جارى العمل فى هذه الصفحة
مكان غزوة بنى النضير هو يثرب / المدينة المنورة , ومنازل بنو النضير جنوب المدينة فى أواخر منطقة قربان حاليا وتبعد عن المسجد النبوى مسافة 4 كيلوميتر تقريباً .
******************************************************
لجزء التالى من السيرة النبوية لابن هشام أبي محمد عبدالملك بن هشام أبي محمد عبدالملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري البصري المتوفي عام 213 الموافق لعام 828 م ستة مجلدات - الجزء الثانى - 44/116
************************************************
أمر إجلاء بني النضير في سنة أربع
محاولتهم الغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ابن إسحاق : ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني النضير ، يستعينهم في دية ذينك القتيلين من بني عامر ، اللذين قتل عمرو بن أمية الضمري ، للجوار الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عقد لهما ، كما حدثني يزيد بن رومان ، وكان بين بني النضير وبين بني عامر عقد وحلف . فلما أتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعينهم في دية ذينك القتيلين ، قالوا : نعم ، يا أبا القاسم ، نعينك على ما أحببت ، مما استعنت بنا عليه . ثم خلا بعضهم ببعض ، فقالوا : إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذه - ورسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنب جدار من بيوتهم قاعد - فمن رجل يعلو على هذا البيت ، فيلقي عليه صخرة ، فيريحنا منه ؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب ، أحدهم ، فقال : أنا لذلك ، فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم في نفر من أصحابه ، فيهم أبو بكر وعمر وعلي ، رضوان الله عليهم .
علمه صلى الله عليه وسلم بغدرهم واستعداده لحربهم
فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء ؛ بما أراد القوم ، فقام وخرج راجعاً إلى المدينة ، فلما استلبث النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ، قاموا في طلبه فلقوا رجلا مقبلا من المدينة ، فسألوه عنه ، فقال : رأيته داخلا المدينة . فأقبل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى انتهوا إليه صلى الله عليه وسلم ، فأخبرهم الخبر بما كانت اليهود أرادت من الغدر به ، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتهيؤ لحربهم ، والسير إليهم .
قال ابن هشام : واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم
قال ابن إسحاق : ثم سار بالناس حتى نزل بهم .
تاريخ غزو بين النضير
قال ابن هشام : وذلك في شهر ربيع الأول فحاصرهم ست ليال ونزل تحريم الخمر .
حصار الرسول لهم
قال ابن إسحاق : فتحصنوا منه في الحصون ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطع النخيل والتحريق فيها ، فنادوه : أن يا محمد ، قد كنت تنهي عن الفساد ، وتعيبه على من صنعه ، فما بال قطع النخيل وتحريقها ؟
الرهط الذي شجع بني النضير ثم طلبهم الصلح وهجرتهم
وقد كان رهط من بني عوف بن الخزرج ، منهم عدو الله عبدالله بن أبي سلول ووديعة ومالك بن أبي قوقل ، وسويد وداعس ، قد بعثوا إلى بني النضير : أن اثبتوا وتمنعوا ، فإنا لن نسلمكم ، إن قوتلتم قاتلنا معكم ، وإن أخرجتم خرجنا معكم ، فتربصوا ذلك من نصرهم ، فلم يفعلوا ، وقذف الله في قلوبهم الرعب ، وسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجليهم ويكف عن دمائهم ، على أَّن لهم ما حملت الإبل من أموالهم إلا الحلقة . ففعل . فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الإبل ، فكان الرجل منهم يهدم بيته عن نجاف بابه ،فيضعه على ظهر بعيره فينطلق به ، فخرجوا إلى خيبر ومنهم من سار إلى الشام .
من هاجر منهم إلى خيبر
فكان أشرافهم من سار منهم إلى خيبر : سلام من أبي الحقيق ، وكنانة بن أبي الحقيق ، وحيي بن أخطب . فلما نزلوها دان لهم أهلها .
قال ابن إسحاق : فحدثني عبدالله بن أبي بكر أنه حدث : أنهم استقلوا بالنساء والأموال ، معهم الدفوف والمزامير ، والقيان يعزفن خلفهم ، وإن فيهم لأم عمرو صاحبة عروة بن الورد العبسي ، التي ابتاعوا منه ، وكانت إحدى نساء بني غفار ، بزهاء وفخر وما رئي مثله من حي من الناس في زمانهم .
الرسول يقسم أموال بني النضير بين المهاجرين
وخلوا الأموال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة ، يضعها حيث يشاء ، فيقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على المهاجرين الأولين دون الأنصار ، إلا أن سهل ابن حنيف وأبا دجانة سماك بن خرشة ذكرا فقرا ، فأعطاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم .
من أسلم من بني النضير
ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان يامين بن عمير ، أبو كعب بن عمرو بن جحاش ؛ وأبو سعد بن وهب ، أسلما على أموالهما فأحرزاها .
