Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

الإضطهاد الأريوسى لأقباط مصر  

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات 

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
مجمع صــور
تدشين كنيسة القبر المقدس
مجمع أورشليم وقبول آريوس
المصريون يثورون ضد آريوس
مجمع القسطنطينية وموت آريوس
موت الإمبراطور وعودة أثناسيوس
يوسابيوس ينشر الأريوسية
الإسكندرية تستقبل أثناسيوس
القديس أنطونيوس ينزل من الجبل
الموافقة على مجمع أنطاكية
تعين أساقفة نفى أثناسيوس الثانى
الإضطهاد الأريوسى لأقباط مصر
إعتكاف أثناسيوس وخطابه
البابا أثناسيوس فى روما
الخطابات الفصحية
أنطونيوس وباخوميوس والأريوسيين
مجمع روما
مجمع أنطاكية/ التدشين
مجمع أنطاكية الثانى
مجمع سرديكا
الأريوسيين وإساءة سمعة أسقفين
حرومات سرديكا وآثاره
قرارات مجمع أنطاكية الرابع
خطابات الأمبراطور لأثناسيوس
وداع الأصدقاء وخطاب يوليوس
البابا أثناسيوس يقابل الأمبراطور
عودة البابا أثناسيوس للأسكندرية
الفترة الذهبية والمرحلة الأولى
الفترة الذهبية والمرحلة الثانية
مجمع آرل وآخر فى ميلان
إرسال بعثة تهنئة
بعثة قسطنطيوس الخبيثة
قسطنطيوس والإضطرابات الخارجية والداخلية
الإضطهاد والنفى الثالث
مؤلفات البابا أثناسيوس
المجامع الأريوسية
موت الأمبراطور قسطنطيوس
مجمع الإسكندرية
المنفى الرابع والخامس
روحانية‏ ‏القديس‏ ‏أثناسيوس
موت اريوس
هرطقة مارسيللوس اسقف انقيرا
Untitled 7985

الجزء التالى من كتاب التاريخ الكنسى لسوزمينوس  THE ECCLESIASTICAL HISTORY - OF Sozomen .. ترجمه من اليونانية : Chester d. Hartranft .. ونقله الى العربية : الدكتور/ بولا سـاويرس نقلا عن : NPNF, II, 1890 A.D.
**********************************************************************************************
الكتاب الرابع: الفصل العاشر
(الدسائس المتنوعة ضد أثناسيوس، وفراره من الأخطار العديدة بالإلهام الإلهى. اعمال جورج الشريرة فى مصر بعد طرد أثناسيوس)

