Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

 ا

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير - هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
ظهور محمد على
New Page 1794
New Page 1795
New Page 1796
New Page 1464
New Page 1459
New Page 1460
New Page 1461
New Page 1462
New Page 1463
New Page 1802
New Page 1801
New Page 1803
New Page 1804
New Page 1805
New Page 1806
New Page 1807
New Page 1808
New Page 1809
New Page 1810
New Page 1811
محمد على والدولة الحديثة
New Page 1812
New Page 1813
New Page 1814
New Page 1815
محمد على والأقباط
زوجات وجوارى محمد على
قصر محمد على بالسويس
محمد على وتحديث مصر
سرقة مقبرة محمد على
بناء قصر رأس التين
السودان وحملة إسماعيل باشا
مسجد محمد على باشا
مشاهير اللأقباط وقديسهم
الأرمن فى مصر

Hit Counter

 

شهر جمادى الأول بيوم الثلاثاء سنة 1230
في يوم الأحد 6 شهر جمادى الأول 1230 هـ - 16 أبريل 1815 م ضربت مدافع بعد الظهيرة لورود مكاتبة بأن الباشا استولى على ناحية قنفدة .

وفي يوم الجمعة 18 شهر جمادى الأول 1230 هـ - 28 أبريل 1815 م وصل المحمل إلى بركة الحج وصحبته من بقي من رجال الركب مثل خطيب الجبل والصيرفي والمحملجية ووردت مكاتبات بالقبض على طامي الذي جرى منه ما جرى في وقائع قنفدة السابقة وقتله العساكر فلم يزل راجح الذي اصطلح مع الباشا ينصب له الحبائل حتى صاده وذلك أنه عمل لابن أخيه مبلغًا من المال إن هو أوقعه في شركه فعمل له وليمة ودعاه إلى محله فأتاه آمنًا فقبض عليه واغتاله طمعًا في المال وأتوا به إلى عرضي الباشا فوجهه إلى بندر جدة في الحال وأنزلوه السفينة وحضروا به إلى السويس وعجلوا بحضوره فلما وصل إلى البركة والمحمل إذ ذاك بها خرجت جميع العساكر في ليلة الاثنين حادي عشرينه وانجروا في صبحها طوائف وخلفهم المحمل مبعد مرورهم دخلوا بطامي المذكور وهو راكب على هجين وفي رقبته الحديد والجنزير مربوط في عنق الهجين وصورته رجل شهم عظيم اللحية وهو لابس عباءة عبدانية ويقرأ وهو راكب وعملوا في ذلك اليوم شنكًا ومدافع وحضر أيضًا عابدين بك وتوجه إلى داره في ليلة الاثنين‏.‏
واستهل شهر جمادى الثانية بيوم الخميس سنة 1230 هـ

في يوم الأثنين 5 شهر جمادى الثانية 1230 هـ - 15 مايو 1815 م وصلت عساكر في داوات إلى السويس وحضروا إلى مصر وعلى رؤوسهم شلنجات فضة إعلامًا وإشارة بأنهم مجاهدون وعائدون من غزو الكفار وأنهم افتتحوا بلاد الحرمين وطردوا المخالفين لديانتهم حتى أن طوسون باشا وحسن باشا كتبا في إمضائهما على المراسلات بعد اسمهما لفظة المغازي والله أعلم بخلقه‏.‏
وفي يوم الجمعة 9 شهر جمادى الثانية 1230 هـ - 19 مايو 1815 م أخرجوا عساكر كثيرة وجوههم إلى الثغور ومحافظة الأساكل خوفًا من طارق يطرق الثغور لأنه أشيع أن بونابارته كبير الفرنساوية خرج من الجزيرة التي كان بها ورجع إلى فرنسا وملكها وأغار على بلاد الجورنة وخرج بعمارة كبيرة لا يعلم قصده إلى أي جهة يريد فربما طرق ثغر الإسكندرية أو دمياط على حين غفلة وقيل غير ذلك وسئل كتخدا بك عن سبب خروجهم فقال خوفًا عليهم من الطاعون ولئلا يوخموا المدينة لأنه وقع في هذه السنة موثان بالطاعون وهلك الكثير من العسكر وأهل البلدة والأطفال والجواري والعبيد خصوصًا السودان فإنه لم يبق منهم إلا القليل النادر وخلت منهم الدور‏.‏
وفي يوم الخميس شهر جمادى الثانية 1230 هـ - 25 مايو 1815 م أخرج كتخدا بك صدقة تفرق على الأولاد الأيتام الذين يقرؤون بالكتاتيب ويدعون برفع الطاعون فكانوا يجمعونهم ويأتي بهم فقهاؤهم إلى بيت حسن كتخدا الكتخدا عند مصلى ويدفعون لكل صغير ورقة بها ستون نصفًا فضة يأخذ منها جزأ الذي يجمع الطائفة منهم ويدعى أنه معلمهم زيادة عن حصته لأن معلم المكاتب مغلوقة وليس بها أحد بسبب تعطيل الأوقاف وقطع إيرادهم وصار لهذه الأطفال جلبة وغوغاء في ذهابهم ورجوعهم في الأسواق وعلى بيت الذي يقسم عليهم‏.‏
واستهل شهر رجب بيوم الجمعة سنة 1230 هـ

في يوم الأربعاء 6 شهر  رجب 1230 هـ - 14 يونية 1815 م وصلت هجانة من ناحية قبلي وأخبروا بوصول الباشا إلى القصير فخلع عليهم كتخدا بك كساوى ولم يأمر بعمل شنك ولا مدافع حتى يتحقق صحة الخبر‏.‏

وفي ليلة الجمعة 8 شهر رجب 1230 هـ - 16 يونية 1815 م احترق بيت طاهر باشا بالأزبكية والبيت الذي بجواره أيضًا‏.‏
وفي يوم الجمعة المذكور قبل العصر ضربت مدافع كثيرة من القلعة والجيزة وذلك عندما ثبت وتحقق ورود الباشا إلى قنا وقوص ووصل أيضًا حريم الباشا وطلعوا إلى قصر شبرا وركب للسلام عليها جميع نساء الأكابر والأعيان بهداياهم وتقادمهم ومنعوا المارين من المسافرين والفلاحين الواصلين من الأرياف المرور من تحت القصر الذي هو الطريق المعتادة للمسافرين فكانوا يذهبون ويمرون من طريق استحدثوها منعطفة خلف تلك الطريق ومستبعدة بمسافة طويلة‏.‏
وفي ليلة الخميس 14 شهر رجب 1230 هـ - 22 يونية 1815 م انخسف جرم القمر جميعه بعد الساعة الثالثة وكان في آخر برج وفي ليلة الجمعة خامس عشره وصل الباشا إلى الجيزة ليلًا فأقام بها إلى آخر الليل ثم حضر إلى داره بالأزبكية فأقام بها يومين وحضر كتخدا بك وأكابر دولته للسلام عليه فلم يأذن لأحد وكذلك مشايخ الوقت ذهبوا ورجعوا ولم يجتمع به أحد سوى ثاني يوم وترادفت عليه التقادم والهدايا من كل نوع من أكابر الدولة والنصارى بأجناسهم خصوصًا الأرمن وخلافهم بكل صنف من التحف حتى السراري البيض بالحلي والجواهر وغير ذلك وأشيع في الناس في مصر وفي القرى بأنه تاب عن الظلم وعزم على إقامة العدل وأنه نذر على نفسه أنه إذا رجع منصورًا واستولى على أرض الحجاز أفرج للناس عن حصصهم ورد الأرزاق الأحباشية إلى أهلها وزادوا على هذه الإشاعة أنه فعل ذلك في جميع النواحي وباتوا يتخيلونه في أحلامهم ولما مضى من وقت حضوره ثلاثة أيام كتبوا أوراقًا لمشاهير الملتزمين مضمونها أنه بلغ حضرة أفندينا ما فعله الأقباط من ظلم الملتزمين والجور عليهم في فائظهم فلم يرض بذلك والحال أنكم تحضرون بعد أربعة أيام وتحاسبون على فائظكم وتقبضونه فغن أفندينا لا يرضى بالظلم وعلى الأوراق إمضاء الدفتردار ففرح أكثر المغفلين بهذا الكلام واعتقدوا صحته وأشاعوا أيضًا أنه نصب تجاه قصر شبرا خوازيق للمعلم غالي وأكابر القبط‏.‏
