Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

مجمع أنطاكية المشهور بمجمع التدشين سنة 341م

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
مجمع صــور
تدشين كنيسة القبر المقدس
مجمع أورشليم وقبول آريوس
المصريون يثورون ضد آريوس
مجمع القسطنطينية وموت آريوس
موت الإمبراطور وعودة أثناسيوس
يوسابيوس ينشر الأريوسية
الإسكندرية تستقبل أثناسيوس
القديس أنطونيوس ينزل من الجبل
الموافقة على مجمع أنطاكية
تعين أساقفة نفى أثناسيوس الثانى
الإضطهاد الأريوسى لأقباط مصر
إعتكاف أثناسيوس وخطابه
البابا أثناسيوس فى روما
الخطابات الفصحية
أنطونيوس وباخوميوس والأريوسيين
مجمع روما
مجمع أنطاكية/ التدشين
مجمع أنطاكية الثانى
مجمع سرديكا
الأريوسيين وإساءة سمعة أسقفين
حرومات سرديكا وآثاره
قرارات مجمع أنطاكية الرابع
خطابات الأمبراطور لأثناسيوس
وداع الأصدقاء وخطاب يوليوس
البابا أثناسيوس يقابل الأمبراطور
عودة البابا أثناسيوس للأسكندرية
الفترة الذهبية والمرحلة الأولى
الفترة الذهبية والمرحلة الثانية
مجمع آرل وآخر فى ميلان
إرسال بعثة تهنئة
بعثة قسطنطيوس الخبيثة
قسطنطيوس والإضطرابات الخارجية والداخلية
الإضطهاد والنفى الثالث
مؤلفات البابا أثناسيوس
المجامع الأريوسية
موت فسطنطينوس / بولبانوس الجاحد
مجمع الإسكندرية
المنفى الرابع والخامس
روحانية‏ ‏القديس‏ ‏أثناسيوس
موت اريوس
هرطقة مارسيللوس اسقف انقيرا
Untitled 7985

المجمع الأول فى أنطاكية ( التدشينى )

 لماذا إجتمع الأريوسيين فى أنطاكية ؟

إجتمع مجمع أنطاكية سنة 339 م بأغلبية أريوسية بعد أن نفوا كثير من الأساقفة الأرثوذكسيين وكان من قراراته عزل البابا أثناسيوس وتعيين غريغوريوس الكبادوكى الأريوسى بدلاً منه , وذهب هذا الأريوسى إلى الأسكندرية ومعه فرقة من الجند عددها 500 جندى لقمع أهل مصر .

وذهب البابا أثناسيوس إلى روما وأستقبله يوليوس اسقف روما وجعله فى شركته وأرسل إلى الأريوسيين رسالة لرأب الصدع فى جسم الكنيسة وإزالة الإنشقاقات ولكن الأريوسيين  لجأوا إلى الخداع فحجزوا رسله مدة طويلة حتى تعدى ميعاد المجمع ثم ارسلوا خطاباً يحتوى على عبارات غاضبة ولوم وحاد اللهجة لإستضاقته البابا أثناسيوس , فعقد يوليوس أسقف روما مجمعاً فى وقت آخر فى روما " مجمع روما " فى نهاية " ديسمبر" سنة 340 م حضره 50 أسقفاً  وكان من قراراته تكليف أسقف روما بالرد على خطاب الأريوسيين ( أساقفة الشرق) فأرسل لهم خطاباً وصلهم فى بداية سنة 341 م فأثار الخطاب حفيظة الأريوسيين (1) الذى يترأسهم يوسابيوس وصمموا على مناوأة يوليوس , وحدث أن الكنيسة الكبرى المذهبة بأنطاكية قد أكتمل بناؤها وحان موعد تدشينها خاصة أن كثيرين من الأساقفة كانوا قد ذهبوا للأحتفال بيوم تدشين هذه الكنيسة , فإنتهزوا الفرصة وعقدوا مجمعاً حضره 87 أسقاً معظمهم من المتحفظين ولكن ترأسه الأريوسيين وحضره يوسابيوس النيقوميدى الذى لم يكن يتبقى على نهاية حياته غير بضعة شهور ، أما يوسابيوس بامفيليوس القيصرى فكان قد مر على موته سنتين وخلفه أكاكيوس على قيصرية فلسطين وهو تلميذ يوسابيوس بامفيليوس - وقد ترأس مجمع أنطاكية الثانى ديانيوس أسقف قيصرية كبادوكيا . 

وقد غلب الأنفعال على أعضاء مجمع انطاكية عندما قرأ عليهم خطاب يوليوس أسقف روما الذى برأ فيه البابا أثناسيوس وأساقفته الذين أضطهدهم ونفاهم الأريوسيين وقد سجل المؤرخ سقرط صورة لما حدث : [ ولما اعتبر هؤلاء الأشخاص ( الساقفة الأريوسيين ) أن توبيخات يوليوس أهانت كرامتهم ، دعوا إلى مجمع فى أنطاكية إجتمعوا فيه معاً وأملوا خطاباً رداً على خطابات يوليوس كتعبير علم عن الشعور الواحد المتضامن للمجمع بأكملة ، فلم يكن من أختصاصة ، كما قالوا ، أن يقاضى قراراتهم بخصوص أى من الذين يريدون طرده من كنائسهم ، بالمثل كما أنهم لم يعرضوا أنفسهم ضده عندما طرد نوفاتس من الكنيسة ، هذه الأمور أبلغها اساقفة الشرق إلى يوليوس أسقف روما ] (3)

وقد تطرق المؤرخ سوزوم إلى تفاصيل ما حدث فقال : [ وأجتمع الأساقفة (الشرقيون) فى أنطاكية وصاغوا رداً على يوليوس نمقوه بحذق ومهارة قانونية فائقة ، غير أنهم ملأوه بالتهكم والتهديدات / وأعترفوا فى هذا الخطاب أن كنيسة روما تقلدت بكرامة مسكونية ، لأنها كانت مدرسة الرسل وصارت أم التقوى منذ البدء ، غير أن الذين جلبوا لها هذه العقيدة وأستقروا فيها جائوا من الشرق ، ولكنهم أضافوا أن الدرجة التالية من الكرامة لا ينبغى ان تكون من نصيبهم بسبب كونهم لم يحوزوا على مدن أكبر أو عدد أكثر فى كنائسهم ، لأنهم يفوقون الرومانيين فى الفضيلة وفى القدرة على الفصل والحكم ! ثم دعوا يوليوس لتقديم حساب عن قبوله أثناسيوس واتباعه فى الشركة ، وأفصحوا له عن سخطهم ضده لأنه اهان مجمعهم وأبطل قوانينهم ، وهاجموا أعماله بإعتبارها غير عادلة ومتعارضة مع الحق الكنسى .

