السلطان الملك العادل زين الدين كتبغا بن عبد الله المنصوري التركي سنة 694 هـ
سلطنة الملك العادل زين الدين كتبغا هو السلطان الملك العادل زين الدين كتبغا بن عبد الله المنصوري التركي المغلي سلطان الديار المصرية جلس على تخت الملك بعد أن خلع ابن أستاذه الملك الناصر محمد بن قلاوون في يوم الخميس ثاني عشر المحرم سنة أربع وتسعين وستمائة باتفاق الأمراء على سلطنته وهو السلطان العاشر من ملوك الترك بالديار المصرية وأصله من التتار من سبي وقعة حمص الأولى التي كانت في سنة تسع وخمسين وستمائة فأخذ الملك المنصور قلاوون وأدبه ثم أعتقه وجعله من جملة مماليكه ورقاة حتى صار من أكابر أمرائه واستمر على ذلك في الدولة الأشرفية خليل بن قلاوون إلى أن قتل وتسلطن أخوه الملك الناصر محمد بن قلاوون في سنة ثلاث وتسعين وأقام الناصر في الملك إلى سنة أربع وتسعين ووقع الاتفاق على خلعه وسلطنة كتبغا هذا فتسلطن وتلقب بالملك العادل وسنه يوم ذاك نحو الأربعين سنة وقيل خمسين سنة.
وقد تقدم سبب خلع الملك الناصر محمد وسلطنة كتبغا هذا في آخر ترجمه الملك الناصر محمد فلا حاجة في الإعادة وقال الشيخ شمس الدين بن الجزري قال: حكى لي الشيخ أبو الكرم النصراني الكاتب قال: لما فتح هولاكو حلب بالسيف ودمشق بالأمان طلب هولاكو نصير الدين الطوسي وكان في صحبته وقال له: اكتب أسماء مقدمي عسكري وأبصر أيهم يملك مصر ويقعد على تخت الملك بها حتى أقدمه قال: فحسب نصير الدين أسماء المقدمين فما ظهر له من الأسماء اسم من يملك الديار المصرية غير اسم كتبغا.
وكان كتبغا صهر هولاكو فقدمه على العساكر فتوجه بهم كتبغا فانكسر على عين جالوت فتعجب هولاكو من هذه الواقعة وظن أن نصير الدين قد غلط في حسابه.
وكان كتبغا هذا من جملة من كان في عسكر هولاكو من التتار ممن لا يؤبه إليه من الأصاغر وكسبه قلاوون في الواقعة فكان بين المدة نحو من خمس وثلاثين سنة حتى قدر الله تعالى بما قدر من سلطنة كتبغا هذا. انتهى.
ولما تم أمر كتبغا في الملك وتسلطن مد سماطًا عظيمًا وأحضر جميع الأمراء والمقدمين والعسكر وأكلوا السماط ثم تقدموا وقبلوا الأرض ثم قبلوا يده وهنأوه بالسلطنة وخلع على الأمير حسام الدين لاجين وولاه نيابة السلطنة بالديار المصرية وولى عز الدين الأفرم أمير جاندار والأمير سيف الدين بهادر حاجب الحجاب ثم خلع على جميع الأمراء والمقدمين ومن له عادة بلبس الخلع وفي يوم الخميس تاسع عشر المحرم ركب جميع الأمراء والمقدمين وجميع من خلع عليه وأتوا إلى سوق الخيل وترجلوا وقبلوا الأرض ثم كتب بسلطنة الملك العادل إلى البلاد الشامية وغيرها. وزينت مصر والقاهرة لسلطنته.
ولما كان يوم الأربعاء مستهل شهر ربيع الأول ركب السلطان الملك العادل كتبغا بأبهة السلطنة وشعار الملك من قلعة الجبل ونزل وسار إلى ظاهر القاهرة نحو قبة النصر وعاد من باب النصر وشق القاهرة حتى خرج من باب زويلة عائدًا إلى قلعة الجبل كما جرت العادة بركوب الملوك.
ولم تطل مدة سلطنته حتى وقع الغلاء والفناء بالديار المصرية وأعمالها ثم انتشر ذلك بالبلاد الشامية جميعها في شوال من هذه السنة وارتفع سعر القمح حتى بيع كل إردب بمائة وعشرين درهمًا بعد أن كان بخمسة وعشرين درهمًا الإردب وهذا في هذه السنة وأما في السنة الآتية التي هي سنة خمس وتسعين وستمائة فوصل سعر القمح إلى مائة وستين درهمًا الإردب وأما الموت فإنه فشا بالقاهرة وكثر فأحصي من مات بها وثبت اسمه في ديوان المواريث في ذي الحجة فبلغوا سبعة عشر ألفًا وخمسمائة وهذا سوى من لم يرد اسمه في ديوان المواريث من الغرباء والفقراء ومن لم يطلق من الديوان ورحل جماعة كثيرة من أهل مصر عنها إلى الأقطار من عظم الغلاء وتخلخل أمر الديار المصرية.