وفي يوم الأحد 24 شهر رجب 1230 هـ - 2 يولية 1815 م حضر الكثير من أصحاب الأرزاق الكائنين بالقرى والبلاد مشايخ وأشرافًا وفلاحين ومعهم بيارق وأعلام مستبشرين وفرحين بما سمعوه وأشاعوه وذهبوا إلى الباشا وهو يعمل رماحة بناحية القبة برمي بنادق كثيرة وميدان تعليم فلما رآهم وأخبروه عن سبب مجيئهم فأمر بضربهم وطردهم ففعلوا بهم ذلك ورجعوا خائبين‏.‏
وفيه حضر محمود بك والمعلم غالي من سرحتهما وقابلا الباشا وخلع عليهما وكساهما وألبسهما فراوي سمور فركب المعلم غالي وعليه الخلعة وشق من وسط المدينة وخلفه عدة كثيرة من الأقباط ليراه الناس ويكمد الأعداء ويبطل ما قيل من التقولات ثم أقام هو ومحمود بك أيامًا قليلة ورجعا لأشغالهما وتتميم أفعالهما من تحرير القياس وجبي الأموال وكانا أرسلا قبل حضورهما عدة كثيرة من الجمال الحاملة للأموال في كل يوم قطارات بعضها أثر بعض من الشرقية والغربية والمنوفية وباقي الأقاليم‏.‏
وفيه حضر شيخ طرهونة بجهة قبلي ويسمى كريم بضم الكاف وفتح الراء وتشديد الياء وسكون الميم وكان عاصيًا على الباشا ولم يقابله أبدًا فلم يزل يحتال عليه إبراهيم باشا ويصالحه ويمنيه حتى أتى إليه وقابله وأمنه فلما حضر الباشا أبوه من الحجاز أتاه على أمان ابنه وقدم معه هدية وأربعين من الإبل فقبل هديته ثم أمر برمي عنقه بالرميلة‏.‏
وفى يوم الأحد 1 شهر شعبان 1230 هـ - 9 يولية 1815 م الناس في أمر مريج من قطع أرزاقهم وأرباب الالتزامات والحصص التي ضبطها الباشا ورفع أيديهم عن التصرف في شيء منها خلاطين الأوسية فإنه سامحهم فيه سوى ما زاد عن الروك الذي قاسوه فإنه لديوانه ووعدهم بصرف المال الحر المعين بالسند الديواني فقط بعد التحرير والمحاققة ومناقضة الكتبة الأقباط في القوائم وأقاموا منتظرين إنجاز وعده أيامًا يغدون ويروحون ويسألون الكتبة ومن له صلة بهم وقد ضاق خناقهم من التفليس وقطع الإيراد ورضوا بالأقل وتشوقوا لحصوله وكل قليل يعدون بعد أربعة أيام أو ثلاثة أيام حتى تحرر الدفاتر فإذا تحررت قيل أن الباشا أمر بتغييرها وتحريرها على نسق آخر ويكرر ذلك ثانيًا وثالثًا على حسب تفاوت المتحصل في السنين وما يتوفر في الخزينة قليلًا أو كثيرًا‏.‏
وفيه وصل رجل تركي على طريق دمياط يزعم أنه عاش من العمر زمنًا طويلًا وأنه أدرك أوائل القرن العاشر ويذكر أنه حضر إلى مصر مع السلطان سليم وأدرك وقته وواقعته مع السلطان الغوري وكان في ذلك الوقت تابعًا لبعض البيرقدارية وشاع ذكره وحكي من رآه أن ذاته تخالف دعواه وامتحنه البعض في مذاكرة الأخبار والوقائع فحصل منه تخليط ثم أمر الباشا بنفيه وإبعاده فأنزلوه في مركب وغاب خبره فيقال أنهم أغرقوه والله أعلم‏.‏
وفي يوم ألأربعاء 25 شهر شعبان 1230 هـ - 2 أغسطس 1815 م  عملوا الديوان ببيت الدفتردار وفتحوا باب صرف الفائظ على أرباب حصص الالتزام فجعلوا يعطون منه جانبًا وأكثر ما يعطونه نصف القدر الذي قرروه وأقل وأزيد قليلًا‏.‏
وفيه أمر الباشا لجميع العساكر بالخروج إلى الميدان لعمل التعليم والرماحة خارج باب النصر حيث قبة العزب فخرجوا من ثلث الليل الأخير وأخذوا في الرماحة والبندقة المتواصلة المتتابعة مثل الرعود على طريقة الإفرنج وذلك قبيل الفجر إلى الضحوة ولما انقضى ذلك رجعوا داخلين إلى المدينة في كبكبة عظيمة حتى زحموا الطرق بخيولهم من كل ناحية وداسوا أشخاصًا من الناس بخيولهم بل وحميرًا أيضًا وأشيع أن الباشا قصده إحصاء العسكر وترتيبهم على النظام الجديد وأوضاع الإفرنج ويلبسهم الملابس المقمطة ويغير شكلهم وركب في ثاني يوم إلى بولاق وجمع عساكر ابنه إسمعيل باشا وصنفهم على الطريقة المعروفة بالنظام الجديد وعرفهم قصده فعل ذلك بجميع العساكر ومن أبى ذلك قابله بالضرب والطرد والنفي بعد سلبه حتى من ثيابه ثم ركب من بولاق وذهب إلى شبرا وحصل في العسكر قلقلة ولغط وتناجوا فيما بينهم وتفرق الكثير منهم عن مخاديمهم وأكابرهم ووافقهم على النفور بعض أعيانهم واتفقوا على غدر الباشا ثم أن الباشا ركب من قصر شبرا وحضر إلى بيت الأزبكية ليلة الجمعة ثامن عشرينه وقد اجتمع عند عابدين بك بداره جماعة من أكابرهم في وليمة وفيهم حجو بك وعبد الله آغا صاري جلة وحسن آغا الأزرنجلي فتفاوضوا بينهم أمر الباشا وما هو شارع فيه واتفقوا على الهجوم عليه في داره بالأزبكية في الفجرية ثم إن عابدين بك غافلهم وتركهم في إنسهم وخرج متنكرًا مسرعًا إلى الباشا وأخبره ورجع إلى أصحابه فأسرع الباشا في الحال الركوب في سادس ساعة من الليل وطلب عساكر طاهر باشا فركبوا معه وحوط المنزل بالعساكر ثم أخلف الطريق وذهب على ناحية الناصرية ومرمى النشاب وصعد إلى القلعة وتبعه من يثق به من العساكر وانخرم أمر المتوافقين ولم يسعهم الرجوع عن عزيمتهم فساروا إلى بيت الباشا يريدون نهبه فمانعهم المرابطون وتضاربوا بالرصاص والبنادق وقتل بينهم أشخاص ولم ينالوا غرضًا فساروا على ناحية القلعة واجتمعوا بالرميلة وقراميدان وتحيروا في امرهم واشتد غيظهم وعلموا أو وقوفهم بالرميلة لا يجدي شيئًا وقد أظهروا المخاصمة ولا ثمرة تعود عليهم في رجوعهم وسكونهم بل ينكسف بالهم وتنذل أنفسهم ويلحقهم اللوم من أقرانهم الذين لم ينضموا إليهم فأجمع رأيهم لسور طباعهم وخبث عقيدتهم وطرائقهم أنهم يتفرقون في شوارع المدينة وينهبون متاع الرعية وأموالهم فإذا فعلوا ذلك فيكثر جمعهم وتقوى شوكتهم ويشاركهم المخلفون عنهم لرغبة الجميع في القبائح الذميمة ويعودون بالغنيمة ويحوصلون من الحواصل ولا يضيع سعيهم في الباطل كما يقال في المثل ما قدر على ضرب الحمار فضرب البرذعة ونزلوا على وسط قصبة المدينة على الصليبة على السروجية وهم يكسرون ويهشمون أبواب الحوانيت المغلوقة وينهبون ما فيها لأن الناس لما تسامعوا بالحركة أغلقوا حوانيتهم وأبوابهم وتركوا أسبابهم طلبًا للسلامة وعندما شاهد باقيهم ذلك أسرعوا للحوق وبادروا معهم للنهب والخطف بل وشاركهم الكثير من الشطار والزعر والعامة المقلين والجياع ومن لا دين له وعند ذلك كثر جمعهم ومضوا على طريقهم إلى قصبة رضوان إلى داخل باب زويلة وكسروا حوانيت السكرية وأخذوا ما وجدوه من الدراهم وما أحبوه من أصناف السكر فجعلوا يأكلون ويحملون ويبددون الذي لم يأخذوه ويلقونه تحت الأرجل في الطريق وكسروا أواني الحلو وقدور المربيات وفيها ما هو من الصيني والبياغوري والإفرنجي ومجامع الأشربة وأقراص الحلو الملونة والرشال والملبس والفانيد والحماض والبنفسج وبعد أن يأكلوا ويحملوا هم وأتباعهم ومن انضاف لهم من الأوباش البلدية والحرافيش والجعيدية يلقون ما فضل عنهم على قارعة الطريق بحيث صار السوق من حد