وبعد هذه التوبيخات والإحتجاجات بدأوا يهددون أنه إذا أعترف بعزل الأساقفة الذين طردوهم وبالآخرين الذين حلوا محلهم ، فإنه يعدونه بالسلام والزمالة ، وإلا فإنهم سيعلنون مقاومتهم له علناً ] (4)  ومما يذكر أن هذا الخطاب مماثل لصيغة الخطاب الذين كانوا قد أرسلوه ليوليوس قبل عقده لمجمع روما - ويجمع كل من سقراط وسوزوم أنه : بعد أنقضاض المجمع حدث زلزال مروع فى منطقة أنطاكية (5)

    

*******************************

المــــــــــــــــراجع

(1) كتاب حقبة مضيئة فى تاريخ مصــر - بمناسبة مرور 16 قرناً على نياحته - القديس أثناسيوس الرسولى البابا العشرون 296 - 273 م سيرته , دفاعه عن الإيمان عند الأريوسيين , لاهوته - العلامة الروحانى الأب متى المسكين - عدد صفحاته 824 صفحة- الطبعة الثانية 2002 م  ص  173 وما بعدها

(2) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - كنيسة علم ولاهوت - طبعة تحضيرية 1986 م - القمص تادرس يعقوب ملطى

(3) Socrates., E, H. II. 15.

(4) Sozom., E, H. 3:8.

(5) Socrat., II. 10; Sozom.,III. 6.
فيما يلى جزء من كتاب الـتـاريـخ الـكنسـى" للمؤرخ سُقراتيس سكولاستيكوس (ق4م) عـن الفترة 306م - 43 ترجمهُ من اليونانية إلى الانجليزية ايه. سى. زينوس - تعريب الدكتور الأب/ بـولا ساويرس  - مراجعة نيافة الحَبْر الجليل الأنبا/ إبيفانيوس اسقف ورئيس دير الأنبا مقار -
*********

الكتاب الثانى: الفصل الثامن
(يوسيبيوس يعقد مجمعا فى انطاكية، ويضع قانونا “مطولا” للإيمان)
(2/8/1) ومع ذلك، لم يستطع يوسيبيوس أن يركن إلى الهدوء بأى حال من الأحوال، ولكن كما يقول القول السائر لم يدع حجرا إلا وقلَبه، من أجل تنفيذ الغرض الذى فى ذهنه.
(2/8/2) لذلك تسبب فى عقد مجمع فى انطاكية بسوريا تحت ستار تدشين الكنيسة التى كان والد اوغسطس قد بدأ بتشييدها، والتى أكملها ابنه قنسطانتيوس فى السنة العاشرة من وضع اساساتها. ولكن كان هدفه الحقيقى هو إزالة وإلغاء عقيدة الهومووسيوس.
(2/8/3) وكان حاضرا بهذا المجمع تسعون اسقفا من عدة مدن. ومع ذلك لم يحضر مكسيموس اسقف أورشليم الذى كان قد خلف مكاريوس، متذكرا أنه قد انخدع وأُغوِىَّ على التوقيع بعزل أثناسيوس. ولا حضر أيضا يوليوس اسقف روما العظيمة([12]) أو ارسل مندوبين عنه، على الرغم من أن القانون الكنسى يأمر بعدم صدور أية فرائض ضد رأى اسقف روما([13]).
(2/8/4) واجتمع هذا المجمع فى انطاكية فى حضور الإمبراطور قنسطانتيوس فى فترة قنصلية مارسيللوس وبروبينوس([14])، أى فى السنة الخامسة بعد وفاة قنسطنطين ابو الأوغسطس ([15]).
وكان على رأس كنيسة انطاكية فى تلك الفترة، بلاسيتوس([16]) المدعو فلاكيلوس، خليفة صفرونيوس. وكان حلف يوسيبيوس قد سبق وافترى على أثناسيوس أنه قد تصرف ضدا للقانون الذى كانوا قد أصدروه بإسترداده لسلطته الاسقفية بدون تصريح من المجلس العام للأساقفة، إذ لما عاد من المنفى استولى على مسؤوليته الخاصة على الكنيسة. وأنه بسببه قُتِل كثيرون نتيجة للجلبة التى حدثت عند دخوله هناك. وعلاوة على ذلك، قد ازدرى بالبعض وارسل آخرين إلى المحاكم. وإلى جانب ذلك، عرضوا ما قد اتخذوه ضد أثناسيوس فى صور.

