Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

الأمبراطور يعين أساقفة على الإسكندرية ونفى أثناسيوس

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
مجمع صــور
تدشين كنيسة القبر المقدس
مجمع أورشليم وقبول آريوس
المصريون يثورون ضد آريوس
مجمع القسطنطينية وموت آريوس
موت الإمبراطور وعودة أثناسيوس
يوسابيوس ينشر الأريوسية
الإسكندرية تستقبل أثناسيوس
القديس أنطونيوس ينزل من الجبل
الموافقة على مجمع أنطاكية
تعين أساقفة نفى أثناسيوس الثانى
الإضطهاد الأريوسى لأقباط مصر
إعتكاف أثناسيوس وخطابه
البابا أثناسيوس فى روما
الخطابات الفصحية
أنطونيوس وباخوميوس والأريوسيين
مجمع روما
مجمع أنطاكية/ التدشين
مجمع أنطاكية الثانى
مجمع سرديكا
الأريوسيين وإساءة سمعة أسقفين
حرومات سرديكا وآثاره
قرارات مجمع أنطاكية الرابع
خطابات الأمبراطور لأثناسيوس
وداع الأصدقاء وخطاب يوليوس
البابا أثناسيوس يقابل الأمبراطور
عودة البابا أثناسيوس للأسكندرية
الفترة الذهبية والمرحلة الأولى
الفترة الذهبية والمرحلة الثانية
مجمع آرل وآخر فى ميلان
إرسال بعثة تهنئة
بعثة قسطنطيوس الخبيثة
قسطنطيوس والإضطرابات الخارجية والداخلية
الإضطهاد والنفى الثالث
مؤلفات البابا أثناسيوس
المجامع الأريوسية
موت فسطنطينوس / بولبانوس الجاحد
مجمع الإسكندرية
المنفى الرابع والخامس
روحانية‏ ‏القديس‏ ‏أثناسيوس
موت اريوس
هرطقة مارسيللوس اسقف انقيرا
Untitled 7985

 

الجزء التالى من كتاب التاريخ الكنسى لسوزمينوس  THE ECCLESIASTICAL HISTORY - OF Sozomen .. ترجمه من اليونانية : Chester d. Hartranft .. ونقله الى العربية : الدكتور/ بولا سـاويرس نقلا عن : NPNF, II, 1890 A.D.
**********************************************************************************************

الكتاب الرابع: الفصل الأول
(وفاة قنسطانس قيصر. الأحداث التى حدثت فى روما)

(4/1/1) وعقب مجمع سارديكا بأربع سنوات، قُتِل قنسطانس فى الغال الغربية، واستولى ماجننتيوس Magnentiusالذى دبَّر هذه المكيدة على حكومة قنسطانس. وفى نفس الوقت أُعلِن فيترانيو Vetranio امبراطورا فى سيرميوم([314]) Sirmium من قِبل القوات الايلليرية. وحشد نبوتيان Nepotian ابن اخت الامبراطور الأخير قوة من المحاربين وجاهد للاستيلاء على السلطة الامبراطورية. ونالت روما القديمة النصيب الأوفر من هذه الشرور. ومع ذلك قُتِل نبوتيان بواسطة جنود ماجننتيوس.
(4/1/2) وإذ وجد قنستانتيوس نفسه سيدا منفردا للامبراطورية، أعلن نفسه الحاكم الوحيد وأسرع إلى خلع الطغاة.
(4/1/3) وفى نفس الوقت إذ كان أثناسيوس قد وصل إلى الأسكندرية استعد لعقد مجمع من الاساقفة المصريين، ومعه المرسوم المُصدَق عليه فى سارديكا وفى فلسطين لصالحه.


الكتاب الرابع: الفصل الثانى
(قنستانتيوس ينفى أثناسيوس ثانية، وأولئك المتمسكين بعقيدة هومسيوس. وفاة بولس اسقف القنسطنطينية. اغتصاب مقدونيوس للكرسى البطريركى، واعماله الشريرة)

