Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

 ا

  هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
ظهور محمد على
New Page 1794
New Page 1795
New Page 1796
New Page 1464
New Page 1459
New Page 1460
New Page 1461
New Page 1462
New Page 1463
New Page 1802
New Page 1801
New Page 1803
New Page 1804
New Page 1805
New Page 1806
New Page 1807
New Page 1808
New Page 1809
New Page 1810
New Page 1811
New Page 1812
New Page 1813
New Page 1814
New Page 1815
محمد على والأقباط
زوجات وجوارى محمد على
محمد على والدولة الحديثة
قصر محمد على بالسويس
محمد على وتحديث مصر
سرقة مقبرة محمد على
Untitled 1918
Untitled 1919
Untitled 1920
مشاهير اللأقباط وقديسهم ومحمد على

Hit Counter

 

يوم الجمعة 15  شهر صفر سنة 1222 هـ - 24 أبريل 1807 م  حضروا بأسرى وعدتهم تسعة عشر شخصًا وعدة رؤس فمروا بهم من وسط الشارع الأعظم وأما الرؤس فمروا بها من طريق باب الشعرية وعدتها نيف وثلاثون رأسًا موضوعة على نبابيت رشقوها بوسط بركة الأزبكية مع الرؤس الأولى صفين على يمين السالك من باب الهواء إلى وسط البركة وشماله‏.‏ وفيه وصل ثلاث دوات من جدة إلى ساحل السويس فيها أتراك وشوام وأجناس آخرون وذكروا أن الوهابي نادى بعد انقضاء الحج أن لا يأتي إلى الحرمين بعد هذا العام من يكون حليق الذقن وتلافي المناداة قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا تقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا وأخرجوا هؤلاء الواصلين إلى مصر‏.‏
وفي يوم السبت  16 شهر صفر سنة 1222 هـ - 25 أبريل 1807 م وصل أيضًا تسعة أشخاص أسرى من الإنكليز وفيهم فسيال‏.‏
وفي يوم الأحد 17 شهر صفر سنة 1222 هـ - 27 أبريل 1807 م وصل أيضًا نيف وستون وفيهم رأس واحد مقطوعة فمروا بهم على طريق باب النصر من وسط المجينة وهرع الناس للتفرج عليهم وبعد الظهر أيضًا مروا بثلاثة وعشرين أسيرًا وثمانية رؤوس وبعد العصر بثلاثة وعشرين رأسًا وأربعة وأربعين أسيرًا من ناحية باب الشعرية وطلعوا بالجميع إلى القلعة‏.‏

وفي وصل ياسين بك إلى ناحية طرا وحضر أبوه إلى مصر ودخل كثير من أتباعه إلى المدينة وهم لابسون زي المماليك المصرية‏.‏ وفيه دفنوا رؤس القتلى من الإنكليز وكانوا قطعوا آذانهم ودبغوها وملحوها ليرسلوها إلى إسلامبول‏.‏
وفيه أرسل الباشا فسيالًا كبرًا من الإنكليز إلى الإسكندرية بدلًا عن ابن أخي عمر بك وقد كان المذكور سافر إلى الإسكندرية قبل الحادثة ليذهب إلى بلاده بما معه من الأموال فعوقه الإنكليز فأرسلوا هذا الفسيال ليرسلوا بدله ابن أخي عمر بك‏.‏
وفي يوم الاثنين 18 وصلت خيام ياسين بك وحملاته ونصبوا وطاقه جهة شبرا ومنية السيرج‏.‏

الأنجليز يريدون إحتلال مصر
وفي يوم الأربعاء 20 شهر صفر سنة 1222 هـ - 29 أبريل 1807 م وصل إلى ساحل بولاق مراكب وفيها أسرى وقتلى وجرحى فطلعوا بهم إلى البر وساروا بهم على طريق باب النصر وشقوا بهم من وسط المدينة إلى الأزبكية فرشقوا الرؤس بالأزبكية مع الرؤس الأول وهي نحو المائة واثنين وأربعين والأحياء والمجاريح نحو المائتين وعشرين فطلعوا بهم إلى القلعة عند إخوانهم فكان مجموع الأسرى أربعمائة أسير وستة وستين أسيرًا والرؤس ثلثماثة ونيف وأربعون وفي الأسرى نحو العشرين من فسيالاتهم وهذه الوقعة حصلت على غير قياس وصادف بناؤها على غير أساس وقد أفسد الله رأي كل طائفة من الإنكليز والأمراء المصرية وأهل الإقليم المصري لبروز ما كتبه وقدره في مكنون غيبه على أهل الإقليم من الدمار الحاصل وما سيكون بعد كما ستسمع به ويتلى عليك بعضه أما فساد رأي الإنكليز فلتعديهم الإسكندرية مع قلتهم وسماعهم بموت الألفي وتغريرهم بأنفسهم وأما الأمراء المصريون فلا يخفى فساد رأيهم بحال وأما أهالي الإقليم فلانتصارهم لمن يضرهم ويسلب نعمهم وما أصاب من مصيبة فبما كسبت أيدي الناس وما أصابك من سيئة فمن نفسك ولم يخطر في الظن حصول هذا الواقع ولا أن الرعايا والعسكر لهم قدرة على حروب الإنكليز وخصوصًا شهرتهم بإتقان الحروب وقد تقدم لك أنهم هم الذين حاربوا الفرنساوية وأخرجوهم من مصر‏.‏