الكتاب الثانى: الفصل التاسع
(يوسيبيوس الذى من اميسا)
(2/9/1) وبناء على دعاوى من هذا القبيل، اقترحوا اسقفا آخر لكرسى الأسكندرية، وكان يوسيبيوس الملقب الآميسى Emisenusهو المرشح أولا. ويُخبرنا جورج اسقف لاودكية، الذى كان حاضرا فى هذه المناسبة عمن يكون هذا الشخص. فيقول فى الكتاب الذى ألفه عن حياته أن يوسيبيوس[هذا] ينحدر من عائلة نبيلة من اديسا فى بلاد ميسوبوتاميا([17]) وأنه درس منذ طفولته الأسفار المقدسة([18]) وأنه تعلَّم فيما بعد الأدب اليونانى على يد معلم كان يقيم فى اديسا وأخيرا نال شرح الكتاب المقدس على يد باتروفيلس ويوسيبيوس اللذين، ترأسا الأول على كنيسة قيصرية، والثانى على كنيسة سكيثوبوليس. ثم بعد ذلك عندما أقام فى انطاكية، وتصادف أن عُزِل يوستاثيوس بناء على اتهام كيروس اسقف بيرية بأنه يتشيع لآراء سابيليوس. إرتبط ثانية بيوفرونيوس خليفة يوستاثيوس وتجنب الاسقفية، ولجأ إلى الأسكندرية. وهناك كرَّس نفسه لتعلم الفلسفة. وعند عودته إلى انطاكية كوَّن صلة وثيقة مع بلاكيتوس([19]) خليفة يوفرونيوس. وأخيرا رُسِم اسقفا على الأسكندرية من قِبل يوسيبيوس([20]) اسقف القسطنطينية، ولكنه لم يذهب إلى هناك نتيجة لإرتباط شعب تلك المدينة بأثناسيوس، فأُرِسل لذلك إلى ايمسا([21]) Emisa.
(2/9/2) فلما أثار سكان ايمسا هياجا وشغبا نتيجة لتعيينه، إذ أُتُهِم على نطاق عام بدراسة أو ممارسة التنجيم، هرب وجاء إلى جورج بلاودكية الذى أعطانا تفاصيلَ تاريخية كثيرة عنه. وإذ أخذه جورج ثانية إلى انطاكية، فقد رأى إعادته إلى إميسا بواسطة بلاكيتوس ونارسيسس، ولكنه أُتُهِم فيما بعد بتشيعه للآراء السابيلية. ويصف لنا جورج بتحليل أكثر ظروف سيامته، ويضيف فى الختام أن الإمبراطور قد أخذه معه فى حملته ضد البربر، وأن معجزات قد تمت على يديه. وهذه المعلومات التى أوردها جورج بشأن يوسيبيوس من اميسا، هى التى أخذناها فى الاعتبار على نحو كاف هنا.

الكتاب الثانى: الفصل العاشر
(أساقفة المجمع يرسمون جريجورى بدلا منه للأسكندرية، ويغيّرون لغة قانون نيقية)
(2/10/1) وفى نفس الوقت إذ خشى يوسيبيوس([22]) الذهاب إلى الأسكندرية، عيَّن مجمع انطاكية جريجورى اسقفا لتلك الكنيسة. وبعد أن تم ذلك، غيَّروا فى قانون نيقية ليس كإدانة لأى شىء فيه، ولكن فى الحقيقة بتصميم على نقض وإبطال عقيدة المساواة فى الجوهر بواسطة المجامع المتكررة ونشر تفاسير متعددة للإيمان، وبالتدريج سيادة الآراء الأريوسية.
أما كيف تمت هذه الأمور فذلك ما سنتبينه خلال روايتنا. ولكن فيما يلى الرسالة التى نشروها بالنسبة للإيمان([23]).
“نحن لم نصر أتباعا لأريوس إذ كيف نُقَاد ونحن اساقفة من كاهن؟. ولا اعتنقنا أى ايمان آخر خلاف الذى نؤمن به منذ البداية. ولكن إذ فحصنا مفاهيمه حكمنا أنها صواب، ولم نتبناها نحن منه. وسوف تتعرفون أنتم على ذلك مما سندونه هنا.
فنحن قد تعلمنا منذ البداية أن هناك، إله واحد للكون، خالق وحافظ لكل شىء سواء تلك التى فى الفكر([24]) أو المدرَكة بالحواس. ونؤمن بإبن وحيد مولود من الله قبل كل الدهور، ومشارك مع الآب الذى ولده فى الوجود، والذى به أيضا صُنِع كل شىء ما يُرَى وما لا يُرى. وأنه تنازل فى الأيام الأخيرة، حسب مسرة الآب، ولبس جسدا من العذراء القديسة. وبعد أن أنجز بالكامل مشيئة أبيه فى أن يتألم ويقوم ثانية، صعد إلى السماوات وأُجلِس([25]) عن يمين الآب، وسيأتى ليدين الأحياء والأموات. ومستمرا ملكا وإلها إلى الأبد. ونحن [نؤمن] أيضا بالروح القدس. وإذا كان ذلك ضروريا، نضيف هذا، ونؤمن بقيامة الأجساد وحياة الدهر الآتى”.
وبعد أن كتبوا ذلك فى رسالتهم الأولى أرسلوها إلى اساقفة كل مدينة. ولكن بعد أن مكثوا لبعض الوقت فى انطاكية، كما لو كانوا يدينون الأولى نشروا رسالة أخرى بهذا الكلام.
(2/10/2) “طبقا للتقليد الانجيلى والرسولى، نؤمن بإله واحد، الآب الكلى القدرة، خالق وصانع الكون. وبرب واحد يسوع المسيح ابنه، المولود الوحيد، الذى به صُنِع كل شىء، مولود من الآب قبل كل الدهور، إله من إله، كل من كل، واحد من واحد، كامل من كامل، ملك من ملك، رب من رب، الكلمة الحى، الحكمة، الحياة، النور الحقيقى، طريق الحق، القيامة، الراعى، الباب، غير القابل للتغيّر والتبدل، صورة الله غير المتغير، الجوهر والقدرة، مجد ومشورة الآب، وُلِد قبل كل الخليقة، الذى كان مع الله منذ البدء([26]). وكان الكلمة الله، به صُنعت كل الأشياء، وفيه تدوم. الذى سيأتى فى الأيام الأخيرة من عُلاه. والذى وُلِد من العذراء طبقا للأسفار المقدسة، وصار انسانا وسيطا بين الله والبشر، رسول ايماننا، أمير الحياة، كما يقول “جئتُ لأصنع لا مشيئتى بل مشيئة الذى ارسلنى”([27]). الذى تألم من أجلنا، وقام ثانية من أجلنا فى اليوم الثالث، وصعد إلى السموات وأُجلِس([28]) عن يمين الآب. وسيأتى ثانية فى مجدٍ وقدرة ليدين الأحياء والأموات. وأيضا بالروح القدس المعطَى للمؤمنين تعزية وتقديسا وتطهيرا. وكما أمر ربنا يسوع المسيح تلاميذه “اذهبوا وعلموا جميع الأمم، وعمدوهم بإسم الآب والإبن والروح القدس”([29]) أى بإسم الآب الذى هو بالحقيقة آب، والإبن الذى هو بالحقية إبن والروح القدس الذى هو بالحقيقة روح قدس. وهذه العبارات لا تُؤخَذ هكذا ببساطة وعدم اكتراث بل هى تعبر بدقة عن طبيعة ومجد ورتبة كل من هذه الأسماء الثلاثة، فهناك ثلاثة أقانيم ولكنهم واحد. فلنتمسك بهذا الايمان فى حضرة الله والمسيح، ونحرم كل هرطقة وعقيدة باطلة. وإذا علَّم أى شخص خلاف التعليم الصحيح للأسفار المقدسَّة، زاعما أنه كان هناك وقت، أو دهر قبل أن يوجد ابن الله، فليكن ملعونا([30]). وكل مَن يقول أن ابن الله مخلوق مثل باقى المخلوقات فليكن ملعونا، أو أنه نسل مثل أى نسلِ ولا يتمسك بالتعاليم المذكورة عاليه، بحسب ما سلمته لنا الأسفار المقدسة الإلهية، أو إن علَّم أى شخص أو بشر بأى عقيدة أخرى خلاف ما قد استلمناه فليكن ملعونا. لأننا بالحقيقة نؤمن بثبات ونتبع كل ما قد سُلِّم لنا من الأسفار المقدسة بواسطة الانبياء والرسل”.

