Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

مجمع أنطاكية الثانى

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
مجمع صــور
تدشين كنيسة القبر المقدس
مجمع أورشليم وقبول آريوس
المصريون يثورون ضد آريوس
مجمع القسطنطينية وموت آريوس
موت الإمبراطور وعودة أثناسيوس
يوسابيوس ينشر الأريوسية
الإسكندرية تستقبل أثناسيوس
القديس أنطونيوس ينزل من الجبل
الموافقة على مجمع أنطاكية
تعين أساقفة نفى أثناسيوس الثانى
الإضطهاد الأريوسى لأقباط مصر
إعتكاف أثناسيوس وخطابه
البابا أثناسيوس فى روما
الخطابات الفصحية
أنطونيوس وباخوميوس والأريوسيين
مجمع روما
مجمع أنطاكية/ التدشين
مجمع أنطاكية الثانى
مجمع سرديكا
الأريوسيين وإساءة سمعة أسقفين
حرومات سرديكا وآثاره
قرارات مجمع أنطاكية الرابع
خطابات الأمبراطور لأثناسيوس
وداع الأصدقاء وخطاب يوليوس
البابا أثناسيوس يقابل الأمبراطور
عودة البابا أثناسيوس للأسكندرية
الفترة الذهبية والمرحلة الأولى
الفترة الذهبية والمرحلة الثانية
مجمع آرل وآخر فى ميلان
إرسال بعثة تهنئة
بعثة قسطنطيوس الخبيثة
قسطنطيوس والإضطرابات الخارجية والداخلية
الإضطهاد والنفى الثالث
مؤلفات البابا أثناسيوس
المجامع الأريوسية
موت الأمبراطور قسطنطيوس
مجمع الإسكندرية
المنفى الرابع والخامس
روحانية‏ ‏القديس‏ ‏أثناسيوس
موت اريوس
هرطقة مارسيللوس اسقف انقيرا
Untitled 7985

الجزء التالى من كتاب التاريخ الكنسى لسوزمينوس  THE ECCLESIASTICAL HISTORY - OF Sozomen .. ترجمه من اليونانية : Chester d. Hartranft .. ونقله الى العربية : الدكتور/ بولا سـاويرس نقلا عن : NPNF, II, 1890 A.D.
**********************************************************************************************
الكتاب الرابع: الفصل الثانى عشر
(اتيوس السورى، واودكسيوس خليفة ليونتيوس فى انطاكية. مصطلح "مساوى فى الجوهر" ( Consubstantial

(4/12/1) وفى حوالى هذا الوقت نشر اتيوس آراءه الخاصة بشأن الألوهية. وكان آنذاك شماسا بكنيسة انطاكية وقد سيم بيد ليونتيوس. وقد زعم مثل اريوس أن الابن كائن مخلوق، وأنه خُلِق من لا شىء وأنه ليس مثل الآب. ولما كان ميالا بشدة إلى النزاع وجسورا جدا فى المسائل اللاهوتية، ويميل إلى اللجوء لنمط الجدل العقيم جدا فقد حُسِب هرطوقيا حتى من قِبل مَن لهم نفس التصُورات مثله. وعندما حُرِم لنفس السبب من الهراطقة، تظاهر برفض الاشتراك معهم فى التناول لأنهم قبلوا بغير عدل اريوس فى الاشتراك معهم فى التناول بعدما أقسم يمينا كاذبا بتصريحه أمام الإمبراطور قنسطنطين أن يحافظ على عقائد مجمع نيقية. هذه هى الرواية المذكورة عن اتيوس.
(4/12/2) وبينما كان الإمبراطور فى الغرب وصلت أخبار وفاة ليونتيوس اسقف انطاكية، فإلتمس اودكسيوس([335]) من الإمبراطور تصريحا بالعودة إلى سوريا للإشراف على شؤون الكنيسة.
(4/12/3) وإذ منحه التصريح، توجه بأقصى سرعة إلى أنطاكية وهناك نصَّب نفسه اسقفا على المدينة بدون تصديق جورج اسقف لاودكية، ومرقس اسقف أرثوسا، والاساقفة السوريين الآخرين، أو أىٍ من الاساقفة الآخرين المحفوظ لهم حق السيامة.
(4/12/4) وقد سُجِّل أنه تصرف هكذا بالاتفاق مع الإمبراطور والخصيان المنتمين للقصر الذين شايعوا، مثل اودكسيوس مفاهيم اتيوس، واعتقدوا أن الابن غير مماثل للآب.
(4/12/5) وعندما وجد اودكسيوس نفسه يستولى على كنيسة انطاكية تجرأ على نشر هذه الهرطقة جهارا. وجمع فى انطاكية كل أولئك الذين لهم نفس الآراء مثله ومن بينهم، آكاكيوس اسقف صُور، ورفض مصطلحات "مثله فى الجوهر" و"مساوى فى الجوهر"، بزعم أن الاساقفة الغربيين قد رفضوها. لأن هوسيوس مع بعض الكهنة لكى يُنهِى الجدل الذى أثاره فالنس واورساكيوس وجرمانوس بالضغط عليهم فى سيرميم، قد سُجِّل عنهم أنهم قد احجموا عن استعمال هذه المصطلحات لأنها لم ترِد فى الأسفار المقدسة وتفوق فهم البشر. وأرسلوا رسائل إلى الاساقفة كما لو كانت كتابات هوسيوس فى هذه النقطة تدعمها، وعبَّروا عن شكرهم لفالنس واورساكيوس وجرمانيوس لأنهم عبَّروا عن وجهة النظر السليمة للاساقفة الغربيين.

