Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

 سلطنة الملك الناصر محمد بن قلاوون الأولى على مصر 173/9 م.ح

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات 

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
ترميم مجموعة السلطان قلاوون
جامع السلطان حسن

 

 سلطنة الملك الناصر محمد بن قلاوون الأولى على مصر سنة 693 هـ  

هو السلطان الملك الناصر أبو الفتوح ناصر الدين محمد ابن السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاوون الصالحي النجمي الألفي سلطان الديار المصرية وابن سلطانها مولده بالقاهرة في سنة أربع وثمانين وستمائة بقلعة الجبل ووالده الملك المنصور قلاوون يحاصر حصن المرقب وجلس على تخت الملك بعد قتل أخيه الملك الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون في يوم الاثنين رابع عشر المحرم وقيل يوم الثلاثاء خامس عشر المحرم من سنة ثلاث وتسعين وستمائة لأن الملك الأشرف قتل بتروجة في يوم السبت ثاني عشر المحرم وقتل قاتله الأمير بدر الدين بيدرا في يوم الأحد ثالث عشر المحرم ثم اتفقوا على سلطنة الملك الناصر محمد هذا عوضًا عن أخيه فتم له ذلك‏.‏ فتكون سلطنته في أحد اليومين المذكورين تخمينًا لما وقع في ذلك من الاختلاف بين المؤرخين‏.‏ انتهى‏.‏
والملك الناصر هذا هو السلطان التاسع من ملوك الترك بالديار المصرية ولما استقر في السلطنة رتبوا الأمير زين الدين كتبغا المنصوري نائب السلطنة بالديار المصرية عوضًا عن بيدرا والأمير علم الدين سنجر الشجاعي وزيرًا ومدبرًا للمملكة وأتابك العساكر ثم قبضوا على جماعة من قتلة الملك الأشرف خليل حسب ما تقدم ذكره وتم ذلك ودام إلى العشرين من صفر‏.‏ فبلغ الأمير زين الدين كتبغا أن الأمير علم الدين سنجر الشجاعي يريد الوثوب عليه وقبضه وقتله‏.‏
وكان الذي أخبره بذلك سيف الدين قنق التتاري وأعلمه بما في باطن الشجاعي والسبب في اطلاعه على ما في باطن الشجاعي أن هذا قنق هاجر من بلاد التتار في زمن الملك الظاهر بيبرس وأقام بمصر وأقطع في الحلقة فرزقه الله تعالى اثني عشر ولدًا كلهم ذكور منهم‏:‏ ستة أولاد في خدمة الملك الأشرف وخمسة في خدمة الشجاعي وواحد منهم صغير وجميع أولاده شباب ملاح من أجمل الناس صورة‏.‏
وكان لقنق هذا منزلة عظيمة عند الشجاي وكلمته مسموعة وشفاعته مقبولة وله طلاع على أمور الدولة بسبب أولاده فعلم بما دبره الشجاعي فحملته الجنسية حتى أعلم الأمير كتبغا على ما في باطن الشجاعي فاحترز كتبغا على نفسه وأعلم الأمراء بالخبر وكان الأمراء كارهين الشجاعي‏.‏
فلما كان يوم الخميس ثاني عشرين صفر ركب الأمير كتبغا إلى سوق الخيل فنزل إليه من القلعة أمير يقال له علم الدين سنجر البندقداري وقال له من قبل الشجاعي‏:‏ أين حسام الدين لاجين المنصوري أحضره الساعة فقال له كتبغا‏:‏ ما هو عندي وكان لاجين من يوم قتل الأشرف قد اختفى والمماليك الأشرفية قد أعياهم أمره من كثرة التفتيش عليه فقال له البندقداري‏:‏ بلى لاجين عندك ثم مد يده إلى سيفه ليضربه به فجذب سيف الدين بلبان الأزرق مملوك كتبغا سيفه وعلا به البندقداري من ورائه وضربه ضربة حل بها كتفه ويده ثم إنهم تكاثروا عليه وأنزلوه عن فرسه وذبحوه وهم مماليك كتبغا وذلك في وسط سوق الخيل ومال غالب العسكر من الأمراء والمقدمين وأجناد الحلقة والتتار والأكراد إلى كتبغا وانضموا عليه ومالت البرجية وبعض الخاصكية إلى سنجر الشجاعي لأن الشجاعي كان أنفق فيهم في الباطن في يوم واحد ثمانين ألف دينار واتفق معهم أيضًا أن كل من جاء برأس أمير كان له إقطاعه وكان الاتفاق معهم أنه في يوم الخميس وقت الموكب لما يطلع الأمير كتبغا إلى القلعة ويمدوا السماط يمسك هو ومن اتفق معه من الأمراء يقبضون عليهم‏.‏ فآستعجل البندقداري ونزل إلى سوق الخيل وفعل ما ذكرناه‏.‏
ولما وقع ذلك تحقق الأمراء صحة ما نقل إليهم الأمير زين الدين كتبغا عن الشجاعي فاجتمع في الحال الأمراء عند كتبغا بسوق الخيل وركبت التتار جميعهم وجماعة من الشهر زورية والأكراد وجماعة من الحلقة كراهية منهم في الشجاعي وخرج الشجاعي بمن معه إلى باب القلعة فإن إقامته كانت بالقلعة وأمر بضرب الكوسات فضربت وبقي يطلب أن يطلع إليه أحد من الأمراء والمقدمين فلم يجبه أحد وكان قد أخرج صحبته الذهب في الصرر وبقي كل من جاء إليه يعطيه صرة فلم يجىء إليه إلا أناس قليلون ما لهم مرتبة‏.‏
وشرع كتبغا ومن معه في حصار القلعة وقطعوا عنها الماء وبقوا ذلك اليوم محاصرين‏.‏
فلما كان ثاني يوم نزلت البرجية من القلعة على حمية وتلاقوا مع كتبغا وعساكره وصدموه صدمة كسروه فيها كسرة شنيعة وهزموه إلى بئر البيضاء وتوجه كتبغا إلى جهة بلبيس فلما سمعوا باقي الأمراء بذلك ركب الأمير بدر الدين بيسري المنصوري والأمير بدر الدين بكتاش الفخري أمير سلاح بقية العساكر المصرية وتوجهت الجميع إلى نصرة الأمير كتبغا وأصحابه وقاتلوا المماليك البرجية حتى كسروهم وردوهم إلى أن أدخلوهم إلى قلعة الجبل ثم جدوا في حصار القلعة ومن فيها وعاد الأمير كتبغا وقد قوي عضده بخشداشيته والأمراء ودام الحصار على القلعة إلى أن طلعت الست خوند والدة السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى أعلى السور وكلمتهم بأن قالت لهم‏:‏ أيش هو غرضكم حتى إننا نفعله لكم فقالوا‏:‏ ما لنا غرض إلا مسك الشجاعي وإخماد الفتنة ونحن لو بقيت بنت عمياء من بنات أستاذنا الملك المنصور قلاوون كنا مماليكها لا سيما وولده الناصر محمد حاضر وفيه كفاية فلما علمت ذلك رجعت واتفقت مع الأمير حسام الدين لاجين أستاذ الدار وغلقوا باب القلة من القلعة وهي التي عليها المعتمد وبقي الشجاعي بداره بالقلعة محصورًا‏.‏