وفي هذه السنة حج الأمير أنس ابن الملك العادل كتبغا صاحب الترجمة وحجت معه والدته وأكثر حرم السلطان وحج بسببهم خلق كثير من نساء الأمراء بتجمل زائد وحصل بهم رفق كبير لأهل مكة والمدينة والمجاورين وشكرت سيرة ولد السلطان أنس المذكور وبذل شيئًا كثيرًا لصاحب مكة.
ثم استهلت سنة خمس وتسعين وستمائة وخليفة المسلمين الحاكم بأمر الله أبو العباس أحمد الهاشمي البغدادي العباسي وسلطان الديار المصرية والبلاد الشامية والشمالية والفراتية والساحلية الملك العادل زين الدين كتبغا المنصوري. ووزيره الصاحب فخر الدين عمر ابن الشيخ مجد الدين بن الخليلي. ونائب السلطنة بالديار المصرية الأمير حسام الدين لاجين المنصوري.
وصاحب مكة شرفها الله تعالى الشريف نجم الدين أبو نمي محمد الحسني المكي وصاحب المدينة النبوية على ساكنها أفضل الصلاة والسلام عز الدين جماز بن شيحة الحسيني.
وصاحب اليمن ممهد الدين عمر ابن الملك المظفر شمس الدين يوسف ابن الملك المنصور عمر ابن علي بن رسول.
وصاحب حماة بالبلاد الشامية الملك المظفر تقي الدين محمود ابن الملك المنصور ناصر الدين محمد ابن الملك المظفر تقي الدين محمود ابن الملك المنصور محمد ابن تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب.
وصاحب ماردين الملك السعيد شمس الدين داود ابن الملك المظفر فخر الدين ألبي أرسلان ابن الملك السعيد شمس الدين قرا أرسلان بن أرتق الأرتقي وصاحب الروم السلطان غياث الدين مسعود ابن السلطان عز الدين كيكاوس ابن السلطان غياث الدين كيخسرو بن سلجوق السلجوقي.
وملك التتار غازان ويقال قازان وكلاهما يصح معناه واسمه الحقيقي محمود بن أرغون بن أبغا بن هولاكو وهو مظهر الإسلام وشعائر الإيمان.
ونائب دمشق الأمير عز الدين أيبك الحموي المنصوري وكان الموافق لأول هذه السنة عاشر بابه أحد شهور القبط المسمى بالرومي تشرين الأول.
وأما أمر الديار المصرية فإنه عظم أمر الغلاء بها حتى أكل بعضهم الميتات والكلاب ومات خلق كثير بالجوع. والحكايات في ذلك كثيرة وانتشر الغلاء شرقًا وغربًا.
وبينما السلطان الملك العادل كتبغا فيما هو فيه من أمر الغلاء ورد عليه الخبر في صفر بأنه قد وصل إلى الرحبة عسكر كثير نحو عشرة آلاف بيت من عسكر بيدو ملك التتار طالبين الدخول في الإسلام خوفًا من السلطان غازان ومقدمهم أمير اسمه طرغاي وهو زوج بنت هولاكو فرسم الملك العادل إلى الأمير علم الدين سنجر الدواداري بأن يسافر من دمشق إلى الرحبة حتى يتلقاهم فخرج إليهم ثم خرج بعده الأمير سنقر الأعسر شاد دواوين دمشق ثم ندب الملك العادل أيضًا الأمير قراسنقر المنصوري بالخروج من القاهرة فخرج حتى وصل إلى دمشق لتلقي المذكورين ورسم له أن يحضر معه في عوده إلى مصر جماعة من أعيانهم فوصل قراسنقر إلى دمشق وخرج لتلقيهم ثم عاد إلى دمشق في يوم الاثنين ثالث عشرين شهر ربيع الأول ومعه من أعيانهم مائة فارس وثلاثة عشر فارسًا وفرح الناس بهم وبإسلامهم وأنزلوهم بالقصر الأبلق من الميدان.
وأما الأمير علم الدين سنجر لدواداري فبقي مع الباقين وهم فوق عشرة آلاف ما بين رجل كبير وكهل وصغير وامرأة ومعهم ماشية كثيرة ورخت عظيم وأقام قراسنقر بهم أيامًا ثم سافر بهم إلى جهة الديار المصرية وقدموا القاهرة في آخر شهر ربيع الآخر فأكرمهم السلطان الملك العادل كتبغا ورتب لهم الرواتب ثم بدا للملك العادل كتبغا السفر إلى البلاد الشامية لأمر مقدر اقتضاه رأيه وأخذ في تجهيز عساكره وتهيأ للسفر وخرج بجميع عساكره وأمرائه وخاصكيته في يوم السبت سابع عشر شوال وسار حتى دخل دمشق في يوم السبت خامس عشر ذي القعدة وخامس ساعة من النهار المذكور ودخل دمشق والأمير بدر الدين بيسري حامل الجتر على رأسه ونائب سلطنته الأمير حسام الدين لاجين المنصوري ماشيًا بين يديه ووزيره الصاحب فخر الدين بن الخليلي واحتفل أهل دمشق لقدومه وزينت المدينة وفرح الناس به.