الكتاب الرابع: الفصل الثالث عشر
(ابتداعات اودكسيوس محل الانتقاد، فى رسالة كتبها جورج اسقف لاودكية. وفد مجمع انقيرا إلى قنستانتيوس)

(4/13/1) وبعد أن أدخل اودكسيوس هذه التعاليم الجديدة، حرَم كثيرين من أعضاء كنيسة انطاكية الذين كانوا يعارضونها. فأعطاهم جورج اسقف لاودكية خطابا ليسلِّموه للأساقفة الذين دُعِيوا من المدن المجاورة لأنقيرا بغلاطية، بواسطة باسيليوس بغرض تكريس الكنيسة التى شيدها, هذا الخطاب كما يلى:
"من جورج إلى أسياده المُكرَّمين جدا: مقدونيوس وباسيليوس، وسيكوربيوس، ويوجينيوس. التحيات فى الرب. إن كل المدينة تقريبا قد تألمت لغرق مركب اتيوس. إن تلاميذ ذلك الرجل الشرير الذين أدانتموهم، كان اودكسيوس يشجعهم ويحثهم بتعينات اكليريكية، بل أن اتيوس نفسه كان قد رُقِّى إلى منصب أعلى.
"اذهبوا إذن لمساعدة تلك المدينة لئلا بغرقها يغرق العالم كله. فلتجتمعوا معا، ولتلتمسوا توقيع الاساقفة الآخرين لكى ما يُطرَد اتيوس من كنيسة انطاكية، ويُقطَع تلاميذه الذين سبق وأحصاهم اودكسيوس ضمن قائمة الاكليروس. واذا أصرَّ اودكسيوس على التحالف مع اتيوس على أن الإبن ليس مثل الآب، وعلى تفضيله لأولئك الذين يؤيدون هذا المعتقد عن أولئك الذين يرفضونه، فإنكم ستفقدون مدينة انطاكية."
(4/13/2) هكذا كان مجرى خطاب جورج. وعندما ادرك بوضوح الاساقفة المجتمعون فى انقيرا، من الشرائع التى سنها اودكسيوس فى انطاكية أنه يُدخِل ابتداعات فى العقيدة، أطلَعوا الإمبراطور على هذا الأمر، وإلتمسوا منه ترسيخ العقيدة المقررة فى مجمع سارديكا، وسيرميوم، والمجامع الأخرى، وخاصة التأكيد على أن عقيدة أن الإبن هو من جوهر الآب. ولكى ما يعرضوا هذا المطلب على الإمبراطور، ارسلوا وفدا مكونا من الاساقفة التاليِين: باسيليوس اسقف انقيرا، ويوستاثيوس اسقف سيباستا، وايلوسيوس اسقف اتشيزيكوس، وليونتيوس كاهن مخدع الإمبراطور.
(4/13/3) وعند وصولهم إلى القصر، وجدوا اسفاليوس الكاهن الأنطاكى والغيور لهرطقة اتيوس على وشك المغادرة بعد أن أنهى مهمته التى سافر من أجلها، وحصل على خطاب من الإمبراطور.
(4/13/4) ومع ذلك عندما تلقى الإمبراطور من الوفد القادم من انقيرا، المفهوم الخاص بالهرطقة، أدان قنستانتيوس اودكسيوس وأتباعه وسحب الخطاب الذى أعطاه لاسفاليوس وكتب ما يلى:

الكتاب الرابع: الفصل الرابع عشر
(خطاب قنستانتيوس الإمبراطور ضد اودكسيوس وأنصاره)

