Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

 ا

  هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
ظهور محمد على
New Page 1794
New Page 1795
New Page 1796
New Page 1464
New Page 1459
New Page 1460
New Page 1461
New Page 1462
New Page 1463
New Page 1802
New Page 1801
New Page 1803
New Page 1804
New Page 1805
New Page 1806
New Page 1807
New Page 1808
New Page 1809
New Page 1810
New Page 1811
New Page 1812
New Page 1813
New Page 1814
New Page 1815
محمد على والأقباط
زوجات وجوارى محمد على
محمد على والدولة الحديثة
قصر محمد على بالسويس
محمد على وتحديث مصر
سرقة مقبرة محمد على
Untitled 1918
Untitled 1919
Untitled 1920
مشاهير اللأقباط وقديسهم ومحمد على

Hit Counter

 

شهر ذي الحجة الحرام سنة 1220
استهل بيوم الخميس 1 شهر ذي الحجة الحرام سنة 1220 هـ  - 20 فبراير 1806 م فيه حضر مصطفى آغا الوكيل وعلي كاشف الصابونجي من الجهة القبلية وقد تقدم أنهما ذهبا وعادا ثم رجعا ثانيًا على الهجن لتقرير الصلح ثم رجعا ولم يظهر أثر لذلك الصلح وحكى الناس عنهما أن المذكورين لما ذهبا إلى أسيوط وجدا إبراهيم بك قد انتقل إلى ناحية طحطا واجتمعا بعثمان بك حسن والبرديسي فلم يرضيا بالتوجيه الذي وجه به إليهم وهو من حدود جرجا وقالا لا يكفينا إلا من حدود المنية فأن الفرنساوية كانوا أعطوا حكم البلاد القبلية من حدود المنية لمراد بك بمفرده فكيف أنه يكفينا نحن الجميع من جرجا وشرطوا أيضًا أنه إن استقر الصلح على مطلوبهم لا بد من إخلاء الإقليم من هذه العساكر الذين لا يتحصل منهم إلا الضرر والخراب والدمار والفساد ولا يبقى الباشا منهم إلا مقدار ألأفي عسكري وقالوا أنه أيضًا إذا لم يعطنا مطلوبنا فهو لا يستغني عن أناس من العسكر يقيمون بالبلاد التي يبخل علينا بها فنحن أولى له وأحسن منهم ونقوم بما على البلاد من المال والغلال وعند ذلك يحصل الأمن وتسير المسافرون في المراكب وترد المتاجر والغلال ويحصل لنا وله راحة وأما إذا استمر الحال على هذا المنوال فإنه لم يزل متعبًا من كثرة العسكر ونفقاتهم وكذلك سائر البلاد على أنه إن لم يرض بذلك فها هي البلاد بأيدينا والأمر مستمر معنا ومعهم على التعب والنصب‏.‏
وفي يوم الأحد 4 شهر ذي الحجة الحرام سنة 1220 هـ  - 22 فبراير 1806 م ورد الخبر بأن جماعة من كبار العسكر وفيهم سليمان آغا الأرنؤدي الذي تولى كسوفية منفلوط ومعهم عدة وافرة من العسكر عدوا من المنية إلى البر الشرقي بالمطاهرة بسبب ما عندهم من القحط وعدم الأقوات لإحاطة المصريين بهم فلما دخلوا إلى بلدة المطاهرة وملكوها وصل إليهم بعض الأمراء والأجناد المصرية وأحاطوا بهم وحاربوهم أيامًا حتى ظهروا عليهم وقتلوا منهم وهرب من هرب وهو القليل وأسروا الباقي وفيهم سليمان آغا المذكور فالتجأ إلى بعض الأجناد فحماه من القتل وقابل به كبار الأمراء فأنعموا عليه بكسوة ودراهم وسلاح وأقام معهم أيامًا ثم استأذنهم للعود وحضر إلى مصر وجلس بداره‏.‏ وفيه ورد الخبر أيضًا بموت الأمير بشتك بك المعروف بالألفي الصغير مبطونًا‏.‏
وفيه أيضًا حضر حجاج الخضري الرميلاتي إلى مصر وقد كان خرج من مصر بعد حادثة خورشيد باشا خوفًا من العسكر وذهب إلى بلده بالمنوات ثم ذهب عند الألأفي وأقام في معسكره إلى هذا الوقت ثم أن الألأفي طرده لنكتة حصلت منه فرجع إلى بلده وأرسل إلى السيد عمر فكتب له أمانًا من الباشا فحضر بذلك الأمان وقابل الباشا وخلع عليه ونادوا له في خطته بأنه على ما هو عليه في حرفته وصناعته ووجاهته بين أقرانه فصار يمشي في المدينة وصحبته عسكري ملازم له‏.‏
وفي يوم الجمعة 9 شهر ذي الحجة الحرام سنة 1220 هـ  - 28 فبراير 1806 م كان يوم الوقوف بعرفة وفي ذلك اليوم ركب محمد علي بالأبهة الكاملة وصلى الجمعة بالمشهد الحسيني ولم يركب من وقت ولايته بالهيئة إلا في هذا اليوم وفي عصر تلك ضربوا عدة مدافع من القلعة إعلامًا بالعيد وكذلك في صبحها وفي كل وقت من الأوقات الخمسة مدة أيام التشريق ( الصورة المقابلة : محمد على فى الأبهة الكاملة ) ‏.‏
وفي يوم ألأربعاء 14 شهر ذي الحجة الحرام سنة 1220 هـ  - 5 مارس 1806 م حضر جاهين بك الألأفي ومعه طوائف من العربان إلى إقليم الجيزة وأخذوا الكلف وأغنامًا من البلاد ودراهم وأشيع بذلك وأمروا بخروج العساكر إليهم

