خيبر  أحد قلاع اليهود

Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

غزوة خيبر

هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك -

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
صفية بنت حيى
محمد يأكل من شاة مسمومة
الشعر وغزوة خيبر
قتلى خيبر
إجلاء اليهود عن خيبر
عمر يجبن اصحابه ويجبنونه

Hit Counter

خربت خيبر.. خربت خيبر

تعليق من الموقع : إشتهرت عبارة " خربت خيبر" فى التاريخ الإسلامى الدموى اللاأخلاقى ومازل العامة فى جميع الشعوب الناطقة بالعربية تردد عبارة " خربت خيبر" على تخريب ممتلكات وأبنية ومساكن المسيحيين واليهود فى المنطقة الواقعة من الخليج إلى المحيط - كما تطلق عبارة خربت خيبر على إغتصاب المسلم لفتاة سواء أكانت مسيحية أو مسلمة .. ومن أسم هذه العبارة نستنتج أن كلمة التخريب "خربت كفعل ماض " هو نتائج هذه الغزوة وهو أيضاً عنوان للأسلام الذى قام بتخريب حضارة البلدان التى أحتلها فى شمال أفريقيا وآسيا وغيرها لهذا ألف أحد كتاب الغرب كتاباً عن محمد  أسماه " نبى الخراب " وعند الأستعداد للعداء يقول العامة حتى الآن " خيبر خيبر يا يهود .. جيش محمد سوف يعود " وطبعاً غايتهم وهدفهم هو التخريب والفناء.

غزوة خيبر

صورة لحصن خيبر الموجود على أطراف المدينه والذي قلع بابه الامام علي بن ابي طالب
كانت خيبر وهي مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على مسافة ثمانين ميلا إلى الشمال من المدينة ، وقد كانت أرضا طيبة ذات نخيل رطب ومياه عذبة جارية حتى قيل أن بها لليهود فقط في ذلك الحين أربعمائة نخلة لهذا طمع فيها محمد وفى ثروتها .

تاريخ الغزوة : ذكر ابن إسحاق أنها كانت في المحرم من السنة السابعة الهجرية ، ، وذهب ابن سعد إلى أنها في جمادى الأولى سنة سبع ، وذكر الواقدي أنها كانت في صفر أو ربيع الأول من السنة السابعة بعد العودة من غزوة الحديبية وقال الإمامان الزهري ومالك إنها في المحرم من السنة السادسة. والخلاف بين ابن إسحاق والواقدي نحو الشهرين ، وكذلك فإن الخلاف بينهما وبين الإمامين الزهري ومالك يعود إلى الاختلاف في ابتداء السنة الهجرية الأولى . أما  ابن حجر فقد رجح قول ابن إسحاق على قول الواقدي.

محمد يعتدى على يهود شبه الجزيرة العربية 

ومضى محمد فى تنفيذ مخططة إما بقتل اليهود وإبادتهم وطردهم من شبه الجزيرة العربية وذلك لأن اليهود أعتبروا أن نبوة محمد كاذبة وأنه نبى كذاب لأنه لا يوجد أى نبى من خارج الجنس اليهودى , فكل الأنبياء من اليهود , وقد أورد القرآن نفسه هذا الدليل فى سورة الجاثية 16 " وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ " ومحمد ليس أسرائيلى الجنس أى من بنى أسرائيل (بنى يعقوب) لهذا أعتبر اليهود محمد نبى كذاب افاق حرامى للقوافل فقاوموه وكانوا يسخروا من نبوته "إنا كفيناك المستهزئين" (الحجر:95) , وإذا خيرهم بين الموت وبين أعتناق ديانته فضلوا الموت , كما أنه كان هناك سبب آخر ألا وهو أن اليهود إلههم يهوه وقد قال القرآن : " القرآن 10/90: لا إله إلا الذى آمنت به أسرائيل" وكان يتجه محمد بقبلته إلى اورشليم ولكنه فجأة غيرها إلى الكعبة وجعل الله إلاهه , ولكن هذا الله لا يعبده اليهود فاليهود إلههم أسمه يهوه وقبلة اليهود أورشليم والدليل أن محمد كان يعرف ذلك أنه ذهب إليهم ليدعيهم إلى إلهه الجديد الله وقال لهم : " قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ، ولا نشرك به شيئا ، ولا يتخذ بعضنا بعضا آربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون}آل عمران:64. والمعروف أن اليهود يعبدون إله أسمه يهوه ولا يشركون به شيئاً إذا محمد كان يعرف هذا وكان يريد إجبار اليهود على عبادة الله الذى يرمز له بالقمر .

ثمانية حصون كانت لليهود

 وخرج محمد صلم في مطلع العام السابع الهجري في جيش تعداده ألف وستمائة رجلٍ ليهجم على يهود خيبر حيث لا يوجد حصن واحد في خيبر وإنما ثمانية آطام ومعظم هذه الآطام والحصون ليس مصرح الدخول إليها وليست مفتوحة للزوار كحال كثير من الآثار في المدينة , ولكن كما هو الحال فى معظم بلدان الشرق ألأوسط يمكن التحايل على هذه القوانين بصداقة أهل المنطقة وإعطائهم مبالغ مالية مناسبة سيرونك هذه الحصون ومداخلها ومخارجها ويمكنك تصويرها كما تشاء .

وهذه الآطام هى بين القلاع والحصون وهي أشبه بالمستوطنات الزراعية المسيجة ومعظمها يقع على روابي عالية ، ومن آطام خيبر ناعم والقموص  , وهو لبني أبي الحقيق وهو المعروف اليوم بحص خيبر لعظمه ومناعته كما ذكر القسطلاني في شرح المواهب " والشق والنطاة والوطيح والكتيبة كما ذكر الفيروزبادي في كتابه " المغانم المُطابة في معالم طابة" .
وكانت منطقة خيبر هى أرض اليهود وأملاكهم وبها منازل ليهود بني قريظة وبني النضير وبني عنزة .

 وكان اليهود بزعامة سلام بن مشكم وقد قسموا خيبر إلى ثلاث مناطق حصينة تتألف من ثلاث مناطق تضم قلاعهم وحصونهم،  والمناطق الثلاث هي:
*** الأولى : منطقة النطاة ، وبها حصن ناعم، وعليه "مرحب"، وهو واحد من أبرز زعماء خيبر وفرسانها، بالإضافة إلى حصنين آخرين، هما: حصن الصعب بن معاذ، وحصن قلعة الزبير
وقد جعلوها مركزا للمقاتلين والذخائر
*** الثانية : منطقة الكتيبة، وبها حصن "القموص" لبني الحقيق من يهود بني النضير، وحصنان آخران
هما الوطيح والسلالم ووضعوا فيها النساء والأطفال والأموال .

