Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

مجمع فى آرل وآخر فى ميلان 

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
مجمع آرل وأضطهاد أثناسيوس
إضهاد قسطنطيوس للبابا بمصر
نتيجة مجمعى آرل وميلان
هدايا لأسقف روما
نفى أسقف روما
أسقف روما مع الأريوسيين
شيخ الأساقفة مع الأريوسيين
نفى الأساقفة الأرثوذكس

 

السلطة الكنسية المصرية هى التى أحيت فى الإمبراطورية الرومانية وفى العالم فيما بعد الشعور بالنظام وإحترام الحريات
 

يقول المؤرخ جيبون :

[ إنه لو أن هذا الإمبراطور أوحى له مزاجه أن يقرر قتل أعظم شخصية فى الأمبراطورية مهما كان مقامه ونبله ، لما تردد وزراؤه من أنصار العنف السافر أو الظلم الشيديد فى تنفيذ هذا القرار ، ولكن مقدار الصعوبة البالغة التى لقيها ألمبراطور فى مجرد إدانه وعقاب الأسقف المحبوب أثناسيوس وما كلفه من حذر وتمهل ، كل هذا أظهر للعالم أن حقوق الكنيسة قد أحيت فى الحكومة الرومانية الشعور بالنظام وإحترام الحريات .

وبالرغم من أنه كان لدى المبراطور حكم ( بالأدانة ) من مجمع صور أيده أغلبية اساقفة الشرق بإنزال أثناسيوس من مقامه الأسقفى ، إلا أن التأييد القوى الفعال الذى لقيه اسقف مصر من جراء إتصالة بالكنيسة الغربية أجبر قسطنطيوس على إيقاف تنفيذ حكم مجمع صور حتى يحصل على موافقة اساقفة اللاتين ، وإنقضى عامين فى التفاوض مع الكنيسة ، نوقشت فيه قضية اثناسيوس حيث تولى دفعها الإمبراطور فى مجمع آرل ..اولاً سنة 353 م , ثم فى  مجمع ميلان ثانية سنة 355 م الذى إلتأم فيه 300 أسقفاً ، حيث تداعت (سقطت) نزاهة هذا العدد الضخم من الأساقفة شيئاً فشيئاً أمام إدعاءات وأكاذيب أنصار آريوس ومهارة الخصيان ، ووسائل الإغراء والضغط التى مارسها الإمبراطور ، الذى روى ظمأه حقده على حساب كرامته ، وأفصح عن أهوائه الشخصية بالطريقة التى أتبعها فى الـأثير على أحاسيس رجال الدين ، حتى إلتجأ إلى أسلوب إفساد الضمائر ونجح بعرضه الهدايا والكرامات والحصانات ثمنأ للحصول على أصوات الأساقفة ] (3)

صرخة هيلارى أسقف بواتيه

وينقل إلينا جيبون المؤرخ صرخة هيلارى أسقف بواتيه ضد هذا الإنهيار الخلاقى الذى أنجرف إليه الأساقفة بقوله :

[ إننا نقاوم قسطنطيوس عدو المسيح ، الذى يداعب البطون قبل أن يلهب الظهور بالسياط ]

[ غير أن اثناسيوس لم يعدم الأصدقاء الذين وقفوا بجانبه ، الذين ابت عليهم كبريائهم أو نقاوتهم أن يتنازلوا عن قضيته التى هى قضيتهم ، فثبتوا فى المناقشات العامة وفى احاديثهم الخاصة مع الإمبراطور على الإلتزام الأبدى بالدين والعدالة ، وكانت تدفعهم إلى ذلك نخوة الرجولة والقداسة ، فأعلنوا أنه لا الرجاء فى حظوة صداقة الأمبراطور ولا الخوف من غضبه يمكن ان يرغمهم على الأشتراك فى إدانة أخ غائب برئ له أحترامه !! وأكدوا أن القرارات الباطلة غير القانونية التى أصدرها مجمع صور أصبحت فى حكم الملغاة ضمناً بفعل المراسيم الأمبراطورية التى جائت بعدها ، والتى نصت على إعادة كبير الأساقفة إلى كرسيه بالأسكندرية مع سكوت أكثر أعدائه على ذلك ، بل وإنكارهم أقوالهم السابقة عنه .. !!

