Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

تفسير / شرح الإنجيل كما رواة  متى الإصحاح الثالث (مت  3: 1- 6)  

 أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
مقدمة تفسير متى
تفسير (مت 1: 1- 17
تفسير  (مت 1: 18
تفسير (مت 1: 19 - 24)
تفسير (متى 2: 1- 12
تفسير (مت 2: 13 - 23
تفسير (مت  3: 1-6
تفسير (مت 3: 7-12
تفسير (مت 3: 13-17
تفسير (متى 4 : 1- 11
تفسير (متى 4: 12- 17)
تفسير (متى 4: 18- 25
تفسير (متى5: 1-  12
تفسير (مت 5: 13- 26
تفسير  (متى 5: 27- 48
تفسير متى 6: 1- 15
تفسير متى 6: 16- 34
تفسير متى الإصحاح7
تفسير متى الإصحاح 8
تفسير متى 9: 1- 17
تفسير متى 9: 18- 38
تفسير متى 10: 1- 23
تفسير متى 10: 24- 42
تفسير متى الإصحاح 11
تفسير متى 12: 1- 21
تفسير متى 12: 22- 50
تفسير متى 13: 1- 32
تفسير متى 13: 33- 58
تفسير متى الإصحاح14
تفسير متى 15: 1- 20
تفسير متى 15: 21- 39
تفسير متى الإصحاح16
تفسير متى الإصحاح17
تفسير متى الإصحاح18
تفسير متى الإصحاح19
تفسير متى الاصحاح20
تفسير متى 21: 1- 22
تفسير متى 21: 23- 46
تفسير متى 22: 1- 22
تفسير متى 22: 23- 46
تفسير متى 23: 1- 22
تفسير متى 23: 23- 39
تفسير متى 24: 1- 22
تفسير متى 24: 23- 51
تفسير متى الإصحاح25
تفسير متى 26: 1- 25
تفسير متى 26: 26- 46
تفسير متى 36: 47- 75
تفسير (مت 27: 1- 26)
تفسير (مت 27 : 27- 44)
فسير (مت 27 : 45- 66)
تفسير متى الفصل 28
جدول بالتآريخ والحكام  بإسرائيل ومصر
إقتباسات متّى من العهد القديم
Untitled 8095
Untitled 8102
Untitled 8410
Untitled 8411

أفيما يلى تتفسير / شرح الإنجيل كما رواة  متى الإصحاح الثالث  (مت  3: 1-6)

تقسيم فقرات الإصحاح  الثالث من إنجيل متى (مت  3: 1-6)
1. سابق الملك (مت  3: 1-6)

تفسير انجيل متى - الاصحاح الثالث

  1. سابق الملك يوحنا المعمدان(مت  3: 1-6) 

تفسير (متى 3: 1) : وفي تلك الأيام أقبل يوحنا المعمدان يكرز في برية اليهودية

 

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) وفي تلك الأيام  ” (مر 1: 4 - 15) (لو 2: 2و 3) (يو 1: 28) (يش 15: 61 - 62) يقصد الأيام التى كان يسكن يسوع فى الناصرة وهنا لا يدل على مدة معينة ولكنه فيه إشارة إلى المدة بعد الحوادث التى ذكرت فى الإصحاح السابق أى نحو 25 سنة لم يحدث فيها حوادث هامة حيث كان فيها يعيش تمط الحياة العادية كأى إنسان  يهودى آخر إلا أن جادثة واحدة فقط عندما كان يسوع فى سن 12 سنة ذكرت فى (لو 2: 42- 52) وأراد من تلك ألأسام وقت كان طيباريوس فيه قيصر إمبراطورا فى روما وبيلاطس واليا خامسا على اليهودية وعدم ذكر حوادث هذه المدة يعلمنا كيف تعيش الأسرة بدون أى مشاكل او خلافات

2)  أقبل أى جاء أى بدأ يبشر وكان قد فى بداية سن الثلاثين من عمره وهو سن بداية الوقت السن حسب الشريعة لممارسة الكاهن وظيفته (عد 4: 3 و47)

3) "يوحنا " معنى إسمه : "يهوه مُنعِم" "عطية يهوه" (مت 3: 1)( مت 4: 21) (أع 12: 12) هو مُهيئ طريق المسيح، وابن زكريا الشيخ وزوجته أليصابات (لو 1: 5 - 25 و57 - 85). وكلاهما من نسل هارون ومن عشيرة كهنوتية. ويستدل من (لوقا 1: 26) أن ولادته كانت قبل ولادة المسيح بستة أشهر. وقد عينت الكنيسة يوم ميلاده في 24 حزيران (يونيو)، أي عندما يأخذ النهار في النقصان، وعيد ميلاد المسيح في 25 كانون الأول، أي عندما يأخذ النهار في الزيادة استنادًا على قوله: "ينبغي أن ذلك يزيد "واني أنا أنقص" (يو 3: 30). وكان أبواه يسكنان اليهودية، ولربما يوطة، يطا الحاضرة بقرب حبرون، مدينة الكهنة. وكانا محرومين من بركة النسل. وكانت صلاتهما الحارة إلى الله أن ينعم عليهما بولد. وفي ذات يوم كان زكريا يقوم بخدمة البخور في الهيكل ظهر له الملاك جبرائيل وسكن روعه وأعلمه لأن الله قد استجاب صلاته وصلاة زوجته، وبدت الاستجابة مستحيلة في أعينهما واعين البشر بالنسبة إلى سنهما. وأعطاه الملاك الاسم الذي يجب أن يسمى الصبي به متى ولد، وأعلن له أن ابنه سيكون سبب فرح وابتهاج، ليس لوالديه فحسب، بل أيضًا لكثيرين غيرهما، وأنه سيكون عظيمًا، ليس في أعين الناس فقط، بل أمام الله. وأن مصدر عظمته الشخصية هو امتلاؤه من الروح القدس، ومصدر عظمته الوظيفية في أنه سيكون مهيئًا طريق الرب، وزاد الملاك ما هو أعظم من ذلك أي أن يوحنا يكون المبشر بظهور المسيح الموعود. فيتقدم أمامه متممًا النبوة التي كان يتوق إليها كل يهودي بأن إيليا يأتي قدام المسيح، ويهيء للرب شعبًا مستعدًا (مل 4: 5 و6 ومت 11: 14 و17: 1 - 13). أما زكريا فلم يصدق هذه البشارة لأن الموانع الطبيعية كانت أبعد من أن يتصورها العقل. ولم يكن معذورًا لأنه كان يعلم جيدًا ببشائر نظيرها، لاسيما بشارة الملاك للشيَخين إبراهيم وسارة. ولهذا ضرب بالصمم والخرس إلى أن تمت البشارة.
ولد يوحنا سنة 5 ق.م. وتقول التقاليد أنه ولد في قرية عين كارم المتصلة بأورشليم من الجنوب (لو 1: 39). ولسنا نعلم إلا القليل عن حداثته. ونراه في رجولته ناسكًا زاهدًا، ساعيًا لإخضاع نفسه والسيطرة عليها بالصوم والتذلل، حاذيًا حذو إيليا النبي في ارتداء عباءة من وبر الإبل، شادًا على حقويه منطقة من جلد، ومغتذيًا بطعام المستجدي من جراد وعسل بري، مبكتًا الناس على خطاياهم، وداعيًا إياهم للتوبة، لأن المسيح قادم. ولا شك أن والده الشيخ قد روى له رسالة الملاك التي تلقاها عن مولده وقوله عنه "يتقدم أمامه بروح إيليا وقوته" (لو 1: 17). والتقارب بين ما نادى به إيليا وما نادى به يوحنا والتشابه في مظهرهما الخارجي ولبسهما ومعيشتهما واضح للعيان من مقارنة قصة حياتهما.ولم يظن يوحنا عن نفسه انه شيء وقال انه: "صوت صارخ في البرية" (يو 1: 13). 
وكانت المدة التي عمل فيها يوحنا قصيرة ولكن نجاحه بين الشعب كان باهرًا. وحوالي نهاية سنة 27 أو مطلع سنة 28 ب.م. أمر هيرودس انتيباس رئيس الربع بزجه في السجن لأنه وبخه على فجوره (لو 3: 19 و20).وكانت هيروديا زوجة هيرودس قد خانت عهد زوجها الاول وحبكت حبائل دسيسة ضده مع أخيه هيرودس. وقد سمعت بذلك زوجة هيرودس الفتاة العربية فهربت إلى بيت أبيها الحارث وأخلت مكانها في القصر لهيروديا الخائنة التي حنقت على يوحنا وكبتت غيظها وَتَحيَّنت الفرصة للإيقاع به لأنه قال لهيرودس بأنه لا يحق له أن يتزوجها. وفي السجن اضطرب يوحنا ونفذ صبره بسبب بطء المسيح في عمله. ولربما أحس بأن المسيح نسيه وإلا لماذا لا يسعفه في الظلم الذي لحق به كما يسعف الآخرين. وطغت على أعصابه عوامل الوحشة والوحدة والقيود لأنه كان يترقب حدوث أحداث جسام وأراد أن يرى قبل موته تحقيق أحلام حياته. وبعث تلميذين ليستعلم من يسوع أن كان هو المسيح وأشار يسوع إلى معجزاته وتبشيره (لو 7: 18 - 23).
وكانت قلعة مخيروس المطلة على مياه البحر الميت والتي زج يوحنا في إحدى خباياها كافية لكسر قلب الرجل الجريء الذي نادى بقوله الحق في وجه الفريسيين والكهنة وأعطى للزنى اسمه الحقيقي، ولو أن الزاني كان ملكًا عظيمًا. وبعد ثلاثة أشهر يحل عيد هيردوس وإذا بهيروديا ترسل ابنتها الجميلة سالومة لتؤانس ضيوف الملك وسط المجون والخلاعة ورنين الكؤوس. واذ بهيرودس الثمل ينتشي برقصها المثير فيقسم أمام ضيوفه بأن يعطيها ما تطلب فتطلب، حسب رغبة أمها، رأس يوحنا على طبق. وبعد لحظات يهوي الجلاد بسيفه على عنق الرجل العظيم. ولم يترك جثمانه دون كرامة، لأن تلاميذه جاؤوا حالًا ورفعوه ودفنوه.وحسب يوحنا أن المسيح شهد فيه أعظم شهادة إذ قال: "لم يقم بين المولدين من النساء أعظم من يوحنا المعمدان" (مت 11: 11).

