Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

 أمر الحديبية - عمرة محمد

هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك -

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
قريش وصلح الديبية
القرآن والمهاجرات بعد الهدنة
محمد يعرف الكتابة والقراءة

Hit Counter

 الإسلام والتجارة : البيعة لمحمد أما العهد لله

 بيعة الرضوان فى صلح الحدييبة تحت الشجرة التى بايع تحتها المسلمين لمحمد ، أين هذه الشجرة ؟ حيث قال محمد : الذى بايعنى لقتل الأشراف تحت الشجرة لن يدخل النار

 

  جارى العمل فى هذه الصفحة

 صلح الحديبية

هو عقد في فترة صدر الإسلام بين المسلمين بقيادة محمد بن عبد الله وبين قريش التي لم تكن تدين بالإسلام آنذاك وكانت المدة المقررة للإتفاق عشرة سنوات، فاوض قريش عليها عثمان بن عفان.

أراد محمد صلم المسير إلى مكة لأداء العمرة , في أواخر شهر شوال من السنة السّادسة للهجرة (6هـ./628م.) وأذن لمن معه من المهاجرين والأنصار بالذهبا معه , وسار محمد صلم بألف وخمسمائة ممن يريدون أداء العمرة , لا يحملون من آلات الحرب إلا السيوف في القراب، ولبسوا لباس الإحرام ليؤكدوا لقريش أنهم يريدون العمرة ولا يقصدون الحرب ، إنما للحماية فى الطريق .

ووصلت قافلة المسلمين إلى منطقة الحديبيّة القريبة من مكة ولما علمت قريش بقدوم محمد وصحبه ظنوا أنهم قدموا للحرب فرفضوا السماح لهم بدخول مكة وكان شهر ذي القعدة قد حل وبالرغم هو من الأشهر الحرم التي يمتنع فيها القتال إلا ان محمد صلم كسر التقليد بعدم الحرب فى الأشهر الحرم فى غزوة بدر الصغرى بسرية عبدالله بن أبى جحش . وأرسل محمد صلم عثمان بن عفان ليتكلم مع قريش للسماح لهم بالعمرة ، وكان مقدما عندهم وتأخر فى عودته وسمع أشاعة أنه قتل.

وتعجب محمد من وقوف قريش في وجه من قصد زيارة الكعبة، فقال: (أشيروا علي أيها الناس) فقال أبو بكر: يا رسول الله خرجت عامدًا لهذا البيت لا تريد قتل أحد ولا حرب أحد، فتوجه له، فمن صدنا عنه قاتلناه. فقال صلى الله عليه وسلم: (امضوا على اسم الله) وعقد العزم على الجهاد، ولكنه لم يرد الصدام مع قريش، فقال صلى الله عليه وسلم: (من رجل يخرج بنا على طريق غير طريقهم التي هم بها) فقال رجل: أنا
يا رسول الله. فسلك بالمسلمين طريقًا غير الذي خرجت إليه جيوش المشركين. [ابن إسحاق].

لماذا سميت بصلح الحديبية ؟

وبينما رَكْبُ الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يسير بأمر الله تعالى بركت الناقة التي يركبها الرسول صلى الله عليه وسلم في مكان قريب من مكة يسمى الحديبية، فقال الصحابة: خلأت القصواء (اسم ناقة الرسول ) خلأت القصواء .. فقال صلى الله عليه وسلم: (ما خلأت القصواء وما ذلك لها بخلق، لكن حبسها حابس الفيل) [البخاري] وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى لا يريد له دخول مكة، ولا الصدام مع قريش في ذلك الوقت، فقرر التفاوض مع قريش في شأن دخول المسلمين مكة لزيارة البيت الحرام، وقال: (والذي نفسي بيده لا يسألونني خطة يعظمون فيها حرمات الله إلا أعطيتهم إياها) _[ابن إسحاق].

