Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

 ا

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
ظهور محمد على
New Page 1794
New Page 1795
New Page 1796
New Page 1464
New Page 1459
New Page 1460
New Page 1461
New Page 1462
New Page 1463
New Page 1802
New Page 1801
New Page 1803
New Page 1804
New Page 1805
New Page 1806
New Page 1807
New Page 1808
New Page 1809
New Page 1810
New Page 1811
New Page 1812
New Page 1813
New Page 1814
New Page 1815
محمد على والأقباط
زوجات وجوارى محمد على
محمد على والدولة الحديثة
قصر محمد على بالسويس
محمد على وتحديث مصر
سرقة مقبرة محمد على
Untitled 1918
Untitled 1919
Untitled 1920
مشاهير اللأقباط وقديسهم ومحمد على

Hit Counter

 

سنة 1233 هـ
واستهل المحرم بيوم الإثنين ووالي مصر وحاكمها الوزير محمد علي باشا وهو المتصرف فيها قبليها وبحريها بل والأقطار الحجازية وضواحيها وبيده أزمة الثغور الإسلامية ووزيره محمد بك لاظ المعروف بكتخدا بك وهو قائم مقامه في حال غيابه وحضوره والمتصدر في ديون الأحكام الكلية والجزئية وفصل الخصومات ومباشرة الأحوال نافذ الكلمة وافر الحرمة وآغات الباب إبراهيم آغا ومتولي أيضًا أمر تعديل الأصناف ليوفر على الخزينة ما يأكله المتولي على كل صنف ويخفي أمره فيشدد الفحص في المكيل والموزون والمذروع حتى يستخرج المخبأ ولو قليلًا فيجتمع من القليل الكثير من الأموال فيحاسب المتولي مدة ولايته فيجتمع له ما لا قدرة له على وفاء بعضه لأن ذلك شيء قد استهلك في عدة أيدي أشخاص واتباع ويلزم الكبير بأدائه ويقاسي ما يقاسيه من الحبس والضرب وسلب النعمة ومكابدة الأهوال وسلحدار الباشا سليمان آغا عوضًا عن صالح بك السلحدار لاستعفائه عنها في العام السابق وهو السلط على أخذ الأماكن وهدمها وبنائها خانات ورباعًا وحوانيت فيأتي إلى الجهة التي يختار البناء فيها ويشرع في هدمها ويأتيه أربابها فيعطيهم أثمانها كما هي في حججهم القديمة وهو شيء نادر بالنسبة لغلو أثمان العقارات في هذا الوقت لعموم التخرب وكثرة العالم وغلاء المؤن وضيق المساكن بأهلها حتى أن المكان الذي كان يؤجر بالقليل صار يؤجر بعشرة أمثال الأجرة القديمة ونحو ذلك ومحمود بك الخازندار وخدمته قبض أموال البلاد والأطيان والرزق وما يتعلق بذلك من الدعاوي والشكاوي وديوانه بخط سويقة اللالا والمعلم غالي كاتب سر الباشا ورئيس الأقباط وكذلك الدفتردار محمد بك صهر الباشا وحاكم الجهة القبلية والروزنامجي مصطفى أفندي وآغا مستحفظان حسن آغا البهلوان والزعيم علي آغا الشعرواي ومصطفى آغا كرد المحتسب وقد بردت همته عما كان عليه ورجع الحال في قلة الأدهان كالأول وازدحم الناس على معمل الشمع فلا يحصل الطالب منه شيئًا إلا بشق الأنفس وكذلك انعدم وجود بيض الدجاج لعدم المجلوب ووقوف العسكر ورصدهم من يكون معه شيء منه من الفلاحين الداخلين إلى المدينة من القرى فيأخذونه منهم بدون القيمة حتى بيعت البيضة الواحدة بنصفين وأما المعاملة فلم يزل أمرها في اضطراب بالزيادة والنقص وتكرار المناداة كل قليل وصرف الريال الفرانسة إلى أربعمائة نصف فضة والمحبوب إلى أربعمائة وثمانين والبندقي إلى تسعمائة نصف والمجر إلى ثمانمائة نصف وأما هذه الأنصاف العددية التي تذكر فهي أسماء لا وجود لمسمياتها في الأيدي‏.‏
وفي12 شهر المحرم سنة 1233 هـ  - 22 نوفمبر 1817 م  سافر الباشا إلى جهة الإسكندرية لمحاسبة الشركاء والنظر في بيع الغلال والمتاجر والمراسلات‏.‏
وفي 19 شهر المحرم سنة 1233 هـ  - 29 نوفمبر 1817 م ارتحلت عساكر أتراك ومغاربة مجردة إلى الحجاز‏.‏
واستهل شهر صفر بيوم الأربعاء سنة 1233 هـ

في 13 صفر سنة 1233 هـ  - 23 ديسمبر 1817 م وصل الكثير من حجاج المغاربة‏.‏
وفي يوم الجمعة 17 صفر سنة 1233 هـ  - 27 ديسمبر 1817 م وصل جاويش الحاج وفي ذلك اليوم وقت العصر ضربوا عدة مدافع من القلعة لبشارة وصلت من إبراهيم باشا بأنه حصلت له نصرة وملك بلدة من بلاد الوهابية وقبض على أميرها ويسمى عتيبة وهو طاعن في السن‏.‏
واستهل شهر ربيع الأول بيوم الجمعة سنة 1233 هـ 9 يناير 1818 م فيه وصل قابجي من دار السلطنة فعملوا له موكبًا وطلع إلى القلعة وضربوا له شنكًا سبعة أيام وهي مدافع تضرب في كل وقت من الأوقات الخمسة‏.‏
وفي هذا الشهر انعدم وجود القناديل الزجاج وبيع القنديل الواحد الذي كان ثمنه خمسة أنصاف بستين نصفًا إذا وجد‏.‏
واستهل شهر ربيع الثاني بيوم السبت سنة 1233 هـ  -  فبراير 1818 م ووفقه أيضًا أول أمشير القبطي‏.‏
وفي 15 شهر ربيع الثاني بيوم السبت سنة 1233 هـ  - 22 فبراير 1818 م سافر أولاد سلطان المغرب والكثير من حجاج المغاربة وكانوا في غاية الكثرة بحيث ازدحمت منهم أسواق المدينة وبولاق وما بينهما من جميع الطرق فكانوا يشترون الأغنام من الفلاحين ويذبحونها ويبيعوها على الناس جزافًا من غير وزن بعد أن يتركوا لأنفسهم مقدار حاجتهم فذهب الكثير لشراء منهم بسبب رداءة اللحم الموجود بحوانيت الجزارين ولو وقف عليهم بالثمن الزائد‏.‏
وفي أواخر شهر ربيع الثاني بيوم السبت سنة 1233 هـ  - أوائل مارس 1818 م حضر مبشر من ناحية الديار الحجازية يخبر بنصرة حصلت لإبراهيم باشا وأنه استولى على بلدة تسمى الشقراء وأن عبد الله بن مسعود كان بها فخرج منها هاربًا إلى الدرعية ليلًا وأن بين عسكر الأتراك والدرعيين مسافة يومين فلما وصل هذا المبشر ضربوا لقدومه مدافع من أبراج القلعة وذلك وقت الغروب من يوم الأربعاء سادس عشرينه‏.‏
واستهل شهر جمادى الأولى بيوم الأحد سنة 1233 هـ - 9 مارس 1818 م فيه نودي على طائفة المخالفين للملة من الأقباط والأروام بأن يلزموا زيهم من الأزرق والأسود ولا يلبسوا العمائم البيض لأنهم خرجوا عن الحد في كل شيء ويتعممون بالشيلان الكشميري الملونة والغالية في الثمن ويركبون الرهوانات والبغال والخيول وأمامهم وخلفهم الخدم بأديدهم العصي يطردون الناس عن طريقهم ولا يظن الرائي لهم إلا أنهم من أعيان الدولة ويلبسون الأسلحة وتخرج الطائفة منهم إلى الخلاء ويعملون لهم نشنبًا يضربون عليه بالبنادق الرصاص وغير ذلك فما أحسن هذا النهي لو دام‏.‏