4) المعمدان  يطلق عليه أسماء أخرى مثل " (السابق - الصابغ - نبي العهدين) أما إسم  المعمدان يطلق عليه لأنه كان يعمد التائبين بعد أن يعترفوا بخطاياهم في نهر الأردن. (لو 3: 2 - 14). وكانت المعمودية اليهودية تقوم:
(1) بالغسولات والتطهيرات الشعبية (لا 11: 40 و13: 55 - 58 و14: 8 و15: 27 وار 33: 8 2: 22 وحز 36: 25 إلخ. وزك 13: 1 قابل مر 1: 44 ولو 2: 22 ويو 1: 25). فأضفى يوحنا عليهما معنى أدبيًا (مت 3: 2 و6) وعمق معناها الروحي.
(2) بإدخال المهتدين إلى الدين اليهودي. فأصر يوحنا على ضرورة تعميد الجميع بصرف النظر عن جنسهم وطبقتهم (مت 3: 9). إذ على الجميع أن يتوبوا ليهربوا من الغضب الآتي (مت 3: 7 ولو 3: 7). لان معمودية المسيا الآتي ستحمل معها دينونة (مت 3: 12 ولو 3: 17، وقد طلب يسوع أن يعمده يوحنا، لا لأنه كان مُحتاجًا إلى التوبة، بل ليقدم بذلك الدليل على اندماجه في الجنس البشري وصيرورته أخًا للجميع.

5) يكرز تعنى بشر بتعاليم .. وعظ .. بدأ يوحنا المعمدان كرازته وتبشيره كرسول في سنة 26 ب. م. وعلى الأرجح في السنة السبتية مما مكن الشعب الذي كان منقطعًا عن العمل من الذهاب إليه إلى غور الأردن. وكان يوحنا هو آخر انبياء العهد القديم وكانت مضت 400 سنة لم يظهر فيها نبى غيره وقد جمع صفات أنبياء كثيريين مثل موسى وأشعياء يبشر بالوهد والموعد وكان الأقرب للسيد المسيح وقد شهد في كرازته أن يسوع هو المسيح (يو 1: 15)، كما شهد يسوع أن يوحنا أعظم المولودين من النساء وهذه المقارنة ليست مبنية على صفات خاصة بل على درجة وظيفته إذ أتى بروح إيليا (لو 1: 17) فهو سابق للمسيح يهئ الطريق قدامه وكان يجهو الناس لقبول يسوع كمخلص لهم من خطاياهم    وأنه حمل الله (يو 1: 29 و36).

5) في برية اليهودية بَريَّة اليهودية  (مت 3: 1). . وهي الكورة المحيطة بالأردن ( لوقا 3:3) الأراضي المقفرة بين جبال اليهودية والبحر الميت. ومعدل عرضها 15 ميلًا. وصخورها كليسة، وترابها قليل. وبسبب قحطها خلت من المدن وندرت فيها القرى   وهى المنطقة التى تربى فيها يوحنا (بو 1: 40) والمشار إليها فى (لو 3: 3) المنطقة المحيطة بنهر الأردن والذى يمتد من بحيرة طبرية شمالا حتى البحر الميت جنوبها .. إلا أن ظهورة فى إسرائيل كان بالقرب من "قصر اليهود" "كسر اليهود "  وهى المنطقة التى عبر منها ييشوع نهر الأردن من الأردن إلى أرض الميعاد    .

 

أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية

فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

يوحنا المعمدان     ان قوله في تلك ” الأيام ” ليس الأيام التي رجع فيها يسوع من مصر الى الناصرة ، فقد كان حينذاك ابن خمسة سنوات ، ولما جاء الى يوحنا ليعتمد كان في الثلاثين من عمره كقول لوقا . لأنه لما نزل الى مصر كان عمره سنتين ومكث فيها ثلاثة سنوات ثم رجع الى الناصرة ليسكن فيها مدة خمسة وعشرين سنة حيث كمّل الناموس وابطله وطبعنا في ديننا . بمعنى ان يوحنا لم يبتدأ يعمّد في الوقت الذي رجع السيد المسيح من مصر ، لانه وقت عماد ربنا كان يوحنا في الثلاثين من عمره .  وقال آخرون ان القصد من تلك ” الأيام ” هو التي جاء فيها المسيح ليعتمد . فقد جرت عادة الكتاب ان تسمّى الأيام بالحدث الذي جرى فيها وتحسب لا حسب الزمان الطويل كقوله بأيام ارفيل وعوزيا ، بل حسب اليوم ذاته كقول النبي اليوم كلّه محارباً يضايقني ( مز 56 : 1 ) بدل قوله مدة الزمان . وقال غيرهم أنها تلك الأيام التي لم يكن لليهود فيها ملك ولا نبي . لقد أراد متى ان يقول انه في بعض الازمنة جاء يوحنا قائلاً كذا حينئذ جاء يسوع أو حينئذ اخذ الى البرية . وكلها ليست بالترتيب فقد جرت عادة الكتاب ان يقول هذا . ولما جلس على الجبل وعلم عن خراب أورشليم وتمم هذا الخبر وثم بدأ يخبر عن منتهى العالم فمدة طويلة بينهما . وهكذا الحال هنا فقد حصر زمان كل حياته بتلك التي جاء وسكن في الناصرة والثلاثين سنة كلها . في بعض الازمنة جاء يوحنا . فملك اوغسطوس ستة وخمسين سنة وفي السنة الواحدة والاربعين من ملكه ولد المسيح . وخلفه في الملك ابنه طيباريوس . وفي الخامسة عشرة من ملك هذا جاء يوحنا المعمدان فمجموع السنين من ميلاد المسيح الى مجيء يوحنا ثلاثون سنة . جاء يوحنا من برية الزيفيين الى اليهودية وقد كناه بالمعمدان لان الله قد أرسله ليعمد بمعمودية التوبة . ومتّى لم يحدّد تلك الايام ولوقا يحدّدها فيجب البحث عن أشياء كثيرة .