(4/10/1) ما من شك فى أن أثناسيوس كان حبيب الله، وكان موهوبا بعطية توَّقع الآتيات. فمن الحقائق الأكثر عجبا من التى قد رويناها، والتى يجب أن نوردها لنبرهن على إلمامه الوثيق بالآتيات، أنه قد حدث خلال حياة قنسطانس أن عزم قنستانتيوس على اساءة معاملة هذا الرجل القديس، ولكن أثناسيوس فر واختفى لدى شخص ما من معارفه، وعاش لوقت طويل فى خندق ومسكن بلا شمس كان يُستخدَم كمستودع للمياه. ولم يكن أحدٌ يعرف أنه يختبأ فيه ما عدا سيدة خادمة كانت تبدو مؤمنة كانت تقوم بخدمته.
(4/10/2) ولما كان الهراطقة شغوفين مع ذلك بالقبض على أثناسيوس حيا، لذلك يبدو أنهم فلحوا أخيرا فى إفساد المرأة سواء بالعطايا أو بالوعود. ولكن الله سبق أن حذر أثناسيوس من خيانتها وأمره بالهرب من المكان. وعوقبت الخادمة على البلاغ الكاذب ضد سادتها، بينما فروا هم أنفسهم من البلد لأنه كانت تُعَّد جريمة ليست بزهيدة لدى الهراطقة استقبال أو إخفاء أثناسيوس، بل وعلى النقيض من ذلك كانت تُعتبَر عصيانا ضد أوامر الإمبراطور الصريحة وجريمة ضد الإمبراطور يُعاقَب عليها أمام المحاكم المدنية.
(4/10/3) وقد بلغ إلى مسامعى أن أثناسيوس قد حُفِظ فى مناسبة أخرى بأسلوب مماثل. فقد اضطر مرة ثانية لنفس السبب أن يفر لحياته، فأبحر فى النيل بقصد الاعتزال فى مناطق مصر الأبعد، ولكن أعداءه علموا بنوايه فتعقبوه. وإذ قد حُذِّر سلفا من الله أنه سيُطارَد، أعلن ذلك لرفقائه المسافرين وأمرهم بالعودة إلى الأسكندرية. وفيما هو نازل فى النهر، مرَّ به الكائدون([328]). ووصل إلى الأسكندرية بآمان، واختفى فى الحال فى وسط منازلها العديدة والمتماثلة. إن نجاحه فى تجنب هذه الفخاخ العديدة هو الذى أدى إلى إتهام الوثنيين والهراطقة له بالسحر([329]).
(4/10/4) وقد سُجِّل أنه بينما كان يمر ذات يوم فى وسط المدينة، أن سُمِع نعيق غراب فسأله عدد من الوثنيين، الذين تصادف وجودهم فى تلك البقعة، ساخرين عما يقوله الغراب فأجابهم مبتسما أنه يتمتم بكلمة كَرَاس cras (التى معناها فى اللغة اللاتينية) "غدا"، وهذا إعلان لكم أن الغد لن يكون فى خيركم لأنه يُشير إلى أنكم ستُمنَعون من الإمبراطور الرومانى من الاحتفال بعيدكم غدا.
وعلى الرغم من أن ذلك كان توقعا من أثناسيوس يبدو سخيفا، إلا أنه قد تحقق فعلا. لأنه فى اليوم التالى صدرت مراسيم من الإمبراطور إلى الحُكام أُمِر فيها الوثنيون بعدم الاجتماع فى الهياكل لممارسة احتفالاتهم المعتادة، ولا الاحتفال بعيدهم. وهكذا تم القضاء على أعظم وأفخم عيد كان الوثنيون يحافظون عليه.
إن ما قلته يكفى لإظهار أن هذا الرجل القديس كان موهوبا بعطية النبوة.
(4/10/5) وبعد أن هرب أثناسيوس على النحو الذى وصفناه من أولئك الذين سعوا للقبض عليه. ظل شعبه والاكليروس يستولون على الكنائس لبعض الوقت، ولكن حاكم مصر وقائد الجيش انتزعها بالقوة من اتباع أثناسيوس لكى يسلِّم ادارتها إلى اتباع جورج الذى كان وصوله وشيكا.
(4/10/6) وبعد وصوله إلى المدينة ليس بوقت طويل، وُضِعت الكنائس تحت سلطته، فحكم بالقوة اكثر من الاعتدال الكهنوتى، وجاهد فى نشر الرعب فى أذهان الشعب، وأثار اضطهادا قاسيا ضد اتباع أثناسيوس، وأكثر من ذلك سجن وشوه رجالا ونساءً كثيرين. فحُسِب كطاغية، وصار مكروها على نطاق عام.
(4/10/7) وكان الشعب هائجا بشدة من هذا المسلك، لدرجة أنهم اندفعوا إلى الكنيسة وكانوا على وشك تمزيقه إربا، فهرب بصعوبة من هذا الخطر الداهم، وفرَّ إلى الإمبراطور. واستولى اتباع أثناسيوس على الكنائس، ولكنهم لم يحتفظوا بالسيادة عليها طويلا لأن قائد كتائب مصر جاء وردها إلى اتباع جورج. وأُرسِل بعد ذلك قائدٌ من الطبقة النبيلة لمعاقبة قادة الشعب، فعذَّب وشوَّه كثيرين من المواطنين. وعندما عاد جورج بعد ذلك بقليل كان أكثر رعبا على ما يبدو، وعومل بإشمئزاز أشد من قبل لأنه حرَّض الإمبراطور على القيام بأعمال شريرة كثيرة، وبالإضافة إلى ذلك اعتبره رهبان مصر بوضوح مختالا ومنتفخا بالعجرفة.
(4/10/8) وكان الشعب يعتنق دائما آراء هؤلاء الرهبان، وكانت شهادتهم تُقبَل على نطاق واسع لأنهم كانوا معتبرين بسبب فضائلهم، والمنحى الفلسفى لحياتهم.