وفي يوم السبت 21 جمادى الأولى سنة 1233 هـ - 29 مارس 1818 م حضر الباشا من غيبته بالإسكندرية أواخر النهار فضربوا لقدومه مدافع فبات بقصر شبرا وطلع في صبحها إلى القلعة فضربوا بها مدافع أيضًا فكانت مدة غيبته بالإسكندرية أربعة أشهر وتسعة أيام‏.‏
وفي أواخر جمادى الأولى بيوم الأحد سنة 1233 هـ - أوائل أبريل 1818 م وصل هجان من شرق الحجاز ببشارة بأن إبراهيم باشا استولى على بلد كبير من بلاد الوهابية ولم يبق بينه وبين الدرعية إلا ثمان عشرة ساعة فضربوا شنكًا ومدافع‏.‏
وفيه وصل هجان من حسن باشا الذي بجدة بمراسلة يخبر فيها بعصيان الشريف حمود بناحية يمن الحجاز وأنه حاصر من بتلك النواحي من العساكر وقتلهم ولم ينج منهم إلا القليل وهو من فر على جوائد الخيل‏.‏
ووقع فيه أيضًا الاهتمام في تجريد عساكر للسفر وأرسل الباشا بطلب خليل باشا للحضور من ناحية بحري هو وخلافه وحصل الأمر بقراءة صحيح البخاري بالأزهر فقرئ يومين وفرق على مجاوري الأزهر عشرة أكياس وكذلك فرقت دراهم على أولاد المكاتب‏.‏
واستهل شهر جمادى الثانية سنة 1233 هـ

في ليلة الثلاثاء 15 جمادى الثانية سنة 1233 هـ - 22 أبريل 1818 م حصل خسوف للقمر في سادس ساعة من الليل وكان المنخسف منه مقدار النصف وحصل الأمر أيضًا بقراءة صحيح البخاري بالأزهر‏.‏ وفيه ورد الخبر بموت الشريف حمود وأنه أصيب بجراحة مات بها‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 29 جمادى الثانية سنة 1233 هـ - 6 مايو 1818 م حصل كسوف للشمس في ثالث ساعة من النهار وكان وفي ذلك اليوم ضربت مدافع لوصول بشارة من إبراهيم باشا بأنه ملك جانبًا من الدرعية وأن الوهابية محصورون وهو ومن معه من العربان محيطون بهم‏.‏
واستهل شهر شعبان سنة 1233 هـ فيه حضر خليل باشا وحسين بك دالي باشا من الجهة البحرية ونزلوا بدورهم‏.‏
واستهل شهر رمضان بيوم الأحد سنة 1233 هـ

في يوم الأحد 15  شهر رمضان سنة 1233 هـ  - 19 يولية 1818 م   وصل نجاب وأخبر بأن إبراهيم باشا ركب إلى جهة من نواحي الدرعية لأمر يبتغيه وترك عرضيه فاغتنم الوهابية غيابه وكبسوا على العرضي على حين غفلة وقتلوا من العساكر عدة وافرة وأحرقوا الجبخانه فعند ذلك قوي الاهتمام وارتحل جملة من العساكر في دفعات ثلاث برًا وبحرًا يتلو بعضهم بعضًا في شعبان ورمضان وبرز عرضي خليل باشا إلى خارج باب النصر وترددوا في الخروج والدخول واستباحوا القطر في رمضان بحجة السفر فيجلس الكثير منهم بالأسواق يأكلون ويشربون ويمرون بالشوارع وبأيديهم أقصاب للدخان والتتن من غير احتشام ولا احترام لشهر الصوم وفي اعتقادهم الخروج بقصد الجهاد وغزو الكفار المخالفين لدين الإسلام وانقضى شهر الصوم والباشا متكدر الخاطر ومتقلق‏.‏
وكان هلاله عسر الرؤية جدًا فحضر جماعة من الأتراك إلى المحكمة وشهدوا برؤيته‏.‏
وفي غرة شوال سنة 1233 هـ  - 3 أغسطس 1818 م   ذلك اليوم الموافق 18 شهر أبيب القبطي 1534 ش أوفى النيل أذرعه فأخروا فتح سد الخليج ثلاثة أيام العيد ونودي بالوفاء يوم الأربعاء وحصل الجمع يوم الخميس رابعه وحضر فتح الخليج كتخدا بك والقاضي ومن له عادة بالحضور فكان جمعًا وازدحامًا عظيمًا من أخلاط العالم في جهة السد والروضة تلك الليلة واشتغلت النار في الحريقة واحترق فيها أشخاص ومات بعضهم‏.‏
وفي يوم السبت 6 شوال سنة 1233 هـ  - 8 أغسطس 1818 م خرج خليل باشا المعين إلى السفر في موكب وشق من وسط المدينة وخرج من باب النصر وعطف على باب الفتوح ورجع إلى داره في قلة من أتباعه في طريقه التي خرج منها‏.‏
وفيه انتدب مصطفى آغا المحتسب ونادى في المدينة ويأمر الناس بقطع أراضي الطرقات والأزقة حتى العطف والحارات الغير النافذة فأخذ أرباب الحوانيت والبيوت يعملون بأنفسهم في قطع الأرض والحفر ونقل الأتربة وحملها من خوفهم من أذيته ولعدم الفعلة والأجراء واشتغال حمير الترابين باستعمالهم في عمائر أهل الدولة فلو كان الاهتمام في قطع أرض الخليج الذي يجري به الماء فإنه لم تقطع أرضه وينقطع جريانه في أيام قليلة لعلو أرضه من الطمي وبما يتهدم عليه من الدور القديمة وما يلقيه على ذلك بهذه الفعلة إلقاء ما يحفرونه وينقلونه من أتربة الأزقة والبيوت القديمة منه فيه ليلًا ونهارًا‏.‏
وفي 8 شوال سنة 1233 هـ  - 10 أغسطس 1818 م ارتحل خليل باشا مسافرًا إلى الحجاز من القلزم وعساكره الخيالة على طريق البر‏.‏
وفي يوم السبت 13 شوال سنة 1233 هـ  - 15 أغسطس 1818 م نزلوا بكسوة الكعبة إلى المشهد الحسيني على العادة‏.‏
وفي يوم الاثنين 22 شوال سنة 1233 هـ  - 24 أغسطس 1818 م عمل الموكب لأمير الحاج وهو حسين بك دالي باشا وخرج بالمحمل خارج باب النصر تجاه الهمائل ثم انتقل في يوم الأربعاء إلى البركة وارتحل منها يوم الاثنين تاسع عشرينه وسافر الكثير من الحجاج وأكثر فلاحي القرى والصعايدة ومن باقي الأجناس مثل المغاربة والقرمان والأتراك أنفار قليلة‏.‏
وفي ذلك اليوم وصل قبجي وعلى يده تقرير لحضرة الباشا على السنة الجديدة وطلع إلى القلعة في موكب وقرئ التقرير بحضرة الجمع وضربت مدافع كثيرة وكذلك وصل قابجي صحبته فرمان بشارة بمولود ولد لحضرة السلطان فعمل له شنك ومدافع ثلاثة أيام في الأوقات الخمسة وذلك في منتصفه‏.‏
واستهل شهر ذي القعدة بيوم الأربعاء سنة 1233 هـ - أول أكتوبر 1818 م وانقضى والباشا منفعل الخاطر لتأخر الأخبار وطول الانتظار وكل قليل يأمر بقراءة صحيح البخاري بالأزهر ويفرق على صغار المكاتب والفقراء دراهم ولضيق صدره واشتغال فكره لا يستقر بمكان فيقيم بالقلعة قليلًا ثم ينتقل إلى قصر شبرا ثم إلى قصر الآثار ثم الأزبكية ثم الجيزة وهكذا‏.‏