(4/2/1) وإذ انخدع الإمبراطور بإفتراءات المبتدعين، عدَل عن رأيه ونفى الاساقفة الذين قد أعادهم وذلك على العكس من مراسيم مجمع سارديكا. ومن ثم خُلِع مارسيللوس ثانية واستولى باسيليوس من جديد على اسقفية انقيرا. وأُلقِى لوكيوس فى السجن وتُوفى هناك. وحُكِم على بولس بالسجن المؤبد، ونُقِل إلى كوكوزم Cucusum بأرمينيا([315]) حيث توفى. ولم استطع مع ذلك، التأكد مما إذا كان قد توفى طبيعيا أم لا([316])، إذ مازال يُقال من أتباع مقدونيوس أنه قد خُنِق.
(4/2/2) وبمجرد أن أُرسِل إلى المنفى، استولى مقدونيوس على ادارة الكنيسة، إذ سانده بعض الرتب من الرهبان الذين انضموا إليه فى القنسطنطينية، وبواسطة التحالف مع اساقفة المناطق المجاورة شن كما قيل اضطهادا ضد أولئك المتمسكين بمفاهيم بولس. فطردهم أولا من الكنيسة ثم أجبرهم على الاشتراك معه فى التناول. وقد هلك كثيرون بسبب الجروح التى تلقوها فى المقاومة. وجُرِّد البعض من ممتلكاته، والبعض من المواطنة، ووُسِم البعض على جباههم بأداة حديدية لكى ما يوصموا كشائنين.
(4/2/3) ولم يُسَّر الإمبراطور بذلك عندما سمع بهذه المعاملات، وألقى باللوم على مقدونيوس وأتباعه.


الكتاب الرابع: الفصل الثالث
(اسشهاد موثقى العقود المُقدَّسين)

وازداد الاضطهاد عنفا وأدى إلى سفك الدماء. وكان مارتيريوس ومرقيان من بين الذين قُتِلوا. لقد كان يعيشان فى منزل بولس، وسُلِّما من قِبل مقدونيوس إلى الحاكم كمذنبين بتهمة قتل هرموجينس وبتنفيذ الشقاق السابق ضده. وكان مارتيريوس مساعد شماس([317])، ومرقيان مُنشِدا وقارئا للأسفار المقدسة. ومقبرتهما مشهورة، وتقع أمام أسوار القنسطنطينية كتذكار للشهيدين، ووُضِعت فى بيت للصلاة أقامه يوحنا([318]) وأكمله سيسينيوس اللذان ترأسا فيما بعد كنيسة القنسطنطينية، لأن هذيَن اللذيَن لم يكونا مستحقين لنوال كرامة الاستشهاد، قد كُرِّما من الله، لأن ذات المكان الذى قُطِعت فيه رأسيهما وماتا، والذى لم يكن أحد يقترب منه بسبب الاشباح قد تطهر الآن. وأولئك الذين كانوا تحت وطأة الشياطين قد تحرروا من الأمراض ومعجزات أخرى كثيرة قد أُجريَت من المقبرة، وهذه على وجه الخصوص يجب أن تُسجَّل عن مارتيريوس ومرقيان. واذا ما بدا أن ما قلته صعب التصديق، فمن السهل أن نلجأ إلى أولئك المُلِّمين جيدا بهذه الظروف وبالطبع سنجد معلومات أكثر عجبا بكثير من الأمور التى رويتها عنهما.


الكتاب الرابع: الفصل الرابع
(قنستانتيوس فى سيرميوم. جالوس يحمل لقب قيصر، ويُرسَل إلى الشرق)

(4/4/1) وعند نفْى أثناسيوس الذى حدث فى خلال هذه الفترة، اضطهد جورج كل مَن رفض الخضوع لمعتقداته فى سائر انحاء مصر. وزحف الإمبراطور إلى ايلليريا، ودخل سيرميوم التى توجه إليها فترانيو الذى عدَل الجنود فجأة عن إعلانهم له كإمبراطور، وحيّوا قنستانتيوس كحاكم أوحد وكأوغسطس، لأن كلا من الامبراطور ومؤيدوه قد جاهدوا لذات الفعل. وإذ أدرك فترانيو أنه قد تعرَّض لخيانة، طرح نفسه تحت أقدام قنستانتيوس فأشفق عليه حقا، ولكن جرَّده من الزينة الامبراطورية ومن الارجوان وألزمه بالعودة إلى الحياة الخاصة وأمده بحاجاته الخاصة من الخزانة العامة، وأخبره أنه من الجيد لرجل مسن أن يبتعد عن هموم الإمبراطورية ويعيش فى هدوء.
(4/4/2) وبعد الانتهاء من هذه الترتيبات بشأن فترانيو، أرسل قنستانتيوس جيشا كبيرا إلى ايطاليا ضد ماجننتيوس، وأسبغ عندئذ لقب قيصر على ابن عمه جالوس وأرسله إلى سوريا للدفاع عن المناطق الشرقية.


