فى وسط هذه الحياة كان بين الحين والآخر يتوق لو كرس حياته للفلسفة الحقة فيمارس الإنجيل ويعيش من أجل الأبدية مضى إلى مدينة أثينا وتعلم الحكمة اليونانية في إحدى مدارسها وفاق كثيرين في العلم والفضيلة.
***********************************
عندما علت كفة الميزان وهبطت الأخرى
كانت يد الله تعمل في حياته، فبعثت إليه صديقه القديم رفيق الصبا باسيليوس، الذي كان يسلك بحياة إنجيلية تقوية الذي روى عنه يوحنا نفسه قائلًا: "مال الميزان بيننا، فعَلَتْ كفّته، وهبطت كفتي تحت ثقل شهوات هذا العالم والأهواء التي ينغمس فيها الشباب" بدأ باسيليوس يستميله نحو حب الله، فانجذب يوحنا، واشتاق لو كرس كل حياته للتعبد ودراسة الكتاب المقدس، فترك المحاماة وتلقفه مليتيوس أسقف إنطاكية الأرثوذكسي وتلمذه ثلاث سنوات ثم منحه سرّ العماد حوالي عام 369 م. أو 370 م. وهو في حوالي الثالثة والعشرين من عمره وكان العماد بداية انطلاقة روحية جادة. إذ يقول عنه بالاديوس أنه منذ ذلك الحين "لم يحلف قط، ولا افترى على أحد ما ولا نطق بكلمة باطلة، ولا سبّ ولا حتى سمح بأي مزاح طريف" انجذب الأسقف مليتيوس إلى جمال شخصيته، وسمح له بمرافقته على الدوام، مدركًا بعين النبوة ما يكون عليه. وأقامه قارئًا أو أغنسطسًا عام 270. حلت عليه نعمة الله فوضع ميامر ومواعظ وفسر كتبًا كثيرة وهو بعد شماس لم يكن يحتمل صديقه باسيليوس مفارقته لحظة واحدة. كان يحثه على الدوام أن يتركا بيتهما ويسكنا معًا أو يلتحقا بالدير، لكن نحيب أمه المستمر عاقه عن تلبية طلبه. ففي طاعة أذعن يوحنا لتوسلات أمه الأرملة التقية ودموعها، إذ رأى من الحكمة أن يخضع لها ويطيعها، فقد تركته حرًا يتفرغ للعبادة والتأمل والدراسة، ممارسًا حياته النسكية الإنجيلية بغير عائقٍ ومارس يوحنا أن يمارسها في العالم حتى يشاء الله له أن ينطلق في الوقت المناسب! للحال حوّل يوحنا بيت أمه إلى شبه قلاية، لا بالاسم أو الشكل لكن فيه انعزال عن الاهتمامات الزمنية ليمارس "وحدته مع الله" ودراسته في الكتاب المقدس. عاش يوحنا ناسكًا، يحب الله ويهيم في التسبيح له، يكثر الصلاة ويقلل الطعام، يفترش الأرض وينام القليل، ممارسًا السكون في بيته ليرتفع قلبه نحو السماء، مختبرًا "الحديث مع الله" لعله في هذه الفترة التقى بالأب ثيودور الذي كان رئيسًا لجماعة رهبانية بجوار إنطاكية ومعلمًا لمدرسة إنطاكية يدافع عن قانون الإيمان النيقوي ضد الوثنيين والهراطقة، مقتبسًا منه منهجه الحرفي والتاريخي في تفسير الكتاب المقدس، والذي انضم لجماعته فيما بعد.