باب زويلة إلى المناخلية مع اتساعه وطوله مرسومًا ومنقوشًا بألوان السكاكر وأقراص الأشربة الملونة وأعسال المربيات سائلة على الأرفن وكان أهل ذلك السوق المتسببون جددوا وطبخوا أنواع المربيات والأشربة عند وفور الفواكه وكثرتها في أوانها وهو هذا الشهر المبارك مثل الخوخ والتفاح والبرقوق والتوت والقرع المسير والحصرم والسفرجل وملئوا الأوعية وصففوها على حوانيتهم للمبيع وخصوصًا على موسم شهر رمضان ومضوا في سيرهم إلى العقادين الرومي والغورية والأشرفية وسوق الصاغة ووصلت طائفة إلى سوق مرجوس فكسروا أبواب الحوانيت والوكائل والخانات ونهبوا ما في حواصل التجار من الأقمشة المحلاوي والبز والحرير والزردخان ولما وصلت طائفة إلى رأس خان الخليلي وأرادوا العبور والنهب فزعت فيهم الأتراك والأرنؤد الذين يتعاطون التجارة الساكنون بخان اللبن والنحس وغيرهما وضربوا عليهم الرصاص وكذلك من سوق الصرماتية والأتراك الخردجية الساكنون بالرباع بباب الزهومة جعلوا يرمون عليهم من الطيقان بالرصاص حتى ردوهم ومنعوهم وكذلك تعصبت طائفة المغاربة الكائنون بالفحامين وحارة الكعكيين رموا عليهم بالرصاص وطردوهم عن تلك الناحية وأغلقوا البوابات التي على رؤوس العطف وجلس عند كل درب أناس ومن فوقهم أناس من أهل الخطة بالرصاص تمنع الواصل إليهم ووصلت طائفة إلى خان الحمزاوي فعالجوا في بابه حتى كسروا الخوخة التي في الباب وعبروا الخان وكسروا حواصل التجار من نصارى الشوام وغيرهم ونهبوا ما وجدوه من النقود وأنواع الأقمشة الهندية والشامية والمقصبات وبالات الجوخ والقطيفة والأسطوفة وأنواع الشيت والحرير الخام والإبريسم وغير ذلك وتبعهم الخدم والعامة في نهب وأخرجوا في الدكاكين والحواصل من أنواع الأقمشة وأخذوا ما أعجبهم واختاروه وانتقوه وتركوا ما تركوه ولم يقدروا على حمله مطروحًا على الأرض ودهليز الخان وخارج السوق يطئون عليه بالأرجل والنعالات ويعدو القوي على الضعيف فيأخذ ما معه من الأشياء الثمينة وقتل بعضهم البعض وكسروا أبواب الدكاكين التي خارج الخان بالخطة وأخرجوا ما فيها من الأواني والتحف الصيني والزجاج المذهب والكاسات البلور والصحون والأطباق والفناجين البيشة وأنواع الخردة وأخذوا ما أعجبهم وما وجدوه من نقود ودراهم وهمشوا البواقي وكسروه وألقوه على الأرض يحي الأرجل شقاقًا وما به من حوانيت العطارين وطرحوا أنواع الأشياء العطرية بوسط الشارع تداس بالأرجل أيضًا وفعلوا ما لا خير فيه من نهب أموال الناس والإتلاف ولولا الذين تصدوا لدفعهم ومنعهم بالبنادق والكرانك وغلق البوابات لكان الوقع أفظع من ذلك ولنهبوا أيضًا البيوت وفجروا بالنساء والعياذ بالله ولكن الله سلم وشاركهم في فعلهم الكثير من الأوباش والمغاربة المدافعين أيضًا فإنهم أخذوا أشياء كثيرة وكانوا يقبضون على من يمر بهم ممن يقدرون عليه من النهابين ويأخذون ما معهم لأنفسهم وإذا هشمت العساكر حانوتًا وخطفوا منها شيئًا ولحقهم من يطردهم عنها استأصل اللاحقون ما فيها واستباح الناس أموال بعضهم البعض وكان هذا الحادث الذي لم نسمع بنظيره في دولة من الدول في ظرف خمس ساعات وذلك من قبيل صلاة الجمعة إلى قبيل العصر حصل للناس في هذه المدة اليسيرة من الانزعاج والخوف الشديد ونهب الأموال وإتلاف الأسباب والبضائع ما لا يوصف ولم تصل الجمعة في ذلك اليوم وأغلقت المساجد الكائنة بداخل المدينة وأخذ الناس حذرهم ولبسوا أسلحتهم وأغلقوا البوابات وقعدوا على الكرانك والمرابط والمتاريس وسهروا الليالي وأقاموا على التحذر والتحفظ والتخوف أيامًا وليالي‏.‏
وفي يوم السبت 28 شهر شعبان 1230 هـ - 5 أغسطس 1815 م  - الموافق 30 من شهر أبيب القبطي 1531 ش أوفى النيل المبارك أذرعه وكان ذلك اليوم أيضًا ليلة رؤية هلال رمضان فصادف حصول الموسمين في آن واحد فلم يعمل فيها موسم ولا شنك على العادة ولم يركب المحتسب ولا أرباب الحرف بموكبهم وطبولهم وزمورهم وكذلك شنك قطع الخليج وما كان يعمل في ليلته من المهرجان في النيل وسواحله وعند السد وكذلك في صبحه وفي البيوت المطلة على الخليج فبطل ذلك جليعه ولم يشعر بهما أحد وصام الناس باجتهادهم وكان وفاء النيل في هذه السنة من النوادر فإن النيل لم تحصل فيه الزيادة بطول الأيام التي مضت من شهر أبيب إلا شيئًا يسيرًا حتى حصل في الناس وهم زائد وغلا سعر الغلة ورفعوها من السواحل والعرصات فأفاض المولى في النيل واندفعت فيه الزيادة العظيمة وفي ليلتين أوفى أذرعه قبل مظنته فإن الوفاء لا يقع في الغالب إلا في شهر مسرى ولم يحصل في أواخر أبيب إلا في النادر وإني لم أدركه في سنين عمري أو في أبيب إلا مرة واحدة وذلك في سنة ثلاث وثمانين ومائة وألف فتكون المدة بين تلك وهذه المدة سبعًا وأربعين وفيه أرسل الباشا بطلب السيد محمد المحروقي فطلع إليه وصحبته عدة كبيرة من عسكر المغاربة لخفارته فلما واجهه قال له هذا الذي حصل للناس من نهب أموالهم في صحائفي والقصد أنكم تتقدمون لأرباب المنهوبات وتجمعونهم بديوان خاص طائفة بعد أخرى وتكتبون قوائم لكل طائفة بما ضاع لها على وجه التحرير والصحة وأنا أقوم لهم بدفعه بالغًا ما بلغ فشكر له ودعا له ونزل إلى داره وعرف الناس بذلك وشاع بينهم فحصل لأربابه بعض الاطمئنان وطلع إلى الباشا كبار العسكر مثل عابدين بك ودبوس أوغلي وحجو بك ومحو بك واعتذروا وتنصلوا وذكروا وأقروا أن هذا الواقع اشتركت فيه طوائف العسكر وفيهم من طوائفهم وعساكرهم ولا يخفاه خبث طباعهم فتقدم إليهم بأن يتفقدوا بالفحص وإحصاء ما حازه وأخذه كل من طوائفهم وعساكرهم وشدد عليهم في الأمر بذلك فأجابوه بالسمع والطاعة وامتثلوا لأمره وأخذوا في جمع ما يمكنهم وإرساله إلى القلعة وركبوا وشقوا بشوارع المدينة وأمامهم المناداة بالأمان وأحضر الباشا المعمار وأمره بجمع النجارين والمعمرين وإشغالهم في تعمير ما تكسر من أخشاب الدكاكين والأسواق ويدفع لهم أجرتهم وكذلك الأخشاب على طرف الميري‏.‏