واستهل شهر ذي الحجة الحرام بيوم الجمعة 1233 هـ - 8 أكتوبر 1818 م  في سابعه وردت بشائر من شرق الحجاز بمراسلة من عثمان آغا الورداني أمير الينبع بأن إبراهيم باشا استولى على الدرعية والوهابية فانسر الباشا لهذا الخبر سرورًا عظيمًا وانجلى عنه الضجر والقلق وأنعم على المبشر وعند ذلك ضربوا مدافع كثيرة من القلعة والجيزة وبولاق والأزبكية وانتشر المبشرون على بيوت الأعيان لأخذ البقاشيش‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 12 شهر ذي الحجة الحرام 1233 هـ - 12 أكتوبر 1818 م وصل المرسوم بمكاتبات من السويس والينبع وذلك قبل العصر فأكثروا من ضرب المدافع من كل جهة واستمر الضرب من العصر إلى المغرب بحيث ضرب بالقلعة خاصة ألف مدفع وصادف ذلك شنك أيام العيد وعند ذلك أمر بعمل مهرجان وزينة داخل المدينة وخارجها وبولاق ومصر القديمة والجيزة وشنك على بحر النيل تجاه الترسخانه ببولاق من النجارين والخراطين والحدادين وتقيد لذلك أمين أفندي المعمار وشرعوا في العمل وحضر كشاف النواحي والأقاليم بعساكرهم وأخرجوا الخيام والصواوين والوطاقات خارج باب النصر وباب الفتوح وذلك يوم الثلاثاء سادس عشرينه ونودي بالزينة وأولها الأربعاء فشرع الناس في زينة الحوانيت والخانات وأبواب الدور ووقود القناديل والسهر وأظهروا الفرح والملاعيب كل ذلك مع ما الناس فيه من ضيق الحال والكد في تحصيل أسباب المعاش وعدم ما يسرجون به من الزيت والشيرج والزيت الحار وكذا السمن فإنه شح وجوده ولا يوجد منه إلا القليل عند بعض الزياتين ولا يبيع الزيات زيادة عن الأوقية وكذلك اللحم لا يوجد منه إلا ما كان في غاية الرداءة من لحم النعاج الهزيل وامتنع أيضًا وجود القمح بالساحل وعرصات الغلة حتى الخبز امتنع وجوده بالأسواق ولما أنهي الأمر إلى من لهم ولاية الأمر فأخرجوا من شون الباشا مقدارًا ليباع في الرقع وقد أكلها السوس ولا يباع منها أزيد من الكيلة أكثرها مسوس وكذلك لما شكا الناس من عدم ما يسرج به في القناديل أطلقوا للزياتين مقدار من الشيرج في كل يوم يباع في الناس لوقود الزينة وفي كل يوم يطوف المنادي ويكرر المناداة بالشوارع على الناس بالسهر والوقود والزينة وعدم غاق الحوانيت ليلًا ونهارًا وانقضى العام بحوادثه ومعظمها مستمر‏.‏
فمنها وهو أعظمها شدة الأذية والضيق خصوصًا بذوي البيوت والمساتير من الناس بسبب قطع إيرادهم وأرزاقهم من الفائظ والجامكية السائرة والرزق الأحباسية وضبط الأنوال التي تقدم ذكرها وكان يتعيش منها ألوف من العالم ولما اشتد الضنك بالملتزمين وتكرر عرضحالهم فأمر لهم بصرف الثلث وتحول المصرفجي على بعض الجهات فكان كلما اجتمع لديه قدر يلحقه الطلب بحوالة من لوازم عساكر السفر المجردين وانقضى العام وأكثر الناس لم يحصل على شيء وذلك لكثرة المصاريف والإرساليات من الذخائر والغلال والمؤن وخزائن المال من أصناف خصوص الريال الفرانسه والذهب البندقي ولمحبوب الإسلامي بالأحمال وهي الأصناف الرائجة بتلك النواحي وأما القروش فلا رواج لها إلا بمصر وضواحيها فقط أخبرني أحد أعيان كتاب الخزينة عن أجرة حمل الذخيرة على جمال العرب خاصة في مرة من المرات خمسة وأربعين ألف فرانسه وذلك من الينبع إلى المدينة حسابًا عن أجرة كل بعير ستة فرانسه يدفع نصفها أمير الينبع والنصف الأخير يدفعه أمير المدينة عند وصول ذلك ثم من المدينة إلى الدرعية ما يبلغ المائة والأربعين ألف فرانسه وهو شيء مستمر التكرر والبعوث ويحتاج إلى كنوز قارون وهامان وإكسير جابر بن حيان‏.‏
ومنها العمارة التي أمر بإنشائها الباشا المشار إليه بين السورين وحارة النصارى المعروفة بخميس العدس المتوصل منها إلى جهة الخرنفش وذلك بإشارة أكابر نصارى الإفرنج ليجتمع بها أرباب الصنائع الواصلون من بلاد الإفرنج وغيرهم وهي عمارة عظيمة ابتدؤا فيها ممن العام الماضي واستمروا مدة في صناعة الآلات الأصولية التي يصطنع بها اللوازم مثل السندالات والمخارط للحديد والقواديم والمناشير والتزجات ونحو ذلك وأفردوا لكل حرفة وصناعة مكانًا وصناعًا يحتوي المكان على الأنوال والدواليب والآلات الغريبة الوضع والتركيب لصناعة القطن وأنواع الحرير والأقمشة والمقصبات‏.‏
وفي أواخر هذا العام جمعوا مشايخ الحارات وألزموهم بجمع أربعة آلاف غلام من ألاد البلد ليشتغلوا تحت أيدي الصناع ويتعلموا ويأخذوا أجرة يومية ويرجعوا لأهاليهم أواخر النهار فمنهم من يكون له القرش والقرشان والثلاثة بحسب الصناعة وما يناسبها وربما احتيج إلى نحو العشرة آلاف غلام بعد إتمامها والمحتاج إليه في هذا الوقت القدر المذكور وهي كرخانه عظيمة صرف عليها مقادير عظيمة من الأموال‏.‏
ومنها أنه ظهر بأراضي الأرز بالبحر الشرقي ناحية دمياط حيوان يخرج من البحر الشرقي في قدر الجاموس العظيم ولونه فيرعى الفدان من الزرع ثم يتقايا أكثره وكان ظهوره من العام الماضي فيجتمع عليه الكثير من أهل الناحية ويرجمونه بالحجارة ويضربون عليه بنادق الرصاص فلا تؤثر في جلده ويهرب إلى البحر واتفق أنه ابتلع رجلًا إلى أن أصيب في عينه وسقط وتكاثر عليه وقتلوه وسلخوا جلده وحشوه تبنًا وأتوا به إلى بولاق وتفرج عليه الباشا والناس وأخبرني غير واحد ممن رآه أنه أعظم من الجاموس الكبير طوله ثلاثة عشر قدمًا ولونه وجلده أملس ورأسه عظيم يشبه رأس ابن عرس وعيناه في أعلى دماغه واسع الفم وذنبه مثل ذنب السمك وأرجله غلاظ مثل أرجل الفيل في أواخرها أربع ظلوف طوال وأسفلها كخف الجمل وأدخلوه إلى بيت الإفرنج وأنعم به الباشا على بغوص الترجمان الأرمني وهو يبيعه على الإفرنج بثمن كبير‏.‏
ومنها أن امرأة يقال لها الشيخة رقية تتزر بمئزر أبيض وبيدها خيزرانة وسبحة تطوف على بيوت الأعيان وتقرأ وتصلي وتذكر على السبحة ونساء الأكابر يعتقدون فيها الصلاح ويسألن منها الدعاء وكذلك الرجال حتى بعض الفقهاء وتجتمع على الشيخ العالم المعتقد الشيخ تعيلب الضرير ويكثر من مدحها للناس فيزدادون فيها اعتقادًا ولها بمنزل خليل بك طوقان النابلسي مكان مفرد تأوي إليه على حدتها وإذا دخلت بيتًا من البيوت قام إليها الخدم واستقبلوها بقولهم نهارنا سعيد ومبارك ونحو ذلك وإذا دخلت على الستات قمن إليها وفرحن بقدومها وقبلن يدها وتبيت معهن ومع الجواري فذهبت يومًا إلى دار الشيخ عبد العليم الفيومي وذلك في شهر شوال فتمرضت أيامًا وماتت فضجوا وتأسفوا عليها وأحبوا تغيير ما عليها من الثياب فرأوا شيئًا معجر ما بين أفخاذها فظنوه صرة دراهم وإذا هو آلة الرجال الخصيتان والذي فوقهما فبهت النساء وتعجبن وأخبروا الشيخ تعيلب بذلك فقال استروا هذا الأمر وغسلوه وكفنوه وواروه في التراب ووجدوا في جيبه مرآة وموسى وملقاطًا وشاع أمره واشتهر وتناقله الناس بالتحدث والتعجب‏.‏