عثمان يتأخر على محمد

وأرسل النبي صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان -رضي الله عنه- ليشرح لقريش ما يريده المسلمون، وإذا بالمشركين يعرضون على عثمان أن يطوف وحده بالبيت، ولكنه رفض أن يطوف وحده دون المسلمين، فاحتبسته قريش عندها، فلما طالت غيبته ظن المسلمون أن الكفار قتلوه، فاجتمعوا حول نبيهم صلى الله عليه وسلم وبايعوه على القتال حتى الاستشهاد في سبيل الله، وفيهم نزل قوله تعالى: {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحًا قريبًا} [الفتح: 18]

بيعة الرضوان بيعة على الموت

و عزم محمد صلم على دخول مكة بالقتال ، فإن قاتلته قريش وتجاوزت حرمة الشهر الحرام فقد أذن الله للمسلمين بقتالهم وصدّ عدوانهم. وبايع المسلمين محمد صلم على الموت ، ودعيت هذه المبايعة بـبيعة الرضوان ,  فبايعوه على أن لا يفروا ، وهذه هي بيعة الرضوان التي أنزل الله فيها قوله : { لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة } (سورة الفتح 18) .

 لم يقتل عثمان كما كان قد أشيع وعاد إلى الحديبيّة وكان قد تأخر في مفاوضة قريش وفي إزالة مخاوفها من عدوان محمد ، وكان المطلب الأساسي لقريش أن يعود المسلمون ذلك العام على أن يدخلوا مكة معتمرين في العام المقبل ، لكي لا يقول العرب أن قريشا استذلت للمسلمين فيصيبها من ذلك معرّة.

ووافق رسول الإسلام على مطلب قريش، وعلى أساس هذا النص عقد اتفاق بينه وبين قريش عرف بصلح الحديبيّة وعقدت هدنة بين الطرفين مدتها عشر سنوات , ولكن كان محمد يضمر الشر لقريش وعدم الإلتزام بالصلح وكسره ونقضه , والسبب الثانى هو تحييد قريش القوى العظمى فى العربية حتى ينهى على اليهود القوة الأضعف والأكثر ثراءاً وتخزن السلاح الذى يحتاجه لرجالة بعد فقدهم الكثير منه فى غزوة أحد وهزيمة المسلمين امام قريش.

نخــــامة محمد

وأرسلت قريش عروة بن مسعود إلى المسلمين فرجع إلى أصحابه ، فقال : أي قوم ، والله لقد وفدت على الملوك -كسرى ، وقيصر والنجاشي- والله ما رأيت ملكاً يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمداً . والله ما انتخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم ، فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمر ابتدروا أمره ، وإذا توضأ كادوا يقتتلون على وضوئه ، وإذا تكلم خفضوا أصواتهم ، وما يحدون إليه النظر تعظيماً له ، ثم قال : وقد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها .

 

بدأ الحوار وتم الأتفاق وكتابة عهد الصلح

كان بين سهيل بن عمرو و النبى على الصلح و نادى محمد صلم على الصحابى علي بن ابى طالب لكتابة الصلح فقال له النبى : اكتب يا علي : بسم الله الرحمن الرحيم , فقال له سهيل بن عمرو: والله ما ندرى ما الرحمن : أكتب ما كنت تكتبه من قبل , اكتب بسمك اللهم , فقال له النبى امحوها يا على و أكتب بسمك الله , فرفض سيدنا على ان يمسحها , فمحوها رسول الله , ثم أكمل قائلاً : هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو, فقال سهيل بن عمرو : والله لو نعلم أنك رسول الله ما قاتلناك و لكن أكتب محمد بن عبد الله , فقال النبى امحوها يا علي : فرفض سيدنا علي ان يمحوها , فمحاها النبى و كتب محمد بن عبد الله ,وقال : إني رسول الله ، وإن كذبتموني اكتب محمد بن عبد الله، ثم تمت كتابة الصحيفة  فغضب الصحابه غضب شديد جداً .

ودخلت قبيلة خزاعة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودخلت بنو بكر في عهد قريش .

 شروط الصّلح

وأرسلت قريش  سهيل بن عمرو لعقد الصلح ، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم قال : قد سهل لكم أمركم ، أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل ، فتكلم سهيل طويلاً ثم اتفقا على قواعد الصلح ، وهي :
1- ان يرجع المسلمون و لا يدخلوا لأداء العمرة فى هذا العام و يعودوا فى العام التالى و أن يدخلوا بدون سلاح
‌2 - أن يرد المسلمون من يأتيهم من قريش مسلما بدون إذن وليه, وألا ترد قريش من يعود إليها من المسلمين.
3 - اما من يرتد عن الإسلام فلا يرجع للمسلمين .
4 - وأن من أراد أن يدخل في عهد قريش دخل فيه, ومن أراد أن يدخل في عهد محمد من غير قريش دخل فيه.
5 - أن لا تكون عداوة أو خيانة بين الطرفين.
6 - إنتهاء حالة الحرب بين المسلمين و قريش لمدة عشر سنوات .


فبينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل ، وقد خرج من أسفل مكة يرسف-يمشي مقيداً- في قيوده ، حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين ، فقال سهيل : هذا يا محمد! أول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : إنا لم نقض الكتاب بعد، فقال : إذاً والله لا أصالحك على شئ أبداً. فقال النبي صلى الله عليه وسلم : فأجزه لي، قال : ما أنا بمجيزه لك . قال : بلى، فافعل، قال : ما أنا بفاعل . قال أبو جندل : يا معشر المسلمين ! كيف أرد إلى المشركين وقد جئت مسلماً؟ ألا ترون ما لقيت ؟ -وكان قد عذب في الله عذاباً شديداً- قال عمر بن الخطاب : والله ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ . فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يا رسول الله ! ألست نبي الله ؟ قال : بلى، قلت : ألسنا على الحق ، وعدونا على الباطل ؟ قال : بلى . قلت : علام نعطى الدنية في ديننا ؟ ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبين أعدائنا ؟ فقال : إني رسول الله ، وهو ناصري ، ولست أعصيه . قلت : ألست كنت تحدثنا : أنا نأتي البيت ، ونطوف به . قال : بلى ، أفاخبرتك أنك تأتيه العام ؟ قلت : لا، قال : فإنك آتيه ومطوف به . قال : فأتيت أبا بكر ، فقلت له مثلما قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، ورد علي كما رد علي رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء ، وزاد : فاستمسك بغرزه حتى تموت، فوالله إنه لعلى الحق .

فلما فرغ من قضية الكتاب ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه : قوموا فانحروا، ثم احلقوا، وما قام منهم رجل ، حتى قالها ثلاث مرات . فلما لم يقم منهم أحد ، قام ولم يكلم أحداً منهم حتى نحر بدنه ودعا حالقه . فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا ، وجعل بعضهم يحلق بعضاً، حتى كاد بعضهم يقتل بعضاً . ثم جاء نسوة مؤمنات ، فأنزل الله : {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن} (سورة الممتحنة 10) . وفي مرجعه صلى الله عليه وسلم : أنزل الله سورة الفتح : {إنا فتحنا لك فتحا مبينا * ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر } الآية ، فقال عمر : أو فتح هو يا رسول الله ؟ قال : نعم ، قال الصحابة : هذا لك يا رسول الله ، فما لنا ؟ فأنزل الله : { هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم} الآيتين إلى قوله : {فوزا عظيما} (سورة الفتح 1-5) .

ولما رجع إلى المدينة جاءه أبو بصير -رجل من قريش- مسلماً ، فأرسلوا في طلبه رجلين ، وقالوا : العهد الذي بيننا وبينك ، فدفعه إلى الرجلين ، فخرجا به ، حتى بلغا ذا الحليفة . فنزلوا يأكلون من تمر لهم . فقال أبو بصير لأحدهما: إني أرى سيفك هذا جيداً. فقال: أجل ، والله إنه لجيد ، لقد جربت به ثم جربت ، فقال : أرني أنظر إليه ، فقتله بسيفه ، ورجع أبو بصير إلى المدينة ، فقال : يا نبي الله ! قد أوفى الله ذمتك، قد رددتني إليهم فأنجاني الله منهم ، فقال صلى الله عليه وسلم : ويل أمه مسعر حرب ، لو كان له أحد . فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم ، فخرج حتى أتى سيف البحر، وتفلت منهم أبو جندل ، فلحق بأبي بصير ، فلا يخرج من قريش رجل -قد أسلم- إلا لحق به ، حتى اجتمعت منهم عصابة . فما سمعوا بعير لقريش خرجت إلى الشام إلا اعترضوا لها ، فقاتلوهم وأخذوا أموالهم ، فأرسلت قريش إلى محمد تناشده الله والرحم أن أتاه منهم فهو آمن .
إسلام أبي العاص بن الربيع:
وعندما كان أبو جندل وأبو بصير وأصحابهما في المكان الذي اجتمعوا فيه عند ساحل البحر، مرت بهم قافلة تجارية لقريش بقيادة أبي العاص بن الربيع زوج السيدة زينب بنت الرسول صلى الله عليه وسلم، وكانت قد فارقته؛ لأنه كان مشركًا، وهاجرت وحدها إلى المدينة.
فهاجم أبو جندل ومن معه القافلة وأسروهم وأخذوا ما معهم من أموال، ولم يقتلوا منهم أحدًا إكرامًا لأبي العاص، وأخلوا سبيله، فقدم أبوالعاص المدينة واستجار بزينب، فكلمت زينب رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك.
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وخطب قائلا: (إنا صاهرنا أناسا، وصاهرنا أبا العاص، فنعم الصهر وجدناه، وإنه أقبل من الشام في أصحاب له
من قريش، فأخذهم أبو جندل وأبو بصير، وأخذوا ما كان معهم، ولم يقتلوا منهم أحدًا، وإن زينب بنت رسول الله سألتني أن أجيرهم، فهل أنتم مجيرون أبا العاص وأصحابه؟) فقال الناس: نعم. فلما بلغ أبا جندل وأصحابه قول الرسول صلى الله عليه وسلم أطلقوا من كان عندهم من أصحاب أبي العاص وردوا إليهم أموالهم.
ثم خرج أبو العاص حتى قدم مكة، فأدى إلى الناس بضائعهم، ثم أعلن
إسلامه، وعاد أبو العاص إلى المدينة مسلمًا، فرد إليه الرسول صلى الله عليه وسلم زوجته زينب -رضي الله عنها-.
********************************************************************************************************

