Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

تفسير / شرح الإنجيل كما رواة  متى الإصحاح السادس (متى 6: 1- 15)

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
مقدمة تفسير متى
تفسير (مت 1: 1- 17
تفسير  (مت 1: 18
تفسير (مت 1: 19 - 24)
تفسير (متى 2: 1- 12
تفسير (مت 2: 13 - 23
تفسير (مت  3: 1-6
تفسير (مت 3: 7-12
تفسير (مت 3: 13-17
تفسير (متى 4 : 1- 11
تفسير (متى 4: 12- 17)
تفسير (متى 4: 18- 25
تفسير (متى5: 1-  12
تفسير (مت 5: 13- 26
تفسير  (متى 5: 27- 48
تفسير متى 6: 1- 15
تفسير متى 6: 16- 34
تفسير متى الإصحاح7
تفسير متى الإصحاح 8
تفسير متى 9: 1- 17
تفسير متى 9: 18- 38
تفسير متى 10: 1- 23
تفسير متى 10: 24- 42
تفسير متى الإصحاح 11
تفسير متى 12: 1- 21
تفسير متى 12: 22- 50
تفسير متى 13: 1- 32
تفسير متى 13: 33- 58
تفسير متى الإصحاح14
تفسير متى 15: 1- 20
تفسير متى 15: 21- 39
تفسير متى الإصحاح16
تفسير متى الإصحاح17
تفسير متى الإصحاح18
تفسير متى الإصحاح19
تفسير متى الاصحاح20
تفسير متى 21: 1- 22
تفسير متى 21: 23- 46
تفسير متى 22: 1- 22
تفسير متى 22: 23- 46
تفسير متى 23: 1- 22
تفسير متى 23: 23- 39
تفسير متى 24: 1- 22
تفسير متى 24: 23- 51
تفسير متى الإصحاح25
تفسير متى 26: 1- 25
تفسير متى 26: 26- 46
تفسير متى 36: 47- 75
تفسير (مت 27: 1- 26)
تفسير (مت 27 : 27- 44)
فسير (مت 27 : 45- 66)
تفسير متى الفصل 28
جدول بالتآريخ والحكام  بإسرائيل ومصر
إقتباسات متّى من العهد القديم
Untitled 8095
Untitled 8102
Untitled 8410
Untitled 8411

فيما يلى تتفسير / شرح الإنجيل كما رواة  متى الإصحاح السادس (متى 6: 1- 15)

 تقسيم فقرات الإصحاح  السادس  من إنجيل متى  (متى 6: 1- 15)
1. الصدقة (مت 6: 1-4)
2. الصلاة ( مت 6: 5-8)
صلاة المخدع
3. الصلاة الربّانيّة (مت 6 9-15)
أ. أبانا الذي في السماوات
ب. ليتقدّس اسمك
ج. ليأت ملكوتك
د. لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض
هـ. خبزنا اليومي
و. واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن أيضًا للمذنبين إلينا
ز. لا تدخلنا في تجربة، لكن نجّنا من الشرّير
ح. لأن لك المُلك والقوّة والمجد إلى الأبد، آمين
ترتيب الطلبات

تفسير انجيل متى - الاصحاح السادس

الصدقة  (متى 6: 1- 4)

الصدقة

تفسير (متى 6: 1): “ احترزوا من ان تصنعوا صدقتكم قدام الناس لكي ينظروكم ، والا فليس لكم اجر عند ابيكم الذي في السماوات.

   

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

 الأصحاح الخامس السابق هو مقارنة التى ذكرها المسيح بين  البر الحقيقي ببر الكتبة والفريسيين من جهة بعض المبادئ الأخلاقية العظيمة، وقال غن لم يزد بركم على بر الكتبة والفريسيين فلن تدخلوا ملكوت السموات وأخذ هنا في مقارنة بعبادتهم مع العبادة التي يطلبها الرب من جهة الصدقة والصلاة والصوم.
1) " اِحْتَرِزُوا "  أى صونوا أنفسكم وتجنبوا أن تفعلوا هذا ، ويجب أن نتجنب أن يرانا الناس نفعل عمل الخير سواء أكان صدقة أو بر وحتى أسلوب العبادة يجب أن يكون فى الخفاء  إحترزوا فعل أمر  وردت هذه الكلمة فى العهد القديم ولكنها وردت ثلاثة أيام فقط فى العهد الجديد ( متى 6: 1)  (متى 7: 15)  (لوقا 17: 3)  ويشير المسيح هنا إلى العادات التى كان يتبعها الكتبة والفريسيين وغيرهم  وسوء تعليمهم 
عندما كانوا يعطوا صدقة بصورة علانبىة ويحذرنا بان لا نفعل مثلهم  فالخطية التي يحذر تلاميذه منها هي الرياء والتفاخر  الذي يدنس أخلاق الإنسان، ويهلك نفسه. ومحبة المدح من الناس تدخل القلب خفية، وتوقع الإنسان في خطر شديد، فتصير أول غايات حياته، وهو لا يشعر بذلك.
2)  " صدقتكم"  الصدقة هى ما يعطى للفقير  من مالٍ أو طعامٍ أو لباسٍ لتنفيذ وصايا الرب ، وقد وردت كلمة مسكين فى الكتاب المقدس  والمسكين هو  فقير خاضِعُ ضعيف ذليل، ليس لديه ما يكفيه ، أو بائس لا يملك شيئًا
عندما وقف المسيح فى المجمع وقرأ السفر فكان (اش 61: 1) روح السيد الرب علي لان الرب مسحني لابشر المساكين ارسلني لاعصب منكسري القلب لانادي للمسبيين بالعتق وللماسورين بالاطلاق." و ثم طوى السفر وسلمه الى الخادم وجلس. وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة اليه. فابتدا يقول لهم: «انه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم». (لو 4: 17- 21) أى أن الرب مسح يسوع مسيحا بسبب هؤلاء المساكين الذين لا يرعاهم أحد سواء أكانوا فقراء أو عبيدا للخطية (اش 41: 17) البائسون والمساكين طالبون ماء ولا يوجد.لسانهم من العطش قد يبس.انا الرب استجيب لهم انا اله اسرائيل لا اتركهم.

وكلمة المِسْكِينُ وردت فى العهد القديم (ام 14: 21) من يحتقر قريبه يخطئ ومن يرحم المساكين فطوبى له (مز 112: 9)  فرق اعطى المساكين بره قائم الى الابد.قرنه ينتصب بالمجد. (اش 58: 7) اليس ان تكسر للجائع خبزك وان تدخل المساكين التائهين الى بيتك.اذا رايت عريانا ان تكسوه وان لا تتغاضى عن لحمك  وكانت مشورة دانيال للملك (دا 4: 27)  لذلك ايها الملك فلتكن مشورتي مقبولة لديك وفارق خطاياك بالبر واثامك بالرحمة للمساكين لعله يطال اطمئنانك ووردت فى الجديد فى (2كور 9: 9 و 10)   كما هو مكتوب فرق.اعطى المساكين.بره يبقى الى الابد.

3) " قُدَّامَ ٱلنَّاسِ "  وصية المسيح هى عدم إعطاء صدقة أمام الناس حتى لا يمدح الناس هذا العمل وبالتالى ننال فخرا ومجدا بهذا العمل  فالسيد المسيح قال   «مجدا من الناس لست أقبل،" (يو 5: 41)  . نعم قد يحدث أنهم يرونها صدفةً، أو أنها تُصنع أمامهم عمداً (متّى ٥: ١٦). ولكن لا يجوز أن يكون قصدنا أن نريهم ما نعمله.
3 ) " وَإِلاَّ فَلَيْسَ لَكُمْ أَجْرٌ "  هذا نتيجة قوله «احترزوا» لأنه لا ينتظر بركة إلهية ولا مجازاة من الله ولا خير للنفس من العبادة التي غايتها المدح من الناس والتباهي.
4) " عِنْدَ أَبِيكُم "  أعني في قصده. فلا شيء مكنوز عنده لكم. لأن غاية هذه العبادة ليست إكرامه. فلا يُعتبر من يقدمها مستحقاً شيئاً من ذلك.
5) "ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَات " أى الرب فنحن أبناء الرب وعبارة فى السموات وردت تمييزاً عن الوالدين البشريين.

 

أولا : التفسير الروحى/  الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

 اي اذا تصدقتم على احد فلا يكن ذلك امام الناس بقصد الافتخار والتكبر . لان الكبرياء تفاجئ الانسان من حيث لا يعلم فكونوا متيقظين منها . و قوله ” قدام الناس ” لا يراد منه انه يرذل الصدقة قدامهم . لكنه يريد الا نعطي صدقاتنا امام الناس طلباً للمجد والمدح منهم . وقوله والا فليس لكم أجر . فكأنه يقول ان كنتم تتصدقون ليراكم الناس ويمدحوكم فقد اضعتم أجركم عند ابيكم السماوي .

تفسير (متى 6: 2): فمتى صنعت صدقة فلا تصوّت قدامك بالبوق ، كما يفعل المرآؤون في المجامع وفي الازقة ، لكي يمجدوا من الناس . الحق اقول : لكم انهم قد استوفوا اجرهم !

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

وفي هذا العدد والعدد 5، 23 ، 29 ، 36 ، 39  يستعمل المسيح صيغة المفرد بدلاً من صيغة الجمع ليوجه كلامه إلى كل فرد.

1) "فَمَتَى صَنَعْتَ صَدَقَةً " صُنع الصدقات واجب على كل إنسان يقول إنه يعبد الله.
2) "فَلاَ تُصَوِّتْ قُدَّامَكَ بِٱلْبُوقِ"
تعبير مجازي يدل على التنبيه والإشهار ولفت الأنظار. ليس المقصود أن الفريسيين كانوا يصوتون ببوق حقيقة عندما كانوا يوزعون إحساناتهم، قد يكون أنهم يدعون أحدا يصدر صوتا ليجمع الفقراء ليأخذوا إحتياجاتهم بينما يقف هو يوزع هذه الإحتياجات أراد يسوع توبيخهم على خطية إعطاء الصدقة بقصد الافتخار والتظاهر بالكرم. فكأنه قال: لا تعطِ صدقة وأنت كقائد جيش ذاهب للحرب، أو كملك أمام شعبه يتقدمه بوق ينبِّه الناس إليه.
3) " ٱلْمُرَاؤُونَ"
 مدعى الفضيلة متّصف بالخير والصلاح مظهرا  للناس خلاف ما هو عليه مخفيا طبيعته يتظاهرون بخلاف ما في قلوبهم، كأن صنيعهم ناتج عن محبة الفقير، ولا أثر للمحبة فيهم.  وقصد المسيح بكلامه هذا الكتبة والفريسيينوقد ذكرهم بالإسم وقال : " ويل لكم أيها الكتبة والفريسيون المراؤون " (مت 23: 14- 36)   " هكذا أنتم أيضا: من خارج تظهرون للناس أبرارا، ولكنكم من داخل مشحونون رياء وإثما."(متى 23: 28) وكلمة الويل تعنى لعن وهى كلمة للدُّعاء بالهلاك والدمار مثلما أتت فى الثلاث مدن التى لعنها المسيح وقال «ويل لك يا كورزين! ويل لك يا بيت صيدا!( لوقا 10: 13)  وكلمة ويل عندما تقال للبشر تعنى العذاب للكتبة والفريسيين أى أنهم وقعوا في هَلكة يستحقُّونها وهذه الكلمة تقال احيانا بقصد التهديد والتحذير   وقد أورد المسيح قائمة بكل المخالفات  التى فعلها الكتبة والفريسيين المراؤون فى (متى 23 ) ونعتهم بالقادة العميان و الجهال العميان المدَّعون بفضيلة ليست فيهم،
4) "فِي ٱلْمَجَامِعِ " أماكن العبادة (انظر الشرح متّى4: 23) حيث تكثر الشهود الذين ينظرون تقواهم الظاهرة.
5) "وَفِي ٱلأَزِقَّةِ " أى فى أضيق الأماكن المزدحمة بالناس فتكون الفرصة مناسبة لإظهار خيرهم وكرمهم وإحسانهم. ففي الموضعين (المجمع أو الزقاق) حيث يتظاهرون للمتدينين فى المجامع أماكن العبادة بأنهم أهل خير حيث يجتمع الناس للعبادة أو فى الأزقة التى يتسوق الناس فيها والممتلئة بالأعمال، علينا أن ننتبه فلا نكن مرائين.
6) "لِكَيْ يُمَجَّدُوا مِنَ ٱلنَّاسِ" ليتعجب الناس منهم ويمدحوا سخاءهم. فهذا هو الفساد المقصود بصدقتهم جعلتها بلا فائدة عند الرب ومكروهة في عينيه (يعقوب 1: 5) وإنما إن كان أحدكم تعوزه حكمة، فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير، فسيعطى له.
(قارن يوحنا 43:12 مع يوحنا 44:5).
7) "قَدِ ٱسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ" كان الرب فى القديم يجازى الشعب بأعمالهم (راجع مزمور 112: 9) فرق اعطى المساكين بره قائم الى الابد.قرنه ينتصب بالمجد. " اقتبس الرسول بولس من هذا المزمور عبارة في (كورنثوس الثانية 9:9)  كما هو مكتوب فرق.اعطى المساكين.بره يبقى الى الابد " ليثبت ب العهدين مرتبطين ببعضهما فى وجوب العطاء، لم يذكر بولس المواعيد المُتضمنة فيه بالمجازاة، بل اقتصر على ما يصف عمل الخير كمغبوط ومرضي عند الرب إذا شاء الرب (متى 42:10؛ لوقا 14:14) الإنسان له أن يختار بين إثنين إما ثناء الناس ومدحهم وبهذا المديح يكون حصل على أجره فى الأرض أى نالوا كل ما يمكن أن ينالوه، وليس لهم حق أن ينتظروا شيئاً بعد، لأن أجرهم مجد الناس الزائل. طلبوه فلا يأخذون غيره. أما إذا فعلوا صدقتهم فى الخفاء فينالوا المجد والثناء من الآب السماوى وبما أنهم لم يطلبوا المجد الذي من الله وحده لم يمنحهم إياه.
 (لوقا 7:17-10)

 

أولا : التفسير الروحى/  الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

فالرحمة هي ذات ربين الله والمجد الباطل ويتوقف ذلك على نيتك . فان عملتها لاجل الله فانه تعالى يوفيكها امام ملائكته ويمدحك لرحمتك للمساكين . وان عملتها طمعاً في احراز المجد العالمي فقد اخذت اجرك من مدح الناس . وقوله ” فلا تهتف قدامك بالبوق ” اي لا تفعل صدقتك على مرأى كثير من الناس بقصد ان يروك ويمجدوك . وقوله “ كما يفعل المرآؤون “ اي كالفريسيين والعشارين الذين كانوا يظهرون للناس ان صدقتهم هي لاجل الله وفي الداخل يقصدون منها اكتساب المجد الباطل وتعظم الناس لهم . فانهم لم يكونوا يتصدقون الا على مرأى من الناس ولذا فقد قال عنهم المسيح انهم قد اخذوا اجرهم من الناس . 