ومنها زيادة النيل في هذا العام الزيادة المفرطة التي لم تسمع ولم نر مثلها حتى غرق الزروع الصيفية مثل الذرة والنيلة والسمسم والقصب والأرز وأكثر الجنائن بحيث صار البحر وسواحله والملق لجة ماء وانهدم بسببه قرى كثيرة وغرق الكثير من الناس والحيوان حتى كان الماء ينبع بين الناس من وسط الدور واختلط بحر الجيزة ببحر مصر العتيقة حتى كانت المراكب تمشي فوق جزيرة الروضة وكثر عويل الفلاحين وصراخهم على ما غرق لهم من المزارع وخصوصًا الذرة الذي هو معظم قوتهم وكثير من أهل البلاد ندبوا بالدفوف‏.‏
ومنها أن الباشا زاد في هذه السنة الخراج وجعل على كل فدان ستة قروش وسبعة وثمانية وذكر أنها مساعدة على حروب الحجاز والخوارج فدهي الفلاحون بهاتين الداهيتين وهي زيادة النيل وزيادة الخراج في غير وقت وأوان فإن من عادة الفلاحين وأهل القرى إذا انقضت أيام الحصاد والدراوي وشطبوا ما عليهم من مال الخراج لملتزميهم ويكون ذلك مبادي زيادة النيل وارتفع عنهم الطلب وارتحلت كشاف النواحي وقائمقام الملتزمين والصيارف والعينون وخلت النواحي منهم فعند ذلك ترتاح نفوسهم وتجتمع حواسهم ويعملون أعراسهم ويجدون ملبوسهم ويزوجون بناتهم ويختنون صبيانهم ويشيدون بنيانهم ويصلحون جسورهم وحبوسهم فإذا أخذ النيل في الزيادة شرعوا في زراعة الصيفي الذي هو معظم قوتهم وكسبهم حتى إذا انحسر الماء وانكشفت الأراضي وآن أوان التحضير وزراعة الشتوي من البرسيم والغلة وجدوا ما يسدون به مال التجهية وما يرقعون به أحوالهم من بهائم الحرث ومحاريث وتقاوي وأجر عمال ونحو ذلك فدهموا هذه السنة بهاتين الآفتين الأرضية والسماوية ورحل الكثير عن أهله ووطنه وكان ابتداء طلب هذه الزياجة قبل زيادة النيل ومجيء خبر النصرة فلما ورد خبر النصرة لم يرتفع ذلك‏.‏
ومنها الاضطراب في المعاملة بالزيادة والنقص والمناداة عليها كل قليل والتنكيل والترك وبلغ الصرف البندقي ثمانمائة وثمانين نصفًا فضة والفرانسة أربعمائة نصف وعشرة والمحبوب أربعمائة وأربعين وهو المصري وأما الإسلامبولي فيزيد أربعين والمجر ثمانمائة نصف وأما هذه الأنصاف وهي الفضة العددية فهي أسماء من غير مسميات لمنعها واحتكارها فلا يوجد منها في المعاملة بأديد الناس إلا النادر جدًا ولا يوجد بالأيدي في محقرات الأشياء وغيرها إلا المجزأ بالخمسة والعشرة والعشرين وتصرف من اليهود والصيارف بالفرط والنقص ومن حصل بيده شيء من الأنصاف عض عليه بالنواجذ ولا يسمح بإخراج شيء منها إلا عند شدة الاضطرار اللازم‏.‏
ومنها أن السيد محمد المحروقي أنشأ ببركة الرطلي دار وبستانًا في محل الأماكن التي تخربت في الحوادث وذلك أنه لما طرقت الفرنساوية الديار المصرية واختل النظام وجلا أكثر الناس عن أوطانهم وخصوصًا سكان الأطراف فبقيت دور البركة خالية من السكان وكان بها عدة من الديار الجليلة منها حسن كتخدا الشعراوي وتابعه عمر جاويش وداره على سمته أيضًا ودار علي كتخدا الخربطلي ودار قاضي البهار ودار سليمان آغا ودار الحموي وخلاف ذلك دور كانت جارية في وقف عثمان كتخدا القازدغلي وغيره وهذه الدور هي التي أدركناها بل سكنا بها عدة سنين وكانت في الزمن الأول عدة دور مختصرة يسكنها أهل الرفاهية من أهالي البلد وكان بها بيت البكرية القديم بالناحية الجنوبية تجاه زاوية جدهم الشيخ جلال الدين البكري وكان الناس يرغبون في سكناها لطيب هوائها وانكشاف الريح البحري بها وليس في تجاهها من البر الآخر سوى الأشجار والمزارع ويعبرها المراكب والسفائن والقنج في أيام النيل بالمتفرجين والمتنزهين وأهل الخلاعة بمزامرهم ومغانيهم ولصدى أصواتهم المطربة طرب آخر فلما انقشع عنها السكان تداعت الدور إلى الخراب وبقيت مسكنًا للبوم والغراب مدة إقامة الفرنساوية فلما حضر يوسف باشا الوزير في المرة الأولى وذلك سنة أربع عشرة ومائتين وألف وانتقض الصلح بينه وبين الفرنساوية وحصلت المفاقمة ووقعت الحروب داخل البلدة واحتاطت الفرنساوية بجهات البلد وجرى ما تقدم ذكره في الحوادث السابقة وكان طائفة من الفرنساوية أتوا إلى هذه البركة وملكوا التل المعروف بتل أبو الريش وأخذوا يرمون بالمدافع والقنابر على أهل باب الشعرية وتلك النواحي فما انجلت الحروب حتى خربت بيوت البركة وما كان بتلك النواحي من الدور التي بظاهرها وبقيت كيمانًا فحسن ببال السيد المذكور أن يجعل له سكنًا هناك فاحتكر أراضي تلك المساكن من أربابها من مدة سابقة ثم تكاسل عن ذلك واشتغل بتوسعة دار سكنه التي بخطة الفحامين محل دكة الحسبة القديمة حتى أتمها على الوضع الذي قصده ثم شرع في السنة الماضية في إنشاء سكن لخصوص نزاهته فشرع في تنظيف الأتربة وإصلاح الأرض وأنشأ دار متسعة وقيعانًا وفسحات وهي مفروشة بالرخام وحولها بستان وغرس به أنواع الأشجار ودوالي الكروم وهي بمكان حسن كتخدا ومن كان على سمته من الدور نحو الثلاثين وأنشأ كاتبه السيد عمر الحسيني دارًا عظيمة لخصوصه أخذ فيها باقي أراضي الأماكن وزخرفها وانتقل إليها بأهله وعياله وجعلها دارًا لسكناه صيفًا وشتاء وبنيا خارج ظاهرها حائطًا يكون لدورهما سورًا وعملا بها بوابة تفتح وتقفل وكان بجوار ذلك جامع متخرب يسمى جامع الحريشي فعمره أيضًا السيد محمد المحروقي وأقام حوائطه وأعمدته وسقفه وبيضه وأقام الخطبة آخر جمعة شهر المحرم و

 الثانية وأحضروا رمته في أواخر الشهر ودفنوه بمدفنه الذي بناه محل بيت الزعفراني بجوار السيدة بقناطر السباع وترك ابنًا مراهقًا
واستهل المحرم بيوم السبت سنة 1234 هـ - 31 أكتوبر 1818 م وسلطان الإسلام السلطان محمود شاه ابن عبد الحميد بدار سلطنته إسلامبول وولي مصر وحاكمها محمد علي باشا القوللي وكتخداه وباقي أرباب المناصب على حالهم وما هم عليه في العام الماضي‏.‏