*** الثالثة : منطقة الشق، وبها حصنان هما أبي والنزار

************* *****************

لم تكن الحرب الأساسية مع اليهود ولكنها كانت مع قريش وباقى بطون العرب أما اليهود فمحمد كان يسكن بينهم فى يثرب / المدينة التى كانت معقلاً لليهود العرب , ولكن مناقشات  اليهود  الدينية مع محمد وعدم رده الرد المقنع عليهم جعلته فى وضع لا يحسد عليه أمام أتباعه فكرههم محمد وأضمر لهم الشر فى نفسه للتخلص منهم وهو يعلم تماماً أن الغالبية العظمى منهم لن يعتنق ديانته التى قبلتها الكعبة والله إلاهاً مختلفاً عن إلههم

فوضع الخطة لتحييد قريش بصلح أو هدنة  الحديبية مع قريش والسبب الآخر هو إحتياجه للمال خاصة أن قريش كانت حريصة ألا تقع قافلة أخرى فى يد محمد , ولما لم يقدر على قريش وقتها أتجه إلى مصدر المال فى شبه الجزيرة العربية وكان فى أيدى اليهود وحتى يشبع تابعيه من مغانم اليهود المكونة من ذهب بلا حصر ( كانت تجارة اليهود فى الذهب) وأرض ومزارع ومساكن جاهزة لن يتعبوا فى بنائها أو يصلحوا أرضها , فقط يموت بعض المسلمين ونهاية الحرب قتل اليهود وطردهم من أرضهم ومساكنهم ويحتلها المسلمين بعد ذلك إحتلالاً أستيطانياً وتفريغ الأرض من اليهود .

إن كل ما يقال عن وثنية قريش كله هباء , لأن معظمهم كان نصرانيا مثل خديجة زوجة محمد وقريبته كانت نصرانية وورقة ابن نوفل قريبهم كان قس مكة وأسقفها وهو الذى عقد العقد طبقاً لشريعة الزوجة الواحدة النصرانياً وظل محمد وفياً لهذه الشريعة حتى ماتت خديجة , وكانت فى مكة كنيسة يطلق عليها أسم " مسجد مريم " وكان بمكة يهود حتى أن عثمان بن عفان عندما قتل من أجل جمعه القرآن دفن فى مدافن اليهود وأسمها " حش كوكب "    
ولم يكن يهود خيبر أو قبائل اليهود فى منطقة يثرب / المدينة على علم بما يخططه محمد فى الخفاء فلم يكن هناك عداء بينهم ولم تعلن حالة الحرب خاصة مع يهود خيبر الذين فوجئوا بأقربائهم اليهود الذين أجلاهم المسلمون عن المدينة وما جاورها يفدون إليهم وأصبحوا حملاً عليهم وكان هذا الأمر كارثة أقتصادية بالنسبة لهم ومن جهة أخرى كان مساعدة يهود خيبر لأقاربهم اليهود المطرودين من أرضهم فى المدينة سبباً لغضب محمد عليهم .

ولما كانت المدة التى مكثها محمد فى وسط اليهود طويلة فقد عرف طرقهم ومداخلهم وأسرارهم فوضع خطة الفصل بين خيبر وحلفائها الذين هم قبيلة غطفان وأهاليهم فى الشام حتى لا ينجد أهل خيبر أحد  وهذا ما عبّر عنه محمد (صلم) بقوله لأحد أتباعه: "امضِ أمامنا حتّى تأخذوا صدور الأودية حتّى نأتي خيبر من بينها وبين الشام فأحول بينهم وبين الشام وبين حلفائهم من غطفان" وهنا نتوقف فمن الجائز أن نتجاوز عن حلفائهم غطفان ولكن حلفائهم فى الشام فهذا أمر فيه شك لأن الشام تبعد حوالى أكثر من شهر من الزمان فى الذهاب وشهر فى العودة وتجهيز قوة وإعدادها بغذاء وخلافة تحتاج شهر فى حين ان خيبر سقطت فى أقل من شهر  .
ومن القصص الشائعة أن غطفان كانت جهزت للحرب ضد محمد ولكنهم سمعوا حساً أن محمد سيهاجمهم عندما يخرجون ويستولى على منازلهم فتركت خيبر تواجه محمد بمفردهم وهذه القصة بها شك لأنها قصة ساذجة فقد قال  ابن إسحاق : "بلغني أنَّ غطفان لما سمعت بمنـزل رسول اللّه (صلم) من خيبر جمعت له، ثُمَّ خرجوا ليظاهروا يهود عليه، حتّى إذا ساروا مرحلة سمعوا خلفهم في أهليهم وأموالهم حساً، فظنوا أنَّ القوم خالفوهم إليهم فرجعوا على أعقابهم، وأقاموا في أهليهم وأموالهم، وخلوا بين رسول اللّه وبين خيبر".

إذاً محمد ذهب ليحارب قوم آمنين ذاهبين إلى حقولهم بمساحيهم ومكائلهم ، حيث فوجئوا بالمسلمين يمسكون السيوف وحاملين الرماح يسيرون نحوهم، فارتدوا إلى حصونهم فزعين، وهم يقولون محمَّد والخميس! فلمّا رآهم النبيّ (صلم) يهرعون إلى حصونهم، شنّ عليهم حملة نفسية أراد من خلالها أن يقذف في قلوبهم الرعب فهو القائل " نصرت بالرعب واحلت لى الغنائم " ، فصاح "اللّه أكبر، هلكت خيبر، إنّا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين".
وهاجم المسلمون الحصون المنيعة ودافع اليهود عنها دفاع المستميت عن أراضيهم الخصبة وبيوتهم ونسائهم وأطفالهم ضد محمد الذى يعتدى عليهم بحجة أنهم ليسوا مسلمين وأن يأخذ كل ما لهم ،

محمد يقطع الزرع

وكان سلام بن مشكم قائد الحصن مريضا فتوفي ليخلفه الحارث بن أبي زينب الذي قتل وهو يدافع عن حصن ناعم أول حصن سقط بيد المسلمين ، وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بقطع أربعمائة من نخيل اليهود ليدخل الرعب في نفوسهم وكانيقول " نصرت بالرعب , وأحلت لى الغنائم " ، وكانت حصون خيبر تسقط بعد قتال عنيف مستميت من الطرفين . ثم سقط حصن الصعب بن معاذ ،