ولما دخل الملك العادل إلى دمشق وأقام بها أيامًا عزل عنها نائبها الأمير عز الدين أيبك الحموي وولى عوضه في نيابة دمشق مملوكه الأمير سيف الدين أغزلو العادل
ي وعمره نحو من اثنتين وثلاثين سنة وأنعم على الأمير عز الدين أيبك الحموي بخبز أغزلو بمصر وخرجا من عند السلطان وعليهما الخلع هذا متول وهذا منفصل.
ثم سافر السلطان الملك العادل من دمشق في ثاني عشر ذي الحجة بأكثر العسكر المصري وبقية جيش الشام إلى جهة قرية جوسية وهي ضيعة اشتراها له الصاحب شهاب الدين الحنفي فتوجه إليها ثم سافر منها في تاسع عشر ذي الحجة إلى حمص ونزل عند البحرة بالمرج بعدما أقام في البرية أيامًا لأجل الصيد وحضر إليه نواب البلاد الحلبية جميعها ثم عاد إلى دمشق ودخلها بمن معه من العساكر ضحى نهار الأربعاء ثاني المحرم من سنة ست وتسعين وستمائة.
وأقام بدمشق إلى يوم الجمعة رابع المحرم ركب السلطان الملك العادل المذكور بخواصه وأمرائه إلى الجامع لصلاة الجمعة فحضر وصلى بالمقصورة وأخذ من الناس قصصهم حتى إنه رأى شخصًا بيده قصة فتقدم إليه بنفسه خطوات وأخذها منه ولما جلس الملك العادل للصلاة بالمقصورة جلس عن يمينه الملك المظفر تقي الدين محمود صاحب حماة وتحته بدر الدين أمير سلاح ثم من تحته نائب دمشق أغزلو العادلي وعن يسار السلطان الشيخ حسن بن الحريري وأخواه ثم نائب السلطنة لاجين المنصوري ثم تحته نائب دمشق الأمير عز الدين أيبك الحموي أعني الذي عزل عن نيابة دمشق ثم من تحته الأمير بدر الدين بيسري ثم قراسنقر المنصوري ثم الحاج بهادر حاجب الحجاب ثم الأمراء على مراتبهم ميمنة وميسرة.
فلما انقضت الصلاة خرج من الجامع والأمراء بين يديه والناس يبتهلون بالدعاء له وأحبه أهل دمشق وشكرت سيرته وحمدت طريقته. ثم في يوم الخميس سابع عشر المحرم أمسك السلطان الأمير أسندمر وقيده وحبسه بالقلعة وفي يوم الاثنين حادي عشرين المحرم عزل السلطان الأمير شمس الدين سنقر الأعسر عن شد دواوين دمشق ورسم له بالسفر صحبة السلطان إلى مصر وولى عوضه فتح الدين عمر بن محمد بن صبرة.
إنقلاب لاجين على الملك العادل
ولما كان بكرة يوم الاثنين المذكور خرج السلطان الملك العادل من دمشق بعساكره وجيوشه نحو الديار المصرية وسار حتى نزل باللجون بالقرب من وادي فحمة في بكرة يوم الاثنين ثامن عشرين المحرم من سنة ست وتسعين وكان الأمير حسام الدين لاجين المنصوري نائب السلطنة قد اتفق مع الأمراء على الوثوب على السلطان الملك العادل كتبغا هذا والفتك به فلم يقدر عليه لعظم شوكته فدبر أمرًا آخر وهو أنه ابتدأ أولًا بالقبض على الأميرين: بتخاص وبكتوت الأزرق العادليين وكانا شهمين شجاعين عزيزين عند أستاذهما الملك العادل المذكور فركب لاجين بمن وافقه من الأمراء على حين غفلة وقبض على الأميرين المذكورين وقتلهما في الحال وقصد مخيم السلطان فمنعه بعض مماليك السلطان قليلًا وعوقوه عن الوصول إلى الملك العادل وكان العادل لما بلغه هذا الأمر علم أنه لا قبل له على قتال لاجين لعلمه بمن وافقه من الأمراء وغيرهم وخاف على نفسه وركب من خيل النوبة فرسًا تسمى حمامة وساق لقلة سعده ولزوال ملكه راجعًا إلى الشام ولو أقام بمخيمه لم يقدر لاجين على قتاله وأخذه فما شاء الله كان وساق حتى وصل إلى دمشق يوم الأربعاء آخر المحرم قرب العصر ومعه أربعة أو خمسة من خواصه.