فلما رآه أصحابه أنه في أنحس حال شرعوا في النزول إلى عند الأمير كتبغا فبقي جمع الشجاعي يقل وجمع كتبغا يكثر إلى يوم السبت رابع عشرين صفر ضجر الشجاعي وطلب الأمان فلم يوافقوه الأمراء وطلع وقت صلاة الظهر بعض الأمراء وجماعة من الخاصكية وفيهم آقوش المنصوري إلى عند الشجاعي يطلبونه إلى عند السلطان وإلى والدته في صورة أنهم يريدون يستشيرونه فيما يعملون فمشى معهم قليلًا وتكاثروا عليه المماليك وجاء أقوش من ورائه وضربه بالسيف ضربة قطع بها يده ثم بادره بضربة ثانية أبرى بها رأسه عن جسده وأخذوا رأسه في الحال ورفعوه على سور القلعة ثم عادوا ونزلوا به إلى كتبغا ودقوا البشائر وفتحوا باب القلة وأخذوا رأس الشجاعي وجعلوه على رمح وأعطوه للمشاعلية فجبوا عليه مصر والقاهرة فحصل المشاعلية مالًا كثيرًا لبغض الناس قاطبة في الشجاعي فقيل‏:‏ إنهم كانوا يأخذون الرأس من المشاعلية ويدخلونه بيتهم فتضربه النسوة بالمداسات لما في نفوسهم منه وسبب ذلك ما كان اشتمل عليه من الظلم ومصادراته للعالم وتنوعه في الظلم والعسف حسب ما يأتي ذكره في الوفيات بأوسع من هذا وأغلقت القاهرة خمسة أيام إلى أن طلع كتبغا إلى القلعة في يوم الثلاثاء سابع عشرين صفر ودقت البشائر وفتحت الأبواب وجددت الأيمان والعهود للملك الناصر محمد ولما تم ذلك قبض كتبغا على جماعة من الخاصكية والبرجية المتفقين مع الشجاعي ثم أفرج عن جماعة من الأمراء كان قبض عليهم في المخيم وهم‏:‏ الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير الذي تسلطن بعد ذلك على ما يأتي ذكره والأمير سيف الدين برلغي والأمير القمامي وسيف الدين قبجق المنصوري والأمير بدر الدين عبد الله وحامل الجتر والأمير سيف الدين بوري السلاح دار والأمير زين الدين عمر والأمير سيف الدين قرمشي والأمير علاء الدين مغلطاي المسعودي وغيرهم وأخذ أمير زين الدين كتبغا وأعطى في الملك وانفرد بتدبير الأمر ومشى مع الملك الناصر محمد مشي المملوك مع أستاذه‏.‏ ثم بعث بتقليد نائب الشام على عادته وهو الأمير أيبك الحموي‏.‏
ثم بعد ذلك نزل السلطان الملك الناصر محمد من قلعة الجبل في موكب هائل بأبهة السلطنة وتوجه إلى ظاهر القاهرة ثم عاد وشق القاهرة ودخل من باب النصر وخرج من باب زويلة عائدًا إلى القلعة والأمراء مشاة بين يديه حتى الأمير كتبغا وكان ذلك في يوم الأحد رابع عشرين شهر رجب ولما كان سابع عشرين شهر رمضان ظهر الأمير حسام الدين لاجين المنصوري من اختفائه واجتمع بالأمير كتبغا خفية فتكلم كتبغا في أمره مع الأمراء فاتفقوا على إظهار أمره لما رأوا في ذلك من إصلاح الحال فطيب كتبغا خاطر الأمير حسام الدين لاجين ووعده أن يتكلم في أمره مع السلطان والمماليك الأشرفية‏.‏
ولا زال كتبغا بالسلطان والحاشية حتى رضاهم عليه وطيب قلوبهم إلى أن كان يوم عيد الفطر ظهر حسام الدين لاجين من دار كتبغا وحضر السماط وقبل الأرض بين يدي السلطان الملك الناصر محمد فخلع عليه السلطان وطيب قلبه ولم يعاتبه بما فعل مع أخيه الملك الأشرف خليل مراعاة لخاطر كتبغا ثم خلع عليه الأمير كتبغا أيضًا وحملت إليه الهدايا والتحف من الأمراء وغيرهم وكل ذلك لأجل خاطر كتبغا‏.‏
اصطلحت أيضًا معه المماليك الأشرفية على ما في نفوسهم منه من قتل أستاذهم بأمر كتبغا لهم وإلحاحه عليهم في ذلك حتى قبلوا كلامه‏.‏ وكانت مكافأة لاجين لكتبغا بعد هذا الإحسان كله بأن دبر عليه حتى أخذ الملك منة وتسلطن عوضه على ما يأتي ذكره وبيانه إن شاء الله تعالى‏.‏
ثم خلع السلطان على الصاحب تاج الدين محمد ابن الصاحب فخر الدين محمد ابن الصاحب بهاء الدين علي بن حنا باستقراره في الوزارة بالديار المصرية‏.‏ ثم استهلت سنة أربع وتسعين وستمائة والخليفة الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد وسلطان مصر والشام الملك الناصر محمد بن قلاوون ومدبر مملكته الأمير كتبغا المنصوري‏.‏
ولما كان عاشر المحرم ثار جماعة من المماليك الأشرفية خليل في الليل بمصر والقاهرة وعملوا عملًا قبيحًا وفتحوا أسواق السلاح بالقاهرة بعد حريق باب السعادة وأخذوا خيل السلطان وخرقوا ناموس الملك وذلك كله بسبب ظهور الأمير حسام الدين لاجين وعدم قتله فإنه كان ممن باشر قتل أستاذهم الملك الأشرف خليل فحماه الأمير كتبغا ورعاه وأيضًا قد بلغهم خلع أخي أستاذهم الملك الناصر محمد بن قلاوون من السلطنة وسلطنة كتبغا فتزايدت وحشتهم وترادفت عليهم الأمور فاتفقوا ووثبوا فلم ينتج أمرهم‏.‏
فلما أصبح الصباح قبض عليهم الأمير كتبغا وقطع أيدي بعضهم وأرجلهم وكحل البعض وقطع ألسنة آخرين وصلب جماعة منهم على باب زويلة ثم فرق بقية المماليك على الأمراء والمقدمين وكانوا فوق الثلاثمائة نفر وهرب الباقون فطلب الأمير زين الدين كتبغا الخليفة والقضاة والأمراء وتكلم معهم في عدم أهلية الملك الناصر محمد للسلطنة لصغر سنه وأن الأمور لابد لها من رجل كامل تخافه الجند والرعية وتقف عند أوامره ونواهيه‏.‏
كل ذلك كان بتدبير لاجين فإنه لما خرج من إخفائه علم أن المماليك الأشرفية لا بد لهم من أخذ ثار أستاذهم منه وأيضًا أنه علم أن الملك الناصر محمد متى ترعرع وكبر لا يبقيه لكونه كان ممن قتل أخاه الملك الأشرف خليلًا فلما تحقق ذلك أخذ يحسن للأمير كتبغا السلطنة وخلع ابن أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاوون وسلطنته وكتبغا يمتنع من ذلك فلا زال به لاجين حتى حذره وأخافه عاقبة ذلك وقال له‏:‏ متى كبر الملك الناصر لا يبقيك البتة ولا يبقي أحدًا ممن تعامل على قتل أخيه الملك الأشرف وأن هؤلاء الأشرفية ما دام الملك الناصر محمد في الملك شوكتهم قائمة والمصلحة خلعه وسلطنتك‏.‏ فمال كتبغا إلى كلامه غير أنه أهمل الأمر وأخذ في تدبير ذلك على مهل‏.‏
فلما وقع من الأشرفية ما وقع وثب وطلب الخليفة والقضاة حسب ما ذكرناه ولما حضر الخليفة والقضاة اتفق رأي الأمراء والجند على خلع السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون من الملك وسلطنة كتبغا هذا عوضه فوقع ذلك وخلع الملك الناصر محمد من السلطنة وتسلطن كتبغا وجلس على تخت الملك في يوم خلع الملك الناصر وهو يوم الخميس ثاني عشر المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة بعد واقعة المماليك الأشرفية بيومين وأدخل الملك الناصر محمد بن قلاوون إلى الدور بالقلعة وأمره كتبغا بألا يركب ولا يظهر وكان عمره يوم خلع نحو العشر سنين‏.‏
وكانت مدة سلطنته في هذه المرة الأولى سنة واحدة إلا ثلاثة أيام أو أقل ويأتي بقية ترجمته في سلطنته الثانية والثالثة