تفسير (متى 6: 3) : واما انت فمتى صنعت صدقة فلا تعرّف شمالك ما تفعل يمينك ،

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

هذه هى الشركة مع الرب أعطانا المال عطية لكى نعطى من ثمرها حينما تكون هناك علاقة بين النمو الروحى والعطاء المادى فيقول بولس الرسول (فيلبى 4: 17)  ليس اني اطلب العطية، بل اطلب الثمر المتكاثر لحسابكم.

1) "فَلاَ تُعَرِّفْ شِمَالَكَ مَا تَفْعَلُ يَمِينُك " يعتبر هذا مَثَلٌ يُضرب في إخفاء أمر. أنه بلا شك اليد الشمال ستعرف ما تفعله اليمين والرسول بولس في (1كورنثوس21:12) يقول ((لا تقدر العين أن تقول لليد لا حاجة لي إليك)). وهذا يرينا أن الأعضاء جميعها لها لزومها في الإنسان لأنها تقوم بواجباتها نحو بعضها بعضاً ولا غنى عن أي واحدة منها. وهذا المثل فى عمقه يصل بنا إلى مفهوم أنه لا يمكن أن نتصور كتمان سر أشد من هذا،  ويستعمل المسيح هذا المثل ليشير إلى وجوب اجتناب الشهرة في فى الصدقة والصلاة وغيرها من الممارسات الدينية  وليس لينهى المسيحي عن أن يشترك علانية في فعل الخير عندما يكون قصده أن يجعل نوره يضيء قدام الناس، ليتمجد الله. ولا لينهى عن طبع عطايا الجمعيات الخيرية في الجرائد. إنما يامرنا يسوع بتجنب الإفتخار والتباهى ونوال مجد أ{ضى كما ا، هذا التباهى قد يؤذى مشاعر الفقراء ، والبعد عن لذة الفخر بما فعلناه من الصدقة حتى ننال المدح الذاتي لنكون مع الأبرار الذين ذكرهم بقوله «فَيُجِيبُهُ الأَبْرَارُ حِينَئِذٍ قَائِلِينَ: يَارَبُّ، مَتَى رَأَيْنَاكَ جَائِعًا فَأَطْعَمْنَاكَ، أَوْ عَطْشَانًا فَسَقَيْنَاكَ؟» (متّى ٢٥: ٣٧).
وهناك العديد من الإشارات حول إستعمال اليدين فى الكتاب المقدس

أ)  نحميا النبى وقد رفع أثناء بناء سور أورشليم بنى وهدم عدة مرات  شعار "يد تبنى ويد تحمل السلاح " (نح4: 17)" البانون على السور بنوا وحاملو الاحمال حملوا.باليد الواحدة يعملون العمل وبالاخرى يمسكون السلاح "..  

ب) أعمال يدى  طابيثا، أي غزالة، المذكورة في (أعمال36:9-43) فقد كانت تلك التلميذة ((ممتلئة أعمالاً صالحة وإحسانات كانت تعملها)) (عدد36)). والنساء والأرامل الحزينات على وفاتها أرين بطرس الرسول الأقمصة والثياب التي كانت تعملها غزالة مما يدل على التقدير لعمل يديها النشيطتين اللتين استخدمتهم الخياطة الملابس للمحتاجين. فمن الواجبات على يد المؤمن والمؤمنة إذاً أن تكون متمثلة بطابيثا هذه.

ج) أعمال أيدى المريمات والنساء اللواتى كانوا يخدمن يسوع والتلاميذ وكذلك مرثا أخت لعازر التي كانت منصرفة بكل قوتها لخدمة ضيفها العظيم السيد المسيح وقد سجل الإنجيل خدمتها في (لوقا42:38). من المحتمل أن نفكر أن المسيح لم يقدِّر لمرثا خدمتها. والذي يتراءى لنا كتوبيخ من الرب لها، لم يكن هكذا بالتمام، إنما لامها لأنها أهملت الأمور الروحية التي لا غنى عنها وحصرت اهتمامها بإعداد الأطعمة للجسد. فالخدمة للسيد الرب مطلوبة من كل واحد من المؤمنين بشرط أن تقترن بالإصغاء لتعليمه والعمل به. ونلاحظ أن الرب الذي مدح مريم لأنها كانت تصغي لأقواله، ولم تشترك بالعمل مع أختها، مدحها في مناسبة أخرى حينما قامت بالخدمة له وأقدمت على العمل المسجل في الإنجيل، بسكبها الطيّب الثمين على جسده. وهذا يدل على أن لكلل شيء وقتاً. للعمل من أجله وقت، وللإصغاء لكلامه وقت أيضاً، ولا يغني واحدهما عن الآخر
د)  الرسول بولس الذي قال عن نفسه ((حاجاتي وحاجات الذين معي خدمتها هاتان اليدان)) (أعمال34:20). وفي (افسس28:4) نسمعه يقول ((لا يسرق السارق في ما بعد بل بالحري يتعب عاملاً الصالح بيديه ليكون له أن يعطي من له احتياج)).

هـ)  إشباع الآلاف من الجياع نتعلم مثالة قيّمة: فالتلاميذ قدموا بأيديهم الخبزات والسمكات إلى الرب ليباركها، وبعد أن باركها أخذوها بأيديهم ووزعوها على الجياع. ويجدر بنا كمؤمنين أن نتخذ من هذا المثال درساً لنا نحن وهو أن نقدم ما عندنا للرب لكي يباركه ومن ثم نتناوله من يده ليقيت الجياع إلى خبزة الحياة.

ز) يد المؤمن يجب أن تكون عاملة أيضا نظير ما عمل السامري الصالح لمساعدة الجريح بين أورشليم وأريحا (لوقا30:10-37). فالسامري أكمل العمل الجليل إذ انه قام بما يعلمه الكاهن أو اللاوي، وبيده أركب الجريح على دابته بعد أن وضع الزيت المطهر على جراحه. ولم يكتف بهذا بل دفع من ماله لصاحب الفندق لكي يهتم بالعناية ومعالجة المسكين.

س) في (مزمور5:149و6) يقول المرنم ((ليبتهج الأتقياء بمجد ليرنموا على مضاجعهم تنويهات الله في أفواههم وسيف ذو حدين في يدهم)). والرسول بولس في (افسس10:6-17) يأمرنا بأن نحمل سلاح الله الكامل. ومن جملة الأدوات التي يعنيها للحرب التي يقوم بها المؤمن ضد قوات الشر هو السيف ((سيف الروح)) الموصوف بأنه ((أمضى من كل سيف ذي حدين)). ومعنى وجود سيف كلمة الله بيدنا هو أن نكون مستعدين في كل وقت لإشهاره، في وجه الخطية وقوات الشر وكل البدع والضلالات.

ل) في (خروج9:13) أوصى اله بقوله ((يكون لك علامة على يدك وتذكاراً بين عينيك لكي تكون شريعة الرب في فمك)) وفي (تثنية8:6) يكرر الرب أمره بقوله ((اربطها علامة على يدك ولتكن عصائب بين عينيك واكتبها على قوائم أبواب وعلى أبوابك)). وقد استنتج اليهود إن هذه الأوامر حرفية، ولذلك يكتبن الوصايا على ورقة صغيرة ويضعونها ضمن ماسورة من الصفيح يسمرونها على قائمة باب البيت. ويكتبونها على لفافة من القماش، وحينما يتلو الواحد صلاته كفرض، يخرج من جيبه اللفافة ويربطها على يده لحظة من الزمان، ثم يضعها على جبينه، ويكون بذلك قد حفظ الوصايا وأكمل مطلبها الحرفي أوتوماتيكياً

 

أولا : التفسير الروحى/  الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

قال قوم ان المسيح يأمرنا ان نخفي الصدقة عن معرفة اهلنا القريبين منا كاليمين والشمال . لكن الحقيقة هي انه اذا امكننا فلنخفها عن انفسنا حتى ان ايدينا التي نوزع بواسطتها الصدقة لا تشعر باننا نحن فاعلون الصدقة . وآخرون شبهوا الاعمال الشريرة بالشمال اما اليمين فتشير عن الافكار الصالحة . ثم انك اذا اردت ان تفعل الحسنات فلا تفكر ولا تستشير ولكن اصنعها بلا مشورة ولا مانع او تأخير . ثم يسمي الفكر النجس شمالاً والفكر الطاهر يميناً . وعليه فان ما يرشدك اليه الفكر الصالح تممه . لانه ربما يأتي الفكر الشمالي فيعيقك عنه . وقد شبه المسيح الحنفاء بالشمال والمسيحيين باليمين . ثم اشار على المؤمنين ان يكتموا عن الغير المؤمنين اسرارهم ولا يقبلوا ولا يطليوا منهم شهادة او يمضوا الى محكمتهم  ليدانوا امامهم . ثم انه سمى ايضاً الجسد شمالاً .

تفسير (متى 6: 4): لكي تكون صدقتك في الخفاء . فابوك الذي يرى في الخفاء هو يجازيك علانية .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) "لِكَيْ تَكُونَ صَدَقَتُكَ فِي ٱلْخَفَاءِ" فتتميز عن صدقة الكتبة والفريسيين. فاصنعها الرب الذى يرى فى الخفاء  هذا هو أمر المسيح حتى تنال بركته.
2) "فَأَبُوكَ ٱلَّذِي يَرَى فِي ٱلْخَفَاءِ " يرى ما صُنع في الخفاء كما يرى ما صُنع علنا فيجب أن نتذكر في كل خدمة نصنعها أنها للرب وليس لينظرها الناس فننال فخرا ومجدا المسيح يريد أن يرى قلب الإنسان بعيدا الكبرياء وتشامخ الروح  لأنه يعلم كل شيء ويعرف غاياتنا في كل أعمالنا. وهو لا ينظر إلى مكانة المعطي بل إلى روحه. فليست الفضيلة بالعمل الخارجي، بل بالدافع وراء هذا العمل. فالرب ينظر إلى أعمالنا الصالحة بقدر ما نخفيها عن الناس.
3) "يُجَازِيك " (تكوين ١٥: ١ وعبرانيين ١١: ٦). يجازي الله على فعل الخير وإنكار الذات في إخفاء العمل عن نظر الناس وعن مدحهم. على أن أفضل أعمالنا لا تستحق المجازاة. لكن الله في رحمته وتنازله يرضى أن يجازينا عليها، فتكون المجازاة من النعمة لا من الاستحقاق.فأنه يتعلق كله بغبطة العطاء ومجازاة الرب للمعطي، من حيث أنه يُكثر له الخيرات الزمنية. وأورد بولس النعم والخيرات فى (2 كو 9: 7- 9)  كل واحد كما ينوي بقلبه ليس عن حزن او اضطرار.لان المعطي المسرور يحبه الله. والله قادر ان يزيدكم كل نعمة لكي تكونوا ولكم كل اكتفاء كل حين في كل شيء تزدادون في كل عمل صالح. 9 كما هو مكتوب فرق.اعطى المساكين.بره يبقى الى الابد.  " وفى  متى أورد عبارة المجازاة (مت 10: 42) ومن سقى احد هؤلاء الصغار كاس ماء بارد فقط باسم تلميذ فالحق اقول لكم انه لا يضيع اجره»  إذا شاء الرب المجازاة عند قيامة الأبرار (لوقا 14:14). بل اذا صنعت ضيافة فادع المساكين: الجدع العرج العمي 14 فيكون لك الطوبى اذ ليس لهم حتى يكافوك لانك تكافى في قيامة الابرار». لذلك قِيلَ «ولكن ليُشارك الذي يتعلم الكلمة المُعَلِّمَ في جميع الخيرات. لا تضلوا، الله لا يشمخ عليه. فأن الذي يزرعه الإنسان إياه يحصد أيضًا. لأن من يزرع لجسده فمن الجسد يحصد فسادًا. ومن يزرع للروح فمن الروح يحصد حياة أبدية. فلا لا نفشل في عمل الخير لأننا سنحصد في وقته إن كنا لا نكل. فإذًا حسبما لنا فرصة فلنعمل الخير للجميع ولا سيما لأهل الإيمان» (غلاطية 6:6-10).وإذا كانت الدينونة فىأعطيت للمسيح ولكن المازاة فى يد الرب (رومية 2: 6) الذي سيجازي كل واحد حسب أعماله."والرب يسوع أيضًا سيصادق علينا كعبيده في خدمتنا له، ويمدح كل واحد منا على حسب أمانته كعبد
4) "عَلاَنِيَةً " فسر البعض كلمة علانية بأن المغطى صدقة فى الخفاء سيجازيه الرب من بركات ونعم إلهية مثلما فعل مع أيوب البار وفسرها البعض الآر بأنها مجازاة علانية بعد إنتهاء العالم أي يوم الدين أمام الملائكة والناس، إن لم يكن قبل ذلك، فإنه «مَنْ يَرْحَمُ الْفَقِيرَ يُقْرِضُ الرَّبَّ، وَعَنْ مَعْرُوفِهِ يُجَازِيهِ» (أمثال ١٩: ١٧) وهو يجازي العبد الصالح دائماً بأن يجعل ضميره يمدحه فيعطية سلاما وراحة . أي الذي ينظر عطيتك الخفية ويعرف ما هي نية قلبك الداخلية «هو يجازيك ‘علانية’». ولكن ليس على سبيل الاستحقاق (لوقا 7:17-10) بل على سبيل النعمة. ويسرد (المزمور 112) العطايا والهبات والنعم التى سيمنحها الرب لمن يتصدق على المسكين
ملحوظة: في بعض النسخ لا توجد كلمة «علانية». وربما زيدت ليكسب الكلام قوة أكثر.

 

أولا : التفسير الروحى/  الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

اي يجازيك في العالم الآخر قدام الملائكة وبني البشر . 

تفسير انجيل متى - الاصحاح السادس

 الصلاة (متى 6: 5- 8)

الصلاة

تفسير (متى 6: 5): ومتى صليت فلا تكن كالمرآئين ، فانهم يحبون ان يصلّوا قائمين في الجمامع وفي زوايا الشوارع ، يصلون ليظهروا للناس . الحق اقول لكم : انهم قد استوفوا اجرهم !