***********************************
هرب مع شوقه خدمة الأسقفية
كان يوحنا ذهبى الفم بلا شك على اتصال بإحدى الجماعات الرهبانية نقل نظامها التعبدى في بيته وحيث بدأت رائحة المسيح الذكية تفوح في قلبه بقوة وانطلقت في بيته انجذب الكثيرون إليه، أما هو فكان حريصًا على "الوحدة" وإذ خلا كرسيان في سوريا اتجهت الأنظار حالًا نحو يوحنا وصديقه باسيليوس ليتسلما العمل الرعوي. قال يوحنا: "شاع بغتة خبر أزعجنا كلينا أنا وباسيليوس، وكان حديث القوم أن نرقى إلى المقام الأسقفي حين وقفت على هذا النبأ، أخذ مني الخوف والقلق كل مأخذ كنت أخشى أن ألزم على قبول السيامة الأسقفية وبقيت مضطربًا..." إذ التقى بصديقه باسيليوس لم يكشف له شيئًا ليس خبثًا لكن من أجل خير الكنيسة. (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ). ربما تحادثا معًا في العمل الأسقفي وبركة البحث عن الخراف الضالة في صدق وأمانة فحسب باسيليوس في هذا الحديث موافقة ضمنية على قبول السيامة. خاصة أنه يعلم أكثر من غيره ما يكنه قلب يوحنا صديقه من شوق جاد نحو خدمة النفوس رضخ باسيليوس للسيامة متوقعًا بفرحٍ سيامة صديقه يوحنا، ليعملا معًا بروح واحد، يسند أحدهما الآخر. لكن جاء دور يوحنا فاختفى في الجبال الأمر الذي أحزن قلب باسيليوس، فاضطر أن يكتب إليه يؤنبه على فعله هذا وخداعه له، أو ما يسميه "خيانة العهد " لم يرد يوحنا أن يترك صديقه متألمًا، فكتب إليه فيما بعد مقالًا غاية في الإبداع، يكشف له عن حقيقة موقفه بروح صريح واضح، تواضع مع محبة وعلم غزير... ألا وهو مقاله "عن الكهنوت " المؤلف الذي يغذي أجيالًا من الكهنة والخدام كتب في بلاغة بروحانية صادقة، فبكل تواضعٍ يروي في غير خجل أن توقفه عن دخول الدير سره دموع أمه، ثم عاد يتحدث عن العمل الكهنوتي كعملٍ الهيٍ فائقٍ، هو عمل السيد المسيح نفسه، العامل في كهنته. وفي غير خجل يعلن شوقه للخدمة بل وشهوته لها، فهو لم يهرب إلى الجبال هربًا من الأسقفية، لكنه مع شوقه لها يشعر بعدم أهليته!
***********************************
خدم والدته ثم أطاع المسيح
هدأت عاصفة رسامته أسقفًا فعاد إلى الظهور في إنطاكية لكن سرعان ما تنيّحت والدته فخلا له السبيل إلى الانطلاق نحو الحياة الديرية بجوار إنطاكية، إذ انطلق يوحنا إلى الدير تهللت نفسه فيه، أحس أنه في السماء عينها. وقد بقيت أحاسيسه هذه تلازمه كل أيام خدمته، إذ نجده تارة يقول "بالنسبة للقديس اللجوء إلى الدير هو هروب من الأرض إلى السماء!" وأخرى يصف الراهب في قلايته: "كأنما يسكن عالمًا آخر، هو في السماء بعينها. لا يتحدث إلا في السماويات. عن حضن إبراهيم وأكاليل القديسين والطغمات المحيطة بالمسيح".وكان يوحنا سعيدا بأربع سنوات من أعذب أيامه يقضيها في التأمل والصلاة والدراسة تحت قيادة شيخ مختبر يدعى ديؤدور والذي يعتبر أحد مؤسسي مدرسة إنطاكية اللاهوتية وقد رسم أسقفًا على طرسوس فيما بعد وكان يزامله صديقاه منذ الدراسة عند ليبانيوس وهما ثيؤدور الذي صار أسقفًا على الميصة ومكسيموس الذي صار أسقفًا على كيليكية وهؤلاء في مجموعهم ليسوا مجرد مجموعة نسكية فقط بل وأيضًا جماعة دراسية وضعوا على عاتقهم تفسير الكتاب المقدس بالمنهج الأنطاكي ألا وهو المنهج اللغوي أو الحرفي، التاريخي. يقوم هذا المنهج على التفسير البسيط حسبما تشرحه