الكتاب الرابع: الفصل الخامس
(كيرلس يقوم بالخدمات المقدسة بعد مكسيموس. ظهور علامة الصليب الضخمة، والتى تفوق الشمس فى فخامتها، وتدوم لعدة أيام)

(4/5/1) فى ذلك الوقت تولى كيرلس ادارة كنيسة أورشليم بعد مكسيموس، وظهرت علامة الصليب فى السماء. كانت تظهر بلمعان ليست بأشعة متشعبة كمثل مذنب ولكن كنور عظيم مركز وكثيف بوضوح ولكن ليس شفافا. كان طوله خمسة عشر استاديا من جبانة جبل الزيتون، وكان عرضه متناسبا مع طوله.
(4/5/2) وقد أثارت هذه الظاهرة غير العادية رعبا عاما. فترك الرجال والنساء والأطفال بيوتهم وأسواقهم ووظائفهم وهرعوا إلى الكنيسة حيث أنشدوا التسابيح للمسيح معا واعترفوا اختياريا بإيمانهم بالله. ولم يكن المتعلمون فى مناطقنا بأقل اضطرابا، وقد حدث ذلك بسرعة. لأنه كما كانت العادة كان هناك مسافرون من كل مكان فى العالم يقيمون فى أورشليم للصلاة، أو لزيارة معالمها وشاهدوا هذه العلامة ونقلوا الحقيقة إلى اصدقائهم فى الوطن.
(4/5/3) وألمَّ الإمبراطور بالموضوع من التقارير العديدة الخاصة بها من ناحية، ومن رسالة للأسقف كيرلس من ناحية أخرى.
(4/5/4) وقد قيل أن هذه الاعجوبة كانت تحقيقا لنبوة قديمة فى الكتاب المقدس، وكانت واسطة لإعتناق الكثيرين من الوثنيين واليهود للمسيحية.


الكتاب الرابع: الفصل السادس
(فوتينوس اسقف سيرميوم وهرطقته. مجمع سيرميوم لمعارضته. صيغ ايمانية ثلاثة لهذا المجمع).