وكان وصل إلى دمشق يوم الأربعاء آخر المحرم أول النهار أمير شكار السلطان وأخبر نائب الشام بصورة الحال وهو مجروح فتهيأ نائب الشام الأمير أغزلو العادلي واستعد وأحضر أمراء الشام عند السلطان ورسم بالاحتياط على نواب الأمير حسام الدين لاجين وعلى حواصله بدمشق وندم الملك العادل على ما فعله مع لاجين هذا من الخير والمدافعة عنه من كونه كان أحد من أعانه على قتل الأشرف وعلى أنه ولاه نيابة السلطنة وفي الجملة أنه ندم حيث لا ينفعه الندم! وعلى رأي من قال: " أشبعتهم سبًا وفازوا بالإبل " ومثله أيضًا قول القائل: مخلع البسيط من راقب الناس مات غمًا وفاز باللذة الجسور ثم إن الملك العادل طلب قاضي قضاة دمشق بدر الدين بن جماعة فحضر بين يدي السلطان هو وقاضي القضاة حسام الدين الحنفي وحضرا عند الملك العادل تحليف الأمراء والمقدمين وتجديد المواثيق منهم ووعدهم وطيب قلوبهم.
وأما الأمير حسام الدين لاجين فإنه استولى على دهليز السلطان والخزائن والحراس والعساكر من غير ممانع وتسلطن في الطريق ولقب بالملك المنصور حسام الدين لاجين وتوجه إلى نحو الديار المصرية وملكها وتم أمره وخطب له مصر وأعمالها والقدس والساحل جميعه وأما الملك العادل فإنه أقام بقلعة دمشق هذه الأيام كلها لا يخرج منها وأمر جماعة بدمشق وأطلق بعض المكوس بها وقرىء بذلك توقيع يوم الجمعة سادس عشر صفر بعد صلاة الجمعة بالجامع.
وبينما هو في ذلك ورد الخبر على أهل دمشق بأن مدينة صفد زينت لسلطنة لاجين ودق بها البشائر وكذلك نابلس والكرك.
فلما بلغ الملك العادل ذلك جهز جماعة من عسكر دمشق مقدمهم الأمير طقصبا الناصري بكشف هذا الأمر وتحقيق الخبر فتوجهوا يوم الخميس ثاني عشرين صفر فعلموا بعد خروجهم في النهار المذكور بدخول الملك المنصور لاجين إلى مصر وسلطنته فرجعوا وعلموا عدم الفائدة في توجههم.
ثم في الغد من يوم الجمعة ثالث عشرين صفر ظهر الأمر بدمشق وانكشف الحال وجوهر الملك العادل كتبغا بذلك وبلغه أنه لما وصل العسكر إلى غزة ركب الأمير حسام الدين لاجين في دست السلطنة وحمل البيسري على رأسه ثم في يوم السبت رابع عشرين صفر وصل إلى دمشق الأمير كجكن ومعه جماعة من الأمراء كانوا مجردين إلى الرحبة فلم يدخلوا دمشق بل توجهوا إلى جهة ميدان الحصا قريبًا من مسجد القدم وأعلن الأمير كجكن أمر الملك المنصور لاجين وعلم جيش دمشق بذلك فخرج إليه طائفة بعد طائفة وكان قبل ذلك قد توجه أميران من أكابر أمراء دمشق إلى جهة الديار المصرية.
فلما تحقق الملك العادل كتبغا بذلك وعلم انحلال أمره وزوال دولته بالكلية أذعن بالطاعة لأمراء دمشق وقال لهم: الملك المنصور لاجين خشداشي وأنا في خدمته وطاعته وحضر الأمير سيف الدين جاغان الحسامي إلى قلعة دمشق إلى عند الملك العادل كتبغا فقال له كتبغا: أنا أجلس في مكان بالقلعة حتى نكاتب السلطان ونعتمد على ما يرسم به.
فلما رأى الأمراء منه ذلك تفرقوا وتوجهوا إلى باب الميدان وحلفوا للملك المنصور لاجين وأرسلوا البريد إلى القاهرة بذلك ثم احتفظوا بالقلعة وبالملك العادل كتبغا ولبس عسكر دمشق آلة الحرب وسيروا عامة نهار السبت بظاهر دمشق وحول القلعة والناس في هرج واختباط وأقوال مختلفة وأبواب دمشق مغلقة سوى باب النصر وباب القلعة مغلق فتح منه خوخته واجتمع العامة والناس من باب القلعة إلى باب النصر وظاهر البلد حتى سقط منهم جماعة كثيرة في الخندق فسلم جماعة وهلك دون العشرة وأمسى الناس يوم السبت وقد أعلن باسم الملك المنصور لاجين لا يخفي أحد ذلك وشرع دق البشائر بالقلعة ثم في سحر يوم الأحد ذكره المؤذنون بجامع دمشق وتلوا قوله تعالى: " قل اللهم مالك الملك " إلى آخرها وأظهروا اسم المنصور والدعاء له ثم ذكره قارىء المصحف بعد صلاة الصبح بمقصورة جامع دمشق ودقت البشائر على أبواب جميع أمراء دمشق دقًا مزعجًا وأظهروا الفرح والسرور وأمر بتزيين أسواق البلد جميعها فزينت مدينة دمشق وفتحت دكاكين دمشق وأسواقها واشتغلوا بمعايشهم وتعجب الناس من تسليم الملك العادل كتبغا الأمر إلى الملك المنصور لاجين على هذا الوجه الهين من غير قتال ولا حرب مع ما كان معه من الأمراء والجند ولو لم يكن معه إلا مملوكه الأمير أغزلو العادلي نائب الشام لكفاه ذلك.