اللغة، لذا دعي "المنهج اللغوي أو الحرفي". كما قام على تأكيد الحقائق التاريخية كما وردت في الكتاب المقدس كحقائق واقعية وليست أعمالًا مجازية رمزية، لذا سمي أيضًا بالمنهج التاريخي كان بالدير رجل عابد حبيس سرياني اسمه أسوسينوس أبصر في إحدى الليالي الرسولين بطرس ويوحنا قد دخلا على الذهبي الفم فدفع له يوحنا إنجيلًا وقال له: "لا تخف، من ربطته يكون مربوطًا ومن حللته يكون محلولًا"، فعلم الشيخ الحبيس أنه سيصير راعيًا أمينًا وفي فرحة قلبه بحياة الرهبنة أراد أن يجتذب بعض أصدقائه من إنطاكية خاصة ثيؤدور للحياة الرهبانية، فسجل لنا مقاله الأول: "مقارنة بين الملك والراهب" في عام 373 كان غضب فالنس قد جاش على الأرثوذكس، فألزم نساكهم ورهبانهم على الخدمة العسكرية والمدنية، واعتبر بعض المسيحيين في النسك ضربًا من الجنون، وقامت حملات عنيفة ضد الرهبنة مما أضطر يوحنا أن يخط ثلاثة كتب يهاجم أعداء الرهبنة ويفند حججهم، محمسًا الآباء أن يرسلوا أولادهم إلى الرهبان لينالوا تعليمًا علميًا ويمارسوا حياة الفضيلة انجرف صديقه ثيؤدور وراء شهوته فأعجب بامرأة جميلة تدعى هرموينى فترك طريق الرهبنة وأراد الزواج منها، لكن يوحنا أسرع فكتب رسالتين لصديقه يدعوه فيهما للتوبة والعودة إلى الحياة الرهبانية كتب مقاله هذا في ثلاثة كتب موجهة إلى راهبٍ شابٍ ليعزي ستاجيريوس ويشجعه في تجربة قاسية حلت به.فبعد ممارسة نسكية عنيفة أصيب بنوبة صرع وحكم عليه البعض أن به روحًا نجسًا.
***********************************
نحو الوحدة والخلوة مع يسوع
عاش يوحنا أربع سنوات في الدير يمارس حياة الشركة يحسبها أجمل فترات عمره. لكن كتاباته الرهبانية التي سجلها لجذب أصدقائه نحو الدير أو لدفاعه عن الرهبنة والرهبان سحبت أنظار الناس إليه، فانفتحت قلايته لهم وأفقدوه فترات هدوئه. أما كتاباته لثيؤدور وستاجير فقد كشفت للكنيسة عن موهبته في الخدمة، والتهاب قلبه بخلاص الآخرين، وحكمته في رعايتهم لم يجد بُدًا إلا أن يهرب من المجد الباطل إلى "الوحدة" يمارس حياة أكمل. انطلق إلى الوحدة كما يقول بالاديوس ثلاث دفعات، في كل مرة قضى ثمانية شهور حارمًا نفسه من النوم بصفة تكاد تكون مستمرة، يدرس إنجيل المسيح بشغف. خلال هذين العامين لم يستلقِ نهارًا ولا ليلًا. فانهارت طاقته وأصابه نوع من الفالج فأحس بعجزه عن الاستفادة من هذه الحياة وعاد إلى الكنيسة بإنطاكية وحوالي عام 381 م. عاد يوحنا إلى إنطاكية فتلقفه أسقفها ميليتوس بفرح عظيم ورسمه شماسًا رغم معارضته وسط الخدمات الطقسية والخدمات الاجتماعية الكنسية كان يوحنا يقتنص كل فرصة للدراسة والكتابة فإن كان ليس من حقه كشماس أن يعظ انشغل بالكتابة في نوعين: كتب دفاعية وأخرى لها مسحة نسكية كتب مقاله عن "القديس بابيلاس وضد يوليانوس"، موجهًا للأمم . والمقال الثاني "ضد اليهود والأمم مبرهنًا على لاهوت المسيح بدأ يكتب أثناء دياكونيته عن الحياة المسيحية في اتجاه نسكي: عن البتولية وعن الندامة وإلى أرملة شابه، والزواج الوحيد، والمجد الباطل وتربية الأطفال li
*******************************
كهنوته وعظاته عن التماثيل