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) "وَمَتَى صَلَّيْت"َ .. "متى" فى الغة العربية لها معنيين أ) مَتَى : اِسْمُ اسْتِفْهَامٍ عَنِ الزَّمَانِ مَاضِياً وَمُسْتَقْبَلاً أو ب) مَتَى : اِسْمُ شَرْطٍ يَجْزِمُ فِعْلَيْنِ مُضَارِعَيْنِ مَعاً

وقصد المسيح المعنى الثانى أى اِسْمُ شَرْطٍ يَجْزِمُ فِعْلَيْنِ مُضَارِعَيْنِ مَعاً : :- مَتَى تَزُرْنِي أَزُرْكَ :-

لم يأمر المسيح بالصلاة هنا، بل حسب ذلك أمراً مسلماً به عند تلاميذه، ليس طاعةً لأمره الصريح، ولا لأن الصلاة واسطة لازمة للنمو الروحي، بل كأمر ينتج من حياة النفس الجديدة، كالتنفس من الحياة العادية. وجعل قانون الصدقة المذكور آنفاً قانوناً للصلاة أيضاً. أي أننا نقصد بها أن يسمعنا الله لا الناس. ومن صلى بخلاف هذا القانون يُظهر إنه مراءٍ يتظاهر بأنه يعبد الله بغية رضاه، وغايته بالحقيقة هي مدح الناس.
2) "فَلاَ تَكُنْ كَٱلْمُرَائِينَ " ينهى المسيح تلاميذه عن أن يشابهوا المرائين الذى أشار إليهم سابقا بأنهم الكتبة والفريسيين، وينتظر ألا نتشبه بهم فى العبادة المظهرية .
3) "فَإِنَّهُمْ يُحِبُّونَ " أَنْ يُصَلُّوا قَائِمِينَ أي أنهم يتعمدون المجاهرة في الصلاة أمام الناس. وقد أشار  يسوع فى مثل ذكره الإنجيل بحسب لوقا عن الفريسي الذى يصلى واقفا متشامخا أمام الرب (لو 18: 10- 14) «انسانان صعدا الى الهيكل ليصليا واحد فريسي والاخر عشار. اما الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا: اللهم انا اشكرك اني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار. اصوم مرتين في الاسبوع واعشر كل ما اقتنيه. واما العشار فوقف من بعيد لا يشاء ان يرفع عينيه نحو السماء بل قرع على صدره قائلا: اللهم ارحمني انا الخاطئ. اقول لكم ان هذا نزل الى بيته مبررا دون ذاك لان كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع». يتضح من هذا المثل وقول المسيحفى هذا العدد  أنهم لا يمارسون الصلاة الانفرادية البتة، ويتخذون من الصلاة العلنية  للتظاهر بالتقوى أمام الناس وقد حذرنا بولس الرسول عن هؤلاء المرائيين الذى يوجدون فى كل العصور بأن نتجنبهم  (2 تيموثاوس 3: 5) لهم صورة التقوى، ولكنهم منكرون قوتها. فأعرض عن هؤلاء."

4) "فِي ٱلْمَجَامِع"  المجامع اليهودية هو مكان للإجتماع وتقرأ فيه التوراة وهناك مكان يجلس عليه الكتبة والفريسيين لإعطاء تعليمهم وفتوايهم عن الشريعة هذا غير الهيكل فى اورشلسيم الذى كان يوجد فيه المهنة ورؤسائهم وهو مكان العابدة وقد بنيت هذه المجامع للدراسة والصلاة ، وقد بُنيَت لهذه الغاية، ولكن قصدها المرائون من الكتبة والفريسيين  وغيرهم لتراهم الجموع هناك، لا ليعبدوا الله فيها.
5) "فِي زَوَايَا ٱلشَّوَارِعِ " واضح من هذه العبارة أن لمسيح أشار إلى أن الفريسيين كانوا يصلون فى الشوارع أو ربما خارج المجمع عند إمتلاؤه لأنها أكثر مناسبة للشهرة فالذين يختارون مثل هذه الأماكن للصلاة يظهرون أن غايتهم مدح الناس لا رضى الله. وقوله «قائمين» لا يدل على زيادة الرياء، لأن الوقوف كان من عادة اليهود وهم يصلون فى هذه الأماكن. وكان هناك نوعا آخر من الصلاة التى أشار إليها أيضا ،  بل روح الساجدين في هذه الأماكن وغايتهم.(يو 4: 24): الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي أن يسجدوا
6) "لِكَيْ يَظْهَرُوا لِلنَّاس" يعبدون الله ليُخبروا الآخرين بعبادتهم، فيمدحهم الناس. وهذا كل همهم بدلاً من أن يسعوا لرضا الله عنهم.

7) " ٱسْتَوْفَوْا أَجْرَهُمْ».العامل والأجير يأذ مالا نظير أجرة عملة والصلاة لها بركات ونعم عديدة يستوفى المرائى أجرته نظير صلاتهه علانية بتوقير الناس وإحترامه له

 

أولا : التفسير الروحى/  الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

اي انهم في وجوههم يظهرون انهم يصلون لله ومن الداخل لاجل المجد الباطل . فالمسيح يرذل الصلاة التي تكون في المجامع لاجل المجد الباطل . 

تفسير (متى 6: 6): وأما انت فمتى صليت فادخل الى مخدعك واغلق بابك ، وصل الى ابيك الذي في الخفاء . فأبوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

 قال الأب  متى المسكين :" وأما أنت فمتى صليت فادخل إلى مخدعك، وأغلق بابك، وصل إلى أبيك الذى فى الخفاء" (مت:6:6) حينما يطلب الله أن نغلق الباب قبل أن نصلى، فهو ينبهنا لكى نقطع بين العمل خارج المخدع وبين العمل داخل المخدع. وذلك يتم من جهة القلب، ثم من جهة الحواس، ثم من جهة الناس.  - أما من جهة القلب: فينبغى أن يطرح الإنسان كافة مسئولياته وهمومه وأتعابه وقلقه ومخاوفة بمجرد مثوله أمام الله، حتى يتسنى له أن يدخل فى السلام الكامل الذى يفوق العقل.  وهنا غلق الباب يعنى تحصن القلب فى الفاصل الروحى بين العالم الجسدانى وبين العالم الروحى، الذى هو بمثابة الموت، أى يعتبر الإنسان نفسه حينما يغلق الباب خلفه أنه بمثابة من مات عن العالم الجسدانى وهو الآن أمام الله يعطى حساب وكالته ويطلب مراحمه.  - أما من جهة الحواس: فالإنسان فى العادة يكون محملاً بأفكار منطبعة فى العقل، ومناظر عالقة فى التصور، وكلمات محفوظة فى الذهن، وخبرات حسية أخرى متغلغلة فى باقى الحواس، هذه تحوى ضمن ما تحوى عينات خسيسة يكون قد مال إليها الضمير فاحتجزتها الحواس وتمسك بها العقل، يرددها أحياناً بهواه، وأحياناً خلسة من وراء الإرادة، وأحياناً بالقوة فى غير ما مناسبة رغماً عن الإرادة والضمير، فتشكل حينئذ صراعاً مريراً داخل الإنسان. هذه من المفيد جداً حينما ندخل المخدع أن نسبق ونطرحها من الضمير ونجحدها بشجاعة، ونقدم اعتذاراً أمام الله مع ندم وتوبة بتصميم وعزم، جاعلينها كلها فى موضع البغضة والكراهية. غلق باب المخدع يعنى وضع المسيح المصلوب بين الروح وبين الحواس الجسدية حتى تموت الأعضاء التى على الأرض: "أنتم الذين أمام عيونكم قد رسم يسوع المسيح بينكم مصلوباً" (غل1:3)، "فأميتوا أعضاءكم التى على الأرض" (كو5:3). أما إذا لم نجحد هذه الخبرات والمناظر والمسموعات، ونعترف بها مقرين بذنبها وببغضها فى كل مرة ندخل فيها مخدعنا، فهى كفيلة لا أن تحرمنا من قوة الصلاة والمثول أمام الله فقط وأن تجعل المخدع مكاناً نجساً.  - أما من جهة الناس: فالإنسان يوجد دائماً أبداً مربوطاً بالآخرين فأنت قد تجد نفسك:  إما مشغولاً بحب الآخرين حباً عاطفياً يجذبك إليهم جسدياً وقلبياً فيحرمك من استقلالك الذاتى وحريتك الداخلية، التى هى أساس العبادة وحب الله والنمو الروحى.  أو قد تجد نفسك مهموماً بأحوالهم وظروفهم وأمراضهم ومستقبلهم إلى الدرجة التى تفقد فيها كل اهتمام بروحك وخلاصك. أو قد تجد نفسك منفعلاً بعداوتهم وبغضتهم وكرههم وانتقادهم والحقد عليهم، إلى الدرجة التى تملأ المرارة كل نفسك ولا تتفرغ من التصورات الشريرة وتدبير الانتقام.  أو قد تجد نفسك منجذباً نحو الآخرين فوق إرادتك، تخرج كل يوم تجوب الطرقات والبيوت بلا ملل لإظهار قدراتك وروحياتك وفنونك، حتى يشترك معك المعجبون بك فى عبادة ذاتك. وهنا غلق باب المخدع يفيد قطع كل صلة ميتة تربطك بأى إنسان يتسبب لك منها هلاك نفسك: "ماذا ينتفع الإنسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه" (مت26:16). وليس معنى هذا أن نقطع صلاتنا بمن هم فى حاجة إلينا أو بمن نحن فى حاجة إليهم ونعتزل الناس، بل أن نصفى علائقنا مع الجميع حتى تصير وفق التدبير الروحى. فنكف عن الاستغراق بالعواطف فى هموم الناس، الأمر الذى لا يفيد الإنسان شيئاً، ونصنع حداً لأحقادنا، ونموت عن شهوة تمجيد الناس لنا"

1) "فَمَتَى صَلَّيْت" يبين المسيح لنا الطريق التي بها يقدم المسيحي الحقيقي الصلاة المقبولة.

تصنيف الصلاة حسب عدد القائمين بها، فهناك:
الصلاة الفردية: التي يصليها الإنسان في مخدعه أو بينه وبين الله في أي وقت.
الصلاة الجماعية: صلاة الإتفاق بعد صعود المسيح إلى السماء كان التلاميذ "يُواظِبُونَ بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ عَلَى الصَّلاَةِ" (أعمال الرسل 1: 14). ثم بعد يوم الخمسين كان المؤمنين في الكنيسة الأولى "يُواظِبُونَ" على الصلاة (أعمال الرسل 2: 42). ويشجعنا المثال الذي قدموه أن نصلي مع الآخرين.التي يصليها مع سائر أفراد الكنيسة الذين هم جميعًا أعضاء في جسد المسيح. كما في صلوات القداس، والاجتماعات، والأفراح، والجنازات، والرسامة.. إلخ.

فيما يلي الأنواع الرئيسية من الصلوات في الكتاب المقدس:
صلاة الإيمان: تقول رسالة يعقوب 5: 15 "وَصَلاَةُ الإِيمَانِ تَشْفِي الْمَرِيضَ وَالرَّبُّ يُقِيمُهُ." وفي هذا السياق، تقدم الصلاة بالإيمان من أجل شخص مريض وطلب شفائه من الرب. عندما نصلي، يجب أن نثق في قوة وصلاح الله (مرقس 9: 23).
صلاة الطلب (أو التضرع):الصلاة وقت الضيق  يجب أن نأتي بطلباتنا إلى الله. (متى 21:21-22) 21 أقول لكم الحق إن كنتم تؤمنون ولا تشكون فإنكم تعملون ما عملته بشجرة التين بل وأكثر. فحتى إن قلتم لهذا الجبل: انتقل من هنا وانطرح في البحر يتم هذا فعلا. 22 فإن كان عندكم إيمان، كل شيء تطلبونه في الصلاة تنالونه" .(مرقس 24:11) لهذا السبب أقول لكم: إن ما ترغبون فيه وتصلون لأجله، فآمنوا أنكم قد نلتموه، فيتم لكم." تعلمنا رسالة فيلبي 4: 6 "لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ". وجزء من الإنتصار في المعركة الروحية هو أن نكون "مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ" ( أفسس 6: 18).
صلاة الشكر: نجد نوع آخر من الصلاة “أورفع يسوع عينيه الى فوق، وقال:«ايها الاب، اشكرك لانك سمعت لي، 42 وانا علمت انك في كل حين تسمع لي. ولكن لاجل هذا الجمع الواقف قلت، ليؤمنوا انك ارسلتني». …” (يوحنا 41:11-42). في فيلبي 4: 5 – التشكرات أو تقديم الشكر لله. "مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ"". كما نجد العديد من أمثلة صلوات الشكر في سفر المزامير.
صلاة العبادة: تتشابه صلاة العبادة مع صلاة الشكر. الفرق هو أن صلاة العبادة تركز على شخص الله؛ والشكر يركز على ما فعله الله. صلى قادة الكنيسة في أنطاكية بهذا الأسلوب مع الصوم: "وَبَيْنَمَا هُمْ يَخْدِمُونَ الرَّبَّ وَيَصُومُونَ قَالَ الرُّوحُ الْقُدُسُ: أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ لِلْعَمَلِ الَّذِي دَعَوْتُهُمَا إِلَيْهِ. فَصَامُوا حِينَئِذٍ وَصَلُّوا وَوَضَعُوا عَلَيْهِمَا الأَيَادِيَ ثُمَّ أَطْلَقُوهُمَا" (أعمال الرسل 13: 2-3).
صلاة التكريس "التسليم" : أحيانا تكون الصلاة وقتاً لتكريس أنفسنا لكي نتبع إرادة الله. صلى المسيح مثل هذه الصلاة في الليلة التي سبقت صلبه: "ثُمَّ تَقَدَّمَ قَلِيلاً وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ وَكَانَ يُصَلِّي قَائِلاً: يَا أَبَتَاهُ إِنْ أَمْكَنَ فَلْتَعْبُرْ عَنِّي هَذِهِ الْكَأْسُ وَلَكِنْ لَيْسَ كَمَا أُرِيدُ أَنَا بَلْ كَمَا تُرِيدُ أَنْتَ" (متى 26: 39).
صلاة التشفع: أحياناً كثيرة تتضمن صلواتنا طلبات من أجل الآخرين إذ نتشفع من أجلهم. تقول رسالة تيموثاوس الأولى 2: 1 أن نصلي " لأَجْلِ جَمِيعِ النَّاسِ". والرب يسوع هو قدوتنا في هذا الأمر. فإن إصحاح 17 من إنجيل يوحنا هو صلاة المسيح من أجل تلاميذه وكل المؤمنين أيضاً.
صلاة اللعنة: توجد صلوات طلب اللعنة في سفر المزامير (مثال: 7، 55، 69). وهي تستخدم بهدف جلب دينونة الله على الأشرار وبالتالي الإنتقام للأبرار. يستخدم سفر المزامير هذه الصلوات لتأكيد قداسة الله ويقين دينونته للأشرار. ولكن المسيح يعلمنا أن نصلي بالبركة لأعدائنا وليس اللعنة (متى 5: 44-48).
كما يذكر الكتاب المقدس
الصلاة بالروح (كورنثوس الأولى 14: 14-15) والصلاة عندما تعوزنا الكلمات (رومية 8: 26-27) وفي هذه الأوقات فإن روح الله نفسه هو الذي يتشفع لنا.
الصلاة هي حوار مع الله ويجب أن نواظب عليها بإستمرار (تسالونيكي الأولى 5: 16-18). وإذ ننمو في محبتنا للرب يسوع، فإننا تلقائياً سوف نرغب أن نتكلم معه دائماً.