الكتاب الرابع: الفصل الحادى عشر
(ليبريوس اسقف روما، وعلة نفى قنستانتيوس له. فيلكس خليفته)

(4/11/1) على الرغم من أن ما قد سجلته، لم يحدث لأثناسيوس وكنيسة الأسكندرية فى نفس الفترة من الزمن عقب وفاة قنسطانس، بيد أنه من الصواب من أجل وضوح أكثر، أن أروى كل هذه الاحداث مجتمعة. فقد انفض مجمع ميلان بدون أية أعمال، ونفى الإمبراطور جميع الذين عارضوا مقاصد أعداء اثناسيوس.
(4/11/2) ولما كان قنستانتيوس راغبا فى ارساء عقيدة متماثلة فى سائر ارجاء الكنيسة، وأن يُوحِد الكهنة فى الحفاظ على نفس المفاهيم فإنه خطط لجمع اساقفة كل عقيدة فى مجمع يُعقَد فى الغرب. لقد كان واعيا بصعوبة تنفيذ هذه الخطة الناجمة عن الاتساع الشاسع للأراضى والبحار التى كان يتعين على بعض الاساقفة أن يجتازوها، ولكنه لم ييأس بالكلية من النجاح.
(4/11/3) فبينما كان هذا المشروع يُشغِل ذهنه وقبل أن يُعِّد [العدة] لدخول روما دخولا انتصاريا، أرسل إلى ليباريوس اسقف روما وجاهد فى اقناعه أن يتفق فى المفاهيم مع الكهنة الذين كانوا معه([330]) ومن بينهم أودوكسيوس([331]). وعندما رفض ليباريوس مع ذلك الامتثال، واحتج بأنه لن يقبل قط بهذه المسألة، نفاه الامبراطور إلى بيرية([332]) Berœa فى تيراقيا. وقد زُعِم سبب آخر لنفى ليباريوس، وهو أنه لم يمتنع عن التناول مع اثناسيوس، وعارض جهرا الإمبراطور الذى أصر على أن أثناسيوس قد أضر بالكنيسة، وتسبب فى موت أخيه الكبير، وبذر بذور الكراهية بينه وبين قنسطانس.
(4/11/4) وعندما أحيا الإمبراطور كل المراسيم الصادرة من المجامع المتعددة ضد اثناسيوس، وبصفة خاصة من مجمع صُور قال له ليباريوس ليس هناك أى أعتبار لمراسيم تصدر عن دوافع الكراهية أو المحاباة أو الخوف. ورغب([333]) أن يوقع اساقفة سائر الاقاليم على صيغة الايمان الصادرة فى نيقية وأن يعود الاساقفة الذين نُفِيُوا بسبب تمسكهم بها. واقترح أنه بعد تسوية كل هذه الأمور يتوجه كل الاساقفة على نفقتهم الخاصة وبدون إمدادهم بوسائل نقل عامة أو نقود حتى لا يظهرون بأنهم عبء ومُكلِّفين إلى الأسكندرية. ويؤدون اختبارا دقيقا فى الحق الذى سيكون من السهل تأسيسه فى هذه المدينة عن أى مكان آخر، حيث يقيم هناك الذين أضرَّوا والذين تتضرروا، وأيضا اصحاب الدعاوى. ثم عرض عندئذ الرسالة التى كتبها فالنس واورساكيوس إلى يوليوس سلفه فى الكرسى الرومانى، والتى يلتمسان فيها المغفرة لهما، ويعترفان بأن خلع أثناسيوس الصادر ضده فى مريوتيس كان باطلا. وإلتمس من الإمبراطور عدم إدانة أثناسيوس غيابيا أو أن يثق فى السنن التى من الثابت أنها صادرة عن دسائس أعدائه. وبالنسبة للأضرار المزعومة التى حدثت لأخويه الكبيرين، إلتمس من الإمبراطور ألاَّ ينتقم لنفسه بيدى الكهنة الذين أفرزهم الله لا لتنفيذ الانتقام ولكن للتقديس ولإنجاز الأعمال الخيرة والعادلة.
(4/11/5) وإذ أدرك الإمبراطور أن ليباريوس لن يخضع لمطلبه أمر بنقله إلى تيراقيا ما لم يعدل عن رأيه خلال يومين. فأجاب ليباريوس بالنسبة لى ليست هناك حاجة للإنتظار أيها الإمبراطور، فإن عزمى قد تشكل وتحدد منذ أمد طويل وأنا جاهز للنفى. وقد قيل أنه بينما كان مُقادا إلى المنفى ارسل الإمبراطور إليه خمسمائة قطعة ذهب، فرفض مع ذلك استلامها وقال للرسول الذى أحضرها اذهب وقل للذى أرسل هذا الذهب أن يعطيه للمنافقين والمرائين الذين حوله لأن جشعهم الذى لا يُشبَع يجعلهم فى عوز دائم لا يمكن أبدا أن يزول. إن المسيح الذى مثل أبيه فى كل النواحى هو الذى يمدنا بالطعام وبكل الخيرات.
(4/11/6) وعندما خُلِع ليباريوس للأسباب عاليه من كنيسة روما انتقلت سيادتها إلى فيلكس الشماس من الاكليروس هناك. وقد قيل أن فيلكس استمر دائما مشايعا للإيمان النيقاوى وأنه كان بلا لوم فى الأمور الدينية. أما الامر الوحيد الذى زُعِم ضده فهو أنه قد اشترك فى التناول مع الهراطقة قبل سيامته.
(4/11/7) وعندما دخل الإمبراطور روما، طالبه الشعب جهارا بإعادة ليباريوس، فأجابهم بعد استشارة الاساقفة الذين كانوا حوله أنه سيُرد ليباريوس إلى شعبه إن هو قبل اعتناق ذات المفاهيم التى يأخذ بها كهنة البلاط