" من قنستانتيوس الظافر إلى الكنيسة المقدسة فى انطاكية. لقد أتى اودكسيوس بدون سلطتنا. ولا يظن أحدٌ ذلك، لأننا بعيدين تماما عن إعتبار اشخاص مثل هؤلاء إذا ما لجأوا إلى خداع الآخرين بمعاملات كهذه، لأنهم يُثبِتون أنهم سيحيدون عن الحق فى الأمور الأسمى. لأنهم من هذه الرغبة عن أى شىء سيمتنعون طواعية إذا كانوا، من أجل السلطة، يطوفون المدن ويقفزون من مكان إلى آخر كنوع ما من الطوافين، متفرسين فى كل ركن، منقادين بالرغبة فى المزيد؟. لقد نُشِر أن هناك دجالون وسفاسطة بين هؤلاء الرجال الذين اسماءهم يمكن بالكاد الصبر عليها، وأعمالهم شريرة وكافرة. وأنتم تعلمون عمَن أُلمِّح، لأنكم مُلمّون جيدا بتعاليم اتيوس والهرطقة التى بذرها. لقد كرَّس هو وأتباعه أنفسهم بصفة أساسية لإفساد الناس. وهؤلاء الناس الماهرون تجاسروا على نشر أننا قد وافقنا على سيامتهم. مثل هذا الخبر الذى تداولوه على غرار الثرثاريين هو بعيد تماما عن الحقيقة، بل فى الحقيقة أبعد ما يكون عن الحقيقة. تذكروا الكلام الذى قلناه عندما أعلنا أولا ايماننا، فلقد اعترفنا أن مُخلصنا هو ابن الله، وأنه مثل الآب فى الجوهر substance. ولكن هؤلاء الناس الذين يتجاسرون ويذيعون أى شىء يرد على مخيلتهم بشأن الألوهية ليسوا بعيدين عن الإلحاد، وهم يجاهدون بالأكثر لنشر آرائهم بين الآخرين. ونحن مقتنعون تماما أن عواقب آثامهم ستُرَّد على رؤوسهم. وفى نفس الوقت، إنه يكفى طردهم من المجامع ومن المؤتمرات المعتادة، لأننى لن أشير الآن إلى العقوبات التى لابد وأن تحل عليهم فيما بعد ما لم يتخلوا عن جنونهم. فما أعظم هذا الشر الذى يقترفونه عندما يجتمعون مع الأشرار كما لو كان بمرسوم، ويختارون قادة الهرطقة للكهنوت ويُحطون بذلك من الرتبة المُكرَّمة كما لو كان مسموحا لهم أن يفعلوا ما يسرهم. من ذا الذى يتساهل مع مَن يملأون المدن بالكفر، الذين دنسهم الخفى فى الأقاليم الأكثر بعدا، والذين لا يسرون بشىء إلاّ بضرر الأبرياء؟. يا لها من وحدة فى عمل الشر أن يسعوا إلى شغل المقاعد المقدسة. والآن، إنه الوقت لأولئك الذين تشربوا الحق لأن يأتوا إلى النور؛ وكل من أحجم سابقا بسبب الخوف ويهرب الآن من الاجتماعات، فليأتِ إلى الوسط لأن حيّل هؤلاء الأشرار قد فُنِّدَت بعمق. ولن يكون لأى نوع من الابتداع أن يمنعهم من السلوك بتقوى. إن واجب الصالحين هو الحفاظ على إيمان الآباء، ويمكن القول وزيادته دون الانشغال بأمور أخرى. إننى أحض بشدة أولئك الذين هربوا ولو حديثا من تعاليم هذه الهرطقة أن يُصدِّقوا على المراسيم التى اصدرها بصواب للأفضل، الأساقفة الحكماء فى التعليم الإلهى".
وهكذا نحن نرى أن الهرطقة التى ظهرت عادة انومية([336]) ما لبثت أن سادت فى هذه الفترة.

الكتاب الرابع: الفصل الخامس عشر
(الإمبراطور قنستانتيوس يتوجه إلى سيرميوم ويستدعى ليبريوس، ويعيده إلى كنيسة روما، ويأمر فيلكس بمساعدة ليبريوس فى الخدمة الكهنوتية)

(4/15/1) وبعد هذه الأحداث ليس بوقت طويل، توجه الإمبراطور إلى سيرميوم. وعند استقباله لوفد من الاساقفة الغربين استدعى ليبريوس من بيرية، وحثه فى حضور مندوبى الاساقفة الشرقيين والكهنة الآخرين الذين كانوا فى المعسكر، على الاعتراف بأن الإبن ليس مساويا للآب فى الجوهر([337]). وقد حرضه على ذلك باسيليوس([338]) ويوستاثيوس، ويوسيبيوس الذى كان له تأثير قوى عليه.
(4/15/2) ووضعوا توليفة فى مستند واحد من مراسيم ضد بولس الساموسطى، وفوتينوس اسقف سيرميوم، وألحقوا بها صيغة ايمان دُوِّنت فى انطاكية عند تكريس الكنيسة، كما لو كان بعض الأشخاص تحت زعم مصطلح "مساوى فى الجوهر"consubstantial قد حاولوا وضع هرطقتهم. وتم حث ليبريوس Liberiusواثناسيوس والكسندروس وسفريانوس Severianus، وكرسنس Crescens كاهن من افريقيا، على الموافقة على هذا المستند. وبالمثل اورساكيوس Ursacius، وجرمانيوس اسقف سيرميوم Sirmium، وفالنس Valensاسقف مورسا Mursa، وكثيرين بالمثل من اساقفة الشرق الذين كانوا حاضرين.
(4/15/3) ولكنهم صدَّقوا جزئيا على اعتراف الإيمان الذى دونه ليبريوس والذى يُعلِن فيه أن أولئك الذين يؤكدون على أن الإبن ليس مثل الآب فى الجوهر substance وفى كل النواحى الأخرى، هم محرومون. لأنه عندما تلقى اودكسيوس Eudoxius وانصاره فى انطاكية المشايعين لهرطقة اتيوس، خطاب هوسيوس، قد اشاعوا أن ليبريوس قد جحد مصطلح "مساوى فى الجوهر"، وسلَّم بأن الإبن ليس مثل الآب.
(4/15/4) وبعد هذه الفروض التى وضعها الاساقفة الغربيون سمح الامبراطور بعودة ليبريوس إلى روما. وكتب الاساقفة المجتمعون آنذاك فى سيرميوم إلى فيلكس الذى ترأس كنيسة روما وإلى الأساقفة الآخرين يُرغِّبونه فى قبول ليبريوس. وأمروا أن يُشارك كلاهما فى الكرسى وفى ممارسة المهام الكهنوتية على وجه العموم بإتفاق ذهن، وأنه يجب دفن أى أمر غير شرعى قد حدث فى سيامة فيلكس أو بالنسبة لنفى ليبريوس.
(4/15/5) ولقد اعتبر شعب روما ليبريوس رجلا ممتازا جدا ويستحق أقصى تكريم لشجاعته فى معارضة الامبراطور إلى حد أنهم أثاروا شغبا بسببه لدرجة سفك الدماء. وعاش فيلكس لمدة قصيرة، ووجد ليبريوس نفسه المسؤول الأوحد عن الكنيسة. وكانت هذه الحادثة بلا شك من الله حتى لا ينحط كرسى بطرس([339]) بإعتلاء اسقفين له، لأن مثل هذا الاجراء علامة على عدم الاتفاق وغريب على القانون الكنسى