(2/10/3) هكذا كان شرح الايمان المنشور من قِبل هؤلاء المجتمعين فى انطاكية والذى وقَّع عليه أيضا جورج بوصفه اسقفا للأسكندرية، على الرغم من أنه لم يكن قد دخل بعد تلك المدينة. وإذ أنجز المجمع ذلك وشرح بعض القوانين الأخرى انفض.

(2/10/4) وفى تلك الأثناء حدث أن ثار اضطراب أيضا فى الشؤون العامة. إذ غزت الأمة التى تُدعَى أيضا الفرنك([31]) المقاطعات الرومانية فى الغال، وفى نفس الوقت هز زلزال شديد مدن الشرق وخاصة انطاكية التى استمرت تعانى من عواقبه لمدة سنة كاملة.

الكتاب الثانى: الفصل الحادى عشر
(جريجورى يتوجه إلى الأسكندرية بصحبة كتيبة حربية. هروب أثناسيوس)
(2/11/1) وعقب هذه الأمور، اصطحب سِريان Syrian القائد العسكرى، جريجورى إلى الأسكندرية بكتيبة من الجنود المدججين بالسلاح قوامها خمسة آلاف بالعدد، ومعهم المواطنون الذين كانوا يشايعون المفاهيم الاريوسية.
(2/11/2) ولكن من المناسب هنا أن أروِى كيف هرب أثناسيوس من أيدى أولئك الذين رغبوا فى القبض عليه بعد طرده من الكنيسة. لقد كان الوقت مساءَ، وكان الشعب حاضرا للعشية([32]) هناك، منتظرين بدء الخدمة([33])[الكنسية]. ووصل القائد، واصطف جنوده فى وضع الاستعداد للمعركة فى سائر جوانب الكنيسة. وإذ لاحظ أثناسيوس ما قد حدث، وضع فى نفسه أن يحُول دون مساس الشعب بأذى بأى شكل من الأشكال بسببه. وبناء على ذلك، أشار على الدياكون أن يُعلِن بدء الصلاة([34]) وبعد ذلك أمر بتلاوة مزمور. وعندما بدأ ترتيل المزمور باللحن([35])، خرج الجميع من أحد ابواب الكنيسة. وبينما كان ذلك يتم ظلت القوات تراقب بلا حركة، وهرب أثناسيوس بهذه الوسيلة بلا أذى([36]) فى وسط أولئك الذين كانوا يرنمون المزمور، وأسرع على الفور إلى روما([37]).
(2/11/3) وساد جريجورى عندئذ على الكنيسة، ولكن شعب الأسكندرية إذ غضب من هذا الاجراء، أحرق كنيسة ديونيسيوس. ولنكتف بهذا بشأن هذا الموضوع.
(2/11/4) والآن إذ حقق يوسيبيوس غرضه هذا، أرسل وفدا إلى يوليوس اسقف روما راجيا منه أن يعترف بالإتهامات التى ضد أثناسيوس وآمرا إياه بالفحص القضائى لها فى حضوره.

الكتاب الثانى: الفصل الثانى عشر
(شعب القسطنطينية يعيد بولس إلى كرسيه عقب موت يوسيبيوس. الاريوسيون ينتخبون مقدونيوس)
(2/12/1) ولكن يوسيبيوس لم يعش ليعلم بقرار يوليوس بشأن أثناسيوس، لأنه مات عقب ذلك المجمع بوقت قصير. ومن ثم أحضر الشعب بولس ثانية إلى كنيسة القسطنطينية. ومع ذلك رسم الأريوسيون مقدونيوس فى نفس الوقت فى الكنيسة المكرسة بإسم بولس([38]). وأولئك الذين كانوا متحالفين سابقا مع يوسيبيوس( ذاك المهيج للسلام العام) اجتمعوا معا محاولين ممارسة سلطته. وهم ثيوجنيس اسقف نيقية، وماريس اسقف خلقيدون وثيودور اسقف هيراكليا فى تيراقيا، واورساكيوس اسقف سنجدونوم فى ميسيا العليا وفالنس فى موريسا ببانونيا العليا.
(2/12/2) وصحيح أن فالنس واورساكيوس قد غيَّرا رأيهما فيما بعد وقدَّما إقرارا مكتوبا منهما للأسقف يوليوس ووقعا على عقيدة المساواة فى الجوهر، وأُعيد قبولهما فى الشركة، ولكنهما فى ذلك الوقت كانا يؤيدان بحماس الخطأ الأريوسي، وكانا يثيران أشرس المعارك فى الكنيسة، وإحداها تلك الخاصة بمقدونيوس فى القسطنطينية. ونتيجة لتلك الحرب الضروس بين المسيحيين، والانقسامات المستمرة فى تلك المدينة، فقد الكثيرون حياتهم فى أعقاب هذه الحوادث.