وإستشهدوا بتأييد أساقفة مصر جميعاً لبرائته ، وما أقره مجمع روما ومجمع سرديكا ( صوفيا) بمقتضى حكم الكنيسة اللاتينية غير المتحيزة .. ولكن صوت الحق أسكتته الأكثرية التى باعت ضمائرها ، وإنتهت مجمعى آرل وميلان بحكم أشترك فيه أساقفة الشرق والغرب معاً وعلى السواء بإدانة أثناسيوس أسقف الأسكندرية وعزله من منصبة !

فوقع الأساقفة الذين غيروا موقفهم فى اماكنهم .

أما الأساقفة الذين رفضوا التنازل عن آرائهم أو الخضوع للقرارات التى اصدرها مجمعى آرل وميلان فقد أصدر المبراطور أمراً بنفيهم وهم :

ليباريوس أسقف روما ـ هةسيةس أسقف قرطبة ( أسبانيا) بولينوس أسقف تريف ، ديونيسيوس أسقف ميلان ، يوسابيوس أسقف فرشيللى ، لوسيفر أسقف كاليارى ، هيلارى اسقف بواتيه .

وقد حاول الإمبراطور قسطنطيوس بالأرهاب والأغراء أن يثنى كلاً من أسقف روما وأسقف قرطبة ، لما يعلمه من تأثيرهما القوى على بقية اساقفة العالم ، ولكن ظلت محاولاته عديمة الجدوى فترة من الزمن ..

وإذا بالأسقف هوسيوس الذى ناهز المائة عام من عمره يعلن أنه على أستعداد لتحمل الآلام تحت حكم قسطنطيوس كما تحملها قبل ستين عاماً تحت حكم جده مكسيميان !!!

اما اسقف روما فقد اكد فى حضرة الإمبراطور أن اثناسيوس برئ !! وحاول الأمبراطور أن يهبه مبلغاً كبيراً من المال فى آخر لحظة وهو فى طريقة للمنفى فى بيريه Berea فى تراقيا ( وهى الآن الإقليم الذى يقع بين بلغاريا ورومانيا ) أعاد المال قائلاً للرسول الذى جاء به من بلاط ميلان : " إن الإمبراطور وخصيانه قد يكونون فى حاجة إلى ذلك الذهب للأنفاق على جنودهم وأساقفتهم " !!

ولكن لم يحتملا هاذين الأسقفين العظيميين محنة الأسر والشعور بالنفى وربما الإهانات والإهمال التى تعرضا لها وبعد سنتين من الصمود أشترى ليباريوس أسقف روما عودته بشتى صنوف الإمتثال المشين ووقع الحرم على أثناسيوس مع معرفته بأنه مظلوم , أما  وهوسيوس أسقف قرطبة وهو شيخ هرم أحنت الأيام ظهره وفى الوقت الذى كان يحتاج فيه إلى رعاية إستخدم الإمبراطور أساليب العنف والإغراء حتى أكرهه على التوقيع بالموافقة على الشركة مع الأريوسيين فقط ولكنه لم يوقع على حرم اثناسيوس .

وهكذا سقط الغرب بكل كنائسة تحت مطرقة الأريوسيين كما سقط الشرق تحت ضرباتهم من قبل ولم يبقى إلا أثناسيوس فى الساحة يدافع عن الأيمان وامامه الأمبراطور يجول كوحش كاسر ينتهز الفرصة لينقض عليه أمام عيون العالم .

أما باقى الأساقفة المعارضين فقد نفوا فى ولايات نائية من صحراء بلاد العرب وصعيد مصر ، وجبال طوروس ، وقفار فريجية أما الغرض الأساسى من نفى هءلاء الأساقفة هو خطوة تمهيدية لإرهاب أثناسيوس وجعله يقف وحيداً منعزلاً تمهيداً للقضاء عليه .

