Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

غزوة حمراء الأسد

هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك -

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
غزوة حمراء الأسد بالمغازى

Hit Counter

 

  جارى العمل فى هذه الصفحة

 

غزوة حمراء الأسد : سميت بذلك لأنه يوجد جبل أحمر جنوب المدينة على بعد 20 كلم , إذا خرجت من ذى الحليفة (آبار على ) قاصداً مكة يظهر أمامك حمراء الأسد جنوباً على يسار الطريق ويقال ان اللون الحمر ناتج من قرية نمل حمراء وليست الحمراء كم يظن

 

غزوة حمراء الأسد

غرض هذه الغزوة : رفع الروح المعنوية لرجال المسلمين المحاربين , سبب هذه الغزوة هو أن محمد ص – أحسّ بما يقاسيه أصحابه من مرارة الهزيمة ، وما يشعرون به من إحباط ، فأراد أن يواسيهم في مُصيبتهم ، ويمحو اليأس من قلوبهم، ويعيد إليهم روح التفاؤل والثّقة.

وأرسل أبو سفيان رسالة يهدد فيها المسلمين في حمراء الأسد ليرعبهم، يزعم فيها أنه قادم للقضاء عليهم، فما زاد ذلك المسلمين إلا قوة وإيمانًا، فقال عنهم الله تعالى: {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانًا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل . فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم} [آل عمران: 173-174].
وفي اليوم التالي لغزوة أحد، أمر محمد صلم وسلم الناس بالخروج لقتال الكفار وتتبعهم، وقال: (لا يخرج معنا إلا من شهد القتال) فأسرع المسلمون، وأطاعوا رسولهم ص ، رغم ما بهم من آلام وجراح وخرجوا للقتال استجابة لنداء الرسول صلى الله عليه وسلم، فلقد تعلموا أن الخير كله في طاعته، فمدحهم الله بهذه الطاعة فقال تعالى: {الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح للذين أحسنوا منهم واتقوا أجر عظيم} [آل عمران: 172].

وفي حمراء الأسد على مسافة عدة أميال من المدينة وقف المسلمون ينتظرون جيش القريشين قبم تأت أخبار بتحرق القريشيين وفي الطريق أقبل معبد بن أبي معبد الخزاعي فعزّى محمد صلم  - ، فيمن أصيب من أصحابه ، وأعلن دخوله في الإسلام ، ورأى محمد صلم – في إسلام الرجل فرصةً ذهبية ، يمكن استغلالها في إرهاب قريشٍ وتخذيلها عن القتال ، خصوصاً وأنها تجهل إسلامه ، فطلب منه أن يكون عوناً لهم على تنفيذ هذه الخطّة .

وكانت الخطة تقضى بأن يدلى الخزاعى لأبو سوفيان بأخبار كاذبة عن محمد وقوته  فسألوه عن حال المسلمين ، فذكر أنهم قد خرجوا بجيشٍ عظيم ، ونفوسٍ غاضبة ، يريدون الانتقام لقتلاهم ، ونصحهم بأن يرجعوا إلى مكّة ، وحينها انهارت عزائم المشركين ، وأصابتهم الذلة والمهانة ، فقرّروا العودة .
ووصلت الأخبار إلى أبي سفيان أن محمد ص خرج من المدينة للحرب، وتأكدت الأخبار عندما وصل معبد وأكد لأبي سفيان أن محمد ص خرج لمطاردتهم وقد نزل بجيشه في حمراء الأسد ففضل الانسحاب أبو سفيان إلى مكة، وأقام المسلمون في حمراء الأسد ثلاثة أيام ينتظرون قريشًا، ثم عادوا إلى المدينة

وكان جابر بن عبدالله رضي الله عنه قد تخلّف عن غزوة أحد بسبب أمر والده برعاية أخواته ، وشقّ عليه أن تفوته الفرصة مرّة أخرى ، فانطلق إلى محمد ص – يستأذنه في الخروج معهم ، فأذن له .
وانتهز فرصة مرور قافلة متوجّهة إلى المدينة ، وطلب منهم أن ينقلوا رسالة إلى المسلمين بأنّهم قد جمعوا جنودهم وتهيّؤوا لقتالهم ، ونزلت ألاية : {الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل} ( آل عمران : 173 ) .

