تفسير (متى 15: 11) : ليس ما يدخل الفم ينجس الانسان بل ما يخرج من الفم هذا ينجس الانسان “ .
ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
1) " يُنَجِّسُ " النجاسة هي: „القذارة„ بمعنى: كل مستقذر ولو معنى يقال: نجس الشخص بمعنى أخطأ : أى خبث طبعه . خبيث الفعل. ودنس خلقه، والنجس: القذر أو غير الطاهر. من دنِس الثياب والأشياء المستعملة والقذارة ، تمنع صحة الصلاة ، ويجب على الشخص التحرز منها، والتطهر بالماء أة تطهير الثياب والأشياء بالماء . وتفرض طائفة الهلاخا اليهودية عدة فروض دينية تتعلق بالطهارة تتعلق بالإنسان وملبسه بل حتى ادوات الطبخ على غطس جميع أدوات المطبخ التي تستخدم في الطبخ والمأكل من صنع غير اليهود لتبديد اي شك قد يعلق بها. ويشمل هذا الفرض الادوات الزجاجية والحديدية لكنه يعفي الأدوات المصنوعة من الفخار أو الحجار أو الخشب. وتمارس قوانين الحلال "الكاشروت" والتى تعنى القوانين الغذائية اليهودية
الطهارة عند اليهود فرض أى الإغتسال قبل الصلاة في اليهودية. لـلمراة والرجل وكل بالغ يهودى ملزم بالغطس في بركة الماء التي تسمى ميكفيه؟ والطهارة جزء من حياة اليهود اليومية حتى أيامنا هذه، خاصة في المجتمعات المتدينة اليهودية قال الحاخام والمفكر الأندلسي البارز موسى بن مايمون ("رامبام") في كتابه "ميشني تورا": كل من يعترف بخطاياه لكنه لم يتركها بالكامل فإنه يشبه من يغطس وهو يحمل شيئا نجسا. "
يقوم اليهودي بغسل يديه 3 مرات قبل ادخالها في اناء من الماء النقي من مصدر طبيعي ثم يغسل كامل وجهه ويمضمض ثم يمسح وجهه بمنديل.ثم يردد سلسلة من الأدعية تحمد الرب على حصوله الماء للطهارة. ويعفى حاليا المصلي من غسل الارجل لأن هذه العادة كانت ملزمة في السابق عندما كان المصلون يمشون حفاة الارجل وإذا انعدم الماء فالطهارة الترابية البديلة مسموحة . اما الطهارة الكبرى فهي الغطس في بركة ماء من مصادر طبيعية سبعة مرات لا تزال سارية حتى ايامنا هذه.
اسس اليهود برك تسمى "ميكفاؤوت" المفرد "ميكفي" أي برك تطهر دينية. ووتملأ تلك البرك بمياه الأمطار التي تجمع في سقوف المبنى، وتدمج بالقليل من المياه من شبكة المياة للتمكن من تبديل المياه بشكل اعتيادي لأجل ضمان نظافتها. ويحتوي الميكفي على كمية المياه تقدر بـ 40 "سيآة" أو 332 ليتر على الأقل وينزل غليها اليهودى بعدة دراجات ليكون التغطس تدريجيا. وفي إسرائيل أنشأت وزارة الشؤون الدينية المكفاؤوت للرجال والنساء في كل المدن والمجالس المحلية الإسرائيلية. وفي بركة طهارة النساء تشغل الوزارة موظفات خاصات يطلق عليهن اسم "بالانيت" وعملهن هو مرافقة النساء المتطهرات وتتأكدن من غطسهن الكامل للتأكد من طهارتهن
تفرض الهلاخا على الرجل والمرأة ألتطهر في عدة مناسبات، فى الأعياد الكبرى مثل عيد الغفران، وفي أيام هامة مثل يوم الزواج، كما يتطهر الرجال بعد أن الاحتلام خلال الليل. وتطهر النساء قبل ممارسة الجنس. لتحريم ممارسة الجنس قبل الزواج، فلا يسمح للمرأة أن تتطهر حتى الأسبوع السابق لزواجها كي تدخل الحياة الزوجية وهي طاهرة. وعلى المرأة المتزوجة أن تغطس بعد كل عادة شهرية لممارسة الجنس وتطهر المرأة بعد الولادة أيضا. وتقليديا يغطس المتطهر أو المتطهرة في الميكفي أو في مصدر المياه الطبيعي سبع مرات ويتغطس بلا أي نوع من الحوائل بينه وبين المياه، بما في ذلك الملابس أو المكياج ولون الأظافر عند المرأة.