 وبعد شهور قليلة من إنعقاد مجمع أنطاكية الأول الذى اطلق عليه المؤرخين ( مجمع أنطاكية التدشينى ) وإنتهائه  أنعقد المجمع لثانى مرة وأطلق عليه المؤرخون ( مجمع أنطاكية الثانى ) وانعقد فى خريف سنة 341 م وقال البابا أثناسيوس عن هذا المجمع أنه كان هدفه إرسال بعثة وشاية لقسطانس إمبراطور الغرب : [  إجتمع 90 أسقفاً تحت رعاية القنصلين مارسيللينوس وبروبينوس فى سنة 341 م(3) وكان قسطنطيوس اللادينى حاضراً فى هذا المجمع ، كما دبروا ألمور هكذا فى انطاكية وقت التدشين ( المجمع الأول) رأوا ايضاً ( فى هذا المجمع) أن تركيباتهم لصيغ الإيمان لا تزال ناقصة فبدأوا مرة اخرى يصيغون منطوقاً آخر للأيمان ، وهكذا لم يكفوا عن تقلبهم ، وارسلوا بعثة من الأساقفة نارسيسوس ومارس وثيؤذوروس وماركوس إلى بلاد الغال(ترييف) مرسلين من قبل المجمع ليقدموا هذه الصيغة إلى صسطانس أغسطس المطوب الذكر ] (4)

الأريوسيين يرسلون بعثة للأمبراطور قسطانس أمبراطور الغرب

ويبدو أن الأمبراطور قسطتنس نفسه هو الذى طلب هذه البعثة ( بناء على توصية يوليوس أسقف روما ) وهذا ما ذكره المؤرخ سوزوم : [ ولما ادرم يوليوس أسق روما ، ان ما كتبه لذوى الكرامة الكهنوتية فى الشرق أصبح بلا فائدة ، اطلع الإمبراطور قسطانس على الأمر ( قسطانس إمبراطور على كل الغرب بعد موت أخيه قسطنطين الثانى ) وبناء على ذلك كتب قسطانس لأخية قسطنطيوس ( إمبراطور الشرق " الإمبراطورية البيزنطية " ) يرجوه إرسال بعض أساقفة من الشرق ليقدموا الأسباب التى من أجلها أصدروا قانون عزل الأساقفة ، وهؤلاء إختاروا ثلاثة اساقفة لهذا الغرض .. وبالأسم نارسيسوس أسقف ايرينوبوليس فى كيليكيا ، وثيئوذور أسقف هيراكليا فى تراس ، ومارك اسقف أريثوسا بسوريا ، وبوصولهم إلى إيطاليا ( ومنها إلى تريف) جاهدوا ليبرروا اعمالهم، ويقنعوا الإمبراطور أن الحكم الذى صدر من مجمع الشرق كان عادلاً ، ولما طلب منهم أن يقدموا منطوقاً مكتوباً لإيمانهم أخفوا الصيغة التى وضعوها فى أنطاكية وقدموا أعترافاً آخر مكتوباً ( وهذا ما قرره اثناسيوس أيضاً ) (5) وكان هذا مخالفاً أيضاً لأعتراف نيقية ، وأدرك قسطانس أنهم بغير حق تصيدوا بول ( بولس أسقف القسطنطينية ) واثناسيوس ( اسقف الإسكندرية ) وأنهم عزلوهما من الشركة ، ولا بسبب إتهامات تخص بالسلوك كما هو ثابت فى قرار العزل ، وإنما بسبب إختلاف العقيدة ، وبذلك طردهم دزن أن يعطيهم تصديق على صور افيمان ( التى أحضروها وحضروا من اجلها ] (6)

وذكر المؤرخ هيلارى اسقف بواتية أن الذى نبه الأمبراطور قسطانس لخداع هذه البعثة هو مكسيمنيوس أسقف تريف الرجل الصالح صديق اثناسيوس الذى كان حاضراً .. وهو الذى نبه الإمبراطور إلى خطورة هذه البعثة (7)

وذكر أيضاً المؤرخ سوزومين أن مكسيمنيوس أسقف تريف (*) رفض السماح لأعضاء هذه البعثة فى الإشتراك معه فى الصلاة معتبراً إياهم مقطوعين من الشركة لأنهم أريوسيين ، الأمر الذى أنتقم له اساقفة الغرب بعد ذلك وحكموا على مكسيمينوس وقطعة من الشركة ] (8)