ولما نظر هيرودس الى سخرية المجوس منه لعدم رجوعهم اليه ابتدأ يبحث بغضب مع الكهنة عن المسيح وأين يولد . فاخبره احدهم عن يوحنا قائلاً قد ولد بجوارنا ابن لكاهن واظن انه المسيح . فارسل في الحال طالباً زكريا وسأله عن ابنه فأجابه انه في البيت . فارسل معه جنودا ليحضروه . الا ان احد الحضور اسرع واعلم اليصابات فحملت الصبي وخرجت مسرعة لبرية الزيفين . فلما رجع زكريا للبيت ولم يجد اليصابات خاف ان يرجع الى هيرودس فذهب والتجأ في الهيكل . فأرسل هيرودس سيافاً وقتله بباب المذبح . ويقول القديس افرام ان اليصابات هرّبت يوحنا بإلهام من الله وصنعت له قميصاً من وبر الابل ومنطقته بجلد والبسته فنمت ثيابه معه ثلاثون سنة ، كثياب بني اسرائيل التي استمرت معهم اربعون سنة . وكان ليوحنا لما هرب سنتان ونصف سنة  من العمر . آخرون قالوا ان ملاكاً خطفه من حضن أمه ولم تعرف مسكنه . آخرون قالوا ان زكريا لما علم بسيف هيرودس ادخله للهيكل حيث تبشّر به وصلى ومن هناك انتقل الى البرية ، فلما عرف اليهود سألوا والده عنه فقال لا اعلم ، فقالوا قد خباته لانك لم ترد خلاصنا فالتجأ الى المذبح وهناك قتلوه . آخرون قالوا ان اليهود قتلوه حسداً لانه لم يعدم البتول من مكان البتولات . اما نحن فعلى رأي القائلين ان هيرودس قتله ولم يزل دمه يغلي ويصرخ ثمانية وخمسون سنة حتى جاء طيطوس بن واسبيسيانوس وحاصر أورشليم وفتحها . فلما دخل الهيكل ونظر الدم يغلي ويصرخ استطلع الامر فاعلموه عمّا جرى لزكريا فأمر بذبح الكهنة في مكان الدم الصارخ فبطل حالاً الصراخ . وقيل عن يوحنا انه رضع حليب امه بالبرية خمسة عشرة سنة وكان يقتات من الحشيش ، اما امه فكانت تتسوّل وتقتات . وقد مكث ثلاثين سنة بالقفر والروح القدس كانت ترافقه وتدبر له قوتاً ولباساً وتغنيه بالرؤيا الالهية وتعلمه ما هو الواجب . يسأل البعض لماذا هرب الى القفر ؟ فالجواب لكي لا يساء الظن به فيقول الناس انه يشهد للمسيح لاجل القرابة والمرافقة منذ الطفولة . لذلك انتقل من النعمة الى البرية مدة ثلاثين سنة حتى بلغ كلاهما حد الكمال ليصدق الناس كلام الذي يناديان به . فجاء ليفتح المعمودية لا بإرادته بل بإرادة الله ، كقول لوقا ان كلمة الله كانت الى يوحنا ، اي امر الله . فبالرؤيا والكلمة جاء وقال : ” انا لم اكن اعرفه . ولكن ليظهر لاسرائيل لذلك جئت اعمد بالماء . ولكن الذي ارسلني لاعمد بالماء قال لي ان الذي ترى الروح نازلاً ومستقراً عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس ( يو ا : 31 و 33 ) واذ يسمعون انه يعمد يأتون اليه من كل ناحية فيكرز ويبشّر عن المسيح . ولأنهم كانوا متنجسين بالخطايا جاء يوحنا ليذكرهم بخطاياهم ويهيئهم للتوبة بواسطة المعمودية . قال القديس يوحنا لم يكن الغفران بمعمودية يوحنا لان المسيح لم يكن قد ذبح على الصليب وان الروح لم يعط والخطية لم تقتل . وقال بولس الرسول : ” ان يوحنا عمّد بمعمودية التوبة قائلاً للشعب ان يؤمنوا بالذي يأتي بعده أي بالمسيح يسوع ” ( اعمال الرسل 19 : 4 ) . ولم يقل انه عمّد لغفران الخطايا ولكن كيف يقول مرقس ولوقا ان يوحنا عمد لغفران الخطايا ؟ قال القديس يوحنا ان اليهود كانوا ظالمين لم يتألموا على خطاياهم بل كانوا يبررون انفسهم . لذلك التزم ان يقول انا اعمّد لغفران الخطايا لكي يذكّرهم ويعدّهم لقبول معمودية المسيح مانحة الغفران كقول بولس قد اعتمدتم وتقدستم ( لا بمعمودية يوحنا ) لكن باسم المسيح وبروح الله . قال قوم ان المعموديات ثلاثة : معمودية يوحنا للتوبة ، ومعمودية التلاميذ باسم يسوع المسيح قبل موته لغفران الخطايا والثالثة معمودية التبني التي صارت بعد نزول الروح . لانه ما عدا الروح لم تؤحذ البنوة بالوضع . ان القديسين غريغوريوس الثاولوغوس وموسى الحجري ويوحنا اسقف دارا وغيرهم يعدّون خمس معموديات . اما نحن فنقول ان المعموديات سبعة : الاولى ، تلك التي قطعت الخطيئة وغسلت العالم من الآثام . والثانية ، تلك التي بواسطة الغمام والبحر كقول بولس : ” وجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة وفي البحر ( اكو 10 : 2 ) . والثالثة ، المعمودية الناموسية والرمزية وتسمى التطهير وهي التي كان يستعملها اليهود حتى في الاكل فانهم لا يأكلون ان لم يغتسلوا اولاً فكانت تطهر العارض من الطبيعة كمن يدنو ويلمس ميتاً ويحتلم بالليل او يأكل شيئاً لا يجوز اكله او يذهب لعزاء ” فكل من يتنجس بهذه يغتسل ويبقى للمساء نجساً ” ( لا  : 15 : 5 ) . الرابعة ، معمودية يوحنا بالماء ” أنا اعمدكم بماء التوبة ” ( مت 3 : 11 ) وهي أشرف من معمودية اليهود واقل رتبة من معموديتنا لخلوّها من الروح القدس ومن غفران الخطايا ، ويعرف ذلك من ان بولس عمد الذين كانوا قد اعتمدوا سابقاً بمعمودية يوحنا ( اعمال 19 : 4 ) من آفلوا الاسكندراني وكانت كقنطرة يعبرون منها اليها ، ولم يكن فيها طهارة جسدانية لكنها كانت تأمر بالابتعاد عن الشرور وان يعمل بالمقابل اثماراً تليق بالتوبة . الخامسة ، معمودية المسيح ( مت 3 : 4 ) و ( يو 3 :3 ) وهي كاملة لانها تجعلنا أولاداً لله الآب واخوة للمسيح وهي مملوءة نعمة وغفراناً للذنوب والخطايا ومانحة الروح . السادسة ، معمودية الاستشهاد وهي التي بها اعتمد الشهداء وقبلوا الروح لانهم من اجل يسوع استشهدوا وتوّجوا فدمهم قام مقام العماد . السابعة ، معمودية الدموع وهذه تمنح الغفران لانه ليس في الامكان للذين اعتمدوا اولاً واخطأوا ان يعتمدوا ثانيةً ، لكن الله اعطى الدموع حتى يبكي الانسان نادماً على خطاياه وبها ينال الغفران وترد المنحة الروحية التي اضاعها حين ارتكابه الخطيئة كداود الذي اعتمد بدموعه بعد ارتكابه الفجور والقتل . ورب سائل يسأل باية معمودية اعتمد ربنا ؟ قال القديس ساويرس بمعمودية يوحنا للتوبة كإنسان مذنب لأنه غير محتاج للتوبة ولم يعتمد لغفران الخطايا ولقبول الروح كالمحتاج لأنه لم يخطئ ولم يعمل اثماً كقوله : من منكم يوبخني على خطيئة ( يو 8 : 16 ) ، ولم يعوزه الروح لانه شريكه بالطبع . قال مار تاودوطا التكريتي اعتمد للتوبة وللبنوة بالوضع لكونه لم يعتمد لنفسه بل لنا ولاجلنا . فكان يجب ان يقال انه اعتمد معمودية واحدة لكونه اعتمد لاجلنا ولكي يقدسنا بعماده الغى معمودية اليهود واعطى هذه للنبوة كما عمل الفصح وكمّل العتيقة ثم ابتدأ بالحديثة . ويقول فيلوكسينوس انه قد اعتمد عمادنا لانه كان مزمعاً ان يعطينا اياه لانه مثال لموته وقيامته . وكما مات وقام وصار لنا البكر من الاموات هكذا اعتمد معموديتنا واعطانا اياها في الحال . ثم اعتمد ليصير معروفاً لاسرائيل وان يتمم كل الناموس أي العدل وان يثبت لنا البنوة بالوضع ويجعلنا أخوته وخاصته ويوحد الروح القدس مع جسدنا بواسطة جسده وينقض القضية التي علينا من البدء ويفتح لنا أبواب السماء التي كانت اغلقت بتجاوز الوصية . ولكي يقدس الماء ويجعله مطهراً ومقدساً ومانح الغفران ويقدس المعمد ويرض رأس التنين العقلي الخالد في المياه ذاك الذي أغرقه بواسطة فرعون وان يستأصل الخطيئة في المياه كما قبلها عليه وقت صلبه وان يظهر الثالوث الاقدس فوق المياه . ولكي يحتم المعموديات والغسل الجسداني ويفرض العماد الروحاني الذي من الماء والروح الذي صعب ذكره على نيقوديموس وان يغسل دنس الخطيئة الموجودة فينا وبالروح والماء يقدس الاردن مثلما هو روح وجسد . ولكن لماذا جعل العماد بالماء لا من شيء آخر ؟ اولاً ، لان جبلتنا الاولى كانت من الماء والتراب ، وكذلك تجديدنا الاخير يجب ان يكمل بالماء والنار . ومثلما نفخ بوجه آدم نسمة الحياة هكذا بالعماد نفخ فينا الروح القدس . ثانياً ، لان حياة المحسوسات بالمياه . ثالثاً ، لانه من المياه خلقت الطيور والاسماك وغيرها وفيها تنموا وتكثر وتتوالد كما امر الله وهكذا بنو البشر يولدون ويتوالدون بالمعمودية ويتجدّدون ويأخذون أجنحة النعمة ليطيرون بها لملاقاة ربنا . رابعاً ، لان المياه سلاح ضد العطش والنار ولاجل ذلك فإن اعتمادنا بالماء يخمد عنا لهيب الآلام السمجة وهناك تطفأ تلك النار الاخيرة . خامساً ، لان الماء شفاف يرسم اشباه وجوه الناظرين فيه هكذا قد اعطانا المعمودية لكي ترسم فينا صورة عدم الفساد . سادساً ، كما يغسل ( بالصابون ) وسخ الثياب هكذا المعمودية تنظف النفس والجسد من الخطايا ، وكما ان الماء يمحي كتابة الصكوك الواقعة فيه هكذا المعمودية محت صك الخطيئة والموت الذي كتبه علينا ابونا آدم ( ا بط 3 : 21 ) . سابعاً ، الماء يشد الاعضاء وينشط المغتسلين فيه هكذا نحن فبعد ان نعتمد بالماء نقتني قوة العمل الروحاني . ثامناً ، ان الاواني الخزفية المشجورة بالنار ان لم تبل بالماء تعود تراباً هكذا نحن ان لم نغتسل بماء المعمودية فسنرجع الى التراب اليابس محرومين من ماء النعم الالهية وينبوع الحياة الابدية . تاسعاً ، ان الماء والنار هما عنصران مطهران فالذين لم يتطهروا بالماء هنا يتعذبون في النار هناك . عاشراً ، كما ان الماء يغسل الاشياء وهو لا يحتاج الى غسيل كذلك من اغتسل بالمعمودية لا حاجة به لمغسل آخر . الحادي عشر ، ان الماء شيء موجود عند كل واحد ، ولكي لا يعدم الناس العماد جعله الله مادة له . الثاني عشر ، بالماء قد غسلت اوساخ بني نوح وفيه غرق المصريون وبالماء امتحن الساجدون للبعل ، لاجل ذلك بالماء صارت المعمودية . الثالث عشر ، لكي يفند  مزاعم البعض من جهة الماء لان اولئك الجاحدين كانوا يزعمون ان المياه شريرة ردية فان الطوفان بها قد صار وبالماء غرق كل جيش فـرعون فأظهرهم بالمعمودية نائلين عدم الموت . الرابع عشر ، لانه على الماء قد خطبت رفقة وراحيل وصفوره ( تك 24 ) وكان ذلك اشارة الى ماء المعمودية اذ على الماء خطبت الكنيسة . الخامس عشر ، ” وأما بنو اسرائيل فمشوا على اليابسة في وسط البحر والماء سور لهم عن يمينهم وعن يسارهم ” ( خر 14 : 29 ) واليا واليشع الاردن وبالماء طهر نعمان من برصه ( 2 مل 5 : 14 ) ومياه حزقيال باركت شيلوحا . فكل هذه المعموديات كانت مثلاً لمعموديتنا والموضع الذي شق فيه يشـوع وايليا واليشع الاردن ( 2 مل 2 ) وفيه اعتمد مخلصنا . ورب سائل يسأل لماذا اعتمد سيدنا بالاردن لا في غيره ؟ ليكمل الاسرار التي سبقت ورسمت بهذا النهر . فانه به عبـر يشوع وشعبه الى ارض الميعاد ( يش 3 ) . معرّفاً ان الذي يعتمد بالاردن الروحاني يرث الارض الموعودة للقديسين . وجاز فيه ايليا قبل صعوده واعتمد ( 2 مل 2 ) موضحاً ان الذين يعتمدون فيه يصعدون للسماء . وفيه قد تطهر نعمان لنتعلم انه بواسطة المعمودية تطهر الشعوب من ادناس الخطيئة . وبه عمل اليشع اعجوبة اذ القى عود الخشب فطفا الحديد ( 2 مل 9 : 1 ) عندما كان الانبياء يقطعون الحطب ، وذلك سر عن المسيح المسمى غصناً او عوداً اذ خلص آدم الذي كان غارقاً في بحار الخطيئة كالحديد . ثم ان نهر الاردن هو مجموع من مائين الواحد  بارض الشعوب ويسمى اور ، والثاني كذلك ويسمى دن . ويدل ذلك على الشعب والشعوب الذين صاروا واحداً بالايمان . وهذه المجاري التي منها  يجتمع الاردن يسميها داود انهر اذ يقول : ” انت يبّست الانهر القوية ” ( مز 79 ) وايضاً ليتمّم نبوة ارميا القائل صعد الرب كالاسد من الاردن . ثم ان الاردن يمر في بحيرة طيبريوس ولا يختلط ماءه بماء البحيرة ، للدلالة على ان الذين يعتمدون يعبرون هذا العالم ولا يتلطخون بحمأة الخطيئة ولا يختلطون بها . وربنا لم يعتمد في البحر ليعرفنا انه بعيد من الخطيئة التي تشبه ملوحة ماء البحر . ولم يعتمد في الانهر الكبار ليعلمنا التواضع . ولم يعتمد في اصغر من الاردن ليختم الرموز المقولة من الناظرين لاجل الاردن . ولم يعتمد في المستنقعات لانها لا تنظف الاوساخ كلياً . ولعلّ قائل يقول لماذا اعتمد من يوحنا عبده ؟ وذلك ليعلمنا التواضع باقنومه فهو غير محتاج . اعتمد من عبده وعلمنا ان نخضع للادنى منا وانه لا يجب ان نمتنع من ان نقبل الموهبة منه لانها تعطى على السواء من الاعلى والادنى . وكان يظن ان يوحنا مختار من الله لهذه الخدمة . وعظمة المسيح لم تكن ظاهرة ولكي لا يظن اليهود ان المسيح يفتخر قبل العماد من يوحنا . وأيضاً ليكرز عنه انه هو الرب . وبامتناع يوحنا بقوله لست مستحقاً ان احلّ سيور حذاءه يفهم الحضور ان المعمَّد افضل من المعمِّد . ويقول آخرون ان المسيح عمَّد يوحنا بعد ان اعتمد وآخرون قالوا انه كان معمّداً من بطن أمه لان العماد هو منحة الروح القدس ويوحنا قبل الروح في بطن امه ( لو 1 : 42 _ 44 ) فاذاً في البطن قد تعمّد . ولكن ماذا منحت يمينه للمسيح ؟ قال قوم لم تمنحه شيئاً . لكن كمثل سائر المعمدين وضع يده كتدفق الانهر في البحار وهي لا تحتاج اليها . ويقول آخرون ان يوحنا وضع يده ، لاجل الرؤيا فقط ، ليريه انه هو حمل الله .  وآخرون قالوا ان بوضع يده على رأسه وضع خطايا بني البشر عليه ، كالذبائح الناموسية التي كانت ترسل الى القبر ، لان الخاطئ كان يضع يمينه على الذبيحة كي ترتفع الخطيئة منه وتحل على الذبيحة ومع الذبيحة تقتل الخطيئة ، هكذا أخذ يوحنا خطيئة العالم ووضعها على رأس المسيح ولما اعتمد المسيح غرق الخطيئة في الماء . والدليل على ذلك قوله : ” هذا هو حمل الله رافع خطايا العالم ” ( يو 1 : 29 ) . ومثلما وضع اكليل الشوك على رأسه حمل خطيئة كل العالم قاطبة وبموته أمات الخطيئة وابطلها وكذلك بعماده أغرقها في المياء . آخرون قالوا ان الكهنوت الذي وهبه الله لموسى وأعطي لهرون ونسله حتى تناسل ليوحنا فبوضع يده على المسيح اخذ المسيح الكهنوت منه وأعطاه لرسله لا لكونه محتاجاً بل لانه واهب الكهنوت . لكنه بالتدبير اخذها كقول القديس افرام في اقواله : فمال العالي على جبل سينا . ورب معترض يقول ان الانجيل لم يذكر ان يوحنا وضع يمينه على رأس المسيح ، فالشهادة من العهد القديم اذ قال الله لموسى : سأضع يدي عليك . كما ان موسى أيضا وضع يده على هارون ومسحه وقدسه . وقد ثبت من العهد الجديد ان المعمودية والكهنوت يمنحان بوضع اليد . ولما كان يعمّد احداّ كان يتلىعلى راسه : ليتعمد فلان بمعمودية التوبة لغفران الخطايا . ولما عمّد المسيح لم يتل شيئاً على راسه علماً منه انه إله متأنس وغافر للخطايا . لاجل ذلك قال له : انا المحتاج ان أعتمد منك . ولذلك اجابه ربنا له المجد قائلاً : ضع يدك واسكت لان للآب قولاً سيقوله . ثم كان واجباً على يوحنا ان ينادي باسم المسيح ليشتهر امره عند الناس كما اشتهر هو قبل مجيء المسيح اذ لم يكن غيره ، كقول زكريا له : وانت ايها الصبي نبي العلي تدعى . ولكي لا يبقى مجالاً لليهود ليتكلموا عنه . قائلين فأرسل يوحنا ليكرز على اليهود بالتوبة فاخذ يكرز عليه ولم يكرز هو على نفسه . وقد أعتمد وهو ابن ثلاثين سنة لان آدم وحواء خلقا في مثل هذا العمر ثم صار بداية العالم الجديد . وخلقنا بالمعمودية خلقةً جديدةً . واذ كان مزمعاً ان يحل الناموس بقي الى الثلاثين من عمره حافظاً للناموس لئلا يقول أحدا من مرتكبي المعاصي المخالفين للناموس انه لم يستطع ان يحفظه فتعداه ظناً منهم ان الانسان في ايام شبابه تتغلب عليه الشهوات النفسانية كما يتغلب عليه في أيام طفولته عدم الراي وقلة الصبر وفي عهد الرجولية محبة الفضيلة . فلذلك انتظر المسيح الى ان يبلغ الثلاثين من العمر ليباشر العماد ليكون في عهدي الطفولة والشباب كاملاً في الفضائل كما كان كاملاً في عهد الشباب . وعلاوةً على ذلك اراد ان يفهم الجهلة ان يمتنعوا عن تعليم الشيوخ قبل ان تلتحي وجوههم . وببلوغه الثلاثة عشر من العمر أشار عن الاقانيم الثلاثة الذين ظهروا على النهر وعلمنا ان الناس يقومون يوم القيامة وهم في الثلاثين من العمر وان المعمودية هي دلالة الدفنة والقيامة . وفي ثلاثين سنة غلب الخطيئة وحارب الشيطان بثلاث حروب وقهر الموت في ثلاثة ايام وبثلاثة عشر سنة من العمر غلب الخطيئة وبعد ذلك اعتمد . والناموس بثلاثة شهود ينال النصرة والغلبة . وجاء الناموس ليعطينا الحياة بالعدل فالذي يعمل به يحيا . فلم نقدر ان ننال الحياة لسبب ضعف جسدنا فاحتجنا للنعمة لكي نحيا بها .