ووصل المسلمون حمراء الأسد، وعسكروا بالقرب من جيش المشركين ، وأقاموا فيه ثلاثة أيام، وأمر محمد صلم بإشعال نارٍ عظيمة من أجل إدخال الرعب في قلوب المشركين وإثبات أنهم قوة كبيرة.
محمد يأمر بقتل شاعراً لأنه كان يهجوه
ولم يحدث بين الفريقين قتال ، لكن المسلمين استطاعوا أن يأسروا رجلا يُقال له أبو عزة الجمحي ، وكان شاعراً أسره المسلمون يوم بدر ، ثم أطلقه محمد ص – بغير فداء رحمةً ببناته ، واشترط عليه ألا يقف ضد المسلمين ، فلم يحترم الرجل العهد ، وقاتل مع المشركين في أحد ، فلما وقف بين يدي محمد ص – رجاه أن يُعفو عنه ، لكن محمد ص – أمر بقتله ، وقال كلمته التي صارت مثلاً : ( لا يُلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين ) رواه البخاري .
 

 

*******************************************************

لجزء التالى من السيرة النبوية لابن هشام أبي محمد عبدالملك بن هشام أبي محمد عبدالملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري البصري المتوفي عام 213 الموافق لعام 828 م  ستة مجلدات - الجزء الثانى -  66/116

************************************************

 

غزوة حمراء الأسد
ثم إن أبا سفيان بن حرب ، حين أراد الانصراف ، أشرف على الجبل ، ثم صرخ بأعلى صوته فقال ‏‏:‏‏ أنعمت فعال ، وإن الحرب سجال يوم بيوم ، أعل هبل ، أي أظهر دينك ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ قم يا عمر فأجبه ، فقل ‏‏:‏‏ الله أعلى وأجل ، لا سواء ، قتلانا في الجنة ، وقتلاكم في النار ‏‏.‏‏
 

ندم من تخلف يوم أحد والخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال ‏‏:‏‏ فلما كان الغد من يوم الأحد لست عشرة ليلة مضت من شوال ، أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس بطلب العدو ، فأذن مؤذنه أن لا يخرجن معنا أحد إلا أحد حضر يومنا بالأمس ‏‏.‏‏ فكلمه جابر بن عبدالله بن عمرو بن حرام ، فقال ‏‏:‏‏ يا رسول الله ، إن أبي كان خلفني على أخوات لي سبع ، وقال ‏‏:‏‏ يا بني إنه لا ينبغي لي ولا لك أن نترك هؤلاء النسوة لا رجل فيهن ، ولست بالذي أوثرك بالجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسي ، فتخلف على أخواتك ؛ فتخلفت عليهن ‏‏.‏‏
فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فخرج معه ‏‏.‏‏ وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مرهبا للعدو ، وليبلغهم أنه خرج في طلبهم ، ليظنوا به قوة ، وأن الذي أصابهم لم يوهنهم عن عدوهم ‏‏.‏‏

من جرح بأحد يواصلون الجهاد مع الرسول
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فحدثني عبدالله بن خارجة بن زيد بن ثابت ، عن أبي السائب مولى عائشة بنت عثمان ‏‏:‏‏ أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من بني عبدالأشهل ، كان شهد أحداً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال ‏‏:‏‏ شهدت أحدا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنا وأخ لي ، فرجعنا جريحين ، فلما أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج في طلب العدو ، قلت لأخي أو قال لي ‏‏:‏‏ أتفوتنا غزوة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏؟‏‏ والله ما لنا من دابة نركبها ، وما منا إلا جريح ثقيل ، فخرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكنت أيسر جرحا ، فكان إذا غلب حملته عقبة ، ومشى عقبة ، حتى انتهينا إلى ما انتهى إليه المسلمون ‏‏.‏‏

استعمال ابن أم مكتوم على المدينة في هذه الغزوة
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إلى حمراء الأسد ، وهي من المدينة على ثمانية أميال ، واستعمل على المدينة ابن أم مكتوم ، فيما قال ابن هشام ‏‏:‏‏
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فأقام بها الإثنين والثلاثاء والأربعاء ، ثم رجع إلى المدينة ‏‏.‏‏