الصلاة والتأمل بآيات الكتاب
الصلاة لأجل التسبيح هذه الصلوات من أهم الصلوت  لأنها بدون غرض أو طلب صلوات لتسبيح الرب وتمجيده على قوته وأعمال يديه

2) "فَٱدْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ " بدلاً من الصلاة قدام الناس لينظروك ادخُل إلى موضع الانفراد. «مخدعك» أي المكان المختص بك أو تحت مطلق تصرفك. فالصلاة على انفراد تعين الإنسان على ضبط أفكاره، وتمكنه من التعبير عنها.

3) "وَأَغْلِقْ بَابَكَ" ليس المقصود أن هذه الأعمال الخارجية ضرورية للصلاة المقبولة، بل المقصود هو الانفراد التام. فالغاية من غلق الباب منع دخول العالم إلى أفكارنا. وخلاصة الأمر وغايته هو أن نجتمع مع الله وحدنا فيمكن أن يكون ذلك في الحقل كما صلى إسحاق (تكوين ٢٤: ٦٣) أو تحت تينة كصلاة نثنائيل (يوحنا ١: ٥٠) أو على السطح كصلاة بطرس (أعمال ١٤: ٩) أو على الجبل كما فعل المسيح (مرقس ٢: ٤٦ ويوحنا ٦: ٥) أو في جثسيماني (لوقا ٢٢: ٤١). وأما ما جاء في لوقا ١٨: ١٠ فيظهر فيه أن الهيكل للفريسي كزوايا الشوارع، وللعشار كمخدعه.
وجود مكان معين للانفراد في الصلاة يساعدنا كثيراً على تقديم صلواتنا بالصواب.
4) "وَصَلِّ إِلَى أَبِيك" ليسمع صلاتك وتكون لك علاقة به  لا ليكى يراك الناس الناس ليكن الهدف هو الرب وليس الناس
5) " فِي ٱلْخَفَاءِ " لتكن العلاقة بيننا وبين الرب بعيدا عن أعيمن الناس أي في السر فلا يراك أحد من الناس لأنه بمجرد أن يراك الناس سـأخذ مجدا منهم ويعموك  فالإختيار بين مجد الرب  ومجد الناس وتعظيمهم .
6) " فَأَبُوكَ ٱلَّذِي يَرَى فِي ٱلْخَفَاءِ" واضح من هذه الآية أن المسيح يتكلم عن الصلاة الانفرادية لا العائلية والجمهورية  والقداسات التى يجتمع فيها الشعب فى صلوات جماعية فإن كل الناس يكونون ظاهرين فى العلن وليست فى الخفاء بلا شك  فى جميع أنواع الصلوات يرى الرب القلوب والنيات حيث. يرى غايات الإنسان الحقيقية في الصلاة وأشواق قلبه.
7) " يُجَازِيك " الجزاء (كما في ع ٤) نعمة لا استحقاق. أولاد الرب مميزين عن أولاد الناس هذه الميزة لأنهم أتباع للرب والمؤمنين به وأن الرب يعدل ويجازى كل واحد كنحو اعماله فى الأرض كما فى السماء   (ام 11: 31) هوذا الصديق يجازى في الارض فكم بالحري الشرير والخاطئ (ار 18: 20) هل يجازى عن خير بشر.لانهم حفروا حفرة لنفسي.اذكر وقوفي امامك لاتكلم عنهم بالخير لارد غضبك عنهم.
8) " عَلاَنِيَة " أي أمام أعين الناس في العالم، وأمام الملائكة والناس في العالم الآتي.
لا يذكر المسيح عدد المرات التي يجب أن يصليها تلاميذه كل يوم، لئلا تصير عبادتهم طقسية، بل ترك ذلك بدون تعيين لتكون صلواتهم اختيارية ناتجة عن محبتهم له وشعورهم باحتياجهم إليه. ولم يأمرنا بإطالة الصلاة. فيجب أن يكون طولها وقصرها حسب إحتياج الإنسان وشعوره ومحبته  فى علاقته بالرب ،

 

أولا : التفسير الروحى/  الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

يريد بالمخدع القلب وبالباب الضمير . اي اذا صليت في البيت او في الكنيسة فادخل الى مخدع قلبك واجمع افكارك من التيه واغلق باب ضميرك عن المجد الباطل وصلّ الى ابيك في الخفية ولكن لا لاجل المجد الباطل وقوله ” هو يجازيك “ اي انه سيوفيك بما تستحقه اذا كنت تصلي في الخفية من غير ان تكون منظوراً للأعين .

تفسير (متى 6: 7): وحينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلاً كالامم ، فانهم يظنون انه بكثرة كلامهم يستجاب لهم .

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) " وَحِينَمَا تُصَلُّونَ" أى حينما تستعدون للصلاة بدأ يسوع الكلام من المفرد إلى الجمع لأنه قصد أن يتكلم عن الصلاة الجمهورية، لأنه كان يشير به إلى الصلاة الانفرادية.
2)"لاَ تُكَرِّرُوا ٱلْكَلاَم"  حذر يسوع اولا تلاميذه تطويل الكتبة والفريسيين صلاتهم ،ليوهموا الناس بتقواهم ولا يقدمون صلواتهم للرب بل لينالوا مدح الناس، كما يحذرهم من صلوات الأمم الوثنية لآلهتهم .وفي الكتاب المقدس مثلان من عادة الأمم في تكرير الصلاة: (١) عندما كان الكهنة عبدة البعل من الصبح إلى الظهر قائلين «يا بعل اسمع! يا بعل اسمع!».(1مل 18: 27- 29 و  36- 39) " وعند الظهر سخر بهم ( من كهنة البعل) ايليا وقال ادعوا بصوت عال لانه اله.لعله مستغرق او في خلوة او في سفر او لعله نائم فيتنبه. 28 فصرخوا بصوت عال وتقطعوا حسب عادتهم بالسيوف والرماح حتى سال منهم الدم. 29 ولما جاز الظهر وتنباوا الى حين اصعاد التقدمة ولم يكن صوت ولا مجيب ولا مصغ  ... وكان عند اصعاد التقدمة ان ايليا النبي تقدم وقال ايها الرب اله ابراهيم واسحق واسرائيل ليعلم اليوم انك انت الله في اسرائيل واني انا عبدك وبامرك قد فعلت كل هذه الامور. 37 استجبني يا رب استجبني ليعلم هذا الشعب انك انت الرب الاله وانك انت حولت قلوبهم رجوعا. 38 فسقطت نار الرب واكلت المحرقة والحطب والحجارة والتراب ولحست المياه التي في القناة.  "   و(٢) (أع 19: 34)  حيث صرخ الأفسسيون عبدة أرطاميس مدة ساعتين «عظيمة هي أرطاميس الأفسسيين». فقلد معلمو اليهود الوثنيين حتى قيل إنهم اعتادوا أن يقف الواحد منهم ثلاث ساعات متوالية كل يوم يصلي مكرراً طلباته أكثر الوقت.
3) "بَاطِلاً" (جا 5: 3)  لان الحلم ياتي من كثرة الشغل وقول الجهل من كثرة الكلام (جا 10: 14) والجاهل يكثر الكلام.لا يعلم انسان ما يكون وماذا يصير بعده من يخبره.   الآيات التالية من إنجيل متى يتخذها أعداء المسيحية شبهة حيث ورد فى متى صلوا بالإيجاز(مت 6: 6- 8)  6واما انت فمتى صليت فادخل الى مخدعك واغلق بابك وصل الى ابيك الذي في الخفاء. فابوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية. 7 وحينما تصلون لا تكرروا الكلام باطلا كالامم فانهم يظنون انه بكثرة كلامهم يستجاب لهم. 8 فلا تتشبهوا بهم. لان اباكم يعلم ما تحتاجون اليه قبل ان تسالوه. " عند مقارنتها بإنجيل لوقا ، وورد فى لوقا: صلوا على الدوام وبلا انقطاع. (لو 18: 1)  وقال لهم ايضا مثلا في انه ينبغي ان يصلى كل حين ولا يمل:  لايوجد تناقض بين العددين وبين الإنجيلين لان باختصار الرب في انجيل متي يقول لشعبه ان لا يكرروا الكلام الباطل في الصلاه مثل الامم التي تعتقد ان بكثرة التكرار في الصلاه ياخذون حسنات اكثر فيظلوا يكررون جمل باستمرا مع ركوع وقيام وكلما كررها ويظنون أنهم يأخذون حسنات اكثر  وبُنيت هذه العادة الفاسدة على زعم  الوثنيين أن فى الصلاة طلسم سحري، لا خدمة القلب العقلية، وأنها بحد ذاتها تنفع من يقدمها، ولا سيما إذا كُررت. فدخلت هذه الضلالة في الكنيسة المسيحية في القرون الأولى، كأن غاية الصلاة تغيير أفكار الله، وتدبيرة وتغيير خطته أو إخباره بشيء يجهله.اما كلام الرب في انجيل لوقا هو عن حياة الصلاح الحقيقيه التي هي ليست تكرار كلام باطل
صلاة الأرملة والكنيسة لأجل بطرس ويسوع فى بستان جسثيمانى : لم ينه المسيح عن كثرة الصلاة بل عن كثرة الكلام، فإنه هو عينه قضى الليل كله في الصلاة. فلا ننتظر إجابة صلواتنا بداعي طولها وكثرة كلامها، لأنه مهما كانت جيدة بذاتها ان قُدمت بلا فكر وبلا شوق فليست إلا تكريراً باطلاً. الخطأ هو التكرار الباطل المحفوظ بلا تفكير وبلا تأمل وبلا إحصاص أو شعور ، أي الكلمات التي تقال تكراراً وبلا فكر. فيجوز لنا أن نكرر طلباتنا فى مذلة وإستعطاف إن فعلنا ذلك من غيرتنا في الصلاة ولجاجتنا بالاحترام. ومثال ذلك في صلاة المسيح في جثسيماني وصلاة الأرملة  (لو 19: 1- 8) ( والكنيسة لأجل بطرس (أعمال 12: 5)

أولا : التفسير الروحى/  الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

اي لا تصلوا طمعاً في غنى او رفعة دنيوية او انتقام . ويسمي كثرة الكلام للصلاة التي تكون بافكار مشتتة .

تفسير (متى 6: 8): فلا تتشبهوا بهم . لان اباكم يعلم ما تحتاجون اليه قبل ان تسألوه .

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) "فَلاَ تَتَشَبَّهُوا بِهِمْ" لا تتشبهوا بهم يعنى كل من يكرر الكلام فى الصلاة باطلا سواء من قادة اليهود أو من الأمم الوثنية لأن تكرار الكلمات في الصلاة عادة وثنية مبنية على أوهام. والإقتداء بالتلاميذ والرسل الذين إقتدوا بالمسيح وتشبهوا به  واضح وفي كلام بولس الرسول إلى الكورنثيين يقول: “أريد أن أنصحكم نصيحتي لأبنائي الأحباء. فقد يكون لكم ألوف الحراس في المسيح، ولكن ليس لكم عدة آباء، لأني أنا الذي ولدكم بالبشارة، في المسيح يسوع، فأحثكم إذا أن تقتدوا بي” 1 كور 4، 14 – 16). .. المسيحى يجب أن يتمثل بالمسيح فعلا وليس إسما وقد أشار بهذا بولس الرسول فى رسالته إلى أهل غلاطية،: “يا بني، أنتم الذين أتمخض بهم مرة أخرى حتى يصور فيهم المسيح” (غلا 4، 19).
2) "لأَنَّ أَبَاكُمْ" يذكرهم المسيح بعلاقتهم البنوية بـ الرب  فهويتعامل معهم كوالد، لأنه «كما يترأف الآب على البنين يترأف الرب على خائفيه» (مزمور103: 12). وقد إنتقل هذا المفهوم فى العلاقة بين التلاميذ والمؤمنين  بالمسيح من اليهود والتلاميذ وصورة الأبوة والبنوة والأمومة نراها واضحة فى رسائل بولس   وكان بولس  لا يعتبر البشارة والتنشئة المسيحية دعاية تهدف إلى جمع المناصرين، بل عملية إنجاب يلد فيها الرسول المؤمنين إلى حياة الإيمان.“من بولس رسول المسيح يسوع بمشيئة الله، وفقا للوعد بالحياة التي هي في المسيح يسوع، إلى طيموتاوس ابني الحبيب. عليك النعمة والرحمة والسلام من لدن الله الآب والمسيح يسوع ربنا” (2 تيم 1، 1 – 2). ولا ينفك يتوجه إليه بتعبير “يا بني” (راجع 1 تيم 1، 18؛ 2 تيم 2، 1). وبالشكل عينه يتوجه إلى تيطس (راجع 1، 4). وفي الرسالة القصيرة إلى فيلمون، التي يطلب فيها من المسيحي فيلمون أن يرأف بعبده أونيسمس الذي كان قد هرب في ما مضى، فيقول بولس: “…آثرت أن أسألك باسم المحبة سؤال بولس الشيخ الكبير الذي هو الآن مع ذلك سجين يسوع المسيح. أسألك في أمر ابني الذي ولدته في القيود، أونيسمس الذي كان بالأمس غير نافع لك، وأما الآن فلي ولك صار نافعا. أرده إليك، وهو قلبي” (فيل 9 – 12).
وهذه كلمات مؤثرة يستعملها بولس في وصف أونيسمس: “ابني الذي ولدته في القيود”، و “هو قلبي”. يتحدث بولس عن أونيسمس الذي ارتد إلى الإيمان على يده بتعابير الولادة والمخاض التي رأيناها سابقًا، ويعتبره كما يعتبر المرء عادة أبناءه، فلذة أكباده، وقلبه.
هذه الولادة لا تحتل مكان أبوة الله بل هي ثمرة الإيمان، بحيث يضحي من يلد أبًا في الآب. يقول بولس في هذا الصدد: “أجثو على ركبتي للآب الذي منه تستمد كل أبوة اسمها في السماء والأرض” (أف 3، 15). الرسول ليس أبًا بفضل ذاته، بل بفضل أبوة الله الآب التي منه تستمد أبوته في المسيح اسمها وجوهرها وديناميتها.
3) "َيعْلَمُ " بلا شك أن الرب يعلم إحتياجاتنا فالرب هو أبونا السماوى وكما أن الأب فى الأرض يعلم إحتياجات أولاده من طعام وشراب وملبس وإحتياجات أخرى أفلا يعلم الرب السماوى أبونا إحتياجاتنا ويعتقد الوثنيين أن آلهتهم الوثنية قد تكون نائمة أو فى سفر ويعتقدون أنها  لا يعلم احتياجاتنا إلا بواسطة تكرار طلباتهم ولكن إله المسيحيين قوى ويعرف الغب والماضى والحاضر  وأنه «قَادِرُ أَنْ يَفْعَلَ فَوْقَ كُلِّ شَيْءٍ، أَكْثَرَ جِدًّا مِمَّا نَطْلُبُ أَوْ نَفْتَكِرُ» (أف 3: 20) .
4) "قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ "(مت 6: 33): لكن اطلبوا أولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم" إن الغاية من صلاتنا وتكرار طلباتنا إذا كانت غاية صلاتنا أن نخبره بما يجهله فهو يعرفها قبل أن نطلبها ، فلا حاجة إذا إلى تكرارها مرات عديدة لهذه الغاية. ولكن معرفة الله بها لا تغني عن الصلاة. لأن الشرط لنوال أكثر بركاتنا هو أن نطلبها. قال المسيح «إن أباكم يعلم احتياجاتكم قبل أن تصلوا» ولم يقل «انه يمنحكم ما تحتاجون إليه بدون أن تصلوا». فنصلي عبادةً لله، لا لنخبره بأشياء لأنه هو يعلم كل شيء.ولم يقصد المسيح هنا أن يعلمنا كل شيء يتعلق بالصلاة، لأن ذلك موضَّح في أماكن أخرى من الكتاب المقدس، وإنما قصد أن يحذرنا من التكرار الممل بدون وعى ولا فهم في الصلاة. فطلباتنا تظهر شعورنا باحتياجاتنا وثقتنا به، ولذلك يسرُّ الله بها (حزقيال ٣٦: ٣٧) وهي تؤهلنا لقبول البركة، فبناءً عليه هي لائقة بالله ولازمة لنا. ولنا أدلة على أنها شرط لنوال البركة (انظر متّى ١٨: ١٩ و٢١: ٢٢ ولوقا ١١: ١٣ ويوحنا ١٤: ١٣ وعبرانيين ٤: ١٦).