على أن الملك المنصور لاجين كان أرسل في الباطن عدة مطالعات لأمراء دمشق وأهلها واستمال غالب أهل دمشق فما أحوجه الملك العادل كتبغا لشيء من ذلك بل سلم له الأمر على هذا الوجه الذي ذكرناه خذلان من الله تعالى.
وأما الأمير سيف الدين أغزلو العادلي مملوك الملك العادل كتبغا نائب الشام لما رأى ما وقع من أستاذه لم يسعه إلا الإذعان للملك المنصور وأظهر الفرح به وحلف له.
قال: الملك المنصور لاجين - نصره الله - هو الذي كان عينني لنيابة دمشق وأستاذي الملك العادل كتبغا استصغرني فأنا نائبه ثم سافر هو والأمير جاغان إلى نحو الديار المصرية.
وأما لاجين فإنه تسلطن يوم الجمعة عاشر صفر وركب يوم الخميس سادس عشر صفر وشق القاهرة وتم أمره وأما الملك العادل كتبغا هذا فإنه استمر بقلعة دمشق إلى أن عاد الأمير جاغان المنصوري الحسامي إلى دمشق في يوم الاثنين حادي عشر شهر ربيع الأول وطلع من الغد إلى قلعة دمشق ومعه الأمير الكبير حسام الدين الظاهري أستاذ الدار في الدولة المنصورية والأشرفية والأمير سيف الدين كجكن وحضر قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة قاضى دمشق ودخلوا الجميع إلى الملك العادل كتبغا فتكلم معهم كلامًا كثيرًا بحيث إنه طال المجلس كالعاتب عليهم ثم إنه حلف يمينًا طويلة يقول في أولها: أقول وأنا كتبغا المنصوري ويكرر اسم الله تعالى في الحلف مرة بعد مرة أنه يرضى بالمكان الذي عينه له السلطان الملك المنصور حسام الدين لاجين ولا يكاتب ولا يسارر وأنه تحت الطاعة وأنه خلع نفسه من الملك وأشياء كثيرة من هذا النموذج ثم خرجوا من عنده.
وكان المكان الذي عينه له الملك المنصور لاجين قلعة صرخد ولم يعين المكان المذكور في اليمين.
ثم ولى الملك المنصور نيابة الشام للأمير قبجق المنصوري وعزل أغزلو العادلي فدخل قبجق إلى دمشق في يوم السبت سادس عشر شهر ربيع الأول وتجهز الملك العادل كتبغا وخرج من قلعة دمشق بأولاده وعياله ومماليكه وتوجه إلى صرخد في ليلة الثلاثاء تاسع عشر شهر ربيع الأول المذكور وجردوا معه جماعة من الجيش نحو مائتي فارس إلى أن أوصلوه إلى صرخد.
فكانت مدة سلطنة الملك العادل كتبغا هذا على مصر سنتين وثمانية وعشرين يومًا وقيل سبعة عشر يومًا وتسلطن من بعده الملك المنصور حسام الدين لاجين حسب ما تقدم ذكره.
السنة الأولى من سلطنة الملك العادل كتبغا المنصوري على مصر وهي سنة أربع وتسعين وستمائة.
كان فيها الغلاء العظيم بسائر البلاد ولا سيما مصر والشام وكان بمصر مع الغلاء وباء عظيم أيضًا وقاسى الناس شدائد في هذه السنة واستسقى الناس بمصر من عظم الغلاء والفناء.
وفيها أسلم ملك التتار غازان وأسلم غالب جنده وعساكره على ما حكى الشيخ علم الدين البرزالي.