 وركب محمد علي باشا في يوم الخميس 15 شهر ذي الحجة الحرام سنة 1220 هـ  - 6 مارس 1806 م وخرج إلى ناحية بولاق وأنزلوا من القلعة جبخانه ومدافع وطفقوا يخطفون الحمير من الأسواق إن وجدوها وعدى طائفة من العساكر الخيالة إلى بر الجيزة وعدى طاهر باشا إلى بر أنبابة وصحبته عساكر كثيرة وأزعجوا أهل القرية وخرجوهم من دورهم وسكنوا بها وأطلقوا دوابهم وخيولهم على المزارع فأكلوها بأجمعها ولم يبقوا منها ولا عودًا أخضر في أيام قليلة‏.‏ وفيه اختفى حجاج الخضري أيضًا بسبب ما داخله من الوهم والخوف من العسكر‏.‏
وفي 20 شهر ذي الحجة الحرام سنة 1220 هـ  - 11 مارس 1806 م عشرينه شرع عساكر حسن باشا في التعدية من ناحية معادي الخبيري إلى البر الآخر‏.‏
وفي يوم الأحد 25 شهر ذي الحجة الحرام سنة 1220 هـ  - 16 مارس 1806 م عدى حسن باشا أيضًا‏.‏
وفي يوم الاثنين 26 شهر ذي الحجة الحرام سنة 1220 هـ  - 17 مارس 1806 م نودي في الأسواق على العساكر الذين لم يكونونا في قوائم العسكر الذين يقال لهم السير بالسفر والخروج إلى بلادهم ومن وجد منهم بعد ثلاثة أيام قتل وكذلك كتبوا فرمانات وأرسلوها إلى البلاد بمعنى ذلك ومن كان من أهل البلد أو المغاربة أو الأتراك بصورة العسكر ومتزييًا بزيهم فلينزع ذلك وليرجع إلى زيه الأول‏.‏
وفيه أيضًا نودي على المعاملة الناقصة لا تقبض إلا بنقص ميزانها لأن المعاملة فحش نقصها جدًا وخصوصًا الذهب البندقي الذي كان أحسن أصناف العملة في الوزن والعيار والجودة فأن العسكر تسلطوا عليه بالقص فيقصون من المشخص الواحد مقدار الربع أو أكثر أو أقل ويدفعونه في المشتروات ولا يقذر المتسبب على رده أو طلب إرش نقصه وكذلك الصيرفي لا يقدر على رده أو وزنه وقتل بذلك قتلى كثيرة وأغلق الصيارف حوانيتهم وامتنعوا من الوزن خوفًا من شرهم وكذلك نودي على التعامل في بيع البن بالريال المعاملة وهو تسعون نصفًا وقد كان الاصطلاح في بيع البن بالفرانسة فقط وبلغ صرف الفرانسة مائة وثمانين نصفًا ضعف الأول وعز وجوده لرغبة الناس فيه لسلامته من الغش والنقص لأن جميع معاملة الكفار قوله السير هكذا في نسخ وفي بعض النسخ القبسير ولم نقف بعد المراجعة عليها بهامش النسخة المطبوعة سالمة من الغش والنقص بخلاف معاملات المسلمين فأن الغالب على جميعها الزيف والخلط والغش والنقص فلما انطبعوا على ذلك ونظروا إلى معاملات الكفار وسلامتها تسلطوا عليها بالقطع والتنقيص والتقصيص تتميمًا للغش والخسران والانحراف عن جميع الأديان وقال صلى الله عليه وسلم الدين المعاملة ومن غشنا فليس منا فيأخذون الريالات الفرانسة إلى دار الضرب ويسبكونها ويزيدون عليها ثلاثة أرباعها نحاسًا ويضربونها قروشًا يتعاملون بها ثم ينكشف حالها في مدة يسيرة وتصير نحاسًا أحمر من أقبح المعاملات شكلًا ووضعًا لا فرق بينها وبين الفلوس النحاس التي كانت تصرف بالأرطال في الدول المصرية السابقة في الكم والكيف بل تلك أجمل من هذه في الشكل وقد شاهدنا كثيرًا منها وعليها أسماء الملوك المتقدمين ووزن الواحد منها نصف أوقية وكان الدرهم المتعامل به إذ ذاك من الفضة الخالصة على وزن الدرهم الشرعي ستة عشر قيراطًا ويصرف بثلاثة أرطال من الفلوس النحاس فيكون رف الدرهم الواحد اثنين وسبعين فلسًا تستعمل في جميع المشتروات والمرتبات والمعاليم واللوازم للبيوت والجزئيات والمحقرات فلما زالت الدولة القلوونية وظهرت دولة الجراكسة واستقر الملك المؤيد شيخ في سلطنة مصر وبدا الاختلال اختصر الدرهم المتعامل به وجعله نصف درهم وهو ثمانية قراريط وسمي نصف مؤيدي ولم تزل تتناقص حتى صارت في آخر الدولة الجركسية أقل من ربع الدرهم واختل أمر الفلوس النحاس والمرتبات والوظائف بالأوقاف المشروط فيها صرف المعاليم بالفلوس ولم يزل الحال يختل ويضعف بسبب الجور والطمع والغش وغباوة الأمر وعمي بصائرهم عن المصالح العامة التي بها قوام النظام حتى تلاشى أمر الدراهم جدًا في الوزن والعيار وصار الدرهم المعبر عنه بالنصف أقل من العشر للدرهم وفيه من الفضة الخالصة نحو الربع فيكون في النصف الذي هو الآن بدل الدرهم الأصلي من الفضة الخالصة أقل من ربع العشر فيكون في النصف الواحد من معاملتنا الآن الذي وزنه خمس قمحات فقيراط وربع ثلث قيراط من الفضة وذلك بدل عن ستة عشر قيراطًا وهو الدرهم الأصلي الخالص فانظروا إلى هذا الخسران الخفي الذي انمحقت به البركة في كل شيء فإن الدرهم الفضة الآن صار بمنزلة الفلس النحاس القديم فتأمل واحسب تجد الأمر كذلك فإذا فرضنا أن إنسانًا اكتسب ألف درهم من دراهمنا هذه فكأنه اكتسب خمسة وعشرين لا غير وهو ربع عشرها على أنه إذا حسبنا قيمة الخمسة وعشرين في وقتنا هذا عن كل درهم ثلاثون نصفًا فإنها تبلغ سبعمائة وخمسين ويذهب الباقي وهو مائتان وخمسون هدرًا وأما الذهب فإن الدينار كان وزنه في الزمن الأول مثقالًا من الذهب الخالص ثم صار في الدولة الفاطمية وما بعدها عشرين قيراطًا وكان يصرف بثلاثين درهمًا من الفضة فلما نقص الدرهم زاد صرف الدينار إلى أن استقر وزن الدينار في أوائل القرن الماضي ثلاثة عشر قيراطًا ونصفًا ويصرف بتسعين نصفًا وهو المعبر عنه بالأشرفي والطرلي المعروف بالفندقلي يصرف بمائة وكانا جيدين في العيار وكذلك الأنصاف العددية كانت إذ ذاك جيدة العيار والوزن وكان الريال يصرف بخمسين نصفًا والريال الكلب باثنين وأربعين نصفًا ثم صار الدينار وهو المحبوب الجنزرلي بمائة وخمسين والفندقلي بمائة وعشرين والفرانسة بستين ثم حدث المحبوب الزر في أيام السلطان أحمد بدلًا عن الجنزرلي وغلا صرف الجنزرلي وكان في وزن المشخص وعياره ووزن الزر ثلاثة عشر قيراطًا ونصف إلى أن زاد الاختلال في أيام علي بك والمعلم رزق واستيلائه على دار الضرب والقروش واستعمل ضرب القروش واستكثر منها وزاد في غشها لكثرة المصاريف على العساكر والتجاريد والنفقات واستقر الأشرفي المعروف بالزر بمائة وعشرة والطرلي بمائة وستة وأربعين والمشخص بمائتين والريال الفرانسة بخمسة وثمانين مدة من أيام علي بك وفحش وجود القروش المفردة وضعفها وأجزاؤها حتى لم يبق بأيدي الناس من التعامل إلا هي وعز باقي الأصناف المذكورة وطلبت للسبك والادخار وصياغة الحلي فترقت في الصارفة والإبدال فلما زالت دولة علي بك وتملك محمد بك أبو الذهب نادى بإبطال تلك القروش بأنواعها رأسًا فخسر الناس خسارة عظيمة من أموالهم وباعوها بالأرطال للسبك واقتصروا على شرب الأنصاف العددية والمحبوب الزر والنصفيات لا غير ونقصوا من وزنها وعيارها ونقصت قيمتها وغلت في الصارفة وزاد الحال بتوالي الحوادث والمحن والغلاء والغرامات وضيق المعاش وكساد البضائع وتساهلوا في زيادة المصارفة وخصوصًا في ثمن السلع والمبايعات وخلاص الحقوق من المماطلين واقترن بذلك تغافل الحكام وعدم التفاتهم لمصالح الرعية وطمعهم وتركهم النظر في العواقب إلى أن تجاوزت في وقتنا هذا الحدود وبلغت في المصارفة أكثر من الضعف وصار صرف المحبوب مائتين وخمسة بل وعشرة والريال الفرانسة بمائة وخمسة وسبعين بل وثمانين والمشخص البندقي بأربعمائة وأكثر والمجر بثلاثمائة وستين والفندقلي بثلاثمائة وعشرين وهو الجديد ويزيد القديم لجودة عياره عن الجديد وتتفاوت المثلية في المحبوب بجودة العيار فإذا أبدل السلمي الموجود الآن بالمحمودي زيد في مصارفته أربعون نصفًا وأكثر بحسب الرغبة والاحتياج ويتفاوت أيضًا المحمودي بمثله فيزيد أبو وردة عن الراغب ويزيد الراغب عن الذي فيه حرف العين ويكون المحبوبان في تحويل المعاملة بدلًا عن المشخص الواحد مع أن وزنهما سبعة وعشرون قيراطًا ووزن المشخص ثمانية عشر قيراطًا فالتفاوت بينهما تسعة قراريط وهي ما فيه من الخلط وغير ذلك مما يطول شرحه ويعسر تحقيقه وضبطه ولم يزل أمر المعاملة وزيادة صرفها وإتلاف نقودها واضطرابها مستمر أو كل قليل ينادون عليها مناداة بحسب أغراضهم لا نسمع ولا تقبل ولا يلتفت إليها لأن أصل الكدر منبعث عنهم ومنحدر عن مجراة خبائثهم وفسادهم‏.‏
وفي آخره شهر ذي الحجة الحرام سنة 1220 هـ  - 20 مارس 1806 م  أذن الباشا لولده الكبير بالذهاب لزيارة سيدي أحمد البدوي رضي الله عنه بطندتا وعين صحبته أتباعًا وعسكرًا وهجنًا وقرر له دراهم على البلاد ألف ريال فما دونها خلاف الكلف وكذلك سافر حريمات ورئيسهن حريم مصطفى آغا الوكيل في هيئة لم يسبق مثلها في تختروانات وعربات ومواهي وأحمال وجمال وعسكر وخدم وفراسين وفرضوا لهن أيضًا مقررات على البلاد وكلفًا ونحو ذلك وأظن أن هذه المحدثات من أهوال القيامة‏.‏
فى يوم الخميس 1 شهر المحرم سنة 1221 هـ  - 21 مارس 1806 م حسابًا ويوم السبت هلال ووافق ذلك انتقال الشمس لبرج الحمل فاتحدت السنة القمرية والشمسية وهو يوم النوروز السلطاني وأول سنة الفرس وهو التاريخ الجلالي اليزدجردي وتاريخهم في هذه السنة ألف ومائة وستة وسبعون وكان طالع التحويل الواقع في يوم الجمعة في خامس ساعة ونصف من النهار سبع درجات ونصفًا من برج السرطان وصاحبه في حين العاشر منصرف عن تربيع المشتري ومقارنة عطارد والمشتري في السابع والمريخ مع الزهرة في العاشر وهي رجعة وكيوان في الرابع وهو دليل على ثبات دولة القائم وتعب الرعية والحكم لله العلي الكبير‏.‏
وفي ليلة الثلاثاء 3 شهر المحرم سنة 1221 هـ  - 23 مارس 1806 م وصل إلى بولاق قابجي وعلى يده تقرير لمحمد علي باشا بولايته بمصر وصحبة التقرير خلعة وهي فروة سمور فلما أصبح النهار عمل محمد علي باشا ديوانًا بمنزله بالأزبكية وحضر السيد عمر النقيب والمشايخ والأعيان وحضر ذلك الآغا من بولاق في موكب ودخل من باب النصر وشق من وسط المدينة وأمامه الآغا والوالي والمحتسب والأغوات والجاويشية وخلفه النوبة التركية فلما وصلوا إلى بات الخرق عطفوا على جهة الأزبكية فلما قرئ التقليد ضربوا مدافع كثيرة من الأزبكية والقلعة وعملوا تلك الليلة شنكًا وحراقات ونفوطًا وسواريخ كثيرة وطبولًا وزمورًا بالأزبكية‏.‏
وفي يوم 7 شهر المحرم سنة 1221 هـ  - 27 مارس 1806 م وصلت الأخبار بوقوع حروب بين العساكر والعربان والأمراء المصرية بناحية جزيرة الهواء وقتل شخص من كبار العسكر يسمى كور يوسف وغيره ووصل إلى مصر عدة جرحى وهرب من العسكر طائفة وانضموا إلى الأمراء المصريين وأرسل حسن باشا يستنجد الباشا بإرسال عساكر إليه وفي ذلك اليوم نادوا في الأسواق بعدم المشي في الأسواق من أذان العشاء وخرج كتخدا بك إلى بولاق في آخر النهار ونصب وطاقه ببر أنبابة وخرج سليمان آغا بجملة من العسكر وذهب إلى ناحية طرا‏.‏
وفي يوم الجمعة 8 شهر المحرم سنة 1221 هـ  - 28 مارس 1806 م عدى كتخدا بك إلى البر الغربي وانتقل طاهر باشا إلى الجيزة وأقام بها محافظًا‏.‏
وفيه أمر الباشا بجمع الأجناد المصرية والوجاقلية وأمرهم بالتعدية إلى البر الغربي وكان تخوف وفي هذه الأيام كان مولد سيدي أحمد البدوي والجمع بطندتا المعروف بمولد الشرنباباية وهرع غالب البلد بالذهاب إليه وأكثروا الجمال والحمير بأغلى الأجرة لأن ذلك صار عند أهل الإقليم موسمًا وعيدًا لا يتخلفون عنه إما للزيادة أو للتجارة أو للنزاهة أو للفسوق ويجتمع به العالم الأكبر وأهالي الإقليم البحري والقبلي وخرج أكثر أهالي البلد بحمولهم فكان الواقفون على الأبواب يفتشون الأحمال فوجدوا مع بعضهم أشياء من أسباب الأجناد المصرية وملابسهم ونحو ذلك فوقع بسبب ذلك إيذاء لمن وجدوا معه شيئًا من ذلك ولباقي الناس ضرر بنبش متاعهم فكان من الناس من يأخذ معه أشخاصًا من العسكر من طرف الآغا يسلكونهم للخروج من غير تفتيش ويمنعون المتقيدين بالأبواب عن التعرض لهم ونبش متاعهم وأحمالهم‏.‏
وفي يوم السبت 9 شهر المحرم سنة 1220 هـ  - 29 مارس 1806 م وصل الخبر بأن عابدين بك لما بلغه خروج الألفي من الفيوم ذهب إليها صحبة الدلاة فلم يجد بها أحد فدخلها وأرسل المبشرين إلى مصر بأنه ملك الفيوم فضربوا مدافع لذلك وانبث المبشرون يطوفون على بيوت الأعيان يبشرونهم بذلك ويأخذون على ذلك الدراهم والبقاشيش ثم لما بلغ عابدين بك ما حصل لأخيه حسن باشا من الهزيمة رجع إليه وأقام معه ناحية الرقق‏.‏
وفي يوم الأحد 10 شهر المحرم سنة 1221 هـ  - 30 مارس 1806 م  وصل الألفي إلى ناحية كرداسة وانتشرت عساكره وعربانه بإقليم الجيزة فلم يخرج وفيه أرسل الألفي مكتوبًا خطابًا إلى السيد عمر أفندي مكرم النقيب والمشايخ مضمونه نخبركم أن سبب حضورنا إلى هذه الجهة إنما هو لطلب القوت والمعاش فإن الجهة التي كنا بها لم يبق فيها شيء يكفينا ويكفي من معنا من الجيش والأجناد ونرجو من مراحم أفندينا بشفاعتكم أن ينعم علينا بما نتعيش به كم رجونا منه في السابق

