Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

قريش وصلح الحديبية

هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 3000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
قريش وصلح الديبية
القرآن والمهاجرات بعد الهدنة
محمد يعرف الكتابة والقراءة

Hit Counter

 

  جارى العمل فى هذه الصفحة

الجزء التالى من كتاب السيرة النبوية - تأليف: عبد الملك بن هشام المعافري - الجزء الرابع - 85 / 116

 

أمر الهدنة
إرسال قريش سهيلاً إلى الرسول للصلح ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ قال الزهري ‏:‏ ثم بعثت قريش سهيل بن عمرو ، أخا بني عامر بن لؤي ، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا له ‏:‏ ائت محمداً فصالحه ، ولا يكن في صلحه إلا أن يرجع عنا عامة هذا ، فوالله لا تحدث العرب عنا أنه دخلها علينا عنوة أبداً ‏.‏
فأتاه سهيل بن عمرو فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلاً ، قال ‏:‏ قد أراد القوم الصلح حين بعثوا هذا الرجل ‏.‏ فلما انتهى سهيل بن عمرو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلم فأطال الكلام ، وتراجعا ، ثم جرى بينهما الصلح ‏.‏

عمر ينكر على الرسول الصلح ‏:‏
فلما التأم الأمر ولم يبق إلا الكتاب ، وثب عمر بن الخطاب ، فأتى أبا بكر ، فقال ‏:‏ يا أبا بكر ، أليس برسول الله ‏؟‏ قال ‏:‏ بلى ، وألسنا بالمسلمين ‏؟‏ قال ‏:‏ بلى ، قال ‏:‏ أوليسوا بالمشركين ‏؟‏ قال ‏:‏ بلى ، قال ‏:‏ فعلام نعطي الدنية في ديننا ‏؟‏ قال أبو بكر ‏:‏ يا عمر الزم غرزه ، فإني أشهد أنه رسول الله ؛ قال عمر ‏:‏ وأنا أشهد أنه رسول الله ‏.‏
ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ‏:‏ يا رسول الله ألست برسول الله ‏؟‏ قال ‏:‏ بلى ، قال ‏:‏ أولسنا بالمسلمين ‏؟‏ قال ‏:‏ بلى ، قال ‏:‏ أوليسوا بالمشركين ‏؟‏ قال ‏:‏ بلى ، قال ‏:‏ فعلام نعطي الدنية في ديننا ‏؟‏ قال ‏:‏ أنا عبدالله ورسوله ، لن أخالف أمره ، ولن يضيعني ‏!‏
قال ‏:‏ فكان عمر يقول ‏:‏ ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق ، من الذي صنعت يومئذ ‏!‏ مخافة كلامي الذي تكلمت به حتى رجوت أن يكون خيراً ‏.‏

علي يكتب شروط الصلح ‏:‏
قال ‏:‏ ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب رضوان الله عليه ، فقال ‏:‏ اكتب بسم الله الرحمن الرحيم ؛ قال ‏:‏ فقال سهيل ‏:‏ لا أعرف هذا ، ولكن أكتب باسمك اللهم ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ اكتب باسمك اللهم ، فكتبها ‏.‏
ثم قال ‏:‏ اكتب ‏:‏ هذا ما صالح عليه محمد رسول الله سهيل بن عمرو ؛ قال ‏:‏ فقال سهيل ‏:‏ لو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك ، ولكن اكتب اسمك واسم أبيك ؛ قال ‏:‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبدالله سهيل بن عمرو ، اصطلحا على وضع الحرب عن الناس عشر سنين يأمن فيهن الناس ويكف بعضهم عن بعض ، على أنه من أتى محمداً من قريش بغير إذن وليه رده عليهم ، ومن جاء قريشاً ممن مع محمد لم يردوه عليه ، وإن بيننا عيبة مكفوفة ، وأنه لا إسلال ولا إغلال ، وأنه من أحب أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل فيه ، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل فيه ‏.‏

دخول خزاعة في عهد محمد وبني بكر في عهد قريش ‏:‏
فتواثبت خزاعة فقالوا ‏:‏ نحن في عقد محمد وعهده ، وتواثبت بنو بكر فقالوا ‏:‏ نحن في عقد قريش وعهدهم ، وأنك ترجع عنا عامك هذا ، فلا تدخل علينا مكة ، وأنه إذا كان عام قابل ، خرجنا عنك فدخلتها بأصحابك ، فأقمت بها ثلاثاً معك سلاح الراكب ، السيوف في القرب ، لا تدخلها بغيرها ‏.‏