ولما شاع أخذهم الإسكندرية داخل العسكر والناس وهم عظيم وعزم أكثر العسكر على الفرار إلى جهة الشام وشرعوا في قضاء أشغالهم واستخلاص أموالهم التي أعطوها للمتضايقين والمستقرضين بالربا وإبدال ما بأيديهم من الدراهم والقروش والفرانسة التي يثقل حملها بالذهب البندقي والمحبوب الزر لخفة حملها حتى أنها زادت في المصارفة بسبب كثرة الطلب لها وبلغ صرف البندقي المشخص الناقص في الوزن أربعمائة وعشرين نصفًا والزر مائتين وعشرين والفرانسة مائتين واستمرت تلك الزيادة بعد ذلك وسيزيد الأمر محشًا وسعوا في مشترى أدوات الارتحال والأمور اللازمة لسفر البر وفارق الكثير منهم النساء وباعوا ما عندهم من الفرش الأمتعة حتى أن محمد علي باشا لما بلغه حصولهم بالإسكندرية وكان يحارب المصريين ويشدد عليهم فعند ذلك انحلت عزائمه وأرسل يصالحهم على ما يريدونه ويطلبونه وثبت في يقينه استيلاء الإنكليز على الديار المصرية وعزم على العود متلكئًا في السير يظن سرعة ورودهم إلى المجينة فيسير شرقًا على طريق الشام ويكون له عذر بغيبته في الجملة فلما وصلت الشرذمة الأولى من الإنكليز إلى رشيد ودخلوها من غير مانع وحبسوا أنفسهم فيها فقتلوا وأسروا وهرب من هرب ووصلت الرؤوس والأسرى وأسرعت في الحضور وترجعت نفوس العساكر وطمعوا عند ذلك في الإنكليز وتجاسروا عليهم وكذلك أهل البلاد قويت هممهم وتأهبوا للبروز والمحاربة واشتروا الأسلحة ونادوا على بعضهم بالجهاد وكثر المتطوعون ونصبوا لهم بيارق وأعلامًا وجمعوا من بعضهم دراهم وصرفوا على من انضم إليهم من الفقراء وخرجوا في مواكب وطبول وزمور فلما وصلوا إلى متاريس الإنكليز دهموهم من كل ناحية على غير قوانين حروبهم وترتيبهم وصدقوا في الحملة عليهم وألقوا أنفسهم في النيران ولم يبالوا برميهم وهجموا عليهم واختلطوا بهم وأدهشوهم بالتكبير والصياح حتى أبطلوا رميهم ونيرانهم فألقوا سلاحهم وطلبوا الأمان فلم يلتفتوا لذلك وقبضوا عليهم وذبحوا الكثير منهم وحضروا بالأسرى والرؤوس على الصور المذكورة وفر الباقون إلى من بقي بالإسكندرية وليت العامة شكروا على ذلك أو نسب إليهم فعل بل نسب كل ذلك للباشا وعساكره وجوزيت العامة بضد الجزاء بعد ذلك ولما أصعدوا الأسرى إلى القلعة طلع إليهم قنصل الفرنساوية ومعه الأطباء لمعالجة الجرحى ومهد لهم أماكن وميز الكبار منهم والفسيالات في مكان يليق بهم وفرش لهم فرشات ورتب لهم تراتيب وصرف عليهم فقات ولوازم واستمر يتعاهدهم في غالب الأيام والجرئحية يترددون إليهم في كل يوم لمداواتهم كما هي عادة الإفرنج مع بعضهم إذا وقع في أيديهم جرحى من المحاربين لهم فعلوا بهم ذلك وأكرموا الأسرى وأما من وقع منهم في أيدي العسكر من المردان فإنهم اختصوا بهم وألبسوهم من ملابسهم وباعوهم فيما بينهم ومنهم من احتال على الخلاص من يد الفاسق بحيلة لطيفة فمن ذلك أن غلامًا منهم قال للذي هو عنده أن لي بولصة عند قنصل الفرنساوية وهي مبلغ عشرون كيسًا ففرح وقال له أرنيها فأخرج له ورقة بخطم وهؤلاء يعرف ما فيها فأخذها منه طمعًا في إحرازها لنفسه وذهب مسرعًا إلى القنصل وأعطاها له فلما قرأها قال له لا أعطيك هذا المبلغ إلا بيد الباشا ويعطيني بذلك رجعة بختمه لتخلص ذمتي فلما صاروا بين يدي الباشا فأخبره القنصل فأمر بإحضار الغلام فلما حضر سأله الباشا فقال أريد الخلاص منه واحتلت عليه بهذه الحيلة لأتوصل إليه فطيب الباشا خاطر العسكري بدراهم وأرسل الغلام إلى أصحابه بالقلعة ولما انقضى أمر الحرب من ناحية رشيد وانجلت الإنكليز عنها ورجعوا إلى الإسكندرية نزل الأتراك على الحماد وما جاورها واستباحوا أهلها ونساءها وأموالها ومواشيها زاعمين أنها صارت دار حرب بنزول الإنكليز عليها وتملكها حتى أن بعض الظاهرين كلمهم في ذلك فرد عليه بذلك الجواب فأرسلوا إلى مصر بذلك وكتبوا في خصوص ذلك سؤلًا وكتب عليه المفتون بالمنع وعدم الجواز وحتى يأتي الترياق من العراق يموت الملسوع ومن يقرأ ومن يسمع وعلى أنه لم يرجع طالب الفتوى بل أهملت عند المفتي وتركها المستفتي ثم أحاطت العساكر ورؤساؤهم برشيد وضربوا على أهلها الضرائب وطلبوا منها الأموال والكلف الشاقة وأخذوا ما وجدوه بها من