ويقول البابا أثناسيوس للأمبراطور قسطنطيوس بعد أن أستدعى لمقابله الإمبراطور أخيه قسطتنس فى ميلان عاصمة شمال إيطاليا : [ وانا لم اكتب إلى أخيك ( الإمبراطور قسطانس) إلا عندما كتب إليه يوسابيوس ، واتباعه سبقوا وكتبوا إليه يتهموننى ، فكنت مضطراً وأنا مقيم فى ألسكندرية آنئذ أن أدافع عن نفسى ، ثم كتبت إليه مرة أخرى عندما أرسلت إليه المجلدات ( طرد من الكتب ) التى تحوى الأسفار المقدسة ( كان مركز البهنسا مركز توزيع عالمى لهذه الأسفار ) التى كان قد سبق وطلب منى أن أعدها له ، وأنه يليق بى وأنا بصدد الدفاع عن نفسى أن أقول الحق " لتقواكم " أنه بعد مضى ثلاث سنوات منذ اقامته فى روما كتب إلى فى السنة الرابعة ( صيف سنة 342م) يأمرنى بالمثول أمامه .. وقد كان وقتها فى ميلان ، وأنا عندما أستفسرت عن السبب لأنى كنت أجهل ذلك والرب شاهد لى ، علمت أن بعض الساقفة ذهبوا غليه يترجونه فى الكتابة لكم راغبين أن يعقد مجمع ، وصدقنى يا سيدى أن هذا هو حقيقة الأمر ، وأنا لا أكذب ، وبناء لما تقدم ذهبت إلى ميلان وأستقبلت منه بلطف كثير لأنه تنازل لرؤيتى ، وأخبرونى أنه ارسل خطابات إليك يرجو فيها أن يدعوا إلى مجمع ، ولما كنت فى المدينة (ميلان) (#) أرسل إلى لأذهب إلى الغال ، لأن الأب عوسيوس كان سيذهب إلى هناك ، وحتى نرحل من هناك إلى سرديكا ( صوفيا عاصمة بلغارياا الآن على نهر الدانوب ] (9) وطبقاً لقول أثناسيوس السابق يكون قول بعض المؤرخين ومن ضمنهم المؤرخ ثيئوذوريت : أن أثناسيوس قد ترجى ألمبراكور قسطانس أن يدعوا لمجمع عام يضم اساقفة الشرق والغرب قولاً غير صحيحاً .

أما المؤرخ جواتكن أن مقابلة أثناسيوس للأمبراطور قسطانس فى ميلان قد تمت فى مايو سنة 342م بحضور بروتاسيوس أسقف ميلان (10) ورحلة البابا اثناسيوس من ميلان إلى تريف بفرنسا فكانت فى خريف عام 342م ، وإنتقال قسطانس السريع من ميلان عاصمة شمال إيطاليا إلى تريف عاصمة فرنسا , فقد كانت بسبب ثورة الفرنسيين ( الفرنك) التى أراد أن يخمدها بنفسه ، وبعدها رحل إلى بريطانيا ولم يعد من هناك إلا قبل إنعقاد مجمع سرديكا ز 

   *******************************

المــــــــــــــــراجع

(1) كتاب حقبة مضيئة فى تاريخ مصــر - بمناسبة مرور 16 قرناً على نياحته - القديس أثناسيوس الرسولى البابا العشرون 296 - 273 م سيرته , دفاعه عن الإيمان عند الأريوسيين , لاهوته - العلامة الروحانى الأب متى المسكين - عدد صفحاته 824 صفحة- الطبعة الثانية 2002 م  ص  173 وما بعدها

(2) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - كنيسة علم ولاهوت - طبعة تحضيرية 1986 م - القمص تادرس يعقوب ملطى

(3)  ما كتبه هؤلاء المؤرخون تحقق منه ومطابق للتاريخ الرومانى القديم الذى سجله القديس أثناسيوس وبذلك يعتبر مركز تحقيق هام فى مجريات الحوادث .

(4) De Synod. 25.

(5) Ibid.

(6) Sozom., E, H.III. 10.

(7) Hil., Frag. III. 27.

(8) Sozom., E, H.III.11.

(9) Apol, ad. Coast., 14.

(10) Gwakin., op. cit., p 122.

(*) تريف مدينة فى آلمانيا إسمها الآن  Trier وقد كان كثيراً ما يتواجد فيها الأباطرة الرومان ، وكانت تعتبر عاصمة فرنسا فى ذلك الوقت .

كاتدرائية القديس بطرس بناها الأمبراطور قسطنطين Constantine , وهذه الكنيسة تعتبر أقدم كنيسة فى ألمانيا ، وما زال يقصدها الألاف من الزائرين حتى الآن , ويرجح المؤرخين ان هذه كانت من ضمن الكنائس التى صلى فيها البابا أثناسيوس الرسولى .

  It houses an array of artworks and a holy relic that still receives many pilgrims: the Holy Robe of Christ

 

(#) مدينة ميلان ----------->

 

 

 

 

 
الجزء التالى من كتاب التاريخ الكنسى لسوزمينوس  THE ECCLESIASTICAL HISTORY - OF Sozomen .. ترجمه من اليونانية : Chester d. Hartranft .. ونقله الى العربية : الدكتور/ بولا سـاويرس نقلا عن : NPNF
********************
لكتاب الثانى: الفصل الثامن عشر
(الأريوسيون والميليتيون واثناسيوس)
(2/18/1) ومع ذلك تزايدت شهرة اثناسيوس، بصفة خاصة من الاريوسيين والميليتيين، فعلى الرغم من أنهم كانوا يكيدون له إلا أنهم فشلوا فى جعله سجينا.
(2/18/2) ففى البداية كتَب له يوسيبيوس ليقبل اريوس فى شركة التناول، وهدَّد بدون كتابة أن يُسىء معاملته إذا رفض ذلك. ولكن أثناسيوس لم يستسلم لعرضه بل صرَّح بأن مَن ينصح بهرطقة فى الابتداع ضد الحق، وقد أدين من مجمع نيقية يتعين عدم قبوله فى الكنيسة.
(2/18/3) فقدَّم يوسيبيوس التماسا إلى الامبراطور ليتدخل لصالح اريوس ويوصى بعودته. وسأسجل هنا قليلا كيف حدثت كل هذه الأمور.
(2/18/4) فى ذلك الوقت كان هناك نزاع وجلبة بين الاساقفة انفسهم بشأن المعنى الدقيق لمصطلح "مساوٍى فى الجوهر". فالبعض رأى أن هذا المصطلح لا يمكن قبوله بدون تجديف لأنه يتضمن عدم وجود ابن الله، وأنه يشتمل على خطأ مونتانوس Montanus وسابليوس Sabellius. وفريق، من ناحية أخرى، يدافع عن المصطلح معتبرين مقاوميهم كيونانيين(أو وثنيين)، ويعتبرون تصُورهم يقود إلى تعدد الآلهة. وقاد هذا النزاع يوسيبيوس الملقب بامفيلوس، ويوستاثيوس Eustathius اسقف انطاكية.
(2/18/5) فلقد اعترف كلاهما بأن ابن الله موجود اقنوميا، ولكنهما اختلفا معا كما لو كان قد أساء كل منهما فهم الآخر. فقد اتهم يوستاثيوس يوسيبيوس بتحوير العقائد التى صدَّق عليها مجمع نيقية. بينما أعلن الثانى أنه يصدّق على عقائد نيقية وأنب الثانى على التصاقه ببدعة سابيليوس.