ووردت الأخبار من شرق الحجاز والبشائر بنصرة حضرة إبراهيم باشا على الوهابية قبل استهلال السنة بأربعة أيام فعند ذلك نودي بزينة المدينة سبعة أيام أولها الأربعاء سابع عشري الحجة ونصبت الصواوين خارج باب النصر عند الهمايل وكذلك صيوان الباشا وباقي الأمراء والأعيان خرجوا بأسرهم لعمل الشنك والحرائق وأخرجوا من المدافع مائة مدفع وعشرة وتماثيل وقلاعًا وسواقي وسواريخ وصورًا من بارود وبدءوا في عمل الشنك من يوم الأربعاء فيضربون بالمدافع مع رماحة الخيالة من أول النهار مقدار ساعة زامنية وربع قريبًا من عشرين درجة ضربًا متتابعًا لا يتخلله سكون على طريقة الإفرنج في الحروب بحيث أنهم يضربون المدفع الواحد اثنتي عشرة مرة وقيل أربع عشرة مرة في دقيقة واحدة فعلى هذا الحساب يزيد ضرب المدافع في تلك المدة على ثمانين ألف مدفع بحيث يتخيل الإنسان أصواتها مع أصوات بنادق الخيالة المترمحين رعودًا هائلة ورتبوا المدافع أربعة صفوف ورسم الباشا أن الخيالة ينقسمون كذلك طوابير ويكمنون في الأعالي ثم ينزلون مترامحين وهم يضربون بالبنادق ويهجمون على المدافع في حال اندفاعها بالرمي فمن خطف شيئًا من أدوات الطبجية الرماة يأتي به إلى الباشا ويعطيه البقشيش والأناعم فمات بسبب ذلك أشخاص وسواس ويكون مبادئ نهاية وقوف الخيالة نهاية محط جلة المدفع فإنهم عند طلوع الفجر يضربون مدافع معمورة بالجلل بعدد الطوابير فتستعد الخيالة ويقف كل طابور عند مرمى جلته ويأخذون أهبتهم من ذلك الوقت إلى بعد شروق الشمس ويبتدؤن في الرمي والرماحة الحصة المذكورة وبعد العشاء خيرة لا يعمل كذلك الشنك برمي المدافع المتتالية المختلطة أصواتها بدون الرماحة ومع المدافع الحراقة والنفوط والسواريخ التي تصعد في الهواء وفيها من خشب الزان بدل القصب وكرنجة بارودها أعظم من تلك بحيث أنها تصعد من الأسفل إلى العلو مثل عامود النار وأشياء أخر لم يسبق نظائرها تفنن في عملها الإفرنج وغيرهم وحول محل الحراقة حلقة دائرة متسعة حولها ألوف من المشاعل الموقدة وطلبوا لعمل أكياس بارود المدافع مائتي ألف ذراع من القماش البز وكان راتب الأرز الذي يطبخ في القزانات في عراضي العساكر في كل يوم أربعمائة أردب وما يتبعها من السمن وهذا خلاف مطابخ الأعيان وما يأتيهم من بيوتهم من تعابي الأطعمة وغيرها واستمر هذا الضرب والشنك إلى يوم الثلاثاء رابع المحرم وأهل البلد ملازمون للسهر والزينة على الحوانيت والدور ليلًا ونهارًا وتكرار المناداة عليهم في كل يوم وركب حضرة الباشا وتوجه إلى داره بالأزبكية وهدمت الصواوين والخيام وبطل الرمي ودخلت العساكر والبينبات بمتاعهم وعازتهم أفواجًا إلى المدينة وذهبوا إلى دروهم ورفع الناس الزينة وكان معظمها حيث مساكن الإفرنج والأرمن فإنهم تفننوا في عمل التصاوير والتماثيل وأشكال السرج والفنيارات الزجاج والبلور وأشكال النجف ومعظمها في جهات المسلمين بخان الخليلي والغورية والجمالية وببعض الأماكن والخانات ملاهي وآغاني وسماعات وقيان وجنك رقاصات هذا والتهيؤ والأشغال والاستعداد لعمل الدونانمه على بحر النيل ببولاق فصنعوا صورة قلعة بأبراج وقباب وزوايا وأنصاف دوائر وخورنقات وطيقان للمدافع وطلوها وبيضوها ونقشوها بالألوان والأصباغ وصورة باب مالطة وكذلك صورة بستان على سفائن وفيه الطين ومغروس به الأشجار ومحيط به درابزين مصبغ وبه دوالي العنب وأشجار الموز والفاكهة والنخيل والرياحين في قصارى لطيفة على حافاته وصورة عربة يجرها أفراس وبها تماثيل وصور جالسين وقائمين وتمثال مجلس وبه جنك رقاصات من تماثيل مصورة تتحرك بآلات ابتكار بعض المبتكرين لأن كل من تخيل بفكره شيئًا ملعوبًا أو تصويرًا ذهب إلى الترسخانه حيث الأخشاب والصناع فيعمله على طرف الميري حتى يبرزه في الخارج ويأخذ على ابتكاره البقشيش وأكثرها لخصوص الحراقات والنفوط والبارود والسواريخ وغير ذلك وبعد انقضاء السبعة أيام المذكورة حصل السكون من يوم الثلاثاء المذكور إلى يوم الأحد التالي له من الجمعة الأخرى مدة خمسة أيام في أثنائها اجتهد الناس من الأعيان وكل من له اسم من أكابر الناس وأهل الدائرة والأفندية الكتبة حتى الفقهاء أرباب المناصب والمظاهر ومشايخ الإفتاء والنواب والمتفرجين في نصب الخيام بحافتي النيل واستأجروا الأماكن المطلة على البحر ولو من البعد وتنافسوا واشتط أربابها في الأجرة حتى بلغ أجرة حفر طبقة بمثل وكالة الفسيخ إلى خمسمائة قرش وزيادة وكان الباشا أمر بإنشاء قصر لخصوص جلوسه بالجزيرة تجاه بولاق قبلي قصر ابنه إسماعيل باشا وتمموا بياضه ونظامه في هذه المدة القليلة فلما كان ليلة الاثنين وهو يوم عاشوراء خرج الباشا من ليلته وعدى إلى القصر المذكور وخرج أهل الدائرة والأعيان إلى الأماكن التي استأجروها وكذلك العامة أفواجًا وأصبح يوم الاثنين المذكور فضربت المدافع الكثيرة لتي صففوها بالبرين وزين أهالي بولاق أسواقهم وحوانيتهم وأبواب دورهم ودقت الطبول والمزامير والنقرزانات في السفائن وغيرها وطبلخانة الباشا تضرب في كل وقت والمدافع الكثيرة في ضحوة كل يوم وعصره وبعد العشاء كذلك وتوقد المشاعل وتعمل أصناف الحراقات والسواريخ والشعل وتتقابل القلاع المصنوعة على وجه الماء ويكون منها المدافع على هيئة المتحاربين وفيها فوانيس وقناديل وهيئة باب مالطه بوابة مجسمة مقوصرة لها بدنات ويرى بداخلها سرج وشعل ويخرج منها حراقات وسواريخ وغالب هذه الأعمال من صناعة الإفرنج وأحروا سفائن رومية صغيرة تسمى الشلنبات يرمي منها مدافع وشنابر وشيطيات وغلايين مما يسير في البحر المالح وفي جميعها وقدات وسرج وقناديل وكلها مزينة بالبيارق الحرير والأشكال المختلفة الألوان ودبوس أوغلي ببولاق التكرور وعنده أيضًا الحراقات الكثيرة والشعل والمدافع والسواريخ وبالجيزة عباس بك بن طوسون باشا والنصارى الأرمن بمصر القديمة وبولاق والإفرنج وأبرز الجميع زينتهم وتماثيلهم وحرائقهم وعند الأعيان حتى المشايخ في القنج والسفائن المعدة للسروج والتفرج والنزاهة والخروج عن الأوضاع الشرعية والأدبية واستمروا على ما ذكر إلى يوم الاثنين سابع عشره‏.‏