 

أولا : التفسير الروحى/  الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

اي لا تتشبهوا بالحنفاء والمرآءين . “ وقوله ان اباكم عالم “ اي وان كان عالماً قبل ان تسألوه بحاجتكم . لكنه يعلمنا ان نصلي كي نزداد تقريباً اليه .

تفسير انجيل متى - الاصحاح السادس

 الصلاة الربانية (متى 6: 9- 15)

الصلاة الربانية

تفسير (متى 6: 9): فصلوا انتم هكذا : ابانا الذي في السموات ، ليتقدس اسمك .

   

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

في  الأعداد السابقة حدد الرب يسوع كل الأمور المتعلقة بالصلاة وحدد ثلاثة أمور هي: 1- مكان الصلاة (ع5،6) 2- كيفية الصلاة (ع7،8 ) 3- محتويات الصلاة (ع9-13) ثم تذييل عن الصلاة (ع14،15)وحدد لنا حدودا بــ : أين؟ وكيف؟ وماذا نصلى *

 

1) " فَصَلُّوا أَنْتُمْ هٰكَذَا" وردت الصلاة الربانية فى إنجيل لوقا وذلك عندما  رأى التلاميذ يسوع يصلى فإشتاقوا أن يقلدوه  فى صلاته فقالوا له يارب علمنا ان نصلى (لو 11: 2) :" واذ كان يصلي في موضع لما فرغ قال واحد من تلاميذه: «يا رب علمنا ان نصلي كما علم يوحنا ايضا تلاميذه». 2 فقال لهم: «متى صليتم فقولوا: ابانا الذي في السماوات ليتقدس اسمك " الخ  وفى هذه الصلاة وضع يسوع الحجر الأساسى الذى بنى عليه المسيحية فى الصلة بين المسيحى والرب ميتعدا عن الصلاة المكررة التى يطيل فيها الفريسيين والوثنيين صلاة تطلب طلباتهم ويكرررون الجمل فى صلاتهم بدون علاقة روحية قوية من الرب 

وتتكون هذه الصلاة من عشرة أجزاء. الجزء الأول هو استهلال الصلاة، يليه سبعة طلبات، فالطلبات الثلاثة الأولى تختص بالله، باسمه وملكوته ومشيئته.  واالأربعة الأخيرة بما نحتاج إليه نحن من الخبز اليومي، ومغفرة الخطايا، والحماية من التجربة والشر.وتاسعاً يأتي ختام الصلاة ثم الجزء العاشر وهو وخاتمة بكلمة «آمين».

أولاً: استهلال الصلاة«أبانا الذي  في  السماوات »
2) " أَبَانَا "   قدَّم لنا يسوع مثالاً للصلاة مختصراً بسيطاً شاملاً موافقاً بدء ملكوته الجديد، ولهذا لم يذكر فيه نفسه أو عمله الخاص. ولكن أضافت الكنائس الرسولية التقليدية  عبارة "بالمسيح يسوع ربنا آمين" لتقال فى نهاية الصلاة الرانية ويجب أن نعتبر «الصلاة الربانية» نموذجاً في تقديم صلواتنا، لأن الصلاة هى صلة هى حديث بين العبد والإله لهذا تقدم الصلاة بإسم "ابانا" وهو إلهنا وهو خالقنا لأنه هو بداية قليلة للصلة التى بيننا وبين الرب ومما لا شك فيه أن هذه الصلاة هى التى علمنا إياها يسوع فلا بد أن نستعملها دائما بفهم وتأنى وشعور عندما نقول مثلا كلمة " أبانا "  في كل الأحوال والأوقات. ما هو مدلول ومعنى هذه الكلمة عندما نقولها بفهم ووعى وعمق وهناك عدةناع من الصلوات ولكن الصلاة الربانية هى الأساس  لأنها تبدأ بعبارة أبانا .. ويعتقد أن هذه الصلاة هى صلاه جماعية جمهورية  لأنها تبدأ بصيغة الجمع "أبانا" والمسيح علمها لتلاميذة كلهم ليقولوها جميعهم ولكن إذا كانت هذه اللصلاة محبوبة فيمكن أن تقال بصيغة الفرد بتغيير كلمة "أبانا " بطلمة أ"أبى" أو أبويا"   وهناك تفسير ثانى أخرى منها من قوله «أبانا» لا «أبي» نستنتج أنه يجب علينا أن نذكر غيرنا في صلواتنا، سواء صلينا معهم أم كنا منفردين. ويعلمنا أيضاً علاقتنا بإخوتنا المؤمنين، فنحن وإياهم أعضاء متحدون في المسيح، نكوِّن جسداً واحداً وعائلة واحدة. ويجب على كل مؤمن أن يشارك الكل في الأحزان والأفراح. وتفسير ثالث يقول أن المسيحى عندما يصلى منفردا الصلاة الربانية بقوله "ابانا" فى شك أن هناك مسيحيين آخرين يصلون فى نفس الوقت لكلم’ ابانا فكلمة ابانا هى شركة أبناء الرب فى اب واحد هو الرب

أعطانا الرب يسوع نموذج  الصلاة هذه علامة لاستجابته لها، لأن الملك الذي يعطي رعاياه صورة ما يقبله يُظهر بذلك استعداده لإجابة ما يلتمسون بها.

وكلمة أبانا هى الكلمة التى يحب الرب سماعها وتعطينا ثقه وعلاقة حب بيننا وبين الرب فهو وحده يجب أن تكون له الصلاة، وبأي علاقة نقترب إليه وفى عتاب قاسى يذكر فيه الرب لبنى إسرائيل بعلاقته فهم لم يصلوا معه إلى درجة العبد ولا إلى درجة البنوة  (ملا 1: 6) الابن يكرم اباه والعبد يكرم سيده.فان كنت انا ابا فاين كرامتي وان كنت سيدا فاين هيبتي قال لكم رب الجنود ايها الكهنة المحتقرون اسمي.وتقولون بما احتقرنا اسمك.". وقد تسمى الله بهذا الاسم في العهد القديم (أش 1: 2) اسمعي ايتها السموات واصغي ايتها الارض لان الرب يتكلم.ربيت بنين ونشاتهم.اما هم فعصوا علي. (إش 63: 13)  فانك انت ابونا وان لم يعرفنا ابراهيم وان لم يدرنا اسرائيل انت يا رب ابونا ولينا منذ الابد اسمك"  كان تسمية العلاقة بين الإنسان والرب بـ الأبوة والبنوة لم تكن واضحة تماما فى العهد القديم وظهر كحقيقة جلية واضحة مثبته بالدليل أن يسوع الكلمة هو إبن الرب والمسيح يمثل البشرية وهو أخ للجميع  وهو بكر كل خليقة (كو 1: 15) وبكر من الأموات (كو 1: 18) الذي هو البداءة، بكر من الاموات، لكي يكون هو متقدما في كل شيء." ونحن أخوة بالتبنى  فالرب أبٌ لجميع الناس، بمعنى أنه خالقهم وحافظهم ينعم عليهم ويريد خيرهم، لكنه أب روحي بمعنى خاص للمؤمنين الذين دخلوا في البنوة له بواسطة إيمانهم (كو 1: 20- 22)  .. فمحبته لهم محبة خاصة (رو 8: 14) لان كل الذين ينقادون بروح الله، فاولئك هم ابناء الله. (غلا 3: 16) واما المواعيد فقيلت في ابراهيم وفي نسله. لا يقول:«وفي الانسال» كانه عن كثيرين، بل كانه عن واحد:«وفي نسلك» الذي هو المسيح." (1يو 3: 1) انظروا اية محبة اعطانا الاب حتى ندعى اولاد الله! من اجل هذا لا يعرفنا العالم، لانه لا يعرفه.

في  موعظة الجبل وحدها أشار المسيح إلى اسم الآب 17 مرة (رقم النعمة  في  الكتاب المقدس ). في  العهد القديم دعا الرب بنى أسرائيل بلقب " ابناء الله" ولكن لم يجرؤ أحد أن ينادى الرب بلقب "ألاب" وكان المؤمنون يخاطبونه باعتباره المولى (تك18: 27، 30،31،32)، وباعتباره «رب الجنود» (1صم1: 11)، وباعتباره «الرب إله السماء» (نح1: 5)... أما التعبير «أبانا» فلم يستخدمه أحد حتى جاء المسيح وأعلن اسم الآب لنا كقوله «أنا أظهرت اسمك للناس الذين أعطيتني... وعرفتهم اسمك وسأعرفهم» (يو17: 6، 26)
3) " ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمَاوَاتِ "إذ نخاطب الرب أبانا من أرضنا إلى علوه فى السماء ومن فقرنا إلى غناه ، فإننا نعرف أنه يسكن السماء «إن إلهنا  في  السماء. كلما شاء صنع» (مز115: 3) ولهذا فإننا نرفع عيوننا نحو السماء حيث الله ساكن؛ من حيث تأتى البركة، ومن حيث يأتي العون.  السماء حيث الرب ومعه يسكن الملائكة والقديسين هناك  يُظهر حضوره ومجده بأكثر وضوح. وكنيته «أبانا» تقربنا إليه تعلنا لا نحتاج إلى وسطاء بيننا وبينه وتحقق لنا عنايته ومحبته.

وقوله «في السماوات» يرقي شأنه في أفكارنا ونترك بالصلاة أرضنا ونسبح فى أعماق السماء حيث يوحج من نتكلم معه  إنه بلا شك يوجد فرق عظيم بين الأبوة الإلهية والأبوة البشرية، الرب ليس والد أرضي ضعيف ومحتاج د لا يستطيع إتلبية إحتياجات أولادة فى بعض الأحيان . وعبارة فى السماء تصرف أفكارنا عن الدنيا والأمور الأرضية في الصلاة إلى السماء، ويذكرنا أن هناك أبانا ووطننا وميراثنا.
 الكتاب المقدس يعلمنا أن الرب في كل مكان، وأنه يملأ الكون ويصف صاحب المزمير  (مز 139: 7- 12) انت عرفت جلوسي وقيامي.فهمت فكري من بعيد 3 مسلكي ومربضي ذريت وكل طرقي عرفت. 4 لانه ليس كلمة في لساني الا وانت يا رب عرفتها كلها. 5 من خلف ومن قدام حاصرتني وجعلت علي يدك. 6 عجيبة هذه المعرفة فوقي ارتفعت لا استطيعها. 7 اين اذهب من روحك ومن وجهك اين اهرب. 8 ان صعدت الى السموات فانت هناك.وان فرشت في الهاوية فها انت. 9 ان اخذت جناحي الصبح وسكنت في اقاصي البحر 10 فهناك ايضا تهديني يدك وتمسكني يمينك. 11 فقلت انما الظلمة تغشاني.فالليل يضيء حولي. " الرب يعبر الزمان من الماضى للحاضر للمستقبل أو بالعكس واليوم عنده كألف سنة وألف سنة كيوم الزمن محدد فى المجموعة الشمسية بالليل والنهار والرب لا يتعامل بهذا العامل الزمن المحدود ولكنه يتعامل معنا داخل هذا الزمن  ويوجد فى كل مكان  وتعبير السماء كرسى الرب والأرض موطئ قدمية يعطينا فكرة أنه يملآ الكون (أر 23: 24)  يقول الرب.اما املا انا السموات والارض يقول الرب.

ومع ذلك يعبر عنه كملك عظيم كرسي مجده في السماء، وذلك ليبيِّنه إلهاً حقيقي الوجود. ووصف الله بالآب يختلف مع أفكار الوثنيين الذين آلهتهم مصنوعة من الخشب والحجر وموضوعة أمامهم، ويختلف مع أفكار الباطنيين القائلين إن الله مجرد روح الكون.
4) "لِيَتَقَدَّسِ" هذه هي الطلبة الأولى، ومعناها ليُعتبر قدوساً، ويعرفه الجميع موقراً ومرتفعاً فوق كل خلائقه.
وبدء هذه الصلاة (التي هي نموذج وبداية كل صلواتنا) بتمجيد الرب  يعلمنا أن ذلك هو الغاية العظيمة التي يجب أن نبدأ بها حديثنا معه أولاً في صلواتنا، لأن كل ما يختص بنا ثانوي لأنه لنطلب ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لنا . ولكننا في وقت الضعف والاحتياج نسرع إلى الطلبات الشخصية أولاً
5) " ٱسْمُكَ" رأى بعض المفسرين هذا إشارة إلى مجرد اسمه «يهوه» الدال على كونه أزلياً واجب الوجود، وأنه قد بالمسيح دخل في عهدٍ دم مع الإنسان. وفهم آخرون بالاسم كل ما يعلن به الرب ذاته. وقال آخرون إن معناه الذات الإلهية  أو صفاته كما هي معلومة عندنا بواسطة خليقته وكلامه. ومهما كان معناه فهو يتمجد على الأرض إلا بواسطة المسيح.
وفي هذه الصلاة  نسأل أن يعرف الناس في كل مكان الإله الحقيقي، وكل صفاته المجيدة، ويعبدوه  ويمجدوه . وهذا كان هدف صلوات المسيح بدليل قوله «أَيُّهَا الآبُ مَجِّدِ اسْمَكَ!. فَجَاءَ صَوْتٌ مِنَ السَّمَاءِ: مَجَّدْتُ، وَأُمَجِّدُ أَيْضًا!» (يوحنا ١٢: ٢٨). ويمكننا أن نقدس اسم الله بقلوبنا وشفاهنا وتصرفنا.