محمد يهاجم اليهود

أعاد محمد (صلم) توزيع جيشه، فقسمه أربع فرق: واحدة بقيادة أبي بكر الصديق ، والثانية بقيادة عمر بن الخطاب ، والثالثة بقيادة سعد بن عبادة، والرابعة بقيادة الحُبَاب بن المنذر، وأمّر على الجيش علي بن أبي طالب.
وكان حصن "ناعم" أول حصن هاجمه المسلمون ، وكان محصّنًا تحصينًا منيعًا ، ودار أمامه قتال عنيف ولم يتمكن المسلمون من اقتحامه ؛ نظرًا لاستماتة المدافعين عنه وشجاعتهم ، واستمر القتال طوال اليوم دون تحقيق نصر، وجُرح من المسلمين خمسون، واستشهد واحد منهم،
قتل تحته محمود بن مسلمة الأنصاري ، حيث ألقى عليه مرحب رحى من أعلى الحصن , والذي استغرق فتحه عشرة أيام ، فقد حمل راية المسلمين عند حصاره أبو بكر الصديق ، ولم يستطع إسقاطه . 

وفي اليوم التالي خرج "مرحب" قائد الحصن ، ودعا أحد المسلمين إلى المبارزة، فبرز إليه "محمد بن مسلمة"، وقيل قتله علي بن أبي طالب، وتمكن  المسلمين من قتل إخوة "مرحب" وكانوا أبطالاً صناديد ، وكانت هذه الخطوة اثراً لأن قائد الحصن والذى ينظم الدفاع عنه قتل ، وبعد قتال دام خمسة عشر يومًا تمكن المسلمون بقيادة علي بن أبي طالب من غزو الحصن، والاستيلاء عليه، وفر من بقي من اليهود إلى حصن "صعب"، وكان حصنًا منيعًا هو الآخر، وأوكل محمد (صلم) مهمة الهجوم على هذا الحصن إلى "الحباب بن المنذر" الذي نجح في اقتحامه ، واستولى المسلمون على ما في الحصن من أسلحة وعتاد، وكانت كثيرة جدًا، حيث كان يُعد هذا الحصن مخزنًا لأسلحة يهود خيبر، ومعداتهم الحربية من سيوف ودروع ومجانيق .

وكان أول ما سقط من حصونهم ناعم والصعب بمنطقة النطاة وأبي النزار بمنطقة الشق ، وكانت هاتان المنطقتان في الشمال الشرقي من خيبر ، ثم حصن القموص المنيع في منطقة الكتيبة ، وهو حصن ابن أبي الحقيق ، ثم اسقطوا حصني منطقة الوطيح والسلالم.

واستمر التراشق بينهم ست ليالٍ , وكان حصن خيبر التي تعتبر أمنع البقاع كما أستمات المسلمين لأنهم طمعوا فى ثروات اليهود العرب وخيرات أرضهم  وخصب الأراضيهم ،  وقد أشارت سورة الفتح التي نزلت في طريق العودة من الحديبية إلى الثروة التى سيستولى عليها محمد والمسلمين من اليهود الأبرياء ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة ، فعلم ما في قلوبهم ، فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحاً قريباً ، ومغانم كثيرة يأخذونها ، وكان الله عزيزاً حكيماً ، وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطاً مستقيماً ، وأخرى لم تقدروا عليها ، قد أحاط الله بها ، وكان الله على كل شيء قديراً).

كيف سقط حصن الزبير ؟

فتراجع اليهود إلى حصن الزبير وكان منيعا فلجا المسلمون إلى قطع المياه عنه بعد أن دلهم رجل يهودي على ذلك ، فشق على اليهود الأمر فخرجوا للقتال ثم ولوا الأدبار نحو منطقة الشق ثم اتجه المسلمون نحو الشق ودخلوا حصن أبي ، ثم أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بمحاصرة منطقة الكتيبة فدخلوا حصن القموص بعد حصار عشرين يوما .

وفي الليلة السابعة وجد عمر بن الخطاب يهودياً خارجاً من الحصون فأسره وأتى به الى محمد . فقال اليهودي : إن أمنتموني على نفسي أدلكم على أمرٍ منه نجاحكم. فقالوا : قد أمناك فما هو ؟ فقال الرجل : إن أهل هذا الحصن قد أدركهم اليأس وسيخرجون غداً لقتالكم . فإذا فتح عليكم هذا الحص فسألوكم على بيت فيه منجنيق ودروع وسيوف يسهل عليكم بها فتح بقية الحصون. ، فقال محمد (صلم) : "لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ اللّه ورسوله ويحبّه اللّه ورسوله"، فبات النّاس يترقبون لمن يعطي الراية،فبات الناس ليلتهم كل منهم يتمنى أن يعطاها . فلما أصبح الصباح قال : " أين علي بن أبي طالب " ؟ فقالوا : هو يا رسول الله يشتكي عينيه . فدعاه ، فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرأ بإذن الله ، فأعطاه الراية وقال له : " والله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم " .، وطلب منه أن يدعوهم إلى الإسلام ( إسلم تسلم ) ، و قال له: "أنفذ عليّ رسلك حتّى تنـزل بساحتهم، ثُمَّ ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حقّ اللّه، فواللّه لئن يهدي اللّه بك رجلاً واحداً خيرٌ من أن يكون لك حمر النعم".  وجاء في كتاب السيرة لابن هشام نقلاً عن ابن إسحاق، ليبين أنَّ مجاهدة الكفّار والمشركين لا يتعين إلاَّ بعد رفض الآخر للحوار: "وإنّي أنشدكم اللّه، وأنشدكم بما أنزل عليكم، وأنشدكم بالذي أطعم من كان من أسباطكم المنّ والسلوى، وأنشدكم بالذي أيبس البحر لآبائكم حتّى أنجاهم من فرعون وعمله، إلاَّ أخبرتموني هل تجدون فيما أنزل اللّه عليكم أن تؤمنوا بمحمَّد، فإن كنتم تجدون ذلك في كتابكم فلا كره عليكم، قد تبيّن الرشد من الغي فأدعوكم إلى اللّه وإلى نبيّه".