ما أهم الناس من الصلح ومجيء أبي جندل ‏:‏
فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الكتاب هو وسهيل بن عمرو ، إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في الحديد ، قد انفلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا وهم لا يشكون في الفتح ، لرؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رأوا ما رأوا من الصلح والرجوع ، وما تحمل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه دخل على الناس من ذلك أمرٌ عظيم ، حتى كادوا يهلكون ‏.‏
فلما رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه ، وأخذ بتلبيبه ؛ ثم قال ‏:‏ يا محمد قد لجت القضية بيني وبينك قبل أن يأتيك هذا ؛ قال ‏:‏ صدقت ، فجعل ينتره بتلبيبه ، ويجره ليرده إلى قريش ، وجعل أبو جندل يصرخ بأعلى صوته ‏:‏ يا معشر المسلمين أأرد إلى المشركين يفتنوني في ديني ‏؟‏ فزاد ذلك الناس إلى ما بهم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ يا أبا جندل ؛ اصبر واحتسب ، فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً ، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحاً ، وأعطيناهم على ذلك ، وأعطونا عهد الله ، وإنا لا نغدر بهم ‏.‏
قال ‏:‏ فوثب عمر بن الخطاب مع أبي جندل يمشي إلى جنبه ، ويقول ‏:‏ اصبر يا أبا جندل ، فإنما هم المشركون ، وإنما دم أحدهم دم كلب ‏.‏ قال ‏:‏ ويدني قائم السيف منه ‏.‏ قال ‏:‏ يقول عمر ‏:‏ رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه ؛ فضن الرجل بأبيه ، ونفذت القضية ‏.‏

من شهدوا على الصلح ‏:‏
فلما فرغ ‏(‏ رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏)‏ من الكتاب أشهد على الصلح رجالاً من المسلمين ورجالاً من المشركين ‏:‏ أبو بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعبدالرحمن بن عوف ، وعبدالله بن سهيل بن عمرو ، وسعد بن أبي وقاص ، ومحمود بن مسلمة ، ومكرز بن حفص ، وهو يومئذ مشرك ، وعلي بن أبي طالب ، وكتب ، وكان هو كاتب الصحيفة ‏.‏

نحر الرسول وحلق فاقتدى به الناس ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطرباً في الحل ، وكان يصلي في الحرم ، فلما فرغ من الصلح قدم إلى هدية فنحره ، ثم جلس فحلق رأسه ، وكان الذي حلقه ، فيما بلغني ، في ذلك اليوم خراش بن أمية بن الفضل الخزاعي ؛ فلما رأى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نحر وحلق تواثبوا ينحرون ويحلقون ‏.‏

دعوة الرسول للمحلقين ثم للمقصرين ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عبدالله بن أبي نجيح ، عن مجاهد ، عن ابن عباس قال ‏:‏ حلق رجال يوم الحديبية ، وقصر آخرون ‏.‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ يرحم الله المحلقين ، قالوا ‏:‏ والمقصرين يا رسول الله ‏؟‏ قال ‏:‏ يرحم الله المحلقين ؛ قالوا ‏:‏ والمقصرين يا رسول الله ‏؟‏ قال ‏:‏ والمقصرين ؛ فقالوا ‏:‏ يا رسول الله ‏:‏ فلم ظاهرت الترحيم للمحلقين دون المقصرين ‏؟‏ قال ‏:‏ لم يشكوا ‏.‏

أهدِى الرسول جملاً فيه برة من فضة ‏:‏
وقال عبدالله بن أبي نجيح ‏:‏ حدثني مجاهد ، عن ابن عباس ‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى عام الحديبية في هداياه جملاً لأبي جهل ، في رأسه برة من فضة ، يغيظ بذلك المشركين ‏.‏

نزول سورة الفتح ‏:‏
قال الزهري في حديثه ‏:‏ ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجهه ذلك قافلاً ،حتى إذا كان بين مكة والمدينة ، نزلت سورة الفتح ‏:‏ ‏(‏ إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر ، ويتم نعمته عليك ، ويهديك صراطاً مستقيماً ‏)‏ ‏.‏

ذكر البيعة ‏:‏
ثم كانت القصة فيه وفي أصحابه ، حتى انتهى من ذكر البيعة ، فقال جل ثناؤه ‏:‏ ‏(‏ إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ، يد الله فوق أيديهم ، فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ، ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً ‏)‏ ‏.‏