(4/6/1) وفى حوالى هذا الوقت أثار فوتينوس Photinusالذى كان يدير كنيسة سيرميوم هرطقة أمام الإمبراطور كان قد ابتدعها قبل ذلك بوقت ما. وقد أدت قدرته على الإقناع وطبيعة خطابه السهل إلى اتخاذ الكثيرين لطريقة تفكيره. فهو يعترف أن هناك إله واحد ضابط الكل، بكلمته وحدها خُلِقت سائر الأشياء. ولكنه كان لا يُسلِّم بأن وجود وولادة الابن كان قبل كل الدهور. فهو يزعم، على العكس، بأن المسيح استمد وجوده من مريم.
(4/6/2) وبمجرد أن أذاع هذا الرأى حتى أثار حنق الاساقفة الغربيين والشرقيين، واعتبروه ابتداعا فى الايمان الخاص بكل أحدٍ بصفة عامة. إذ أنه قوبل بإعتراض من كلٍ من أولئك الذين يعتنقون عقائد مجمع نيقية، وأولئك المشايعين لمفاهيم أريوس. وأيضا نظر الإمبراطور إلى الهرطقة بإشمئزاز وعقد مجمعا فى سيرميوم حيث ترأسه.
(4/6/3) ومن بين الاساقفة الشرقيين الذين حضروا هذا المجمع كان جورج الذى ترأس كنيسة الأسكندرية([319]) وباسيليوس([320]) اسقف انقيرا ومارك اسقف آرثوسا Arethusa. ومن بين الاساقفة الغربيين، حضر فالنس اسقف مورسا Mursa، وهوسيوس المُعترف.
(4/6/4) وهذا الأخير كان قد حضر مجمع نيقية ولذا لم يكن مشاركا فى هذا المجمع بإختياره إذ كان قد سبق وأن عوقب سابقا من خلال دسائس الاريوسيين، ولكنه أُستُدعِى إلى المجمع بأمر من الإمبراطور بتحريض من الاريوسيين، إذ رأوا أن حزبهم سيَقوى بحضوره إذا ما كسبوا، سواء بالإقناع أو بالقوة، رجلا محل إعجاب وتقدير عام مثل هوسيوس.
(4/6/5) وكان زمن انعقاد المجمع هو سنة بعد انتهاء قنصلية سرجيوس ونيجرنيان .Nigrinian وخلال هذه السنة لم يكن هناك قناصل سواء فى الشرق أو فى الغرب بسبب المنازعات المثارة من الطغاة.
(4/6/6) وخُلِع فوتينوس من المجمع إذ أُتُهِم بجمع أخطاء سابيللوس وبولس السموساطى. وسنَّ المجمع عندئذ ثلاث صيغ بالإضافة إلى الاعترافات السابقة، كانت إحداها مكتوبة باليونانية والأخريتان باللاتينية. ولكنها لم تتفق مع بعضها البعض ولا مع أى صيغة عقائدية سابقة سواء فى اللفظ أو المضمون. ففى الصيغة اليونانية الابن مساوى للآب ومن ذات الجوهر. وأُعلِن هناك أن أولئك الذين يزعمون أن الإبن ليست له بداية أو أنه انبثق من جوهر الآب، أو أنه متحد بالآب دون خضوع له محرومين([321]). وفى إحدى الصيغتين اللاتينيتين حُظِر القول من جوهر (الذى يدعونه الرومان substance) الله أو أن الإبن مساوى للآب، أو من ذات جوهر الآب، إذ أن هذه العبارات لم ترِد فى الكتاب المقدس وتفوق فهم ومعرفة البشر([322]). لقد قيل أنه يجب الاعتراف بأن الآب أسمى من الإبن([323]) فى الكرامة والعزة والألوهية وفى العلاقات الخاصة بإسم الآب، وأنه يجب الاعتراف بأن الابن، مثل كل الكائنات المخلوقة، خاضعا للآب([324])، وأن الآب لا بداية له، وأن ولادة الابن غير معروفة للجميع ما عدا الآب.
(4/6/7) وقد رُوِى أن هذه الصيغة عندما كمُلت أدرك الاساقفة الأخطاء التى بها، ورأوا ضرورة حجبها عن العامة وتصحيحها، وأن الإمبراطور قد هدد كل مَن يخفى أو يحجب أيا من النسخ التى حُرِّرت لها. ولكن ما أن نُشِرت لم تستطع أية جهود منعها.
(4/6/8) أما الصيغة الثالثة، فهى بذات المعنى مثل الأخريات فهى تحظر استخدام مصطلح جوهر substance بسبب المصطلحات المستخدمة فى اللاتينية، فبينما المصطلح اليونانى مستخدم بأكثر سهولة من قِبل الآباء، ولكن سبَّب عثرة لكثيرين من الجمهور غير المتعلم لأنه لم يوجد فى الكتاب المقدس، لذا وجدنا من المناسب منع استخدامه ونوصى بحذف كل ذِكر للمصطلح عند الاشارة إلى الألوهية، إذ أنه لم يرِد فى أى مكان فى الكتاب المقدس أن الآب والابن والروح القدس من ذات الجوهر same substance وإنما كلمة اقنوم person هى المكتوبة. ولكننا نقول اتساقا مع الأسفار المقدسة أن الابن مثل الآب.
(4/6/9) هذا هو القرار الذى تم التوصل إليه فى حضور الإمبراطور بشأن الايمان. وقد رفض هوسيوس أولا التصديق عليه، ولكن إذ كان هرما فقد رضخ تحت الضغط واللكمات التى أضرته بشدة، ووقَّع.
(4/6/10) وعقب خلع فوتينوس فكر المجمع فيما إذا كان من الممكن أم لا اقناع فوتينوس بالرجوع عن رأيه والتوقيع على صيغة الايمان التى أعدوها، ووعدوه بإسترداد اسقفيته، ولكن تحداهم لمناقشة عامة. وفى الوقت المُعيَّن لهذا الغرض اجتمع الاساقفة لذلك ومعهم القضاة المعينين من قِبل الإمبراطور لرئاسة هذه الجلسات والذين بسبب الكرامة والبلاغة حازوا الرتبة الأولى فى القصر. واُختِير باسيليوس اسقف انقيرا لإبتداء المناقشة مع فوتينوس.
(4/6/11) ودام الجدل مدة طويلة بسبب الاسئلة العديدة والأجوبة من قِبل الطرفين والتى كانت تدوَّن فى الحال بالإختزال، ولكن فى النهاية أُعلِنَت الغلبة لباسيليوس ونُفِى فوتينوس. ولكنه لم يكف عن نشر رأيه. وكَتَب أعمالا كثيرة باليونانية واللاتينية سعى فيها إلى اظهار سائر الآراء، ما عدا رأيه، على أنها غير صحيحة.
واختتم الآن، ما قد سجلته عن فوتينوس والهرطقة المسماة بإسمه.