حضر غرغوريوس الكبادوكى ( الأريوسى ) إلى مصر بصفته أسقفاً وكان معيناً بواسطة الإمبراطور بدلاً من أثناسيوس , وكان معه قوة عسكرية وتوصيات بإستعمال العنف ضد الأقباط وفيما يلى بعض الإضطهادات التى واجهها الأقباط كما وصفها المؤرخون والبابا أثناسيوس الرسولى : -

 

الإضطهاد الأريوسى لأقباط مصر

ويذكر البابا أثناسيوس مرحلة تعيين غريغوريوس (1) ( الكبادوكى , ألأريوسى) أسقفاً بأمر الأمبراطور بدلاً منه فيقول : [ فبينما نحن مواظبون على إجتماعاتنا فى سلام كالمعتاد , وبينما الشعب فى إبتهاج بسبب إجتماعاتنا هذه يتقدمون بواسطة الأحاديث الإلهية , وبينما زملائنا فى الخدمة فى كل نواحى مصر وطيبة وليبيا فى وؤام ومحبة وسلام كل مع الآخر ومعنا , إذ فجأة يعلن والى مصر منشوراً يحمل صورة مرسوم بإعلان أن واحداً يسمى غرغوريوس من كبادوكيا فى طريقة إلينا من البلاط الإمبراطورى لكى يحل محلى .

وبمجرد إعلان هذا المنشور على الشعب صار الكل فى إرتباك لأن هذا الإجراء كان غريباً كلية ولأول مرة يسمع به , وبناء عليه أخذ الشعب يتجمع فى الكنائس بصورة مستمرة لأنهم كانوا واثقين أنه لا هم أنفسهم ولا أى أسقف أو كاهن ولا أى واحد على وجه العموم أشتكى ضدى , إلا الأريوسيين فقط كانوا يحسبون فى صفة , كما أدركوا أنه ( غريغوريوس ) أريوسى وأن يوسابيوس هو الذى أرسله ليكون على الأريوسيين ] (3) 

وقال مؤرخ كجهول كتب تاريخ أثناسيوس بعد نياحته بقليل أن ألريوسيين كانوا يبحثون عن البابا أثناسيوس يريدون قتله : [ وفى الثانى والعشرين من برمهات الموافق 18 مارس سنة 339 م وفى يوم الأحد مساء اخذ يبحث عنه المطاردون ويتعقبونه بالليل , وفى صباح اليوم التالى هرب أثناسيوس من كنيسة ثيؤوناس بعد أن عمد كثيرون , وبعد أربعة ايام من هذا الحادث أى فى 22 مارس دخل غريغوريوس الكبادوكى مدينة الإسكندرية بوصفة الأسقف ] (4)

[ وبدخوله ( دخل غريغوريوس أريوسى فى 22 مارس سنة 339م ) الأسكندرية بدأت الإعتداءات على الشعب وإنتهاك الحرمات , فكان حدثاً جلب على المدينة شروراً جسيمة , وحاول الشعب أن يعتصم فى الكنائس فى غجتماعات دائمة لكى يصد كفر الريوسيين , وبمنعهم من الإختلاط بالمؤمنين , وفيلاجريوس الذى صار والياً على مصر له تاريخ سابق فى مباشرة الإضطهاد على الكنيسة وعلى العذارى , وهو أيضاً كافر وزنديق , وهو من نفس المدينة التى منها غريغوريوس الكبادوكى (5) فهم أهل مواطنة واحدة , وغريغوريوس هذا هو أيضاً لا أخلاق له مملوء حقداً على الكنيسة , وقد استطاع أن يجمع فى صفة جماعة الوثنيين وجماعة اليهود وخصوصاً المتشردين منهم , وذلك بواسطة وعود كثيرة حققها لهم بالفعل فيما بعد , هؤلاء أثار حفيظتهم ( أثارهم ضد المسيحيين ) وأرسلهم جماعات بسيوف وعصى ليقتحموا الكنائس ويفتكوا بالشعب ] (6)