واستهل شهر رمضان بيوم الاثنين سنة 1230 والناس في أمر مريج وتخوف شديد وملازمون للسهر على الكرنك ويتحاشون المشي والذهاب والمجيء وكل أهل خطة ملازم لخطته وحارته كل وقت يذكرون وينقلون بينهم روايات وحكايات ووقائع مزعجات وتطاولت أيدي العساكر بالتعدي والأذية والفتك والقتل لمن ينفردون به من الرعية‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 2 شهر رمضان 1230 هـ - 8 أغسطس 1815 م ليلة طلع السيد محمد المحروقي وطلع صحبته الشيخ محمد الدواخلي نقيب الأشراف وابن الشيخ العروسي وابن الصاوي المتعينون في مشيخة الوقت وصحبتهم شيخ الغورية وطائفته وقد ابتدؤا بهم في إملاء ما نهب لهم من حوانيتهم بعدما حرروها عند السيد محمد المحروقي وتحليفهم بعد الإملاء على صدق دعواهم وبعد التحليف والمحاققة يتجاوزعن بعضه لحضرة الباشا ثم يثبتون له الباقي فاستقر لأهل الغورية خاصة مائة وثمانون كيسًا فدفع لهم ثلثيها وأخر لهم الثلث وهو ستون كيسًا يستوفونها فيما بعد أما عن عروضهم إن ظهر لهم شيء منها أو من الخزينة ولازم الجماعة الطلوع والنزول في كل ليلة لتحرير بواقي المنهوبات وأيضًا استقر لأهل خان الحمزاوي نحو ثلاثة آلاف كيس كذلك ولطائفة السكرية نحو من سبعين كيسًا خصمت لهم من ثمن السكر الذي يبتاعونه من الباشا واستمر الباشا بالقلعة يدير أموره ويجب قلوب الناس من الرعية وأكابر دولته بما يفعله من بذل المال ورد المنهوبات حتى ترك الناس يسخطون على العسكر ويترضون عنه ولو لم يفعل ذلك وسارت العساكر هذه الثورة ولم يقع منهم نهب ولا تعد لساعدتهم الرعية واجتمعت عليهم أهالي القرى وأرباب الإقطاعات لشدة نكايتهم من الباشا بضبط الرزق والالتزامات وقياس الأراضي وقطع المعايش وذلك من سوء تدبير العسكر وسعادة الباشا وحسن سياسته باستجلابه الخواطر وتملقه بالكلام اللين والتصنع ويلوم على فعل العسكر ويقول بمسمع الحاضرين ما ذنب الناس معهم خصوصًا خصامهم معي أو مع الرعية ها أنا لي منزل بالأزبكية فيه أموال وجواهر وأمتعة وأشياء كثيرة وسراية ابني إسمعيل باشا ببولاق ومنزل الدفتردار ونحو ذلك ويتحسبل ويتحوقل ويعمل فكرته ويدبر أمره في أمر العسكر وعظمائهم وينقم عليهم ويعطيهم الأموال الكثيرة والأكياس العديدة لأنفسهم وعساكرهم وتنتبذ طائفة منهم ويقولون نحن لن ننهب ولم يحصل لنا كسب فيعطيهم ويفرق فيهم المقادير العظيمة فأنعم على عابدين بك بألف كيس ولغيره دون ذلك‏.‏
وفي أثناء ذلك أخرج جردة من عسكر الدلاة ليسافروا إلى الديار الحجازية فبرزوا إلى خارج باب الفتوح حيث المكان المسمى بالشيخ قمر ونصبوا هناك وطاقهم وخرجت أحمالهم وأثقالهم‏.‏
وفي ليلة الخميس ثارت طائفة الطبجية وخاضوا وضجوا وهم نحو الأربعمائة وطلبوا نفقة فأمر لهم بخمسة وعشرين كيسًا ففرقت فيهم الأربعمائة وطلبوا نفقة فأمر لهم بخمسة وعشرين كيسًا ففرقت فيهم فسكتوا وفي يوم الخميس المذكور نزل كتخدا بك وشق من وسط المدينة ونزل عند جامع الغورية وجلس فيه ورسم لأهل السوق بفتح حوانيتهم وأن يجلسوا فيها فامتثلوا وفتحوا الحوانيت وجلسوا على تخوف كل ذلك مع عدم الراحة والهدوء وتوقع المكروه والتطير من العسكر وتعدى السفهاء منهم في بعض الأحايين والتحزر والاحتراس وأما النصارى فإنهم حصنوا مساكنهم ونواحيهم وحاراتهم وسدوا المنافذ وبنو كرانك واستعدوا بالأسلحة والبنادق وأمدهم الباشا بالبارود ولآلات الحرب دون المسلمين حتى أنهم استأذنوا كتخدا بك في سد بعض الحارات النافذة التي يخشون وقوع الضرر منها فمنع من ذلك وأما النصارى فلم يمنعهم وقد تقدم ذكر فعله مع رضوان كاشف عندما سد باب داره وفتحه من جهة أخرى وعززه وضربه وبهدله بوسط الديوان‏.‏
وفيه وصل نجيب أفندي وهو قبي كتخدا الباشا عند الدولة إلى بولاق فركب إليه كتخدا بك وأكابر الدولة والآغا والوالي وقابلوه ونظموا له موكبًا من بولاق إلى القلعة ودخل من باب النصر وحضر صحبته خلع برسم الباشا وولده طوسون باشا وسفيان وشلنجان وهدايا وأحقاق تشوق مجوهرة وعملوا لوصوله شنكًا ومدافع من القلعة وبولاق‏.‏ وفيه ارتحل الدلاة المسافرون إلى الحجاز ودخل حجو بك إلى المدينة بطائفته‏.‏
وفي ضحوة ذلك اليوم بعد انفضاض أمر الموكب حصل في الناس زعجة وكرشات وأغلقوا البوابات والدروب واتصل هذا الإزعاج بجميع النواحي حتى بولاق ومصر القديمة ولم يظهر لذلك أصل ولا سبب من الأسباب مطلقًا‏.‏
وفي تلك الليلة ألبس الباشا حجو خلعة وتوجه بطرطور طويل وجعله أميرًا على طائفة من الدلاة وانخلع هو وأتباعه من طريقتهم التركية التي كانوا عليها وهؤلاء الطائفة التي يقال لهم دلاة ينسبون أنفسهم إلى طريقة سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأكثرهم من نواحي الشام وجبال الدروز والمتاولة وتلك النواحي يركبون الأكاديش وعلى رؤوسهم الطراطير السود مصنوعة من جلود الغنم الصغار طول الطرطور نحو ذراع وإذا دخل لكنيف نزعه من على رأسه ووضعه على عتبة الكنيف وما أدرى ذلك تعظيم له عن مصاحبته معه في الكنيف أو الخوف والحذر من سقوطه إن انصدم باسفكة الباب في صحن المرحاض أو الملاقي وهؤلاء الطائفة مشهورة في دولة العثمانيين بالشجاعة والإقدام في الحروب ويوجد فيهم من هو على طريقة حميدة ومنهم دون ذلك وقليل ما هم ولكونهم من تمام النظام رتبهم الباشا من أجناسه وأتراكه خلاف الأجناس الغريبة ومن بقي من أولئك يكون تبعًا لا متبوعًا‏.‏

وفي يوم الثلاثاء 16 شهر رمضان 1230 هـ - 22 أغسطس 1815 م  حصل مثل ذلك المتقدم من الانزعاج والكرشات بل أكثر من المرة الأولى ورمحت الرامحان وأغلقت الحوانيت وطلبت الناس السقائين الذين ينقلون الماء من الخليج وبيعت القربة بعشرة أنصاف فضة والراوية بأربعين فنزل الآغا وأغات التبديل وأمامهم المناداة بالأمان وينادون على العساكر أيضًا ومنهم من حمل البنادق ويأمرون الناس بالتحفظ واستمر هذا الأمر والارتجاج إلى قبيل العصر وسكن الحال وكثر مرور السقائين وبيعت القربة بخمسة أنصاف والراوية بخمسة عشر ولم يظهر لهذه الحركة سبب أيضًا وتقول الناس بطول نهار ذلك اليوم أصنافًا وأنواعًا من الروايات والأقاويل التي لا أصل لها‏.‏
وفي يوم الأربعاء 17 شهر رمضان 1230 هـ - 23 أغسطس 1815 م حضر الشريف راجح من الحجاز ودخل المدينة وهو راكب على هجين وصحبته خمسة أنفار على هجن أيضًا معهم أشخاص من الأرنؤد من أتباع حسن باشا الذي بالحجاز فطلعوا به إلى القلعة ثم أنزلوه إلى منزل أحمد أغا أخي كتخدا بك‏.‏
وفي ليلة الخميس 18 شهر رمضان 1230 هـ - 24 أغسطس 1815 م قلد الباشا عبد الله أغا المعروف بصاري جله وجعله كبيرًا على طائفة من الينكجرية أيضًا وجعل على رأسه الطربوش الطويل المرخي على ظهره كما هي عادتهم هو وأتباعه وكان من جملة المتهومين بالمخامرة على الباشا‏.‏