الكتاب الرابع: الفصل السابع
(موت الطاغية ماجننتيوس وسيلفانوس المرتد. عصيان يهود فلسطين. مقتل جالوس قيصر)

(4/7/1) وفى نفس الوقت جعل ماجننتيوس نفسه سيدا على روما القديمة، وقتل عددا من السيناتورات ومن الشعب. وإذ سمع بتقدم جحافل قنستانتيوس انسحب إلى الغال، وهناك إلتقى الطرفان حيث كان النصر حليفا لكل منهما تارة وأخرى. ومع ذلك هُزِم ماجننتيوس أخيرا وهرب إلى مورسا Mursa التى هى حصن الغال هذه. وعندما رأى أن جنوده قد قنطوا لأنهم قد هُزِموا، وقف فوق ربوة عالية وسعى إلى إعادة شجاعتهم. ولكن على الرغم من أنهم خاطبوا ماجننتيوس بصيحات الاعجاب المعتادة للآباطرة، وكانوا مستعدين للهتاف عند ظهوره العلنى، إلاَّ أنهم هتفوا سرا وبدون تفكير مسبق لقنستانتيوس كإمبراطور بدلا من ماجننتيوس.
(4/7/2) وخلُص ماجننتيوس من هذه الظروف أنه ليس مُعيَّنا من الله للقيام بمهمة الإمبراطورية، فسعى إلى الانسحاب من الحصن إلى مكان ما أبعد. ولكن جحافل قنستانتيوس طاردته وهزمته عند بقعة تُدعَى جبل سلوقية Seleucus، فهرب وحده من الحصار إلى لوجدونا Lugduna. وعند وصوله إلى هناك ذبح أمه وأخيه الذى كان قد دعاه قيصرا، وأخيرا قتل نفسه. وليس بعد ذلك بوقت طويل، أنهى أخوه داكنتيوس أيضا حياته. وظل العامة فى شغب إذ قام سيلفانوس Silvanusليس بعد ذلك بوقت طويل، وادعى سيادته على الغال ولكنه قُتِل فى الحال على يد جنرالات قنستانتيوس.
(4/7/3) أيضا اجتاح يهود ديوقيصرية، فلسطين والمناطق المجاورة وحملوا السلاح عازمين على خلع النير الرومانى. وعندما سمع جالوس قيصر الذى كان آنذاك فى انطاكية بتمردهم أرسل كتائب ضدهم وهزمهم ودمر ديوقيصرية.
(4/7/4) وإذ افتتن بالنصر لم يستطع جالوس أن يقتنع بنشوته فتطلع إلى السلطة الاعلى فقتل ماجنوس القوِسطر([325]) quæstor، ودومتيان والى الشرق، لأنهما فتنا للإمبراطور بتطلعاته. فثار غضب قنستانتيوس واستدعاه إلى حضرته. ولم يجرؤ جالوس على عدم الطاعة وانطلق فى رحلته.
(4/7/5) وعندما وصل مع ذلك إلى جزيرة إيلافونا Elavona قُتِل بأمر الإمبراطور. وقد حدثت هذه الواقعة فى السنة الثالثة من قنصليته، والسابعة لقستنانتيوس.


الكتاب الرابع: الفصل الثامن
(وصول قنستانتيوس إلى روما. عقد مجمع فى ايطاليا. رواية ما حدث لأثناسيوس الكبير بواسطة دسائس الاريوسيين)

(4/8/1) وبموت الطغاة توقع قنستانتيوس استعادة السلام، وإنتهاء الشغب. وغادر سيرميوم ليعود إلى روما القديمة لكى يتمتع بشرف النصر بعد انتصاره على الطغاة. وعزم بالمثل على دعوة الاساقفة الشرقيين والغربيين إذا أمكن، إلى الاتفاق بشأن العقيدة بعقد مجمع فى ايطاليا.
(4/8/2) وفى حوالى هذه الفترة توفى يوليوس([326]) بعد ادارته لكنيسة روما لمدة خمسة وعشرين سنة، وخلفه ليبريوس. وظن أولئك الذين عارضوا مجمع نيقية أنها فرصة مواتية للإفتراء على الاساقفة الذين قد خلعوهم، وأن يعملوا على طردهم من الكنائس بوصفهم يتمسكون بعقائد زائفة، ومخلين بالسلام العام، واتهموهم بإثارة سوء الفهم بين الأباطرة خلال حياة قنسطانس.
(4/8/3) وكان ذلك حقيقة كما روينا عاليه، إذ هدد قنسطانس أخيه بشن حرب ما لم يقبل بعودة الاساقفة الارثوذكسيين. وكانت جهودهم مركزة بصفة أساسية ضد أثناسيوس الذى كانوا يحنقون عليه بشدة، وحتى عندما كان محميا بقنسطانس ومتمتعا بود قنستانتيوس لم يستطيعوا اخفاء عداوتهم له.
(4/8/4) فإجتمع فى نيقية نارسيسوس اسقف كيليكية، وتيودور اسقف تراقيا، ويوجينوس اسقف نيقية، وباتروفيلوس اسقف سكيثوبوليس، ومينوفانتوس اسقف افسس، واساقفة آخرون ثلاثون بالعدد، وكتبوا رسالة إلى جميع الاساقفة فى سائر الأقاليم يسجلون فيها، أن أثناسيوس قد عاد إلى اسقفيته ضد أحكام الكنيسة، وأنه لم يُبرىء نفسه أمام أى مجمع وأنه كان مؤيدا فقط من قِبل بعض شيعته. وحثوهم على عدم الاشتراك معه فى التناول أو مراسلته، ولكن الاشتراك فقط مع جورج الذى كان قد سيم خلفا له.
(4/8/5) وازدرى أثناسيوس بهذه الاجراءات، ولكنه كان عتيدا أن يقاسى تجاربا أعظم من أىٍ مما عاناه من قبل. فعقب موت ماجننتيوس فى الحال، وجد قنستانتيوس نفسه، الإمبراطور المنفرد للإمبراطورية الرومانية، فوجه كل جهده إلى حض اساقفة الغرب على التسليم بأن الإبن هو مثل الآب فى الجوهر.
(4/8/6) ولكى ما ينفذ هذه الخطة لم يلجأ إلى الإجبار بل سعى إلى اغراء الاساقفة الآخرين إلى الموافقة على مراسيم اساقفة الشرق ضد أثناسيوس. لأنه ظن أنه إذا ما جعلهم يتفقون فى الرأى على هذه النقطة، فسيكون من السهل عليه بعد ذلك ادارة الشؤون المتعلقة بالديانة