وفيها توفي السلطان الملك المظفر شمس الدين أبو المحاسن يوسف ابن السلطان الملك المنصور نور الدين عمر بن علي بن رسول التركماني الأصل الغساني صاحب بلاد اليمن مات في شهر رجب بقلعة تعز من بلاد اليمن وقيل: اسم رسول محمد بن هارون بن أبي الفتح بن يوحي بن رستم من ذرية جبلة بن الأيهم قيل: إن رسولًا جد هؤلاء ملوك اليمن كان انضم لبعض الخلفاء العباسية فاختصه بالرسالة إلى الشام وغيرها فعرف برسول وغلب عليه ذلك ثم انتقل من العراق إلى الشام ثم إلى مصر وخدم هو وأولاده بعض بني أيوب وهو مع ذلك له حاشية وخدم ولما أرسل السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب أخاه الملك المعظم توران شاه إلى اليمن أرسل الملك المنصور عمر والد صاحب الترجمة معه كالوزير له واستحلفه على المناصحة فسار معه إلى اليمن.
فلما ملك الملك المسعود أقسيس ابن الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب اليمن بعد توران شاه قرب عمر المذكور وزاد في تعظيمه وولاه الحصون ثم ولاه مكة المشرفة ورتب معه ثلاثمائة فارس وحصل بينه وبين صاحب مكة حسن بن قتادة وقعة انكسر فيها حسن ودخل المنصور مكة واستولى عليها وعمر بها المسجد الذي اعتمرت منه عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها في سنة تسع عشرة وستمائة ثم عمر في ولايته لمكة أيضًا دار أبي بكر الصديق رضي الله عنه في زقاق الحجر في سنة ثلاث وعشرين وستمائة ثم استنابه الملك المسعود على اليمن لما توجه إلى الديار المصرية واستناب على صنعاء أخاه بدر الدين حسن بن علي بن رسول.
ولما عاد الملك المسعود إلى اليمن قبض على نور الدين هذا وعلى أخيه بدر الدين حسن المذكور وعلى أخيه فخر الدين وعلى شرف الدين موسى تخوفًا منهم لما ظهر من نجابتهم في غيبته وأرسلهم إلى الديار المصرية محتفظًا بهم خلا نور الدين عمر أعني الملك المنصور فإنه أطلقه من يومه لأنه كان يأنس إليه ثم استحلفه وجعله أتابك عسكره ثم استنابه الملك المسعود ثانيًا لما توجه إلى مصر وقال له: إن مت فأنت أولى بالملك من إخوتي لخدمتك لي وإن عشت فأنت على حالك وإياك أن تترك أحدًا من أهلي يدخل اليمن ولوجاءك الملك الكامل.
ثم سار الملك المسعود إلىمكة فمات بها فلما بلغ الملك المنصور ذلك استولى على ممالك اليمن بعد أمور وخطوب واستوسق له الأمر فكانت مدة مملكته باليمن نيفًا على عشرين سنة.
ومات بها في ليلة السبت تاسع ذي القعدة سنة سبع وأربعين وستمائة وملك بعده ابنه الملك المظفر يوسف هذا وهو ثاني سلطان من بني رسول باليمن وأقام الملك المظفر هذا في الملك نحوا من ست وأربعين سنة وكان ملكًا عادلًا عفيفًا عن أموال الرعية حسن السيرة كثير العدل وملك بعده ولده الأكبر الملك الأشرف ممهد الدين عمر فلم يمكث الأشرف بعد أبيه إلا سنة ومات وملك أخوه الملك المؤيد هزبر الدين داود.
ومات الملك المظفر هذا مسمومًا: سمته بعض جواريه ومات وقد جاوز الثمانين وخلف من الأولاد: الملك الأشرف الذي ولي بعده والمؤيد داود والواثق إبراهيم والمسعود أحسن والمنصور أيوب انتهى.
أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم ذراع وأصابع. مبلغ الزيادة ست عشرة ذراعًا وسبع عشرة إصبعًا. وكان الوفاء في سادس أيام النسيء.
السنة الثانية من سلطنة الملك العادل كتبغا وهي سنة خمس وتسعين وستمائة.
فيها كان الغلاء العظيم بسائر البلاد ولا سيما مصر والشام وكان بمصر مع الغلاء وباء عظيم أيضًا وقاسى الناس شدائد في هذه السنة والماضية.
وفيها ولي قضاء الديار المصرية الشيخ تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب بن دقيق العيد بعد وفاة قاضي القضاة تقي الدين عبد الرحمن ابن بنت الأعز.
وفيها توفي الأمير عز الدين أيبك بن عبد الله الأفرم الكبير أمير جاندار الملك الظاهر والملك السعيد والملك المنصور قلاوون.
فلما تسلطن الملك الأشرف خليل ابن قلاوون حبسه وبعد قتل الأشرف خليل أخرجه أخوه الملك الناصر محمد بن قلاوون وأعاده إلى مكانته ثم استقر في أيام الملك العادل كتبغا على حاله إلى أن مات بالقاهرة في يوم السبت سابع شهر ربيع الأول.
