سؤال لا أحد يستطيع الإجابة عليه .. ماذا حدث للشيخ شعراوى فى أيم حياته الإخيرة ؟ لقد كان يهاجم المسيحية بصورة يومية فى التلفزيون المصرى , ما هو سر التحول والتقارب بين الكنيسة المصرية والشيخ الشعراوى ؟ اسئلة كثيرة تدول حول هذه النقطة , المقالة التالية تشير إلى هذا التقارب ولكنها لا تذكر السبب فى سر تقارب الكنيسة القبطية والشيخ الشعراوى .
*********************************************************************************************************
جريدة المصرى اليوم تاريخ العدد الثلاثاء ٢٥ سبتمبر ٢٠٠٧ عدد ١١٩٩ عن مقالة بعنوان [ نجوم المشيخة: الشيخ الشعراوي إمام الدعاة يتحدث عن نفسه ] كتب ماهر حسن ٢٥/٩/٢٠٠٧
شارك جميع أساقفة الكنائس القبطية في تشييع جنازة الشيخ محمد متولي الشعراوي ووصف القس بنيامين «كاهن كنيسة مارجرجس بميت غمر» الشيخ الشعراوي قائلاً: «إنه كان رجلاً عظيماً ترك رحيله أثراً كبيراً في نفوس المصريين مسلمين ومسيحيين».. أيضاً لقد نعت الطائفة الإنجيلية الفقيد إلي العالمين العربي والإسلامي ووصفته بأنه كان رمزاً أصيلاً من رموز الوحدة الوطنية.
وعلي إثر وفاة إمام الدعاة «الشعراوي» قالت مؤسسة الحوار الدولي الإسلامي المسيحي في باريس في مشاركتها للمسلمين مشاعر الحزن علي فقد الإمام: إن الشيخ وضع يده في يد قداسة البابا شنودة الثالث في لقاء الرموز في ١٣ يناير ١٩٩٤م، وفي يوم الرحيل قدم قداسة البابا تعازيه، وأعرب عن تأثره البالغ لوفاة الشيخ الشعراوي ووصفه بأنه عالم متبحر في علمه ومحبوب من الله، وموضع ثقة الكثيرين، وعلي نحو يؤصل لفكرة الوحدة الوطنية كطابع فطري يميز أبناء الشعب المصري .
قال الشعراوي في مذكراته: «علي هذا النحو كانت تتأصل في القرية المصرية روابط المحبة والأخورة بين المسلمين والمسيحيين وتربينا علي هذا الحب وتلك الأخوة منذ صغرنا وكان الكبار من آبائنا وأعمامنا وأخوالنا يغرسون فينا هذه الروح السمحة التي اقترنت بالوطنية التي اجتاحت الجميع مسلمين ومسيحيين بغير تفرقة، وقد شارك إخواننا المسيحيون بكل الإخلاص للوطن في جميع الأحداث الغالية في تاريخنا الوطني».
وليس كل ما مضي بغريب عن سماحة الشيخ الشعراوي فقريته ومسقط رأسه في الدقهلية بميت غمر، هي قرية «دقادوس» لم تشهد أي مظاهر للتفرقة بين أبناء الوطن الواحد، ولم تعرف التطرف، بل لنقرأ ما كتبه الشيخ عن هذا الملمح في قريته فيقول: «أذكر أن من أهم الاحتفالات الدينية التي كانت تجمع آباء وأبناء قريتنا دقادوس «مولد السيدة العذراء» الذي كان يقام في الأسبوع الثالث من أغسطس،
ويقال إن العائلة المقدسة مرت من قريتنا، وأقيمت كنيسة للعذراء عندنا وكنا جميعاً نحتفل في هذا المولد الكبير»، وكذلك الأمر في مولد السيدة «دميانة» أو كما يقولون في القرية «جميانة».، ولكن لنعد إلي مفتتح السيرة الطيبة إلي النشأة الأولي، فقد نشأ الشيخ في أسرة متدينة محبة لسعد زغلول ومصطفي النحاس ومخلصة لمبادئ الوفد فشب الشيخ في ظل شعار ثورة ١٩١٩ «الدين لله والوطن للجميع»..
ولذلك فحينما نعاه فؤاد سراج الدين قال فيه «لقد رحل وقلوب الأمة كلها تودعه وتبكيه من القلوب وتدمع عليه العيون، فقد كان الراحل الكريم وفدياً مخلصاً لمبادئ الوفد، منذ كان طالباً في الأزهر الشريف وهو عالم أخلص لله في علمه وعمله ولم يكن رجل سلطان أو دنيا، ولهذا فضل عرش القلوب فكان في أفئدة الأمة».