وفي السنة الخامسة عشرة من سلطنة طبياريوس قيصر .. الخ ( لو ص 3 : 1 )

فلما اراد ان يكتب الحق . وضع اسم الملك والزمان . وليعلم ان الرومانيون بعد ان ملكوا على اليهود وضعوا عليهم الجزية وقسّموا بلادهم الى أربعة أقسام . وعلى كل قسم اقاموا ملكاً لجمع الجزية . وكل واحد من المسلطين كان يدعى رئيس الربع . لذلك ذكر لوقا المسلّطين على اربعة اقسام المملكة بأسمائهم .

( يكرز في برية اليهودية ) البرية هي الارض البعيدة من العمارة . كان يكرز ليجتمع اليه الجموع وليريهم المسيح ويوصيهم ان يقبلوه . ولو ذكر لهم المسيح وكرّز عليهم في البيوت والمجامع لكان أُبغض منهم وقُتل . ولكن اذا اجتمع الجموع يكون معروفاً بشهادة الآب والروح ويوحنا . ويصير بعيداً من شهادة الكذب . وقوله في البرية اي في الزمان الذي كانت فيه انفس الناس خالية من كل عمل صالح . وايضاً الملك الذي انادي عنه هو معطي التوبة التي لم يعطها الناموس . ولما كان اليهود يسمعونه يتكلم عن التوبة ويدعوهم مذنبين كانوا يخرجون اليه . ثم انه بدأ كرازته بالتوبة ليفهم ان الملك الذي ينادي باسمه لا يريد الا التوبة لانه مصدرها.