فلما كان في صبحها يوم الاثنين 11 شهر المحرم سنة 1221 هـ  - 31 مارس 1806 م  ركب السيد عمر إلى الباشا وأخبره بذلك وأطلعه على المراسلة فقال ومن أتى به قال له تابع مصطفى كاشف المورلي وقد ترك متبوعه بالبر الآخر فقال له اكتب له بالحضور حتى نتروى معه مشافهة وفي ذلك الوقت حضر إلى الباشا من أخبره بأن طائفة من المصريين وجيوشهم وصلوا إلى بر أنبابة فخرج إليهم طائفة من العسكر المرابطين هناك وتحاربوا معهم بسوق الغنم ووقع بينهم بعض قتلى وجرحى فركب من فوره وذهب إلى بولاق فنزل بالساحل وجلس هناك ساعة ثم ركب عائدًا إلى داره بعد أن منع من تعدية المراكب إلى بر أنبابة ثم أمرهم بالتعدية لربما احتاجوها وكان كذلك فإنهم رجعوا مهزومين فلو لم يجدوا المعادي لحصل لهم هول كبير‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 12 شهر المحرم سنة 1221 هـ  - 1 أبريل 1806 م  حضر مصطفى كاشف المورلي المرسل من طرف الألفي وصحبته علي جربجي بن موسى الجيزاوي إلى بيت السيد عمر فركب صحبته إلى الباشا وكتبوا له جوابًا ورجع من ليلته