لقد كان الشيخ الشعراوي مأخوذاً بشخص الزعيم سعد زغلول منذ صباه ومن ذكرياته التي يعتز بها أنه كان يحرص علي صحبة أبيه في زياراته المتكررة لزعيم الأمة سعد زغلول في مسجد قرية «وصيف» فقد قدر له أن يري الزعيم ويستمع إليه، ولذلك فقد كان زملاؤه من الطلبة الوفديين في الأزهر، كانو يختارونه وكيلاً للجنة الوفد بالأزهر، وكان زملاؤه سواء أيام الدراسة أو حينما كان مدرساً بمعهد طنطا الثانوي يحملونه علي الأعناق في مظاهراتهم الوطنية ضد الإنجليز ويهتف ويهتفون وراءه ولنعد إلي مفتتح السيرة الطيبة والمسيرة الحافلة منذ النشأة الأولي.
فحينما ولد الشعراوي عام ١٩١١م وبعد أن اشتد عوده، عهد به أبوه المستنير والمدرك لأهمية العلم سلمه للشيخ عبدالمجيد ليحفظ القرآن والأحاديث وما تيسر من شؤون اللغة والحساب، ويقول الشعراوي في هذا: «كان شيخ الكتاب يتقاضي أجراً أسبوعياً قدره خمسة مليمات في كل يوم خميس أو رغيف عيش بدلاً من هذا.. المدهش أن الشيخ الشعراوي لم يكن راغباً في التعليم الديني، فوضع في عينيه الشطة في يوم إجراء الكشف الطبي عليه حتي لا يقبلونه في المعهد الديني بعد ذلك،
ولكن المفارقة أنه وجد المعهد يقبل المكفوفين» وكأن القدر أراد له أن يكون إماماً للدعاة وكان أبوه قد أراد أن يحفظه ففعل مثلما جرت العادة في الريف قديماً فقد زوجه وهو لا يزال في مرحلة التعليم الابتدائي بالمعهد الديني وكان قد حكم عليه بالحبس لمدة شهر لأنه قاد مظاهرة تهتف لمصر وللوفد والوحدة الوطنية كان ذلك في عام ١٩٣٤، ثم عمل مدرساً في معهد طنطا الثانوي في بداية الأربعينيات ثم أعير للعمل في المملكة العربية السعودية في معهد «الأنجال» والتدريس بكلية الشريعة في مكة المكرمة عام ١٩٥١م، ثم أعير للعمل في الجزائر من عام ١٩٦١م حتي عام ١٩٦٦، ثم عاد للعمل في المملكة العربية السعودية عام ١٩٧٠ أستاذاً زائراً بجامعة الملك عبدالعزيز في جدة، وبين السعودية والجزائر.
وقد حكي الشعراوي ذكرياته أنه في أيام مشيخة الشيخ عبدالرحمن حسن للأزهر، جاءوا إليه بصورة جمال عبدالناصر وهو يصلي ووضعوها في مكتبه، وطلب شيخ الأزهر من الشعراوي أن يكتب كلمتين يضعونهما تحت الصورة، فكتب الشعراوي يقول: «غداً تتواري في سراديب من مضي.. ويمضي الذي يأتي لسردابكم حتي ولن يقف الدولاب.. والله هو الدائم».
لقد استدعاه السادات عام ١٩٧٦م ليشغل منصب وزير الأوقاف وشؤون الأزهر وتردد كثيراً ولم يبق في وزارة ممدوح سالم طويلاً لأنه سرعان ما اصطدم بعناصر فاسدة، و في عام ١٩٨٠م اختير عضواً بمجلس الشوري، وحصل عام ١٩٨٨ علي جائزة الدولة التقديرية.. وللشيخ خمسة أبناء هم سامي وعبدالرحمن وأحمد وصالحة وفاطمة.
وفي الساعة السادسة والنصف من صباح يوم الأربعاء الموافق ١٧ يونيو عام ١٩٩٨م رحل عن عالمنا فقيد الأمة الإسلامية إمام الدعاة.
*******************************
مؤلفات الشيخ الشعراوى :
1 الأنوار الساطعات لآيات جامعات «جزآن».
2 دعاء ختم القرآن.
3 الأسئلة والأجوبة الأصولية على العقيدة الواسطية.
4 الكواشف الجلية عن معاني الواسطية.
5 الأسئلة والأجوبة الفقهية «سبعة أجزاء».
6 إتحاف المسلمين بما تيسر من أحكام الدين «جزآن».
7 التلخيصات لجلِّ أحكام الزكاة.
8 أوضح المناسك الى أحكام المناسك.
9 المناهل الحسان في دروس رمضان.
10 كتاب الكنوز المليّة في الفرائض الجلية.
11 من محاسن الدين الاسلامي.
12 من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم.
13 مجموعة القصائد الزهديات.
14 موارد الظمآن لدروس الزمان «ستة أجزاء».
15 مفتاح الأفكار للتأهب لدار القرار «ثلاثة أجزاء».