دُعي الأسقف ميليتوس لحضور المجمع المسكوني بالقسطنطينية، فاصطحب معه الكاهن فلافيان، ووكل شئون الكنيسة بإنطاكية في يدي شماسه القديس يوحنا. وفي أثناء انعقاد المجمع تنيّح الأسقف مليتيوس فبكاه يوحنا بكونه أباه ومرشده أجمع آباء إنطاكية على رسامة فلافيان [فلابيانوس] خلفًا له، وهذا بدوره قام برسامة يوحنا كاهنًا.ربدأت شهرة يوحنا الذهبي الفم بمجموعة العظات التي ألقاها في إنطاكية عام 387 م.، سميت "عظات التماثيل" لها قصة في حياة كنيسة إنطاكية زفي عام 387 م. شرعت الحكومة المركزية أن تتهيأ للاحتفال بمرور عشر سنوات على حكم الإمبراطور ثيؤدوسيوس الكبير وخمس سنوات على اشتراك ابنه الشاب أركاديوس معه في السلطة. ولما كانت مثل هذه الاحتفالات تحتاج إلى بعض المال صدر أمر إمبراطوري بفرض ضريبة جديدة إضافية، الأمر الذي استاءت منه كل المملكة، لكن لم يستطع أحد أن يعترض أما في إنطاكية فقد حدث أثناء قراءة القرار في الميدان أن عبَّر بعض الحاضرين عن شعورهم بالاستياء، لكن الوالي أبى أن يصدر أمره للجنود بالهجوم على شعب أعزل وقد انتهز بعض دعاة الفتنة هذه الفرصة فأخذوا يصرخون مطالبين الأسقف فلافيان بالتدخل لوقف القرار، وغالبًا كان هؤلاء من أتباع بولينوس أي من جماعة الاستاسيين، يريدون إثارة خلاف بين الإمبراطور والحكام مع الأسقف! وسط جموع شعبية تضم من كل صنف سرعان ما سرت هذه الصرخات لتثمر بينهم هياجًا فثورة. وفي لمح البصر، دون أي تفكير وبغير أي ضابط انطلق البعض يحطم تماثيل الإمبراطور والإمبراطورة وابنهما، ورموها في الأوحال والقاذورات. كل هذا تم في لحظات مملوءة ثورة حماسية تبعها هدوء، حيث أفاقوا من سكرتهم وأحسوا ببشاعة جريمتهم، وباتوا خائفين يتوقعون مصيرهم ومصير مدينتهم من عقاب شديد. فقد ارتبكت المدينة بأسرها، كبيرها مع صغيرها، ولم يعرف أحد ماذا يكون العمل وجد الأب الأسقف فلافيان نفسه ملتزمًا أن يتدخل لدى الإمبراطور، يهدئ من غضبه ?تجاه المدينة، أما عظماء الوثنيين ووجهائهم فقد خافوا على أنفسهم ولم يجسروا أن يفعلوا شيئًا، الأمر الذي أساء إلى نفوس الوثنيين أسرع الأب البطريرك إلى القسطنطينية، لكن الخبر كان أسبق منه، بلغ إلى الإمبراطور، فأرسل قائدين من عنده وأعلنا سقوط امتيازات المدينة ونقل العاصمة إلى اللاذقية، كما أغلقا الأندية والمسارح، وألقيا القبض على بعض وجهاء المدينة الذين حامت الشبهات حولهم، فصودرت ممتلكاتهم وطردت نساؤهم من بيوتهن. كما أعلن القائدان إصدار الأمر بحرق المدينة وقتل كل شعبها، لولا تدخل بعض النساك والرهبان، ومن بينهم الناسك مقدونيوس. فقد نزلوا من الجبال والأديرة والتقوا بالقائدين وطلبوا منهما الانتظار حتى يمكن تقديم شفاعة لدى الإمبراطور في ذلك الوقت بينما كان الأب البطريرك في طريقه إلى القسطنطينية رغم كبر سنه وإرهاقه بالصوم إذ كان الوقت الأربعين المقدسة، وكان الرهبان والنساك يتضرعون لدى القائدين بإنطاكية، كان الناس مذعورين يسمعون من يوم إلى يوم إشاعات متعارضة، تارة يتوقعون العفو وأخرى يهددهم الموت. فهرعوا إلى الكنيسة ليقتنصهم الكاهن يوحنا بعظاته، فينثر من درر قلبه وفمه أحاديث فيّاضة تنعش قلوبهم المنكسرة، وتشدد عزائمهم الواهية، تدفعهم إلى التوبة والرجوع إلى الله، ليس خوفًا من موت الجسد أو خسارة ممتلكات أرضية، وإنما شوقًا إلى نور الأبدية خلال مراحم الله غير المتناهية لقد ألقى الأب في بداية خدمته الوعظية هذه السلسلة من العظات الخالدة [21 عظة] التي وجهت أنظار إنطاكية بل وخارج إنطاكية إليه.