مدن مصر وقراها فى عصر قلاوون

ذكر المقريزى  فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  - الجزء الأول   16 / 167 عن الخراج الذى يستخرج من مدن مصر وقراها فى سنة 345 هـ  فقال : " والذي استقرّ عليه الحال في دولة الناصر محمد بن قلاوون أن الوجه القبلي ستة أعمال وهي من عمل قوص وهو أجلها ومنه أسوان وغرب قوله وعمل أخميم وعمل أسيوط وعمل منفلوط وعمل الأشمونين وبها الطحاوية وعمل البهنساوية الغربيّ وهو عبارة عن قرى على غربي المنهي المارّ إلى الفيوم وعمل الفيوم وعمل أطفيح وعمل الجيزة‏.‏
والوجه البحري ستة أعمال‏:‏ عمل البحيرا وهو متصل البرّ بالإسكندرية وبرقة وعمل الغربية جزيرة واحدة يشتمل عليها ما بين البحرين وهما البحر المارّ مسكبه عند دمياط ويسمى الشرقيّ والبحر الثاني مسكبه عند رشيد ويسمى الغربي والمنوفية ومنها‏:‏ ابيار وجزيرة بني نصر وعمل قليوب وعمل الشرقية وعمل أسموم طناح ومنها‏:‏ الدقهلية والمرتاحية وهناك موقع ثغر البرلس وثغر رشيد والمنصورة وفي هذا الوجه الإسكندرية ودمياط ولا عمل لهما‏.‏
وأما الواحات‏:‏ فمنقطعة وراء الوجه القبلي مغاربة لم تعدّ في الولايات ولا في الأعمال ولا يحكم عليها والي السلطان وإنما يحكم عليها من قبل مقطعها واللّه تعالى أعلم‏.‏
ذكر ما كان يعمل في أراضي مصر من حفر الترع وعمارة الجسور ونحو ذلك من أجل ضبط ماء النيل وتصريفه في أوقاته قال ابن عبد الحكم عن يزبد بن أبي حبيب‏:‏ وكانت فريضة مصر بحفر خليجها وإقامة جسورها وبناء قناطرها وقطع جزائرها مائة ألف وعشرين ألفًا‏.‏
معهم المساحي والطوريات والأداة يعتقبون ذلك لا يدعونه شتاء ولا صيفًا‏.‏ "