 

محاولة الأمبراطور بتعيين أساقفة بدلاً من أثناسيوس على الإسكندرية

ذكر البابا أثناسيوس أن الأمبراطور قام بتعيين بستوس أسقفاً على الإسكندرية بدلاً منه بإيعاز من يوسابيوس النيقوميدى فى شتاء سنة 338 م ولكنه كان تعييناً على الورق فقد حدث إحتجاج سريع من ألبابا أثناسيوس بمجرد أن علم بالقرار فأرسل فى الحال إحتجاجات إلى جميع اساقفة العالم , ومنهم يوليوس أسقف روما فما كانوا منهم إلا أنهم حرموا بستوس الأريوسى وقطعوه من الشركة قبل وصوله للأسكندرية , وفيما يلى شكر من الأساقفة المصريين إلى اساقفة العالم : [ ونحن نشكركم من أجل تقواكم أيها ألأعزاء المحبوبون لأنكم حكمتم بالحرمان دائماً على الأريوسيين فى خطاباتكم , ولم تعطوهم الفرصة إطلاقاً أن يدخلوا الكنيسة ... أما ألان فهم يثيرون الرجال الأريوسيين المختلين ليقاوموا الكنيسة علناً , فبالرغم من أن كل الكنيسة الجامعة قد حرمتهم ( سابقاً ) إذ بهم يعينون أسقفاً عليهم ( يقصد بستوس ) ليشوشروا على الكنيسة ويزعجوها حتى يكسبوا لأنفسهم أعواناً لكفرهم فى كل مكان ] (3)

وتعجل يوسابيوس النيقوميدى الأريوسى وأرسل إلى يوليوس أسقف روما لجنة من مكاريوس القس الأريوسى وأثنين من الشمامسة الأريوسيين مارتيروس وحزقيوس ينبئه بعزل أثناسيوس وتعيين بستوس على كرسى الأسكندرية بدلاً من أثناسيوس وقد ذكر يوليوس أسقف روما قائلاً : [ وقبل أن يصل إلى كهنة أثناسيوس , كتبوا ( يوسابيوس وطائفته ) إلى ملحين بالسرعة فى إرسال خطابات ( تهمئة ) لرجل يدعى بستوس على الإسكندرية , مع أنه فى نفس الوقت (كما أعلم) كان أثناسيوس الأسقف هناك , فلما وصل كهنة الأسقف أثناسيوس , أبلغونى أن هذا الرجل بستوس الأريوسى وأنه تم فيما سبق قطعه من الشركة بواسطة ألكسندر الأسقف (ألكسندر البطريرك 19 السابق لأثناسيوس ) وقطع من مجمع نيقية أيضاً , وانه أجريت له رسامة على يد سكوندوس وهذا أيضاً بدوره كان المجمع الكبير فى نيقية قد حرمه كأريوسى , وهذه الحقائق لم يستطع مرتيروس وأتباعه ( رسل يوسابيوس الذين ارسلهم إلى اسقف روما لينبئه بعزل أثناسيوس ويحضه على إرسال خطابات تهنئة لـ بستوس ) - أن يناقضوها , ولم يستطيعوا ان ينكروا أن بستوس هذا قد رسمه سكوندوس .