*******************************
يوحنا يصبح أسقفا
في سبتمبر 397 م. رقد نكتاريوس أسقف القسطنطينية أو بطريركها فاجتمع الشعب مع الإكليروس يتداولون أمر اختيار خلفًا له، وتطلعت الأنظار إلى البلاط الملكي حيث كان الشاب أركاديوس قد تولى الحكم على الشرق خلفًا لأبيه ثيؤدوسيوس وكان أركاديوس هذا ضعيف الشخصية تسلط عليه وزيره روفينيوس ثم قوي عليه أتروبيوس الخصي الذي صار له وزيرًا، بل الحاكم الفعلي للمملكة الرومانية الشرقية سمع أتروبيوس الكاهن يوحنا يعظ في إنطاكية فأعجب به، وفي غير تروٍ نطق باسمه خلفًا لنكتاريوس دون أن يقيم حسابًا لشخصية يوحنا فهو إنسان لا يعرف المجاملات على حساب الحق يعمل بغير محاباة للوجوه، عنيف [إن صح هذا التعبير] لا يخاف إنسانًا! هكذا شاءت عناية الله أن يرشح أتروبيوس يوحنا بطريركًا للقسطنطينية وبالتالي أعلن الإمبراطور الاسم، فطار الشعب فرحًا وتهلل الكهنة به. ولكن كيف لشعب إنطاكية أن يتركه؟ فقد عرف أتروبيوس ما يكون عليه شعب إنطاكية إن عرفوا بخروجه من وسطهم، فأرسل إلى فيكتور أستريوس قائد جيوش الشرق يخبره بأمر الإمبراطور، طالبًا منه أن يرسل الأب إلى القسطنطينية من وراء الشعب. وفعلًا استدعى الوالي الأب يوحنا، وسأله أن يرافقه في زيارة بعض المقابر للشهداء خارج المدينة وما أن عبر الأب خارج الأسوار حتى حُمل قسرًا إلى القسطنطينية إذ وضعت عليه يد الأسقفية بدأ الراعي الجديد يعلن حبه لشعبه، ففي عظته الأولى يوم رسامته تحدث مع شعبه بروح صديقه بولس الرسول، يشجعهم ويكشف لهم عن غيرتهم ومحبتهم لمعلميهم، كما حدثهم عن حبه هو لهم قائلًا: أتحدث إليكم اليوم. إني أحبكم كأني عشت معكم منذ البداية. هذا ليس بسبب حنوي نحوكم ، لكن أنتم تستحقون كل حب... في إنطاكية يوجد شعب كثير، أما في القسطنطينية فيوجد أناس مؤمنون يظهرون ثباتًا عظيمًا وإخلاصًا" أخيرًا أعلن لهم أن الكرازة "هي أعظم التقدمات وأسماها وأفضلها". كان الهدف واضحًا نصب عينيه انطلق منذ البداية يتحدث بروح الإنجيل، ساعيًا إلى خلاص الناس، باعثًا فيهم روح الكرازة والخدمة كان مداومًا على التعليم والوعظ وتفسير العهدين القديم والجديد روى المؤرخ سوزومين قصة عجيبة ربما انتشرت في القسطنطينية في تلك الآونة، وكان لها أثرها في خدمة الأسقف يوحنا، ملخصها أن رجلًا من التابعين لهرطقة مقدونيوس كان يسمع عظات يوحنا فانجذب إليه ورجع إلى الإيمان الأرثوذكسي، وأما زوجته فبقيت في انحراف إيمانها. هدد الرجل زوجته بالانفصال عنها وهجرها إن بقيت في هرطقتها، فوعدته بقبول الإيمان المستقيم. وإذ دخلت الكنيسة وجاء وقت التناول من الأسرار المقدسة تظاهرت جاريتها بالصلاة في خشوع، فأحنت رأسها وناولت سيدتها قطعة من الخبز كانت قد أحضرتها معها... وما أن وضعتها المرأة في فمها وحاولت مضغها حتى تحولت بين أسنانها إلى قطعة من الحجر. للحال ارتعبت السيدة جدًا، وخشيت غضب الله، فذهبت مسرعة إلى الأب يوحنا البطريرك تعترف أمامه بكل شيء، وقدمت له قطعة الحجر وآثار أسنانها عليه... وكانت تبكي بمرارة تسأل الغفران. يعلق سوزومين على الرواية بقوله: "من يظن في هذه القصة عدم صدقها يستطيع أن يختبر الحجر المذكور، فإنه لا يزال محفوظًا في خزينة القسطنطينية".