وقد أوضحنا فيما سبق النقاط التى يذكرها مؤرخوا المسلمين وهى ** الله ليس هو إله اليهود إنما إله اليهود أسمه يهوه ... وطبيعى ما دام اليهود يؤمنوا بلإله أسمه يهوه فليس لهم علاقة بالله لينزل عليهم شئ , والتوراة لم تنزل أو تطلع ولكنها كتب موحى بها من يهوه لموسى .. كما أن كل النبياء من اليهود ... واليهود لهذا يعتبرون أن محمد نبى كاذب "
ونفذ على توجيهات محمد (صلم)، ولكن اليهود فضلوا القتال ، وشدّد المسلمون الحصار على الحصن حتّى سقط ، وخرج اليهود وعلى رأسهم مرحب الفارس المعروف، فنادى المسلمين إلى المبارزة، وتلقاه الإمام (ع) وتمكن من قتله ، ولكن أستمر اليهود جعلتهم يقاتلون من حصونهم قتال البائسين، وشدّد المسلمون الحصار على ما تبقى من حصون، لأنَّهم كانوا يريدون إنهاء القتال، فقد أرهقهم الجوع وضاق بهم المقام، ولكنَّ اليهود كانوا غير مبالين بالحصار لاعتمادهم على المشارب الخفية التي يخرجون إليها .

روى ابن إسحاق من حديث أبي رافع – مولى محمد صلم – أن علياً عندما دنا من الحصن خرج إليه أهله ، فقاتلهم ، فضربه رجل من يهود فطرح ترسه من يده ، فتناول علي باباً كان عند الحصن فترس به عن نفسه ، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ، ثم ألقاه من يده حين فرغ.

قال الراوي – أبو رافع : فلقد رأيتني في نفر سبعة معي ، أنا ثامنهم ، نجهد على أن نقلب ذلك الباب ، فما نقلبه.
وروى البيهقي من طريقين مرفوعين إلى جابر رضي الله عنه قصة علي والباب ويوم خيبر. ففي الطريق الأول أن عليا رضي الله عنه حمل الباب حتى صعد عليه المسلمون فافتتحوها ، ولم يستطع أربعون رجلاً أن يحملوا هذا الباب. وفي الطريق الثانية أنه اجتمع عليه سبعون رجلاً ، فأعادوه إلى مكانه بعد أن أجهدهم.
وتوجه المسلمون إلى حصن الصعب بن معاذ بعد فتح حصن ناعم ، وأبلى حامل رايتهم الحباب بن المنذر بلاء حسناً حتى افتتحوه بعد ثلاثة أيام ، ووجدوا فيه الكثير من الطعام والمتاع ، يوم كانوا في ضائقة من قلة الطعام ، ثم توجهوا بعده إلى حصن قلعة الزبير الذي اجتمع فيه الفارون من حصن ناعم والصعب وبقية ما فتح من حصون يهود – فحاصروه وقطعوا عنه مجرى الماء الذي يغذيه ، فاضطروهم إلى النزول للقتال ، فهزموهم بعد ثلاثة أيام ، وبذلك تمت السيطرة على آخر صحون منطقة النطاة التي كان فيها أشد اليهود.
ثم توجهوا إلى حصون الشق ، وبدأوا بحصن أبيّ ، فاقتحموه ، وأفلت بعض مقاتلته إلى حصن نزار ، وتوجه إليهم المسلمون فحاصروهم ثم افتتحوا الحصن ، وفر بقية أهل الشق من حصونهم وتجمعوا في حصن القَمُوص المنيع وحصن الوطيح وحصن السلالم ، فحاصرهم المسلمون لمدة أربعة عشر يوماً حتى طلبوا الصلح.

وكان محمد (صلم) يعرف موضوع الأنفاق فأمر بقطع هذه المشارب ليكرههم على القتال أو التسليم فخرجوا واشتبكوا مع المسلمين فاستشهد عدد من المسلمين بعد أن جاهدوا لسقوط حصن الزبير.. وهكذا ظل المسلمون مشددين الحصار، حتّى تهاوت كلّ حصون اليهود وآخرها حصن البزاة .

 ونصب المسلمون المنجنيقات لتهديـم ما تبقى من الحصن على من اعتصم فيه، فأيقن اليهود الهلكة ولـم يروا بدّاً من الاستسلام، فنـزل ابن أبي الحقيق، وعرض الصلح على النبيّ (ص) على أن "يجلوا من أرض خيبر وللمسلمين سائر ما بقي، فقبل الصلح وشرط عليهم أن لا يكتموا ولا يغيِّبوا شيئاً، فإن فعلوا فلا ذمة لهم ولا عهداً"، ولكن مع وجود هذا الصلح قتل المسلمون من ثبتت عليه تهمة الغدر كما تمت عليه شروط الصلح.
وهكذا استولى المسلمون على خيبر ، وغنموا منها العديد من السلاح والمتاع .
وقد قتل من اليهود في هذه الغزوة ثلاثة وتسعون رجلا واستشهد من المسلمين خمسة عشر رجلا .

محمد يطلع على التوراة فى غزوة خيبر

وكان من بين الغنائم التي غنمها المسلمون في خيبر صحائف متعددة من التوراة طلبها اليهود فأمر محمد صلم بتسليمها لهم ،
أستسلام قبائل اليهود خوفاً "إن شئنا أن نخرجكم أخرجناكم"

 وسمعت قبائل ضعيفة لليهود بما فعله محمد مع الأبرياء من اليهود فجاءت يهود فدك تعرض على محمد (صلم) أن يعاملهم بالنصف في زراعة الأرض، فقبل، ولـم يجعل ذلك إلى الأبد ووضع شرطاً مهينا لطردهم من أرضهم وديارهم فى الوقت الذى يريده المسلمون ، وقال لهم: "إن شئنا أن نخرجكم أخرجناكم"

وبدأت مواقع اليهود الأخرى تتساقط تحت وطأة هجوم المسلمين الواحدة تلو الأخرى الذين سال لعابهم للمكاسب الكبيرة التى غنموها من اليهود ، ومنها يهود وادي القرى الذين دعاهم الرسول (ص) إلى الإسلام للحفاظ على أموالهم وحقن دمائهم، ولكنَّهم رفضوا، فنشبت بين الطرفين معركة محدودة انتهت بسقوط وادي القرى عنوة، ولـم يلبث أن استسلم يهود تيماء، وانتهى بذلك أمر اليهود كقوّة اقتصادية وسياسية بأبعاد عقائدية في بلاد الحجاز، ما مهَّد السبيل إلى الرسول لمتابعة دعوته، والتفرّغ لتأديب الأعراب المناهضين للمسلمين ومحاولة الإجهاز على مواقع الشرك في شبه الجزيرة العربية وما جاورها وخاصة مكة.
محمد يستولى على خمس ما غنموا من خيبر وأستولى على كل ما جاء من فدك
ويبدو هنا أنَّ الاختلاف يظهر جليّاً في التملك في ما تـمّ الاستيلاء عليه بالقوّة كخيبر وما شابهها من الحصون، وبين ما تـمّ الحصول عليه عن طريق الصلح كفدك، "فكانت خيبر فيئاً بين المسلمين، وكانت فدك خالصة لرسول اللّه، لأنَّهم لـم يجلبوا عليهم بخيل ولا ركاب".