 

الجزء التالى من كتاب السيرة النبوية - تأليف: عبد الملك بن هشام المعافري - الجزء الرابع -  84 / 116

 

 أمر الحديبية في آخر سنة ست ، وذكر بيعة الرضوان ، والصلح بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين سهيل بن عمرو

خروج الرسول
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة شهر رمضان وشوالا ، وخرج في ذي القعدة معتمرا ، لا يريد حربا ‏.‏

من استعمله صلى الله عليه وسلم على المدينة
قال ابن هشام ‏:‏ واستعمل على المدينة نميلة بن عبدالله الليثي ‏.‏

استنفاره صلى الله عليه وسلم العرب
قال ابن إسحاق ‏:‏ واستنفر العربَ ومن حوله من أهل البوادي من الأعراب ليخرجوا معه ، وهو يخشى من قريش الذي صنعوا ، أن يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت ، فأبطأ عليه كثير من الأعراب ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحق به من العرب ، وساق معه الهدي ، وأحرم بالعمرة ليأمن الناس من حربه ، وليعلم الناس أنه إنما خرج زائرا لهذا البيت ومعظما له ‏.‏

عدد من خرج للعمرة
قال ابن إسحاق ‏:‏ حدثني محمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، عن عروة بن الزبير ، عن مسور بن مخرمة ومروان بن الحكم أنهما حدثاه قالا ‏:‏ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت ، لا يريد قتالا ، وساق معه الهدي سبعين بدنة ، وكان الناس سبعمائة رجل ، فكانت كل بدنة عن عشرة نفر ‏.‏
وكان جابر بن عبدالله ، فيما بلغني ، يقول ‏:‏ كنا أصحاب الحديبية أربع عشرة مائة ‏.‏

ما قاله عليه الصلاة و السلام عندما علم أن قريشا تريد منعه
قال الزهري ‏:‏ وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبي - قال ابن هشام ‏:‏ ويقال بُسْر - فقال ‏:‏ يا رسول الله ، هذه قريش ، قد سمعت بمسيرك ، فخرجوا معهم العوذ المطافيل ، قد لبسوا جلود النمور ، وقد نزلوا بذي طوى ، يعاهدون الله لا تدخلها عليهم أبدا ، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدَّموها إلى كُراع الغَميم ‏.‏
قال ‏:‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ يا ويح قريش ‏!‏ لقد أكلتهم الحرب ، ماذا عليهم لو خلوا بيني وبين سائر العرب ، فإن هم أصابوني كان الذي أرادوا ، وإن أظهرني الله عليهم دخلوا في الإسلام وافرين ، وإن لم يفعلوا قاتلوا وبهم قوة ، فما تظن قريش ، فوالله لا أزال أجاهد على الذي بعثني الله به حتى يظهره الله أو تنفرد هذه السالفة ‏.‏
ثم قال ‏:‏ من رجل يخرج بنا عن طريق غير طريقهم التي هم بها ‏؟‏