ذكر من تخلف ‏:‏
ثم ذكر من تخلف عنه من الأعراب ، ثم قال حين استفزهم للخروج معه فأبطئوا عليه‏:‏ ‏(‏ سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا ‏)‏ ‏.‏ ثم القصة عن خبرهم ، حتى انتهى إلى قوله ‏:‏ ‏(‏ سيقولون المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم ، يريدون أن يبدلوا كلام الله ، قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل ‏)‏ ‏.‏ ثم القصة عن خبرهم وما عرض عليهم من جهاد القوم أولى البأس الشديد ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ حدثني عبدالله بن أبي نجيح ، عن عطاء بن أبي رباح ، عن ابن عباس قال ‏:‏ فارس ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني من لا أتهم ، عن الزهري أنه قال ‏:‏ أولوا البأس الشديد حنيفة مع الكذاب ‏.‏
ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ، فعلم ما في قلوبهم ، فأنزل السكينة عليهم ، وأثابهم فتحاً قريباً ‏.‏ ومغانم كثيرة يأخذونها ، وكان الله عزيراً حكيماً ‏.‏ وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه ، وكف أيدي الناس عنكم ، ولتكون آية للمؤمنين ويهيدكم صراطاً مستقيماً‏.‏ وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها ، وكان الله على كل شيء قديراً ‏)‏ ‏.‏

ذكر كف الرسول عن القتال ‏:‏
ثم ذكر محبسه وكفه إياه عن القتال ، بعد الظفر منه بهم ، يعني ‏:‏ النفر الذين أصاب منهم وكفهم عنه ، ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم ، وكان الله بما تعملون بصيراً ‏)‏ ‏.‏ ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله ‏)‏ ‏.‏

تفسير ابن هشام لبعض الغريب ‏:‏
قال ابن هشام ‏:‏المعكوف المحبوس ، قال أعشى بني قيس بن ثعلبة ‏:‏
وكأن السموط عكفه السلك * بعطفي جيداء أم غزال ‏.‏
وهذا البيت في قصيدة له ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏(‏ ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير علم ‏)‏ ، والمعرة ‏:‏ الغرم ، أي ‏:‏ أن تصيبوا منهم ‏(‏ معرة ‏)‏ بغير علم فتخرجوا ديته ، فأما إثم فلم يخشه عليهم ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏بلغني عن مجاهد أنه قال ‏:‏ نزلت هذه الآية في الوليد بن الوليد بن المغيرة ، وسلمة بن هشام ، وعياش بن أبي ربيعة ، وأبي جندل بن سهيل ، وأشباههم ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم قال تبارك وتعالى ‏:‏ ‏(‏ إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية ، حمية الجاهلية ‏)‏ يعني ‏:‏ سهيل بن عمرو حين حمي أن تكتب بسم الله الرحمن الرحيم وأن محمداً رسول الله ، ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى ‏)‏ ، وكانوا أحق بها وأهلها ‏:‏ أي التوحيد شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ‏.‏
ثم قال تعالى ‏:‏ ‏(‏ لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا ‏)‏ ‏.‏ أي ‏:‏ لرؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي رأى ، أنه سيدخل مكة آمنا لا يخاف ؛ يقول ‏:‏ محلقين رءوسكم ، ومقصرين معه لا تخافون ، فعلم من ذلك ما لم تعلموا ، فجعل من دون ذلك فتحاً قريباً ، صلح الحديبية ‏.‏
يقول الزهري ‏:‏ فما فتح في الإسلام فتح قبله كان أعظم منه ، إنما كان القتال حيث التقى الناس ؛ فلما كانت الهدنة ، ووضعت الحرب ، وآمن الناس بعضهم بعضاً، والتقوا فتفاوضوا في الحديث والمنازعة ، فلم يكلم أحد بالإسلام يعقل شيئاً إلا دخل فيه ، ولقد دخل تينك السنتين مثل من كان في الإسلام قبل ذلك أو أكثر ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏والدليل على قول الزهري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى الحديبية في ألف وأربع مائة ، في قول جابر بن عبدالله ، ثم خرج عام فتح مكة بعد ذلك بسنتين في عشرة آلاف ‏.‏

ما جرى عليه أمر قوم من المستضعفين بعد الصلح

مجيء أبي بصير إلى المدينة وطلب قريش له ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أتاه أبو بصير عتبة بن أسيد بن جارية ، وكان ممن حبس بمكة ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب فيه أزهر بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة ، والأخنس بن شريق بن عمرو بن وهب الثقفي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعثا رجلاً من بني عامر بن لؤي ، ومعه مولى لهم ، فقدما على رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتاب الأزهر والأخنس ‏.‏
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ يا أبا بصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت ، ولا يصلح لنا في ديننا الغدر ، وإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً ، فانطلق إلى قومك ؛ قال ‏:‏ يا رسول الله ، أتردني إلى المشركين يفتنونني في ديني ‏؟‏ قال ‏:‏ يا أبا بصير انطلق فإن الله تعالى سيجعل ولمن معك من المستضعفين فرجاً ومخرجاً‏.‏

