****************************
تعليق من الموقع : هذه وجهة نظر مسلم لسياسة البابا شنودة الحكيمة ، ولأول مرة يفسر مسلم بهذا العمق سياسة البابا شنودة فى تعامله مع الأحداث التى مرت بها مصر لذلك نرسل تحية من الموقع للأستاذ شريف الدواخلي الذى سلط الضوء ععلى هذا الجانب من شخصية هذا البابا العظيم بين باباوات الكنيسة القبطية
****************************
الدستور تاريخ العدد الأحد - العدد 435 - الإصدار الثانى السنة الثانية - 17 من أغسطس 2008 م عن خبر بعنوان [ البابا شنودة.. المهلة 72 ساعة ] كتب- شريف الدواخلي:
شخصيته تتجلي فيها النظرة الاصلاحية، إذ كان في فترة مسئوليته عن المجلة يتردد علي «دير السريان» في إحدي المناطق النائية، يقضي فيه الأعياد منهمكاً في التعبد والتأمل!
72 ساعة حددها البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية مهلة لإعادة التفاوض وتحديد الموقف النهائي بعد أن أصدر أوامره للأنبا ديميريوس أسقف ملوي بتأجيل المؤتمر الصحفي لإعلان الحقائق حول أزمة دير أبوفانا
علي أن يعقد المؤتمر في المقر البابوي بالقاهرة حال فشل مهمة اللجنة في التوصل لاتفاق بين العربان وقصر هور.
موقف البابا يذكرنا بهدوئه عندما عاد من رحلته العلاجية وفوجئ بمئات الأقباط في الكاتدرائية تنتظر منه هجوماً علي الدولة جراء ما لحق برهبان دير أبوفانا، لكنهم فوجئوا بأن البابا تجاهل هذا الأمر برمته، ليتحدث عن بعض الموضوعات الاجتماعية.
رد الفعل في الحالتين غلب عليه الطابع السياسي فالبابا معروف عنه ذكاءه الشديد في التعامل مع المواقف فيعرف متي يصعد مع الدولة ومتي يهادن، وهو ليس الأول من نوعه فنذكر أن غاية تصعيده لأزمة وفاء قسطنطين كان بالاعتكاف في الدير نظراً لتأثره بحالة العزلة التي صاحبت بداياته راهباً ودوماً ما يلجأ في حل مشاكله بالاتجاه إلي الرب مباشرة بعيداً عن البشر وربما لم يخرج البابا عن المعتاد في تاريخه سوي عند حادث العياط عندما أرسل رسالة لمبارك يطالبه فيها بإعطاء الأقباط حقوقهم كاملة.
شخصية البابا نفسها تتجلي فيها النظرة الإصلاحية، وربما يعود ذلك إلي أنه كان في فترة مسئوليته عن المجلة يتردد علي «دير السريان» في إحدي المناطق النائية، يقضي فيه الأعياد منهمكاً في التعبد والتأمل، فكان يلازمه شعور بأنه مختلف وينتمي إلي جيل له رسالة، فتوصل إلي أن تجيد المسيحية يبدأ من تجديد الرهبنة فبدأ في تنفيذ مشروعه الإصلاحي الكنسي في تجديد المسيحية من مدخل الرهبنة فانطلق في 1954م إلي «دير السريان» وهناك رسم راهباً باسم «أنطونيوس السرياني» وكان عمره آنذاك 31 عاماً وبدت رهبنة نظير ظاهرة مفاجئة ولافتة بحسب ما يقول محمد حسنين هيكل، حيث بدأت قوافل الشباب القبطي المثقف التكنوقراط تحط رحالها في الأديرة وكلهم مجمعون علي أن قوة الأقباط تبدأ من الكنيسة التي تكمن قوتها في الأديرة.
يري البابا أن الناس في الحرب مثل لاعب الشطرنج كل شخص يفكر ماذا سيفعل الآخر؟ وكيف سأقاومه؟ وكيف يقابل مقاومتي له؟ وكيف أقابل مقاومته لمقاومتي؟ وعندما صدر قرار الرئيس مبارك سنة 1985 بإعادة تعيين الأنبا شنودة بطريركا للأقباط كان ضرورياً أن تحدث مراجعة للكثير من السلوكيات السياسية والدينية بدا البابا أكثر حرصاً علي كسب الإعلام الذي وقف ضده في السبعينيات وضرورة بناء جسور بين الكنيسة والنخب العلمانية وكان حريصاً علي الاهتمام بالبعد الدولي الذي لم يعطه الاهتمام اللائق في السابق.
وقتها أدرك البابا شنودة أهمية التواصل مع أقباط المهجر وفتح كنائس جديدة من أجل استيعابهم وتنظيمهم ويضيف البابا إلي ذلك أسباباً لتغير موقفه في الثمانينيات منها موقف الدولة من الجماعات الإسلامية التي بدأت توجه ضرباتها إليها وكان تدخل الكنيسة كما يقول: «سيؤدي إلي قلب الموقف من جماعة ضد القانون والحكومة تقبض عليهم، إلي مسألة بين مسلمين ومسيحيين، ونكون قد خسرنا الموقف» ويتهم المزايدين علي مواقفه من أقباط المهجر قائلاً: «يريدون البابا أن يكون ثائراً باستمرار ومثيراً للجو من حوله باستمرار وتكون هذه هي البطولة طريقة الحرب باستمرار التي يريدها البعض ليست من الحكمة» وهنا شارك في الولائم والإفطارات الرمضانية المسماة إفطار الوحدة الوطنية ورأي أنها خففت من حدة الموقف والاحتقان.