وفي ذلك اليوم وصل عبد الله بن مسعود الوهابي ودخل من باب النصر وصحبته عبد الله بكتاش قبطان السويس وهو راكب على هجين وبجانبه المذكور وأمامه طائفة من الدلاة فضربوا عند دخوله مدافع كثيرة من القلعة وبولاق وخلافهما وانقضى أمر الشنك وخلافه من ساحل النيل وبولاق ورفعوا الزينة وركب الباشا إلى قصر شبرا في تلك السفينة وانفض الجمع وذهبوا إلى دورهم وكان ذلك من أغرب الأعمال التي لم يقع نظيرها بأرض مصر ولا ما يقرب من ذلك ومطبخ الميري يطبخ به الأرز على النسق المتقدم والأطعمة ويؤتى لأرباب المظاهر منها في وجبتي الغداء والعشاء خلاف المطابخ الخاصة بهم وما يأتيهم من بيوتهم وأما العامة والمتفرجون من الرجال والنساء فخرجوا أفواجًا وكثر زحامهم في جميع الطرق الموصلة إلى بولاق ليلًا ونهارًا بأولادهم وأطفالهم ركبانًا ومشاة وقد ذهب في هاتين الملعبتين من الأموال ما لا يدخل تحت الحصر وأهل الاستحقاق يتلظون من الفشل والتفليس مع ما هم فيه من غلاء الأسعار في كل شيء وانعدام الأدهان وخصوصًا السمن والشيرج والشحم فلا يوجد من ذلك الشيء اليسير إلا بغاية المشقة ويكون على حانوت الدهان الذي يحصل عنده بعض السمن شدة الحام والصياح ولا يبيع بأزيد من خمسة أنصاف وهي أوقية اثنا عشر درهمًا بما فيها من الخلط وأعوان المحتسب مرصدون لمن يرد من الفلاحين والمسافرين بالسمن فيحجزونه لمطالب الدولة ومطابخهم ودورهم في هذه الولائم والجمعيات ويدفع لهم ثمنه على موجب التسعيرة ثم يوزع ما يوزعه وهو الشيء القليل على المتسببين وهم يبيعونه على هذه الحالة ومثل ذلك الشيرج وخلافه حتى الجبن القريش‏.‏
 وفى يوم الأثنين 17 المحرم سنة 1234 هـ - 16 نوفمبر 1818 مفيه وصل عبد الله الوهابي فذهبوا إلى بيت إسماعيل باشا بن الباشا فأقام يومه وذهبوا به في صبحها عند الباشا بشبرا فلما دخل عليه قام له وقابله بالبشاشة وأجلسه بجانبه وحادثه وقال له ما هذه المطاولة فقال الحرب سجال قال وكيف رأيت إبراهيم باشا قال ما قصر وبذل همته ونحن كذلك حتى كان ما كان قدره المولى فقال أنا إن شاء الله تعالى أترجى فيك عند مولانا السلطان فقال المقدر يكون ثم ألبسه خلعة وانصرف عنه إلى بيت إسماعيل باشا ببولاق ونزل الباشا في ذلك اليوم السفينة وسافر إلى جهة دمياط وكان بصحبة الوهابي صندوق صغير من صفيح فقال له الباشا ما هذا فقال هذا ما أخذه أبي من الحجرة أصحبه معي إلى السلطان وفتحه فوجد به ثلاثة مصاحف قرآنًا مكلفة ونحو ثلاثمائة حبة لؤلؤ كبار وحبة زمرد كبيرة وبها شريط ذهب فقال له الباشا الذي أخذه من الحجرة أشياء كثيرة غير هذا فقال هذا الذي وجدته عند أبي فإنه لم يستأصل كل ما كان في الحجرة لنفسه بل أخذ كذلك كبار العرب وأهل المدينة وأغوات الحرم وشريف مكة فقال الباشا صحيح وجدنا عند الشريف أشياء من ذلك‏.‏
وفي يوم الأربعاء 19 المحرم سنة 1234 هـ - 18 نوفمبر 1818 م سافر عبد الله بن مسعود إلى جهة الإسكندرية وصحبته جماعة من الططر إلى دار السلطنة ومعه خدم لزومه‏.‏
واستهل شهر صفر بيوم الاثنين سنة 1234 هـ 2 ديسمبر 1818 م في ثالثه وصل طائفة من الحجاج المغاربة يوم الأربعاء وصحبتهم حجاج كثيرة من الصعائدة وأهل القرى فدخلوا على حين غفلة وكان الرئيس فيهم شخص من كبار عرب أولاد علي يسمى الحبالي وهذا لم يتفق نظيره فيما وعيناه وسببه أمن الطريق وانكماش العربان وقطاع الطريق‏.‏
وفيه أخبر المخبرون بأن الباشا أقام بدمياط أيامًا قليلة ثم توجه إلى البرلس ويزل في نقيرة وذهب إلى الإسكندرية على ظهر البحر المالح وقد استعد أهلها بقدومه وزينوا البلد والذي تولى الاعتناء بذلك طائفة الفرنج فإنهم نصبوا طريقًا من باب البلد إلى القصر الذي هو سكن الباشا وجعلوا بناحيتيه يمنى ويسرى أنواع الزينة والتماثيل والتصاوير والبلور والزجاج والمرايات وغير ذلك من البدع البديعة الغريبة‏.‏
وفي يوم الأثنين غاية شهر صفر سنة 1234 هـ - 28 ديسمبر 1818 م وصل الحاج المصري ودخلوا إرسالًا شيئًا فشيئًا ومنهم من دخل ليلًا وخصوصًا ليلة الاثنين وفي صبحه دخل حسن باشا أرنؤد الذي كان مقيمًا بجدة وفي ذلك اليوم دخل بواقي الحجاج إلى منازلهم‏.‏
واستهل شهر ربيع الأول بيوم الثلاثاء سنة 1234 هـ - - 29 ديسمبر 1818 م في صبحه دخلوا بالمحمل المدينة وأكثر الناس لم يشعر بدخوله وهذا لم يتفق فيما نعلم تأخر الحاج إلى شهر ربيع الأول‏.‏
وفي ليلة الثلاثاء 8 شهر ربيع الأول سنة 1234 هـ - - 5 يناير 1818 م احترق سوق الشرم والجملون الكائن أسفل جامع الغورية بما فيه ن الحوانيت وبضائع التجار والأقمشة الهندية وخلافها فظهرت به النار من بعد العشاء الأخيرة فحضر الوالي وآغات التبديل فوجدوا الباب الذي من جهة الغورية مغلقًا من داخل وكذلك الباب الذي من الجهة الأخرى وهما في غاية المتانة فلم يزالوا يعالجون فتح الباب بالعتالات والكسر إلى بعد نصف الليل والنار عمالة من داخل وهرب الخفير واحترق ليوان الجامع البراني والدهليز وأخذوا في الهدم وصب المياه بآلات القصارين مع صعوبة العمل بسبب علو الحيطان الشاهقة والأخشاب العظيمة والأحجار الهائلة والعقود فلم يخمد لهب النار إلا بعد حصة من النهار وسرحت النار في أخشاب الجامع التي بداخل البناء ولم يزل الدخان صاعدًا منها وسقطت الشبابيك النحاس العظام وبقيت مفتتة ومكلسة واستمر العلاج في إطفاء الدخان ثلاثة أيام ولولا لطف المولى وتأخير فتح الباب لكونه مصفحًا بالحديد فلم تعمل فيه النار فهو لم يكن كذلك لاحترق وسرحت النار إلى الحوانيت الملاصقة به وهي كلها أخشاب ويعلوها سقائف أخشاب كذلك ومن فوق الجميع السقيفة العظيمة الممتدة على السوق من أوله إلى آخره وهي في غاية العلو والارتفاع وكلها أخشاب وحجة وسهوم وبراطيم من أعلى ومن أسفل لحملها من الجهتين ومن ناحيتها الرباع والوكائل والدور وحيطان الجميع من الحجة والأخشاب العتيقة التي تشتعل بأدنى حرارة فلو وصلت النار والعياذ بالله تعالى إلى هذه السقيفة لما أمكن إطفاؤها بوجه وكان حريقًا دوميًا ولكن الله سلم‏.‏