وفيه برز أمر الباشا لكبار العسكر بركوب جميع عساكرهم الخيول ومنعهم من حمل البنادق ولا يكون منهم راجل أو حامل للبندقية إلا من كان من أتباع الشرطة والأحكام مثل الوالي والآغا وأغات التبديل ولازم كتخدا بك وأيوب آغا تابع إبراهيم آغا أغات التبديل والوالي المرور بالشوارع والجلوس في مراكز الأسواق مثل الغورية والجمالية وباب الحمزاوي وباب زويلة وباب الخرق وأكثر أتباعهم مغطرون في نهار رمضان ومتجاهرون بذلك من غير احتشام ولا مبالاة بانتهاك حرمة شهر الصوم ويجلسون على الحوانيت والمساطب يأكلون ويشربون الدخان ويأتي أحدهم وبيده شبك الدخان فيدني مجمرته لأنف ابن البلد على غفلة منه وينفخ فيه على سبيل السخرية والهذيان بالصمائم وزادوا في الغي والتعدي وخطف النساء نهارًا وجهارًا حتى اتفق أوفي أن شخصًا منهم أدخل امرأة إلى جامع الأشرفية وزنى بها في المسجد بعد صلاة الظهر في نهار رمضان‏.‏
وفي أواخر شهر رمضان 1230 هـ - أواخر أغسطس 1815 م عملوا حساب أهل سوق مرجوش فبلغ ذلك أربعمائة وخمسين كيسًا قبضوا ثلثيها وتأخر لهم الثلث كل ذلك خلاف النقود لهم ولغيرهم مثل تجار الحمزاوي وهو شيء كثير ومبالغ عظيمة فإن الباشا منع من ذكرها وقال لأي شيء يؤخرون في حوانيتهم وحواصلهم النقود ولا يتجرون فيها واتفق لتاجر من أهل سوق الجيوش أنه ذهب من حاصله من حواصل الخان ثمانية آلاف فرانسة فلم يذكرها ومات قهر وكذلك ضاع لأهالي خان الحمزاوي من صرر الأموال والنقود والودائع والرهونات والمصاغ والجوهر مما يرهنه النساء على ثمن ما يشترونه من التجار والتفاصيل والمقصبات أو على ما يتأخر عليهم من الأثمان ما لا يدخل تحت المحصر ويستحيا من ذكره وضاع لرجل يبيع الفسيخ والبطارخ تجاه الحمزاوي من حانوته أربعة آلاف فلم يذكرها وأمثال ذلك كثير وانقضى شهر رمضان والناس في أمر مريج وخوف وانزعاج وتوقع المكروه ولم ينزل الباشا من القلعة بطول الشهر وذلك على خلاف عادته فإنه لا يقدر على الاستقرار بمكان أيامًا وطبيعته الحركة حتى في الكلام وكبار العساكر والسيد محمد المحروقي ومن يصحبه من المشايخ ونقيب الأشراف مستمرون على الطلوع والنزول في كل يوم وليلة وللمتقيدين بالمنهوبين ديوان خاص وفرق الباشا كساوي العيد على أربابها ولم يظهر في هذه القضية شخص معين والكثير من العساكر الذين يمشون مع الناس في الأسواق يظهرون الخلاف والسخط ويظهر منهم التعدي ويخطفون عمائم الناس والنساء جهارًا ويتوعدون الناس بعودهم في النهب وكأنما بينهم وبين أهل البلدة عداوة قديمة أو ثارات يخلصونها منهم وفيهم من يظهر التأسف والتندم واللوم على المعتدين ويسفه رأيهم وهو المحروم الذي غاب على ذلك وبالجملة فكل ذلك تقادير إلهية وقضايا سماوية ونقمة حلت بأهل الإقليم وأهله من كل ناحية نسأل الله العفو والسلامة وحسن العاقبة ومما اتفق أن بعض الناس زاد بهم الوهم فنقل ماله من حانوته إلى منزله أو حرز آخر فسرقها السراق وحانوته أو حاصله لم يصبه ما أصاب غيره وتعدد نظير ذلك لأشخاص كثيرة وذلك من فعل أهل البلدة يراقبون بعضهم بعضًا ويداورونهم في أوقات الغفلات في مثل هذه الحركات ومنهم من اتهم خدمه وأتباعه وتهددهم وشكاهم إلى حكام الشرطة ويغرم مالًا على ذلك أيضًا وهم بريؤن ولا يفيده إلا ارتكاب الإثم والفضيحة وعداوة الأهل والخدم وزيادة الغرم وغالب ما بأيدي التجار أموال الشركاء والودائع والرهونات ويطلبه أربابها ومنهم قليل الديانة وذهب من حانوته أشياء وبقي أشياء فادعى ضياع الكل لقوة الشبهة‏.‏

واستهل شهر شوال بيوم الثلاثاء سنة 1230  هـ - 6 سبتمبر 1815 م
وهو يوم عيد الفطر وكان في غاية البرودة والخمول عديم البهجة من كل شيء لم يظهر فيه من علامات الأعياد إلا فطر الصائمين ولم يغير أحد ملبوسه بل ولا فصل ثيابًا مطلقًا ولا شيئًا جديدًا ومن تقدم له ثوب وقطعه وفصله في شعبان تأخر عند الخياط مرهونًا على مصاريفه ولوازمه لتعطيل جمع الأسباب من بطانة وعقادة وغيرها حتى أنه إذا مات ميت لم يدرك أهله كفنه إلا بمشقة عظيمة وكسد في هذا العيد سوق الخياطين وما أشبههم من لوازم الأعياد ولم يعمل فيه كعك ولا شريك ولا سمك مملح ولا نقل ولم يخرجوا إلى الجبانات والمدافن أيضًا كعادتهم ولا نصبوا خيامًا على المقابر‏.‏
ولم يحسن في هذه الحادثة إلا امتناع هذه الأمور وخصوصًا خروج النساء إلى المقابر فإنه لا يخرج منهن إلا بعض حرافيشهن على تخوف ووقع لبعضهن من العسكر ما وقع عند باب النصر والجامع الأحمر‏.‏
وفي 3 شهر شوال سنة 1230  هـ - 8 سبتمبر 1815 م نزل الباشا من القلعة من باب الجبل وهو في عدة من عسكر الدلاة والأتراك الخيالة والمشاة وصحبته عابدين بك وذهب إلى ناحية الآثار فعيد على يوسف باشا المنفصل عن الشام لأنه مقيم هناك لتغيير الهواء بسبب مرضه ثم عدى إلى الجيزة وبات بها عند صهره محرم بك ولما أصبح ركب السفائن وانحدر إلى شبرا وبات بقصره ورجع إلى منزله بالأزبكية ثم طلع إلى القلعة‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 8 شهر شوال سنة 1230  هـ - 13 سبتمبر 1815 م عمل ديوانًا وجمع المشايخ المتصدرين وخاطبهم بقوله أنه يريد أن يفرج عن حصص الملتزمين ويترك لهم وساياهم يؤجرونها ويزرعونها لأنفسهم ويرتب نظامًا لأجل راحة الناس وقد أمر الأفندية كتاب الروزنامه بتحرير دفاتر وأمهلهم اثني عشر يومًا يحررون في ظرفها الدفاتر على الوجه المرضي فأثنوا عليه خيرًا ودعوا له فقال الشيخ الشنواني ونرجو من أفندينا أيضًا الإفراج عن الرزق الأحباسية كذلك فقال كذلك ننتظر في محاسبات الملتزمين ونحررها على الوجه المرضي أيضًا ومن أراد منهم أن يتصرف في حصته ويلتزم بخلاص ما تحرر عليها من المال الميري لجهة الديوان من الفلاحين بموجب المساحة والقياس صرفناه فيها وإلا أبقاها على طرفنا ويقبض فائظه الذي يقع عليه التحرير من الخزينة نقدًا وعدًا فدعوا له أيضًا وسكتوا فقال لهم تكلموا فإني ما طلبتكم إلا للمشاورة معكم فلم يفتح الله عليهم بكلمة يقولها أحدهم غير الدعاء له على أن الكلام ضائع لأنها حيل ومخادعة تروج على أهل الغفلات ويتوصل بها إلى إبراز ما يرومه من المرادات وعند ذلك انفض المجلس وانطلقت المبشرون على الملتزمين بالبشائر وهو الالتزام لتصرفهم ويأخذون منهم البقاشيش مع أن الصورة معلولة والكيفية مجهولة ومعظم السبب في ذكره ذلك أن معظم حصص الالتزام كان بأيدي العساكر وعظمائهم وزوجاتهم وقد انحرفت طباعهم وتكدرت أمزجتهم بمنعهم عنه وحجزهم عن التصرف ولم يسهل بهم ذلك فمنهم من كظم غيظه وفي نفسه ما فيها ومنهم من لم يطق الكتمان وبارز بالمخالفة والتسلط على من لا جناية عليه فلذلك الباشا أعلن في ديوانه بهذا الكلام بمسمع منهم لتسكن حدتهم وتبرد حرارتهم إلى أن يتم أمر تدبيره معهم‏.‏