تسكين مهاجرى الحبشة فى مكان اليهود
 حيث أرسل الرسول (صلم ) إلى النجاشي عمرو بن أمية الضمري، لكي يأتي بهم من الحبشة، فحملهم في سفينتين، وقدم بهم إلى الرسول (صلم) يوم فتح خيبر، وعلى رأسهم جعفر بن أبي طالب، حيث مكثوا عدّة أعوام نزل خلالها قرآن كثير ،





صفيه بنت حيي بن أخطب
وقتل من اليهود في معارك خيبر ثلاثة وتسعون رجلاً.واستشهد من المسلمين عشرون رجلاً فيما ذكر ابن إسحاق وخمسة عشر فيما ذكر الواقدي. وسبيت النساء والذراري ، منهن صفيه بنت حيي بن أخطب ، التي اشتراها الرسول صلى الله عليه وسلم من دحية حيث وقعت في سهمه فأعتقها وتزوجها. وقد دخل عليها في طريق العودة إلى المدينة ، وتطوع لحراسته في تلك الليلة أبو أيوب الأنصاري.


ونسرد هنا بعض القصص التى سردها المؤرخين المسلمين والتى يشك فى صحتها
وممن استشهد من المسلمين راعي غنم أسود كان أجيراً لرجل من يهود. وخلاصة قصته أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محاصر لبعض حصون خيبر ومعه غنم يرعاها لبعض يهود خيبر ، فطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يعرض عليه الإسلام ، فعرضه عليه ، فأسلم ، ثم استفتاه في أمر الغنم ، فطلب منه الرسول صلى الله عليه وسلم أن يضرب وجوهها ، فسترجع إلى أصحابها ، فأخذ الراعي حفنة من الحصى فرمى بها في وجوهها ، فرجعت إلى أصحابها ، وتقدم ليقاتل فأصابه حجر فقتله ، وما صلى لله صلاة قط ، فجيء به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجي بشملة ، فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أعرض عنه ، وعندما سئل عن إعراضه قال:(إن معه الآن زوجتيه من الحور العين).
واستشهد أعرابي له قصة دلت على وجود نماذج فريدة من المجاهدين. وخلاصة قصته أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم ، وطلب أن يهاجر مع الرسول صلى الله عليه وسلم. فلما كانت غزوة خيبر – وقيل حنين – غنم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرج له سهمه ، وكان غائباً حين القسمة ويرعى ظهرهم ، فلما جاء دفعوا إليه سهمه ، فأخذه وجاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال : ما هذا يا محمد؟ ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( قسم قسمته لك). قال : ما على هذا اتبعتك ، ولكن اتبعتك على أن أرمى ها هنا ، وأشار إلى حلقه بسهم ، فأدخل الجنة ، قال : (إن تصدق الله يصدقك) ، ولم يلبث قليلاً حتى جيء به وقد أصابه سهم حيث أشار ، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم : (صدق الله فصدقه) ، فكفنه الرسول صلى الله عليه وسلم في جبة للنبي صلى الله عليه وسلم ودفنه.
 سم محمــــــــد
 حاول اليهود قتل الرسول صلم وسلم بالسم. فقد أهدته امرأة منهم شاة مشوية مسمومة ، وأكثرت السم في ذراع الشاة عندما عرفت أنه يحبه ، فلما أكل من الذراع أخبرته الذراع أنه مسموم فلفظ اللقمة ، واستجوب المرأة ، فاعترفت بجريمتها ، فلم يعاقبها في حينها ، ولكنه قتلها عندما مات بشر بن البراء بن معرور من أثر السم الذي ابتلعه مع الطعام عندما أكل مع الرسول صلى الله عليه وسلم.
طرد اليهود من شبه الجزيرة العربية
وقد أخرجهم عمر بن الخطاب إلى تيماء وأريحاء ، استناداً إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم في مرض موته : (أخرجوا المشركين من جزيرة العرب).
بعد قتل اليهود غنم المسلمون ذهب وفضة ومسك وسلاح
أما بالنسبة للأموال المنقولة ، فقد صالحوه على أن له الذهب والفضة والسلاح والدروع ، لهم ما حملت ركائبهم على ألا يكتموا ولا يغيبوا شيئاً ، فإن فعلوه فلا ذمة لهم ولا عهد. فغيبوا مسكاً لحيي بن أخطب ، وقد كان قتل في غزوة خيبر ، وكان قد احتمله معه يوم بني النظير حين أجليت.
وعندما سأل  محمد صلمم سعية – عم حيي – عن المسك ، قال : (أذهبته الحروب والنفقات) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (العهد قريب المال أكثر من ذلك) ، فدفعه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الزبير فمسه بعذاب ، فاعترف بأنه رأى حيياً يطوف في خربة ها هنا ، فوجدوا المسك فيها ، فقتل لذلك ابني أبي الحقيق ، وسبى نساءهم وذراريهم ، وقتل محمد بن مسلمة ابن عم كنانة هذا الذي دل على المال ، قتله بأخيه محمود بن مسلمة.
وبالنسبة للطعام فقد كان الرجل يأخذ حاجته منه دون أن يقسم بين المسلمين أو يخرج منه الخمس ما دام قليلاً ، وكانت غنائم خيبر خاصة بمن شهد الحديبية من المسلمين ، كما في قوله تعالى : ( سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم ، يريدون أن يبدلوا كلام الله. قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل ، فسيقولون بل تحسدوننا ، بل كانوا لا يفقهون إلا قليلاً ).
ولم يغب عن فتح خيبر من أصحاب بيعة الرضوان أحد سوى جابر بن عبد الله ، ومع ذلك أعطي سهماً مثل من حضر الغزوة – غزوة الحديبية.
وأعطى أهل السفينة من مهاجرة الحبشة الذين عادوا منها إلى المدينة ، ووصلوا خيبر بعد الفتح ، أعطاهم من الغنائم. وكانوا ثلاثة وخمسين رجلاً وامرأة بقيادة جعفر بن أبي طالب. وتقول الرواية : إنه لم يقسم لأحد لم يشهد الفتح سواهم. وهم الذين فرح الرسول صلى الله عليه وسلم بقدومهم ، وقبل جعفر بين عينيه والتزمه ، وقال : (ما أدري بأيهما أنا أسر ، بفتح خيبر أو بقدوم جعفر).
وربما يرجع سبب استثنائهم إلى أنهم حبسهم العذر عن شهود بيعة الحديبية ، ولعله استرضى أصحاب الحق من الغانمين في الإسهام لهم ، ولعله رأى ما كانوا عليه من الصدق وما عانوه في الغربة ، وهم أصحاب الهجرتين.
وأعطى  محمد صلم أبا هريرة وبعض الدوسيين من الغنائم برضاء الغانمين ، حيث قدموا عليه بعد فتح خيبر.
وشهد خيبر محمد صلم نساء مسلمات فأعطاهن من الفيء ولم يضرب لهن بسهم.
وكذلك أعطى من شهدها من العبيد ، فقد أعطى عميرًا ، مولى أبي اللحم ، شيئاً من الأثاث.
وأوصى  محمد صلم من مال خيبر لنفر من الداريين ، سماهم ابن إسحاق.
فلما بلغ يهود تيماء ما حدث لأهل فدك ووادي القرى ، صالحوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجزية ، وأقاموا بأيديهم أموالهم. فلما كان عهد عمر أخرج يهود خيبر وفدك ولم يخرج أهل تيماء ووادي القرى لأنهما داخلتان في أرض الشام ، ويرى أن ما دون وادي القرى إلى المدينة حجاز ، وأن ما وراء ذلك من الشام.