الكتاب الثانى: الفصل الثالث عشر
(قنسطانتيوس يطرد بولس ثانية من كنيسة القسطنطينية عقب مقتل هرموجينس الجنرال)
(2/13/1) وبلغت أخبار هذه الاجراءات إلى آذان الإمبراطور قنسطانتيوس الذى كان يقيم آنذاك فى انطاكية، ومن ثم أمر جنراله هرموجينس الذى كان قد أرسله إلى تيراقيا، أن يمر بالقسطنطينية فى طريقه ويطرد بولس من الكنيسة.
(2/13/2) وعندما وصل إلى القسطنطينية سادت الفوضى المدينة بأسرها وهو يحاول طرد الاساقفة، إذ ثار شغب فى الحال من الشعب الذى حاول الدفاع عن الاسقف. وعندما أصرَّ هرموجينس على طرد بولس بإستخدام القوة العسكرية، ازداد الشعب هياجا كما هى العادة فى هذه الأحوال وقاموا بهجوم يائس عليه، وأحرقوا منزله وجروه فى المدينة حتى مات أخيرا. وقد حدث ذلك خلال قنصلية([39]) الأوغسطوسيَن، أى خلال القنصلية الثالثة لقنسطانتيوس وقنسطانس، والتى أخضع فيها قنسطانس الفرنك([40]) وأجبرهم على عقد معاهدة سلام مع الرومان.
(2/13/3) وعندما علِم الإمبراطور قنسنتانتيوس بمقتل هرموجينس انطلق بجواده من انطاكية وحالما وصل القسطنطينية طرد بولس، ثم عاقب السكان بسحب حصتهم اليومية من الحبوب. والتى كانت أكثر من اربعين مكيال، وكان أباه قد وهبها للتوزيع عليهم([41])، لأنه قبل هذه الكارثة كان نحو ثمانين الف مكيال من الحنطة قد وصلت من الأسكندرية ووُزِعت على المواطنين.
(2/13/4) ومع ذلك، تردد فى التصديق على تعيين مقدونيوس فى اسقفية تلك المدينة، إذ تضايق منه ليس فقط لأنه رُسِم بدون موافقته، ولكن أيضا لأنه بسبب النزاع بينه وبين بولس حدث هذا الهياج الذى قُتِل فيه جنراله، وأشخاص آخرون كثيرون. ولكنه بعد أن أعطاه تصريحا بالخدمة فى الكنيسة التى رُسِم فيها، عاد إلى انطاكية.

الكتاب الثانى: الفصل الرابع عشر.
(الاريوسيون يُبعِدون جريجورى من كرسى الأسكندرية، ويعينون جورج بدلا منه)
وفى حوالى نفس الوقت، عزل الاريوسيون جريجورى من كرسى الأسكندرية على اساس أنه غير شعبى، ولأنه فى نفس الوقت قد أحرق كنيسة([42])، ولم يُظهِر غيرة كافية فى تنمية مصالح حزبهم([43]). ولذلك عينوا جورج محله([44]) الذى كان مواطنا من كبادوكيا وحاز شهرة فى القدرة على الدفاع عن مفاهيمهم.

الكتاب الثانى: الفصل الخامس عشر
(أثناسيوس وبولس يتوجهان إلى روما ويحصلان على رسائل شركة من يوليوس)
(2/15/1) وفى نفس الوقت وصل أثناسيوس بعد رحلة طويلة إلى ايطاليا بالقسم الغربى للإمبراطورية الرومانية، الذى كان آنذاك تحت السلطة المنفردة لقنسطانس أصغر ابناء قنسطنطين، حيث كان قنسطنطين أخوه قد قُتِل من قِبل جنوده كما دونا سابقا.
(2/15/2) وفى نفس الوقت([45]) وصل أيضا بولس اسقف القسطنطينية إلى المدينة الإمبراطورية، واسكليباس اسقف غزة، ومارسيللوس اسقف مدينة انقيرا بغلاطية الصغرى، ولوقيوس([46]) اسقف ادريانوبل([47]). وهم متهمون بتهم عديدة ومطرودين من كنائس عديدة. ووضع كل منهم قضيته بين يدى يوليوس اسقف روما. وهو من جانبه، بما لكنيسة روما من امتياز خاص، أعادهم ثانية إلى الشرق محصنين بخطابات توصية. وفى نفس الوقت رد لكل منهم موضعه الخاص، وانتهر بحدة أولئك الذين بواسطتهم قد عُزِلوا.
(2/15/3) ورحل الاساقفة، اعتمادا على توقيع الاسقف يوليوس من روما، واستولوا على كنائسهم ثانية مسلمين الخطابات للأطراف الموجهة إليهم.
(2/15/4) وهؤلاء الأشخاص إذ أعتبروا أنفسهم قد عومِلوا بلا كرامة بواسطة توبيخ يوليوس، دعوا إلى مجمع فى انطاكية حيث اجتمعوا وحرروا الرد التالى تعبيرا عن مشاعر كل المجمع بالإجماع([48])، وقالوا أن احاطته بالقرارات التى يتخذونها بشأن طرد مَن يرغبون من كنائسهم، لا تدخل ضمن ولايته، وذكروه بأنهم لم يعترضوا عليه عندما طرد نوفاتس من الكنيسة. هذه الأمور هى التى أرسلوها إلى يوليوس اسقف روما.
(2/15/5) ولكن عند دخول أثناسيوس الأسكندرية ثار شغب من قِبل أنصار جورج والأريوسيين، ونتيجة لذلك قُتِل من المؤكد كثيرون من الأشخاص.
(2/15/6) ولما كان الاريوسيون تواقين إلى إلقاء تبعة هذه الأمور كلها على أثناسيوس بأنه السبب، لذلك حرىُّ بنا أن نسجل بعض الملاحظات عن هذا الموضوع فالله ديان الكل هو وحده الذى يعلم سبب هذه الفوضى. ولكن لا يستطيع أىُّ أحدِ لديه أية خبرة أن يجهل حقيقة أن مثل هذه الحوادث المميتة هى فى معظمها متتاليات للحركات الفئوية للجماهير. لذلك من العبث للمفترين على أثناسيوس أن يَعْزوا أىَّ لومٍ إليه، وبصفة خاصة سابينوس([49]) اسقف الهرطقة المقدونية لأنه لو كان قد فكر فى عدد الأخطاء وحجمها التى عاناها هو وأولئك المتمسكين بعقيدة المساواة فى الجوهر من قِبل الأريوسين، أو فى الشكاوى العديدة التى قُدِّمت بشأن هذه الأمور فى المجامع بسبب أثناسيوس، أو بإختصار فيما فعله مقدونيوس نفسه رئيس الهرطقة فى سائر الكنائس، لكان عليه إما أن يصمت تماما، أو إن كان محصورا بالكلام، يتكلم كلاما أكثر قبولا بدلا من هذه التوبيخات.
ولكنه إذ تجاهل كل هذه الأمور، أساء عن عمد تأويل الحقائق، ولم يذكر، مع ذلك، أيا مما فعله مؤسس الهرطقة heresiarch([50])، رغبة منه فى اخفاء الفظاعات التى يعرف أنه مذنب فيها بكل السبل. بل وما هو أكثر غرابة أنه لم يذكر كلمة واحدة عن مساوىء الأريوسيين على الرغم من أنه بعيد عن مفاهيمهم، وعبر فى صمت على سيامة مقدونيوس الذى تبنى آرائه الهرطوقية. لأنه لو كان قد ذكرها لكان عليه أن يذكر أيضا كفره الذى ظهر بأكثر وضوح فى هذه المناسبة.
ولكن لنكتف بهذا، فى هذا الموضوع.