شأن معبد الخزاعي
قال ‏‏:‏‏ وقد مر به كما حدثني عبدالله بن أبي بكر ، معبد بن أبي معبد الخزاعي ، وكانت خزاعة ، مسلمهم ومشركهم عيبة نصح لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، بتهامة ، صفقتهم معه ، لا يخفون عنه شيئا كان بها ، ومعبد يومئذ مشرك ، فقال ‏‏:‏‏ يا محمد ، أما والله لقد عز علينا ما أصابك ، ولوددنا أن الله عافاك فيهم ، ثم خرج ورسول الله صلى الله عليه وسلم بحمراء الأسد ، حتى لقي أبا سفيان بن حرب ومن معه بالروحاء ، وقد أجمعوا الرجعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وقالوا ‏‏:‏‏ أصبنا أحد أصحابه وأشرافهم وقادتهم ، ثم نرجع قبل أن نستأصلهم ‏‏!‏‏ لنكرن على بقيتهم ، فلنفرغن منهم ، فلما رأى أبو سفيان معبدا ،
قال ‏‏:‏‏ ما وراءك يا معبد ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ محمد قد خرج في أصحابه يطلبكم في جمع لم أر مثله قط ، يتحرقون عليكم تحرقا ، قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم ، وندموا على ما صنعوا فيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط ؛ قال ‏‏:‏‏ ويحك ‏‏!‏‏ ما تقول ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ والله ما أرى أن ترتحل حتى أرى نواصي الخيل ، قال ‏‏:‏‏ فوالله لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصل بقيتهم ، قال ‏‏:‏‏ فإني أنهاك عن ذلك ؛ قال ‏‏:‏‏ والله لقد حملني ما رأيت على أن قلت فيهم أبياتا من شعر قال ؛ وما قلت ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ قلت ‏‏:‏‏
كادت تهد من الأصوات راحلتي * إذ سألت الأرض بالجرد الأبابيل
تردي بأسد كرام لا تنابلة * عند اللقاء ولا ميل معازيل
فظلت عدوا أظن الأرض مائلة * لما سمو برئيس غير مخذول
فقلت ويل ابن حرب من لقائكم * إذا تغطمطت البطحا بالجيل
إني نذير لأهل البسل ضاحية * لكل ذي إربة منهم ومعقول
من جيش أحمد لا وخش تنابلة * وليس يوصف ما أنذرت بالقيل
فثنى ذلك أبا سفيان ومن معه ‏‏.‏‏

رسالة أبي سفيان مع الركب بالوعيد
ومر به ركب بن عبدالقيس ، فقال ‏‏:‏‏ أين تريدون ‏‏؟‏‏ قالوا ‏‏:‏‏ نريد المدينة ‏‏؟‏‏ قال ‏‏:‏‏ ولم ‏‏؟‏‏ قالوا ‏‏:‏‏ نريد الميرة ؛ قال ‏‏:‏‏ فهل أنتم مبلغون عني محمدا رسالة أرسلكم بها إليه ، وأحمل لكم هذه غدا زبيبا بعكاظ إذا وافيتموها ‏‏؟‏‏ قالوا ‏‏:‏‏ نعم قال ؛ فإذا وافيتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم ، فمر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد ، فأخبروه بالذي قال أبو سفيان ؛ فقال ‏‏:‏‏ حسبنا الله ونعم الوكيل ‏‏.‏‏

كف صفوان لأبي سفيان عن معاودة الكرة
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ حدثنا أبو عبيدة ‏‏:‏‏ أن أبا سفيان بن حرب لما ‏انصرف يوم أحد ، أراد الرجوع إلى المدينة ، ليستأصل بقية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لهم صفوان بن أمية بن خلف ‏‏:‏‏ لا تفعلوا ، فإن القوم قد حربوا ، وقد خشينا أن يكون لهم قتال غير الذي كان ، فارجعوا ، فرجعوا ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد ، حين بلغه أنهم هموا بالرجعة ‏‏:‏‏ والذي نفسي بيده ، لقد سومت لهم حجارة ، لو صبحوا بها لكانوا كأمس الذاهب ‏‏.‏‏

قتل الرسول أبا عزة ومعاوية بن المغيرة
قال أبوعبيدة ‏‏:‏‏ وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم في جهة ذلك قبل رجوعه إلى المدينة ، معاوية بن المغيرة بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس ، وهو جد عبدالملك بن مروان ، أبو أمه عائشة بنت معاوية ، وأبا عزة الجمحي ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسره ببدر ، ثم من عليه ؛ فقال ‏‏:‏‏ يا رسول الله ، أقلني ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ والله لا تمسح عارضيك بمكة بعدها وتقول ‏‏:‏‏ خدعت محمدا مرتين ، اضرب عنقه يا زبير ‏‏.‏‏ فضرب عنقه ‏‏"‏‏ ‏‏.‏‏
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ وبلغني عن سعيد بن المسيب أنه قال ‏‏:‏‏ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏‏:‏‏ إن المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين ، اضرب عنقه يا عاصم بن ثابت ، فضرب عنقه ‏‏.‏‏