 

أولا : التفسير الروحى/  الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

  اي لا تصلوا كالحنفاء والمرآين لكن كما اعلمكم . بل فالصلاة هي ارتفاع العقل الى الله وتقديم النذور له تعالى كقول داود نذوري اوفي وما قد خرج من شفتي . ثم ان الطلبة هي قربان لله بعد تكميل الوعد . فاذاً يجب ان نكمل الصلاة اولاً ثم نقدم الطلبة . فالصلاة تكون على نوعين : الاول ، لفظية كصلاة حنة . والنوع الثاني ، عقلية كصلاة فينحاس . اما سيدنا قد اراد النوع الاخير منها

( ابانا الذي في السموات ) والآب يأتي على معاني كثيرة اب بعيد كآدم الذي هو اب كلنا واب قريب كابراهيم ابي اسحاق . آباء عرضيون كمعلم الاولاد ورجل شيخ ورؤساء الكهنة . والمعلمون الثلثمائة وثمانة عشر فهؤلاء يدعون آباء . والشيطان هو كذلك اب للذين يطيعونه . اما الله تعالى فلا يمكننا ان ندعوه اباً نوع من الانواع الا بواسطة العماد . لاننا مولودون نحن والمسيح من المعمودية . فصرنا له اخوة وبنين لابيه . كقول داود . اني ابشر باسمك اخوتي واعطاهم السلطان ان يصيروا بني الله . ويدعون الاب اباً لهم فالمسيح هو ابن طبيعي لابيه . ونحن بنو النعمة غير انه لا يستحق احد ان يدعو الله اباه . الا ذلك الذي هو كامل في الاعمال الصالحة اما من كانت اعماله نجسة شريرة فالشيطان هو ابوه لانه يكمل ارادته . ثم انه علمنا ان ندعو ابانا بصيغة الجمع لا ابي ليدل على اننا جميعنا جسم واحد كما ان ابانا السماوي هو واحد . فبقوله انا قد ابطل الكبرياء واعلن ان الملوك والسلاطين والمساكين هم في الجنس واحد “ وقوله في السموات “ لا يفيد ان الله هو في السماء فقط لكن ليجذب عقل الذي يصلي من الارض الى السماء لكي يطلب ما هو فوق ، وكذلك ليتميز من الآباء الموجودين في الارض . ويعرف انه في السماء مسكنه .

( يتقدس اسمك ) يعني اذا تذكرنا بالقداسة . فيتقدس ويتمجد اسم الله . وفي الوقت عينه نقدس شفاهنا وافواهنا باسمه لانه قدوس قبل ان ندعوه . وقوله ليتقدس اي يتمجد اسمك يا قدوس . وقدوس هو اسم عبراني معناه التمييز والفرق . لان كل شيء يمتاز عن غيره سواء كان في الحسن والجمال او الغنى او غير ذلك يسميه بالعبراني قدوسا كقوله ان القديسين الذين في الارض والممجدين اسمك . وهذا نص الكتاب . مجدوا اسم قدسه . وان يعلموا ان اسمك يارب وحدك قدوس  

تفسير (متى 6: 10) : ليأت ملكوتك لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الارض .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) " لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ "هذه الطلبة الثانية. وإسلاميا معنى  الملكوت هو المُلْك، والمالك المَلِك هو الرب . وأما مصطلح "ملكوت الله" بحسب ابن منظور في لسان العرب، فقد قال: ومُلك الله وملكوته: أي سلطانه وعظمته، وكلمة ملكوت صيغة مبالغة من مُلك. أمّا أصل الكلمة عبريّاً هي "مالكوت"، وفي الآراميّة "مالْكوتا" (السكون على اللام)، وتعنيان: "سلطان الله الشامل وحكمه السائد الضّابط لكلّ خليقته منذ الأزل وإلى الأبد.  وتفسير الفخر الرازي: ملكوت الله عبارة عن ملك السماء، والملك عبارة عن القدرة. وقدرة الله لا ترى إنّما تعرف بالفعل، أي إنّ ملكوت السموات هو الأمجاد السماويّة التي لا تراها العين ولا تخطر على قلب البشر إلّا إذا كشف لهم الله عن ذلك.

فى اليهودية  كان اليهود ينتظرون الملكوت حتى  في  أيام المسيح (لو19: 11، أع1: 6)، وهذا مع ما أعلنه المعمدان ثم المسيح من بعده «توبوا لأنه قد اقترب ملكوت السماوات» (مت3: 2، 4: 17). وما كان التلاميذ يومها يعرفون شيئا عن صعود المسيح إلى السماء ووعده بالمجيء ثانية لأخذنا إليه كيما نكون كل حين مع الرب (1تس4: 15-17). وكما كان اليهود ينتظرون الملكوت  أيام تجسد المسيح، سيكون هو أيضاً موضوع انتظار البقية التقية بعد اختطاف الكنيسة، عندما يعود الرب ليتعامل مع شعبه الأرضي، وعندما تعود من جديد الكرازة ببشارة الملكوت (مت24: 14). إن البقية الأمينة من هذا الشعب عندما ترى رجسـة الخراب التي تكلم عنها دانيال النبي  في  المكان المقدس، وعندما يُصلون لكي لا يكون هربهم  في  شتاء ولا  في  سبت (مت24: 20)، ساعتها سيصلون هذه الصلاة «ليأت ملكوتك» لأنها ستناسبهم تماماً  في  ذلك الوقت. هذه الطلبة التي تناسبنا الآن هى إشتياق كل مسيحى أن يردد ما ذكر فى ورد  في  آخر سفر الرؤيا «آمين تعال أيها الرب يسوع» (رؤ22: 20).
ويعنى الملكوت فى المسيحية  حياة التقوى في القلب (مت 6: 33) والنظام الذي أتى المسيح لينظمه (مت 4: 17 و13: 11 واع 1: 3) وتفضل شعب الله حسب اختيار الرب (مت 21: 43) ومجد المسيح وتسلطه (مت 16: 28) وسلطان الله على الكل (مت 6: 10) والحالة السماوية (مت 8: 11 و2 بط 1: 11). ملكوت الله | ملكوت السموات | ملكوت السماء | ملكوت ربنا إذا هو ملكوت روحي،  قائم بالفعل من بدء الخليقة بدون توقف، ولا يحتاج منا أن نطلبه. فحتى في أشد الأيام ظلاماً وظلماً قال دانيال إن «العلى متسلط في مملكة الناس» وأيضا «السماء سلطان»، بل واعترف نبوخذ نصر نفسه أن «العلى.. الحي إلى أبد الآبدين.. سلطانه سلطان أبدى وملكوته إلى دور فدور» (دا4: 25،26، 34). نعـم إنه هو «ملك الدهور الذي لا يفنى ولا يُرى» (1تى 1: 17).المكان الذى يتواجد فيه المسيح سواء فى قلوب المؤمنين به أو فى الآخرة بعد الموت أي أن يملك الرب على كل قلب وفكر وإرادة، ملكوتًا روحيًا. وهو مصطلح لاهوتي ومفهوم أساسي من مفاهيم المسيحية. ملكوت السماوات ليس للمتع الحسية الجنسية بل للمتع الروحية فقط. وهو عالم روحي حيث يسود الله كملك، وهو نطاق سلطان الرب على الوجود بأكمله، أي الله الملك ذو السلطة السيادية الكامة.
2) " لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ " الطلبة الثالثة يفسرها كتاب أبانا الذي في السموات | الصلاة الربانية لقداسة البابا شنودة الثالث] " إنها طلبة تعني حياة التسليم للمشيئة الإلهية. أي أننا لا نفرض علي الله وضعًا معينًا نحيا فيه. بل ما يريده الله لنا، هو ما نرضاه ونقبله. وفي حياة الإيمان بالله كصانع للخيرات، نفرح بما يشاءه لنا، حتى لو كان عكس ما نرغب. بل نقول له: "لتكن لا مشيئتي بل مشيئتك" "ليس كما أريد أنا، بل كما تريد أنت" (مت 26: 39) أنت يا رب تعرف الخير النافع لي، أكثر مما أعرف أنا. وأنت تريد لي الخير أكثر مما أريد أنا لنفسي. لذلك فأنا أسلم حياتي بين يديك، تفعل بها كما تشاء، وأكون سعيدًا بذلك لا أقول "لتكن مشيئتك" عن تَغَصُّب، وإنما عن اقتناع."

وفى هذه الطلبة نعلن للرب خضوعنا التام لمشيئته وميل نفوسنا إلى تنفيذ مشيئته لا مشيئتنا. مشيئته المعلنة في أوامره  ووصاياه وتعاليمه 
وفي هذه الطلبة نسأل  الرب ان يعين ضعفاتنا نحن وجميع الناس وأن نعمل كل ما يريده ويأمر به، وأن الجميع يعرفون تلك المشيئة ويقبلونها ويطيعونها بلا ريب أو تذمر. وعندما يرفع المسيحيون أيديهم بهذه الطلبة فإنهم يكونون عل يقين أن مشيئته عادلة ومحبة وهى الأفضل لهم . فلتكن إذا مشيئة هى التى تكون ، لا مشيئة الشيطان (يوحنا ٨: ٤٤) ولا مشيئة الناس (١بطرس ٤: ٢).
3) "كَمَا فِي ٱلسَّمَاء "  مشيئته فى السماء سارية عند سكان السماء الملائكة الأطهار. فإذا كان رجاؤنا فى تميم مشيئته التى تطبق فى السماء صارت الأرض كالسماء. ونحن نتعاهد مع الرب فى هذه العبارة أن يجب أن لا نكتفي بأن نتمم واجباتنا كما يتممها بقية الناس، بل أن نتممها كل التتميم كطاعة الملائكة في السماء، بالطاعة السريعة والسرور.
4) "كَذٰلِكَ عَلَى ٱلأَرْض" أي عند سكان الأرض،كما أن الرب يملك مملكة السماء الروحية ومشيئته هى التى تحكمها فنحن من أتباع هذه المملكة أيضا وتسير علينا قوانينها  بترك الخطية ونصير قديسيين أبرارا، فى طاعة كاملة لأوامر الرب بنفي الظلم والسرقة والكذب والقتل والسكر والنجاسة ومحبة الذات والبغض، وإدخال البر والسلام والحق والرحمة والمحبة إليها.

 

أولا : التفسير الروحى/  الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

( ليات ملكوتك ) اي لتنجينا من الشرير لان الملكوت يأتي على معان كثيرة كما مر بك قبل والعالم المزمع الذي نكون فيه عديمين الموت يدعى ملكوتاً وكذلك الزمان الذي بعد قيامة السيد المسيح كقوله لا اشرب من عصير هذه الكرمة حتى اشربه جديداً في الملكوت . ثم البشارة والامثال الروحية ، كقوله تشبه ملكوت السماء خميراً . وظهور الثالوث ، كقوله ان ملكوت السماء لا تأتي بالانتظار . وملكوت السماء هي داخلكم وهنا يسمي نعمة الروح القدس التي اخذناها في المعمودية ملكوتاً . وبقوله ” لتكن مشيئتك ” يعلمنا ان نطلب منه لنعمل اعمالاً فاضلة عفيفة وان تكون مشيئته منا نحن المساكين على الارض ان نمجده ( كما في السماء ) اي كما ان مشيئته في السماء هي نافذة عند الملائكة كلك تكون على الارض عندنا  

تفسير (متى 6: 11) : خبزنا كفافنا اعطنا اليوم .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
1) "خُبْزَنَا كَفَافَنَا " هذا هي الطلبة الرابعة، وهي بدء القسم الثاني الذي فيه نطلب طلبات لحياتنا الأرضية والروحية .واضح أن الرب يسوع  لم يكن يقصد بهذه الطلبة القوت الروحي، لكن كان يقصد القوت الجسدي لا الروحي. فالقوت الروحي لا يصح أن يكتفي منه بالكفاف. والمقصود بالخبز سد احتياجاتنا الجسدية، لأن الخبز قوام الحياة. «بخبزنا كفافنا» أى ما يكفينا لأجل قوت أجسادنا. ولو كان القصد من الطلبة الخبز الروحاني لأُضيف إليها كل ما يدل على ذلك (كما في يوحنا 6: 27- 57) أسماه  «خبز السماء» و «الخبز الحقيقي» و «خبز الحياة». ولكن ذكر احتياجات أجسادنا يقودنا طبعاً إلى أن نفتكر باحتياجات نفوسنا أيضاً ونصلي لأجلها. ويجب ألا تكون هذه الطلبة شرطا لإيماننا كما فعل اليهود (يو 6: 30) قالوا له:«فاية اية تصنع لنرى ونؤمن بك؟ ماذا تعمل؟ 31 اباؤنا اكلوا المن في البرية، كما هو مكتوب: انه اعطاهم خبزا من السماء لياكلوا». لئلا يوبخنا يسوع مثلما فعل مع اليهود الذين يطلبونه لأنهم أكلوا من معجزة الخمس خبزات والسمكتين (يو 6: 26)  اجابهم يسوع وقال:«الحق الحق اقول لكم: انتم تطلبونني ليس لانكم رايتم ايات، بل لانكم اكلتم من الخبز فشبعتم "