ثم حضر في يوم الخميس 14 شهر المحرم سنة 1221 هـ  - 3 أبريل 1806 م  بجواب آخر ومضمونه أننا أرسلنا لكم نرجو منكم أن تسعوا بيننا بما فيه الراحة لنا ولكم وللفقراء والمساكين وأهالي القرى فأجبتمونا بأننا نتعدى على القرى ونطلب منهم المغارم ونرعى زرعهم وننهب مواشيهم والحال أنه والله العظيم ونبيه الكريم أن هذا الأمر لم يكن على قصدنا ومرادنا مطلقًا وإنما الموجب لحضورنا إلى هذا الطرف ضيق الحال والمقتضي للجمعية التي نصحبها من العربان وغيرهم إرسال التجاريد والعساكر علينا فلازم لنا أن نجمع إلينا من يساعدنا في المدافعة عن أنفسنا فهم يجمعون أصناف العساكر من الأقطار الرومية والمصرية لمحاربتنا وقتالنا وهم كذلك ينهبون البلاد والعباد للإنفاق عليهم ونحن كذلك نجمع إلينا من يساعدنا في المنع ونفعل كفعلهم لننفق على من حولنا من المساعدين لنا وكل ذلك يؤدي إلى الخراب والدمار وظلم الفقراء والقصد منكم بل والواجب عليكم السعي في راحة الفريقين وهو أن يكفوا الحرب ويفرزوا لنا جهة نرتاح فيها فإن أرض الله واسعة تسعنا وتسعهم ويعطونا عهدًا بكفالة بعض من نعتمد عليه من عندنا وعندهم ويكتب بذلك محضر لصاحب الدولة وننتظر رجوع الجواب وعند وصوله يكون العمل بمقتضاه فعند ذلك اقتضى الرأي أن يقطعوه إقليم الجيزة وكتبوا له جوابًا بذلك م غير عقد ولا عهد ولا كفالة كما أشار وسلموا الجواب لمصطفى كاشف ورجع به وفي أثناء ذلك طلب أجناد الألأفي كلفًا من بلد برطيس وأم دينار ومنية عقبة فامتنعوا عليهم فضربوهم وحاربوهم ونهبوهم وسبب ذلك أن العساكر الأتراك أغروهم وأرسلوا يقولون لهم إذا طلبوا منكم كلفة أو دراهم لا تدفعوا لهم واطردوهم وحاربوهم ونهبوهم وإذا سمعنا حربكم معهم أتيناكم وساعدناكم فاغتروا بذلك وصدقوهم فلما حصل لهم ما حصل لم يسعفوهم ولم يخرجوا من أوكارهم حتى جرى عليهم المقدور‏.‏
وفي يوم السبت 23 شهر المحرم سنة 1221 هـ  - 13 أبريل 1806 م  كتب الباشا مراسيم أرسلها إلى كشاف الأقاليم والكائنين بالبلاد من الأجناد المصرية بأن يجتمعوا بأسرهم ويذهبوا إلى ساحل السبكية للمحافظة عليها من وصول الأخصام إليها ولمنعهم من تعدية البحر إليها لأنهم إذا حصلوا بها تعدى شرهم إلى بلاد المنوفية بأسرها وأشيع عزم الباشا على الركوب بنفسه وذهابه إلى تلك الجهة ويكون سيره على طريق القليوبية ويلحق بهم وكتخدا بك وطاهر باشا يسيران على الساحل الغربي تجاههم ثم بطل ذلك وأرسل إلى حسن باشا سرششمه بأن يحضر بمن معه من العسكر من عند حسن باشا طاهر من ناحية بني سويف وكذلك عساكر كور يوسف الذي قتل في المعركة كما ذكر‏.‏
وفي ذلك اليوم وصل رسول أيضًا من عند الألأفي بمكاتبات واجتمع بالسيد عمر النقيب والمكاتبات خطاب له ولبقية المشايخ وللباشا ولسعيد آغا دار السعادة وصالح بك القابجي بمعنى ما تقدم صحبة أحمد أبي ذهب العطار فكتبوا له جوابًا بالمعنى الأول وأعادوا الرسول وأصحبوه ببعض المتعممين وهو السيد أحمد الشتيوي ناظر جامع الباسطية وكل لك أمور صورية وملاعبات من الطرفين لا حقيقة لها‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 25 شهر المحرم سنة 1221 هـ  - 14 أبريل 1806 م  وصل الجماعة المذكورون الذين استدعاهم الباشا بعساكرهم وخلع الباشا على أحد كبارهم عوضًا عن كور يوسف المقتول‏.‏
وفيه وصل الخبر بأن طائفة من الأجناد المصرية ومن يصحبهم من العربان عدوا إلى بر السبكية ولم يمنعهم المحافظون بل هربوا من وجوههم فأمر الباشا بسفر العساكر وطلب دراهم سلفة من الأعيان لأجل نفقة العساكر وفرضوا على البلاد ثلاثة آلاف كيس ويكون على العال منها مائة ألف فضة وفيها الأوسط والدون‏.‏
وفي يوم الخميس 27 شهر المحرم سنة 1221 هـ  - 16 أبريل 1806 م  نودي في الأسواق بخروج العساكر‏.‏
وفي يوم السبت 29 شهر المحرم سنة 1221 هـ  - 18 أبريل 1806 م سافر طاهر باشا إلى منوف على جرائد الخيل وسافر بعده كتخدا بالحملة واحتاجوا إلى جمال فأخذوا جمال السقائين والشواغرية‏.‏
وفيه حضر عمر بك الأرنؤدي من ناحية بني سويف وأخبر الواردون من الناحية أن رجب آغا وطائفة من العسكر خامروا عليه وانضموا الأمراء القبليين وهم نحو الستمائة فعند ذلك حضر عمر بك المذكور في تطريدة ليبرئ نفسه من ذلك وحضر أيضًا محو كبير العسكر المحاصرين
وفيه أراد كتخدا بك وهو المعروف بدبوس أوغلي أن يركب من أنبابة وحمل أحماله ليسير إلى جهة بحري فثارت عليه العسكر وطالبوه بعلائفهم وسفهوا عليه ومنعوه من الركوب فأراد التعدية إلى بر بولاق فمنعوه أيضًا وجذبوا لحيته فأقام يومه وليلته ثم قال لهم وما الفائدة في مكثي معكم دعوني أذهب إلى الباشا وأشعى في مطلوبكم ولم يزل حتى تخلص منهم وعدى إلى مصر ولم يرجع إليهم‏.‏ وفي
يوم السبت الذي هو غايه شهر المحرم سنة 1221 هـ  - 19 أبريل 1806 م وصلت عساكر الدلاة الذين كانوا بناحية بني سويف والفيوم إلى بر أنبابة وضربوا لهم مدافع لوصولهم‏.‏
وفيه أرسل كبار العسكر الذين بناحية منوف مكاتبة إلى الباشا يذكرون أن العساكر يطلبون مرتبات وأرز وسمن فأنهم لا يحاربون ولا يقاتلون بالجوع‏.‏ وفي هذه الأيام وصل الكثير من العساكر القبلية ودخلوا البلد وكثروا بها ‏.‏
وفي هذه الأيام أيضًا وصلت الأخبار من الديار الحجازية بمسالمة الشريف غالب للوهابيين وذلك لشدة ما حصل لهم من المضايقة الشديدة وقطع الجالب عنهم من كل ناحية حتى وصل ثمن الأردب المصري من الأرز خمسمائة ريال والأردب البر ثلاثمائة وعشرة وقس على ذلك السمن والعسل وغير ذلك فلم يسع الشريف إلا مسالمتهم والدخول في طاعتهم وسلوك طريقتهم وأخذ العهد على دعاتهم وكبيرهم بداخل الكعبة وأمر بمنع المنكرات والتجاهر بها وشرب الأراجيل بالتنباك في المسعى وبين الصفا والمروة بالملازمة على الصلوات في الجماعة ودفع الزكاة وترك لبس الحرير وإبطال المكوس والمظالم وكانوا خرجوا عن الحدود في ذلك حتى أن الميت يأخذون عليه خمسة فرانسة وعشره بحسب حاله وإن لم يدفع أهله القدر الذي يتقرر عليه فلا يقدرون على رفعه ودفنه ولا يتقرب إليه الغاسل ليغسله حتى يأتيه الإذن وغير ذلك من البدع والمكوس والمظالم التي أحدثوها على المبيعات والمشتروات على البائع والمشتري ومصادرات الناس في أموالهم ودورهم فيكون الشخص من سائر الناس جالسًا بداره فما يشعر على حين غفلة منه إلا والأعوان يأمرونه بإخلاء الدار وخروجه منها ويقولون أن سيد الجميع محتاج إليها فإما أن يخرج منها جملة وتصير من أملاك الشريف وإما أن يصالح عليها بمقدار ثمنها أو أقل أو أكثر فعاهده على ترك ذلك كله واتباع ما أمر الله تعالى به في كتابه العزيز من إخلاص التوحيد لله وحده واتباع سنة الرسول عليه الصلاة والسلام وما كان عليه الخلفاء الراشدون والصحابة والتابعون والأئمة المجتهدون إلى آخر القرن الثالث وترك ما حدث في الناس من الالتجاء لغير الله من المخلوقين الأحياء والأموات في الشدائد والمهمات وما أحدثوه من بناء القباب على القبور والتصاوير والزخارف وتقبيل الأعتاب والخضوع والتذلل والمناداة والطواف والنذور والذبح والقربان وعمل الأعياد والمواسم لها واجتماع أصناف الخلائق واختلاط النساء بالرجال وباقي الأشياء التي فيها شركة المخلوقين مع الخالق في توحيد الألوهية التي بعثت الرسل إلى مقاتلة من خالفها ليكون الدين لله فعاهده على منع ذلك كله وعلى هدم القباب المبنية على القبور والأضرحة لأنها من الأمور المحدثة التي لم تكن في عهده بعد المناظرة مع علماء تلك الناحية وإقامة الحجة عليهم بالأدلة القطعية التي لا تقبل التلويل من الكتاب والسنة وإذعانهم لذلك فعند ذلك أمنت السبل وسلكت الطرق بين مكة والمدينة وبين مكة وجدة والطائف ( الصورة المقابلة : الكعبة سنة 1806 م ) وانحلت الأسعار وكثر وجوده المطعومات وما يجلبه عربان الشرق إلى الحرمين من الغلال والأغنام والأسمان والأعسال حتى بيع الأردب من الحنطة بأربع ريالات واستمر الشريف غالب يأخذ العشور من التجار وإذا نوقش في ذلك يقول هؤلاء مشركون وأنا آخذ من المشركين لا من الموحدين‏.‏
وفى يوم الأحد شهر صفر الخير سنة 1221 هـ  - 20 أبريل 1806 م  فيه سافر محو بك إلى جهة المنية وفيه ورد من إسلامبول شخص قابجي وعلى يديه مرسومات بالجمارك وغيرها ومنها ضبط ترك الموتى المقتولين والمقبورين وكذلك تركة السيد أحمد المحروقي وآخر يسمى الشريف محمد البرلي والقصد تحصيل الدراهم بأي وفيه عزم الباشا على السفر لمحاربة الألفي وأشيع عنه ذلك وأنزلوا مدافع من القلعة وجبخانة وآلات حربية‏.‏
وفي يوم الأربعاء 4 شهر صفر الخير سنة 1221 هـ  - 23 أبريل 1806 م قوي عزمه على ذلك وأشيع أنه مسافر يوم السبت وأشار على السيد عمر أفندي النقيب بأن ينوب عنه ويكون قائمًا مقامه في الأحكام مدة غيابه فلم يقبل السيد عمر بذلك وامتنع ثم فترت همته عن ذلك وتبين أنها إيهامات لا أصل لها‏.‏
وفي يوم الخميس 5 شهر صفر الخير سنة 1221 هـ  - 24 أبريل 1806 م أرسل الباشا إلى الخانات والوكائل أعوانًا فختموا على حواصل التجار بما في داخلها من البن والبهار وذلك بعد أن أمنهم وقبض منهم عشورها ومكوسها بالسويس فلما وصلت القافلة واستقرت البضائع بالحواصل فعل بهم ذلك ثم صالحوا وأفرج عنهم‏.‏ وفيه ورد الخبر بأن الألفي ارتحل من ناحية الجسر الأسود والطرانة وقصد جهة البحيرة‏.‏
وفي يوم السبت 7 شهر صفر الخير سنة 1221 هـ  - 26 أبريل 1806 م ركب صالح آغا قابجي باشا ونزل إلى بولاق ليسافر إلى الديار الرومية فركب لوداعه الباشا وسعيد آغا والسيد همر النقيب فشيعوه إلى بولاق‏.‏
حتى نزل إلى المراكب وخلع عليه الباشا فروة سمور مثمنة بعد أن وفاه خدمته وهاداه بهدايا وأصحب معه هدايا للدولة وأربابها وعرفه بقضايا وأغراض يتممها له هناك وودعوه ورجعوا إلى بيوتهم بعد الغروب‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 10 شهر صفر الخير سنة 1221 هـ  - 29 أبريل 1806 م سافر صالح آغا السلحدار إلى جهة بحري على طريق المنوفية وصحبته عساكر وقرروا له مقادير من الأكياس على كل بلد من البلاد الرائجة عشرون كيسًا فما فوقها وما دونها ومن كل صنف مقادير أيضًا‏.‏
وفيه فرضوا على البلاد غلال قمح وفول وشعير كل بلد عشرون أردبًا فما فوقها وما دونها وهذه ثالث فرضة ابتدعت من الغلال على البلاد في هذه الدولة‏.‏
وفيه ورد الخبر بأن الألفي توجه إلى ناحية دمنهور البحيرة يوم الأربعاء رابعه وأنهم امتنعوا عليه فحاصرهم لأنهم استعدوا لذلك والبلد منضافة إلى السيد عمر النقيب فكان يرسل إليهم ويحذرهم منه ويرسل إليهم ويمدهم بآلات الحرب والبارود ويحرضهم على الاستعداد للحرب فحصنوا البلدة وبنوا أسوارها وجعلوا فيها أبراجًا وبدنات وركبوا عليها المدافع الكثيرة وأحضروا لهم ما يحتاجون إليه من الذخيرة والجبخانة وما يكفيهم سنة وحفروا حولها خنادق وهي في موقعها مرتفعة‏.‏
وفيه عزل الباشا محمد آغا كتخدا بك من كتخدائية بسبب أمور نقمها عليه وحبسه وطلب منه ألف كيس وقلد في الكتخدائية خازنداره وهو المعروف بدبوس أوغلي‏.‏
وفي ليلة الأحد 15 شهر صفر الخير سنة 1221 هـ  - 4 مايو 1806 م عدى ساري عسكر إلى بر أنبابة بوطاقه وهو دبوس أوغلي الكتخدا المذكور وذلك في أواخر النهار وضربوا مدافع كثيرة لتعديته وأخذ العسكر في تشهيل أمورهم ولوازمهم وأنفق عليهم الباشا نفقة هذا والطلب والتوزيع بالأكياس مستمر لا ينقطع عن أعيان الناس والتجار والأفندية الكتبة وجماعة الضربخانة والملتزمين بالجمارك وكل من كان له أدنى علاقة أو خدمة أو تجارة أو صنعة ظاهرة أو فائظ أو له شهرة قديمة أو من مساتير الناس وغالب الأحيان المحصل لذلك والقاضي فيه السيد عمر أفندي النقيب وقد حكمت عليه الصورة التي ظهر فيها وانعكس الحال والوضع وساءت الظنون والأمر لله وحده‏.‏
وفي يوم الخميس 19 شهر صفر الخير سنة 1221 هـ  - 8 مايو 1806 م ارتحل عرضي التجريدة من أنبابة وذهبوا إلى جهة الوراريق‏.‏
وفي هذه الأيام كان بين مشايخ العلم منافسات ومنافرات ومحاسدات وذلك من أوائل شهر رمضان وتعصبات بسبب مشيخة الجامع ونظر أوقافه وأوقاف عبد الرحمن كتخدا فاتفق أن الشيخ عبد الرحمن السجيني ابن الشيخ عبد الرؤوف عمل وليمة ودعاهم إليها فاجتمعوا في ذلك اليوم وتصالحوا في الظاهر‏.‏
وفي يوم الاثنين 23 شهر صفر الخير سنة 1221 هـ  - 12 مايو 1806 م هبت رياح وأثارت غبارًا وزوابع ولواقح ثم غيمت السماء غيمًا منقطعًا وأرعدت وأمطرت فكان الغبار والزوابع والشمس طالعة والمطر نزل وذلك بعد العصر وحصل مثل ذلك أيضًا في يوم الثلاثاء ولكن بعد الظهر‏.‏
وفي تلك الليلة بعد الغروب يوم الثلاثاء 24 شهر صفر الخير سنة 1221 هـ  - 13 مايو 1806 م أخرج الباشا محمد أفندي المنفصل عن الكتخدائية منفيًا إلى جهة