[ فقد جمع جماعة كبيرة من الرعاع وتجار المواشى , وكثيراً من الشبان المتشردين من الأسكندرانيين وسلحهم بالسيوف والعصى , وأجتمعوا معاً وهجموا على كنيسة كيرينيوس فذبحوا بعضاً وداسوا بعض , وضربوا بعضاً وألقوهم فى السجن ونفوا آخرين , وجروا النساء من شعورهن وألقوهن فى السجن .. كل ذلك بدون سبب وإنما لإجبار الشعب على الإنضمام إلى الأريوسيين وليخضعوا لغريغوريوس ( الكبادوكى الأريوسى ) الذى أرسله ( عينه أسقفاً ) الأمبراطور ] ( 7)

 [ الكنيسة والمعمودية المقدسة أشعلوا فيهما النار وإرتفعت أصوات الشعب بالصراخ والعويل فى كل المدينة ..

عروا العذارى وضربوهن بالسياط وداسوا الرهبان , وبعضهن مات بالسيف وبالعصى , وبعضهم جرح ... ونجسوا المائدة المقدسة .. وجدفوا على المسيح وأحرقوا الكتب المقدسة ... ودخل اليهود إلى المعمودية وخلعوا ملابسهم وصنعوا قباحات يخجل الإنسان أن يذكرها ... كل ذلك على مرأى ومسمع من الأساقفة ( الأريوسيين ) ] (8)

[ ولما جازت هذه الأعمال رضى غريغوريوس وأشبعت غريزة الحقد والنقمة فيه , أراد أن يجازى هؤلاء اليهود الوثنيين على ما أبدوه من شرور نحونا , فأعطاهم هذا التصريح أن ينهبوا الكنيسة ( كنيسة كيرينيوس) وبمجرد أعطاهم هذا التصريح بدأت أعمال النهب والسلب , كل ما وقع فى أيديهم , فذخائر الكنيسة من الزيت والشمع والخمر نهبوها , وخلعوا أبواب الهيكل وقضبانه الحديدية ... ونزعوا الشمعدانات من الحائط ... وهجموا على الكهنة والعلمانيين ( الذين يخدمون فى الكنيسة ) ومزقوا لحمهم ... وكل هذه الأمور حدثت فى الصوم الكبير (9) وعيد القيامة على الأبواب

وفى يوم الجمعة الكبيرة ( الموافقة 13 أبريل سنة 339 م ) ذهب غريغوريوس هذا مع الوالى فيلاجريوس ودخل الكنائس ( كمن يفتقدها ) فإعتبره الشعب كمن يقتحم كنائسهم عنوة  , وواجهوه بإحتقار شديد وبغضة , فما كان منه إلا أن أوعز إلى الوالى أن يستخدم القوة , فجلد منهم فى ساعة واحدة 24 بين عذراء وسيدة ورجال من علية القوم , وألقاهم فى السجن , وبينهم كانت عذراء تحمل كتاب التسبحة أثناء ما كانوا يجلدونها علناً , فأمسكوا بالكتاب أيضاً ومزقوه قطعاً وألقوها فى السجن ] (10)

ويقول البابا أثناسيوس : [ وعندما عملوا كل هذا , لم يكفوا ايضاً بل فكروا كيف يعملون نفس الشئ فى الكنيسة الأخرى ( المسماه ثيئوناس ) التى كنت دائماً أقضى فيها هذه الأيام , لأنهم كانوا يتحرقون شوقاً كيف يمتدون بجنونهم إلى هذه الكنيسة أيضاً حتى أقع فى أيديهم ويقتلوننى , وهذا ما كان سينتهى إليه أمرى حتماً لولا أن نعمة المسيح ساعدتنى , حتى ولو بنجاتى أستطيع فقط أن أقص هذه الأمور التى أقترفوها .