وفي يوم السبت 12 شهر ربيع الأول سنة 1234 هـ - - 9 يناير 1818 م  حضر السيد عمر أفندي نقيب الأشراف سابقًا وذلك أنه لما حصلت النصرة والمسرة للباشا فكتب إليه مكتوبًا بالتهنئة وأرسله مع حفيده السيد صالح إلى الإسكندرية فتلقاه بالبشاشة وطفق يسأله عن جده فيقول له بخير ويدعو لكم فقال له هل في نفسه شيء أو حاجة نقضيها له فقال لا يطلب غير طول البقاء لحضرتكم ثم انصرف إلى المكان الذي نزل به فأرسل إليه في ثاني يوم عثمان السلانكلي ليسأله ويستفسره عما عسى أن يستحي من مشافهة الباشا بذكره فلم يزل يلاطفه حتى قال لم يكن في نفسه إلا الحج إلى بيت الله إن أذن له أفندينا بذلك فلما عاد بالجواب أنعم عليه بذلك وأذن له بالذهب إلى مصر وأن يقيم بداره إلى أوان الحج إن شاء برًا وإن شاء بحرًا وقال أنا لا أتركه في الغربة هذه المدة إلا خوفًا من الفتنة والآن لم يبق شيء من ذلك فإنه أبى وبيني وبينه ما لا أنساه من المحبة والمعروف وكتب له جوابًا بالإجابة وصورته بحروفه مظهر الشمائل سنيها حميد الشؤون وسميها سلالة بيت المجد الأكرم والدنا السيد عمر مكرم دام شأنه أما بعد فقد ورد الكتاب اللطيف من الجناب الشريف تهنئة بما أنعم الله علينا وفرحًا بمواهب تأييده لدينا فكان ذلك مزيدًا في السرور ومستديمًا لحمد الشكور ومجلبة لثناكم وإعلانًا بنيل مناكم جزيتم حسن الثنا مع كمال الوقار ونيل المنى هذا وقد بلغنا نجلكم عن طلبكم الإذن في الحج إلى البيت الحرام وزيارة روضته عليه الصلاة والسلام للرغبة في ذلك والترجي لما هنالك وقد أذناكم في هذا المرام تقربًا لذي الجلال والإكرام ورجاء لدعواتكم بتلك المشاعر العظام فلا تدعوا الابتهال ولا الدعاء لنا بالقال والحال كما هو الظن في الطاهرين والمأمول من الأصفياء المقبولين والواصل لكم جواب منا خطابًا إلى كتخدائنا ولكم الإجلال والاحترام مع جزيل الثناء والسلام وأرسل إليه المكتوبين صحبة حفيده السيد صالح وأرسل إلى كتخدا بك كتابًا وصل إليه قبل قدومه فأرسل الكتخدا ترجمانه إلى منزله ليبشرهم بذلك وأشيع خبر مقدمه فكان الناس بين مصدق ومكذب حتى وصل في اليوم المذكور إلى بولاق فركب من هناك وتوجه إلى زيارة الإمام الشافعي وطلع إلى القلعة وقابل الكتخدا وسلم عليه وهنئه الشعراء بقصائدهم وأعطاهم الجوائز واستمر ازدحام الناس أيامًا ثم امتنع عن الجلوس في المجلس العام نهارًا واعتكف بحجرته الخاصة فلا يجتمع به إلا بعض من يريده من الأفراد فانكف الكثير عن الترداد وذلك من حسن الرأي‏.‏
واستهل شهر ربيع الثاني سنة 1234 هـ - فبراير 1818 م فيه حصل الاهتمام بحفر الترعة المعروفة بالأشرفية الموصلة إلى الإسكندرية وقد تقدم في العام الماضي بل والذي قبله اهتمام الباشا ونزل إليها المهندسون ووزنوا أرضها وقاسوا طولها وعرضها وعمقها المطلوب‏.‏
ثم أهمل أمرها لقرب مجيء النيل وتركوا الشغل في مبدئها ولم يترك الشغل في منتهاها عند الإسكندرية بالقرب من عامود السواري فحفروا هناك منبتها وهي بركة متسعة وحوطوها بالبناء المحكم المتين وهي مرسى المراكب التي تعبر منها إلى الإسكندرية بدلًا من البغاز وهو ملتقى البحرين وما يقع فيه من تلف المراكب فتكون هذه أسلم وأقرب وأقل كلفة إن صحت بل وأقرب مسافة ونزل الأمر لكشاف الأقاليم بجمع الفلاحين والرجال على حساب مزارع القدادين فيحصون رجال القرية المزارعين ويدفعون للشخص الواحد عشرة ريالات ويخصم له مثلها من المال وإذا كان له شريك وأحب المقام لأجل الزرع الصيفي أعطاه حصته وزاده عليها حتى يرضي خاطره وزوده بما يحتاج إليه أيضًا وعند العمل يدفع لكل شخص قرش في كل يوم ويخرج أهل القرية أفواجًا ومعهم أنفار من مشايخ البلاد ويجتمعون في المكان المأمورين باجتماعهم فيه ثم يسيرون مع الكاشف الذي بالناحية ومعهم طبول وزمور وبيارق ونجارون وبناؤن وحدادون وفرضوا على البلاد التي فيها النخيل غلقانًا ومقاطف وعراجين وسلبًا وعلى البنادر فؤوسًا ومساحي شيء كثير بالثمن وطلبوا أيضًا طائفة الغواصين لأنهم كانوا إذا تسفلوا في قطع الأرض في بعض المواضع منها ينبع الماء قبل الوصول إلى الحد المطلوب‏.‏
وفي يوم الخميس 20 شهر ربيع الثاني سنة 1234 هـ - 16 فبراير 1818 م   ورد مرسوم من الباشا بعزل كتخدا بك عن منصب الكتخدائية وتولية محمود بك فيها عوضًا عنه وحضر محمود بك في ذلك اليوم قادمًا من الإسكندرية وطلع إلى القلعة وحضر أيضًا حسن باشا وكان قد ذهب إلى الإسكندرية ليسلم على الباشا لكونه كان بالديار الحجازية المدة المديدة وحضر إلى مصر والباشا بالإسكندرية فتوجه إليه وأقام معه أيامًا وعاد إلى مصر صحبة محمود بك وحضر أيضًا إبراهيم أفندي من إسلامبول وهو ديوان أفندي الباشا فتقلد في نظر الأطيان والرزق والالتزام عوضًا عن محمود بك‏.‏
واستهل شهر جمادى الأولى سنة 1234 هـ

في يوم الخميس 7  شهر جمادى الأولى سنة 1234 هـ   - 4 مارس 1818 م  ضربت مدافع كثيرة وقت الشروق بسبب ورود نجابة من الديار الحجازية باستيلاء خليل باشا على يمن الحجاز صلحًا‏.‏
وفيه وصلت الأخبار أيضًا عن عبد الله بن مسعود أنه لما وصل إلى إسلامبول طافوا به البلدة وقتلوه عند باب همايون وقتلوا أتباعه أيضًا في نواح متفرقة فذهبوا مع الشهداء‏.‏
وفيه أشيع وصول قابجي كبير من طرف الدولة يقال له قهوجي باشا إلى الإسكندرية وورد الأمر بالاستعداد لحضوره مع الباشا فطلعوا بالمطابخ إلى ناحية شبرا وطلبت الخيول من الربيع واستمر خروج العساكر ودخولهم وكذلك طبخ الأطعمة وفي كل يوم يشيعون الورود فلم يأت أحد ثم ذكروا أن ذلك القابجي حين قرب من الإسكندرية رده الريح إلى رودس واستمر هذا وفيه قوي الاهتمام بأمر حفر الترعة المتقدم ذكرها وسبقت الرجال والفلاحون من الأقاليم البحرية وجدوا في العمل بعدما حددوا لكل أهل إقليم أقصابًا توزع على أهل كل بلد من ذلك الإقليم فمن أتم عمله المحدود انتقل إلى مساعدة الآخرين وظهر في حفر بعض الأماكن منها صورة أماكن ومساكن وقيعان وحمام بعقوده وأحواضه ومغاطسه ووجد ظروف بداخلها فلوس نحاس كفرية قديمة وأخرى لم تفتح لا يعلم ما فيها رفعوها للباشا مع تلك‏.‏
وفي يوم الأربعاء 27 شهر جمادى الأولى سنة 1234 هـ   - 24 مارس 1818 م حضر الباشا إلى شبرا ووصل في أثره قهوجي باشا وعملوا له موكبًا في صبيحة يوم الخميس وطلعوا إلى القلعة ومع الآغا المذكور ما أحضره برسم الباشا وولده إبراهيم باشا الذي بالحجاز وهو خلعتا سمور لكل واحد خلعة وخنجر مجوهر لكل واحد وشلنجان مجوهران وساعة جوهر وغير ذلك وقرئ الفرمان بحضرة الجمع وفيه الثناء الكثير على الباشا والعفو عمن بقي من الوهابية وبعد القراءة ضربت مدافع كثيرة وكذلك عند ورودهم واستمر ضرب المدافع ثلاثة أيام في جميع الأوقات الخمس ونزل القابجي المذكور ببيت طاهر باشا بالأزبكية وحضر أيضًا عقبه أطواخ لكل من عباس بك بن طوسون باشا بن الباشا ولأحمد بك ابن طاهر باشا وفي ضمن الفرمان الإذن للباشا بتولية أمريات وقبجيات لمن يختار‏.‏