وفي أواخره رجعت عساكر من الأرنؤد وكانوا كثيرين ونزلوا ببولاق ومصر القديمة وغالبهم الذين كانوا بصحبته حسن باشا طاهر وأخيه عابدين بك وسبب رجوعهم أنهم طلبوا علائفهم من حسن باشا وكان قد ظهر له فيهم المخاطرة عليه وميلهم إلى الأخصام فامتنع من دفع علائفهم وقال لهم اذهبوا إلى مصر واطلبوا علائفكم من الباشا وأرسل إليه يعرفه بحالهم ونفاقهم فما تراسلوا في الحضور منعهم الباشا من الدخول إلى البلد ووعدهم بإيصال علائفهم إليهم وهم خارج المدينة وبعد أن يقبضوا مالهم يعودون إلى مرابطهم كما كانوا فأقاموا بناحية بولاق

وأرسل الباشا فجمع عربان الحويطات والعائد وغيرهم فأقاموا بناحية شبرا ومنية السيرج وهم جملة كبيرة استمروا في تجمعهم أربعة أيام وأرسل إلى الأجناد والجربجية وأمثالهم المقيمين بمصر وأمرؤ بأن يتهيؤا ويقضوا أشغالهم ويخرجوا صحبة حسن آغا الشماشيرجي فمن كان منهم ذا مقدرة وعنده حصان يركبه أو جمل يحمل عليه متاعه خرج بنفسه وإلا خرج بدلًا عنه وأعطاه مصروفه واحتياجاته ولوازمه وبرزوا إلى خارج ثم أرسل إلى العساكر المذكورين يأمر كبارهم بالسفر إلى بلادهم فامتنعوا وقالوا لا نسافر حتى نقبض المنكسر لنا من علائفهم فعند ذلك دس إلى أصاغرهم من خدعهم واستمالهم حتى تفرقوا في خدمة المستوطنين ولم يبق مع كبارهم المعاندين إلا القليل فلم يسعهم بعد ذلك إلا الامتثال

وارتحلوا في غايه شهر صفر الخير سنة 1221 هـ  - 18 مايو 1806 م من بولاق وسافر معهم الشماشيرجي المذكور ومن بصحبته من المصريين وحولهم العربان وساروا على طريق دمياط وهم اثنان وخمسون شخصًا من كبار طائفة الأرنؤود حصل من العرب في مدة تجمعهم ما لا خير فيه وكذلك في مدة إقامتهم من الخطف والتعرية وقطع الطريق على المسافرين‏.‏