تجنب الرسول لقاء قريش ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عبدالله بن أبي بكر ‏:‏ أن رجلاً من أسلم قال ‏:‏ أنا يا رسول الله ؛ قال ‏:‏ فسلك بهم طريقاً وعراً أجرل بين شعاب ، فلما خرجوا منه ، وقد شق ذلك على المسلمين وأفضوا إلى أرض سهلة عند منقطع الوادي ‏.‏
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس ‏:‏ قولوا نستغفر الله ونتوب إليه ؛ فقالوا ذلك ، فقال ‏:‏ والله إنها للحطة التي عرضت على بني إسرائيل فلم يقولوها ‏.‏
قال ابن شهاب ‏:‏ فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فقال ‏:‏ اسلكوا ذات اليمين بين ظهري الحمش ، في طريق ‏(‏ تخرجه ‏)‏ على ثنية المرار مهبط الحديبية من أسفل مكة ؛ قال ‏:‏ فسلك الجيش ذلك الطريق ، فلما رأت خيل قريش قترة الجيش قد خالفوا عن طريقهم ، رجعوا راكضين إلى قريش ، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى إذا سلك ، في ثنية المرار بركت ناقته ‏.‏
فقالت الناس ‏:‏ خلأت الناقة ، قال ‏:‏ ما خلأت وما هو لها بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة ‏.‏ لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألونني فيها صلة الرحم إلا أعطيتهم إياها ‏.‏
ثم قال للناس ‏:‏ انزلوا قيل له ‏:‏ يا رسول الله ‏:‏ ما بالوادي ماء ننزل عليه ، فأخرج سهماً من كنانته فأعطاه رجلاً من أصحابه فنزل به في قليب من تلك القلب ‏.‏ فغرزه في جوفه ، فجاش بالرواء حتى ضرب الناس عنه بعطن ‏.‏

الذي نزل بسهم الرسول في طلب الماء ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني بعض أهل العلم عن رجال من أسلم ‏:‏ أن الذي نزل في القليب بسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ناجية بن جندب بن عمير بن يعمر بن دارم بن عمرو بن وائلة بن سهم بن مازن بن أسلم بن أفصى بن أبي حارثة ، وهو سائق بدن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏ أفصى بن حارثة ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وقد زعم لي بعض أهل العلم أن البراء بن عازب كان يقول ‏:‏ أنا الذي نزلت بسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فالله أعلم أي ذلك كان ‏.‏

شعر لناجية يثبت أنه حامل سهم الرسول ‏:‏
وقد أنشدت أسلم أبياتاً من شعر قالها ناجية ، قد ظننا أنه هو الذي نزل بالسهم ، فزعمت أسلم أن جارية من الأنصار أقبلت بدلوها ، وناجية في القليب يميح على الناس ، فقالت ‏:‏
يأيها المائح دلوى دونكا * إني رأيت الناس يحمدونكا
يثنون خيراً ويمجدونكما *

قال ابن هشام ‏:‏ويروى ‏:‏
إني رأيت الناس يمدحونكا *
قال ابن إسحاق ‏:‏ فقال ناجية ، وهو في القليب يميح على الناس ‏:‏
قد علمت جارية يمانية * أني أنا المائح واسمى ناجية
وطعنة ذات رشاش واهية * طعنتها عند صدور العادية

بديل ورجال خزاعة بين الرسول وقريش ‏:‏
فقال الزهري في حديثه ‏:‏ فلما اطمأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه بديل بن ورقاء الخزاعي ، في رجال من خزاعة ، فكلموه وسألوه ‏:‏ ما الذي جاء به ‏؟‏
فأخبرهم أنه لم يأت يريد حرباً ، وإنما جاء زائراً البيت ، ومعظماً لحرمته ، ثم قال لهم نحواً مما قال لبشر بن سفيان ، فرجعوا إلى قريش فقالوا ‏:‏ يا معشر قريش ، إنكم تعجلون على محمد ، إن محمداً لم يأت لقتال ، وإنما جاء زائراً هذا البيت ، فاتهموهم وجبهوهم وقالوا ‏:‏ وإن كان جاء ولا يريد قتالاً ، فوالله لا يدخلها علينا عنوة أبداً ، ولا تحدث بذلك عنا العرب ‏.‏
قال الزهري ‏:‏ وكانت خزاعة عيبة نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم ، مسلمها ومشركها لا يخفون عنه شيئاً كان بمكة ‏.‏