وفيه وصلت هجانة وأخبار ومكاتبات من الديار الحجازية بوقوع الصلح بين طوسون باشا وعبد الله بن مسعود الذي تولى بعد موت أبيه كبيرًا على الوهابية وأن عبد الله المذكور ترك الحروب والقتال وأذعن للطاعة وحقن الدماء وحضر من جماعة الوهابية نحو العشرين نفرًا من الأنفار إلى طوسون باشا ووصل منهم اثنان إلى مصر فكأن الباشا لم يعجبه هذا الصلح ولم يظهر عليه علامات الرضا بذلك ولم يحسن نزل الواصلين ولما اجتمعا به وخاطبهما عاتبهما على المخالفة فاعتذرا وذكرا أن الأمير مسعودًا المتوفي كان فيه عناد وحدة مزاج وكان يريد الملك وإقامة الدين وأما ابنه الأمير عبد الله فإنه لين الجانب والعريكة ويكره سفك الدماء على طريقة سلفه الأمير عبد العزيز المرحوم فإنه كان مسالمًا للدولة حتى أن المرحوم الوزير يوسف باشا حين كان بالمدينة كان بينه وبينه غاية الصداقة ولم يقع بينهما منازعة ولا مخالفة في شيء ولم يحصل التفاقم والخلاف إلا في أيام الأمير مسعود ومعظم الأمر للشريف غالب بخلاف الأمير عبد الله فإنه أحسن السير وترك الخلاف وأمن الطرق والسبل للحجاج والمسافرين ونحو ذلك من الكلمات والعبارات المستحسنات وانقضى المجلس وانصرفا إلى المحل الذي أمرا بالنزول فيه ومعهما بعض أتراك ملازمون لصحبتهما مع أتباعهما في الركوب والذهاب والإياب فإنه أطلق لهما الإذن إلى أي محل أراده فكانا يركبان ويمران بالشوارع بأتباعهما ومن يصحبهما ويتفرجان على البلدة وأهلها ودخلا إلى الجامع الأزهر في وقت لم يكن به أحد من المتصدرين للإقراء والتدريس وسألوا عن أهل مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه وعن الكتب الفقهية المصنفة في مذهبه فقيل انقرضوا من أرض مصر بالكلية واشتريا نسخًا من كتب التفسير والحديث مثل الخازن والكشاف والبغوي والكتب الستة المجمع على صحتها وغير ذلك وقد اجتمعت بهما مرتين فوجدت منهما أنسًا وطلاقة لسان واطلاعًا وتضلعًا ومعرفة بالأخبار والنوادر ولهما من التواضع وتهذيب الأخلاق وحسن الأدب في الخطاب والتفقه في الدين واستحضار الفروع الفقهية واختلاف المذاهب فيها ما يفوق الوصف واسم أحدهما عبد الله والآخر عبد العزيز وهو الأكبر حسنًا ومعنى‏.‏
وفي يوم السبت 19 شهر شوال سنة 1230  هـ - 24 سبتمبر 1815 م خرجوا بالمحمل إلى الحصوة خارج باب النصر وشقوا به من وسط المدينة وأمير الركب شخص من الدلاة يسمى أوزون أوغلي وفوق رأسه طرطور الدالاتية ومعظم الموكب من عساكر الدلاة وعلى رؤسهم الطراطير السود بذاتهم المستشبعة وقد عم الإقليم المسخ في كل شيء فقد تغص الطبيعة وتتكدر النفس إذا شاهدت ذلك أو سمعت به وقد كانت نضارة الموكب السالفة في أيام المصريين ونظامها وحسنها وترتيبها وفخامتها وجمالها وزينتها التي لم يكن لها نظير في الربع المعمور ويضرب بها المثل في الدنيا كما قال قائلهم فيها مصر السعيدة ما لها من مثيل فيها ثلاثة من الهنا والسرور مواكب السلطان وبحر الوفا ومحمل الهادي نهار يدور فقد فقدت هذه الثلاثة في جملة المفقودات‏.‏
وفي 23 شهر شوال سنة 1230  هـ - 28 سبتمبر 1815 م وصل قابجي وعلى يده تقرير ولاية مصر لمحمد علي باشا على السنة الجديدة فعملوا لذلك الواصل موكبًا من بولاق إلى القلعة وضربوا مدافع وشنكًا وبنادق‏.‏
في 16 شهر ذو القعدة سنة 1230  هـ - 20 أكتوبر 1815 م سافر الباشا إلى الإسكندرية وأخذ صحبته عابدين بك وإسمعيل باشا ولده وغيرهما من كبرائهم وعظمائهم وسافر أيضًا نجيب أفندي وسليمان أغا وكيل دار السعادة سابقًا تابع صالح بك المصري المحمدي إلى دار السلطنة وأصحب الباشا إلى الدولة وأكابرها الهدايا من الخيول والمهاري والسروج المكللة بالذهب واللؤلؤ والمخيش وتعابي الأقمشة الهندية المتنوعة من الكشمير والمقصبات والتحف ومن الذهب المضروب السكة أربعة قناطير ومن الفضة الثقيلة في الوزن والعيار عدة قناطير ومن السكر المكرر مرارًا وأنواع الشراب خافاه في القدور الصيني وغير ذلك‏.‏
وفيه وردت الأخبار بوصول طوسون باشا إلى الطور فهرعت أكابرهم وأعيانهم إلى ملاقاته وأخذوا في الاهتمام وإحضار الهدايا والتقادم وركبت الخوندات والنساء والستات أفواجًا أفواجًا يطلعن إلى القلعة ليهنين والدته بقدومه‏.‏
وفي غايه شهر ذو القعدة سنة 1230  هـ - 3 نوفمبر 1815 م وصل طوسون باشا إلى السويس فضربوا مدافع إعلامًا بقدومه وحضر نجيب أفندي راجعًا من الإسكندرية لأجل ملاقاته لأنه قبي كتخدا اليوم أيضًا عند الدولة كما هو لوالده‏.‏
في يوم الاثنين 4 ذو الحجة سنة 1230  هـ - 7 نوفمبر 1815 م نودي بزينة الشارع الأعظم لدخول طوسون باشا سرورًا بقدومه فلما أصبح يوم الثلاثاء 5 ذو الحجة سنة 1230  هـ - 8 نوفمبر 1815 م احتفل الناس بزينة الحوانيت بالشارع وعملوا له موكبًا حافلًا ودخل من باب النصر وعلى رأسه الطلخان وشعار الوزارة وطلع إلى القلعة وضربوا في ذلك اليوم مدافع كثيرة وشنكًا وحراقات‏.‏
وفي ليلة الجمعة 15 ذو الحجة سنة 1230  هـ - 18 نوفمبر 1815 م سافر طوسون باشا المذكور إلى الإسكندرية ليراه أبوه ويسلم هو عليه وليرى هو ولدًا له ولد في غيبته يسمى عباس بك أصحبه معه جده مع حاضنته وسنه دون السنتين يقال أن جده قصد إرساله إلى دار السلطنة فلم يمهل بأبيه ذلك وشق عليه ففارقه وخصوصًا كونه لم يره وسافر صحبة طوسون بك نجيب أفندي عائدًا إلى الإسكندرية‏.‏
وفي يوم السبت 20 ذو الحجة سنة 1230  هـ - 7 نوفمبر 1815 م حضر طوسون باشا إلى مصر راجعًا من الإسكندرية في تطريدة ومعه ولده فكانت مدة غيبته ذهابًا وإيابًا ثمانية أيام فطلع إلى القلعة وصار ينزل إلى بستان بطريق بولاق ظاهر التبانة عمره كتخدا بك وبنى به قصرًا فيقيم به غالب الأيام التي أقامها بمصر وانقضت السنة وما تجدد فيها من استمرار المبتدعات والمكوس والتحكير وإهمال السوقة والمتسبيين حتى عم غلو الأسعار في كل شيء حتى بلغ سعر كل صنف عشرة أمثال سعره في الأيام الخالية مع الحجر على الإيراد وأسباب المعايش فلا يهنا يعيش في الجملة إلا من كان مكاسًا أو في خدمة من خدم الدولة مع كونه على خطر فإنه وقع لكثير ممن تقدم في منصب أو خدمة أنه حوسب وأهين وألزم بما رافعوه فيه وقد استهلكه في نفقات نفسه وحواشيه فباع ما يملكه واستدان وأصبح ميؤوسًا مديونًا وصارت المعايش ضنكًا وخصوصًا الواقع في اختلاف المعاملات والنقود والزيادة في صرفها وأسعارها واحتجاج الباعة والتجار والمتسببين بذلك وبما حدث عليها من مال المكس مع طمعهم أيضًا وخصوصًا سفلة الأسواق وبياعي الخضارات والجزارين والزياتين فإنهم يدفعون ما هو مرتب عليهم للمحتسب مياومة ومشاهرة ويخلصون أضعافه من الناس ولا رادع لهم بل يسعرون لأنفسهم حتى أن البطيخ في أوان كثرته تباع الواحدة التي كانت تساوي نصفين بعشرين وثلاثين والرطل من العنب الشرقاوي الذي كان يباع في السابق بنصف واحد يبيعونه يومًا بعشرة ويومًا بإثني عشر ويومًا بثمانية وقس على ذلك الخوخ والبرقوق والمشمش وأما الزبيب والتين واللوز والبندق والجوز والأشياء التي يقال لها اليميش التي تجلب من بلاد الروم فبلغت الغاية في الثمن بل قد لا يوجد في أكثر الأوقات وكذلك ما يجلب من الشام مثل الملبن والقمر الدين والمشمش الحموي والعناب وكذلك الفستق والصنوبر وغير ذلك ما يطول شرحه ويزداد بطول الزمان قله‏.‏