شهر ربيع الأول سنة 1221 استهل بيوم الثلاثاء

وفي ليلة الأحد 6 شهر ربيع الأول سنة 1221 هـ  - 24 مايو 1806 م حصل رعد كثير وبرق بين المغرب والعشاء بدون مطر والغيم قليل متقطع وذلك 17 بشنس القبطى وثاني عشر أيار والشمس في ثالث درجة من برج الجوزاء وذلك من النوادر في مثل هذا الوقت‏.‏
وفي يوم الأحد  المذكور ضربوا مدافع من القلعة لبشارة وردت من الجهة القبلية وذلك أن رجب آغا وياسين بك اللذين انضما إلى الأمراء المصرية القبليين عملا متاريس بحري المنية ليمنعا من يصل إليها من مراكب الذخيرة فلما سافر محو بك بمراكب الذخيرة ووصل إلى حسن باشا طاهر ببني سويف أصحب معه عابدين بك وعدة من العسكر في عدة مراكب فلما وصلوا إلى محل المتاريس تراموا بالمدافع والرصاص واقتحموا المرور وساعدهم الريح فخلصوا إلى المنية وطلعوا إليها ودخلها عابدين بك وقتل فيما بينهم أشخاص وأرسلوا بذلك المبشرين فأخبروا بذلك وبالغوا في الأخبار وأن ياسين بك قتل هو وخلافه ورأسه واصلة مع رؤس كثيرة فعملوا لذلك شنكًا وضربت مدافع كثيرة ولم يكن لقتل يلسين بك صحة ثم وصل محو بك وابن وافي وقد نزلا في شكترية لها عدة مقاذيف ودفعوا في قوة التيار حتى وصلوا إلى مصر ولم يصل معهم رؤس كما أخبر المبشرون‏.‏
وفيه قرر فرضة على البلاد وهي دراهم وغلال وعينوا لذلك كاشفًا فسافروا معه عدة من العسكر وصحبتهم نقاقير وسافر أيضًا خازندار الباشا بلبيس وأخذ صحبته أكثر رفقائه وأصحابه من أولاد البلد فسافروا على حين غفلة إلى ناحية الدقهلية‏.‏
وفي 10 شهر ربيع الأول سنة 1221 هـ  - 28 مايو 1806 م وصلت الأخبار بأن الألفي ارتحل من البحيرة ورجع إلى ناحية وردان وعدى إلى جزيرة السبكية وهرب من كان مرابطًا من الأجناد المصرية وغيرهم وطلبوا من أهالي السبكية دراهم وغلالًا وفر غالب أهلها منها وجلوا عنها وتفرقوا في بلاد المنوفية‏.‏
وفي يوم الجمعة 12 شهر ربيع الأول سنة 1221 هـ  - 30 مايو 1806 م عمل المولد النبوي ونصبوا بالأزبكية صواري تجاه بيت الباشا والشيخ محمد سعيد البكري وقد سكن بدار مطلة على البركة داخل درب عبد الحق وأقام هناك ليالي المولد إظهارًا لبعض الرسوم‏.‏
وفيه علقوا تسعة رؤس على السبيل المواجه لباب زويلة ذكروا أنها من قتلى دمنهور وهي رؤس مجهولة ووضعوا بجانبهم بيرقين ملطخين بالدماء وفيه طلب الباشا دراهم سلفة من الملتزمين والتجار وغيرهم بموجب دفتر أحمد باشا خورشيد الذي كان قبضها في عام أول قبل القومة فعينوا مقاديرها وعينوا بطلبها المعينين بالطلب الحثيث من غير مهلة ومن لم يجده بأن كان غائبًا أو متغيبًا دخلوا داره وطالبوا أهله أو جاره أو شريكه فضاق ذرع الناس وذهبوا أفواجًا إلى السيد عمر أفندي النقيب فيتضجر ويتأسف ويتقلق ويهون عليهم الأمر وربما سعى في التخفيف عن البعض بقدر الإمكان وقد تورط في الدعوة‏.‏
وفيه سافر السيد محمد المحروقي إلى سد ترعة الفرعونية وذلك أن الترعة المذكورة لما اجتهد في سدها المصريون في سنة اثنتي عشرة ومائتين وألف كما تقدم فانفتحت من محل آخر ينفذ إلى ناحية الترعة المسماة بالفيض وكان ذلك بإشارة أيوب بك الصغير لعدم انقطاع الماء عن ري بلاده فتهورت أيضًا هذه الناحية واتسعت وقوي اندفاع الماء إليها في مدة هذه السنين حتى جف البحر الغربي والشرقي وتغير ماء النيل في الناحية الشرقية وظهرت فيه الملوحة من حدود المنصورة وتعطلت مزارع الأرز وشرقت بلاد البحر الشرقي وشربوا الأجاج ومياه الآبار والسواقي وكثر تشكى أهالي البلاد فحصل العزم على سدها في هذا العام وتقيد بذلك السيد محمد المحروقي وذو الفقار إلى جهة السد وجمع العمال والفلاحين وسيقت إليه المراكب المملوءة بالأحجار من أول شهر صفر إلى وقت تاريخه وجبوا الأموال من البلاد لأجل النفقة على ذلك ثم سافر السيد المحروقي أيضًا وبذل جهده ورموا بها من الأحجار ما يضيق به الفضاء من الكثرة وتعطل بسبب ذلك المسافرون لقلة المراكب وجفاف البحر الغربي والخوف من السلوك فيه من قطاع الطرق والعربان فكانت المراكب المعاشات ( الصورة المقابلة : مراكب المعاشات ) التي تأتي بالسفار وبضائع التجار يأتون بشحناتهم إلى حد السد ومحل العمل والشغل فيرسون هناك ثم ينقلون ما بها من الشحنة والبضائع إلى البر وبنقلونها إلى السفن والقوارب التي تنقل الأحجار ويأتون بها إلى ساحل بولاق فيخرجون ما فيها إلى البر وتذهب تلك السفن والقوارب إلى أشغالها في نقل الحجر ولا يخفى ما يحصل في البضائع من الإتلاف والضياع والسرقة وزيادة الكلف والأجر وغير ذلك وطال أمد هذا الأمر‏.‏
وفي أواخره حوالى منتصف يونية 1806 م  نزل الباشا للكشف على الترعة فغاب يومين وليلتين ثم عاد إلى مصر‏.‏
شهر ربيع الثاني سنة 1221 هـ - 1806 م  فيه ورد سعاة من الإسكندرية وأخبروا بورود أربع مراكب وفيها عساكر من النظام الجديد وصحبتهم ططريات وبعض أشخاص من الإنكليز ومعهم مكاتبة خطابًا إلى الألفي وبشارة بالرضا والعفو للأمراء المصرية من الدولة بشفاعة الإنكليز فلما وصولا إليه بناحية حوش ابن عيسى بالبحيرة سر بقدومهم وعمل لهم شنكًا وضرب لهم مدافع كثيرة ثم شهلهم وأرسلهم إلى الأمراء القبليين وصحبتهم أحد صناجقه وهو أمين بك ومحمد كاشف تابع إبراهيم بك الكبير ثم أنه أرسل عدة مكاتبات بذلك الخبر إلى المشايخ وغيرهم بمصر وكذلك إلى مشايخ العربان مثل الحويطات والعائد وشيخ الجزيرة وباقي المشاهير فأحضر ابن شديد وابن شعير الأوراق التي أتتهم من الألفي إلى الباشا وفيها نعلمكم أن محمد علي باشا ربما ارتحل إلى ناحية السويس فلا تحملوا أثقاله وإن فعلتم ذلك فلا نقبل لكم عذرًا ولما سمع الباشا ذلك قال أنه مجنون وكذاب‏.‏
وفيه فتح الباشا الطلب بفائظ البلاد والحصص من الملتزمين والفلاحين وأمر الروزنامجي وطائفته بتحرير ذلك عن السنة القلبلة فضج الملتزمون وترددوا إلى السيد عمر النقيب والمشايخ فخاطبوا الباشا فاعتذر إليهم باحتياج الحال والمصاريف ثم استقر الحال على قبض ثلاثة أرباعه النصف على الملتزمين ولربع على الفلاحين وأن يحسب الريال في القبض منهم بثلاثة وثمانين نصفًا ويقبضه باثنين وتسعين وعلى كل مائة ريال خمسة أنصاف حق طريق سواء كان القبض من الملتزم بحصته في المصر أو بيد المعينين من طرف الكاشف في الناحية وإذا كان التوجيه بالطلب من كاشف الناحية كانت أشنع في التغريم والكلف لترادف الإرسال وتكرار حق الطريق‏.‏
وفي يوم الأثنين 6 شهر ربيع الثاني سنة 1221 هـ  - 23 يونية 1806 م  حضر أحمد كاشف سليم من الجهة القبلية وسبب حضوره أن الباشا لما بلغته هذه الأخبار أرسل الأمراء القبليين يستدعي منهم بعض عقلائهم مثل أحمد آغا شويكار وسليم آغا مستحفظان ليتشاور معهم في الأمر فلم يجب واحد منهم إلى الحضور ثم اتفقوا على إرسال أحمد كاشف لكونه ليس معدودًا من أفرادهم وبينه وبين الباشا نسب لأن ربيبته تحت حسن الشماشيرجي فحضر واختلى به الباشا مرارًا ثم أمره بالعود فسافر في يوم الثلاثاء رابع عشره وأصحب معه هدية إلى إبراهيم بك والبرديسي وعثمان بك حسن وغيرهم من الأمراء وهي عدد خيول وقلاعيات وثياب وأمتعة وغير ذلك‏.‏
وفيه أيضًا قبض الباشا على إبراهيم آغا الوالي وحبسه مع أرباب الجرائم وسبب ذلك أن البصاصين شاهدوا حمولًا فيها ثياب من ملابس الأجناد أعدها بعض تجار النصارى ليرسلها إلى جهة قبلي لتباع على أجند الأمراء المصريين ومماليكهم ويربح فيها وسئل الحاملون لها فأخبروا أن أربابها فعلوا ذلك بإطلاع الوالي المذكور على مصلحة أخذها منهم ووصل خبر ذلك إلى الباشا فأحضره وقبض عليه وحبسه ثم أطلقه بعد أيام على مصلحة تقررت عليه بشفاعة امرأة من القهارمة المتقربين وعاد إلى منصبه وأخذت البضاعة وضاعت على أصحابها وغرموهم زيادة على ذلك غرامة وكذلك اتهم الذي حجزها بأنه اختلس منها أشياء وحبس وأخذت منه مصلحه فتحصل من هذه القضية جملة من المال مع أنها في خلال المراسلة والمهاداة ونودي بعد ذلك بأن من أراد أن يرسل شيئًا أو متجرًا ولو إلى السويس فليستأذن على ذلك ويأخذ به ورقة من باب الباشا فإن لم يفعل وضاع عليه فاللوم عليه‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 14 شهر ربيع الثاني سنة 1221 هـ  - 1 يولية 1806 م ورد ساعي وصحبته مكتوب من حاكم الإسكندرية خطابًا إلى الدفتردار يخبره بوصول قبطان باشا إلى الثغر وفي أثره وصل باشا متولي على مصر واسمه موسى باشا وصحبتهم مراكب بها عساكر من الصنف الذي يسمى النظام الجديد وكان ورود القبطان إلى الثغر ليلة الجمعة عاشره وطلعوا إلى البر بالإسكندرية يوم السبت حادي عشره فلما قرأ الدفتردار الورقة أرسل إلى السيد عمر النقيب فحضر إليه وركب صحبته للباشا واختليا معه ساعة ثم فارقاه ولما بلغ الألفي ورود هذه الدونانمه وحضرت إليه المبشرون وهو بالبحيرة امتلأ فرحًا وأرسل عدة مكاتبات إلى مصر صحبة السعاة فقبضوا على السعاة وحضروا بهم إلى الباشا فأخفاها ووصل غيرها إلى أربابها على غير يد السعاة وصورتها الأخبار بحضور لدونائمه صحبة قبطان باشا والنظام الجديد وولاية موسى باشا على مصر وانفصال محمد علي باشا عن الولاية وأن مولانا السلطان عفا عن الأمراء المصريين وأن يكونوا كعادتهم في إمارة مصر وأحكامها والباشا المتولي يستقر بالقلعة كعادته وأن محمد علي باشا يخرج من مصر ويتوجه إلى ولايته التي تقلدها وهي ولاية سلانيك وأن حضرة قبطان باشا أرسل يستدعي إخواننا الأمراء من ناحية قبلي فالله يسهل بحضورهم فتكونون مطمئنين الخاطر وأعلموا إخوانكم من الأولداشات والرعية بأن يضبطوا أنفسهم ويكونوا مع العلماء في الطاعة وما بعد ذلك إلا الراحة والخير والسلام‏.‏
وفي يوم الجمعة 17 شهر ربيع الثاني سنة 1221 هـ  - 4 يولية 1806 م ورد قاصد من طرف قبودان باشا إلى بولاق فأرسل إليه الباشا من قابله وأركبه وحضر به إلى بيت الباشا وأراد أن ينزله بمنزل الدفتردار فاستعفى الدفتردار من نزوله عنده فأنزلوه ببيت الروزنامجي وأقام يوم السبت والأحد ولم يظهر ما دار بينهما ثم سافر في يوم الاثنين وذهب صحبته سليم المعروف بقبي لركخسي وشرع الباشا في عمل آلات حرب وجلل ومدافع وجمعوا الحدادين بالقلعة وأصعدوا بنبات كثيرة واحتياجات ومهمات إلى القلعة وظهر منه علامات العصيان وعدم الامتثال وجمع إليه كبار العسكر وشاورهم وتناجى معهم فوافقوه على ذلك لأن ما من أحد منهم إلا وصار له عدة بيوت وزوجات والتزام بلاد وسيادة لم يتخيلها ولم تخطر بذهنه ولا بفكره ولا يسهل به الانسلاخ عنها والخروج منها ولو خرجت روحه وأخبر المخبر أن الألأفي أرسل هدية إلى قبودان باشا وفيها ثلاثون حصانًا منها عشرة برخوتها ومن الغنم أربعة آلاف رأس وجملة أبقار وجواميس ومائة جمل محملة بالذخيرة وغير ذلك من النقوج والثياب والأقمشة برسمه ورسم كبار أتباعه ثم أن الباشا أحضر السيد عمر والخاصة وعرفهم بصورة الأمر الوارد بعزله وولاية موسى باشا وأن الأمراء المصريين عرضوا للسلطنة في طلب العفو وعودهم إلى أمرياتهم وخروج العساكر التي أفسدت الإقليم عن أرض مصر وشرطوا على أنفسهم القيام بخدمة الدولة والحرمين الشريفين وإرسال غلالها ودفع الخزينة وتأمين البلاد فحصل عنهم الرضا وأجيبوا إلى سؤالهم على هذه الشروط وأن المشايخ والعلماء يتكلفون بهم ويضمنون عهدهم بذلك فأعملوا فكركم ورأيكم في ذلك ثم انفصلوا من مجلسه‏ ( الصورة المقابلة : فى مولد الحسين ) .‏
وفيه أرسل الباشا فجمع الأخشاب التي وجدها ببولاق في الشوادر والحواصل والوكائل وطلعوا جميع ذلك إلى القلعة لعمل العربات والعجل برسم المدافع والقنابر‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 21 شهر ربيع الثاني سنة 1221 هـ  - 8 يولية 1806 م كان مولد المشهد الحسيني المعتاد وحضر الباشا لزيارة المشهد ودعاه الشيخ السادات وهو الناظر على المشهد والمتقيد لعمل ذلك فدخل إليه وتغدى عنده ثم ركب وعاد إلى داره وأكثر من الركوب والطواف بشوارع المدينة إلى القلعة والنزول منها والذهاب إلى بولاق وهو لابس برنسًا‏.‏