مقتل معاوية بن المغيرة
قال ابن هشام ‏‏:‏‏ ويقال ‏‏:‏‏ إن زيد بن حارثة وعمار بن ياسر ، قتلا معاوية بن المغيرة بعد حمراء الأسد ، كان لجأ إلى عثمان بن عفان فاستأمن له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمَّنه ، على أنه إن وجد بعد ثلاث قتل ، فأقام بعد ثلاث وتوارى فبعثهما النبي صلى الله عليه وسلم ، وقال ‏‏:‏‏ إنكما ستجدانه بموضع كذا وكذا ، فوجداه فقتلاه ‏‏.‏‏

شأن عبدالله بن أبي بعد غزوة أحد
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ، وكان عبدالله بن أبي بن سلول ، كما حدثني ابن شهاب الزهري ، له مقام يقومه كل جمعة لا ينكر ، شرفا له في نفسه وفي قومه ، وكان فيهم شريفا ، إذا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة وهو يخطب الناس ، قام فقال ‏‏:‏‏ أيها الناس هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهركم ، أكرمكم الله وأعزكم به ، فانصروه وعزروه ، واسمعوا له وأطيعوا ، ثم يجلس حتى إذا صنع يوم أحد ما صنع ، ورجع بالناس ، قام يفعل ذلك كما كان يفعله ، فأخذ المسلمون بثيابه من نواحيه ، وقالوا ‏‏:‏‏ اجلس ، أي عدو الله ، لست لذلك بأهل وقد صنعت ما صنعت ، فخرج يتخطى رقاب الناس ، وهو يقول ‏‏:‏‏ والله لكأنما قلت بجرا إن قمت أشدد أمره ‏‏.‏‏
فلقيه رجل من الأنصار بباب المسجد ، فقال ‏‏:‏‏ مالك ‏‏؟‏‏ ويلك ‏‏!‏‏ قال ‏‏:‏‏ قمت أشدد أمره ، فوثب علي رجال من أصحابه يجذبونني ويعنفونني ، لكأنما قلت بجرا أن قمت أشدد أمره ؛ قال ‏‏:‏‏ ويلك ‏‏!‏‏ ارجع يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ قال ‏‏:‏‏ والله ما أبتغي أن يستغفر لي ‏‏.‏‏ ‏‏

تمحيص المؤمنين يوم أحد
قال ابن إسحاق ‏‏:‏‏ كان يوم أحد يوم بلاء ومصيبة وتمحيص ، اختبر الله به المؤمنين ، ومحن به المنافقين ، ممن كان يظهر الإيمان بلسانه ، وهو مستخف بالكفر في قلبه ، ويوما أكرم الله فيه من أراد كرامته بالشهادة من أهل ولايته ‏‏"‏‏ ‏‏.