وثبت في الصحيح أن مدعماً – مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم – أصابه سهم فقتله وذلك حين كان يحط رحل رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما وصلوا وادي القرى ، فقال الناس : هنيئاً له بالجنة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:( كلا والذي نفسي بيده ، إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم ، لتشتعل عليه ناراً . فجاء رجل حين سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم بشراك أو بشراكين ، فقال : هذا شيء كنت أصبته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( شراك أو شراكان من نار).
وهكذا بسط محمد سلطته وشريعة الإسلام ونفوذها على اليهود فتوجب عليهم دفع الجزية ، لأنهم أهل كتاب وأهل الذمة، وتضعضعت شوكة اليهود وانكسرت ، بعد أن تلاشى نفوذهم السياسي والاقتصادي في شبه الجزيرة العربية .
*********************************************************************************************************

لجزء التالى من السيرة النبوية لابن هشام أبي محمد عبدالملك بن هشام أبي محمد عبدالملك بن هشام بن أيوب الحميري المعافري البصري المتوفي عام 213 الموافق لعام 828 م  ستة مجلدات - الجزء الرابع - 86 / 116

بشرى فتح مكة وتعجل بعض المسلمين ‏:‏
قال ابن هشام ‏:‏حدثنا أبو عبيدة ‏:‏ أن بعض من كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له لما قدم المدينة ‏:‏ ألم تقل يا رسول الله إنك تدخل مكة آمنا ‏؟‏ قال ‏:‏ بلى ، أفقلت لكم من عامي هذا ‏؟‏ قالوا ‏:‏ لا ، قال ‏:‏ فهو كما قال لي جبريل عليه السلام ‏.‏

ذكر المسير إلى خيبر في المحرم سنة سبع
الخروج إلى خيبر ‏:‏
قال محمد بن إسحاق ‏:‏ ثم أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة حين رجع من الحديبية ، ذا الحجة وبعض المحرم ، وولي تلك الحجة المشركون ، ثم خرج في بقية المحرم إلى خيبر ‏.‏

استعمال نميلة على المدينة ‏:
قال ابن هشام ‏:‏ واستعمل على المدينة نميلة بن عبدالله الليثي ، ودفع الراية إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، وكانت بيضاء ‏.‏

ارتجاز ابن الأكوع ودعاء الرسول له واستشهاده ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي الهيثم بن نصر بن دهر الأسلمي أن أباه حدثه ‏:‏ أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مسيره إلى خيبر لعامر بن الأكوع ‏:‏ وهو عم سلمة بن عمرو بن الأكوع ، وكان اسم الأكوع سنان ‏:‏ انزل يا ابن الأكوع ، فخذ لنا من هناتك ، قال ‏:‏ فنزل يرتجر برسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال ‏:‏
والله لولا الله ما اهتدينا * ولا تصدقنا ولا صلينا
إنا إذا قوم بغوا علينا * وإن أرادوا فتنة أبينا
فأنزلن سكينة علينا * وثبت الأقدام إن لاقينا
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ يرحمك الله ؛ فقال عمر بن الخطاب ‏:‏ وجبت والله يا رسول الله ، لو أمتعتنا به ‏!‏ فقتل يوم خيبر شهيداً ، وكان قتله ، فيما بلغني أن سيفه رجع عليه وهو يقاتل ، فكلمه كلماً شديداً ، فمات منه ؛ فكان المسلمون قد شكوا فيه ، وقالوا ‏:‏ إنما قتله سلاحه حتى سأل ابن أخيه سلمة بن عمرو بن الأكوع رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وأخبره بقول الناس ؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ إنه لشهيد وصلى عليه فصلى عليه المسلمون ‏.‏

دعاء الرسول لما أشرف على خيبر ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ حدثني من لا أتهم ، عن عطاء بن أبي مروان الأسلمي ، عن أبيه ، عن أبي معتب بن عمرو ‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أشرف على خيبر قال لأصحابه ، وأنا فيهم ‏:‏ قفوا ، ثم قال ‏:‏ ‏"‏ اللهم رب السماوات وما أظللن ، ورب الأرضين وما أقللن ، ورب الشياطين وما أظللن ، ورب الرياح وما أذرين ، فإنا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها ، ونعوذ بك من شر أهلها وشر ما فيها ، أقدموا بسم الله ‏"‏ ‏.‏ قال ‏:‏ وكان يقولها عليه السلام لكل قرية دخلها ‏.‏

فرار أهل خيبر لما رأوا الرسول ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني من لا أتهم عن أنس بن مالك ، قال ‏:‏ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا قوما لم يغر عليهم حتى يصبح ، فإن سمع أذاناً أمسك ، وإن لم يسمع أذاناً أغار ‏.‏
فنزلنا خيبر ليلاً ، فبات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا أصبح لم يسمع أذاناً، فركب وركبنا معه ، فركبت خلف أبي طلحة ، وإن قدمي لتمس قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستقبلنا عمال خيبر غادين ، قد خرجوا بمساحيهم ومكاتلهم ، فلما رأوا رسول الله ، صلى الله عليه وسلم والجيش ، قالوا ‏:‏ محمد والخميس معه ‏!‏ فأدبروا هراباً ، فقال رسول الله صلى الله ليه وسلم ‏:‏ الله أكبر ، خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏حدثنا هارون عن حميد ، عن أنس بمثله ‏.‏