الكتاب الثانى: الفصل السادس عشر
(قنسطانتيوس يثبّت نفى بولس وينصِّب مقدونيوس)
(2/16/1) وعندما علِم قنسطانتيوس الذى كان يقيم ببلاطه فى انطاكية أن بولس قد استعاد السيطرة على عرشه الاسقفى ثانية، استشاط غضبا([51]) للغاية من ذلك. لذلك ارسل امرا كتابيا إلى فيليب البريتوريان([52]) الذى تتجاوز سلطاته حكام المقاطعات الأخرين والذى كان يُعتبر الرجل الثانى([53]) بعد الإمبراطور، ليطرد بولس من الكنيسة ثانية ويضع مقدونيوس محله.
(2/16/2) وخوفا من تمرد الشعب استخدم فيليب الحيلة للإيقاع بالأسقف، فأبقى على أمر الإمبراطور سرا، وذهب إلى حمَّام عام يُدعى زيوكسيبوس Zeuxippus ، وتحت ستار رعاية بعض الأمور العامة، ارسل إلى بولس بكل مظاهر الاحترام ملتمسا مقابلته هناك على أساس أن حضوره ضرورى. وحضر الاسقف ولما جاء طاعة لهذا الإستدعاء، أراه الحاكم على الفور أمر الإمبراطور. وخضع الاسقف بصبر للحكم بدون أىَّ صوت. ولكن لما كان فيليب يخشى شغب الجمهور، لأن عددا كبيرا كان قد تجمع حول المبنى ليرى ماذا سيحدث لأن شكهم ثار بسبب الأخبار السارية، أمر بفتح أحد أبواب الحمام الموصلة بالقصر الإمبراطورى، ونُقِل بولس من خلاله إلى ظهر سفينة كانت معدة لهذا الغرض، وهكذا أُرسِل إلى المنفى فى الحال. وأمره الحاكم بالتوجه إلى تسالونيكى، متروبولية بمقدونيا، حيث موطن أسلافه، وأمره بالإقامة فى تلك المدينة، وسمح له بزيارة المدن الأخرى فى ايلليركوم، ولكنه حظر عليه بحسم الانتقال إلى أى مكان داخل القسم الشرقى للإمبراطورية.
(2/16/3) وهكذا طُرِد بولس على النقيض من توقعه من الكنيسة ومن المدينة، ونُقِل على عجلٍ إلى المنفى مرة أخرى.
(2/16/4) وغادر فيليب الحاكم الإمبراطورى الحمَّام متوجها على الفور إلى الكنيسة وجلس معه فى ذات المركبة مقدونيوس ظاهرا لكل أحدٍ وحوله الحرس العسكرى بسيوف مسلولة. وارتعب الجمهور بالكلية من هذا المشهد. وهرع كلٌ من الاريوسيين واصحاب عقيدة الهومووسيوس إلى الكنيسة. وما أن اقترب مقدونيوس والبريتوريان من الكنيسة حتى حلَّ على الجمهور جنون هستيرى بل وحتى على الجنود أنفسهم، لأن الجماهير كانت غفيرة، ولم يكن هناك مجالا يسمح بمرور الحاكم ومقدونيوس، وحاول الجنود افساح الطريق بين الحشود بالقوة، ولكن لما كان المكان الذى احتشدوا فيه جعل ذلك مستحيلا، تخيل الجنود أن هناك مقاومة وأن الجماهير تعمدت الوقوف فى الممر، فبدأوا من ثم فى استخدام سيوفهم المسلولة فى قتل الواقفين فى طريقهم. وقد تأكد سقوط 3150 شخص فى هذه المذبحة فى هذه المناسبة، وسقطت الغالبية الغالبة منهم بسيوف الجنود، وقُتِل الباقى تحت الأقدام عند اندفاعهم اليائس للهرب من وحشيتهم، وبعد أن تحقق هذا الانجاز الباهر[!!]، أجلس البريفكت مقدونيوس على الكرسى الاسقفى.
(2/16/5) وجلس مقدونيوس بدون أى قانون كنسى، وكأنه ليس السبب فى هذه الكارثة بل كان بلا لوم تماما مما حدث. وهكذا إذن بواسطة مقتل الكثيرين فى الكنيسة حصل الاريوسيون والمقدونيون على السيادة على الكنائس.
(2/16/6) وفى حوالى نفس هذه الفترة، شيَّد الإمبراطور الكنيسة الكبرى التى تدعى صوفيا([54]) ملاصقة لتلك التى تُدعى إرينى، والتى كانت أصلا صغيرة الحجم، فوسَّعها والد الإمبراطور وزينها. وفى أيامنا الحالية([55]) تُشاهد الكنيستان داخل سياج واحد ولهما سقف واحد.
******
المراجع
[11] – يُلفِت زينوس نظرنا (فى هامشه 266) إلى أن الكنيسة قد دُعِيَّت بهذا الاسم ليس لأن هناك قديس أو شخصية بارزة بهذا الاسم، ولكن بنفس الطريقة التى دُعِيَّت بها كنيسة صوفيا. [ “آجيا صوفيا” باليونانية تعنى “الحكمة المقدسة”، وليس كما يتبادر للذهن “القديسة صوفية”!!. وبالتالى كنيسة “ايرنى” تعنى كنيسة “السلام” وليست كنيسة بإسم قديسة ما تُدعى إرينى. المعرب].
[12] – تمييزا لها عن “روما الجديدة” أى القسطنطينية.