وفي صبحها يوم الجمعة 29 شهر جمادى الأولى سنة 1234 هـ   - 26 مارس 1818 م خلع الباشا على أربعة أو خمسة من أمرائه بقبجيات باشا وهم علي بك السلانكلي قابجي باشا وحسن آغا أزرجانلي كذلك وخليل أفندي حاكم رشيد وشريف بك‏.‏
واستهل شهر جمادى الثانية سنة 1234 هـ -  - 28 مارس 1818 م فيه حضر محمد بك الدفتردار من الجهة القبلية فأقام أياما وعاد إلى قبلي وفي أواخره رجع الكثير من فلاحي الأقاليم إلى بلادهم من الأشرفية وهم الذين أتموا ما لزمهم من العمل والحفر ومات الكثير من الفلاحين من البرد ومقاساة التعب‏.‏
وفي هذا الشهر حصل بعض موت بالطاعون فداخل الناس وهم بسبب ما حدث في أكابر الدولة والنصارى من التحجب وعمل الكورنتينات وهي التباعد من الملامسة وتبخير الأوراق والمجالس ونحو ذلك‏.‏
واستهل شهر رجب بيوم الاثنين سنة 1234 هـ

في يوم الجمعة 5 شهر رجب سنة 1234 هـ   28 مارس 1818 م- مات عبود النصراني كاتب الخزينة وكان مشكور السيرة في صناعته وعند مشاركة ودعوى عريضة ودعوى علم ويتكلم بالمناسبات والآيات القرآنية ويضمن إنشاءاته ومراسلاته آيات وأمثالًا وسجعات وأخذ دار القيسرلي بدرب الجنينة وما حولها وأنشأها دارًا عظيمة وزخرفها وجعل بها بستانًا ومجالس مفروشة بالرخام الملون وفساقي وشاذروانات وزجاج بلور وكل ذلك على طرف الميري وله مرتب واسع وكان الباشا يحبه ويثق به ويقول لولا الملامة لقلدته الدفتردارية‏.‏
وفي يوم الأحد 7 شهر رجب سنة 1234 هـ   2 مايو 1818 م- حضر إلى مصر حاكم يافا المعروف بمحمد بك أبو نبوت معزولًا عن ولايته فأرسل إلى الباشا يستأذنه في الحضور إلى مصر فأطلق له الإذن فحضر فأنزله بقصر العيني وصحبته نحو الخمسمائة مملوك وأجناد وأتباع واجتمع بالباشا وأجله وسلم عليه وأقام معه حصة من الليل ورتب له مرتبًا عظيمًا وعين له ما يقوم بكفايته وكفاية أتباعه فمن جملة ما رتب له ثلاثة آلاف تذكرة كل تذكرة بألفين وستمائة نصف فضة في كل شهر وذلك خلاف المعين واللوازم من السمن والخبز والسكر والعسل والحطب والأرز والفحم والشمع والصابون فمن الأرز خاصة في كل يوم أردبان وللعليق خمسة وعشرون أردبًا في كل يوم‏.‏
وفي يوم السبت 13 شهر رجب سنة 1234 هـ   8 مايو 1818 مسافر قهوجي باشا عائدًا إلى إسلامبول واحتفل به الباشا احتفالًا زائدًا وقدم له ولمخدومه وأرباب الدولة من الأموال والهدايا والخيول والبن والأرز والسكر والشربات وتعابي الأقمشة الهندية وغيرها شيئًا كثيرًا وكذلك قدم له أكابر الدولة هدايا كثيرة ولأنه لما حضر إلى مصر قدم لهم هدايا فقابلوه بأضعافها وعندما سافر احتجب الباشا وأمر كل من كان يلازم ديوانه بالإنصراف والتحجب فتكرتن منهم من تكرتن في داره ومنهم في القصور وسافر مع قهوجي باشا سليمان آغا السلحدار وشربتشي باشا وآخرون لتشييعه إلى الإسكندرية‏.‏
وفي يوم الخميس 18 شهر رجب سنة 1234 هـ   13 مايو 1818 م حضر بواقي الوهابية بحريمهم وأولادهم وهم نحو الأربعمائة نسمة وأسكنوا بالقشلة التي بالأزبكية وابن عبد الله ابن مسعود بدر جامع مسكة وخواصه من غير حرج عليهم وطفقوا يذهبون ويجيئون ويترددون على المشايخ وغيرهم ويمشون في الأسواق ويشترون البضائع والاحتياجات‏.‏
واستهل شهر شعبان سنة 1234 هـ - 26 مايو - 22 يونية 1818 م وفيه وصل جماعة هجانة من جهة الحجاز وصحبتهم ابن حمود أمير يمن الحجاز وذلك أنه لما مات أبوه تأمر عوضه وأظهر الطاعة وعدم المخالفة للدولة فلما توجه خليل باشا إلى اليمن أخلى له البلاد واعتزل في حصن له ولم يخرج لدفعه ومحربته كما فعل أبوه وترددت بينهما المراسلات والمخادعات حتى نزل من حصنه وحضر عند خليل باشا فقبض عليه وأرسله مع الهجانة إلى مصر‏.‏
واستهل شهر رمضان سنة 1234 24 24 يونية  والباشا مكرتن بشبرا ولم يطلع إلى القلعة كعادته في شهر رمضان‏.‏
وفي ثامن عشرينه طلع إلى القلعة وعيد بها‏.‏
واستهل شهر شوال بيوم الجمعة سنة 1234 هـ 5 أغسطس 1819 م آخر أبيب 1535 ش وفي رباع عشره الموافق لآخر يوم من شهر أبيب نودي بوفاء النيل وكان الباشا سافر إلى جهة الإسكندرية بسبب ترعة الأشرفية وأمر حكام الجهات بالأرياف بجمع الفلاحين للعمل فأخذوا في جمعهم فكانوا يربطونهم قطارات بالحبال وينزلون بهم المراكب وتعطلوا عن زرع الدراوي الذي هو قوتهم وقاسوا شدة بعد رجوعهم من المرة الأولى بعد ما قاسوا ما قاسوه ومات الكثير منهم من البرد والتعب وكل من سقط أهالوا عليه من تراب الحفر ولو فيه الروح ولما رجعوا إلى بلادهم للحصيدة طولبوا بالمال وزيد عليهم عن كل فدان حمل بعير من التبن وكيلة قمع وكيلة فول وأخذ ما يبيعونه من الغلة بالثمن الدون والكيل الوافر فما هم إلا والطلب للعود إلى الشغل في الترعة ونزح المياه التي لا ينقطع نبعها من الأرض وهي في غاية الملوحة والمرة الأولى كانت في شدة البرد وهذه المرة في شدة لحر وقلة المياه العذبة فينقلونها بالروايا على الجمال مع بعد المسافة وفي سابع عشرينه ارتحل ركب الحجاج من البركة وأمير الحاج عابدين بك أخو حسن باشا‏.‏
واستهل شهر ذي القعدة سنة 1234 والعمل في الترعة مستمر‏.‏
واستهل شهر ذي الحجة سنة 1234 هـ - 5 أكتوبر 1819 م في منتصفه سافر الباشا إلى الصعيد وسافر صحبته حسن باشا طاهر ومحمد آغا لاظ المنفصل عن الكتخدائية وحسن آغا أزرجانلي وغيرهم من أعيان الدولة‏.‏
وفيه وصل الخبر بموت سليمان باشا حاكم عكا وهو من مماليك أحمد باشا الجزار‏.‏
وفي أواخره وصل ابن إبراهيم باشا وصحبته حريم أبيه فضربوا لوصولهم مدافع وعملوا للصغير موكبًا ودخل من باب النصر وشق من وسط المدينة‏.‏
وانقضت السنة وما تجدد بها من الحوادث التي منها زيادة النيل الزيادة المفرطة أكثر من العام الماضي وهذا من النوادر وهو الغرق في عامين متتابعين واستمر أيضًا في هذه السنة إلى منتصف هاتور حتى فات أوان الزراعة وربما نقص قليلًا ثم يرجع في ثاني يوم أكثر ما نقص‏.‏ ودخلت
ج3/128

This site was last updated 03/02/09