قال القطب اليونيني: حكى لي الأمير سيف الدين بن المحفدار قال: أوصى الأفرم عند موته أنه إذا توفي يأخذون خيله يلبسونها أفخر ما لها من العدة وكذلك جميع مماليكه وغلمانه يلبسونهم عدة الحرب وأن تضرب نوبة الطبلخاناه خلف جنازته كما كان يطلع إلى الغزاة وألا يقلب له سنجق ولا يكسر له رمح ففعلوا أولاده ما أمر به ما خلا الطبلخاناه فإن نائب السلطنة حسام الدين لاجين منعهم من ذلك وكانت جنازته حفلة حضرها السلطان ومن دونه.
أمر النيل في هذه السنة: الماء القديم خمس أذرع وأربع أصابع. مبلغ الزيادة ثماني عشرة ذراعًا وإصبع. وكان الوفاء في رابع عشرين توت.
************************************
المغول الأبراتية فى مصــــر
قال المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار - الجزء الثالث ( 100 من 167 ) : " قدوم الأويراتية وكان من خبر هذه الطائفة: أنّ بيدو بن طرغاي بن هولاكو لما قتل في ذي الحجة سنة أربع وتسعين وسبعمائة وقام في الملك من بعده على المغل الملك غازان محمود بن خر بنده بن إيغاني تخوّف منه عدة من المغل يعرفون بالأويرتية وفرّوا عن بلاده إلى نواحي بغداد فنزلوا هناك مع كبيرهم طرغاي وجرت لهم خطوب آلت بهم إلى الحاق بالفرات فقاموا بها هنالك وبعثوا إلى نائب حلب يستأذنوه في قطع الفرات ليعبروا لى ممالك الشام فأذن لهم وعدّوا الفرات إلى مدينة بهنسا فأكرمهم نائبها وقام لم بما ينبغي من العلوفات والضيافات وطولع الملك العادل زين الدين كتيفا وهو يومئذ سلطان مصر والشام بأمرهم فاستشار الأمراء فيما يعلم بهم فاتفق الرأي على استدعاء أكابرهم إلى الديار المصرية وتفريق باقيهم في البلاد الساحلية وغيرها من بلاد الشام وخرج إليهم الأمير علم الدين سنجر الدواداري والأمير شمس الدين سنقر الأعسر إلى دمشق فجهزا أكابر الأويراتية نحو الثلثمائة للقدوم على السلطان وفرّقا من بقي منهم بالبقاع العزيزة وبلاد الساحل ولما قرب الجماعة من القاهرة وخرج الأمراء بالعسكر إلى لقائهم واجتمع الناس من كل مكان حتى امتلأ الفضاء للنظر إليهم فكان لدخولهم يوم عظيم وصاروا إلى قلعة الجبل فأنعم السلطان على طرغاي مقدّمهم بأمرة طبلخانة وعلى اللصوص بأمرة عشرة وأعطى البقية تقادمًا في الحلقة واقطاعات وأجرى عليهم الرواتب وأُنزلوا بالحسينية وكانوا على غير الملة الإسلامية فشق ذلك على الناس وبلوامع ذلك منهم بأنواع من البلاء لسوء أخلاقهم ونفرة نفوسهم وشدّة جبروتهم وكان إذا ذاك بالقاهرة ومصر غلاء كبير وفناء عظيم فتضاعفت المضرّة واشتدّ الأمر على الناس وقال في ذلك الأديب شمس الدين محمد بن دينار: ربنا اكشف عنا العذاب فإنّا قد تلفنا في الدولة المغلية جاءنا المغل والغلا فانصلقنا وانطبخنا في الدولة المغلية.
ولما دخل شهر رمضن من سنة خمس وتسعين وستمائة لم يصم أحد من الأويراتية وقيل للسلطان ذلك فأبى أن يُكرههم على الإسلام ومنع من معارضتهم ونهى أن يشوّش عليهم أحد وأظهر العناية بهم وكان مراده أن يجلهم عونًا له يتقوّى بهم فبالغ في إكرامهم حتى أثر في قلوب إمراء الدولى منه أحنا وخشوا إيقاعه بهم فإن الأويراتية كانوا أهل جنس كتيفا وكانوا مع ذلك صورًا جميلة فافتتن بهم الأمراء وتنافسوا في أولادهم من الذكور والإناث واتخذوا منهم عدّة صيروهم من جملة جندهم وتعشَّقوهم فكان بعضهم يستنشد من صاحبه من اختص ب وجعله محل شهوته ثم ما قنع الأمراء ما كان منهم بمصر حتى أرسلوا إلى البلاد الشامية واستدعوا منهم طائفة كبيرى فتكاثر نسلهم في القاهرة واشتدّت الرغبة من الكافة في أولادهم على اختلاف الآراء في الإناث والذكور فوقع التحاسد والتشاجر بين أهل الدولة إلى أن آل الأمر بسببهم وباسباب أُخَر إلى خلع السلطان الملك العادل كتيفًا من الملك في صفر سنة ست وتسعين وستمائة.