*******************************
رعايه يوحنا للفقراء:
لم يكن القديس يوحنا كارزًا بالإنجيل من على المنبر فحسب، لكنه يشهد لحق الإنجيل في سلوكه وتصرفاته. فقد تسلم القصر الأسقفي الذي أقامه سلفه الأسقف نكتاريوس وقد تبقى به بعض قطع من المرمر لم تكن قد استخدمت بعد زأطباق من الذهب وأثاث فاخر فباعها وقام بتوزيع ثمنها على الفقراء. كما ألغى النفقات الباهظة في الولائم والاستقبالات الكبرى. عاش في دار الأسقفية ناسكًا متعبدًا، قليل النوم، كثير الصلاة، لا يحضر الولائم، ولا يتألّق في ملبسه، غير محبٍ للبذخ، كل ما يتوفر لديه من أموال يقوم بتوزيعها على الفقراء أو الإنفاق بها على المستشفى نستطيع أن نلمس مدى عشقه للعطاء وحبه للفقراء من تقديسه هذا العمل، حيث يتصور نفسه وهو يمد يده للعطاء أنه يقدم ذبيحة حب على مذبح مقدس، يتقبلها الله رائحة رضى. يرى في الفقراء مذبح الله المقدس، لا بل يرى فيهم السيد المسيح نفسه يمد يده ليتقبل عطية الحب من الإنسان، إذ يقول: [إنها تقيم من البشر كهنة! نعم، إنه كهنوت يجلب مكافأة عظيمة! الإنسان الرحوم (كاهن) لا يرتدي ثوبًا إلى الرجلين، ولا يحمل أجراسًا ولا يلبس تاجًا، لكنه يتقمّط بثوب الحنو المملوء ترفقًا، الذي هو أقدس من الثوب المقدس! أنه ممسوح بزيت لا يتكون من عناصر مادية بل هو نتاج الروح!... يحمل أكاليل المراحم، إذ قيل: "يُتوّجك بالمراحم والرأفات" عوض الصدرية الحاملة اسم الله يصير هو نفسه مثل الله. كيف يكون هذا؟ إنه يقول: لكي تكونوا مثل أبيكم الذي في السموات".]
***********************************
اهتمامه بالعذارى والأرامل:
كان في مدينة القسطنطينية بيت خاص بالعذارى والأرامل من بنات الأشراف، وكان قد اعتراهن الكثير من الفتور الروحي، فأعطاهن الأب البطريرك اهتمامًا خاصًا حتى سلكن في حياة روحية سامية، كما منعهن من التردد على البيوت والملاعب والحمامات العامة وحرم الأب البطريرك على الآباء الكهنة قبول العذارى في بيوتهم حفظًا لسمعتهم، ومنعًا من إثارة أي شك لدى الشعب أوجب على العذارى والأرامل العمل ليحفظهن من الفتور والضعف الروحي بسبب الفراغ أو الملل، فكن يقمن بنسج ثياب الفقراء، والاهتمام بزينة الكنائس، والخدمة في المستشفيات. كما نصح الأرامل والحدثات غير القادرات على السلوك باحتشام أن يتزوجن ثانية، فالترمل في ذاته ليس خيرًا ولا شرًا، إن لم يتحول إلى طاقات حب لله وخدمته إذ نتحدث عن خدمة العذارى والأرامل لا نقدر أن نتجاهل الإشارة إلى الأرملة الشماسة أولمبياس التي نالت شهرة فائقة في ذلك الحين، وارتبط اسمها باسم القديس يوحنا. لقد أعجب القديس الأسقف بالشماسة الأرملة من أجل حبها لله، وسخائها في العطاء مع نسكها وتواضعها، فأعطاها اهتمامًا خاصًا، واستغل طاقاتها في الخدمة، حتى أدركت القسطنطينية كلها ذلك، لذلك عندما نُفي الأسقف انصبت عليها اضطهادات كثيرة، لكنها أيضُا تقبلت رسائل تعزية من أبيها المتألم، تُعتبر مصدرًا هامًا لتاريخ حياته في أيامه الأخيرة.
.