الأرز للعليق فخرج كبيرها اليد حسن كريت إلى حسن باشا وكتخدا بك وتكلم معهما وشنع عليهما وقال أما كفانا ما وقع لنا من الحروب وهدم الدور وكلف العسكر ومساعدتهم ومحربتنا معهم معكم وما قاسيناه من التعب والسهر وإنفاق المال ونجازي منكم بعدها بهذا الأفاعيل فدعونا نخرج بأولادنا وعيالنا ولا نأخذ معنا شيئًا ونترك لكم البلدة افعلوا بها ما شئتم فلاطفوه في الجواب وأظهروا له إليهتمام بالمناداة والمنع وكت المذكور أيضًا مكاتبات بمعنى ذلك وأرسلها إلى البلدة والسيد عمر بمصر فكتبوا فرمانًا وأرسلوه بالكف والمنع وهيهات ولما وصل من وصل بالقبلي والأسرى أنعم الباشا على الواصلين منهم بالخلع والبقاشيش وألبسهم شلنجات فضة على رؤوسهم فازداد جبروتهم وتعديهم ولما رجع الإنكليز إلى ناحية الإسكندرية قطعوا السد فسالت المياه وغرقت الأراضي حول الإسكندرية‏.‏

وفي الثلاثاء 26 شهر صفر سنة 1222 هـ - 5 مايو 1807 م وصل ياسين بك المذكور وصحبته سليمان آغا صالح وكيل دار السعادة سابقًا وهو الذي كان بإسلامبول وحضر بصحبته القبودان في الحادثة السابقة وتأخر عنه واستمر مع الألفي ثم مع أمرائه بعد موته وكان الباشا قد أرسل له يستدعيه بأمان فأجاب إلى الحضور بشرط أن يجري عليه الباشا مرتبه بالضربخانة وقدر ذلك ألف درهم في كل يوم فأجابه إلى ذلك وحضر صحبته ياسين بك وقبلا الباشا وخلع عليهما خلعتي سمور ونزلا وركبا ولعبا مع أجنادهما بوسط البركة بالرماح وظهر من حسن رماحة سليمان آغا ما أعجب الباشا ومن حوله من الأتراك بل أصابوه بأعينهم لأنه بعد انقضاء ذلك سار مع ياسين بك إلى ناحية بولاق يترامحون ويتلاعبون فأخرج طبنجته بيده اليمنى والرمح في يده اليسرى وكان زنادها مرفوعًا فانطلقت رصاصتها وخرقت كفه اليسار القابض به على سرع الجواد ونفدت من الجهة الأخرى فرجع إلى داره بجراحته وأذن له برد حملته وذهب ياسين بك إلى بولاق فبات بها في دار حسن الطويل بساحل النيل‏.‏
وفيه سافر المتسفر بآذان القتلى الإنكليز وقد وضعوها في صندوق وسافر بها على طريق الشام وصحبته أيضًا شخصان من أسرى فسيالات الإنكليز وكتبوا عرضًا بصورة الحال من إنشاء السيد إسمعيل الخشاب وبالغوا فيه‏.‏ وفيه حضر إسماعيل كائف الطوبجى من ناحية بحرى ليقضى بعض الأغراض ثم يعود .
وفي يوم الخميس 28 شهر صفر سنة 1222 هـ - 7 مايو 1807 م سافر عمر بك تابع عثمان بك الأشقر وعلي كاشف بن أحمد كتخدا إلى ناحية القليوبية لأجل القبض على أيوب فوده بسبب رجل يسمى زغلول ينسب إليه بأنه يقطع الطريق على المسافرين في البحر وكلما مرت بناحية مركب حاربها ونهب ما فيها من بضائع التجار وأموالهم أو أنهم يفتدون أنفسهم منه بما يرضيه من المال فكثر تشكي الناس منه فيرسلون إلى أيوب فوده كبير الناحية فيتبرأ منه فلما زاد الحال عينوا من ذكر للقبض عليه وقتله فبلغه الخبر فهرب من بلده أبناس فلما وصلوا إلى محله فلم يجدوه فأحاطوا بموجوداته وغلاله وبهائمه وماله من المواشي والودائع بالبلاد فلما جرى ذلك حضر إلى السيد عمر وصالح على نفسه بثلاثمائة كيس ورجع الحال إلى حاله وذلك خلاف ما أخذه المعينون من الكلف والمغارم من البلاد التي مروا عليها وأقاموا فيها واحتجوا عليها‏.‏
وفيه حضر الكثير من أهل رشيد بحريمهم وأولادهم ورحلوا عنها إلى مصر‏.‏
وفيه حضر كتخدا القاضي من عند الأمراء القبالي وأخبر أنهم محتاجون إلى مراكب لحمل الغلال الميرية والذخيرة فهيأ الباشا عدة مراكب وأرسلها إليهم مع هذه الصورة وإظهار المصالحة والمسالمة يمنعون ويحجزون من يذهب إليهم من دورهم بثياب ومتاع وكذلك يمنعون المتسببين والباعة الذين يذهبون بالمتاجر والأمتعة التي يبيعونها عليهم وإذا وقعوا بشخص أو غمزوا عليه عند الحاكم أو صادفه بعض العيون المترقبة عليه قبضوا عليه ونهبوا ما معه وعاقبوه وحبسوه بل ونهبوا داره وغرموه ولا يغفر ذنبه ولا تقال عثرته ويتبرأ منه كل من يعرفه وكذلك نبهوا على القلقات الذين يسمونهم الضوابط المقيدين بأبواب المدينة مثل باب النصر وباب الفتوح والبرقية والباب الحديد بمنع النساء عن الخروج خوفًا من خروج النساء القبالي وذهابهن إلى أزواجهن واتفق أنهم قبضوا على شخص في هذه