السنة الأولى من سلطنة الملك الناصر محمد الأولى على أنه لم يكن له من السلطنة فيها إلا مجرد الاسم فقط وإنما كان الأمر أولًا للأمير علم الدين سنجر الشجاعي ثم للأمير كتبغا المنصوري وهي سنة ثلاث وتسعين وستمائة على أن الأشرف قتل في أوائلها في المحرم حسب ما تقدم ذكره‏.‏
فيها توفي الصاحب فخر الدين أبو العباس إبراهيم بن لقمان بن أحمد بن محمد الشيباني الإسعردي ثم المصري رئيس الموقعين بالديار المصرية ثم الوزير بها‏.‏ ولي الوزارة مرتين وكان مشكور السيرة قليل الظلم كثير العدل والإحسان للرعية وفي أيام وزارته سعى في إبطال مظالم كثيرة وكان يتولى الوزارة بجامكية الإنشاء وعندما يعزلونه من الوزارة يصبح يأخذ غلامه الحرمدان خلفه ويروح يقعد في ديوان الإنشاء وكأنه ما تغير عليه شيء وكان أصله من المعدن من بلاد إسعرد وتدرب في الإنشاء بالصاحب بهاء الدين زهير حتى برع في الإنشاء وغيره‏.‏
قال الذهبي‏:‏ رأيته شيخًا بعمامة صغيرة وقد حدث عن ابن رواح وكتب عنه البرزالي والطلبة انتهى‏.‏
وكان ابن لقمان المذكور فاضلًا ناظمًا ناثرًا مترسلًا ومات بالقاهرة في جمادى الآخرة ودفن بالقرافة ومن شعره‏:‏ الكامل كن كيف شئت فإنني بك مغرم راض بما فعل الهوى المتحكم ولئن كتمت عن الوشاة صبابتي بك فالجوانح بالهوى تتكلم أشتاق من أهوى وأعجب أنني أشتاق من هو في الفؤاد مخيم يا من يصد عن المحب تدللًا وإذا بكى وجدًا غدًا يتبسم أسكنتك القلب الذي أحرقته فحذار من نار به تتضرم وفيها قتل الأمير علم الدين سنجر بن عبد الله الشجاعي المنصوري كان من مماليك الملك المنصور قلاوون وترقى حتى ولي شد الدواوين ثم الوزارة بالديار المصرية في أوائل دولة الناصر وساءت سيرته وكثر ظلمه ثم ولي نيابة دمشق فتلطف بأهلها وقل شره ودام بها سنين إلى أن عزل بالأمير عز الدين أيبك الحموي وقدم إلى القاهرة وكان مركبه يضاهي موكب السلطان من التجمل ومع ظلمه كان له ميل لأهل العلم وتعظيم الإسلام وهو الذي كان مشد عمارة البيمارستان المنصوري ببين القصرين فتممه في مدة يسيرة ونهض بهذا العمل العظيم وفرغ منه في أيام قليلة وكان يستعمل فيه الصناع والفعول بالبندق حتى لا يفوته من هو بعيد عنه في أعلى سقالة كان ويقال إنه يومًا وقع بعض الفعول من أعلى السقالة بجنبه فمات فما اكترث سنجر هذا ولا تغير من مكانه وأمر بدفنه ثم عمل الوزارة أيضًا في أوائل دولة الناصر محمد بن قلاوون أكثر من شهر حسب ما تقدم ذكره وحدثته نفسه بما فوق الوزارة فكان في ذلك حتفه وقتله حسب ما ذكرناه في أول ترجمة الملك الناصر هذا وفرح أهل مصر بقتله فرحًا زائدًا حتى إنه لما طافت المشاعلية برأسه على بيوت الكتاب القبط بلغت اللطمة على وجهه بالمداس نصفًا والبولة عليه درهمًا وحصلوا المشاعلية جملًا من ذلك‏.‏ قلت‏:‏ وهذا غلط فاحش من المشاعلية قاتلهم الله‏!‏ لو كان من الظلم ما كان هو خير من الأقباط النصارى‏.‏
ولما كان على نيابة دمشق وسع ميدانها أيام الملك الأشرف فقال الأديب علاء الدين الوداعي في ذلك‏:‏ الكامل علم الأمير بأن سلطان الورى يأتي دمشق ويطلق الأموالا فلأجل ذا قد زاد في ميدانها لتكون أوسع للجواد مجالا قال الصلاح الصفدي‏:‏ أخبرني من لفظه شهاب الدين بن فضل الله قال‏:‏ أخبرني والدي عن قاضي القضاة نجم الدين ابن الشيخ شمس الدين شيخ الجبل قال‏:‏ كنت ليلة نائمًا فاستيقظت وكأن من أنبهني وأنا أحفظ كأنما قد أنشدت ذلك‏:‏ البسيط عند الشجاعي أنواع منوعة من العذاب فلا ترحمه بالله لم تغن عنه ذنوب قد تحملها من العباد ولا مال ولا جاه قال‏:‏ ثم جاءنا الخبر بقتله بعد أيام قلائل فكانت قتلته في تلك الليلة التي أنشدت فيها الشعر‏.‏ انتهى‏.‏
وفيها توفي قتيلًا الملك كيختو ملك التتار قتله ابن أخيه بيدو‏.‏
وفيها قتل الوزير الصاحب شمس الدين محمد بن عثمان بن أبي الرجاء التنوخي الدمشقي التاجر المعروف بابن السلعوس قال الشيخ صلاح الدين الصفدي‏:‏ كان في شبيبته يسافر بالتجارة وكان أشقر سمينًا أبيض معتدل القامة فصيح العبارة حلو المنطق وافر الهيبة كامل الأدوات خليقًا للوزارة تام الخبرة زائد الإعجاب عظيم التيه وكان جارًا للصاحب تقي الدين البيع فصاحبه ورأى فيه الكفاءة فأخذ له حسبة دمشق ثم توجه إلى مصر وتوكل للملك الأشرف خليل في دولة أبيه فجرى عليه نكبة من السلطان فشفع فيه مخدومه الأشرف خليل وأطلقه من الاعتقاد وحج فتملك الأشرف في غيبته وكان محبًا له فكتب إليه بين الأسطر‏:‏ يا شقير يا وجه الخير قدم السير‏.‏ فلما قدم وزره وكان إذا ركب تمشي الأمراء الكبار في خدمته انتهى‏.‏
قلت‏:‏ وكان في أيام وزارته يقف الشجاعي المقدم ذكره في خدمته فلما قتل مخدومه الملك الأشرف وهو بالإسكندرية قدم القاهرة فطلب إلى القلعة فأنزله الشجاعي من القلعة ماشيًا ثم سلمه من الغد إلى عدوه الأمير بهاء الدين قراقوش مشد الصحبة قيل‏:‏ إنه ضربه ألفًا ومائة مقرعة ثم تداوله المسعودي وغيره وأخذ منه أموالًا كثيرة ولا زال تحت العقوبة حتى مات في صفر‏.‏
ولما تولى الوزارة كتب إليه بعض أحبائه من الشام يحذره من الشجاعي‏:‏ الوافر تنبه يا وزير الأرض واعلم بأنك قد وطئت على الأفاعي وكن بالله معتصمًا فإني أخاف عليك من نهش الشجاعي فبلغ الشجاعي فلما جرى ما جرى طلب أقاربه وأصحابه وصادرهم فقيل له عن الناظم فقال‏:‏ لا أوذيه فإنه نصحه في وما انتصح وقد أوضحنا أمره في المنهل الصافي والمستوفى بعد الوافي بأطول من هذا‏.‏ انتهى‏.‏
الذين ذكر الذهبي وفاتهم في هذه السنة قال‏:‏ وفيها توفي المقرىء شمس الدين محمد بن عبد العزيز الدمياطي بدمشق في صفر وقاضي القضاة شهاب الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن خليل الخويي‏.‏
والسلطان الملك الأشرف صلاح الدين خليل بن قلاوون فتكوا به في المحرم‏.‏ ونائبه بيدرا قتل من الغد ووزيره الصاحب شمس الدين محمد بن عثمان بن السلعوس هلك تحت العذاب‏.‏
أمر النيل في هذه السنة‏:‏ الماء القديم أربع أذرع مبلغ الزيادة خمس عشرة ذراعًا وسبع أصابع‏.‏ وثبت إلى سادس عشر توت‏.‏
***************************************************************************

تلاشى عائلة النشو التى أسلمت

 المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثالث ( 011 من 761 ) : " دار القليجي‏:‏ هذه الدار من جملة خط قصر بشتاك كانت أوّلً من بعض دور القصر الكبير الشرقيّ الذي تقدم ذكره عند ذكر قصور الخلفاء ثم عرفت بدار حمال الكفاة وهو القاضي جمال الدين إبراهيم المعروف بحمال الكفاة ابن خالة النشو ناظر الخاص كان أوّلًا من جملة الكتاب النصارى فأسلم وخدم في بستان الملك الناصر محمد بن قلاوون الذي كان ميدانًا للملك الظاهر بيبرس بأرض اللوق ثم خدم في دوان الأمير بيدمر البدريّ فلما عرض السلطان دواوين الأمراء واختار منهم جماعة كان من جملة من اختاره السلطان حمال الكفاة هذا فجعله مستوفيًا إلى أن كان المهذب كاتب الأمير بكتمر الساقي فولاه السلطان مكانه في ديوان الأمير بكتمر فخدمه إلى أن مات فخد بديوان الأمير بشتاك إلى أن قبض الملك الناصر على النشو ناظر الخاص ولاّه وظيفة نظر الخاص بعد النشو ثم أضاف إليه وظيفة نظر الجيش بعد المكين بن قزوينة عند غضبه عليه ومصادره فباشر الوظسفتين لىأن مات الملك الناصر فاستمرّ في أيام الملك المنصور أبي بكر والملك الأشرف كجك والملك الناصر أ مد فلما وليّ الملك الصالح إسماعيل جعله مشير الدولة مع ما بيده من نظر الخاص والجيش وكان الوزير إذ ذاك الأمير نجم الدين محمود وزير بغداد وكتب له توقيع باستقراره في وظيفة الإشارة فعظم أمره وكَثُرَ حساده إلى أن قبض عليه وضرب المقارع وخُنق ليلة الأحد سادس شهر بيع الأوّل سنة خمس وأربعين وسبعمائة ودفن بجوار زاوية ابن عبود من القرافة وكانت مدّة نظر في الخاص خمس سنين وشهرين تنقض أيامًا وكان مليح الوجه حسن العبارة كثير التصرّف ذكيًا يعرف باللسان التركيّ ويتكلم به ويعرف باللسان النوبيّ والتكروري‏.‏