فإنظروا الآن وقرروا بعد هذا كله من يكون المستحق للعلامة بالعدل ؟ هل أنا ؟ الذى لم يستطيعوا أن يحملونى على الإذعان لطلباتهم بأن اكتب لـ بستوس الأريوسى , أم هؤلاء الذين نصحونى أن أسئ إلى المجمع الكبير وأمتهنه بأن اكتب لهؤلاء الكفرة وكأنهم رجال دين ؟ ]

ويقول يوليوس أسقف روما : [ ولأكثر من ذلك أن القس مكاريوس ( رئيس بعثه يوسابيوس ) الذى كان قد أرسله إلينا يوسابيوس مع مرتيروس والباقيين , وعندما سمع بإعتراض كهنة أثناسيوس ( الذين كشفوا مؤامرتهم) غادر فى الليل فجأة مع أنه كان مريضاً ومع أننا كنا نتوقع حضوره مع مرتيريوس وحزقيوس - فى الصباح - مما جعلنا نعتقد ان رحيله كان بسبب إفتضاح موضوع بستوس , لأنه من المستحيل أن تجيز الكنيسة الجامعة رسامة يقوم بها سكوندوس الأريوسى , بإعتبار أن هذا يكون فى الواقع إمتهاناً للمجمع ( نيقية ) وللأساقفة الذين عقدوه وتكون بمثابة رفض صريح للقرارات التى صاغوها فى حضرة الرب بكل إجتهاد وعناية وكأنها بلا قيمة ] (4)

مجمع أنطاكية الأول
 أصدر مجمع أنطاكية قرار بعزل البابا أثناسيوس عن كرسى كنيسة الأسكندرية عام 339 م وأختار المجمع شخص من أتباع يوسابيوس أسمه يستوس , وكان كاهن محروم وأقامة رئيس أساقفة على مدينة الأسكندرية وهذه الكنيسة لم تنحنى من قبل فى إقامة أسقفاً عليهم بدون إختيارهم .

ولكن ثبت لهم عدم صلاحية يستوس فساموا غريغوريوس الكبادوكى بالقوة , فإضطر القديس أثناسيوس أن يهرب إلى روما حيث رحب به البابا يوليوس .

وأستقر الأريوسيين على تعيين خصم آخر قوى وهو غريغوريوس الأريوسى حيث وصل إلى الإسكندرية وأغتصب الكرسى الرسولى بالفعل بالقوة فى موسم الفصح 339 م ويقول البابا أثناسيوس عن هذه الأحداث : [ وغريغوريوس هذا أريوسى , وقد أرسله لحساب الجماعة الأريوسية ( بالأسكندرية ) لأن أحداً قط لم يطلبه إلا هؤلاء الأريوسيين وحدهم , وعليه , وكونه أجيراً غريباً إستخدم السلطان الحكومى متسبباً فى هذه المصائب المرعبة التى تنم عن قسوة تجاه الشعب والكنيسة وكأنها ليست كنيسة .

أما لماذا أرسلوا غريغوريوس , فلأن بستوس الذى عينه يوسابيوس وأتباعه من الأريوسيين , هذا تم حرمه وقطعه من الشركة بالعدل جزاء كفره بواسطتكم يا أساقفة الكنيسة الجامعة , وهذا تعلمونه جميعكم بما كتبت إليكم بخصوصه , وها هم الآن وبنفس الطريقة قد أرسلوا غريغوريوس إليهم ( أى إلى الأريوسيين بالأسكندرية فقط , حيث يرفض البابا أثناسيوس القول بأن غريغوريوس تعين على الكرسى السكندريى عامة ] (5)

وأرسل غرغوريوس الكبادوكى (الأريوسى ) بسرعة وفى سرية تامة إلى الإسكندرية مدعماً بقوة عسكرية قوامها 500 فارس وبتوصيات مفتوحة من الأمبراطور بإستجابه الوالى لجميع طلباته .

أحداث الأسكندرية قبل وصول غريغوريوس الكبادوكى ( الأريوسى)

تمت هذه الأحداث فى موسم الصوم الكبير وأسبوع الألام وعيد الفصح سنة 339 م وقد كتبها البابا أثناسيوس : [ ولما رأى يوسابيوس وأتباعه إضمحلال هرطقتهم كتبوا إلى روما كما كتبوا إلى أباطرة الغرب قسطنطين وقسطانس متهمين أثناسيوس , ولكن لما فند مبعوثوا أثناسيوس هذه الإفتراءات وكشفوا حقيقتها صاروا فى خجل امام الأباطرة وأمام يوليوس أسقف روما الذى كتب يدعوا إلى مجمع يلزم أن ينعقد فى المكان الذى نختاره ( أثناسيوس يتكلم بصيغة الجمع !! ) حتى يستطيعوا أن يعرضوا إتهاماتهم التى صنعوها ولكى يستطيعوا أيضاً أن يدافعوا عن أنفسهم بحرية فيما يختص بالأمور التى هم أيضاً متهمون فيها ! على أن الكهنة الذين أرسلوهم ( كهنة يوسابيوس ) لما رأوا أنفسهم قد إفتضحوا ترجوا هم أيضاً أن يقام المجمع .