الأيام يريد السفر إلى ناحية قبلي ومعه تليس ففتحوه فوجدوا بداخله مراكيب ونعالات مصرية ومغربية التي تسمى بالبلغ فقبضوا عليه واتهموه أنه يريد الذهاب بذلك إلى الأمراء وأتباعهم فنهبوا منه ذلك وغيره وقبضوا عليه وحبسوه واستمر محبوسًا وكذلك اتفق أن الوالي ذهب إلى جهة القرافة وقبض على أشخاص من التربية الذين يدفنون الموتى واتهمهم بأن بعض أتباع الأمراء القبالي يخرجون إليهم بالأمتعة لأسيادهم ويخفونها عندهم بداخل القبور حتى يرسلوها إلى أسيادهم في الغفلات وضربهم وهجم على دورهم فلم يجد بها شيئًا واجتمع عليه خدام الأضرحة وأهل القرافة وشنعوا عليه وكادوا يقتلونه فهرب منهم وحضروا في صبحها عند السيد عمر والمشايخ يشكون من الوالي وما فعله مع الحفارين ونحو ذلك فأعجب لهذا التناقض‏.‏
وفيه وصل مكتوب من كبير الإنكليز الذي بالإسكندرية مضمونه طلب أسماء الأسرى من الإنكليز والوصية بهم وإكرامهم كما هم يفعلون بالأسرى من العسكر فإنهم لما دخلوا إلى الإسكندرية أكرموا من كان بها منهم وأذنوا لهم بالسفر بمتاعهم وأحوالهم إلى حيث شاؤا وكذلك من أخذوه أسيرًا في حرابة رشيد‏.‏
فى يوم السبت شهر ربيع الأول سنة 1222 هـ - 9مايو 1807 م  فيه كتبوا لكبير الإنكليز جوابًا عن رسالته‏.‏
وفي يوم السبت 15 شهر ربيع الأول سنة 1222 هـ - 23مايو 1807 م حضر علي كاشف الكبير الألفي بكلام من طرف شاهين بك الألفي يعتذر عن التأخير إلى هذا الوقت وأنهم على صلحهم واتفاقهم الأول وحضورهم إلى ناحية الجيزة وبات تلك الليلة في بيته بمصر ثم أقام ثلاثة أيام ورجع إلى مرسله وصحبته سليمان آغا الوكيل‏.‏
وفيه حضر عابدين بك أخو حسن باشا من ناحية بحري وحضر أيضًا في أثره أحمد آغا لاظ وغيره من ناحية بحري وذلك أنهم ذهبوا خلف الإنكليز إلى قرب معدية البحيرة فخرج عليهم طائفة الإنكليز من البر والبحر وضربوا عليهم مدافع ونيرانًا كثيرة فولوا راجعين وحضروا إلى مصر‏.‏
وفيه حضر أيضًا الفسيال الكبير الإنكليزي الذي كان أرسل بدلًا عن ابن أخي عمر بك وقيل أنه ابن أخي صالح قوش فلما وصل إليهم أجابوا بأن المذكور سافر مع من سافر إلى الروم بمتاعهم وأموالهم قبل الواقعة حيث لم يكن المطلوب موجودًا فلا وجه لإبقاء الإنكليزي المذكور فردوه بعد أن رفعوا منزلته ورتبته عندهم فلما رجع إلى مصر خلى سبيله الباشا ولم يحبسه مع الأسرى بل أطلق له الإذن أيضًا في الرجوع إلى الإسكندرية أو إلى بلاده متى أحب واختار‏.‏
وفي منتصفه استوحش الباشا من ياسين بك وضاق خناقه منه وذلك أنه لما حضر إلى مصر وخلع عليه الباشا دفع إليه ما كان وعده به من الأكياس وقدم له ما تقادم وإنعامات على أنه يسافر إلى الإسكندرية لمحاربة الإنكليز وطلب مطالب كثيرة له ولأتباعه وأخذ لهم الكساوى والسراويلات وأخذ جميع ما كان عند جبجي باشا من الأقمشة والخيام والجبخانة والاحتياجات من القرب وروايا الماء ولوازم العسكر في سفر البر والإفازة والمحاصرة إلى غير ذلك وقلد أباه كشوفية الشرقية وخرج هو بعرضيه وخيامه إلى ناحية الحلي ببولاق فانضم إليه الكثير من العسكر والدلاتية وغيرهم وصار كل من ذهب إليه يكتبه من جملة عسكره فاجتمع عليه كل عاص وأزعر ومخالف وعاق وصرح بالخلاف وتطلعت نفسه للرياسة وكلما أرسل إليه الباشا يرده وينهاه عن فعله يعرض عن ذلك وداخله الغرور وانتشرت أوباشه يعبثون في النواحي وبث أكابر جنده في القرى والبلدان وعينهم لجمع الأموال والمغارم الخارجه عن المعقول ومن خالفهم نهبوا قريته وأحرقوها وأخذوا أهلها أسرى فعند ذلك أخذ الباشا في التدبير عليه واستمال العسكر المنضمين إليه وحل عرى رباطاته

فلما كان في ليلة الأربعاء 19 شهر ربيع الأول سنة 1222 هـ - 27مايو 1807 م أمر عساكر الأرنؤد بالاجتماع والخروج إلى ناحية بولاق فخرجوا بأجمعهم إلى نواحي السبتية والخندق وأحالوا بينه وبين بولاق ومصر‏.‏