******************************

زواج بنات السلطان حسن بن محمد بن قلاوون

ذكر المقريزى  المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثالث ( 116 من 167 )  : " سوق الكفتيين‏:‏ هذا السوق يُسلك إلين من البندقانيين ومن حارة الجودرية ومن الجملون الكبير وغيره ويشتمل على عدّة حوانيت لعمل الكفت وهو ما تُطعَّم به أواني النحاس من الذهب والفضة وكان لهذا الصنف من الأعمال بديار مصر رواج عظيم وللناس في النحاس المكفت رغبة عظيمة أدركنا من هذا شيئًا لا يبلغ وصفه واصف لكثرته فلا تكاد دار تخلو بالقاهرة ومصر من عدّة قطع نحاس مكفت ولا بدّ أن يكون في شورة العروس دكة نحاس مكفت‏.‏
والدكة‏:‏ عبارة عن شيء شبه السرير يُعمل من خشب مطعم بالعاج والأبنوس أو من خشب مدهون وفوق الدكة دست طاسات من نحاس أصفر مكفت بالفضة وعدّة الدست سبع قطع بعضها أصغر من بعض تبلغ كبراها ما يسع نحو الأردب من القمح وطول الأكفات التي نقشت بظاهرها من الفضة نحو الثلث ذراع في عرض إصبعين ومثل ذلك دست أطباق عدّتها سبعة بعضها في جوف بعض ويُفتح أكبرها نحو الذراين وأكثر وغير ذلك من المناير ولاسرج وأحقاق الأشنان والطشت والأبريق والمبخرة فتبلغ قيمة الدكة من ذلك من النحاس المكفت زيادة على مائتي دينار ذهبًا وكانت العروس من بنات الأمراء أو لوزراء أو أعيان الكتاب أو أماثل التجار تجهز في شورتها عند بناء الزوج عليها سبع دكك دكة من فضة ودكة من كفت ودكة من نحاس أبيض ودكة منخشب مدهون ودكة من صيني ودكة من بلور ودكة كداهي‏:‏ وهي آلات من ورق مدهون تحمل من الصين أدركنا منها في الدور شيئًا كثيرًا وقد عدم هذا الصنف ن مصر إلاّ شيئًا يسيرًا‏.‏
حدثني القاضي الفاضل الرئيس تاج الدين أبو الفداء إسماعيل أ مد بن عبد الوهاب ابن الخطباء المخزوميّ رحمه الله قال‏:‏ تزوّج القاضي علاء الدين بن عرب محتسب القاهرة بامرأة من بنات التجار تعرف بست العمائم فلما قارب البناء عليها والدخول بها حضر إليه في يوم وكيلها وأنا عنده فبلّغه سلامها عليه وأخبره أنها بعثت إليه بمائة ألف درهم فضة خالصة ليصلح بها لها ما عساه اختلّ من الدكة الفضة فأجابه إلى ما سال وأمره باحضار الفضة فاستدعى الخدم من الباب فدخلوا بالفضة في الحال وبالوقت أمر المحتسب بصناع الفضة وطلائها فاحضروا وشرعوا في إصلاح ما أرسلته ست العمائم من أواني الفضة وإعادة طلائها بالذهب فشاهدنا من ذلك منظرًا بديعًا‏.‏
وأخبرني من شاهد جهاز بعض بنات السلطان حسن بن محمد بن قلاوون وقد حمل في القاهرة عندما زفت على بعض الأمراء في دولة الملك الأشرف شعبان بن حسين بن محمد بن قلاوون فكان شيئًا عظيمًا من جملته دكة من بلور تشتمل على عجائب منها زير من بلور قد نقش بظاهره صور ثابتة على شبه الوحوش والطيور وقدر هذا الزير ما يسع قربة ماء وقد قلّ استعمال الناس في زماننا هذا للنحاس المكفت وعزّ وجوده فإن قومًا لهم عدّة سنين قد تصدّوا لشراء ما يباع منه وتنحية الكفت عنه طلبًا للفائدة وبقي هذا السوق إلى يومنا هذا سوق الأقباعيين‏:‏ بخط تحت الربع خارج باب زويلة مما يلي الشارع المسلوك فيه إلى قنطرة الخرق ما كان منه على يُمنة السالك إلى قنطرة الخرق فأنه جار في وقف الملك الظاهر بيبرس هو وما فوقه على المدرسة الظاهرية بخط بين القصرين وعلى أولاده‏
****************************************************************************