تحريض يامين على قتل ابن جحاش
قال ابن إسحاق : - وقد حدثني بعض آل يامين : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليامين : ألم تر ما لقيت من ابن عمك ، وما هم به من شأني ؟ فجعل يامين بن عمير لرجل جعلا على أن يقتل له عمرو بن جحاش ، فقلته فيما يزعمون .
ما نزل في بني النضير من القرآن
ونزل في بني النضير سورة الحشر بأسرها ، يذكر فهيا ما أصابهم الله به من نقمته ، وما سلط عليهم به رسوله صلى الله عليه وسلم ، وما عمل به فيهم ، فقال تعالى " هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب من ديارهم لأول الحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من الله ، فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا ، وقذف في قلوبهم الرعب ، يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين " ، وذلك لهدمهم بيوتهم عن نجف أبوابهم إذا احتملوها . " فاعتبروا يا أولي الأبصار ، ولولا أن كتب الله عليهم الجلاء " وكان لهم من الله نقمة ، " لعذبهم في الدنيا " : أي بالسيف ، " ولهم في الآخرة عذاب النار" مع ذلك . " ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها ". واللينة : ما خالف العجوة من النخل " فبإذن الله " : أي فبأمر الله قطعت ، لم يكن فسادا ، ولكن كان نقمة من الله " وليخزي الفاسقين " .
تفسير ابن هشام لبعض الغريب
قال ابن هشام : اللينة : من الألوان ، وهي ما لم تكن برنية ولا عجوة من النخل ، فيما حدثنا أبو عبيدة . قال ذو الرمة :
كأن قتودي فوقها عش طائر * على لينة سوقاء تهفو جنوبها
وهذا البيت في قصيدة له .
" وما أفاء الله على رسوله منهم " - قال ابن إسحاق : يعني من بني النضير " فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب ، ولكن الله يسلط رسله على من يشاء ، والله على كل شيء قدير " : أي له خاصة .
تفسير ابن هشام لبعض الغريب
قال ابن هشام : أوجفتم : حركتم وأتعبتم في السير . قال تميم بن أبي بن مقبل أحد بني عامر بن صعصعة :
مذاويد بالبيض الحديث صقالها * عن الركب أحيانا إذا الركب أوجفوا .
وهذا البيت في قصيدة له ، وهو الوجيف . وقال أبو زيد الطائي ، واسمه حرملة بن المنذر :
مسنفات كأنهن قنا الهند * لطول الوجيف جدب المرود
وهذا البيت في قصيدة له .
قال ابن هشام : السناف : البطان . والوجيف : وجيف القلب والكبد ، وهو الضربان .
قال قيس بن الخطيم الظفري :
إنا وإن قدموا التي علموا * أكبادنا من ورائهم تجف
وهذا البيت في قصيدة له .
" ما أفاء الله على رسوله من أهل القرى فللّه وللرسول " - قال ابن إسحاق : ما يوجف عليه المسلمون بالخيل والركاب ، وفتح بالحرب عنوة فلِلّه وللرسول - " ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ، كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم ، وما آتاكم الرسول فخذوه ، وما نهاكم عنه فانتهوا " . يقول : هذا قسم آخر فيما أصيب بالحرب بين المسلمين ، على ما وضعه الله عليه .
ثم قال تعالى " ألم تر إلى الذين نافقوا " : يعني عبدالله بن أبي وأصحابه ، ومن كان على مثل أمرهم ، " يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب " : يعني بني النضير ، إلى قوله " كمثل الذين من قبلهم قريبا ذاقوا وبال أمرهم ، ولهم عذاب أليم " : يعني بني قينقاع . ثم القصة إلى قوله : " كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني برىء منك ، إني أخاف الله رب العالمين ، فكان عاقبتهما أنهما في النار خالدين فيها ، وذلك جزاء الظالمين " .
ما قاله ابن لقيم العبسي من شعر في بني النضير
وكان مما قيل في بني النضير من الشعر قول ابن لقيم العبسي ، ويقال : قاله قيس بن بحر بن طريف . قال ابن هشام : قيس بن بحر الأشجعي ، فقال :
أهلي فداء لامرىء غير هالك * أحل اليهود بالحسي المزنم
يقيلون في جمر الغضاة وبدلوا * أهيضب عودي بالودي المكمم
فإن يك ظني صادقا بمحمد * تروا خيله بين الصلا ويرمرم
يؤم بها عمرو بن بهثة إنهم * عدو وما حي صديق كمجرم
عليهن أبطال مساعير في الوغى * يهزون أطراف الوشيج المقوم
وكل رقيق الشفرتين مهند * توورثن من أزمان عاد وجرهم
فمن مبلغ عني قريشا رسالة * فهل بعدهم في المجد من متكرم
بأن أخاكم فاعلمن محمدا * تليد الندى بين الحجون وزمزم
فدينوا له بالحق تجسم أموركم * وتسموا من الدنيا إلى كل معظم
نبي تلاقته من الله رحمة * ولا تسألوه أمر غيب مرجم
فقد كان في بدر لعمري عبرة * لكم يا قريشا والقلب الملمم
غداة أتى في الخزرجية عامدا * إليكم مطيعا للعظيم المكرم
معانا بروح القدس ينكى عدوه * رسولا من الرحمن حقا بمعلم
رسولا من الرحمن يتلو كتابه * فلما أنار الحق لم يتلعثم
أرى أمره يزداد في كل موطن * علوا لأمر حمه الله محكم
قال ابن هشام : عمرو بن بهثة ، من غطفان . وقوله : " بالحسي المزنم " عن غير ابن إسحاق .