********

غزوة حمراء الأسد مع الفوائد
 > في ظلال السيوف

وكانت يوم الأحد لثمانٍ خلون من شوال، على رأس اثنين وثلاثين شهراً، ودخل المدينةَ يوم الجمعة وغاب خمساً. قالوا: لمَّا صلَّى رسولُ الله-صلَّى الله عليه وسلَّم-الصُّبحَ يومَ الأحد، ومعه وجوه الأوس والخزرج، وكانوا باتوا في المسجد على بابه-سعد بن عُبادة، وحُباب بن المنذر، وسعد بن مُعاذ، وأوس بن خولي، وقتادة بن النعمان، وعبيد بن أوس في عدةٍ منهم. فلمَّا انصرف رسولُ الله-صلَّى الله عليه وسلَّم-من الصبح، أمر بلالاً أنْ يُنادي: إنَّ رسولَ الله يأمرُكم بطلب عدوكم، ولا يخرجُ معنا إلا مَن شَهِد القتالَ بالأمسِ.
قال : فخرج سعد بن مُعاذ راجعاً إلى داره يأمر قومَهُ بالمسير. قال: والجراحُ في الناس فاشيةٌ، عامةُ بني عبد الأشهل جريحٌ بل كلُّها، فجاء سعدُ بن مُعاذ، فقال: إنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يأمرُكم أنْ تطلبوا عدوَّكم. قال: يقولُ أسيد بن حضير- وبه سبعُ جراحاتٍ وهو يُريد أنْ يُداويها-: سمعاً وطاعةً لله ولرسوله، فأخذ سلاحَهُ، ولم يُعرِّجْ على دواء جراحه، ولحق برسولِ الله -صلَّى الله عليه وسلَّم-. وجاء سعدُ بن عُبادة قومَهُ بني ساعدة، فأمرهم بالمسيرِ فتلبسوا ولحقوا. وجاء أبو قتادة أهلَ خربى، وهم يداوون الجراحَ، فقال: هذا مُنادي رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يأمرُكم بطلبِ عدوِّكم . فوثبوا إلى سلاحِهم، وما عرَّجُوا على جراحاتهم. فخرج من بني سلمة أربعون جريحاً، بالطُّفيل بن النعمان ثلاثةَ عشرَ جُرْحاً، وبخراش بن الصِّمة عشرُ جراحاتٍ، وبكعب بن مالك بضعة عشر جُرْحاً، وبقطبة بن عامر بن حديدة تسع جراحاتٍ حتى وافوا النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم-ببئر أبي عنبة إلى رأس الثنية -الطريق الأُولى يومئذٍ-عليهم السلاحُ قد صفُّوا لرسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم- . فلمَّا نظرَ رسولُ الله-صلَّى الله عليه وسلَّم– إليهم، والجراحُ فيهم فاشيةٌ، قال: (اللهُمَّ ارحمْ بني سلمة).
قال الواقديُّ : وحدَّثني عُتبة بن جبيرة عن رجالٍ من قومه قالوا: إنَّ عبدَ الله بن سهل، ورافع بن سهل بن عبد الأشهل رجعا من أحد ، وبهما جراحٌ كثيرة، وعبدُ الله أثقلُهما من الجراح ، فلمَّا أصبحُوا، وجاءهم سعدُ بن معاذ يُخبرهم أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يأمرُهم بطلب عدوِّهم، قال أحدهما لصاحبه: والله إنَّ تركنا غزوةً مع رسول الله لغبنٌ، والله ما عندنا دابةٌ نركبها، وما ندري كيف نصنعُ؟! قال عبد الله: انطلق بنا، قال رافع: لا والله ما بي مشيٌ. قال أخوه: انطلق بنا، نتجارَّ ونقصد، فخرجا يزحفان، فضعف رافعٌ، فكان عبدُ الله يحمله على ظهره عقبة، ويمشي الآخر عقبة، حتى أتوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عند العشاء وهم يوقدون النيران فأتي بهما إلى رسول الله- صلَّى الله عليه وسلَّم -، وعلى حرسه تلك الليلة عباد بن بشر -، فقال: ما حبسكما ؟ فأخبراه بعلتهما، فدعا لهما بخيرٍ ، وقال: (إنْ طالتْ لكم مدة كانت لكم مراكبُ من خيلٍ وبغالٍ وإبلٍ، وليس ذلك بخير لكم) قال الواقدي: حدثني عبدُ العزيز بن محمد عن يعقوب بن عُمر بن قتادة، قال: هذان أنس ومؤنس وهذه قصتهما.
وقال جابرُ بن عبد الله: يا رسولَ الله، إنَّ مُنادياً نادى: ألا يخرج معنا إلا من حضر القتالَ بالأمس، وقد كنتُ حريصاً على الحضور، ولكنَّ أبي خلَّفني على أخواتٍ لي، وقال: يا بني لا ينبغي لي ولك أنْ ندعهن، ولا رجل عندهن، وأخاف عليهن وهن نُسَيّات ضعاف، وأنا خارجٌ مع رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لعلَّ الله يرزقني الشهادةَ، فتخلَّفتُ عليهن، فاستأثره الله عليَّ بالشهادة، وكنت رجوتُها، فأذنْ لي- يا رسولَ الله- أنْ أسيرَ معك . فأذِن له رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - . قال جابر: فلم يخرجْ معه أحدٌ لم يشهد القتالَ بالأمسِ غيري، واستأذنه رجالٌ لم يحضروا القتالَ، فأبى ذلك عليهم ودعا رسولَ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم – بلوائه، وهو معقودٌ لم يحل من الأمس، فدفعه إلى عليٍّ- عليه السلام- ويُقال دفعه إلى أبي بكر.