فلما قام في السلطنة من بعده الملك المنصور حاسم الدين لاجين قبض على طرغاي مقدّم الأويراتية وعلى جماعة من أكابرهم وبعث بهم إلى الإسكندري فسجنهم بها وقتلهم وفرّق جميع الأويراتية على الأمراء فاستخدموهم وجعلوهم من جندهم فصار أهل الحسينية لذلك يوصفون بالحسن والجمال البارع وأدركنا من ذلك طرفًا جيدًا وكان للناس في نكاح نسائهم رغبة ولأخرين شغف بأولادهم ولله در الشيخ تقيّ الدين السروجيّ إذ يقول من أبيات: يا ساعيّ الشوقِ مذ جرى جرت دموعي فهي أعوانهُ خذ لي جوابًا عن كتابي الذي إلى الحسينية عنوانَهُ فهي كما قد قيل وادي الحمى وأهلها في الحسن غزلانَهُ أمشي قليلًا وانعطف يسرة يلقاك درب طال بنيانَهُ سلم وقل يخشى مسنٌ أيُ مُسنٍ اشت حديثًا طال كتمانَهُ وسل لي الوصل فإن قال بق فقل أوت قد طال هجرانَهُ وما برحوا يوصفون بالزعارة والشجاعة وكان يُقال لهم البدورة فيقال البدر فلان والبدر فلان ويعانون لباس الفتوّة وحمل السلاح ويؤثر منهم حكايات كثيرة وأخبار جمة وكانت الحسينية قد أربت في عمارتها على سائر اخطاط مصر والقاهرة حتى لقد قال لي ثقة ممن أدركت من الشيخة: أنّه يعرف الحسينية عامرة بالأسواق والدور وسائر شوارعها كافة بازدحم الناس ومن الباعة والمارة وأرباب المعايش وأصحاب اللهو والملعوب فيما بين الريدانية محطة المحمل يوم خروج الحاج من القاهرة ولى باب الفتوح لا يستطيع الإنسان أن يمرّ في هذا الشارع الطويل العريض طول هذه المسافة الكبيرة إلا بمشقة من الزحام كما كنا نعرف شاعر بين القصرين فيما أدركنا.
ومازال أمر الحسينية متماسكًا إلى أن كانت الحوادث والمحن منذ سنة ستة وثمانمائة وما بعدها فخربت حاراتها ونقضت مبنيها وبيع ما فيها من الأخشاب وغيرها وباد أهلها ثم حدث بها بعد سنة عشرين وثمانمائة آية من آيات الله تعالى وذلك أنَّ في أعوام بضع وستين وسبعمائة بدا بناحية برج الزيات فيما بين المطرية وسر ياقوس فساد الأرضة التي من شأنها العبث في الكتب والثياب فأكلت لشخص نحو ألف وخمسمائة قتة دريس فكنّا لا نزال نتعجب من ذلك ثم فشت هناك وشنع عبثها في سقوف الدور وسرت حتى عاثت في أخشاب سقوف الحسينية وغلات أهلها وسائر أمتعتهم حتى أتلفت شيئًا كثيرًا وقويت حتى صارت تأكل الجدران فبادر أهل تلك الجهة إلى هدم ما قد بقي من الدور خوفًا عليها من الأرضة شيئًا بعد شيء حتى قاربوا باب الفتوح وباب النصر وقد بقي منها اليوم قليل من كثير يخاف إن استمرّت أحوال الأقليم على ما هي عليه من الفساد أن تُدثر وتمحى آثارها كما دثر سواها ولله در القائل: والله إن لم يُدركها وقد رحلتْ بلمحةٍ أو بلطفٍ من لديه خفي ولم يجدْ بتلافيها على عجلٍ ما أمرها صائرٌ إلاّ إلى تلفِ حارة حلب هذه الحالة خارج باب زويلة تعرف اليوم بزقاق حلب وكانت قديمًا من جملة مساكن الأجناد.
******************************************************************************
قال المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثالث ( 931 من 761) : " السلطان الملك العادل زين الدين كتبغا المنصوريّ: أحد مماليك الملك المنصور قلاون وجلس على التخت بقلعة الجبل في يوم الأربعاء حادي عشر المحرّم سنة أربع وتسعين وتلقب بالملك العادل فكانت أيامه شرّ أيام لما فيها من قصور مدّ النيل وغلاء الأسعار وكثرة الوباء في الناس وقدوم الأويراتية.
فقام عليه نائبه الأمير حسام الدين لاجين وهو عائد من دمشق بمنزلة العرجاء في يوم الاثنين ثامن عشري المحرم سنة ست وتسعين ففرّ إلى دمشق واستولى لاجين على الأمراء فكانت مدّته سنتين وسبعة عشر يومًا وقد لاجين بالعسكر إلى مصر وقام في السلطنة
========================================================================