[13] – لا أعلم كيف قال سقراتيس أن هذا “قانون كنسى”، فهو واضح أنه ترتيب سياسى محض. ويتفق معنا فى هذا الرأى الارشمندريت جراسموس مسرة (وهو من اليونانيين الخلقيدونيين) حيث يقول: أن ترتيب أولوية الكراسى الرسولية، لم تتم اطلاقا على اساس دينى أو كتابى فى البداية، وإنما على أساس الوضع السياسى للعواصم آنذاك، والذى بدأ به قنسطنطين. وهذا صحيح تماما فى نظرى عندما جعل روما الايطالية أولا ثم دعا مدينته الجديدة القسطنطينية “روما الجديدة”. ولكن فى فترات لاحقة بدأ اساقفة روما فى محاولة إسباغ أساس كتابى لهذا الوضع السياسى المحض. إن رأى الارشمندريت هذا وهو، دعنى أقول “من داخل المعسكر الخلقيدونى”، يوضح بجلاء أنه لا “رئاسة بطرس” المزعومة ولا أى أساس دينى آخر هو الذى حكم أولوية كنيسة “روما عاصمة الامبراطورية الرومانية” على سائر الكنائس الرسولية الأخرى التى كانت فى مدن ولايات “خاضعة” للتاج الرومانى، إذ كيف لأقليم مستعمَر أن يتقدم على الاقليم الغازى المستعمِر. ومن ثم كيف لأثناسيوس أن يتصدى ايمانيا لرأى حاشية الحاكم!!. وكيف يمكن للأسكندرية أو انطاكية أو أورشليم أن يكون لها دور فعال، رغم أنها كنائس رسولية، فى حضور أى مدعى كهنوت من معية الحاكم. وعلى الرغم من أن هذه الهالة السياسية قد زالت منذ قرون، وتحررت المستعمرات، وسقطت روما القديمة و”روما الجديدة” [القسطنطينية] تحت أقدام من كانوا يُسمونهم “البربر”!!، إلا أن بعض الأقلام الغربية ما زالت تعيش فى الماضى الاستعمارى السحيق. ويعلق زينوس أيضا على عبارة “قانون كنسى يمنع..” قائلا فى(هامشه 268) (من الثابت أن كلمة ‘قانون’ الواردة هنا، مستخدمة بالمعنى العام الواسع. إذ لا يوجد أي مرسوم ينص على موافقة أسقف روما لقرارات المجالس قبل أن يسنوها، وإلاّ تُعتبر غير سارية. وربما يكون سقراتيس قد فهم هذا على نحو ما من عادة أو عُرف غير مكتوب. على أي حال هذا رأى منفرد تماما خاص بسقراتيس. إلا إذا افترضنا أنه من المفترض وجود مثل هذا السُنة في مكان ما، كما ينطوي عليه كلامه هذا). بل يُلاحظ أيضا ومن عرضه هو، أن سائر المجامع المسكونية الجامعة، وهى الثلاث الأولى المنعقدة خلال القرن الرابع الميلادى، موضع حديثه كانت جميعا بدعوة من الآباطرة وبتصريح منه. حتى أن اساقفة مجمع غير مسكونى نُفيوا لأنهم انصرفوا بدون إذنه.
[14] – أى سنة 341م.
[15] – أى قنسطنطين الكبير. وعلى أساس أن وفاته كانت سنة 337م كما ذكرنا سابقا، تكون سنة انعقاد هذا المجمع هى 342م. بينما يرجع الاب متى المسكين تاريخ انعاقده إلى سنة 344م.
[16] – أو بلاكيتوس.
[17] – Mesopotamia أى بلاد الرافدين، أو ما بين النهرين، هي منطقة جغرافية تاريخية تقع في جنوب غرب آسيا. وتشمل حالياً العراق، وأجزاء منسوريا وتركيا، ما بين نهري دجلة والفرات.
[18] – من سوزمينوس، ك6:3 [قيد الطبع] يتضح لنا أن تعليم الكتاب المقدس للأطفال فى إديسا، كان أمرا مألوفا ومن ثم كانوا يستظهرون فقرات كثيرة عن ظهر قلب.
[19] – أو فلاسيتوس.
[20] – النيقوميدى الاريوسى.
[21] – Emisa هو الاسم اليونانى القديم للمدينة التى تُعرف حاليا بحمص فى غرب سوريا الحالية.
[22] – اسقف اميسا.
[23] – أنظر “المجامع” لأثناسيوس، 22، 23.
[24] – أى المعقولة بالفكر.
[25] – لاحظ على سبيل المثال لا الحصر، هذه الكلمة لدى الأريوسيين ومدى خبثها الذى لا ينتبه إليه الشخص البسيط، حيث هناك فارق لاهوتى رهيب بين هذه العبارة وبين الكلمة الأرثوذكسية “جلس”. ذلك أن is seated he تختلف جذريا عن He sat على الصعيد العقيدى النيقاوى. أنظر عب3:1، عب 12:10.
[26] – يو1:1.
[27] – يو38:6.
[28] – انظر هامشنا 261 هنا.
[29] – مت 19:28.
[30] – لاحظ ذر الرماد فى العيون ليحاولوا ابعاد الاريوسية عنهم.
[31] – “الفرنك”، شعوب جرمانية غزت الإمبراطورية الرومانية الغربية فى ق4/5م. وهى تقطن حاليا شمال فرنسا، وبلجيكا، وغرب ألمانيا. أنظر الموسوعة البريطانية.
[32] – لاحظ صلاة عشية.
[33] – συνάξεως حرفيا “الاجتماع congregation من συνάγω ولكن فيما بعد صارت تُطلَق على أى خِدمة تُعقَد فى الكنيسة. (زينوس، هـ 276).
[34] – نلاحظ هنا الدور الطقسى للشماس وهو تنبيه الشعب إلى بدء الصلاة، أو القيام من الجلوس، أو الالتفات نحو المشرق أو الترنيم …الخ.
[35] – أيضا نلاحظ هنا تلاوة المزامير باللحن، فى كنائس الأسكندرية خلاف الأديرة.
[36] – مرة أخرى، نلاحظ هنا أن البابا أثناسيوس لم يكن له كبابا ولا حتى ككاهن لباس معين مميز عن الشعب، وإلا كان قد ظهر بالطبع وسط الحشود. ولا كانت صورته مألوفة للجميع.