وفي ليلة السبت 22 شهر ربيع الأول سنة 1222 هـ - 31 مايو 1807 م ركب الباشا بجنوده وخرج تلك الناحية وحصن أبواب المدينة بالعساكر وأيقن الناس بوقوع الحرب بين الفريقين وأرسل الباشا إلى ياسين بك يقول له أن تستمر على الطاعة وتطرد عنك هذه اللموم وتكون من جملة كبار العسكر وإلا تذهب إلى بلادك وإلا فأنا واصل إليك ومحاربك فعند ذلك داخله الخوف وانحلت عزائم جيوشه وتفرق الكثير منهم فلما كان بعد الغروب طلب الركوب ولم يعلم عسكره أين يريد فركب الجميع وهم ثلاثة طوابير واشتبهت عليهم الطرق في ظلام الليل فسار هو بفريق منهم إلى ناحية الجبل على طريق حلق الجرة وفرقة سارت إلى ناحية بركة الحاج والثالثة ذهبت على طريق القليوبية وفيهم أبوه فلما علم الباشا بركوبهم ركب خلفهم وذهب خلف الطائفة التي توجهت إلى ناحية البركة حصة فلما علموا انفرادهم عن أميرهم رجعوا متفرقين في النواحي ورجع الباشا إلى داره ولم يزل ياسين بك في سيره حتى نزل بمن معه في التبين واستقر بها وأما أبوه فإنه التجأ إلى شيخ قليوب الشواربي فأخذ له أمانًا وأحضر في ثاني يوم الإلى الباشا فألبسه فروة وأمره أن يلحق بابنه فنزل إلى بولاق ونزل في مركب مسافرًا‏.‏
وفي يوم الاثنين 24 شهر ربيع الأول سنة 1222 هـ - 2 يونية 1807 م عين الباشا عسكرًا ورؤساء عساكر وخيالة واصب معهم شديدًا وجملة من عرب الحويطات للحوق بياسين بك ومحاربته ولما نزل ياسين بك بناحية التبين نهب قرى الناحية بأسرها مثل التبين وحلوان وطرا والمعصرة والبساتين وفعلوا بها أفاعيلهم الشنيعة من السلب والنهب وأخذ النساء ونهب الأجران والغلال والأتبان والمواشي وأخذ الكلف الشاقة ومن عجز عن شيء من مطلوباتها أحرقوه بالنار‏.‏
وفي يوم الخميس 17 شهر ربيع الأول سنة 1222 هـ - 5 يونية 1807 م رجع العسكر والعربان الذين كانوا ذهبوا لمحاربة ياسين بك وذلك أنهم لما قربوا من وطاقهم ارتحل إلى صول والبرنيل فولوا راجعين وتمموا في ذهابهم وإيابهم تدمير القرى‏.‏
وفيه ورد قاصد قابجي من إسلامبول وعلى يده مرسوم بالبشارة بولاية السيد علي باشا قبودان الدونتمه وتاريخه نحو ثلاثة أشهر فضربوا لقدومه المدافع من القلعة‏.‏
وفي يوم السبت 29 شهر ربيع الأول سنة 1222 هـ - 7يونية 1807 م رجع سليمان آغا من قبلي إلى مصر وأخبر بقرب قدوم الأمراء المصريين وأن شاهين بك وصل إلى زارية المصلوب وإبراهيم بك جهة قمن العروس وأنهم

واستهل شهر ربيع الثاني بيوم سنة 1222 هـ - 8 يونية 1807 م فيه سافر مصطفى آغا والصابونجي إلى جهة قبلي وصحبتها كتخدا القاضي‏.‏
وفي يوم السبت 6 شهر ربيع الثاني سنة 1222 هـ - 13 يونية 1807 م وصل شخص ططري وعلى يده مرسوم فعمل الباشا ديوانًا وقرأ المرسوم بحضرة الجمع مضمونه أن العرضي الهمايوني الموجه لحرب الموسكوب خرج من إسلامبول وذهب إلى ناحية أدرنه وأن العساكر سارت لمحاربة الأعداء ويذكورن فيه أن بشائر النصر حاصلة وقد وصل رؤس قتلى وأسرى كثيرة وأنه بلغ الدولة ورود نحو الأربع عشرة قطعة من المراكب إلى ثغر الإسكندرية وأن الكائنين بالثغر ترخوا في حربهم حتى طلعوا إلى الثغر فمن اللازم إليهتمام وخروج العساكر لحروبهم ودفعهم وطردهم عن الثغر وقد أرسلنا البيورلديات إلى سليمان باشا والي صيدا وإلى يوسف باشا والي الشام بتوجيهه العساكر إلى مصر للمساعدة وإن لزم الحال لحضور المذكورين لتمام المساعدة على دفع العدو إلى آخر ما نقموه وسطروه محل القصد من ورود هذه البيولديات والفرمانات والأغوات والقبيجات إنما هو جر المنفعة لهم بما يأخذونه من خدمهم وحق طريقهم من الدراهم والتقادم والهدايا فإن القادم منهم إذا ورد استعدوا لقدومه فإن كان ذا قدر ومنزلة أعدوا له منزلًا يليق به ونظموه بالفرش والأداوت اللازمة وخصوصًا إذا كان حضر في أمر مهم أو لتقرير المتولي على السنة الجديدة أو بصحبته خلع رضا وهدايا فإنه يقابل بالإعزاز الكبير ويشاع خبره قبل وروده إلى الإسكندرية وتأتي المبشرون بورود من الططر قبل خروجه من دار السلطنة بنحو شهر أو شهرين ويأخذون خدمتهم وبشارتهم بالأكياس وإذا وصل هو أدخلوه في موكب جليل وعملوا له ديوانًا ومدافع وشنكًا وأنزل في المنزل المعد له وأقبلت عليه التقادم والهدايا من المتولي وأعيان دولته ورتب له الرواتب والمصاريف لمآكله وأتباعه لمطبخه وشراب حالته أيام مكثه شهر أو شهورًا ثم يعطى من الأكياس قدرًا عظيمًا وذلك خلاف هدايا الترحيلة من قدور الشربات المتنوعة والسكر المكرر وأنواع الطيب كالعود والعنبر والأقمشة الهنجية والمقصبات لنفسه ورجال دولته وإن كان دون ذلك أنزلوه بمنزل بعض الأعيان بأتباعه وخدمه ومتاعه في أعز مجلس ويقوم رب المنزل بمصروفهم ولوازمهم وكلفهم وما تستدعيه شهوات أنفسهم ويرون أن لهم المنة عليه بنزولهم عنده ولا يرون له فضلًا بل ذلك واجب عليه وفرض يلزمه القيام به مع التآمر عليه وعلى أتباعه ويمكث على ذلك شهورًا حتى يأخذ خدمته ويقبض أكياسه وبعد ذلك كله يلزم صاحب المنزل أن يقدم له هدية ليخرج من عنده شاكرًا ومثنيًا عليه عند مخدومه وأهل دولته أقضية يحار العقل والنقل في تصويرها‏.‏