ولكن هؤلاء الأشخاص ( اليوسابيين ) الذين يشك دائماً فى سلوكهم , حينما راوا أنهم لن يفوزوا بشئ أفضل من إقامة هذه المحاولة الكنسية , إتجهوا بجملتهم إلى قسطنطيوس وحده متباكين ومستغيثين به كحامى حمى هرطقتهم , فرأوا أن يكتبوا خطابات , ويرسلوا فيلاجريوس ( وهو أريوسى ) ليكون والياً على مصر , لأنه قادر أن يقوم بعمليات إضطهادات كما كما ينبغى وكما أثبت هو ذلك سابقاً بجدارة , وبالأكثر لأنه هو نفسه زنديق ومارق عن الدين , كما فكروا ايضاً أن يرسلوا غريغوريوس ليكون أسقفاً على الإسكندرية , لأن هذا أيضاً يستطيع أن ينصر هرطقتهم .

وبناء عليه أرسل قسطنطيوس فى الحال رسائله تحمل بداية إضطهاد جديد ضد الجميع , وذلك على يد فلاجريوس الوالى يلازمة أحد خصيان الإمبراطور المدعو أرساكيوس , وبعدها أرسل غريغوريوس مدعماً بقوة عسكرية ] (6)

فكرة وإقتراح عقد مجمع آخر

ذكر الأسقف البابا أثناسيوس أن : [ يوسابيوس ( النيقوميدى ) وأتباعه كتبوا إلى يوليوس ظانين أنهم يخيفوننى بهذا , وطلبوا منه أن يدعوا إلى عقد مجمع يكون هو الحكم فيه , إن كان هذا يرضيه ] ( 7 ) وكان يوليوس أسقف روما مدعماً بالأمبراطورين قسطانطس وقسطنطين الثانى وبدعوة من يوسابيوس وبعد موافقة بقية أعضاء بعثة يوسابيوس فى روما ( بعد هروب مكاريوس أسقفها ) فقام بدعوة أثناسيوس ويوسابيوس إلى مجمع مسكونى وترك إلى اثناسيوس حرية إختيار مكانه , فإختار روما .

وبدأ يوليوس بتعيين ميعاد الإنعقاد فجعله فى ديسمبر سنة 339 م وبدأ فى التحضير له , وأرسل بالفعل إلى يوسابيوس يدعوه مع كل الأساقفة بواسطة كاهنين هما هيليذيوس وفيلوكسينوس الرومانيين .

ووصلا الكاهنين هيليذيوس وفيلوكسينوس الرومانيين إلى أنطاكية إحتجزهما يوسابيوس عنده حتى بعد زمان عقد مجمع يوليوس فبقيا فى أنطاكية حتى سنة 340 م وغادرا أنطاكبة ومعهما خطاب من يوسابيوس ملوء مراوغة , إتهم فبه يوليوس بالتحيز ولامه على تصرفاته وقبوله أثناسيوس فى الشركة معه .

ورد يوليوس الأسقف الرومانى بخطاب فضح فيه كل أساليب الأريوسيين وتصرفات يوسابيوس بعنف ووضوح مع حكمة ورزانة , وفند كل إدعاءات يوسابيوس وإتهاماته وملاماته الكاذبة واضعاً عليه كل اللوم فيما آلت إليه الكنيسة فى العالم

================

المــــــــــــــــراجع

(1) كتاب حقبة مضيئة فى تاريخ مصــر - بمناسبة مرور 16 قرناً على نياحته - القديس أثناسيوس الرسولى البابا العشرون 296 - 273 م سيرته , دفاعه عن الإيمان عند الأريوسيين , لاهوته - العلامة الروحانى الأب متى المسكين - عدد صفحاته 824 صفحة- الطبعة الثانية 2002 م  ص 128

(2) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - كنيسة علم ولاهوت - طبعة تحضيرية 1986 م - القمص تادرس يعقوب ملطى

(3) Apol., contra Arian.19.

(4) Apol., contra Arian.24.

(5) Athanas. Epist. Encyc. 6.

(6) Hist., Arian. 9, 10.

(7)  Apol., contra Ar. 20.

This site was last updated 11/20/17