 والخبز مكون أساسى من مكونات المائدة  التي يتألف منها طعامنا، والطلبة تعنى  أن نطلب كفافنا من الخيرات الجسدية، أي الضروري لنا. ولا نهتم بلذات الجسد وفخر هذه الحياة (1تيم 6: 8) فإن كان لنا قوت وكسوة فلنكتفِ بهما.
وفي تقديم هذه الطلبة إقرار باتكالنا علىالرب في كل شيء، فهو يجعل تعبنا فى الحياة على الأرض وفى بعض التفسيرات يتجاوز بعض المفسرين المعنى البسيط لكلمة خبز إلى المعنى الشامل لكل متطلباتنا فى الحياة  لإعانتنا، ويعطينا القوة والحكمة والصحة التي بها نقدر أن نحصل على خيرات هذه الحياة ونتمتع بها.
2) " أَعْطِنَا ٱلْيَوْمَ" كما أعطيت شعبك بنى إسرائيل المن والسلوى يوميا أعطنا أيضا اليوم ونحن نعرف ما فعله بنى إسرائيل عندما كانوا يجمعون من المن أكثر من إحتياجاتهم فكان المن يفسد أعطنا يارب  بقدر ما نحتاج إليه يوماً بعد يوم، مكتفين بالقوت اليومي، متكلين عليه تاركين المستقبل في يده .  كان الـرب  يعطى لإيليا الطعام يوماً فيوماً، سواء عند نهر كريث أو عند أرملة صرفة صيدا. لم يكن يعطيه ما يختزنه للغد، وهكذا فإن البقية ستطلب الخبز من الرب يوماً فيوماً. إن الرب في تلك الأيام هو الذي سيسدد احتياجاتهم كقول الكتاب عن المرأة التي سيضطهدها التنين إنها «هربت إلى البرية حيث لها موضع من الله لكي يعولها هناك ألفا ومئتين وستين يوما» (رؤ12: 6). فعلينا أن نصلي كل يوم شاعرين على الدوام باحتياجنا إلى الرب وبالشكر له،  كل بركاتك  كأنها من يده ليدنا، إنها كالمن الذي سقط من السماء كل يوم. وهذه الطلبة طلبة العطاء المحدودة بالكفاف تصرف إنتباهنا عن الاهتمام الزائد بالمستقبل واشتهاء الترف لأنه لا يمنحه الرب لنا. نعم سيستمع إلى كل طلبة أينما كنا وأيما كانت . وسيستجيب مهما بدا الأمر مستحيلاً، طالما كان ذلك بحسب مشيئته (1يو5: 14). لقد صلى يونان من جوف الحوت، فقذفه الحوت إلى البر (يون1،2). وصلى الملك حزقيا في مرضه فشفاه الله من موت محقق (إش38). وصلى دانيال النبي في الأسر فأتاه جبرائيل الملاك بأخبار السماء (دا9). وصلى نحميا وهو واقف قدام الملك فأعطاه الرب نعمة في عينيه (نح2) وصلى زكريا أبو يوحنا المعمدان طالباً زرع بشر فأعطاه الله أعظم المولودين من النساء (لو1) وصلت الكنيسة في بيت مريم لأجل بطرس ففتح الرب أبواب السجن وأنقذ بطرس من كل انتظار شعب اليهود (أع12) وصلى بولس وسيلا وهما في سجن فيلبى فانفتحت الأبواب وانفكت القيود وخلص السجان وجاء الفرج (أع16).
لكن مهما كانت مجازاة الرب الآن للذين يطلبونه فإن المجازاة العظمى على الصلاة لن تكون هنا، بل هناك  فى السماء عندما نقف أمام كرسي المسيح. وسنعرف قيمة تلك الخيرات الثمينة التي أعطاها الرب لكل شعبه رجالاً ونساءً لكي يمارسوها. وما أمجد المكافآت من الرب لهذه الخدمة السرية التي لم يكن هدفها قط استجلاب رضى الناس واستحسانهم، ولا نوال مجدهم وثنائهم.

 

أولا : التفسير الروحى/  الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

ان تعالى قد حصر بالخبز جميع احتياجات الجسد كالاكل والشرب والكسوة والبيت . فهذه كلها لازمة للجسد . وقوله ” اليوم ” اراد الزمان الحاضر .

تفسير (متى 6: 12) : واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن ايضاً للمذنبين الينا .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) "َٱغْفِرْ " هذه هي الطلبة الخامسة فى الصلاة الربانية ، وهي طلبة من أعظم  البركات الروحية. فإذا كانت دماء الرب يسوع سفكت من أجل غفران خطيانا فبالأولى أن نغفر لمن أساء إلينا بدون سفك دم  هذه الطلبة هى مغفرة إزالة الخطية من قلب المسيء وقلب المُساء إليه. والغفران وصية أعلنها يسوع لبطرس (مت 18: 21) "حينئذ تقدم اليه بطرس وقال: «يا رب كم مرة يخطئ الي اخي وانا اغفر له؟ هل الى سبع مرات؟» 22 قال له يسوع: «لا اقول لك الى سبع مرات بل الى سبعين مرة سبع مرات.  " وكان بطرس نتيجة لتسرعه وإندفاعة يخطئ وقد سامحة الرب وقال له (لوقا 22: 31) "وقال الرب: «سمعان، سمعان، هوذا الشيطان طلبكم لكي يغربلكم كالحنطة!"

والرمز لذلك في العهد القديم إطلاق تيس عزازيل في البرية (لا 16: 21 و 22)  كلمة عزازيل تحمل معنى العزل. وهنا تشير ذبيحة تيس عزازيل الى عزل خطايا الناس عنهم بعيداً حيث لا يراهم احد فيما بعد إن ذبيحة واحدة من ذبائح العهد القديم لم تكن تكفى للإ لمام بذبيحة السيد المسيح وكل أغراضها... فذبيحة الفصح كانت تشير الى الخلاص بالدم (خر12) والمحرقة كانت ترمز الى إرضاء قلب الله، فكانت " رائحة سرورللرب " (لا13,9: 1). وأما ذبيحتا الخطية والاثم فكانتا ترمزان الى حمل خطايانا والموت عنها وغفرانها (لا5,4) أما ذبيحة تيس عزازيل, فكانت تشير إلى عزل خطايانا عنها كما يقول الرب "لانى أصفح عن إثمهم, ولا أذكر خطيتهم بعد" (ار14: 31) وتفاصيل ذكرها (فى يوم الكفاره العظيم) هو كالآتى: كان هارون رئيس الكهنة يأخذ تيسين، ويلقى عليهما قرعة: أحدهما للرب والآخر لعزازيل. فالذى خرجت علية القرعة للرب، يقدمة ذبيحة خطية. أما الآخر فيرسلة حياَ إلى عزازيل إلى البرية " (لا 16: 7-10). " يقر علية بكل ذنوب بنى إسرائيل وكل سيئاتهم مع خطاياهم. ويرسله بيد من يلاقيه إلى البرية، ليحمل التيس علية كل ذنوبهم إلى أرض مقفرة. فيطلق التيس فى البرية " (لا 16: 21-22). يتركه فى البرية، فلا يراه أحد بعد,ولا يسمع عنه،كمثال للخطايا المغفورة. كما قيل فى المزمور "كبعد المشرق عن المغرب، أبعد عنا معاصينا" (مز12: 103). وكما قيل أيضاَ "طوبى لرجل لا يحسب له الرب خطية"(مز2: 34). وأيضاً "مصالحاً العالم لنفسه،غير حاسب لهم خطاياهم (2كو 19: 5). إشارة إلى أن تلك الخطايا قد نسيت،غفرت, لم تعد محسوبة علينا،عزلت عنا بعيداً فى البرية (فى عزازيل).
2) كَمَا نَغْفِرُ نَحْنُ الخ " لا على قدر ما نغفر، ولكن على مثال ما فعله الرب معنا وليس لأن مغفرتنا للآخرين تجعلنا مستحقي المغفرة من الرب بل لأن إرادته أن الذين يلتمسونها يجب أن يكونوا مستعدين أن يمنحوها.  ومغفرتنا لمن أساءوا إلينا لا ترفع خطيتهم عنهم ولكنها تزيل من قلوبنا الغضب والحقد وروح الانتقام منهم، وتبعدنا عن أن نعاقبهم.
كيف نطلب لذواتنا الغفران ما نرفض أن نمنحه غيرنا؟  ولا سيما حين تكون خطايانا إلى الرب أعظم جداً من كل الخطايا التي يمكن الناس أن يخطئوا بها إلينا. فيجب علينا أن نرحم إخوتنا الذين أغاظونا كما نريد أن يرحمنا الرب ونحن خاطئون إليه
.

 

أولا : التفسير الروحى/  الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

فقد قابل هنا الغفران بالغفران فوعدنا اذا غفرنا لمن هو مثلنا ما اقترفه الينا من الذنب فانه تعالى يغفر لنا كذلك اثمنا فمع انه اله ولا شبيه بين غفرانه وغفراننا قد وعدنا بغفران خطايانا فكم بالاوفر وجب علينا نحن عبيده ان نغفر زلات بعضنا .

تفسير (متى 6: 13) : ولا تدخلنا في تجربة ، لكن نجنا من الشرير . لان لك الملك والقوة والمجد الى الابد . آمين .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

هذه الطلبة السادسة، وهي طلبة الحماية من الخطية في المستقبل ومن نتائجها.
والطلبة الثالثة من الطلبات التى تخص إحتياجاتنا : »لا تدخلنا في تجربة"
1) "لاَ تُدْخِلْنَا " بعد شعور المسيحى بالذنوب التى إقترفها وطلب غفرانها فلا بد أنه كانت هناك أسباب أدت إلى سقوطه فى الخطية هنا يطلب النجاة منها فى المستقبل ويطلب من الرب أن يجنبه التجربة مرة أخرى وكان تحذير الرب يسوع لتلاميذه  قبل دخولهم بستان جسثيمانى (لو 22: 40) ولما صار الى المكان قال لهم: «صلوا لكي لا تدخلوا في تجربة».  وعندما وجدهم نياما كرر تحذيره فقال لهم :(مت 26: 41)  اسهروا وصلوا لئلا تدخلوا في تجربة. اما الروح فنشيط واما الجسد فضعيف»

، ولا تخلنا تعنى أعنا يارب ضعقاتنا ولا تسمح أن نقع في التجربة، أو لا تسمح أن يقودنا إليها الناس أو الشيطان فنبتعد عنك ، أو لا تسمج أن نتواجد فى مكان فرص للخطية أو مهيجات إليها فنسقط فيها ونبتعد عنك . وإذا حدث وسقطنا  كهذه فأعطنا نعمة لنقاوم التجربة ونغلبها. وإحفظنا أيضا يارب من ميول قلوبنا الشريرة التي تقودنا بالرغبة  للسقوط في التجربة ومن الفخاخ التي ينصبها إبليس ليصطاد بها نفوسنا.
2) " تَجْرِبَةٍ " هي امتحان أخلاقي للإنسان عندما يُعرض عليه أن يختار بين الخطية من جهة والطهارة والبر والقداسة وطاعة الوصايا وتاليم يسوع من جهة أخرى .

والكتاب المقدس ذكر نوعين من التجارب، (1) تجارب لامتحان إيماننا، يقول عنها الرسول يعقوب «احسبوه كل فرح يا إخوتي حينما تقعون في تجارب متنوعة» (يع 1: 2)  وهذا النوع من التجارب يعطيه الرب حسب إحتمال الشخص (1كو 10: 13) "  لم تصبكم تجربة الا بشرية. ولكن الله امين، الذي لا يدعكم تجربون فوق ما تستطيعون، بل سيجعل مع التجربة ايضا المنفذ، لتستطيعوا ان تحتملوا. " (2 بط : 9) يعلم الرب ان ينقذ الاتقياء من التجربة، ويحفظ الاثمة الى يوم الدين معاقبين، " ونقرأ عن المجازاة  فى سفر الرؤيا (رؤ 3: 10) لانك حفظت كلمة صبري، انا ايضا ساحفظك من ساعة التجربة العتيدة ان تاتي على العالم كله لتجرب الساكنين على الارض " (2) تجارب أخرى شـريرة، فليست مجرد مصائب وضيقات، بل مصائب تقترن بها فرصة وخطر الوقوع في الخطية. وقد تعني في لغة العامة «الإغراء بالخطية». ولكن ذلك مستحيلأن يدفعنا الرب للوقوع فيها  ويقول  عنها الرسول يعقوب «لا يقل أحد إذا جُرِّب إني أُجرَب من قبل الله، لأن الله غير مجرَّب بالشرور وهو لا يُجرِّب أحداً» (يع1: 13) ومن أجمل الآيات التى قالها يسوع طالبا من ألاب من أجلنا فيقول مصليا (يو 17: 15)  "لست اسال ان تاخذهم من العالم بل ان تحفظهم من الشرير "

فالفرق بين النوع الأول والثانى  هو الشهوه والخطيه التي يرفضها الرب تماما ويستخدمها الشيطان دائما فى تجاربه  والسؤال الذى يفرض نفسه : كيف يطلب المؤمن من الله أن لا يُدخله في تجربة؟ وفى نفس الوقت نفرح بالوقوع فى تجربة كما ورد فى النوع الأول فمن الواضح أن الرب يمتحن إيماننا بالتجارب ولكنه ليس مجرب بالشرور .. فالمجرب بالشر هو الشيطان لكن امتحان الله لطاعتنا أمرٌ محتمل، فإنه امتحن إبراهيم (تكوين ٢٢: ١).  ويبقى  المعنى البسيط بأن يطلب المسيحى من الرب أن يحفظه من إرادته التي تضعه في مكان التجربة «لكن كل واحد يُجرَّب إذا انجذب وانخدع من شهوته» (يع1: 14). فيطلب المؤمن الحفظ من فخاخ وشراك العالم الكثيرة التي بدون حفظ الآب للمؤمن لا يمكنه بمفرده أن ينجو منها.

 الطلبة الرابعة: »لكن نجنا من الشرير"
3) " لٰكِنْ نَجِّنَا" أي خلصنا من أذى الشر المحيط بنا ، ولا تتركنا نقاومه وحدنا، واجعلنا نجتنب كل ما يقود إلى الخطية من الناس وغيرهم.
فمن يقدم هذه الطلبة من القلب يبتعد عن التجربة، لأنه يكون ساهراً مصلياً.
4) " ٱلشِّرِّيرِ" والشرير هو إبليس ، الشَّيطان .  الذي هو أصل الخطية ومجرب الإنسان بالشرور أى هدفه هو إشقاط الإنسان فى الخطية . وتتضمن هذه الطلبة أن الله قادرٌ أن يحفظنا من تجارب الشيطان، ويجيب طلبنا إن سألناه.
المسيحى يشعر بضعفه أمام التجربة فيطلب الرب الإنقاذ منها، ويعلم قسوة وشراسة العدو، وأفكاره وخيالات الشر وسهام الشرير العديدة  فيطلب من الرب قائلا "نجنا من الشرير " حتى ينقذه ويمد له يد العون مثلما مد يده لبطرس فى بحر الجليل . نعم إن الرب قادر أن يحفظنا من الشر والتجربة، فإذا وقعنا فيهما فإنه قادر أن يخرجنا وأن ينقذنا منها بيد قوية .

هذه بداءة الخاتمة وفيها سبب الصلاة كلها أو سبب تقديمه لله.