وخرج رسولُ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم - وهو مجروحٌ، في وجهه أثرُ الحلقتين ومشجوجٌ في جبهته في أصول الشعر، ورباعيته قد شظيت، وشفته قد كلمت من باطنها، وهو متوهنٌ منكبه الأيمن بضربة ابن قميئة، وركبتاه مجحوشتان. فدخل رسولُ الله-صلَّى الله عليه وسلَّم - المسجدَ فركع ركعتين، والناسُ قد حشدوا، ونزل أهلُ العوالي حيث جاءهم الصريخُ ثم ركع رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم – ركعتين، فدعا بفرسه على بابِ المسجدِ وتلقَّاه طلحةُ- رضي الله عنه-، وقد سمع المناديَ، فخرج ينظرُ متى يسيرُ رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فإذا رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - عليه الدِّرعُ والمِغْفَرُ، وما يُرى منه إلا عيناه، فقال: يا طلحةُ، سلاحك، فقلت: قريباً. قال طلحة: فأخرج أعدو فألبس دِرعي، وآخذُ سيفي، وأطرحُ درقتي في صدري; وإنَّ بي لتسع جراحات ولأنا أهمُّ بجراح رسول الله-صلَّى الله عليه وسلَّم- منِّي بجراحي. ثم أقبل رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - على طلحةَ، فقال: ترى القومَ الآن ؟ قال: هم بالسَّيّالَة. قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: (ذلك الذي ظننتُ، أَمَا إنَّهم- يا طلحةُ- لن ينالُوا منَّا مثلَ أمس، حتى يفتح الله مكةَ علينا). وبعث رسولُ الله-صلَّى الله عليه وسلَّم-ثلاثةَ نفرٍ من" أسلم" طليعةً في آثار القوم،: "سَليطاً" و"نعمان" ابني سفيان بن خالد بن عوف بن دارم من بني سهم ومعهما ثالث من أسلم من بني عوير لم يُسمَّ لنا. فأبطأ الثالثُ عنهما وهما يَجْمِزان(جمز : أسرع. ( النهاية ، ج1، ص175))، وقد انقطع قبالُ نعلِ أحدِهما، فقال: أعطني نعلك. قال: لا -والله- لا أفعل، فضرب أحدُهما برجله في صدره فوقع لظهره، وأخذ نعليه. ولحق القومُ بحمراء الأسد، ولهم زَجَلٌ، وهم يأتمرون بالرجوع، وصفوان ينهاهم عن الرجوع فبصروا بالرجلين فعطفوا عليهما فأصابوهما. فانتهى المسلمون إلى مصرعهما بحمراء الأسد فعسكروا، وقبروهما في قبرٍ واحدٍ.
فقال ابنُ عبَّاسٍ : هذا قبرُهما، وهما القرينان. ومضى رسولُ الله-صلَّى الله عليه وسلَّم - في أصحابهِ حتى عسكروا بحمراء الأسد. قال جابر: وكان عامَّةُ زادِنا التمرُ، وحمل سعدُ بن عُبادة ثلاثين جملاً حتى وافت الحمراء، وساق جُزُراً فنحروا في يومٍ اثنين، وفي يومٍ ثلاثاً. وكان رسولُ الله- صلَّى الله عليه وسلَّم - يأمرهم في النَّهار بجمع الحطب، فإذا أمسوا أمرنا أنْ نُوقدَ النيران. فيوقد كلُّ رجلٍ ناراً، فلقد كنَّا تلك الليالي نُوقدُ خمسمائة نارٍ، حتى تُرى من المكان البعيد، وذهب ذكرُ معسكرِنا ونيرانِنا في كلِّ وجهٍ، حتى كانَ مما كبت الله–تعالى- عدوَّنا.
وانتهى معبدُ بن أبي معبد الخزاعي، وهو يومئذٍ مشركٌ، وكانت خُزاعةُ سلماً للنبي-صلَّى الله عليه وسلَّم-، فقال: يا محمدُ، لقد عزَّ علينا ما أصابك في أصحابك، ولوددنا أنَّ الله أعلى كعبك، وأنَّ المصيبة كانت بغيرك. ثم مضى معبدٌ حتى يجد أبا سفيان وقريشاً بالرَّوحاء، وهم يقولون: لا محمداً أصبتُم، ولا الكواعبَ أردفتُم، فبئس ما صنعتم، فهم مجمعون على الرجوع، ويقول قائلهم -فيما بينهم-: ما صنعنا شيئاً، أصبنا أشرافَهم، ثم رجعنا قبل أنْ نستأصلَهم قبل أن يكونَ لهم وفرٌ - والمتكلمُ بهذا عكرمةُ بن أبي جهل. فلمَّا جاء معبدٌ إلى أبي سفيان، قال: هذا معبدٌ، وعنده الخبرُ، ما وراءك يا معبدُ ؟
قال: تركت محمداً وأصحابَهُ خلفي يتحرَّقون عليكم بمثل النيران، وقد جمع معه من تخلَّف عنه بالأمس من الأوس والخزرج، وتعاهدوا ألا يرجعوا حتى يَلحقوكم فيثأروا منكم، وغضبوا لقومهم غضباً شديداً ولمن أصبتم من أشرافهم. قالوا: ويلك ما تقولُ؟ قال: والله ما نرى أن نرتحل حتى نرى نواصي الخيل، ثم قال معبدٌ: لقد حملني ما رأيتُ منهم أنْ قلتُ أبياتاً:

كادت تهُدُّ من الأصـواتِ راحلتـي *** إذْ سـالتِ الأرضُ بالجُرْدِ الأبــابيلِ
تعـدو بأُسـدٍ كـرامٍ لا تنــــابلة *** عــند اللقـاءِ ولا ميــلٍ معـازيـل
فقلـتُ ويـلُ ابنِ حـربٍ من لقائهمُ *** إذا تَغَطْمَطَت(تغطمطت: اهتزت وارتجت. ( شرح أبي ذر، ص 233).) البطحــاءُ بالخيــلِ

وكان مما ردَّ الله –تعالى- أبا سفيان وأصحابه كلامُ صفوان بن أمية، قبل أن يطلعَ معبدٌ وهو يقول: يا قومُ، لا تفعلوا، فإنَّ القومَ قد حزنُوا وأخشى أنْ يجمعوا عليكم مَن تخلَّف من الخزرج، فارجعوا والدولةُ لكم، فإنِّي لا آمنُ إنْ رجعتم أنْ تكونَ الدولةُ عليكم. قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - : "أرشدهم صفوانُ، وما كان برشيدٍ، والذي نفسي بيده لقد سُوِّمت لهم الحجارةُ، ولو رجعوا لكانوا كأمسِ الذاهبِ". فانصرف القومُ سراعاً خائفين من الطلب لهم، ومَرَّ بأبي سفيان نفرٌ من عبد القيس يُريدون المدينةَ، فقال: هل أنتم مبلغون محمداً وأصحابَهُ ما أُرسلكم به على أنْ أوقر لكم أباعرَكم زبيباً غداً بعكاظ، إنْ أنتم جئتُموني؟
قالوا: نعم. قال حيثما لقيتم محمداً وأصحابَهُ، فأخبروهم أنَّا قد أجمعنا الرجعةَ إليهم وأنَّا آثاركم. فانطلق أبو سفيان، وقدم الرَّكبُ على النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابِهِ بالحمراءِ، فأخبروهم بالذي أمرهم أبو سفيان، فقالوا:حسبُنَا الله ونعم الوكيلُ، وفي ذلك أنزل الله -عَزَّ وجَلَّ -: {الَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِلّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَآ أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ} (172) سورة آل عمران. وقوله {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ } (173) سورة آل عمران. وكان معبدٌ قد أرسلَ رجلاً من خُزاعة إلى رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُعلمه أنْ قد انصرفَ أبو سفيان وأصحابُه خائفين وَجِلين. ثم انصرف رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إلى المدينة.( المغازي, الجزء الأول. ص334-340)

 

==================

راجـــــــــــــــع:
"سبل الهدى والرشاد في سيرة خير" العباد للصالحي (4/308-316)، و"الرحيق المختوم" للمباركفوري (318-321)، و"ابن هشام" (3/65-69)، و"عيون الأثر في سيرة خير البشر" لابن سيد الناس (2/57-58)، و"السيرة النبوية في ضوء المصادر الأصلية" لمهدي رزق الله أحمد (407).

 

 

This site was last updated 11/23/08