مهمات وغلال ومرتبات الحرمين الشريفين من مصر
وفي يوم الخميس 23 شهر ربيع الثاني سنة 1221 هـ  - 10 يولية 1806 م حضر ديوان أفندي وعبد الله آغا بكتاش الترجمان( الصورة المقابلة ترجمان الباشا ) عند السيد عمر ومعهما صورة عرض يكتب عن لسان المشايخ إلى الدولة في شأن هذه الحادثة فتناجوا مع بعضهم حصة من النهار ثم ركبا وحضرا في ثاني يوم عند الشيخ عبد الله الشرقاوي وأمروا المشايخ بتنظيم العرضحال وترصيعه ووضع أسمائهم وختومهم عليه ليرسله الباشا إلى الدولة فلم تسعهم المخالفة ونظموا صورته ثم بيضوه في كاغد كبير‏ وصورته بالحرف :

"  بسم الله الرحمن الرحيم - الرءوف الحليم  , الحمد لله ذى الجلال على جميع شئون الأحوال  نرفع إليك أكفأ من بحر جودك مغترفة , ونتوجه إلى كعبة فضلك بقلوب بخالص الوحدانية معترفة , أن تديم بهجة الزمان , ورونق عنوان اليمن والأمان ... بدوام وزير تخضع لمهابته الرقاب , وتدنو لهمة سطوته المهمات الصعاب ... منتهى آمال المقاصد والوسائل , ومحط رحال المطالب من كل سائل : حضرة صدر الصدور ومدبر مهمات الأمور ...

الصدر ألعظم محمد على باشا , أدام الله دعائم العز بقبامة , وقبح للآنام فى أيامة , محفوفاً بعناية الرب الكريم , محفوظاً بعناية الرب الكريم , محفوظاً بآيات القرآن العظيم ... آمين .

أما بعد رفع القصد والرجاء , ومد سواعد الخضوع والإلتجاء , فإننا ننهى لمسامعكم العلية , وشيم اخلاقكم المرضية , بأنه قد قدم حضرة الدستور المكرم , والمشير المفخم , مدير مهمات الاسكلات البحرية , خادم الدولة العلية , الوزير قبوان باشا إلى ثغر أسكندرية , فأرسل كتخدا البوابين سعيد أغا ... وصحبته الأمر الشريف الواجب القبول والتشريف , المعنون بالرسم الهمايونى العالى ... دامت مسراته على ممر الدهور والأعوام والأيام والليالى , فاوضح مكنونه , وأفصح مضمونه : بأنه قد تطاولت العداوة بين الوزير محمد على باشا وبين ألمراء المصريين , فتعطلت مهمات الحرمين الشريفين من غلال ومرتبات   ةتنظيم أمير الحج على حكم سوابق العادات .

والحال .. أنه ينبغى تقديم ذلك على سائر المطلوبات , وأن التأخير سببه كثرة العساكر والعلوفات , وترتب على ذلك لكامل  الرعية بالأقاليم المصرية الدمار والإضمحلال , وأنهت الأمراء المصرية هذه الكيفية لجضرة السدة السنية , وأنهم يتعهدون بإلتزام جميع مرتبات الحرمين الشريفين من غلال وعوائد ومهمات , وإخراج أمير الحج على حكم أسلوب المتقدمين ... مع الإمتثال  لكامل ما يرد من الأوامر الشريفة إلى ولاة الأمور بالديار المصرية , وأنهم يقومون فى كل سنة بدفع الأموال الأميرية إلى خزينة الدولة العليا ... إن حصل لهم العفو عن جرائمهم الماضية , والرضا بدخولهم مصر المحمية .

وإلتمسوا من حضرة الدولة العلية قبول ذلك منهم وبلوغهم مأمولهم , فأصدرتم لهم الأمر  الهمايونى الشريف , المطاع المنيف , بعزل الوزير المشار إليه , لتقرير العداوة معه , ووجهتم له ولاية سلانيك , ووجهتم ولاية مصر إلى الوزير موسى باشا , وقبلتم توبتهم .

وأن العلماء الوجاقلية , والرؤساء والوجهاء بالديار المصرية , الداعين لحضرة مولانا الخنكار ببلوغ المأمولات المرضية ... أن تعهدوا بهم وكفلوهم يحصل لهم المساعدة الكلية , حكم إلتماسهم من أعتاب حضرة الدولة العلية , فأمركم مطاع , وواجب القبول والأتباع .

غير أننا نلتمس من شيم الأخلاق المرضية , والمراحم العلية , العفو عن تعهدنا وكفالتنا لهم , فإن شرط الكفيل قدرته على المكفول , ونحن لا قدرة لنا على ذلك ...لما تقدم عن الأفعال الشهيرة , والأحوال والتطورات الكثيرة , التى منها خيانة المرحوم السيد على باشا - والى مصر سابقاً - بعد واقعة ميرميران طاهر باشا , وقتل الحجاج القادمين من البلاد الرومية , وسلب الموال بغير اوجه شرعية . !!