تفسير (متى 3: 2) : قائلا ً : “ توبوا، لانه قد اقترب ملكوت السماوات .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

1) توبوا كان جوهر كرازة يوحنا لليهود هو هذه الكلمة "توبوا" وسجلتها الأناجيل ليبدأ العصر المسيحى أيضا بكلمة التوبة وكان العهد أمام يوحنا بالتوبة  أى بترك الخطية هو الغسل بالماء فقط أما فى المسيحية فالعهد بغسل الماء يكمل بغفران الخطايا بالروح القدس أى أن التوبة هى ترك الخطية وقفت عند معمودية يوحنا بالعهد من الإنسان بتركها وأكملت فى شريعة الكمال المسيحى بغفران الخطايا بالروح القدس

الخطية هي انفصال عن الله، فالتوبة إذن هي رجوع إلي الله والرب يقول "ارجعوا إلي، أرجع إليكم" (ملا 3: 7). والابن الضال حينما تاب، ورجع إلي أبيه (لو 15: 18، 20). ومادامت الخطية خصومه مع الله، تكون التوبة هي الصلح مع الله وهذا ما ذكره معلمنا القديس عن عمله الرسولي، قال "إذن نسعى كسفراء عن المسيح: تصالحوا مع الله" (2 كو 5: 20).و التوبة لا تقتصر علي الصلح، إذ بها يعود اله فيسكن الله في قلوبهم حيث تسكن الخطية ؟‍ والكتاب يقول "أية شركة للنور مع الظلمة؟‍" (2 كو 6: 14).+ والتوبة أيضًا هي يقظة روحية. لأن الإنسان الخاطئ هو إنسان غافل، "إنها الآن ساعة لنستيقظ من النوم" (رو 13: 11).  التوبة هي رجوع الإنسان إلي نفسه. أو هي رجوع النفس إلي حساسيتها الأولي، ورجوع القلب إلي حرارته ورجوع الضمير إلي عمله. وحسنًا قيل عن الابن الضال في توبته "فرجع إلي نفسه" (لو 15: 17). الخطية تعتبر موتًا روحيًا، كما يقول الكتاب عن الخطاة أنهم "أموات بالخطايا" (أف 2: 5)، تكون التوبة إذن انتقالًا من الموت إلي الحياة حسب تعبير القديس يوحنا الإنجيلي (1 يو 3: 14). يقول القديس بولس الرسول "استيقظ أيها النائم، وقم من الأموات، فيضئ لك المسيح" (أف5: 14). والقديس يعقوب الرسول يؤكد نفس المعني إذ يقول "من رد خاطئًا عن طريق ضلاله، يخلص نفسًا من الموت، ويستر كثرة من الخطايا" (يع 5: 20). + التوبة هي قلب جديد طاهر، يمنحه الرب للخطاة، يحبونه به هي عمل إلهي يقوم به الرب في داخل الإنسان، "أورش عليكم ماء طاهرًا، فتطهرون من كل نجاستكم.. وأعطيكم قلبًا جديدًا، وأجعل روحًا جديدة في داخلكم.. وأجعلكم تسلكون في فرائضي، وتحفظون أحكامي وتعلمون بها" (حز 36: 25 - 27).+ *التوبة هي التحرر من عبودية الخطية والشيطان..· ومن أغلال العادات الخاطئة، ومن السير وراء الشهوات.. ولا يمكن أن ننال هذه الحرية بدون عمل الرب فينا. ولذلك يقول الإنجيل "إن حرركم الابن، فبالحقيقة أنتم أحرار" (يو 8: 36). إنها حقًا حرية لأن "كل من يعمل الخطية هو عبد للخطية" (يو 8: 34). نحصل علي هذه الحرية، إن كنا بالتوبة نثبت في الحق، وليس في الباطل والحق يحررنا (يو 8: 32).+ * التوبة إذن هي ترك الخطية، ولكن من أجل محبه الله.+ التوبة الحقيقية هي ترك الخطية، بلا رجعة. + التوبة هي صرخة من الضمير، وثورة علي الماضي.· إنها اشمئزاز من الخطية، وندم شديد، ورفض للحالة القديمة، مع خجل وخزي منها. لذلك قيل عن التوبة إنها "قاضٍ لا يستحي". + التوبة هي تغيير لحياة الإنسان. + · التوبة هي استبدال شهوة بشهوة. هي شهوة للحياة مع الله، بدلًا من شهوة الخطية والجسد. وهنا لا تقتصر التوبة علي الجانب السلبي، الذي هو ترك الخطية ومحبتها إنما تدخل من الناحية الإيجابية في محبه الله وملكوته وطرقه.. إنها حرارة لا تسري في الإنسان، وتشعله بالرغبة في حياة طاهرة ولهذا قيل عن التوبة أيضًا:+ التوبة تجديد للذهن. · تجديد الطبيعة يكون في المعمودية (رو 6: 4). أما تجديد الذهن فإنه يكون في التوبة، عملًا بقول الرسول "تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم، لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة" (رو 12: 2).+ * التوبة هي المفتاح الذهبي، الذي يفتح به باب الملكوت.. أن التوبة هي زيت في مصابيح العذارى، يجعلهن أهلًا للدخول إلي العرس (متي 25).+ · والتوبة هي القناة التي توصل استحقاقات الدم من الصليب.إن الطريقة الوحيدة التي تمحي بها خطايانا بعد المعمودية. لذلك قال البعض عنها إنها "معمودية ثانية".. إنها جحد للشيطان مرة أخري. أنها فض للشركة التي بين الخاطئ والشيطان، ليدخل في شركة مع الروح القدس (2 كو 13: 14).+ التوبة جمرة نار يلقطها أحد السارافيم من فوق المذبح.· ويمحو بها إثم الخاطئ قائلًا له "قد انتزع إثمك، كفر عن خطيبتك" (أش 6: 7). إنها الوسيلة الوحيدة التي تمحي بها خطايانا من كتاب دينونتنا.. وما أجمل قول الرب في ذلك: أنساها "لا أذكر خطيئتهم بعد" (أر 31: 34). ومن أهمية التوبة في نوال المغفرة، قول الرب "أن لم تتوبوا فجميعكم هكذا تهلكون" (لو 13: 3).+ * التوبة هي طريق الهروب من الغضب الآتي.
2) اقترب إقترب زمن ظهورمن يعطى الملكون وذلك بناء على ما حدث فى زمن ولادة يسوع وأنه على وشك أن يظهر فى بنى أسرائيل المسيح المخلص وقرب زمن إعلان ذاته وإتمام كل نبوة من نبوات الملكوت

3) ملكوت السماوات ”  تفيد هذه العبارات عدة معان: حياة التقوى في القلب (مت 6: 33) والنظام الذي أتى المسيح لينظمه (مت 4: 17 و13: 11 واع 1: 3) وتفضل شعب الله حسب اختيار الرب (مت 21: 43) ومجد المسيح وتسلطه (مت 16: 28) وسلطان الله على الكل (مت 6: 10) والحالة السماوية (مت 8: 11 و2 بط 1: 11).
سمي شعب بني إسرائيل مملكة كهنة (خر 19: 6) وسمي يسوع ملكًا (مز 2: 6-9) وقد كثرت النبوات المنبئة بتأسيس مملكة المسيح وامتدادها (اش ص 2 ومي ص 4 وار 23: وحز 34: 22-31 وغيرها) وأتى يوحنا ليبشر بها (مت 3: 2) وأخبر بها المسيح (مت 4: 17) وأوضح ما يختص بها وبالدخول إليها (مت 25: 34 ومر 9: 47 واع 14: 22) ودخل المسيح أورشليم بصفة ملك (لو 19: 38 قابل 1: 32) وأرسل المسيح تلاميذه ليبشروا بهذا الملكوت على أو وقت ظهوره كان معروفًا عند الآب وحده (مت 24: 36 واع 1: 7). ووضع حجر أساسه يوم الخمسين بفيضان الروح القدس ومن ثم بشر به التلاميذ (أع 8: 12 و20: 25 و28: 23) غير أنه لا يظهر تمامًا إلى أن يأتي المسيح ثانية (2 تي 4: 1 ودا 7: 13 ومت 13: 43 ولو 22: 29 و30).
وبعد تمام ملكوت المسيح وجميع الأنفس التي تخلص سيسلم المسيح الملكوت الذي أخذه عند صعوده (اف 1: 20) إلى الآب (1 كو 15: 24) ويصير ملكوت الله (عب 1: 8) إلى الأبد.
وأما الكنيسة الروحية غير المنظورة فهي من ضمن ملكوت الله (مت 13: 24 ومر 4: 26 ولو 13: 18-21 ويو 18: 33-37).
(أ) أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو: هل "ملكوت الله" "هو ملكوت السموات"، عبارتان مترادفتان؟
(1) يصر بعض القبلانيين (الذين يقولون بأن المسيح سيأتي ثانية قبل الملك الألفي) على أنهما تدلان على أمرين مختلفين، ويقولون إن ملكوت السموات يشير إلى الملك الأرضي الذي وعد به الرب شعبه في القديم، بينما يشير "ملكوت الله" إلى ملك المسيح روحيًا على قلوب المؤمنين.
(2) ويعتقد البعض الآخر من القبلانيين أنهما مترادفان.
(3) أما من لا يعتقدون بوجود الملك الألفي الحرفي، ومن يعتقدون أن المسيح سيأتي ثانية بعد الملك الألفي، فيرون أيضًا أنهما مترادفان.
(ب) ودراسة استخدام العبارتين تكشف لنا عن أن متى يستخدم عبارة "ملكوت السموات" 34 مرة، وعبارة "ملكوت الله" خمس مرات، بينما ترد عبارة "ملكوت الله" 14 مرة في إنجيل مرقس، 22 مرة في إنجيل لوقا ومرتين في إنجيل يوحنا، وست مرات في أعمال الرسل، وثماني مرات في رسائل الرسول بولس، ومرة في سفر الرؤيا. ويستخدم متى عبارة "ملكوت السموات" أربع مرات في نفس المواضع التي يستخدم فيها مرقس ولوقا عبارة "ملكوت الله" (مت 4: 17 مع مرقس 1: 15، مت 10: 7 مع لو 9: 2، مت 5: 3 مع لو 6: 20، ومت 14: 11 مع مرقس 4: 11، لو 8: 10).
ومن الواضح أنه كان لدى متى سبب في اختياره لعبارة "ملكوت السموات". لقد كان متى يهوديًا يكتب لليهود من جنسه، فاحترم عادتهم في حرصهم على عدم استخدام اسم الله إلاَّ في النادر من الحالات، ولذلك استخدم عبارة "ملكوت السموات" تجنبًا لاستخدام اسم الله (انظر لو 15: 18، حيث يقول الابن الضال: "أخطأت إلى السماء"، وهو يقصد أنه أخطأ إلى الله). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس الكتاب المقدس والأقسام الأخرى). ومن الجانب الآخر، لقد كتب البشيرون الثلاثة الآخرون إلى الأمم الوثنيين، فاستخدموا عبارة "ملكوت الله" التي تؤكد "وحدانية الله وسلطانه المطلق"، بينما عبارة "ملكوت السموات" كان يمكن أن يفهموها على أنها لا تنفي تعدد الآلهة في السماء. هذا على الأرجح هو ما جعل البشيرين الآخرين يتجنبون استخدام عبارة "ملكوت السموات".
ويرى البعض أن متى استخدم عبارة "ملكوت السموات" لأسباب لاهوتية، للتفريق بينها وبين "ملكوت الله"، إلا أننا نلاحظ أن متى يستخدم أيضًا عبارة "ملكوت الله" خمس مرات (مت 6: 33، 12: 28، 19: 24، 21: 31 و43). وأنه في حادثة الشاب الغني (مت 19: 23 و24) يذكر متى العبارتين بالتبادل كمترادفين.
(ج) جانبان للملكوت: وهناك جانبان للملكوت:
(1) في الحاضر: يبدو الجانب غير المنظور للملكوت، في الوقت الحاضر، في الأناجيل في الدعوة إلى التوبة في كرازة يوحنا المعمدان كما في كرازة المسيح (مت 3: 2، 4: 17 و23، لو 4: 43 مع مت 10: 7)، وفي تعليم المسيح عن القداسة كمميز للحياة المسيحية في الموعظة على الجبل (مت 5-7)، وفي حديثه عن أسرار الملكوت، وبخاصة عن بداية الملكوت الألفي (مت 13: 19 و24 و33 و44 و45 و47 و52 ومرقس 4: 30).
وهناك فصول في الرسائل تبين أن ملكوت الله على الأرض الآن لا يضم إلا الذين أنقذهم من سلطان الظلمة ونقلهم إلى ملكوت ابن محبته (كو 1: 13). فالملكوت يوجد الآن حيثما يعيش المسيحيون في خضوع لمشيئة الله، بعمل قوة نعمته في تغيير حياتهم (1كو 4: 20). فليس الملكوت هو الحصول على ما يريده الإنسان من أكل أو شرب، بل هو السلوك المستقيم في سلام وتوافق مع غيره من المؤمنين، والفرح في الروح القدس (رو 14: 17).
(2) في المستقبل: إن الجانب المنظور من الملكوت حين يملك المسيح على الأرض نجده واردًا في فصول عديدة من العهد القديم (انظر مثلًا تث 30: 1-10، مز 2، مز 72، 89: 19-29، مز 110، إش 11: 1-16، 65: 17-66: 24، إرميا 32: 36-44، 33: 4-22، يؤ 3: 17-21، زك 14: 9-17). وكان اليهود يتطلعون إلى هذا الملكوت المنظور. وقد ذكر الرب يسوع أمثال الملكوت (مت 13) ليكشف للتلاميذ السر بأن الملكوت يجب أن ينمو روحيًا بصورة خفية في عصر الإنجيل، ولكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، لأنه في زيارته الأخيرة لأورشليم ذكر مثل "الأمناء" لكي يعلَّمهم أن الملكوت الأرضي ما زال في طي المستقبل لأنهم "كانوا يظنون أن ملكوت الله عتيد أن يظهر في الحال" (لو 19: 11-27).
والسؤال الأخير الذي سأله التلاميذ للرب بعد قيامته، وقبيل صعوده، وهو: "يا رب هل في هذا الوقت ترد المُلك إلى إسرائيل؟" (أع 1: 6). ولم يقل لهم المسيح إنه لن تكون هناك مملكة أرضية، أو لن يكون هناك رد للملك لإسرائيل. وحيث أنه لم يقل لهم من قبل ولا في إجابته على هذا السؤال الأخير شيئًا ليغير من مفهومهم واعتقادهم فيما يختص بهذا الملك لابن داود على شعبه، فلابد أنهم كانوا على صواب في مفهومهم لذلك المُلك رغم أنهم لم يميزوا الأوقات. وأي استنتاج آخر يعني أنهم كانوا على خطأ، وأننا نعلم أكثر مما كانوا يعلمون، وأن المسيح تركهم في جهلهم (للمزيد من المعرفة عن الملكوت في المستقبل، يمكن الرجوع إلى قسم "الألف السنة" في موضعها بموقع الأنبا تكلا، وإلى قسم "مجيء المسيح ثانية".
 