وظل البلاط ألمبراطورى طيلة 26 شهراً يعمل سراً وبأبخث أنواع الحيل لخلع وعزل الابابا أثناسيوس عن كرسيه وحرمانه من المنحة التى كان ينفق منها بسخاء على الشعب .

وأصبح الطريق الآن ممهداً بعد أن تخلت الكنيسة اللاتينية عن أسقف مصر ولم يبق للبابا المصرى إلا السيد المسيح ، عندئذ أرسل الأمبراطور قسطنطيوس أثنين من امناء سره بتكليف شفوى أن يعلناه بأمر الأمبراطور بنفيه , وأنهم سيقومون بتنفيذ ذلك .

وبالرغم من أن ألمبراطور حصل على أحكام موقعه من جميع اساقفة العالم بحرمان أثناسيوس إلا انه لم يعط تفويضاً كتابياً بتنفيذ الحكم والقبض عليه ، خوفاً من قيام ثورة فى الأسكندرية ودفاع الشعب بقوة السلاح على براءة ابيهم الروحى .

وهذا الحرص الناشئ عن الخوف من جانب الأمبراطور أتاح للبابا أثناسيوس بالأدعاء بأنه - وبكثير من ألأحترام - يشك فى صحة هذا الأمر الشفوى الصادر بنفيه ، والذى يناقض عدالة الأمبراطور الكريم ويتضاد تصريحاته السابقة .

وإذاء إدعاء البابا اثناسيوس فإن السلطات المدنية شكت أيضاً فى هذا ألمر الشفوى الغريب كما عجزت عن القيام بمهمة إرغام الأسقف على التخلى عن كرسيه ، وإضطرت إلى عقد معاهدة مع زعماء شعب الإسكندرية إتفقت فيها معهم على إيقاف كل الإجراءات الخاصة بالقبض عليه أو الهجوم على الشعب المساند له حتى تتأكد لهم مشيئة الأمبراطور بوضوح ..

وفى نفس الوقت صدرت الأوامر سراً إلى جيوش الرومان فى مصر العليا وليبيا بالتحرك نحو الأسكندرية التى كانت مشتعله بالحماس ضد الظلم الذى يواجهه اسقفها للهجوم المفاجئ عليها .

وكان موقع الإسكندرية بين البحر وبحيرة مريوط عاملاً سهلاً على الجيوش أن تقترب من المدينة من جهة الغرب قبل أن تتخذ أيه خطوات لغلق الأبواب أو إحتلال مراكز الدفاع الهامة .

وبعد مضى 23 يوما من عقد المعاهدة الكاذبة ، قاد سيريانوس أمير مصر ( حاكم مصر) حملة مكونة من خمسة ألاف جندى من الجنود المسلحين وهاجم كنيسة القديس ثيؤوناس (3) حيث كان البابا اثناسيوس مع الشعب والأكليروس يؤدون صلاة العشية (4) ]  

*************************** 

المــــــــــــــــراجع

(1) كتاب حقبة مضيئة فى تاريخ مصــر - بمناسبة مرور 16 قرناً على نياحته - القديس أثناسيوس الرسولى البابا العشرون 296 - 273 م سيرته , دفاعه عن الإيمان عند الأريوسيين , لاهوته - العلامة الروحانى الأب متى المسكين - عدد صفحاته 824 صفحة- الطبعة الثانية 2002 م  ص  224 وما بعدها

(2) الكنيسة القبطية الأرثوذكسية - كنيسة علم ولاهوت - طبعة تحضيرية 1986 م - القمص تادرس يعقوب ملطى

(3) كنيسة ثيؤوناس هى الآن مقام على أنقاضها الكنيسة الكاثوليكية المسماة كنيسة القديسة ريتا وهى بجوار باب 14 جمرك ميناء الإسكندرية .

(4) جيبون - الجزء الول ص 645 - 653

This site was last updated 11/20/17