ما ينسب من الشعر لعلي في قصة بني النضير
قال ابن إسحاق : وقال علي بن أبي طالب : يذكر إجلاء بني النضير وقتل كعب بن الأشرف .
قال ابن هشام : قالها رجل من المسلمين غير علي بن أبي طالب ، فيما ذكر لي بعض أهل العلم بالشعر ، ولم أر أحدا منهم يعرفها لعلي :
عرفت ومن يعتدل يعرف * وأيقنت حقا ولم أصدف
عن الكلم المحكم اللاء من * لدى الله ذي الرأفة الأرأف
رسائل تدرس في المؤمنين * بهن أصطفى أحمد المصطفى
فأصبح أحمد فينا عزيزا * عزيز المقامة والموقف
فيأيها الموعدوه سفاها * ولم يأت جورا ولم يعنف
ألستم تخافون أدنى العذاب * وما آمن الله كالأخواف
وأن تصرعوا تحت أسيافه * كمصرع كعب أبي الأشرف
غداة رأى الله طغيانه * وأعرض كالجمل الأجنف
فأنزل جبريل في قتله * بوحي إلى عبده ملطف
فدس الرسول رسولا له * بأبيض ذي هبة مرهف
فباتت عيون له معولات * متى ينع كعب لها تذرف
وقلن لأحمد ذرنا قليلا * فإنا من النوح لم نشتف
فخلاهم ثم قال اظعنوا * دحورا على رغم الآنف
وأجلى النضير إلى غربة * وكانوا بدار ذوي زخرف
إلى أذرعات ردافى وهم * على كل ذي دبر أعجف
ما أجابه به سماك اليهودي
فأجابه سماك اليهودي ، فقال :
إن تفخروا فهو فخر لكم * بمقتل كعب أبي الأشرف
غداة غدوتم على حتفه * ولم يأت غدرا ولم يخلف
فعلَّ الليالي وصرف الدهور * يدين من العادل المنصف
بقتل النضير وأحلافها * وعقر النخيل ولم تقطف
فإن لا أمت نأتكم بالقنا * وكل حسام معا مرهف
بكف كمي به يحتمي * متى يلق قرنا له يتلف
مع القوم صخر وأشياعه * إذا غاور القوم لم يضعف
كليث بترج حمى غيله * أخي غابة هاصر أجوف
كعب بن مالك يقول شعرا في إجلاء بني النضير ومقتل كعب بن الأشرف
قال ابن إسحاق : وقال كعب بن مالك يذكر اجلاء بني النضير وقتل كعب بن الأشرف :
لقد خزيت بغدرتها الحبور * كذلك الدهر ذو صرف يدور
وذلك أنهم كفروا برب * عزيز أمره أمر كبير
وقد أوتوا معا فهما وعلما * وجاءهم من الله النذير
نذير صادق أدى كتابا * وآيات مبينة تنير
فقالوا ما أتيت بأمر صدق * وأنت بمنكر منا جدير
فقال بلى لقد أديت حقا * يصدقني به الفهم الخبير
فمن يتبعه يهد لكل رشد * ومن يكفر به يجز الكفور
فلما أشربوا غدرا وكفرا * وحاد بهم عن الحق النفور
أرى الله النبي برأي صدق * وكان الله يحكم لا يجور
فأيده وسلطه عليهم * وكان نصيره نعم النصير
فغودر منهم كعب صريعا * فذلت بعد مصرعه النضير
على الكفين ثم وقد علته * بأيدينا مشهرة ذكور
بأمر محمد إذا دس ليلا * إلى كعب أخا كعب يسير
فماكره فأنزله بمكر * ومحمود أخو ثقة جسور
فتلك بنو النضير بدار سوء * أبارهم بما اجترموا المبير
غداة أتاهم في الزحف رهوا * رسول الله وهو بهم بصير
وغسان الحماة موازره * على الأعداء وهو لهم وزير
فقال السلم ويحكم فصدوا * وحالف أمرهم كذب وزور
فذاقوا غب أمرهم وبالا * لكل ثلاثة منهم بعير
وأجلوا عامدين لقينقاع * وغودر منهم نخل ودور
سماك اليهودي يرد على كعب بن مالك
فأجابه سماك اليهودي ، فقال :
أرقت وضافني هم كبير * بليل غيره ليل قصير
أرى الأحبار تنكره جميعا * وكلهم له علم خبير