ذكر المقريزى  المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثالث ( 121 من 167 )  : " وفي سنة ثلاث وتسعين وستمائة أُنزل بهذه المناظر نحو ثلاثمائة من مماليك الأشرف خليل بن قلاوون عندما قبض عليهم بعد قتل الأشرف المذكور ثم إن الملك الناصر محمد بن قلاوون هدم هذه المناظر المذكورة في سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة وبناها بناء آخر وأجرى الماء إليها وجدّد بها عدّة مواضع وزاد في سعتها وأنشأ بها اصطبلًا تربط فيه الخيول وعمل زفاف ابنته على ولد الأمير أرغون نائب السلطنة بديار مصر بعدما جهزها جهازًا عظيمًا منه‏:‏ بشخاناه وداير بيت وستارات طرّز ذلك بثمانين ألف مثقال ذهب مصريّ سوى ما فيه من الحرير وأجرة الصناع وعمل سائر الأواني من ذهب وفضة فبلغت زنة الأواني المذكورة ما ينيف على عشرة آلاف مثقال من الذهب وتناهى في هذا الجهاز وبالغ في الإنفاق عليه حتى خرج عن الحدّ في الكثرة فإنها كانت أوّل بناته ولما نصب جهازها بالكبش نزل من قلعة الجبل وصعد إلى الكبش وعاينه ورتبه بنفسه واهتم في عمل العرس اهتمامًا ملوكيًا وألزم الأمراء بحضوره فلم يتأخر أحد منهم عن الحضور ونقط الأمراء الأغاني على مراتبهم من أربعمائة دينار كل أمير إلى مائتي دينار سوى الشقق الحرير واستمرّ الفرح ثلاثة أيام بلياليها فذكر الناس حنيئذ أنه لم يعمل فيما سلف عرس أعظم منه حتى صل لكل جوقة من جوق الأغاني اللاتي كنّ فيه خمسمائة دينار مصرية ومائة وخمسون شقة حرير وكان عدّة جوق الأغاني التي قسم عليهنّ ثمان جوق من أغاني القاهرة سوى جوق الأغاني السلطانية وأغاني الأمراء وعدّتهن عشرون جوقة لم يُعرف ما حصل لهذه العشرين جوقة من كثرة ما حصل ولما انقضت أيام العرس أنعم السلطان لكل امرأة من نساء الأمراء بتعبية قماش على مقدارها وخلع على سائر أرباب الوظائف من الأمراء والكتاب وغيرهم فكان مهمًا عظيمًا تجاوز المصروف فيه حدّ الكثرة‏
***************************************************************************
قال المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثالث ( 931 من 761) : " السلطان الملك المنصور سيف الدين قلاون الألفي العلائي الصالحي‏:‏ أحد المماليك الأتراك البحرية كان قبجاقي الجنس من قبيلة مرج أغلى فجلب صغيرًا واشتراه الأمير علاء الدين آق سنقر الساقي العادليّ بألف دينار وصار بعد موته إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب في سنة سبعوأربعين وستمائة فجعله من جملة البحرية فتنقلت به الأحوال حتى صار أتابك العساكر في أيام العادل سلامش وذُكر اسمه مع العادل على المنابر ثم جلس على التخت بقلعة الجبل في يوم الأحد العشرين من شهر رجب سنة ثمان وسبعين وتلقب بالملك المنوصر وأبطل عدّة مكوس فثار عليه الأمير شمس الدين سنقر الأشقر بدمشق وتسلطن ولقب نفسه بالملك الكامل في يوم الجمعة رابع عشري ذي الحجة فبعث إليه وهزمه واستاد دمشق ثم قمت التتر إلى بلاد حلب وعاثوا بها فتوجه إليهم السلطان بعساكره وأوقع بهم على حمص في يوم الخميس رابع عشري رجب سنة ثمانين وستمائة وهزمهم بعد مقتلة عظيمة وعاد إلى قلعة الجبل وتوجه في سنة أربع وثمانين حتى نازل حصن المرقب ثمانية وثلاثين يومًا وأخذه عنوة من الفرنج وعاد إلى القلعة ثم بعث العسكر فغزا بلاد النوبة في سنة سبع وثمانين وعاد بغنائم كثيرة ثم سار في سنة ثمان وثمانين لعز الفرنج بطرابلس فنازلها أربعة وثلاثين يومًا حتى فتحها عنوة في رابع ربيع الآخر وهدمها جميعها وأنشأ قريبًا منها مدينة طرابلس الموجودة الآن وعاد إلى قلعة الجبل وبعث لغزو النوبة ثانيًا عسكرًا فقتلوا وأسروا وعادوا ثم خرج لغزو الفرنج بعكا وهو مريض فمات خارج القاهرة ليلة السبت سادس ذي القعدة سنة تسع وثمانين وستمائة فكانت مدته إحدى عشرة سنة وشهرين وأربعة وعشرين يومًا ... وقام من بعده ابنه‏.‏
السلطان الملك الأشرف صلاح الدين خليل‏:‏ في يوم الأحد سابع ذي القعدة المذكور وسار لفتح عكا في ثالث ربيع الأول سنة تسعين وستمائة ونصب عليها اثنين وتسعين منجنيقًا وقاتل من بعها من الفرنج أربعة وأربعين يومًا حتى فتحها عنوة في يوم الجمعة سابع عشر جمادى الأولء وهدمها كلها بما فيها وحرّقها وأخذ صور وحيفا وعتليت وانطرسوس وصيدا وهدمها وأدلى الفرنج من الساحل فلم يبق منهم أحد ولله الحمد وتوجه إلى دمشق وعاد إلى مصر فدخل قلعة الجبل يوم الإثنين تاسع شعبان ثم خرج في ثامن ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وستمائة بعدما نادى بالنفير للجهاد فدخل دمشق وعرض العساكر ومضى منها فمرّ على حلب ونازل قلعة الروم ونصب عليها عشرين منجنيقًا حتى فتحها بعد ثلاثة وثلاثين يومًا عنوة وقتل من بها من النصارى الأرمن وسبى نساءهم وأولادهم وسماها قلعة المسلمين فُعرفت بذلك وعاد إلى مصر فدخل قلعة الجبل في يوم الأربعاء ثاني ذي القعدة وسار في رابع المحرم سنة اثنتين وتسعين حتى بلغ مدينة قوص من صعيد مصر ونادى فيها بالتجهز لغزة اليمن وعاد ثم سار مخفًا على الهجن في البرية إلى الكرك ومضى إلى دمشق فقدمها في تاسع جمادى الآخرة وقصد غزو بهنسا وأخذها من الأرمن فقدموا إليه وسلموها من تلقاء أنفسهم وسملوا أيضًا مرعش وتل حمدون ومضى من دمشق في ثاني رجب وعبر من حمص إلى سلمية وهجم على الأمير مهنا بن عيسى وقبضه وإخوته وملهم في الحديد إلى قلعة الجبل وعاد إلى دمشق ثم رجع إلى مصر فقدم قلعة الجبل في ثامن عشري رجب ثم توجه للصيد فبلغ الطرّانة وانفرد في نفر يسير ليصطاد فاقتحم عليه الأمير بيدار في عدّة معه وقتلوه في يوم السبت ثاني عشر المحرم سنة ثلاث وتسعين وستمائة فكانت مدته ثلاث سنين وشهرين وأربعة أيام ثم حمل ودفن بمدرسة الأشرفية واقيم من بعده أخوه‏.‏

السلطان الملك الناصر محمد بن قلاون‏:‏ وعمره سبع سنين وقام الأمير زين الدين كتبغا بتدبيره ثم خلعه بعد سنة نقص ثلاثة أيام وقام من بعده‏.‏

***************************************************************************

 

المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الرابع ( 146 من 167 )  : "محمد بن قلاون‏:‏ السلطان الملك الناصر أبو الفتح ناصر الدين بن الملك المنصور كان يُلفب بحرفوش وأمّه أشلون ابنة شنكاي ولد يوم السبت النصف من المحرّم سنة أربع وثمانين وستمائة بقلعة الجبل من ديار مصر وولى الملك ثلاث مرّات الأولى بعد مقتل أخيه الملك الأشرف خليل بن قلاون في رابع عشر المحرّم سنة ثلاث وتسعين وستمائة وعمره تسع سنين تنقص يومًا واحدًا فأقام في الملك سنة إلاّ ثلاثة أيام وخلع بمملوك أبيه كتبغا المنصوريّ يوم الأربعاء حادي عشر المحرّم سنة أربع وتسعين وستمائة وأعيد إلى المملكة ثانيًا بعد قتل الملك المنصور لاجين يوم الإثنين سادس جمادى الأولى سنة ثمان وتسعين وستمائة فأقام عشر سنين وخمسة أشهر وستة عشر يومًا وعزل نفسه وسار إلى الكرك فوليَ الملك من بعده الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير وتلقب بالملك المظفر في يوم السبت ثالث عشري شوّال سنة ثمان وسبعمائة ثم حضر من الكرك إلى الشام وجمع العساكر فخامر على بيبرس معظم جيش مصر وانحل أمره فترك الملك في يوم الثلاثاء سادس عشر شهر رمضان سنة تسع وسبعمائة وطلع الملك الناصر إلى قلعة الجبل يوم عيد الفطر من السنة المذكورة واستولى على ممالك مصر والشام والحجاز فأقام في الملك من غير منازع له فيه إلى أن مات بقلعة الجبل في ليلة الخميس الحادي والعشرين من ذي الحجة سنة إحدى وأربعين وسبعمائة وعمره سبع وخمسون سنة وأحد عشر شهرًا وخمسة أيام وله في ولايته الثالثة مدّة اثنتين وثلاثين سنة وشهرين وعشرين يومًا وجملة إقامته في الملك عن المدد الثلاث ثلاث وأربعون سنة وثمانية أشهر وتسعة أيام‏.‏
ولما مات ترك ليلته ومن الغد حتى تم الأمر لابنه أبي بكر المنصور في يوم الخميس المذكور ثم أخذ في جهازه فوضع في محفة بعد العشاء الاَخرة بساعة وحمل على بغلين وأنزل من القلعة إلى الإصطبل السلطاني وسار به الأمير ركن الدين بيبرس الأحمديّ أميرجاندار والأمير نجم الدين أيوب والي القاهرة والأمير قطلوبغا الذهبيّ وعلم دار خوطا جار الدوادار وعبروا به إلى القاهرة من باب النصر وقد غلقت الحوانيت كلها ومُنع الناس من الوقوف للنظر إليه وقدّام المحفة شمعة واحدة في يد علمدار فلما دخلوا به من باب النصر كان قدامه مسرجة في يد شاب وشمعة واحدة وعبروا به المدرسة المنصورية بين القصرين ليدفن عند أبيه الملك المنصور قلاون وكان الأمير علم الدين سنجر الجاوليّ ناظر المارستان قد جلس ومعه القضاة الأربعة وشيخ الشيوخ ركن الدين شيخ خانقاه سرياقوس والشيخ ركن الدين عمر ابن الشيخ إبراهيم الجعبريّ فحطت المحفة وأخرج منها فوضع بجانب الفسقية التي بالقبة وأمر ابن أبي الظاهر مغسّل الأموات بتغسيله فقال‏:‏ هذا ملك ولا أنفرد بتغسيله إلاّ أن يقوم أحد منكم ويجرده على الدكه فإني أخشى أن يقال كان معه فص أو خاتم أو في عنقه خرزة فقام قطلوبغا الذهبيّ وعلمدار وجرّداه مع الغاسل من ثيابه فكان على رأسه قبع أبيض من قطن ثيابه وعلى بدنه بغلطاق صدر أبيض وسراويل فنُزعا وترك القميص عليه وغسل به ووجد في رجله الموجوعة بخشان مفتوحان فغُسل من فوق القميص وكفن في نصفية وعُملت له أخرى طرّاحة ومخدّة ووضع في تابوت من خشب وصلى عليه قاضي القضاة عز الدين عبد العزيز بن محمد بن جماعة الشافعيّ بمن حضر وأنزل إلى قبر أبيه في سحلية من خشب قد ربطت بحبل ونزل معه إلى القبر الغاسل والأمير سنجر الجاوليّ ودفع إلى الغاسل ثلاثمائة درهم فباع ما نابه من الثياب بثلاثة عشر درهمًا سوى القبع فإنه فقد وذكر الغاسل أنه كان محنكًا بخرقة معقدة بثلاث عقد فسبحان من لا يحول ولا يزول هذا ملك أعظم المعمور من الأرض مات غريبًا وغُسل طريحًا ودُفن وحيدًا إن في ذلك لعبرة لأولي الألباب‏.‏
وفي ليلة السبت‏:‏ قرأ القرّاء عند القبر بالقبة القرآن وحضر بعض الأمراء وَترَكَ من الأولاد اثني عشر ولدًا ذكرًا وهم‏:‏ أحمد وهو أسنهم وكان بالكرك وأبو بكر وتسلطن من بعده وشقيقه رمضان ويوسف وإسماعيل وتسلطن أيضًا وشعبان وتسلطن وحسين وكجك وتسلطن وأميرحاج وحسن ويدعى قماري وتسلطن وصالح وتسلطن ومحمد‏.‏
وترك من البنات ثمانيًا متزوّجات سوى من خلف من الصغار وخلف من الزوجات جاريته طغاي وإمّة الأمير تنكز نائب الشام‏.‏
ومات وليس له نائب بديار مصر ولا وزير ولا حاجب متصرّف سوى أن برسبغا الحاجب تحكم في متعلقات أمور الإقطاعات وليس معه عصا الحجوبية وبدر الدين بكتاش نقيب الجيوش وأقبغا عبد الواحد أستادار السلطان ومقدّم المماليك وبيبرس الأحمديّ أميرجاندار ونجم الدين أيوب والي القاهرة وجمال الدين حمال الكفاه ناظر الجيوش والموفق ناظر الدولة وصارم الدين أزبك شادّ الدواوين وعز الدين عبد العزيز بن جماعة قاضي القضاة بديار مصر ونائب دمشق الأمير ألطنبغا ونائب الأميرطشتمر حمص أخضر ونائب طرابلس الحاج أرقطاي ونائب صفد الأمير أصلم ونائب غزة الأميرآق سنقر السلاريّ وصاحب حماه الملك الأفضل ناصر الدين محمد بن المؤيد إسماعيل‏.‏
والأمراء مقدّموا الألوف بديار مصر يوم وفاته خمسة وعشرون أميرًا‏.‏
وهم‏:‏ بدر الدين جنكلي بن البابا والحاج آل ملك وبيبرس الأحمديّ وعلم الدين سنجر الجاوليّ وسيف الدين كوكاي ونجم الدين محمود وزير بغداد هؤلاء برّانية كبار والباقي مماليكه وخواصه وهم‏:‏ ولده الأمير أبو بكر والأمير قوصون والأمير بشتاك وطقزدمر وأقبغا عبد الواحد الأستادار وأيدغمش أميراخور وقطلوبغا الفخريّ ويلبغا اليحياويّ وملكتمر الحجازيّ وألطنبغا الماردانيّ وبهادر الناصريّ وآق سنقر الناصريّ وقماري الكبير وقماري أميرشكار وطرغاي وأرتبغا أميرجاندار وبرسيغا الحاجب وبلدغي ابن العجوز أمير سلاح وبيغرا‏.‏