واستهلت سنة 1231 استهل شهر المحرم بيوم السبت - 3 ديسمبر 1815 م وحاكم مصر وصاحبها وأقطاعها وثغورها وكذلك بندر مكة وجدة والمدينة المنورة وبلاد الحجاز محمد علي باشا وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء ولاظ محمد الذي هو كتخدابك قائم مقامه هو المتصدر لإجراء الأحكام بين الناس عن أمر مخدومه وإبراهيم آغا آغات الباب والدفتردار محمد أفندي صهر الباشا والروزنامجي مصطفى أفندي تابع محمد أفندي باش جاكرت سابقًا وغيطاس أفندي سرجي وسليمان أفندي الكماخي باشمحاسب ورفيقه أحمد أفندي باش زعيم مصر وهو الوالي وآغات التبديل أحمد آغا وهو أخو حسن آغا قلفة وصالح بك السلحدار وحسن آغا آغات الينكجرية وعلي آغا الشعراوي المذكور وكاتب الخزينة ولي خوجه ورئيس كتبة الأقباط المعلم غالي وأولاد الباشا إبراهيم باشا حاكم الصعيد وطوسون باشا فاتح بلاد الحجاز وإسماعيل باشا ببولاق ومحرم بك صهر الباشا أيضًا على ابنته بالجيزة أحمد آغا المعروف ببونابارته الخازندار وباقي كشاف الأقاليم وأكابر أعيانهم مثل دبوس أوغلي وحسن باشا وحسن آغا شرششمه وحجو بك وخلافهم‏.‏
وفي ذلك اليوم قبض كتخدا بك على المعلم غالي وأمر بحبسه وكذلك أخوه المسمى فرنسيس وخازنداره المعلم سمعان وذلك عن أمر مخدومه من الاسكندرية لأنه حول عليه الطلب بستة آلاف كيس تأخر أداؤها إياه من حسابه القديم فاعتذر بعدم القدرة على أدائها في الحين لأنها بواقي على أربابها وهو ساع في تحصيلها ويطلب المهلة إلى رجوع الباشا من غيبته فأرسل الكتخدا بمقالته واعتذاره إلى الباشا وانتبذ طائفة من الأقباط في الحط على غالي مع الكتخدا وعرفوه أنه إذا حوسب يطهر عليه ثلاثون ألف كيس فقال لهم وإن لم يتأخر عليه هذا القدر تكونوا ملزومين به إلى الخزينة فأجابوه إلى ذلك فأرسل يعرف الباشا بذلك فأرسل الأمر بالقبض عليه وعلى أخيه وخازنداره وحبسهم وعزله ومطالبته بستة آلاف كيس القديمة أولًا ثم حسبه بعد ذلك فأحضر المرافعين عليه وهم المعلم جرجس الطويل ومنقريوس البنتوني وحنا الطويل وألبسهم خلعًا على رياسة الكتاب عوضًا عن غالي ومن يليه واستمر غالي في الحبس ثم أحضره مع أخيه وخازنداره فضربوا أخاه أمامه ثم أمر بضربه فقال وأنا ضرب أيضًا قال نعم ثم ضربوه على رجليه بالكرابيج ورفع وكرر عليه الضرب وضرب سمعان ألف كرباج حتى أشرف على الهلاك ووجدوا في جيبه ألف شخص بندقي ومائتي محبوب عنها اثنان وعشرون ألف قرش ثم بعد أيام أفرجوا عن أخيه وسمعان ليسعيا في التحصيل وهلك سمعان واستمر غالي في السجن وقد رفعوا عنه وعن أخيه العقاب لئلا يموتا‏.‏
وفي 10 المحرم سنة 1230  هـ - 12 ديسمبر 1815 م رجع الباشا من غيبته من الاسكندرية وأول ما بدأ به إخراج العساكر مع كبرائهم إلى ناحية بحري وجهة البحيرة والثغور فنصبوا خيامهم بالبر الغربي والشرقي تجاه الرحمانية , وأخذوا صحبتهم مدافع بارود , وألات حرب , وأستمر خروجهم كل يوم , وذلك من مكايدة معهم , وإبعادهم عن مصر جزاء فعلتهم المتقدمة ... فخرجوا إرسالاً .

واستهل شهر صفر الخير سنة 1231 فيه تشفع جوني الحكيم في المعلم غالي وأخذه من الحبس إلى داره والعساكر مستهلون في التشهيل والخروج وهم لا يعلمون المراد بهم وكثرت الروايات والأخبار والإيهامات والظنون ومعنى الشعر في بطن الشاعر‏.‏
واستهل شهر ربيع الأول سنة 1231 هـ - يناير 1816 م فيه سافر طوسون باشا وأخوه إسماعيل باشا إلى ناحية رشيد ونصبوا عرضيهما عند الحماد وناحية أبي منضور وحسين بك دالي باشا وخلافه مثل حسن آغا زجنلي ومحو بك وصارى جله وحجو بك جهة البحيرة وكل ذلك تواطين وتلبيس للعساكر بكونه إخراج حتى أولاده العزاز للمحافطة وكذلك الكثير من كبرائهم إلى جهة البحر الشرقي ودمياط‏.‏
وفي يوم ألأحد 12 شهر ربيع الأول سنة 1231 هـ - 11 فبراير 1816 م صبيحة المولد النبوي طلب الباشا المشايخ فلما جلسوا مجلسهم وفيهم الشيخ البكري أحضروا خلعة وألبسوها له على منصب نقابة الأشراف عوضًا عن السيد محمد المحروقي وفاوضه في ذلك ورأى أن يقلده إياه فاعتذر السيد محمد المحروقي واستعفى وقال أنا متقيد بخدمة أفندينا ومهمات المتاجر والعرب والحجاز فقال قد قلدتك إياها فأعطها لمن شئت فذكرانها كانت مضافة للشيخ البكري وهو أولى من غيره فلما حضروا وتكاملوا لبسوه الخلعة واستوصب الجماعة ذلك وانصرفوا وفي الحال كتب فرما بإخراج الدواخلي منفيًا إلى قرية دسوق فنزل إليه السيد أحمد الملا الترجمان وصحبته قواس تركي وبيده الفرمان فدخلوا إليه على حين غفلة وكان بداخل حريمه لم يشعر بشيء مما جرى فخرج إليهم فأعطوه الفرمان فلما قرأه غاب عن حواسه وأجاب بالطاعة وأمروه بالركوب فركب بغلته وسارا به إلى بولاق إلى المنزل الذي كان شراه بعد موت ولده والشيخ سالم الشرقاوي وانسل مما كان فيه كانسلال الشعرة من العجين وتفرق الجمع الذي كان حوله وشرع الأشياخ في تنميق عرضحال عن لسانهم بأمر الباشا بتعداد جنايات الدواخلي وذنوبه وموجبات عزله وإن ذلك بترجيهم والتماسهم عزله ونفيه ويرسل ذلك العرضحال لنقيب الأشراف بدار السلطنة لأن الذي يكون نقيبًا بمصر نيابة عنه ويرسل إليه الهدية في كل سنة فالذي نقموه عليه من الذنوب أنه تطاول على حسين أفندي شيخ رواق الترك وسبه وحبسه من غير جرم وذلك أنه اشترى منه جارية حبشية بقدر من الفراسة فلما أقبضه الثمن أعطاه بدلها قروشًا بدون الفرط الذي بين المعاملتين فتوقف السيد حسين وقال أما تعطيني العين التي وقع عليهم الانفصال أو تكمل فرط النقص وتشلحنا وأدى ذلك إلى سبه وحبسه وهو رجل كبير متضلع ومدرس وشيخ رواق الأتراك بالأزهر وهذه القضية سابقه على حادثة نفيه ومنها أيضًا أنه تطاول على السيد منصور اليافي بسبب فتيا رفعت إليه وهي أن امرأة وقفت وقفًا في مرض موتها وأفتي بصحة الوقت على قول ضعيف فسبه في ملأ من الجمع وأراد ضربه ونزع عمامته من أعلى رأسه‏.‏