الكتاب الثانى: الفصل التاسع عشر
(مجمع انطاكية)
(2/19/1) وانعقد مجمع فى انطاكية وخلع يوستاثيوس([195]) من كنيسة هذه المدينة، ومن المعتقد على نحو عام أنه قد خٌلِع لمجرد أنه كان مشايعا لإيمان مجمع نيقية، وبسبب أنه قد أتهم يوسبيوس وبولينيس اسقف صُور وباتروفيلس اسقف اسكيثوبوليس Scythopolis (الذى تبنى كهنة الشرق مفاهيمه) بأنهم مشايعون لبدعة اريوس.
(2/19/2) ومع ذلك كانت الحجج التى اوردوها للخلع أنه قد دنس الكهنوت بأعمال غير مقدسة. وقد أثار خلعه انقساما كبيرا فى انطاكية لدرجة أن الشعب كان على وشك امتشاق السلاح، وكانت المدينة كلها فى حالة هياج. وهذا أساء إليه بشدة فى نظر الامبراطور لأنه عندما فهم ما قد حدث وأن شعب الكنيسة قد انقسم الى حزبين، ثار غضبه بشدة ونظر إليه بريبة كفاعل لهذا الهياج.
(2/19/3) ومع ذلك أرسل الامبراطور ضابطا مستنيرا من قصره مخولا بسلطة تامة لتهدئة الجمهور وانهاء القلاقل بدون اللجوء الى العنف أو الاساءة.
(2/19/4) أما أولئك الذين خلعوا يوستاثيوس والذين اجتمعوا فى انطاكية لهذا السبب وهم ظانين أن تصُورهم سيلقى قبولا على نطاق واسع، إذا وضعوا على كنيسة انطاكية شخصا من اصحاب رأيهم يكون معروفا للإمبرطور ويحظى بسمعة فى العِلم والبلاغة وأنهم بذلك يحصلون على طاعة الباقى، فقد ثبتوا نظرهم على يوسيبيوس بامفيلوس لهذا الكرسى. وكتبوا إلى الامبراطور بخصوص هذا الموضوع وسجلوا أن هذه الخطوة ستكون مقبولة بشدة من الشعب. وفى الحقيقة فكَّر فيه كل الكهنة والعلمانيون المعادون ليوستاثيوس.
(2/19/5) ومع ذلك كتب يوسييوس الى الامبراطور رافضا الرتبة، وصدَّق الامبراطور على رفضه وأثنى عليه. لأن هناك قانون كنسى يحظر نقل اسقف من ايبارشية لأخرى. وكتب إلى الشعب ويوسيبيوس لقبول حكمه ودعاه بالسعيد لأنه كان أهلا للأسقفية ليس فقط لمدينة واحدة ولكن للعالم. كذلك كتب الى شعب كنيسة انطاكية بشأن تشتت الفكر وقال لهم أنه لا ينبغى أن يرغبوا فى اساقفة المناطق الأخرى كما لو كانوا يطمعون فى مقتنيات الآخرين، وبالاضافة الى ذلك أرسل رسالة أخرى خاصة الى المجمع يمدح فيها يوسيبيوس كما فى الرسالة إليه لرفضه الاسقفية.
(2/19/6) ولما كان يوفرونيس Euphronius كاهن كبادوكيا وجورج من ارثوسا Arethusa رجال مشهود لهم بالايمان، فقد أوصى الأساقفة أن يقرروا سيامة واحد منهما أو أى شخص جدير بهذه الكرامة كرئيس لكنيسة انطاكية. وعند استلام هذه الرسالة من الامبراطور سيم يوفرونيوس.
(2/19/7) وقد سمعتُ أن يوستاثيوس قد تحمَّل هذه الاهانة غير العادلة بهدوء مقررا أنه الأفضل وأنه، الى جانب فضائله وصفاته الممتازة، رجل بليغ كما هو ثابت من اعماله الزائعة الصيت بسبب كلماتها المختارة ومذاق التعبير، ورقة العواطف وبلاغة ونعمة الرواية.