قتل أبي بصير للعامري ومقالة الرسول في ذلك ‏:‏
فانطلق معهما ، حتى إذا كان بذي الحليفة ، جلس إلى جدار ، وجلس معه صاحباه ، فقال أبو بصير ‏:‏ أصارم سيفك هذا يا أخا بني عامر ‏؟‏ فقال ‏:‏ نعم أنظر إليه ‏؟‏ قال ‏:‏ انظر إن شئت ‏.‏ قال ‏:‏ فاستله أبو بصير ، ثم علاه به حتى قتله ‏.‏
وخرج المولى سريعاً حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس في المسجد ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم طالعاً قال ‏:‏ إن هذا الرجل قد رأى فزعاً ؛ فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ‏:‏ ويحك ‏!‏ ما لك ‏؟‏ قال ‏:‏ قتل صاحبكم صاحبي فوالله ما برح حتى طلع أبو بصير متوشحاً بالسيف ، حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال ‏:‏ يا رسول الله ، وفت ذمتك ، وأدى الله عنك ، أسلمتني بيد القوم وقد امتنعت بديني أن أفتن فيه ، أو يعبث بي ‏.‏ قال ‏:‏ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ ويل أمه محش حرب لو كان معه رجال ‏!‏
اجتماع المحتبسين إلى أبي بصيرة وإيذاؤهم قريشاً وإيواء الرسول لهم ‏:‏
ثم خرج أبو بصير حتى نزل العيص ، من ناحية ذي المروة ، على ساحل البحر ، بطريق قريش التي كانوا يأخذون عليها إلى الشام ، وبلغ المسلمين الذين كانوا احتبسوا بمكة قل رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بصير ‏:‏ ‏"‏ويل أمه محش حرب لو كان معه رجال ‏!‏ ‏"‏ ، فخرجوا إلى أبي بصير بالعيص ، فاجتمع إليه منهم قريب من سبعين رجلاً ، وكانوا قد ضيقوا على قريش ، لا يظفرون بأحد منهم إلا قتلوه ، لا تمر بهم عير إلا اقتطعوها ، حتى كتبت قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأل بأرحامها إلا آواهم فلا حاجة لهم فآواهم رسول الله صلى الله عليه وسلم تسأل بأرحامها إلا آواهم ، فلا حاجة لهم بهم ، فآواهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقدموا عليه المدينة ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏أبو بصير ثقفي ‏.‏
أراد سهيل ودي أبي بصير وشعر موهب في ذلك ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فلما بلغ سهيل بن عمرو قتل أبي بصير صاحبهم العامري ، أسند ظهره إلى الكعبة ، ثم قال ‏:‏ والله لا أؤخر ظهري عن الكعبة حتى يودي هذا الرجل ؛ فقال أبو سفيان بن حرب ‏:‏ والله إن هذا لهو السفه ، والله لا يودي ‏(‏ ثلاثاً ‏)‏ ‏.‏
فقال في ذلك موهب بن رياح أبو أنيس ، حليف بني زهرة ‏:‏
- قال ابن هشام ‏:‏أبو أنيس أشعري -
أتاني عن سهيل ذرء قول * فأيقظني وما بي من رقاد
فإن تكن العتاب تريد مني * فعِاتبني فما بك من بعادي
أتوعدني وعبد مناف حولي * بمخزوم ألهفا من تعادي
فإن تغمز قناتي لا تجدني * ضعيف العود في الكرب الشداد
أسامي الأكرمين أبا بقومي * إذا وطئ الضعيف بهم أرادي
هم منعوا الظواهر غير شك * إلى حيث البواطن فالعوادي
بكل طمرة وبكل نهد * سواهم قد طوين من الطراد
لهم بالخيف قد علمت معد * رواق المجد رفع بالعماد
شعرابن الزبعرى في الرد على موهب ‏:‏
فأجابه عبدالله بن الزبعرى فقال ‏:‏
وأمسى موهب كحمار سوء * أجاز ببلدة فيها ينادي
فإن العبد مثلك لا يناوي * سهيلاً ضل سعيك من تعادي
فاقصر يا ابن قين السوء عنه * وعد عن المقالة في البلاد
ولا تذكر عتاب أبي يزيد * فهيهات البحور من الثماد

This site was last updated 05/16/09