 

أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية

فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

ياتي ملكوت السماء على عدة معان فان مجيء ربنا الاول يدعى ملكوت السماء . وقد دعى مجيئه الثاني ملكوتاً اذ قال ” ان كنت انا بروح الله اخـرج الشياطين فقد اقترب ملكوت الله ” اي أن مجيء وبشارة الانجيل تدعى ملكوتاً ، اذ قال ” تشبه ملكوت السماء حبة خردل والخمير واللؤلؤة الثمينة والذخيرة المفيدة جداً ” . وقد دعى للرؤيا التي يرى بها في الآخرة ملكوت السماء كقوله ” ان من القيام ها هنا قوماً لا يذوقون الموت حتى يروا ابن الانسان آتياً في ملكوته ” ( مت 16 : 28 ) . ثم شبّه ملكوت السماء بالأمانة ومواعيدها كقوله ” ولكن الأصغر في ملكوت السموات أعظم منه ” ( مت 11 : 11 ) . ثم بالارادة والاختيار والسلطة الذاتية الموجودة فينا كقوله ” ملكوت السماء داخلكم ” اي تأخذونه بإرادتكم . ويشير الى الطهارة بواسطة المعمودية كقوله ” ان كان أحد لا يولد بالماء والروح لا يقدر ان يدخل ملكوت الله ” ( يو 3 : 5 ) والدينونة الاخيرة والامتحان كقوله ” من حلّ واحدة من هذه الوصايا يدعى صغيراً في الملكوت ” . وكما ان مقر الابرار والصالحين هو الملكوت ، هكذا ان جهنم هي مقـر عذاب المنافقين واضاف على ذلك قائلاً : ” ان ملكـوت السموات يُغصَب ” ( مت 11 : 12 ) . والفرق بين ملكوت السماء وملكوت الله هو : ان ملكوت الله  على ما ارتآه البعض ويراد به التأمل في الله والتلذذ به ، وملكوت السماء هو التأمل بالمخلوقات والتلذذ بها . وآخرون يقولون ان كليهما واحد الا ان واحداً من الانجيليين دعاه ملكوت السماء وآخر ملكوت الله . وآخرون قالوا ان الفرق بينهما كالذي يعطي والذي يأخذ . فانه بتوجيه بصرك الى واهب الحياة والنور يكون في ذلك ملكوت الله وعند نيلك تلك المواهب السماوية وتفكيرك فيها يكون ملكوت السماء فالموهبة واحدة . فمن جهة المواهب يقال انها ملكوت الله ومن جهة الاخذ يقال انها ملكوت السماء . والبعض يدعوا بشارة الانجيل التي فيها اوامر يرتقى بها الانسان الى السماء ملكوتاً . وآخرون يسمّون الثالوث الذي ظهر على الاردن ملكوت السماء . اما يوحنا فقد تعلم ذكر الملكوت من الروح لان الانبياء قبله لم يكرزون الا بملكوت الارض وخيرات العالم . لان اليهود كانوا يجهلون الملكوت وجهنم لاجل ذاك جاء يوحنا يكرز ليعلم اليهود من هو الذي ينادي عنه.

تفسير (متى 3: 3) : فان هذا هو الذي قيل عنه باشعيا النبي القائل : صوت صارخ في البرية اعدّوا طريق الرب . اصنعوا سبله مستقيمة “ .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

 (مر 1: 3) (لو 3: 4) (يو 1: 23) (لو 1: 71)

1) فان هذا هو الذي قيل عنه  ” هذه شهادة متى لكرازة يوحنا الذى أرسل ليتمم نيوة أشعياء النبى التى تنبأ بها قبل 700 سنة مضت وهكذا فسرها البشيرون الأربعة (أش 40: 3) صوت صارخ في البرية اعدوا طريق الرب.قوموا في القفر سبيلا لالهنا. " وهذه النبوة تشير جزئيا إلى رجوع بنى إسرائيل إلا أنها تمت بصورة واضحة برجوع بنى إسرائيل بالتوبة بواسطة يوحنا

2) صوت  ”  ظن البعض ان كلمة "صوت" أن هذا إسم ليوحنا تمييزا له عن المسيح الذى إسمه "الكلمة" وطن آخرون أن هذه التسمية أن حياته كرازته كلها فى الأساس فى المناداة بعد صمت الأنبياء وإنقطاع النبوة منذ زمن ملاخى

3) اعدّوا طريق الرب ” كانت العادة القديمة عند مرور ملك فى المدينة أن يرسل أمامه فى الطريق مناد ينادى ليستعد الشعب لقدومة فيزيلوا الموانع من الطرق ويقفون لأستقبالة يقدمون له الإحترام والخضوع .. وبلا شك أن المسيح أعظم من ملك بل هو ملك الملوك وملك على القلوب كان المنادى يصرخ فى الناس ليعدزا الطريق أمام الملك صرخ يوحنا فى اليهود ليعدوا الطريق أمام يسوع قائلا أعدوا طرق الرب بالتوبة  

 

أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية

فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

 قال قوم ان يوحنا قال ذلك عن نفسه فقد سبق النبي وسمّاه صوتاً . كما يبين يوحنا الانجيلي في ردّه الجواب على اولئك الذين سألوا عن يوحنا من عسى ان يكون ولماذا يُعمّد ؟ فاجاب عنه انه صوت صارخ في البرية . ويقول آخرون ان الجواب هو لمتى ففي كل موضع من الكتاب قد دعي يوحنا صوتاً . واشعيا قد تنبأ عنه فسمّاه صوتاً وسمّى المكان الذي فيه صرخ برية . وقال مرقس ها أنا مرسل ملاكي أمامه . فسمّاه ملاكاً لشرف أعماله اذ اخبر عن المسيح والملاك هو المخبر . وقد دعاه ملاخي النبي ايليا ( ص 4 : 5 )

( صوت صارخ في البرية ) ومثلما تُعرف الكلمة من الصوت هكذا عرف اليهود من صوت يوحنا انه المسيح جاء ليعتمد . ومثلما الصوت ينبّه بني البشر الى عمل الفضائل والصوت يغلب البشارة هكذا يوحنا بشر بغفران الخطايا

( اعدوا طريق الرب ) فيسمي المسيح رباً ويقول ” ابعدوا عن قلوبكم الخرافات والتعاليم القديمة واعدّوا انفسكم لقبول الناموس الجديد ” . ولقد وضع لهم يوحنا نواميس جديدة قبل نواميس المسيح .