الكتاب الثانى : الفصل العشرون
(بشأن مكسيموس الذى خلف مكاريوس فى كرسى اورشليم)
وفى نحو هذا الوقت توفى مرقس الذى خلف سيلفسترس Silvester وشغل الاسقفية لفترة قصيرة وارتقى يوليوس كرسى روما. وخلف مكسيموس مكاريوس فى ايبارشية اورشليم. وقد قيل أن مكاريوس قد سامه اسقفا على كنيسة ديوسبوليس Diospolis. ولكن اعضاء كنيسة اورشليم اصروا على بقائه معهم. ولما كان معترفا ومتميزا فقد أختير مقدما من الشعب للأسقفية عقب وفاة مكاريوس. وقد أدى الخوف من مخالفة الشعب واثارة الشقاق الى انتخاب اسقف آخر لديوسبوليس، وبقى مكسيموس فى أورشليم يمارس المهام الكهنوتية مع مقاريوس. وبعد وفاة الثانى، ترأس تلك الكنيسة. ومع ذلك من المعروف لأولئك الملمين بدقة بهذه الظروف أن مكاريوس اتفق مع الشعب فى رغبتهم بإبقاء مكسيموس، إذ قيل أنه ندم على رسامته وفكر أنه كان من الضرورى الاحتفاظ به ليخلفه لأنه يحتفظ بإيمان صحيح بشأن الله واعترافه الذى كان جليا للشعب. كما أنه خشى أن ينتهز اتباع يوسيبيوس وباتروفيلس الذين تبنوا الاريوسية الفرصة عند وفاته ليفرضوا تعليمهم الخاص فى كرسيه لأنه حتى بينما كان مقاريوس مازال حيا حاولوا إدخال بعض ابتداعاتهم، ولكن إذ انشقوا عنه فقد صمتوا لذلك.

الكتاب الثانى: الفصل الواحد والعشرون
(اتفاق الميليتيين والأريوسيين فى المفاهيم)
(2/21/1) وفى نفس الوقت كان النزاع الذى ثار فى البداية لدى المصريين لم ينقض. فالهرطقة الأريوسية قد أُدينت من مجمع نيقية، ولكن اتباع مليتيوس Melitius قد قُبِلوا فى شركة التناول فى ظل الشروط السابق ذكرها عاليه.
(2/21/2) وعندما عاد الكسندروس الى مصر سلَّم له مليتيوس الكنائس التى كان قد اغتصبها وعاد إلى ليكوس Lycus. وليس بعد ذلك بوقت طويل، عندما شعر بقرب نهايته رشَّح يوحنا، أحد اصدقائه الحميمين، خليفة له وهو ما يخالف مرسوم مجمع نيقية وبذلك انعش الشقاق فى الكنائس.
(2/21/3) وعندما أدرك الأريوسيون أن الميليتيين يُدخِلون بدعا، ضغطوا هم أيضا على الكنائس لأنه كما يحدث غالبا فى هذه القلاقل استحسن البعض لرأى اريوس بينما عارض آخرون سيادة أولئك الذين رسمهم مليتيوس على الكنائس. وقاوم كل مِن الفريقين بعضهما بعضا، ولكن لعلمهم أن جمهور الشعب يتبع كهنة الكنيسة الجامعة، فقد صاروا غيورين وشكلوا تحالفا معا وأظهروا عداوة مشتركة لإكليروس الاسكندرية. لقد كانت معايير هجومهم ودفاعهم كثيرا ما تتم اتفاقا.
(2/21/4) ومع مرور الوقت دُعى الميليتيون اريوسيين فى مصر، على الرغم من أنهم كانوا يثيرون فقط مسألة الرئاسة، بينما كان الأريوسيون يتبنون رأى أريوس فى مسألة الله. وعلى الرغم من أنهم قد رفضوا، فرادى، مفاهيم بعضهما البعض. إلا أنهم راءوا فى وجهات نظرهم لكى يحصلوا على اتفاق مشترك فى عداوتهم. وفى نفس الوقت توقع كل طرف أن يسود بسهولة فيما يرغب.
(2/21/5) ومنذ هذا الوقت قبل المليتيون بعد مناقشة تلك المواضيع المفاهيم الأريوسية وأخذوا بمفاهيم أريوس بشأن الله. وهذا أحيا الجدل الأساسى بشأن أريوس، وأحجم بعض العلمانيين والاكليروس عن التناول مع الآخرين. واضطرم النزاع بشأن عقائد أريوس مرة أخرى فى المدن الأخرى وخاصة بيثينية وهيلسبونت ومدينة القنسطنطينية. وبإختصار، قيل أن يوسيبيوس اسقف نيقوميدية وثيوجنيس اسقف نيقية قد رشيا مسجل العقود الذى عهد الامبراطور إليه بحفظ مستندات مجمع نيقية، لمحو توقيعهما. وبدءَا يُعلّمان جهارا أن الإبن ليس مساويا للآب فى الجوهر.
(2/21/6) واُتهِم يوسيبيوس أمام الامبراطور بهذه الاضطرابات، فأجاب بوقاحة شديدة وهو يمسك طرف ثوبه، وقال إذا مُزِّق هذا الرداء فى حضورى فإننى لا أقدر أن أثبت أن أجزاءه هى من نفس المادة. وحزن الامبراطور بشدة من هذا الجدل إذ كان يعتقد أن مسائل الطبيعة قد سُويت نهائيا فى مجمع نيقية، ولكن على العكس من رجائه رأى أنه قد لوحتهم ثانية. وأسف بالأكثر أن يوسيبيوس وثيوجنيس قد قَبِلا فى شركة التناول بعض الاسكندريين على الرغم من أن المجمع كان قد أوصى بتوبتهم بسبب آرائهم الهرطوقية. وعلى الرغم من أنه هو نفسه([196]) قد وَّقع عليهم عقوبة النفى من أوطانهم بإعتبارهم مثيرين للقلاقل. وقد أكد البعض أنه لهذه الاسباب عاليه، أنْ نفى الامبراطور فى غضبه يوسيبيوس وثيوجينس. ولكن كما سجلت، قد استقيت معلوماتى من اولئك الذين كانوا ملمين بدقة الأحداث.