[37] – هكذا ترد هذه الرواية أيضا لدى سوزمينوس فى ك7:3. ولكن زينوس يرى اعتمادا على فالسيوس أن كلاهما أخطآ حيث أن يوسيبيوس النيقوميدى أرسل مندوبيه قبل مجمع انطاكية حسبما يظهر من كلام أثناسيوس فى دفاعه ضد الأريوسيين،21.
[38] – مار بولس الرسول.
[39] – أى سنة 342م. وقد وردت بالفعل إشارة إلى اغتيال هرموجينس فى الكتابات القديمة. (أنظر هامش زينوس رقم 279).
[40] – من التاريخ المدنى العام نعلم أن قنسطانس هذا حقق بالفعل انتصارا على الفرنك فى حوالى سنة 341/342م.
[41] – بالنسبة لمنحة الحبوب أو الخبز التى كانت تتم فى عهد قنسطنطين وفيما بعد فى عهد ثيودوسيوس، أنظر “قوانين ثيودوسيوس”، 14 و16.
[42] – يقول زينوس أنها كنيسة ديونيسيوس.
[43] – أى خاب أملهم فيه، فى نشر الاريوسية.
[44] – يقول زينوس، هنا أيضا خطأ من سقراتيس، وتكرر لدى سوزمينوس(7:3)أيضا. ولكن ثيودوريت(4:2) صححه دون ذكر أسماء أسلافه. هذا الخطأ يتمثل فى أن جورج قد استمر فى موضعه الى أن عزله مجمع سارديكا وحرمه.
[45] – يُلاحظ زينوس هنا، أن يوليوس [اسقف روما]، فى رسالته إلى الاساقفة الشرقيين(4:1، 5) يذكر أثناسيوس ومارسيللوس اسقف انقيرا السابق، على أنهما معه فى ذلك الوقت، بينما لا يشير إلى بولس. الأمر الذى نستدل منه على خطأ عبارة سقراتيس هنا (وفى نفس الوقت وصل بولس..)، وإلا كان قد أشار إليه. أما سوزمينوس(15:3) فكالعادة، نسخ خطأ سقراتيس هنا. ويرى المعرب هنا أن عبارة سقراتيس كمؤرخ لحقب ربما يقصد بها فترة وليس لحظة معينة يسبقها ويتلوها ويطابقها هذا الحدث أو ذاك مثلما نقول وحدث فى عهد عبد الناصر أن شيَّدوا السد العالى فحدث العدوان الثلاثى على مصر. هنا المنظور حقبة أو عهد وليس سنة أو يوم أو شهر. ويدعم هذا الرأى استخدامه هو وسوزمينوس طوال عملهما عبارة ( وفى ذلك الوقت) رغم أن الأحداث المذكورة قد تكون سابقة بمدة طويلة للحدث الذى يتناوله فى ذات الفصل. كما يؤيد هذه النظرة رواية سقراتيس نفسه فى(2/17/4) بعده. أنظر المقدمة للمعرب.
[46] – لوقيوس، أو لوكيوس وأيضا لوكاس هى عدة أشكال للإسم لوقا.
[47] – هى مدينة ادرنة حاليا بإقليم تيراقيا فى غرب شمال تركيا الحالية.
[48] – يقول زينوس نقلا عن( Neander, Hist. of the Christ. Church, Vol. II. p. 171, 172) أنه من الواضح من هذه الفقرة أنه لم يكن هناك فى ذلك الوقت اعتراف بأى امتياز معين أو حق خاص لأسقف روما. وأن لجوء اساقفة الشرق آنذاك أثناء العواصف التى طوحت بالكنيسة الشرقية، مع تمتع الكنيسة الغربية بسلام نسبى، إنما كان اختياريا وليس بصفته قاضيا شرعيا. وأقول، أن هذا هو بالفعل ما كان الى مجمع خلقيدون عندما أثار اسقف روما هذه المسألة وبدأ فى تقنينها كنسيا انطلاقا من الوضع السياسى للعواصم آنذاك. انظر جراسموس مسرة، مرجع سابق.
[49] – صاحب “مجموعة أعمال المجامع” السابق ذكره فى ك8:1 هنا.
[50] – عن كلمة يونانية تعنى على وجه الحصر صاحب أى بدعة ومؤسس لأى شيعة غير أرثوذكسية العقيدة والتعليم.
[51] – هذه لا شك ابرز أثار تحالف الكنيسة مع الدولة منذ قنسطنطين الأول، فعلى الرغم من أنه قد أراحها من الاضطهاد الوثنى، إلا أنه قد أسس بذلك تدخل النظام السياسى فى النظام الكنسى وخضوع الأخير لأهواء الحاكم، مما جرَّ على الكنيسة والمسيحية كلها ما هو أشر من الاضطهاد الوثنى. فضلا عن اللواحق السياسية العامة للدولة التى جرت تاريخيا عقب ذلك، ولا مجال لعرضها هنا.
[52] – Prætorian Prefect يميل البعض إلى ترجمتها بالمحافظ، ولكنها كما أشرتُ فى هامش سابق بالكتاب الأول كانت درجة سياسية إدارية فى النظام البيزنطى تجاوز سلطات المحافظ الحالية، كما هو واضح من الجملة التالية بالمتن. ومن شرح قواميس اللغة للكلمة اللاتينية praefectus نجد أنه من الممكن ترجمتها بكلمة “مُقدِّم”.
[53] – يشرح لنا زينوس الكلمة اليونانية الواردة هنا بأنها لا تعنى الثانى فى الرتبة فقط، ولكن الأول فى السلطة بعد الامبراطور، أى “ذراعه اليمنى”.
[54] – والتى حولها العثمانيون بعد غزوهم للقسطنطينية إلى جامع، ثم حاليا متحف.
[55] – أى أيام سقراتيس.

 

 

This site was last updated 02/15/18