( اصنعوا سبله مستقيمة ) اعني ناظرة الى جانب الخير كالطرق البسيطة التي لا اعوجاج فيها . في هذه اعدّ اليهود ان يلاقوا المسيح بالاعمال الصالحة . اما لوقا فادرج كل النبوة قائلاً :

“  كل واد يمتلي وكل جبل واكمة ينخفض ، وتصير المعوجات مستقيمة والشـعاب طرقاً سهلة  ( لو 3 : 5 )  “

( وكل واد ) اي الشعوب المتواضعين يرتفعون بالمسيح ( وكل جبل واكمّة ) اعني الشياطين والناس المتكبرين وصعوبة الناموس يتواضعون ويتبدلون الى الغيض وسهولة الايمان ( والشعاب ) اي العشارون والخطأة والزناة والمجوس واللصوص الذين رجعوا من أعمالهم الى معرفة الحق كقوله : ” الزناة يسبقونكم ” .

ويبصر كل بشر خلاص الله ( لو 3 : 6 ) وقوله كل بشر ليس لليهود فقط لكن الى جميع الشعوب تبلغ بشارة الحيوة . فينظرون حيوة الله الذي ذاق الموت لاجلنا بالجسد فبهذه الاقوال عرف النبي بالرمز تغيير الامور في المستقبل .

تفسير (متى 3: 4) : ويوحنا هذا كان لباسه من وبر الابل ، وعلى حقويه منطقة من جلد . وكان طعامه جراداً وعسلاً برياً .

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

 (مر 1: 1) (1صم 14: 15 و 16) يوحنا يشبة إيليا فى ملابسة وعاداته وكان موافقا لوضظيفته لأنه كما يقال فى المسيحية أنه أتى بروح إيليا

1) وبر الابل  ”  نستنتج من سفر زكريا (زك 13: 4) أن وبر الإبل كان لبس بعض الأنبياء الخاص فى العهد القديم وكانت الثياب المصنوعة من وبر الإبل خشنة رخيصة يلبسها الفقراء .. وقد أوضح يسوع لماذا يلبس يوحنا هذه الملابس (لو 7: 25) بل ماذا خرجتم لتنظروا؟ اانسانا لابسا ثيابا ناعمة؟ هوذا الذين في اللباس الفاخر والتنعم هم في قصور الملوك." وكان النبى إيليا يلبس ملابس مثل ملابس يوحنا (2مل 1: 8) "فقالوا له انه رجل اشعر متنطق بمنطقة من جلد على حقويه.فقال هو ايليا التشبي. "

2) منطقة من جلد أى كمنطقة (حزام عريض حول الوسط ) إيليا وإختلفت با،ها جبد .. أما مناطق الناس فإنها كانت ثمينة لدقة صنعها وقد تصنع من مواد نفيسة مثل الذهب

3) جراداً الجراد الصحراوى كبير الحجم وأجازت الشريعة الموسوية أكله (لا 11: 22) هذا منه تاكلون.الجراد على اجناسه وما زال يأكله العرب فى السعودية وبعض البلدان الأخرى .. يوحنا كان نذيرا فورد فى (لو 1: 15) " لانه يكون عظيما امام الرب وخمرا ومسكرا لا يشرب ومن بطن امه يمتلئ من الروح القدس "

4) عسلاً برياً ” يكثر العسل البرى فى شقوق الصخور فى البرية حيث كان يوحنا مقيما فى البرية فلم يكن يوحنا محتاجا لأحد فى معيشته  

 

أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية

فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

  لقد كان واجباً على يوحنا ان يلبس الحرير لانه من ابناء الكهنة فاختار لبس الوبر ليتم قول الملاك القائل : ” يتقدم امامه بروح ايليا وقوته ” ( لو 1 : 17 ) فلذا يجب ان يشبه ايليا الشعراني . ورب معترض يقول ان لباس ايليا كان طبيعياً لا استعارياً فنجيب انه كان كذلك ليتشبه بيعقوب لان هذا بشعره الاستعاري نال البركة وعيسو بالطبيعي رذل . ولانه كان يكرز للتوبة والشعر هو علامة التوبة . ويشهد لذلك اهل نينوى وحزقيا واخاب اذ لبسوا الشعر . وشاول أمر الكهنة ان يلبسوا الشعر . وقد لبس يوحنا الشعر لا الصوف خلافاً للعادة ليدل بذلك على العيشة الجديدة التي كان يكرز بها وان تعليمه شريف وغريب عن معرفة العالم وقريب الى السماء . وقد اختار وبر الجمل دون غيره دلالة على الناموس المنتقم هو كالجمل ولا يقبل التوبة . وان الجمل هو من الحيوانات الطاهرة والنجسة معاً فهو طاهر لانه يشتر وهو نجس لانه غير مشقوق الظلف فاتحذ يوحنا وبره لباساً له ليشير بذلك الى ان كرازته متوسطة تدعو اليهود الاطهار والشعوب الانجاس الى التوبة كمعموديته المتوسطة ما بين معمودية اليهود ومعموديتنا . اما الانجيل : فيدعوا الفريقين للايمان . ثم لبس منطقة من الجلد تشبهاً بايليا النبي الذي كان متمنطقاً بمثلها . كذلك كان بطرس وبولس متمنطقين بجلد مائت اشارة الى انهما قد ماتا عن الشهوات اللحمية . والروح القدس كان رفيقه ومعلماً وحارساً له .

( وكان طعامه جراداً وعسلاً برياً ) . قال قوم ان الجراد هو العسل الذي نأكله . لان بر الزيفيين حار وموجود فيه الجراد والنحل على الدوام . وقال آخرون انها عروق كان يسحقها ويخلطها بالعسل فيأكلها . وارتاى آخرون انها عقاقير حلوة كان يقتات بها ويأوي في القفر . ومترجم سيرته من اليوناني الى السرياني ظن بالتباس الكلمتين ان مأكوله كان الجراد والعسل وآخرون قالوا ان مأكوله كان من الحليب وعسل البراذ . الحليب يناسب طفولته والعسل طوّر الرجولة . وآخرون ذهبوا الى ان الجراد هي عروق طرية تشبه الجزر وطعمها مكروه . وآخرون قالوا انها اشجار لها زهر يشبه الجراد وطعمه حلو كالعسل . وبعضهم افاد انها قضبان فروع جدد . والعسل هو عسل بري مر من عمل النحل البري . وغيرهم افاد انه جراد طائر وعسل طبيعي دائم الوجود لحرارة البلد واعتدال الفضاء فيه . قال القديس ايسودورس انها قضبان بعض الاشواك وقضبان الكرمة . وآخرون يسمون كرازته مأكولاً وسماها هو جراداً . أي يطير للسماء كل من يؤمن بالمسيح . وقد جرت عادة الكتاب ان يسمي التعليم ماكولاً كقول المسيح : ” ليس بالخبز وحده يحيا الانسان ” ( مت 4 : 4 ) . وآخرون قالوا انه اراد بالجراد الفريسيين والصدوقيين لانهم اشرار كالافاعي والحشرات السامة فغيّرهم بكرازته وجعلهم يرتفعون الى السماء اطهاراً كما ان الجراد هو طاهر بالناموس . وبالعسل يشير عن الشعوب الذين كانوا كعيون تجري منها مرارة الكفر والشرور . وكرازة يوحنا غيّرتهم وجعلتهم كالمجاري يجري منها الحق وحلاوة الاعمال . وقد مارس يوحنا ثلاثة امور صعبة وهي القوت واللباس والسكن في القفر . وكل ذلك لاجل الله والملكوت ولكي يكون مثالاً للذين من بعده سالكين خطواته

تفسير (متى 3: 5) : حينئذ خرج اليه اورشليم وكل اليهودية وجميع الكورة المحيطة بالاردن ،

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

(مر 1: 5) (لو 3: 7)

1) خرج خرجوا من بيوتهم وتركوا قراهم ليذهبوا إليه غى البرية التى بجانب نهر الأ{دن وعلى شاطئه فى منطقة كسر اليهود (قصر اليهود)

2) اورشليم وكل اليهودية  ” أورشليم عاصمة إقليم اليهودية ويقصد أن أورشليم وكل إقليم اليهودية خرجوا إليه 

3) جميع الكورة المحيطة بالاردن ” كانت هناك قرى كثيرة حول نهر الأردن ربما أستقلوا القوارب ليذهبوا إليه فقد إنتشر أسمه كنبى وله تلاميذ ينقلون كلماته إلى الشعب وذلك دليل على أن اليهود فى ذلك الوقت كانوا كالأرض الجافة ينتظرون ماءا ليروى عطشهم وقد إنبهروا من أسلوب يوحنا كان يوحنا نموذجا لمن سلم حياته للرب مظهرا ومعيشة ونسكا فكانت كلماته تخترق ضمائر اليهود فكانوا يأتون إليه ليعتمدوا بمعمودية التوبة بعهد تاركين خطاياهم تنزل مع أوساخهم وقذارتهم فى نهر الأردن مع العلم أن هذه المعمودية ليست معمودية المسيحية ولم تتكن بدلا من الختان معمودية يوحنا كانت معمودية توبة لم تكن بها غفران بل كانت عهدا من الإنسان أنه سيترك الخطية فقط بغسل الماء لأن المسيح لم يكن قدم فداؤه بعد على الصليب وأن المسيح عمد تلاميذه وتلاميذه عمدوا   

 

أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية

فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

   لقد حرّك الله قلوبهم ليخرجوا اليه مثلما حرك قلوب المجوس ليأتوا عند المسيح وألهم كورش ان يطلق المسببين . والا فكيف كانوا يخرجون الى من لم يعرفوه ولا يعرفون اهله واقرباءه . ولانهم سمعوا عن ميلاد المسيح ومجيء المجوس وقتل الاطفال وغير ذلك . وبعدها سمعوا عن يوحنا انه مزين بالفضائل والاعمال فظنوا انه هو المسيح . والدليل على ذلك أنهم بعثوا اليه رسلاً يسألوه : اذا كان هو المسيح . فأجابهم : بأنه رسوله . ومما زادهم اعتقاداً انه هو المسيح قول الملاك حين الحبل به : ” ويتقدم امامه وجهه ليهيئ للرب شعباً مستعداً ” ( لو 1 : 17 ) . ثم منظره الذي كان متغيراً من التقشف وكان يرهب الانسان من بهائه وهيبته ولم يكن يقص شعره لتقشفه . ثم من نبوة اشعيا عنه اذ دعاه فيها صوت صارخ في البرية . ولان النبوة كانت قد زالت عنهم منذ زمان فحين سمعوه يتنبأ قائلاً : ان الذي يأتي بعدي هو اقوى مني . جاءوا معه الى الاردن ليريهم المسيح الذي كلمهم عنه دون ان يخافوا من ان يعرض لهم ما قد عرض لتوداس وليهوذا الجليلي . فضلاً عن انه لم يكن يحرض الجمع ليتمردوا على الرومانيين لكنه كان يكرز بمعمودية التوبة وملكوت السماء فقط .