منازل الرسول في طريقة إلى خيبر ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خرج من المدينة إلى خيبر سلك على عصر ، فبنى له فيها مسجد ، ثم على الصهباء ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بجيشه ، حتى نزل بواد يقال له الرجيع ، فنزل بينهم بين غطفان ، ليحول بينهم وبين أن يمدوا أهل خيبر، وكانوا لهم مظاهرين على رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏

غطفان ومحاولتهم معونة خيبر ثم انخذا لهم ‏:‏
فبلغني أن غطفان لما سمعت بمنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر جمعوا له ، ثم خرجوا ليظاهروا يهود عليه ، حتى إذا ساروا منقلة سمعوا خلفهم في أمولاهم وأهليهم حساً ، ظنوا أن القوم قد خالفوا إليهم ، فرجعوا على أعقابهم ، فأقاموا في أهليهم وأموالهم ، وخلوا بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين خيبر ‏.‏

افتتاح رسول الله الحصون ‏:‏
وتدنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأموال يأخذها مالاً مالا ، ويفتتحها حصناً حصنا ، فكان أول حصونهم افتتح حصن ناعم ، وعنده قتل محمود بن مسلمة ، ألقيت عليه منه رحا فقتلته ، ثم القموص ، حصن بني أبي الحقيق ‏.‏
وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم سبايا ، منهن صفية بنت حيي بن أخطب ، وكانت عند كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق ، وبنتي عم لها ؛ فاصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه ‏.‏
وكان دحية بن خليفة الكلبي قد سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية ، فلما أصفاها لنفسه أعطاه ابنتي عمها ، وفشت السبايا من خيبر في المسلمين ‏.‏

نهى الرسول يوم خيبر عن أشياء ‏:‏
وأكل المسلمون لحوم الحمر الأهلية من حمرها ، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فنهى الناس عن أمور سماها لهم ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عبدالله بن عمرو بن ضمرة الفزاري عن عبدالله بن أبي سليط ، عن أبيه ، قال ‏:‏ أتانا نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الحمر الإنسية ، والقدور تفور بها ، فكفأناها على وجوهها ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني عبدالله بن أبي نجيح ، عن مكحول ‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاهم يومئذ عن أربع ‏:‏ إتيان الحبالى من السبايا ، وعن أكل الحمار الأهلي ، وعن أكل كل ذي ناب من السباع ، وعن بيع المغانم حتى تقسم ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني سلام بن كركرة ، عن عمرو بن دينار ، عن جابر بن عبدالله الأنصاري ، ولم يشهد جابر خيير ‏:‏ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهى الناس عن أكل لحوم الحمر ، أذن لهم في أكل لحوم الخيل ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني يزيد بن أبي حبيب ، عن أبي مرزوق مولى تجيب ، عن حنش الصنعاني ، قال ‏:‏ غزونا مع رويفع بن ثابت الأنصاري المغرب ، فافتتح قرية من قرى المغرب يقال لها ‏:‏ جربة ، فقام فينا خطيباً ، فقال ‏:‏ يا أيها الناس ، إني لا أقول فيكم إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله فينا يوم خيبر ، قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ‏:‏ لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماؤه زرع غيره ، يعني ‏:‏ إتيان الحبالى من السبايا ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يصيب امرأة من السبي حتى يستبرئها ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يبيع مغنماً حتى يقسم ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه ، ولا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني يزيد بن عبدالله بن قسيط ، أنه حدث عن عبادة بن الصامت قال ‏:‏ نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر عن أن نبيع أو نبتاع تبر الذهب بالذهب العين وتبر الفضة بالورق العين ؛ وقال ‏:‏ ابتاعوا تبر الذهب بالورق العين ، وتبر الفضة بالذهب العين ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتدنى الحصون والأموال ‏.‏

شأن بني سهم الأسلميين
فحدثني عبدالله بن أبي بكر أنه حدثه بعض أسلم ‏:‏ أن بني سهم من أسلم ‏:‏ أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ‏:‏ والله يا رسول الله لقد جهدنا وما بأيدينا من شيء ؛ فلم يجدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً يعطيهم إياه ‏.‏
فقال ‏:‏ اللهم إنك قد عرفت حالهم وأن ليست بهم قوة ، وأن ليس بيدي شيء أعطيهم إياه ، فافتح عليهم أعظم حصونها عنهم غناء ، وأكثرها طعاماً وودكاً ، فغدا الناس ، ففتح الله عز وجل حصن الصعب بن معاذ ، وما بخيبر حصن كان أكثر طعاماً وودكاً منه ‏.‏

مقتل مرحب اليهودي ‏:
قال ابن إسحاق ‏:‏ ولما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم من حصونهم ما افتتح ، وحاز من الأموال ما حاز ، انتهوا إلى حصنيهم الوطيح والسلالم ، وكان آخر حصون أهل خيبر افتتاحاً ، فحاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة ‏.‏
قال ابن هشام ‏:‏وكان شعار أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم يوم خيبر ‏:‏ يا منصور أمت أمت ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عبدالله بن سهل بن عبدالرحمن بن سهل ، أخو بني حارثة ، عن جابر بن عبدالله ، قال ‏:‏ خرج مرحب اليهودي من حصنهم ، قد جمع سلاحه ، يرتجز وهو يقول ‏:‏
قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب
أطعن أحياناً وحيناً أضرب * إذا الليوث أقبلت تحرب
إن حماى للحمى لا يقرب *
وهو يقول ‏:‏ من يبارز ‏؟‏ فأجابه كعب بن مالك ، فقال ‏:‏
قد علمت خيبر أني كعب * مفرج الغمي جرئ صلب
وإذ شبت الحرب تلتها الحرب * معي حسام كالعقيق عضب
نطؤكم حتى يذل الصعب * نعط الجزاء أو يفيء النهب
بكف ماض ليس فيه عتب *
قال ابن هشام ‏:‏ أنشدني أبو زيد الأنصاري ‏:‏
قد علمت خيبر أني كعب * وأنني متى تشب الحرب
ماض على الهول جريء صلب * معي حسام كالعقيق غضب
بكف ماض ليس فيه عتب * ندككم حتى يذل الصعب
قال ابن هشام ‏:‏ومرحب من حمير ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني عبدالله بن سهل ، عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال ‏:‏
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لهذا ‏؟‏ قال محمد بن مسلمة ‏:‏ أنا له يا رسول الله ، أنا والله الموتور الثائر ، قتل أخي بالأمس ؛ فقال ‏:‏ فقم إليه ، اللهم أعنه عليه ‏.‏
قال ‏:‏ فلما دنا أحدهما من صاحبه ، دخلت بينهما شجرة عمرية من شجر العشر ، فجعل أحدهما يلوذ بها من صاحبه ، كلما لاذ بها منه اقتطع صاحبه بسيفه ما دونه منها ، حتى برز كل واحد منها لصاحبه ، وصارت بينهما كالرجل القائم ، ما فيها فنن ، ثم حمل مرحب على محمد بن مسلمة ، فضربه ، فاتقاه بالدرقة ، فوقع سيفه فيها ، فعضت به فأمسكته ، وضربه محمد بن مسلمة حتى قتله ‏.‏