الكتاب الثانى: الفصل الثانى والعشرون
(حيل الاريوسيين والمليتيين ضد أثناسيوس)
(2/22/1) وحلت الافتراءات المتعددة على اثناسيوس والتى سببتها حرية الكلام ليوسبيوس وثيوجنيس وتأثير الامبراطور، وسعيهما الى إعادة آريوس الذى كانت تربطهما به علاقة صداقة، إلى الاسكندرية، وفى نفس الوقت طرد مَن يعترض عليه من الكنيسة. فقد اتهماه([197]) امام الامبراطور بأنه سبب الشقاق والمتاعب التى طوحت بالكنيسة واستبعاد أولئك الذين يرغبون فى الانضمام الى الكنيسة، وزعموا أن الكراهية ستعود ما لم يُستَبعد هو وحده.
(2/22/2) وقد تأيدت الاتهامات ضده بتعضديد من اساقفة واكليروس كثيرين كانوا مع يوحنا([198])، وكانت لهم صلة بالامبراطور، وتظاهروا بالأرثوذكسية، ونعتوا اثناسيوس والاساقفة الذين من حزبه بأنهم سفاكى دماء، وحانثين بالعهود وأنهم يجرحون ويحرقون الكنائس.
(2/22/3) ولكن عندما أظهر اثناسيوس للإمبراطور عدم شرعية سيامة مشايعى يوحنا وابتداعاتهم ضد مراسيم مجمع نيقية وعدم صحة إيمانهم، والاهانات المُوجهة ضد أولئك الذين يتمسكون بالعقائد الصحيحة، كان قنسطنطين فى حيرة فيمن يُصدق، حيث كانت هناك مزاعم متبادلة، واثيرت اتهامات عدة من كل من الطرفين.
(2/22/4) ولمَّا كان مهتما بشدة بإسترداد وحدة الفكر للشعب فقد كتب إلى اثناسيوس أنه لا يجب أن يُطرَّد أحدٌ خارجا. وأنه اذا رفض ذلك أخيرا فإنه سيُرسِل مَن يطرده من الاسكندرية بغض النظر عن العواقب. وإذا أراد أى أحدٍ أن يرى خطاب الامبراطور، فإنه سيجد هنا الجزء الخاص بهذه الرواية:
(2/22/5) "أنت الآن مُلِّم برغبتى وهى أن كل مَن يُريد دخول([199]) الكنيسة، عليك أن تُزيل من أمامه كل عقبة، لأننى إن سمعتُ أن أيًا مِمَن يريد أن ينضم الى الكنيسة قد مُنِع وتعوّق من قِبلك، فإننى سأُرسِل ضابطا فى الحال لطردك بناء على أمرى لينقلك إلى مكان آخر".
(2/22/6) ومع ذلك كتب أثناسيوس إلى الامبراطور ليقنعه أن الأريوسيين لا ينبغى قبولهم فى شركة التناول فى الكنيسة الجامعة.
(2/22/7) وإذ أدرك يوسيبيوس أن خطته لن تفلح بينما اثناسيوس يجاهد ضدها، صمم على اتخاذ أية وسيلة للتخلص منه. وإذ لم يَجِد أية ذريعة لتحقيق قصده هذا، وعد الميليتيين بالتأثير على الامبراطور ومَن فى السلطة إن هم أحضروا له تهمة ضد أثناسيوس.
(2/22/8) وبناء علي ذلك، زعموا أنه فرض على المصريين ضريبة على الجلاليب الكتان، وأن هذه الضريبة قد حُصِّلت من المُتَّهِمِين. وفى الحال، أثبت آبيس ومقاريوس الكاهنان بكنيسة أثناسيوس اللذان تصادف وجودهما بالبلاط آنذاك أنها تهمة باطلة.
(2/22/9) وعندما اُستُدعى أثناسيوس للدفاع عن هذه التهمة، أُتُهم بالأكثر بأنه تآمر ضد الامبراطور إذ قد أرسل صندوقا من الذهب إلى شخص يُدعى فليمون. وإذ استنتج الامبراطور افتراء الشاكين، أعاد أثناسيوس إلى وطنه وكَتَب إلى شعب الأسكندرية أن اسقفهم يمتلك ايمانا سليما عظيما واتضاعا كبيرا لدرجة أنه مسرور جدا أن إلتقى به وتعرَّف عليه كرجل لله. وإذ كان الحسد هو العلة الوحيدة للمدعين عليه، فقد أظهر هو أفضلية عن المشتكين منه.
(2/22/10) وعندما سمع أن الأريوسيين والمليتيين المنشقين يثيرون الشقاقات فى مصر حث الامبراطور فى نفس الرسالة الجمهور أن ينظروا إلى الله وأن يحترزوا لوصاياه، وأن يسلكوا حسنا بعضهم نحو بعض ليقاوموا بكل قوتهم كل المكائد ضد وحدانية الفكر.
هكذا كَتَب الامبراطور إلى الشعب مشجعا لهم على وحدانية الفكر، ومجاهدا لمنع انقسام الكنيسة
 

 

This site was last updated 11/20/17