والصغير لا يسمع كلام الكبير , والكبير لا يستطيع تنفيذ الأمر على الصغير , وغير ذلك مما هو معلوماتنا وبمشاهداتنا , خصوصاً ما وقع فى العام الماضى من إقدامهم على مصر المحمية , وهجومهم عليها فى وقت الفجرية , فجلاهم عنها حضرة المشار إليه , وقتل منهم جملة كثيرة , فكانت واقعة شهيرة , فهذا شئ لا ينكر , فحينئذ لا يمكننا التكفل والتعهد ,لأننا لا نطلع على ما فى السرائر , وما هو مستكن فى الضمائر .

فنرجوا عدم المؤاخذة فى ألمور التى لا قدرة لنا عليها , لأننا لا نقدر على دفع المفسدين والطغاة والمتمردين الذين اهلكوا الرعايا ودمروهم , فأنتم خلفاء الله على خليفته , وأمناؤه على بريته !!

ونحن ممتثلون لولاة أموركم فى جميع ما هو موافق للشريعة المحمدية , على حكم الأمر من رب البرية , فى قوله سبحانة وتعالى : " يا ايها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم " فلا تسعنا المخالفة فيما يرضى الله ورسوله , فإن حصل منهم خلاف ذلك , نكل الأمر فيهم إلى مالك الممالك , لأن أهل مصر قوم ضعاف , وقال عليه الصلاة والسلام : " إن أهل مصر الجند الضعيف ... فيما كادهم أحد إلا كفاهم الله مؤنته "  وقال أيضاً : " وكل راع مسئول عن رعيته يوم القيامة "

وتفيد أيضاً حضرة المسامع العلية , من خصوص الفرض والسلف التى حصل منها الثقلة للأهالى , من حضرة محسوبكم الوزير محمد على باشا , فإنه إضطر إليها لأجل إغراء العساكر وتقويتهم على دفع الأشقياء والمفسدين , والطغاة المتمردين ... إمتثالاً لأوامر الدولة العلية فى دفعهم , والخروج من حقهم , وإجتهد فى ذلك غاية الإجتهاد , رغية فى حلول أنظار الدولة العلية .

فالأمر مفوض إليكم , والملك أمانة الله تحت أيديكم العز والإمتنان , لسدة السلطان , مع رفعة نترشح بها فى النفوس عظمته وسطوة تسرى فى القلوب مهابته وأن يبقى دولته على الأنام , وأن يحسن البدء والختام بجاة سيدنا محمد خير البرية , وآلة وصحبة ذوى المناقب الوقية "

وكتبوا من ذلك نسختين : أحدهما إلى القبطان , وأخرى إلى السلطان , وكتبوا عليهما الأمضاء والختوم وأرسلوهما .
وفي ليلة الاثنين 23 شهر ربيع الثاني سنة 1221 هـ  - 14 يولية 1806 م وصل شاكر آغا سلحدار الوزير إلى بولاق فتلقوه وأركبوه إلى بيت الباشا فلما أصبح النهار أرسلوا أوراقًا وصلت صحبة السلحدار المذكور إحداها خطابًا للمشايخ وأخرى إلى شيخ السادات وثالثة إلى السيد عمر النقيب وكلها على نسق واحد وهي من قبودن باشا وعليها الختم الكبير وهي بالعربي وفرمان رابع باللغة التركية خطابًا للجميع ومضمون الكل الأخبار بعزل محمد علي باشا عن ولاية مصر وولايته سلانيك وولاية السيد موسى باشا المنفصل عنها مصر وأن يكون الجميع تحت الطاعة والامتثال للأوامر والاجتهاد في المعاونة وتشهيل محمد علي باشا فيما يحتاج إليه من السفن ولوازم السفر ليتوجه هو وحسن باشا والي جرجا من طريق دمياط بالإعزاز والإكرام وصحبتهما جميع العساكر من غير تأخير حسب الأوامر السلطانية ثم أنهم اجتمعوا في عصر ذلك اليوم بمنزل السيد عمر وركبوا إلى الباشا فلما استقروا بالمجلس قال لهم وصلت إليكم المراسلات الواردة صحبة السلحدار قالوا نعم قال وما رأيكم في ذلك قال الشيخ الشرقاوي ليس رأي والرأي ما تراه ونحن الجميع على رأيك فقال لهم في غد أبعث إليكم صورة تكتبونها في رد الجواب وأرسل إليهم من الغد صورة مضمونها أن الأوامر الشريفة وصلت إلينا وتلقيناها بالطاعة والامتثال إلا أن أهل مصر ورعيتها قوم ضعاف وربما عصت العساكر عن الخروج فيحصل لأهل البلدة الضرر وخراب الدور وهتك الحرمات وأنتم أهل للشفقة والرحمة والتلطف ونحو ذلك من التزويقات والتمويهات وأصدروها إليه وفي أثناء ذلك محمد علي باشا آخذ في إليه تمام والتشهيل وإظهار الحركة والخروج لمحاربة الألفي وبرزت العساكر إلى ناحية بولاق وخارج البلدة وعدوا بالخيام إلى البر الغربي وتقدم إلى مشايخ الحارات بالتعريف على كل من كان متصفًا بالجندية ويكتبوا أسماءهم ومحل سكنهم ففعلوا ذلك ثم كتبت لهم أوراق بالأمر بالخروج وعليها ختم الباشا ومسطور في ورقة الأمر بأن المأمور يصحب معه شخصين أو ثلاثة على أن أكثرهم لا يملك حمارًا يركبه ولا ما يحمل عليه متاعه ولا ما يصرفه على نفسه فضلًا عن غيره وكذلك أمر الوجاقلية جليلهم وحقيرهم بالخروج للمحاربة‏.‏
وفيه شرع الباشا في تقرير فرضة على البلاد البحرية وهي القليوبية والمنوفية والغربية والدقهلية والمزاحمتين إلى آخر مجرى النيل ورتبوها أعلى وأدنى وأوسط وهي غلال الأعلى ثلاثون أردبًا وثلاثون رأسًا من الغنم وأردب أرز وثلاثون رطلًا من الجبن ومن السمن كذلك وغير هذه الأصناف كالتبن والجلة وغير ذلك والأوسط عشرون أردبًا وما يتبعها مما ذكر والأدنى اثنا عشر ومع ذلك القبض والطلب مستمر في فائظ الملتزمين بعضه من ذواتهم وبعضه من فلاحيهم مع ما يتبع ذلك من حق الطرق والخدم وتوالي الاستعجالات‏.‏
وفي ليلة الثلاثاء 28 شهر ربيع الثاني سنة 1221 هـ  - 15 يولية 1806 م سافر آغا السلحدار بالأحوبة‏.‏
شهر جمادى الأولى 1221 استهل بيوم الخميس

وفي يوم الجمعة 2 شهر جمادى الأولى سنة 1221 هـ  - 18 يولية 1806 م احترق معمل البارود بناحية المدابغ فحصل منه رجة عظيمة وصوت هائل مثل المدفع العظيم سمعه القريب والبعيد ومات به عدة أشخاص ويقال أنهم رموا بنبة من القلعة بقصد التجربة على جهة بولاق فسقطت في المعمل المذكور وحصل ما ذكر‏.‏
وفي يوم السبت 3 شهر جمادى الأولى سنة 1221 هـ  - 19 يولية 1806 م وقت الزوال ركب الباشا من داره يريد السفر لمحاربة الألفي ونزل إلى بولاق وعدى إلى بر أنبابة لتجهيز العرضي وأرسل أوراقًا لتجمع العربان وعين لذلك حسن آغا محرم وعلي كاشف الشرقية‏.‏
وفي ليلة الاثنين 5 شهر جمادى الأولى سنة 1221 هـ  - 21 يولية 1806 م حضر سليم آغا قابجي كتخدا الذي تقدم سفره صحبة سعيد آغا كتخدا البوابين مرسلًا إلى قبودان باشا من طرف محمد علي باشا فرجع بجواب الرسالة ومحصلها أن القبودان لم يقبل هذه الأعذار ولا ما نقموه من التمويهات التي لا أصل لها ولا بد من تنفيذ الأوامر وسفر الباشا ونزوله هو وحسن باشا وعساكرهما وخروجهم من مصر وذهابهم إلى ناحية دمياط وسفرهم إلى الجهة المأمورين بالذهاب إليها ولا شيء غير ذلك أبدًا‏.‏
وفي ليلة الخميس 8 شهر جمادى الأولى سنة 1221 هـ  - 24 يولية 1806 م حضر علي كاشف الشرقية وذلك أنه تقنطر من فوق جواده وكسرت رجله وأحضروه محمولًا‏.‏ وفي يوم الخميس المذكور وصل الكثير من طوائف عرب الحويطات ونصف حرام من ناحية شبرا إلى بولاق وضربوا لحضورهم مدافع‏.‏
وفيه ركب طوائف الدلاتية وتقدموا إلى جهة بحري وأشيع ركوب محمد علي باشا وذلك اليوم فلم يركب‏.‏ وفي
ج3 / 96

This site was last updated 03/02/09