لأننى لما رأيت جنونهم ضدى بهذه الصورة غير المعقولة , ولما كنت حريصاً للغاية أن لا يساء للكنيسة أو إلى عذارها متجنباً أن لا تراق دماء جديدة ولا ينزعج الشعب , سحبت نفسى من وسطهم متذكراً كلمة المخلص : " إذا طردوكم من مدينة فإهربوا إلى أخرى " لأنى رأيت من سلوكهم الشرير تجاه الكنيسة الأولى أنهم لن يؤخروا جهداً فى الضرر بالكنيسة الأخرى , وفى هذه الكنيسة أيضاً لم يوقروا حتى يوم الرب الذى للعيد المقدس ( وقع فى تلك السنة فى يوم 20 برمودة سنة 339 م ) لأنهم قبضوا على من فى الكنيسة وسجنوهم فى اليوم الذى نعيد فيه لذكرى المناداة للمأسورين بالإطلاق من قيود الموت , الذى أكمله الرب بقيامته من الأموات , هذا بينما أغريغوريوس وأتباعه وكأنهم يحاربون ضد مخلصنا معتمدين فى قوتهم على الوالى , وقلبوا يوم الفكاك والحرية إلى بكاء وعويل لخدام المسيح .

وما كان اعظم سرور الوثنيين لهذا العمل لأنهم يبغضون هذا اليوم ( عيد القيامة ) ولكن غريغوريوس إنما كان ينفذ أوامر يوسابيوس وأتباعه , وبأعمال العنف هذه أستولى الوالى على الكنائس وأعطاها لغريغوريوس وللأريوسيين مختلى العقل . ] (11)

 [ وبهذه الطريقة أرسلوا غريغوريوس إلى الإسكندرية وهم فى حرص شديد لئلا يصيبهم الخجل مرة أخرى ( كما حدث فى مؤامرة أرسال بستوس ) إذا نحن أسرعنا بالكتابة ضدهم , لذلك إستخدموا هذه المرة العنف والقوة ضدى بصورة غير عادية , حتى إذا ما تيسر لهم الإستيلاء على الكنائس بسرعة يتخلصون من ريبة الشعب فيهم كونهم أريوسيين .

ولكنهم فى ذلك أيضاً مخطئون ! لأن ليس واحد من شعب الكنيسة أنضم إليهم إلا الهراطقة والمحرومون من الشركة بسبب إدانتهم بتهم مختلفة والذين تظاهروا بالإنضمام تحت إرغام وتهديد الوالى .

هذه هى مأسآة يوسابيوس وأتباعه التى طالما خططوا لها منذ زمن بعيد , لقد صمموها ونجحوا فى تنفيذها على أساس الإتهامات الكاذبة التى قدموها للأمبراطور ضدى , وياليتهم أكتفوا بهذا , وهدأوا , ولكنهم وبعد كل هذا يطلبون نفسى ! ] (12)   

 ==========================

المــــــــــــــــراجع

(1) كتاب حقبة مضيئة فى تاريخ مصــر - بمناسبة مرور 16 قرناً على نياحته - القديس أثناسيوس الرسولى البابا العشرون 296 - 273 م سيرته , دفاعه عن الإيمان عند الأريوسيين , لاهوته - العلامة الروحانى الأب متى المسكين - عدد صفحاته 824 صفحة- الطبعة الثانية 2002 م  ص 138 - 142

(2) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - كنيسة علم ولاهوت - طبعة تحضيرية 1986 م - القمص تادرس يعقوب ملطى

(3) Epist. Encyc.2.

(4) Fest. Endex., N.P.N.F, IV. p.503

(5) إشتهر العالم القديم بمثل يقول : أن هناك ثلاثة أصول من البشر إشتهروا بالشر فى العالم تبدأ بحرف " كيا " اليونانى وهم .. الكبادوكيين , والكريتيين , والكيليكيين , ولكن اشرهم الكابادوكيين - ومع ذلك أشتهر ثلاثة آباء عظام من كبادوكية هم باسيليوس , وغريغوريوس , ويوحنا ذهبى الفم .

(6) Epist, Encyc. 3.

(7) Ibid

(8) Ibid

(9) لإن معظم الإضطهادات وقعت فى موسم الصوم الكبير وعيد القيامة المجيد وعلى سبيل المثال إضطهاد يوستينا التى أخبر عنها أمبروسيوس , وإضطهاد ذهبى الفم فى القسطنطينية - ويمكن أن يكون هذا الموضوع بحث يضم جميع الإضهادات التى حدثت لأقباط مصر فى جميع العصور بما فيها العصور الإسلامية .

(10) Epist. Encyc.4.

(11) Festal Index., N.P.N.F. IV, p. 503.

(12) Epist. Encyc.6.

This site was last updated 11/20/17