وكان السلطان أبيض اللون قد وخطه الشيب وفي عينيه حول وبرجله اليمنى ريح شوكة تنغص عليه أحيانًا وتؤلمه وكان لا يكاد يمس بها الأرض ولا يمشي إلاّ متكئًا على أحد ومتوكئًا على شيء ولا يصل إلى الأرض إلاّ أطراف أصابعه وكان شديد البأس جيد الرأي يتولى الأمور بنفسه ويجود لخواصه وكان مهابًا عند أهل مملكته بحيث أنّ الأمراء إذا كانوا عنده بالخدمة لا يجسر أحد أن يكلم آخر كلمة واحدة ولا يلتفت بعضهم إلى بعض خوفًا منه ولا يمكن واحدًا منهم أن يذهب إلى بيت أحد البتة لا في وليمة ولا غيرها فإن فعل أحد منهم شيئًا من ذلك قبض عليه وأخرجه من يومه منفيًا وكان مسدّدًا عارفًا بأمور رعيته وأحوال مملكته وأبطل نيابة السلطنة من ديار مصر من سنة سبع وعشرين وسبعمائة وأبطل الوزارة وصار يتحدّث بنفسه في الجليل من الأمور والحقير ويستجلب خاطر كل أحد من صغير وكبير لا سيما حواشيه فلذلك عظمت حاشية المملكة وأتباع السلطنة وتخوّلوا في النعم الجزيلة حتى الخولة والكلابزية والأسرى من الأرمن والفرنج وأعطى البازدارية الأخباز في الحلقة فمنهم من كان إقطاعه الألف دينار في السنة وزوّج عدة منهم بجواريه وأفنى خلقًا كثيرًا من الأمراء بلغ عددهم نحو المائتي أمير وكان إذا كبر أحد من أمرائه قبض عليه وسلبه نعمته وأقام بدله صغيرًا من مماليكه إلى أن يكبر فيمسكه ويقيم غيره ليأمن بذلك شرّهم‏.‏
وكان كثير التخيل حازمًا حتى أنه إذا تخيل من ابنه قتله وفي اَخر أيامه شره في جمع المال فصادر كثيرًا من الدواوين والولاة وغيرهم ورمى البضائع على التجار حتى خاف كل من له مال وكان مخادعًا كثير الحيل لا يقف عند قول ولا يوف بعهد ولا يبرّ في يمين وكان محبًا للعمارة عمر عدّة أماكن منها‏:‏ جامع قلعة الجبل وهدمه مرّتين وعمر القصر الأبلق بالقلعة ومعظم الأماكن التي بالقلعة وعمر المجرى الذي ينقل الماء عليه من بحر النيل إلى القلعة على السور وعمر الميدان تحت القلعة ومناظر الميدان على النيل وعمر قناطر السباع على الخليج ومناظر سرياقوس والخانقاه بسرياقوس وحفر الخليج الناصريّ بظاهر القاهرة وعمر الجامع الجديد على شاطيء النيل بظاهر مصر وجدّد جامع الفيلة الذي بالرصد والمدرسة الناصرية بين القصرين من القاهرة وغير ذلك مما يرد في موضعه من هذا الكتاب وما زال يعمر منذ عاد إلى ولاية الملك في المرّة الثالثة إلى أن مات وبلغ مصروف العمارة في كل يوم من أيامه سبعة اَلاف درهم فضة عنها ثلاثمائة وخمسون دينارًا سوى من يسخره من المقيدين وغيرهم في عمل ما يعمره وحفر عدة من الخلجانات والترع وأقام الجسور بالبلاد حتى أنه كان ينصرف من الأخباز على ذلك ربع متحصل الإقطاعات وحفر خليج الإسكندرية وبحر المحلة مرّتين وبحر اللبينيّ بالجيزة وعمل جسر شيبين وعمل جسر أحباس بالشرقية والقليوبية مدة ثلاث سنين متوالية فلم ينجع فأنشأه بنيانًا بالطوب والجير وأنفق فيه أموالًا عظيمة وراك ديار مصر وبلاد الشام وعرض الجيش بعد حضوره في سنة اثنتي عشرة وسبعمائة وقطع ثمانمائة من الجند ثم قطع في مرّة أخرى ثلاثة وأربعين جنديًا في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة وقطع ثمانمائة من الجند ثم قطع في مرّة أخرى ثلاثة وأربعين جنديًا في سنة إحدى وأربعين وسبعمائة ثم قطع خمسة وستين أيضًا في رمضان سنة إحدى وأربعين وسبعمائة قبل وفاته بشهرين‏.‏
وفتح من البلاد جزيرة أرواد في سنة اثنين وسبعمائة وفتح ملطية في سنة خمس عشرة وسبعمائة وفتح أناس في ربيع الأوّل سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة وخرّبها ثم عمرها الأرمن فأرسل إليها جيشًا فأخذها ومعها عدّة بلاد من بلاد الأرمن في سنة سبع وثلاثين وسبعمائة وأقام بها نائبًا من أمراء حلب وعمر قلعة جعبر بعد أن دثرت وضربت السكة باسمه في شوّال سنة إحدى وأربعين وسبعمائة قبل موته تولى ذلك الشيخ حسن بن حسين بحضور الأمير شهاب الدين أحمد قريب السلطان وقد توجه من مصر بهذا السبب وخطب له أيضًا في أرتنا ببلاد الروم وضربت السكة باسمه وكذلك بلاد ابن قرمان وجبال الأكراد وكثير من بلاد الشرق وكان من الذكاء المفرط على جانب عظيم يعرف مماليك أبيه ومماليك الأمراء بأسمائهم ووقائعهم وله معرفة تامّة بالخيل وقيمها مع الحشمة والسيادة لم يُعرف عنه قط أنه شتم أحدًا من خلق الله ولا سفه عليه ولا كلمه بكلمة سيئة وكان يدعو الأمراء أرباب الأشغال بألقابهم وكانت همته علية وسياسته جيدة وحرمته عظيمة إلى الغاية ومعرفته بمهادنة الملوك لا مرمى وراءها يبذل في ذلك من الأموال ما لا يوصف كثرة فكان كتابه ينفذ أمره في سائر أقطار الأرض كلها وهو مع ما ذكرنا مؤيد في كلّ أموره مظفر في جميع أحواله مسعود في سائر حركاته ما عانده أحد أو أضمر له سوأ إلاّ وندم على ذلك أو هلك واشتهر في حياته بديار مصر أنه إن وقعت قطرة من دمه على الأرض لا يطلع نيل مصر مدة سبع سنين فمتعه الله من الدنيا بالسعادة العظيمة في المدة الطويلة مع كثرة الطمأنينة والأمن وسعة الأموال واقتنى كلّ حسن ومستحسن من الخيل والغلمان والجواري وساعده الوقت في كلّ ما يحب ويختار إلى أن أتاه الموت‏.‏

=====================================================================

 

 

 

 

 

Home | أيبك165/ 1 م.ح | نور الدين166/ 2 م.ح | قطز 167/ 3 م.ح | بيبرس168/ 4 م.ح | السعيد 169/ 5 م.ح | سلامش 170/ 6 م.ح | سيف الدين171/ 7 م.ح | صلاح الدين172/ 8 م.ح | بن قلاوون 173/ 9 م.ح | زين الدين174/ 10 م.ح | حسام الدين175/ 11 م.ح | بن قلاوون 176/ 12 م.ح | بيبرس177/ 13 م.ح | أحمد178/ 14 م.ح | إسماعيل179/ 15 م.ح | بن قلاوون180/ 16 م.ح | أبو بكر181/ 17 م.ح | كجك182/ 18 م.ح | شعبان 183/ 19 م.ح | حسن 184/ 20 م.ح | صالح 185/ 21 م.ح | حسن186/ 22 م.ح | محمد187/ 23 م.ح | شعبان188/ 24 م.ح | على 189/ 25 م.ح | أمير حاج 190/ 26 م.ح

This site was last updated 09/05/11