وكما بدأت الصلاة بتمجيد الله، فإنها تختم أيضا بتمجيده وتسبيحه  فنقول« لأن لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد»

وهذه الخاتمة قالها داود النبى بصورة موسعة فى (1أخ 29: 11)  وقال داود مبارك انت ايها الرب اله اسرائيل ابينا من الازل والى الابد 11 لك يا رب العظمة والجبروت والجلال والبهاء والمجد لان لك كل ما في السماء والارض.لك يا رب الملك وقد ارتفعت راسا على الجميع. 12 والغنى والكرامة من لدنك وانت تتسلط على الجميع وبيدك القوة والجبروت وبيدك تعظيم وتشديد الجميع. 13 والان يا الهنا نحمدك ونسبح اسمك الجليل
5) " لَكَ ٱلْمُلْكَ" تعنى كلمة ملك : ما ملكت اليدُ من مال وأراضى وحتى على البشر (العبيد) والملك له كامل الإرادة الحرة فى التصرف على ما يملك
وعبارة «لك الملك» تيعنى أنت الذى خلقتنى فلك مطلق السلطان في خليقتك، بل وفيما نلك لأنه من أعطيتنا إيها فنحن عبيدك وإن كنت أعطيتنا روح البنوة . وأنت يارب الملك  ولك السلطة المطلقة على العالم الطبيعي والروحي كما فى الأرض كذلك
6) " وَٱلْقُوَّةَ " عبارة «لك القوة» تعنى أنه لا شيء يقف أمام مشيئتك، كقول أيوب «قد علمت أنك تستطيع كل شيء ولا يعسر عليك أمر» (أى42: 2)أي عندك يارب القوة لتستجيب هذه الطلبات. ولا يقف يئا أمام تحقيق مشيئتك فى طلباتنا  إننا لا شئ أمام قوتك أنقارن الإنسان بالرب الخالق بقوة كلمته أنقارن الإنسان المحدود بقوتك غير المحدودة يارب لك القوة أن تعيننا فى حياتنا

ضعفاء وأما أنت فغير محدود القوة. وفي هذا شعور بقدرة الله، يقوي إيماننا في الصلاة.
7) "ٱلْمَجْدَ" كاننا نقول مع يوحنا الرآئى الذى كررها كثيرا فى (رؤ 5: 12 و 13) (رؤ و(رؤ 4: 11) «انت مستحق ايها الرب ان تاخذ المجد والكرامة والقدرة، لانك انت خلقت كل الاشياء، وهي بارادتك كائنة وخلقت» إن معنى المجد فى الكتاب المقدس : عظّمه والثناء عليه ، أطراه ، فخَّمه ، عزه ، شرفه أعطاه مكانا رفيعا سواء فى الأرض أم فى السماء .. في العهد القديم ، غالباً ما يوصف مجد الرب بأنه يلتف بالسحاب (خر 16: 10) "فحدث اذ كان هرون يكلم كل جماعة بني اسرائيل انهم التفتوا نحو البرية.واذا مجد الرب قد ظهر في السحاب". وكالنار الآكلة (خر 24: 17" وكان منظر مجد الرب كنار اكلة على راس الجبل امام عيون بني اسرائيل" هناك حوالى 20 معنى لكلمة مجد في الكلمات العبرية ، والآرامية ، واليونانية التي تُترجم بشكل عام على أنها "مجد" في الإنجيل باللغة الإنجليزية . ... ترتبط معظم معانيهم بنسب الروعة والعظمة إلى الرب  ، لكن المجد يستخدم أيضاً كعمل تخصص، كما في "المجد في شيء ما".وإستعمل بطرس كلمة المجد هذه الخاتمة فى رسالته ( 1 بط 5: 11 ) له المجد والسلطان الى ابد الابدين. امين.

نطلب هذه الأشياء ليس لأجل مجدنا، بل من أجل مجدك الذي طلبناه في الطلبة الأولى كما طلب يسوع عند إقامة لعازر المجد للرب ، هذا المجد  يحق لك وحدك. وكل المجد الناتج عن إجابة صلواتنا هو لك لا لسواك.
8) " ٱلأَبَدِ " زمان بلا نهاية.(2 تي 2: 10) لاجل ذلك انا اصبر على كل شيء لاجل المختارين، لكي يحصلوا هم ايضا على الخلاص الذي في المسيح يسوع، مع مجد ابدي."
9) " آمِين" كلمة معناها  ليكن هكذا. أي كذا نحب «آمين» وهى كلمة من أصل عبري تستخدم في نهاية الصلاة بمعنى استجب أو ليكن كذلك ( رؤ 7: 12) قائلين:«امين! البركة والمجد والحكمة والشكر والكرامة والقدرة والقوة لالهنا الى ابد الابدين. امين!» والصلاة الربانية تتلى فى الغالب فى العبادة الجمهورية في الكنيسة حيث كل الحاضرين في الاجتماع ينطقون ب "آمين"  في آخر الصلاة أو الشكر، حتى العامي وغير المؤمن أيضاً (1كو14: 16)، فكم بالأحرى ينبغي أن ينطق بها جميع الإخوة والأخوات. «ويقول جميع الشعب آمين» (تث27: 15-26).

هذه الصلاة شركة في الطلبات التي قد قدمها الجمهور. فيجب أن تكون الصلاة في لغة يفهمها العامة «وَإِلاَّ فَإِنْ بَارَكْتَ بِالرُّوحِ، فَالَّذِي يُشْغِلُ مَكَانَ الْعَامِّيِّ، كَيْفَ يَقُولُ «آمِينَ» عِنْدَ شُكْرِكَ؟ لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُ مَاذَا تَقُولُ!» (1كو 14: 16)  

 

أولا : التفسير الروحى/  الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

( لا تدخلنا في تجربة ) اي لا تدن الذين يعاملونا بالشر . نعم فليس من الواجب ان نتهافت نحن على التجارب ولكن يجب علينا دائماً ان نصلي لننجو من تجارب الشيطان اللعين

( لان لك الملك والقوة ) فان كان الملك لله اذاً الشيطان خاضع له وليس قادر على عمل شيء الا اذا اذن له تعالى كما اذن له في تجربته ايوب الصديق والدخول في الخنازير . وله القوة لانه قادر على كل شيء

( والمجد الى الابد ) فالذي مملكته حصينة وقوته قديرة كذلك مجده دائم الى الابد . قد ختم الصلاة بعشر طلبات ورسم العشر الوصايا والعشر التطويبات . فالخمس وصايا الاولى عن النفس والخمس الاخرى عن الجسد ليطهر العشر الحواس . ويرجع وراء الصلاة ليستأصل الغضب والحقد من الضمير والا فالصلاة غير مقبولة .

تفسير (متى 6: 14)  : فانه ان غفرتم للناس زلاتهم ، يغفر لكم ايضاً ابوكم السماوي .

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس
تكرر هذين العددين (مت 6: 14 و 16فى (مر 1: 25 و 26) ومتى وقفتم تصلون، فاغفروا ان كان لكم على احد شيء، لكي يغفر لكم ايضا ابوكم الذي في السماوات زلاتكم. 26 وان لم تغفروا انتم لا يغفر ابوكم الذي في السماوات ايضا زلاتكم. "
1) "إن غفرتم": هذان العددان شرح لما قيل في الطلبة الخامسة (ع ١٢) يعد أن علم الرب يسوع تلاميذه الصلاة الربانية وفيها يصلون باطلب الغفران فى العدد (متى 6: 12) : واغفر لنا ذنوبنا كما نغفر نحن ايضاً للمذنبين الينا " كرر فى هذان العددان محذرا ومشددا ومؤكدا على تلاميذة أهمية غفران للناس زلاتهم وأخطاؤهم لأنه أعطاهم فيما بعد الربط والحل والغفران أمرا هاما فى المسيحية والقاعدة الذهبية فيها "فكل ما أردتم أن يفعل الناس لكم، افعلوه انتم لهم." (متى 7، 12) إن روح المغفرة للآخرين اقتداءً بالمسيح هو عربون المغفرة منه. (أف 4: 32) "وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض، شفوقين متسامحين كما سامحكم الله ايضا في المسيح. " (كو 3: 13) محتملين بعضكم بعضا، ومسامحين بعضكم بعضا ان كان لاحد على احد شكوى. كما غفر لكم المسيح هكذا انتم ايضا "
إنه من المنطقى أن نغفر للذين أساءوا لنا زلاتهم وإلا كيف نطلب من يسوع أن يغفر لنا زلاتنا ؟  أنه من السهل علينا أن نطلب المغفرة ومن الصعب علينا إعطاء أو غفران الخطية لمن آساؤوا إلينا . تماما مثل الإعتذار عن أخطاءنا لمن أخطئنا إليهم . لكن إن كنا متواضعين، لن يكون الأمر بهذه الصعوبة فالاعتداد بالنفس هو ما يُصعب علينا الأمر.  والتواضع فضيلة مسيحية وبالتواضع نقتنى الآخرين بالمحبة بغفران الخطايا
2) " وَإِنْ لَمْ تَغْفِرُوا " أي إذاإفتنى أى إنسان كل الفضائل ولم يكن فيه روح المغفرة فسيظل خاطئا مدانا ، لأنه لن يحصل على الغفران بل أن جميع تلك الفضائل لا تكفي أن تجعل صلاته مقبولة، لأن الصلاة المقدمة من قلب غاضب لا تُقبل أبداً. وإن لم نغفر لا يُغفر لنا، إن من لا يغفر يبقى فى هاوية الهلاك وإن متنا بدون مغفرة هلكنا. فمن لا يغفر لغيره يكون قد هدم الجسر الذي يقتضي أن يعبر عليه للعودة لحياة آدم قبل السقوط ، لأن كل إنسان محتاج إلى المغفرة.
3) طلاَ يَغْفِرْ لَكُمْ أَبُوكُم " (مت 18: 35) " فهكذا ابي السماوي يفعل بكم ان لم تتركوا من قلوبكم كل واحد لاخيه زلاته».  بقوله «أبوكم» يعلمنا أنه مهما كنت إبنا فلا مغفرة بدون غفراننا لخطايا الآخرين وزلاتهم  إن إنتسابنا للرب بالأبوية وقرابتنا له  لا تجعله يغض الطرف عن عدم وجود روح المغفرة في أحد بنيه.

تفسير (متى 6: 15) : وان لم تغفروا للناس زلاتهم ، لا يغفر لكم ابوكم ايضاً زلاتكم .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

نفهم من نص الآية أن غفران الله لزلاتنا مرتبط بغفراني لزلات الآخرين لنا؟ لقد وضع الرب يسوع شرطا فى هذه الاية أنه يجب أن نغفر للناس زلاتهم حتى نحصل على الغفران من يسوع .. الوصية تأمــــر بغفران للناس زلاتهم و, الحكم بالمثل مثلما نحكم على الناس يحكم علينا (يع 2: 13) لان الحكم هو بلا رحمة لمن لم يعمل رحمة، والرحمة تفتخر على الحكم.

وعدم الغفران للآخرين مرتبط بالكبرياء وتشامخ الروح وغير ذلك من الصفات الغير مقبولة لدى الله والتي تمنع النعمة والغفران عن الإنسان.. أما المتواضعون فيعطيهم الله نعمة. فالإنسان المتضع والمنسحق الروح سيجد نفسه تلقائياً يطيع قول المسيح "فإن قدَّمت قُربانك إلى المذبح وهناك تذكرت أن لأخيك شيئاً عليك فاترك هناك قربانك قُدَّام المذبح واذهب أولاً اصطلح مع أخيك. وحينئذٍ تعال وقدَّم قُربانك.

مكتوب "لا تدينوا لكي لا تدانو. لأنكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون. وبالكيل الذي بهِ تكيلون يكال لكم." ويضيف المسيح قائلا "ولماذا تنظر القَذَى الذي في عين أخيك. وأما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها. أم كيف تقول لأخيك دعني أُخرِج القَذَى من عينك وها الخشبة في عينك. يا مرائِي أَخرِج أولاً الخشبة من عينك. وحينئذٍ تبصر جيّداً أن تُخرِج القَذَى من عين أخيك."
فالإنسان الذي لا يغفر زلات الآخرين تكون عينه مركزه على هذه الزلات ومغلقة عن أخطائه هو وزلاته هو ضد الله وضد الآخرين فلا يقر بها ويتركها ليرحم كما هو مكتوب "مَن يكتم خطاياهُ لا ينجح ومَن يقرُّ بها ويتركها يُرحَم." أما الإنسان الخائف الله فهو لا يركز على زلات الآخرين تجاهه حتى لا يغفر لهم، بل يركز على طاعة الله حتى يستمتع باختبار المكتوب "تمّموا خلاصكم بخوفٍ ورعدةٍ لأن الله هو العامل فيكم أن تريدوا وأن تعملوا من أجل المسرَّة."

عدم الغفران مرتبط بعدم المحبة  لذلك يقول الرسول بطرس "ولكن قبل كل شئٍ لتكن محبَّتكم بعضكم لبعضٍ شديدةً لأن المحبَّة تستر كثرةً من الخطايا." مكتوب عن الرب يسوع المسيح "وسأَلهُ واحدٌ من الفريسيين ان يأكل معهُ فدخل بيت الفريسي واتكأَ. وإذا امرأَة في المدينة كانت خاطئَة إذ علمت أنه متكَّئٌ في بيت الفريسي جاءَت بقارورة طيبٍ ووقفت عند قدميهِ من ورائهِ باكيةٍ وابتدأَت تبلُّ قدميهِ بالدموع وكانت تمسحهما بشعر رأسها وتقبّل قدميهِ وتدهنهما بالطيب. فلَمَّا رأَى الفريسي الذي دعاهُ ذلك تكلَّم في نفسهِ قائلا لو كان هذا نبيَّاً لعلم مَنْ هذه الامرأة التي تلمسهُ وما هي. إنها خاطئَة. فأجاب يسوع وقال لهُ يا سمعان عندي شئٌ أقولهُ لك. فقال قُلْ يا معلّم. كان لمداينٍ مديونان. على الواحد خمسمئَة دينارٍ وعلى الآخر خمسون. وإذ لم يكن لهما ما يوفيان سامحهما جميعاً. فقُلْ. أيُّهما يكون أكثر حبَّاً لهُ. فأجاب سمعان وقال أظنُّ الذي سامحهُ بالأكثر. فقال لهُ بالصواب حكمت. ثم التفتَ إلى المرأَة وقال لسمعان أَتنظر هذه المرأَة. إني دخلت بيتك وماءً لأجل رجليَّ لم تُعطِ. وأمَّا هي فقد غسلت رجليَّ بالدموع ومَسَحتهما بشعر رأسها. قُبلةً لم تقبّلني. وأمَّا هي فمنذ دخلت لم تكفّ عن تقبيل رجليَّ. بزيتٍ لم تدهن رأْسي. وأما هي فقد دهنت بالطيب رجليَّ. من أجل ذلك أقول لك قد غُفِرَت خطاياها الكثيرة لأنها أحبَّت كثيراً. والذي يُغفَر لهُ قليلٌ يحبُّ قليلاً. ثم قال لها مغفورة لكِ خطاياكِ… إيمانكِ قد خلَّصكِ. اذهبي بسلامٍ" 

هكذا سأل بطرس الرب يسوع المسيح. فبماذا أجابه؟ "قال لهُ يسوع لا أقول لك إلى سبع مرَّاتٍ بل إلى سبعين مرَّة سبع مرَّات."

 

أولا : التفسير الروحى/  الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

فيعلمنا بذلك الا نكون حقودين منتقمين لاننا مؤهلين ان نكون يوماً في السماء متمتعين بمشاهدة ابينا السماوي.

 
 

 

This site was last updated 01/16/21