مكرز رسول قريش إلى الرسول ‏:‏
قال ‏:‏ ثم بعثوا إليه مكرز بن حفص بن الأخيف ، أخا بني عامر بن لؤي ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلاً قال ‏:‏ هذا رجل غادر ؛ فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلمه ، قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نحواً مما قال لبديل وأصحابه ؛ فرجع إلى قريش فأخبرهم بما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏

الحليس رسول من قريش إلى الرسول ‏:‏
ثم بعثوا إليه الحليس بن علقمة أو ابن زبان ، وكان يومئذ سيد الأحابيش ، وهو أحد بني الحارث بن عبد مناة بن كنانة ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ إن هذا من قوم يتألهون ، فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه ، فلما رآى الهدي يسيل عله من عرض الوادي في قلائده ، وقد أكل أوباره من طول الحبس عن محله ، رجع إلى قريش ولم يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إعظاماً لما رأى ، فقال لهم ذلك ‏.‏ قال ‏:‏ فقالوا له ‏:‏ اجلس ، فإنما أنت أعرابي لا علم لك ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عبدالله بن أبي بكر ‏:‏ أن الحليس غضب عند ذلك وقال ‏:‏ يا معشر قريش ، والله ما على هذا حالفناكم ، ولا على هذا عاقدناكم ‏.‏
أيصد عن بيت الله من جاء معظماً له ‏!‏ والذي نفس الحليس بيده ، لتخلن بين محمد وبين ما جاء له ، أو لأنفرن بالأحابيش نفرة رجل واحد ‏.‏ قال ‏:‏ فقالوا له ‏:‏ مه ، كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به ‏.‏

عروة بن مسعود رسول من قريش إلى الرسول ‏:‏
قال الزهري في حديثه ‏:‏ ثم بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عروة بن مسعود الثقفي ؛ فقال ‏:‏ يا معشر قريش ، إني قد رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه إلى محمد إذا جاءكم من التعنيف وسوء اللفظ ، وقد عرفتم أنكم والد وأني ولد - وكان عروة لسبيعة بنت عبد شمس - وقد سمعت بالذي نابكم ، فجمعت من أطاعني من قومي ، ثم جئتكم حتى آسيتكم بنفسي ؛ قالوا ‏:‏ صدقت ما أنت عندنا بمتهم ‏.‏
فخرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجلس بين يديه ، ثم قال ‏:‏ يا محمد أجمعت أوشاب الناس ، ثم جئت بهم إلى بيضتك لتفضها بهم ، إنها قريش قد خرجت معها العوذ المطافيل ‏.‏ قد لبسوا جلود النمور ، يعاهدون الله لا تدخلها عليهم عنوة أبداً ‏.‏ وأيم الله ، لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غداً ‏.‏
قال ‏:‏ وأبو بكر الصديق خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد ؛ فقال ‏:‏ امصص بظر اللات ، أنحن نتكشف عنه ‏؟‏ قال ‏:‏ من هذا يا محمد ‏؟‏ قال ‏:‏ هذا ابن أبي قحافة ؛ قال ‏:‏ أما والله لولا يد كانت لك عندي لكافأتك بها ، ولكن هذه بها ‏.‏
قال ‏:‏ ثم جعل يتناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يكلمه ‏.‏ قال ‏:‏ والمغيرة بن شعبة واقف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديد ‏.‏
قال ‏:‏ فجعل يقرع يده إذ تناول لحية رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويقول ‏:‏ اكفف يدك عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن لا تصل إليك ؛ قال ‏:‏ فيقول عروة ‏:‏ ويحك ‏!‏ ما أفظك وأغلظك ‏!‏ قال ‏:‏ فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فقال له عروة ‏:‏ من هذا يا محمد ‏؟‏ قال ‏:‏ هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة ؛ قال ‏:‏ أي غدر ، وهل غسلت سوءتك إلا بالأمس ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏أراد عروة بقوله هذا أن المغيرة بن شعبة قبل إسلامه قتل ثلاثة عشر رجلاً من بني مالك ، من ثقيف فتهايج الحيان من ثقيف ‏:‏ بنو مالك رهط المقتولين ، والأحلاف رهط المغيرة ، فودى عروة المقتولين ثلاث عشرة دية ، وأصلح ذلك الأمر ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ قال الزهري ‏:‏ فكلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوٍ مما كلم به أصحابه ، وأخبره أنه لم يأت يريد حربا ‏.‏
فقام من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى ما يصنع به أصحابه ، لا يتوضأ إلا ابتدروا وضوءه ، ولا يبصق بصاقاً إلا ابتدروه ‏.‏ ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه ‏.‏ فرجع إلى قريش ، فقال ‏:‏ يا معشر قريش ، إني قد جئت كسرى في ملكه ‏.‏ وقيصر في ملكه ‏.‏ والنجاشي في ملكه ‏.‏ وإني والله ما رأيت ملكاً في قوم قط مثل محمد في أصحابه ، ولقد رأيت قوماً لا يسلمونه لشيء أبداً ، فروا رأيكم ‏.‏