مقتل ياسر أخو مرحب ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ ثم خرج بعد مرحب أخوه ياسر ، وهو يقول ‏:‏ من يبارز ‏؟‏ فزعم هشام بن عروة أن الزبير بن العوام خرج إلى ياسر ، فقالت أمه صفية بنت عبدالمطلب ‏:‏ يقتل ابني يا رسول الله ‏!‏ قال ‏:‏ بل ابنك يقتله إن شاء الله ‏.‏ فخرج الزبير فالتقيا ، فقتله الزبير ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ فحدثني هشام بن عروة ‏:‏ أن الزبير كان إذا قيل له ‏:‏ والله إن كان سيفك يومئذ لصارماً عضباً ، قال ‏:‏ والله ما كان صارماً ، ولكني أكرهته ‏.‏

شأن علي يوم خيبر ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي ، عن أبيه سفيان ، عن سلمة بن عمرو بن الأكوع ، قال ‏:‏ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر الصديق رضي الله عنه برايته ، وكانت بيضاء ، فيما قال ابن هشام ‏:‏ إلى بعض حصون خيبر ، فقاتل ، فرجع ولم يك فتح ، وقد جهد ؛ ثم بعث الغد عمر بن الخطاب ، فقاتل ، ثم رجع ولم يك فتح ، وقد جهد ‏.‏
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ لأعطين الراية غداً رجلاً يحبه الله ورسوله ، يفتح الله على يديه ، ليس بفرار ‏.‏
قال ‏:‏ يقول سلمة ‏:‏ فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً رضوان الله عليه ، وهو أرمد ، فتفل في عينه ، ثم قال ‏:‏ خذ هذه الراية ، فامض بها حتى يفتح الله عليك ‏.‏
قال ‏:‏ يقول سلمة ‏:‏ فخرج والله بها يأنح ، يهرول هرولة ، وإنا لخلفه نتبع أثره ، حتى ركز رايته في رضم من حجارة تحت الحصن ، فاطلع إليه يهودي من رأس الحصن ، فقال ‏:‏ من أنت ‏؟‏ قال‏:‏ أنا علي بن أبي طالب ‏.‏
قال ‏:‏ يقول اليهودي ‏:‏ علوتم وما أنزل على موسى ، أو كما قال ‏.‏ قال ‏:‏ فما رجع حتى فتح الله على يديه ‏.‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ حدثني عبدالله بن الحسن ، عن بعض أهله ، عن أبي رافع ، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال ‏:‏ خرجنا مع علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه ، حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته ؛ فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم ، فضربه رجل من يهود ، فطاح ترسه من يده ، فتناول على عليه السلام بابا كان عند الحصن فترس به عن نفسه ، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ، ثم ألقاه من يده حين فرغ ، فلقد رأيتني في نفر سبعة معي ، أنا ثامنهم ، نجهد على أن نقلب ذلك الباب ، فما نقلبه ‏.‏
حديث أبي اليسر كعب بن عمرو ‏:‏
قال ابن إسحاق ‏:‏ وحدثني بريدة بن سفيان الأسلمي ، عن بعض رجال بني سلمة عن أبي اليسر كعب بن عمرو ، قال ‏:‏ والله إنا لمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيبر ذات عشية ، إذ أقبلت غنم لرجل من يهود تريد حصنهم ، ونحن محاصروهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏:‏ من رجل يطعمنا من هذا الغنم ‏؟‏
قال أبو اليسر ‏:‏ فقلت ‏:‏ أنا يا رسول الله ؛ قال ‏:‏ فافعل ؛ قال ‏:‏ فخرجت أشتد مثل الظليم ، فلما نظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم مولياً قال ‏:‏ اللهم أمتعنا به ‏.‏
قال ‏:‏ فأدركت الغنم وقد دخلت أولاها الحصن ، فأخذت شاتين من أخراها ، فاحتضنتهما تحت يدي ، ثم أقبلت بهما أشتد ، كأنه ليس معي شيء ، حتى ألقيتهما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ‏.‏ فذبحوهما فأكلوهما ‏.‏
فكان أبو اليسر من أخر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلاكاً ‏.‏ فكان إذا حدث هذا الحديث بكى ، ثم قال ‏:‏ أمتعوا بي ، لعمري ، حتى كنت من أخرهم هلكاً ‏.‏
 

مصالحة الرسول أهل خيبر ‏:‏
وحاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أهل خيبر في حصنيهم الوطيح والسلالم ، حتى إذا أيقنوا بالهلكة ، سألوه أن يسيرهم وأن يحقن لهم دماءهم ، ففعل ‏.‏
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حاز الأموال كلها ‏:‏ الشق ونطاة والكتيبة وجميع حصونهم ، إلا ما كان من ذينك الحصنين ‏.‏
فلما سمع بهم أهل فدك قد صنعوا ما صنعوا بعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يسيرهم ، وأن يحقن دماءهم ، ويخلوا له الأموال ، ففعل ‏.‏
وكان فيمن مشى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبينهم في ذلك محيصة بن مسعود ، أخو بني حارثة ، فلما نزل أهل خيبر على ذلك سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعاملهم في الأموال على النصف ، وقالوا ‏:‏ نحن أعلم بها منكم ، وأعمر لها ‏.‏
فصالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على النصف ، على أنا إذا شئنا أن نخرجكم أخرجناكم ؛ فصالحه أهل فدك على مثل ذلك ، فكانت خيبر فيئاً بين المسلمين ، وكانت فدك خالصةً لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، لأنهم لم يجلبوا عليها بخيل ولا ركاب ‏.

This site was last updated 11/23/08