وفي يوم الأحد 7 شهر ربيع الثاني سنة 1222 هـ - 14 يونية 1807 م وصلت القافلة والحجاج من ناحية القلزم على مرسى السويس وحضر فيها أغوات الحرم والقاضي الذي توجه لقضاء المدينة وهو المعروف بسعد بك وكذلك خدام الحرم المكي وقد طردهم الوهابي جميعًا وأما القاضي المنفصل فنزل في مركب ولم يظهر خبره وقاضي مكة توجه بصحبة الشاميين وأخبر الواصلون أنهم منعوا من زيارة المدينة وأن الوهابي أخذ كل ما كان في الحجرة النبوية من الذخائر والجواهر وحضر أيضًا الذي كان أميرًا على ركب الحجاج وصحبته مكاتبة من مسعود الوهابي ومكتوب من شريف مكة وأخبروا أنه أمر بحرق المحمل واضطربت أخبار الأخباريين عن الوهابي بحسب الأغراض ومكاتبة الوهابي بمعنى الكلام السابق في نحو الكراسة وذكر فيها ما ينسبونه الناس إليه من الأقوال المخالفة لقواعد الشرع ويتبرأ عنها‏.‏
وفيه ورد الخبر بأن إبراهيم بك وصل إلى بني سويف وأن شاهين بك ذهب إلى الفيوم لاختلاف وقع بينهم وأن أمين بك وأحمد بك الألفيين ذهبا إلى ناحية الإسكندرية للإنكليز‏.‏
وفيه كمل تحرير دفاتر الفرضة والمظالم التي ابتدعوها في العام الماضي على القراريط وإقطاعات الأراضي وكذلك أخذ نصف فائظ الملتزمين وعينوا المعينين لتحصيله من المزارعين ذلك خلاف ما فرضوه علىالبنادر من الأكياس الكثيرة المقادير‏.‏
وفي ذلك اليوم أرسل الآغا والي الشرطة أتباعهما لأرباب الصنائع والحرف والبوابين بالوكائل والخانات يأمرونهم بالحضور من الغد إلى بيت القاضي فانزعجوا من ذلك ولم يعلموا لأي شيء هذا الطلب وهذه الجمعية وباتوا متفكرين ومتوهمين فلما أصبح يوم الاثنين واجتمع الناس أبرزوا لهم مرسومًا قرئ عليهم بسبب زيادة صرف المعاملة وذلك أن الريال الفرانسة وصلت مصارفته إلى مائتين وعشرة من الأنصاف العددية والمحبوب إلى مائتين وعشرين وأكثر والمشخص البندقي وصل إلى أربعمائة وأربعين فضة ونحو ذلك فلما قرؤوا عليهم المرسوم وأمروهم بعدم الزيادة وأن يكون صرف الفراسة بمائتين فقط والمحبوب بمائتين وعشرين فضة والبندقي بأربعمائة وعشرين فلما سمعوا ذلك قالوا نحن ليس لنا علاقة بذلك هذا أمر منوط بالصيارف وانفض المجلس‏.‏
وفيه وصلت مكاتبة من إبراهيم بك ومن الرسل مضمونها الأخبار بقدومهم وأرسل إبراهيم بك يستدعي إليه ابنه الصغير وولد ابنته المسمى نور الدين ويطلب بعض لوازم وأمتعة‏.‏
وفي يوم السبت 13 شهر ربيع الثاني سنة 1222 هـ - 20 يونية 1807 م سافر أولاد إبراهيم بك والمطلوبات التي أرسل بطلبها وصحبتهم فراشون وباعة ومتسببون وغير ذلك‏.‏
وفي يوم الاثنين 15 شهر ربيع الثاني سنة 1222 هـ - 22 يونية 1807 م ورد سلحدار موسى باشا وعلى يده مرسوم بالعربي وآخر بالتركي مضمونهما جواب رسالة أرسلت إلى سليمان باشا بعكا بخبر حادثة الإنكليز إلى ثغر سكندرية ودخولهم إليها بمخامرة أهلها ثم زحفهم إلى رشيد وقد حاربتهم أهل البلاد والعساكر وقتلوا الكثير منهم وأسروا منهم كذلك ونؤكد على محمد باشا والعلماء وأكابر مصر بالاستعداد والمحافظة وتحصين الثغور مثل السويس والقصير ومحاربة الكفار وإخراجهم وإبعادهم عن الثغر وقد وجهنا لكل من سليمان باشا وجنج يوسف باشا بتوجيه ما تريدون من العساكر للمساعدة ونحو ذلك‏.‏