خراش رسول الرسول إلى قريش ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني بعض أهل العلم ‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خراش بن أمية الخزاعي ، فبعثه إلى قريش بمكة ، وحمله على بعير له يقال له الثعلب ، ليبلغ أشرافهم عنه ما جاء له ، فعقروا به جمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأرادوا قتله ،فمنعته الأحابيش ، فخلوا سبيله ، حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏
 

النفر القرشيون الذين أرسلتهم قريش للعدوان ثم عفا عنهم الرسول ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وقد حدثني بعض من لا أتهم عن عكرمة مولى ابن عباس عن ابن عباس ‏:‏ أن قريشاً كانوا بعثوا أربعين رجلاً منهم أو خمسين رجلاً ، وأمروهم أن يطيفوا بعسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ليصيبوا لهم من أصحابه أحداً ، فأخذوا أخذاً ، فأتى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فعفا عنهم وخلى سبيلهم ، وقد كانوا رموا في عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجارة والنبل ‏.‏

عثمان رسول محمد إلى قريش ‏:
ثم دعا عمر بن الخطاب ليبعثه إلى مكة ، فيبلغ عنه أشراف قريش ما جاء له ، فقال ‏:‏ يا رسول الله إني أخاف قريشاً على نفسي ، وليس بمكة من بني عدي بن كعب أحد يمنعني ، وقد عرفت قريش عداوتي إياها ، وغلظتي عليها ، ولكني أدلك على رجل أعز بها مني ، عثمان بن عفان ‏.‏ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان ، فبعثه إلى أبي سفيان وأشراف قريش ، يخبرهم أنه لم يأت لحرب ، وإنه إنما جاء زائراً لهذا البيت ، ومعظماً لحرمته ‏.‏

إشاعة مقتل عثمان ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فخرج عثمان إلى مكة ، فلقيه أبان بن سعيد بن العاص حين دخل مكة ، أو قبل أن يدخلها ، فحمله بين يديه ، ثم أجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش ، فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسله به ؛ فقالوا لعثمان حين فرغ من رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم ‏:‏ إن شئت أن تطوف بالبيت فطف ؛ فقال ‏:‏ ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏
واحتبسته قريش عندها ، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن عثمان بن عفان قد قتل ‏.‏

بيعة الرضوان
مبايعة الرسول الناس على الحرب وتخلف الجد ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عبدالله بن أبي بكر ‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين بلغه أن عثمان قد قتل ‏:‏ لا نبرح حتى نناجز القوم ، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة ‏.‏
فكانت بيعه الرضوان تحت الشجرة ، فكان الناس يقولون ‏:‏ بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت ، وكان جابر بن عبدالله يقول ‏:‏ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبايعنا على الموت ولكن بايعنا على أن لا نفر ‏.‏
فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس ، ولم يتخلف عنه أحد من المسلمين حضرها ، إلا الجد بن قيس ، أخو بني سلمة ، فكان جابر بن عبدالله يقول ‏:‏ والله لكأني أنظر إليه لاصقاً بإبط ناقته ‏.‏ قد ضبأ إليها ، يستتر بها من الناس ‏.‏ ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذي ذكر من أمر عثمان باطل ‏.‏

أول من بايع ‏:‏
قال ابن هشام ‏:‏ فذكر وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد ، عن الشعبي ‏:‏ أن أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان أبو سنان الأسدي ‏‏
قال ابن هشام ‏:‏وحدثني من أثق به عمن حدثه بإسناد له ، عن ابن أبي مليكة عن ابن أبي عمر ‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بايع لعثمان ، فضرب بإحدى يديه على الأخرى ‏.‏
 

This site was last updated 11/23/08