2) " لَيْسَ مَا يَدْخُلُ ٱلْفَمَ يُنَجِّسُ ٱلإِنْسَانَ"
ينتقل المسيح هنا لتعليم الجمع بعد أن أسكت الكتبه والفريسيين بقوة حجتة ومنطقة وبدأ يسوع يوضح لهم أن ذلك الغسل اليهودي الطقسي جعلوه كأحد الوصايا الإلهية بل جعلوه أعظم، وهكذا تمسكوا بالمظهر وتركوا الجوهر. إذ الجوهر هو حفظ اللسان والفم من الدنس قبل حفظهما بواسطة غسل الأيدي فقط.
كان اليهود يهتمون كثيراً بالتمييز بين الأطعمة المحسوبة في شريعة موسى طاهرة والأطعمة المحسوبة فيها نجسة. وغاية الرب فى العهد القديم في وضع ذلك التمييز أمران: (١) أن يعلمهم بأمور محسوسة التمييز بين الحلال والحرام، وقيمة الصلاة بالروح والطهارة القلبية استعداداً لدخول المسكن السماوي. و(٢) وبالتمييز بين الأطعمة جعل الرب حاجزاً بين اليهود وجيرانهم الوثنيين، ليكونوا شعباً متفرِّداً خاصا دعى خاصته لأنهم يلتزمون ألا يأكلوا معهم. فلم يرد المسيح أن يقول إن بعض الأطعمة أقدس من البعض، ولا أن يكون ذلك إلى الأبد، بل جعله موقوتاً إلى نهاية النظام الموسوي.
وافرز الرب اليهود عن الأمم بواسطة تمييز الأطعمة خمسة عشر قرناً. لكن نتج من ذلك أمران لم يرضهما الرب، وهما أن اليهود حسبوا الشريعة الرمزية الموقوتة قانونا جوهريا أبديا ، وحسبوا الأطعمة المنهي عنها نجسة، وأنها تنجس النفس والجسد. ثم اعتبروا أن النجاسة الرمزية شرٌ من الدنس الأخلاقي.
ولم يقصد المسيح هنا أن ينسخ الشريعة الموسوية أى يلغيها من جهة تمييز الأطعمة، بل أراد إصلاح الخطأ الذي وقع فيه اليهود، ( تيطس ١: ١٥) كل شيء طاهر للطاهرين، واما للنجسين وغير المؤمنين فليس شيء طاهرا، بل قد تنجس ذهنهم ايضا وضميرهم." وبيان أن روح الإنسان لا تتنجس بالمأكولات. فلا شيء من الأطعمة يمكنه أن ينجس الأخلاق. ( رومية ١٤: ١٤، ١٧، ٢٠ ) 14 اني عالم ومتيقن في الرب يسوع ان ليس شيء نجسا بذاته، الا من يحسب شيئا نجسا، فله هو نجس .. 17 لان ليس ملكوت الله اكلا وشربا، بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس .. 20 لا تنقض لاجل الطعام عمل الله. كل الاشياء طاهرة، لكنه شر للانسان الذي ياكل بعثرةفالنجاسة الأخلاقية تتوقف على حال القلب لا حال الجسد.وقد طهر الرب كل الأطعمة فى العهد الجديد (١تيموثاوس ٤: ٤ ) لان كل خليقة الله جيدة، ولا يرفض شيء اذا اخذ مع الشكر،( أعمال ١٠: ١٥ ) فصار اليه ايضا صوت ثانية:«ما طهره الله لا تدنسه انت!»
3) " مَا يَدْخُلُ ٱلْفَم " أي الأطعمة على اختلاف أنواعها.
4) " يُنَجِّسُ " وصل الأمر لليهودى أنه كان يعتبر ظل السامرى إذا وقع عليه يعتبر نفسه نجسا ولا بد أن يتطهر وهناك أي تنجيساً أخلاقياً. فلم ينكر المسيح أن بعض الأطعمة ينجس طقسياً، ولا أن الذي يأكل الطعام المنهي عنه يخطئ لتعديه نهي الله. لكنه قال إن الطعام في ذاته لا ينجس ولا يقدس. وقول المسيح «لَيْسَ مَا يَدْخُلُ ٱلْفَمَ يُنَجِّسُ» واضح لكل مسيحي حتى أنه لا يحتاج إلى دليل، ولكنه كان عند اليهود سراً عظيماً لأنه خالف ما علمهم إياه رؤساء دينهم.
أولا : التفسير الروحى/ الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي
انه تعالى بهذه الوصية أبطل الفرائض القديمة . وبقوله ما يخرج من الفم الخ وضع ناموساً على الافكار والاقوال الرديئة وعلمنا ان الطعام لا ينجس من طبعه لكن اذا أكل بنية نجسة. فالافكار الشريرة والشتيمة والثلب والتجديف تنجس الانسان . وبقوله ليس ما يدخل الفم ينجس الانسان أخفى كلمته ليظن السامعون انه يتكلم عن غسل الايدي لان حفظ الاطعمة عندهم كان أمراً عظيماً ويعرف ذلك من قول بطرس انه لم يدخل فمي شيء نجس