وفيه أحضروا أربعة رؤوس من الإنكليز وخمسة أشخاص أحياء فمروا بهم من وسط المدينة ذكروا أن كاشف دمنهور حارب بناحية الإسكندرية فقتل منهم وأسر هؤلاء وقيل أنهم كانوا يسيرون لبعض أشغالهم نواحي الريف فبلغ الكاشف خبرهم فأحاط بهم وفعل بهم ما فعل وأرسلهم إلى مصر وهم ليسوا من المعتبرين وكأنهم مالطية وقيل أنهم سألوهم فقالوا نحن متسببون طلعنا ناحية أبي قير وتهنا عن الطريق فصادفونا ونحن تسعة لا غير فأخذونا وقتلوا منا من قتلوه وأبقونا‏.‏  وفيه وصلت مكاتبة من إبراهيم وأرسل الباشا إليهم جوابًا صحبة إنسان يسمى شريف آغا‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 23 شهر ربيع الثاني سنة 1222 هـ - 20 يونية 1807 م وردت أخبار من ناحية الشام بأنه وقع بإسلامبول فتنة بين الينكجرية والنظام الجديد وكانت الغلبة للينكجرية وعزلوا السلطان سليم وولوا السلطان مصطفى ابن عمه وهو ابن السلطان عبد الحميد بن أحمد وخطب له ببلاد الشام‏.‏
وفي يوم الخميس 25 شهر ربيع الثاني سنة 1222 هـ - 2 يولية 1807 م وصل ططري من طريق البر يتحقق ذلك الخبر وخطب الخطباء للسلطان مصطفى على منابر مصر وبلاد مصر وبولاق وذلك يوم الجمعة سادس عشرينه‏.‏
وفي أواخره فى أوائل يولية 1807 م أحدثوا طلب مال الأطيان المسموح الذي لمشايخ البلاد وحرروا به دفترًا وشرعوا في تحصيله وهي حادثة لم يسبق مثلها أضرت بمشايخ البلاد وضيقت عليهم معايشهم ومضايفهم‏.‏
وفيه كتبوا أورقًا للبلاد والأقاليم بالبشارة بتولية السلطان الجديد وعينوا بها المعينين وعليها حق الطرق مبالغ لها صورة وكل ذلك من التحيل على سلب أموال الناس‏.‏
وفيه كتبوا مراسلة إلى الأمراء القبليين بالصلح وأرسلوا بها ثلاثة من الفقهاء وهم الشيخ سليمان الفيومي والشيخ إبراهيم السجيني والسيد محمد الدواخلي وذلك أنه لما رجع شريف آغا الذي كان توجه إليهم بمراسلتهم أرسلوا يطلبون الشيخ الشرقاوي والشيخ الأمير والسيد عمر النقيب لإجراء الصلح على أيديهم فأرسلوا الثلاثة المذكورين بدلًا عنهم‏.‏
وفي هذه الأيام كث خروج العساكر والدلاة وهم يعدون إلى البر الغربي وعدى الباشا بحر النيل إلى بر أنبابة وأقام هناك أيامًا‏.‏
وفى يوم الثلاثاء 1 شهر جمادى الأول سنة 1222 هـ - 7 يولية 1807 م فيه شرع الباشا في تعمير القلاع التي كانت أنشأتها الفرنساوية خارج بولاق وعمل متاريس بناحية منية عقبة وغيرها ووزع على الجيارة جيرًا كثيرًا ووسق عدة مراكب وأرسلها إلى ناحية رشيد ليعمروا هناك سورًا على البلد وأبراجًا وجمعوا البنائين والفعلة والنجارين وأنزلوهم في المراكب قهرًا‏.‏
وفي يوم الثلاثاء 15 شهر جمادى الأول سنة 1222 هـ - 21 يولية 1807 م وصل إلى مصر نحو الخمسمائة من الدلاتية أتوا من ناحية الشام ودخلوا إلى المدينة‏.‏
وفيه طلب الباشا من التجار نحو الألفي كيس على سبيل السلفة فوزعت على الأعيان وتجار البن وأهل وكالة الصابون ووكالة التفاح ووكالة القرب وخلافها وحجزوا البضائع وأجلسوا العساكر على الحواصل والوكائل يمنعون من يخرج من حاصله أو نخزنه شيئًا إلا بقصد الدفع من أصل المطلوب منهم ثم أردفوا ذلك بمطلوبات من أفراد الناس المساتير فيكون الإنسان جالسًا في بيته فما يشعر إلا والمعينون واصلون إليه وبيدهم بصلة الطلب إما خمسة أكياس أو عشرة أو أقل أو أكثر فإما أن يدفعها وإلا قبضوا عليه وسحبوه إلى السجن فيحبس ويعاقب حتى يتمم المطلوب فنه فنزل بالناس أمر عظيم وكرب جسيم‏.‏
وفي الناس من كان تاجرًا ووقف حاله بتوالي الفتن والمغارم وانقطاع الأسباب والأسفار وأفلس وصار يتعيش بالكد والقرض وبيع متاعه وأساس داره وعقاره واسمه باق في دفاتر التجار فما يشعر إلا والطلب لاحقه بنحو ما تقدم لكونه كان معروفًا في التجار فيؤخذ ويحبس ويستغيث فلا يغاث ولا يجد شافعًا ولا راحمًا وهذا الشيء خلاف الفرض المتوالية على البلاد والقرى في خصوص هذه الحادثة وكذكل على البنادر مقادير لها صورة وما يتبعها من حق طرق المعينين والمباشرين وتوالي مرور العساكر آناء الليل وأطراف النهار بطلب الكلف واللوازم وأشياء يكل القلم عن تسطيرها ويستحي الإنسان من ذكرها ولا يمكن الوقوف على بعض جزئياتها حتى خربت القرى وافتقر أهلها وجلوا عنها فكان يجتمع أهل عدة من القرى في قرية واحدة بعيدة عنهم ثم يلحقها وبالهم فتخرب كذلك وأما غالب بلاد السواحل فإنها خربت وهرب أهلها وهدموا دورها ومساجدها وأخذوا أخشابها ومن جملة أفاعيلهم الشنيعة التي لم يطرق الأسماع نظيرها أنهم قرروا فرضة من فرض المغارم على البلاد فكتبوا أوراقًا وسموها بشارة الفرضة يتولاها بعض من يكون متطلعًا لمنصب أو منفعة ثم يرتب له خدمًا وأعوانًا ثم يسافر إلى الإقليم المعين له وذلك قبل منصب الأصل وفي مقدمته يبعث أعوانه إلى البلاد يبشرونهم بذلك ثم يقبضون ما رسم لهم في الورقة من حق الطريق بحسب ما أدى إليه اجتهاده قليلًا أو كثيرًا وهذه لم يسمع بما يقاربها في ملة ولا ظلم ولا جور وسمعت من بعض من له خبرة بذلك أن المغارم التي