 تفسير (متى 3: 6) واعتمدوا منه في الاردن ، معترفين بخطاياهم

فيما يلى تفسير انجيل متى  - مار ديونيسيوس ابن الصليب ـ من كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد

 

ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد المؤرخ / عزت اندراوس

(أع 19: 4 - 18)

1) واعتمدوا منه  ” كانت هذه المعمودية مختلفة عن التطهير الذى يمارسه اليهود فهى تطهير أخلاقى / وكانت تستعمل قديما مقرونة بالذبائح والتى هى برهانا على إرتباطها بعمل الفداء وقد مارسها يوحنا بأمر إلهى (يو 1 :: 19 - 28)  ومن الواضح فى هذه الفقرة التى وردت فى إنجيل يوحنا أن كهنة اليهود واللاويين عندهم علم بان المسيح سيعمد وقد عمد المسيح فعلا التلاميذ (يو 3: 22 و 26) "وبعد هذا جاء يسوع وتلاميذه الى ارض اليهودية، ومكث معهم هناك، وكان يعمد."   وتلاميذه عمدوا على أسمه (يو 4: 2) مع ان يسوع نفسه لم يكن يعمد بل تلاميذه " وأطلق على يوحنا لقب المعمدان لأن رسالته امام المسيح أن يهئ الطريق بمعمودية التوبة والمسيح سيعطى الغفران بالروح القدس .. وعموما كان اليهود يمارسون المعمودية لقبول المتهوديين وفى ممارستهم للمعمودية بيد يوحنا تشير إلى عدم طهارة الأمة اليهودية فى ذلك الوقت وإحتياجهم إلى التطهير بواسطة التوبة وكانت المعمودية إشارة إليه  ومن جهة أخرى، كان العماد ممارسة شائعة في العهد القديم انطلاقاً من الحاجة الى تطهير الذات ونجد هذا التوجيه أيضاً في العهد الجديد (يوحنا ٩: ٧) عندما طلب يسوع من الأعمى: “ثم قال له: (( اذهب فاغتسل في بركة سلوام)) ، أي الرسول. فذهب فاغتسل فعاد بصيرا”كان موضوع كرازته هو "معمودية التوبة" للتمتع بغفران الخطايا. وقد حملت معموديته قوتها لا في ذاتها، وإنما في رمزها لمعمودية السيد المسيح، كما حملت الحية النحاسية في أيام موسى قوة الشفاء من أجل رمزها للصليب. هكذا كان القديس يوحنا المعمدان يعدّهم بمعموديته للتمتع بمعمودية السيد المسيح ويدفعهم إليها حتى ينعموا لا بغفران الخطية فحسب، وإنما بشركة الدفن مع السيد والقيامة، لتكون لهم الحياة الجديدة المقامة (رو 6: 4-5). وكما يقول القديس جيروم: [كما كان هو سابقًا للمسيح، كانت معموديته تمهيدًا لمعمودية الرب.]
ويرى القديس أمبروسيوس أن يوحنا المعمدان يمثل نهاية الناموس في دفعه الإنسان إلى التمتع بالمسيح وقيادة الكل إليه، وذلك كما تقود التوبة إلى نعمة السيد لنوال المغفرة، إذ يقول: [كانت الكلمة على يوحنا لينادي بالتوبة، من هنا كان يوحنا في نظر الكثيرين صورة للناموس الذي يكشف الخطية، لكنه يعجز عن غفرانها. من كان سائرًا في طريق الأمم يرده الناموس عن ضلاله، ويرجعه عن آثامه، ويدفعه إلى التوبة لنوال الغفران، إذ "كان الناموس والأنبياء إلى يوحنا" (لو 16: 16). هكذا هيأ يوحنا طريق المسيح يسوع مبشرًا بالناموس، وذلك كما تعلن الكنيسة عن النعمة بالتوبة.]
ج. في صراحة ووضوح أعلن القديس يوحنا المعمدان أنه ليس المسيح، معموديته غير معمودية السيد، وشخصه أقل من أن يقارن بشخص السيد. فمن جهة المعمودية يقول: "أنا أعمدكم بماء، وأما هو فسيعمدكم بالروح القدس". كانت معمودية يوحنا ظلًا أو رمزًا تمس غسلات الجسد، أما معمودية السيد المسيح فبحق تقدس الجسد والروح معًا، وكما يقول القديس أمبروسيوس: [الماء والروح لا يفترقان، إذ اختلفت معمودية التوبة عن معمودية النعمة التي تشمل العنصرين معًا، أما الأولى فتخص عنصرًا واحدًا. إن كان الجسد والنفس يشتركان معًا في الخطية، فالتطهير واجب للاثنين.]
أما من جهة شخص السيد فيقول: "يأتي بعدي من هو أقوى مني، الذي لست أهلًا أن أنحني وأحل سيور حذائه". يقول القديس أمبروسيوس: [لم يقصد يوحنا بهذه المقارنة إثبات أن المسيح أعظم منه، فلا وجه للمقارنة بين ابن الله وإنسان. إذ يوجد أقوياء كثيرون، فإبليس قوي: "لا يستطيع أحد أن يدخل بيت القوي وينهب أمتعته إن لم يربط القوي أولًا". (مر 3: 27)، لكن لا يوجد من هو أقوى من المسيح، دليل ذلك أن يوحنا لم يشأ أن يقارن نفسه بالمسيح بقوله: "لست مستحقًا أن أحل سيور حذائه
".]
د. يعلن القديس يوحنا أنه غير مستحق أن يمد يده ليحل سيور حذائه، وكما سبق فرأينا أن في هذا إشارة إلى إعلانه عن عجزه لإدراك سرّ تجسده، كيف صار كلمة الله إنسانًا
. على أي الأحوال لقد أحنى السيد المسيح رأسه تحت هذه اليد المتواضعة ليكمل كل برّ، وكما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم: [اليدّ التي أكد أنها غير مستحقة أن تمس حذائه سحبها المسيح على رأسه

2)  فى الاردن  ” يعنى داخل النهر يعنى الدفن فى الماء

3) معترفين بخطاياهم  ” لم تكن معمودية يوحنا مجرد طقس بركة من ذاتة أو قداسة يوحنا لأنه نبى بل كانت إعتراف بالخطايا التى يمارسونها بإنتظام وتعاهدوا بالمعمودية بالتوبة وتركها وهذا أفعتراف دليل على الديانة اليهودية فى ذلك الوقت زاغت وإنحرفت وأنهم كأمة يستحقون الدينونة ويفهم من قول متى هنا أن الإعتراف كان علنا وليس سرا وذلك ظاهر من تزاحم الألاف فلم يكن الإعتراف سرا بل كان علنا ولم يكن هناك فرصة للإعتراف الإنفرادى وهذا الإعتراف كان (1) إختيارا لا إضراررا أو إجبارا (1) للرب وليس ليوحنا (3) إجمالا لا مفصلا (4) جهارا لا سرا (5) إعترافا بالخطايا التى إرتكبوها قبل المعمودية

جوهر الفرق بين معمودية يوحنا ومعمودية المسيحية هى أن الأولى علامة وعهد بالتوبة وترك الهطايا والثانية الإقرار بالمسيح والإعتراف به مخلصا وان الدفن معه بالمعمودية هوغفرانا للخطايا لأنه الوحيد الذى له القدرة على غفران الخطايا لأنه ذبيحة حية كفارة عن خطايانا وحملها على الصليب

 

أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية

فيما يلى كتاب الدر الفريد في تفسير العهد الجديد ـ تفسير انجيل متى – مار ديونيسيوس ابن الصليبي

فقد اعتمدوا منه لانه كاهن وابن كاهن وقد اعطاه الله عوض الذبائح المعمودية التي بواسطتها تبطل المعموديات وغسل الناموس . وبعد ان كانوا يعترفون بخطاياهم التي ارتكبوها كان يعمدهم للتوبة . ومن الغريب انهم لم يخافوا ان يظهروا خطاياهم مع ان الناموس كان يأمر بان من يعترف بخطاياه يموت بدون رحمة ولم يكن يغفر الا الخطايا الصغيرة المفعولة بلا معرفة . الا ان يوحنا لمزيد اعتباره عندهم كانوا يعترفون عنده لان الله قد اعطاه ان يعمد للتوبة ليفهمهم ان الناموس قد بطل وزمان الذبائح قد مضى وجاز وبلغ زمان العهد الجديد الذي يقبل الخطأة التائبين . لان الكهنوت في العهد القديم كان يقضي بتقديم الذبائح عوض الخطايا المفعولة بلا معرفة والخطايا التي بمعرفة كان يحكم على مرتكبيها بالقتل رجماً بالحجارة . اما كهنة العهد الجديد فيعمدون من غير ان يكشفوا الخطايا المرتكبة بمعرفة او بغير معرفة ويمنحون الغفران .

 

 

This site was last updated 01/17/21