ومنها أيضًا أنه يعارض القاضي في أحكامه وينقص محاصيله ويكتب في بيته وثائق قضايا صلحًا ويسب أتباع القاضي ورسل المحكمة ويعارض شيخ الجامع الأزهر في أموره ونحو ذلك وعندما سطروه وتمموه وضعوا عليه ختومهم وأرسلوا إلى إسلامبول على أن جناياته عند الباشا ليست هذه النكات الفارغة بل ولا علم له بها ولا التفات وإنما هي أشياء وراء ذلك كله ظهر بعضها وخفي عنا باقيها وذلك أن الباشا يحب الشوكة ونفوذ أوامره في كل مرام ولا يصطفي ويحب الأمن لا يعارضه ولو في جزئية أو يفتح له بابًا يهب منه ريح الدراهم والدنانير أو يدله على ما فيه من كسب وربح من أي طريق أو سبب من أي ملة كان ولما حصلت واقعة قيام العسكر في أواخر السنة الماضية وأقام الباشا بالقلعة يدبر أمره فيهم وألزم أعيان المتظاهرين الطلوع إليه في كل ليلة وأجل المتعممين الدواخلي لكونه معدودًا في العلماء ونقيبًا على الأشراف وهي رتبة الوالي عند العثمانيين فداخله الغرور وظن أن الباشا قد حصل في ورطة يطلب النجاة منها بفعل القربات والندور ولكونه رآه يسترضي خواطر الرعية المنهوبين ويدفع لهم أثمانها ويستميل كبار العساكر وينعم عليهم بالمقادير الكثيرة من أكياس المال ويسترسل معه في المسامرة والمسايرة ولين الخطاب والمذاكرة والمضاحكة فلما رأى إقبال الباشا عليه زاد طمعه في الاسترسال معه فقال له الله يحفظ أفندينا وينصره على أعدائه والمخالفين له ونرجو من إحسانه بعد هدوء سره وسكون هذه الفتنة أن ينعم علينا ويجرينا على عوائدنا في الحمايات والمسامحات بخصوص ما يتعلق بنا من حصص الالتزام والرزق فأجابه بقوله نعم يكون ذلك ولابد من الراحة لكم ولكافة الناس فدعا له وآنس فؤاده وقال الله تعالى يحفظ أفندينا وينصره على أعدائه كذلك يكون تمام ما أشرتم به من الراحة لكافة الناس الإفراج عن الرزق الأحباسية على المساجد والفقراء فقال نعم ووعده مواعيده العرقوبية فكان الدواخلي إذا نزل من القلعة إلى داره يحكي في مجلسه ما يكون بينه وبين الباشا من أمثال هذا الكلام ويذيعه في الناس ولما أمر الباشا الكتاب بتحرير حساب الملتومين على الوجه المرضي بديوان خاص لرجال دائرة الباشا وأكابر العسكر وذلك بالقلعة تطييبًا لخواطرهم وديوان آخر في المدينة لعامة الملتزمين فيحررون للخاصة بالقلعة ما في قوائم مصروفهم وما كانوا يأخذونه من المضاف والبراني والهدايا وغير ذلك والديوان العام التحتاني بخلاف ذلك فلما رأى الدواخلي ذلك الترتيب قال للباشا وأنا الفقير محسوبكم من رجال الدائرة فقال نعم وحرروا قوائمه مع الأكابر وأكابر الدولة وأنعم عليه الباشا بأكياس أيضًا كثيرة زيادة على ذلك فلما راق الحال ورتب الباشا أموره مع العسكر أخذ يذكر الباشا بإنجاز الوعد ويكرر القول عليه وعلى كتخدا بك بقوله أنتم تكذبون علينا ونحن نكذب على الناس وأخذ يتطاول على كتبة الأقباط بسبب أمور يلزمهم ويكلفهم بإتمامها وعذرهم يخفى عنه في تأخيرها فيكلمهم بحضرة الكتخدا ويشتمهم ويقول لبعضهم أما اعتبر ثم بما حصل للعين غالي فيحقدون عليه ويشكون منه للباشا والكتخدا وغير ذلك أمور مثل تعرضه للقاضي في قضاياه وتشكيه منه واتفق أنه لما حضر إبراهيم باشا من الجهة القبلية وكان بصحبته أحمد جلبي بن ذي الفقار كتخدا الفلاح وكأنه كان كتخداه بالصعيد وتشكت الناس من أفاعله وإغوائه إبراهيم باشا فاجتمع به الدواخلي عند السيد محمد المحروقي وحضر قبل ذلك إليه للسلام عليه وفي كل مرة يوبخه بالكلام ويلومه على أفاعيله بالقول الخشن في ملأ من الناس فذهب إلى الباشا وبالغ في الشكوى ويقول فيها أنا نصحت في خدمة أفندينا جهدي وأظهرت من المخبآت ما عجز عنه غيري فأجازي عليه من هذا الشيخ ما أسمعنيه من قبيح القول وتجبيهي بين الملأ وإذا كان محبًا لأفندينا فلا يكره نفعه ولا النصح في خدمته وأمثال ذلك مما يخفي عنا خبره فمثل هذه الأمور هي التي أوغرت صدر الباشا على الدواخلي مع أنها في الحقيقة ليست خلافًا عند من فيه قابلية للخير وأنا أقول أن الذي وقع لهذا الدواخلي إنما هو قاصا وجزاء فعله في السيد عمر مكرم فإنه كان من أكبر الساعين عليه إلى أن عزلوه وأخرجوه من مصر والجزاء من جنس العمل كما قيل‏:‏ فقل للشامتين بنا أفيقوا سيلقى الشامتون كما لقينا ولما جرى على الدواخلي ما جرى من العزل والنفي أظهر الكثير من نظرائه المتفقهين الشماتة والفرح وعملوا ولائم وعزائم ومضاحكات كما يقال‏.‏
أمور تضحك السفهاء منها ويبكي من عوافبها اللبيب وقد زالت هيبتهم ووقارهم من النفوس وانهمكوا في الأمور الدنيوية والحظوظ النفسانية والوساوس الشيطانية ومشاركة الجهال في المآثم والمسارعة إلى الولائم في الأفراح والمآتم يتكالبون على الأسمطة كالبهائم فتراهم في كل دعوة ذاهبين وعلى الخوانات راكعين وللكباب والمحمرات خاطفين وعلى ما وجب عليهم من النصح تاركين‏.‏
وفي أواخر شهر ربيع الأول سنة 1231 هـ - آخر مارس 1816 م شرعوا في عمل مهم عظيم بمنزل ولي أفندي ويقال له ولي جحا وهو كاتب الخزينة العامرة وهو من طائفة الأرنؤد واختص به الباشا واستأمنه على الأمور وضم إليه دفاتر الإيراد من جميع وجوه جبايات الأموال من خراج البلاد والمحدثات وحسابات المباشرين وأنشأ دارًا عظيمة بخطة باب اللوق على البركة المعروفة بأبي الشوارب وأدخل فيها عدة بيوت بجانبها وتجاهها على نسق واصطلاح الأبنية الإفرنجية والرومية وتأنق في زخرفتها واتساعها واستمرت العمارة بها على نحو السنتين ولما كملت وتمت أحضروا القاضي والمشايخ وعقدوا لولديه على ابنتين من أقارب الباشا بحضرة الأعيان ومن ذكر واحتفلوا بعمل المهم احتفالًا زائدًا وتقيد السيد محمد المحروقي بالمصاريف والتنظيم واللوازم كما كان في أفراح أولاد الباشا واجتمعت الماعيب والبهلوانات بالبركة وما حولها وبالشارع وعلقوا تعاليق قناديل ونجفات وأحمال بلور وزينات واجتمع الناس للفرجة وبالليل حراقات ونفوط ومدافع وسواريخ سبع ليلا متوالية وعملت الزفة يوم الخميس واجتمعت العربات لأرباب الحرف كما تقدم في العام الماضي بل أزيد وذلك لأن الباشا لم يشاهد أفراح أولاده لكونه كان غائبًا بالديار الحجازية وحضر الباشا للفرجة وجلس بمدرسة الغورية بقصد الفرجة وعمل له السيد محمد المحروقي الغداء وخرجوا بالزفة أوائل النهار وداروا بها دورة طويلة فلم يمروا بسوق الغورية إلا قريب الغروب أواخر النهار‏.‏ واستهل
ج3/122

This site was last updated 03/02/09