وكانوا الدارسين لكل علم * به التوراة تنطق والزبور
قتلتم سيد الأحبار كعبا * وقدما كان يأمن من يجير
تدلى نحو محمود أخيه * ومحمود سريرته الفجور
فغادره كأن دما نجيعا * يسيل على مدارعه عبير
فقد وأبيكم وأبي جميعا * أصيبت إذ أصيب به النضير
فإن نسلم لكم نترك رجالا * بكعب حولهم طير تدور
كأنهم عتائر يوم عيد * تذبح وهي ليس لها نكير
ببيض لا تليق لهن عظما * صوافي الحدي أكثرها ذكور
كما لاقيتم من بأس صخر * بأحد حيث ليس لكم نصير
عباس بن مرداس يمدح رجال بني النضير
وقال عباس بني مرداس أخو بن سليم يمتدح رجال بني النضير :
لو أن أهل الدار لم يتصدعوا * رأيت خلال الدار ملهى وملعبا
فإنك عمري هل أريك ظعائنا * سلكن على ركن الشطاة فتيأبا
عليهن عين من ظباء تبالة * أوانس يصبين الحليم المجربا
إذا جاء باغي الخير قلن فجاءة * له بوجوه كالدنانير مرحبا
وأهلا فلا ممنوع خير طلبته * ولا أنت تخشى عندنا أن تؤنبا
فلا تحسبن كنت مولى ابن مشكم * سلام ولا مولى حيي بن أخطبا
خوات بن جبير يرد عليه
فأجابه خوات بن جبير أخو بني عمرو بن عوف ، فقال :
تبكي على قتلى يهود وقد ترى * من الشجو لو تبكي أحب وأقربا
فهلا على قتلى ببطن أرينق * بكيت ولم تعول من الشجو مسهبا
إذا السلم دارت في صديق رددتها * وفي الدين صدادا وفي الحرب ثعلبا
عمدت إلى قدر لقومك تبتغي * لهم شهبا كيما تعز وتغلبا
فإنك لما أن كلفت تمدحا * لمن كان عيبا مدحه وتكذبا
رحلت بأمر كنت أهلا لمثله * ولم تلف فيهم قائلا لك مرحبا
فهلا إلى قوم ملوك مدحتهم * تبنوا من العز المؤثل منصبا
إلى معشر صاروا ملوكا وكرموا * ولم يلف فيهم طالب العرف مجدبا
أولئك أحرى من يهود بمدحة * تراهم وفيهم عزة المجد ترتبا
عباس بن مرداس يرد على خوات بن جبير
فأجابه عباس بن مرداس السلمي ، فقال :
هجوت صريح الكاهنين وفيكم * لهم نعم كانت من الدهر ترتبا
أولئك أحرى لو بكيت عليهم * وقومك لو أدوا من الحق موجبا
من الشكر إن الشكر خير مغبة * وأوفق فعلا للذي كان أصوبا
فكنت كمن أمسى يقطع رأسه * ليبلغ عزا كان فيه مركبا
فبك بني هارون واذكر فعالهم * وقتلهم للجوع إذ كنت مجدبا
أخوات أذر الدمع بالدمع وابكهم * وأعرض عن المكروه منهم ونكبا
فإنك لولا لقيتهم في ديارهم * لألفيت عما قد تقول منكبا
سراع إلى العليا كرام لدى الوغى * يقال لباغي الخير أهلا ومرحبا
ما قاله أحد الصحابة في الرد على عباس بن مرداس
فأجابه كعب بن مالك ، أبو عبدالله بن رواحة ، فيما قال ابن هشام فقال :
لعمري لقد حكت رحى الحرب بعدما * أطارت لؤيا قبل شرقا ومغربا
بقية آل الكاهنين وعزها * فعاد ذليلا بعد ما كان أغلبا
فطاح سلام وابن سعية عنوة * وقيد ذليلا للمنايا ابن أخطبا
وأجلب يبغي العز والذل يبتغي * خلاف يديه ما جنى حين أجلبا
كتارك سهل الأرض والحزن همه * وقد كان ذا في الناس أكدى وأصعبا
وشأس وعزال وقد صليا بها * وما غيبا عن ذاك فيمن تغيبا
وعوف بن سلمى وابن عوف كلاهما * وكعب رئيس القوم حان وخيبا
فبعدا وسحقا للنضير ومثلها * إن اعقب فتح أو إن الله أعقبا
======================================================================