16 إرشاد العباد للاستعداد ليوم المعاد.
17 إيقاظ أولي الهمم العالية إلى اغتنام الأيام الخالية.
18 سلاح اليقظان لطرد الشيطان.
19 اغتنام الأوقات في الباقيات الصالحات.
20 مختصر الأسئلة والأجوبة الأصولية.
**************************
موجز حياة الشيخ الشعراوى
في 16 من إبريل من عام 1911م ولد الشيخ محمد متولي الشعراوي بقرية " دقادوس " مركز ميت غمر محافظة الدقهلية ، إحدى محافظات مصر .
ألحقة أبواه بالكتّاب ، فحفظ القرآن وهو في الحادية عشرة من عمره على يد شيخه الشيخ عبد المجيد باشا
وفي عام 1926م ألحقه والده بالمعهد الابتدائي الأزهري بمدينة الزقازيق ، وفي عام 1932م التحق بالقسم الثانوي من المعهد وحصل على الشهادة الثانوية سنة 1936م ، ثم التحق بكلية اللغة العربية سنة 1937م ، وتخرج فيها سنة 1941م ، ثم حصل على إجازة التدريس عام 1943م .
عمل مدرسا بمعهد طنطا الأزهري ، ثم معهد الإسكندرية الأزهري ، ثم معهد الزقازيق ، ثم عمل مدرسا للتفسير والحديث بكلية الشريعة جامعة الملك عبد العزيز بمكة المكرمة .
وفي عام 1960 عين وكيلا لمعهد طنطا الأزهري ، ثم مديرا للدعوة بوزارة الأوقاف ، ثم اختاره الشيخ حسن مأمون شيخ الأزهر مديرا لمكتبه ، وتولى رئاسة البعثة الأزهرية بالجزائر عام 1966 م
وفي عام 1970 عين أستاذا زائرا بكلية الشريعة بجامعة الملك عبد العزيز حتى عام 1972 ، وفي عام 1976 اختير وزيرا للأوقاف ، وفي 1980 عين عضوا بمجمع البحوث الإسلامية ، وعضوا بمجلس الشورى ، لكنه اعتذر عن العضوية .
ومنحه الرئيس محمد حسنى مبارك وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى عام 1983 في الاحتفال بالعيد الألفي للأزهر .
وفي عام 1988 منحه الرئيس مبارك وسام الجمهورية من الطبقة الأولى في الاحتفال بيوم الدعاة ، وحصل على جائزة الدولة التقديرية عام 1988 .
وفي عام 1990 منحته جامعة المنصورة الدكتوراه الفخرية في الأدب وفي عام 1998 اختارته دبى الشخصية الإسلامية الأولى في العالم الإسلامي ، وتبرع بالجائزة التي منحت له للأزهر وطلاب البعوث الإسلامية ، واختارته رابطة العالم الإسلامي عضوا بالهيئة التأسيسية لها .
دخل الشعراوي الإذاعة و التلفزيون لأول مرة عام 1950م، و كان يكتب في ذلك الوقت حديثين كل أسبوع ، يعطي أحدهما لأحد رؤسائه ليقرأه أمام الميكرفون و يتقاضى هذا الرئيس عشرة جنيهات.
أما الحديث الثاني ، فيلقيه الشعراوي بنفسه مقابل 170 قرشاً تصرفها له الإذاعة ، و بعد خمسة أسابيع جاء تقرير عنه أن صوته " غير ميكروفوني " و لا يصلح لإلقاء الأحاديث ، وأوقفت الإذاعة التعامل معه ، حيث قالوا : إن علم الشيخ جيد .. لكن صوته غير إذاعي ..
أما دخوله مبنى الإذاعة و التليفزيون للتسجيل في برنامج تليفزيوني فقد كان خلال برنامج " نور على نور " الذي كان يعده و يقدمه الإذاعي" أحمد فراج "، الذي كان يتردد على مكتب الشيخ حسن مأمون شيخ الأزهر ، و في إحدى المرات دار حوار بينه و بين مدير مكتبه في ذلك الوقت " الشيخ الشعراوي " الذي عمل مديراً لمكتب شيخ الأزهر ، الشيخ حسن مأمون تعام 1964م.
واتفق معه على الظهور في حلقة من برنامجه ، ولاقت هذه الحلقة صدى طيباً عند الناس ، فأصبح الناس يحدث بعضهم بعضاً لقد استضاف برنامج " " شيخاً يدعى الشعراوي ، أسلوبه رائع يقول كذا و كذا .. ، .
ومن خلال برنامجه حول القرآن ، استطاع الشيخ أن يبسط للناس أحكام القرطبي والزمخشري وسيد قطب ، في أسلوب سهل بسيط , وأصبح برنامج الشيخ برنامجا يحرص علي رؤيته الصغير والكبير ، والعالم والأمي ، والشاب والشيخ العجوز .