وفي أواخره قوي عزم الباشا على السفر لناحية الإسكندرية وأمر بإحضار اللوازم والخيام وما يحتاج إليه الحال من روايا الماء والقرب وباقي الأدوات‏.‏
واستهل شهر جمادى الثانية بيوم الخميس سنة 1222 هـ- 1 أغسطس 1807 م

في يوم الجمعة 2 جمادى الثانية سنة 1222 هـ- - 7 أغسطس 1807 م  ركب الباشا إلى بولاق وعدى إلى ناحية بر أنبابة ونصبوا وطاقه هناك وخرجت طوائف العسكر إلى ناحية بولاق وساحل البحر وطفقوا يأخذون ما يجدونه من البغال والحمير والجمال واستمروا على الدخول والخروج والذهاب والمجيء والرجوع والتعدية أيامًا وهم على ذلك النسق من خطف البهائم وامتنعت المقاؤن عن نقل الماء من البحر حتى شح الماء وغلا سعره وعطشت الناس وامتنع حمل البضائع‏.‏
وفي يوم السبت 3 جمادى الثانية سنة 1222 هـ- 8 أغسطس 1807 م  طلبوا أيضًا خيول الطواحين لجر المدافع والعربات حتى تعطلت الطواحين عن طحن الدقيق ولما ذهبوا بها إلى العرضي اختاروا منها جيادها وأعطوا أربابها عن كل فرس خمسين قرشًا وردوا البواقي لأصحابها‏.‏
وفيه طلبوا أيضًا دراهم من طائفة القبانية والحطابة وباعة السمك القديد المعروف بالفسيخ فكان القدر المطلوب من طائفة القبانية مائة وخمسين كيسًا فأغلقوا حوانيتهم وهربوا والتجؤا إلى الجامع الأزهر وكذلك الحطابة وغيرهم منهم من هرب ومنهم من التجأ إلى السيد عمر واستمر كذلك ثلاثة أيام وركب السيد عمر وعدى إلى الباشا وتشفع في الطوائف المذكورة فرفعوا عنهم غرامتهم وكتبوا لهم أمانًا بذلك‏.‏
وفي يوم ألأثنين 5 جمادى الثانية سنة 1222 هـ- 10 أغسطس 1807 م حضر قابجي من طرف الإنكليز وصحبته أشخاص فأنزلهم الباشا في خيمة بمخيمه بأنبابة فرقدوا بها ليأخذوا لهم راحة وناموا فلما استيقظا فلم يدوا ثيابهم وسطا عليها السراق فشلحوهم فأرسلوا إلى حارة الفرنساوية فأتوا لهم بثياب وقفوات لبسوها‏.‏

الفرنسيين المستوطنين بمصر يحتفلون بمولد نابليون بونابرت
وفي يوم السبت مع ليلة الأحد 10 و 11 جمادى الثانية سنة 1222 هـ- 18 أغسطس 1807 م عمل الفرنساوية عيدًا ومولدًا بحارتهم وأولموا بينهم ولائم وأوقدوا قناديل كثيرة تلك الليلة وحراقات نفوط وسواريخ وشنكًا حصة من الليل وهو عبارة عن مولد بونابارته السنوي‏.‏
وفي الثلاثاء 13 جمادى الثانية سنة 1222 هـ- 18 أغسطس 1807 م طلب الباشا حسين أفندي الروزنامجي فعدى إليه ببر أنبابة فخلع الدفتردارية وحضر إلى داره الجديد وهو بيت الهياتم بالقرب من قنطرة درب الجماميز وذهب إليه الناس يهنؤونه وانفصل أحمد أفندي عاصم عن الدفتردارية‏.‏
وفي يوم الخميس 15 جمادى الثانية سنة 1222 هـ- 20أغسطس 1807 م عمل الباشا شنكًا بالبر الغربي بين المغرب والعشاء ولما أصبح أمر بالارتحال وتمهل حتى تكامل ارتحال العساكر فركب قريب الزوال إلى المنصورة‏.‏
وفي يوم الجمعة 16 جمادى الثانية سنة 1222 هـ- 21 أغسطس 1807 م - الموافق 6 مسرى القبطي سنة 1523 ش في النيل أذرعه وذلك بعد أن حصل في الناس ضجر وقلق بسبب تأخر الوفاء عدة أيام حتى رفعوا الغلال من العرصات وزادت أثمانها فلما حصل الوفاء اطمأن الناس وتراجعت إليهم أنفسهم وأظهروا الغلال في العرصات والرفع وركب كتخدا بك في صبح يوم السبت وكذلك القاضي وطوسون ابن الباشا والسيد عمر النقيب وكسر السد بحضرتهم وجرى الماء في الخليج‏.‏
وفيه وصل قابجي إلى ثغر سكندرية وحضر بعد ذلك إلى ثغر بولاق من طريق البر إلى قبرص وتحرى الوصول إلى دمياط ثم حضر إلى بولاق وقابل الباشا في طريقه ووصل على يد مسكة ضرب المعاملة الجديدة بالضربخانه باسم السلطان الجديد وكذلك الأمر بالخطبة والدعاء والأخبار برفع النظام الجديد وإبطاله من إسلامبول ورجوع الوجاقات على قانونها الأول القديم ووصل في نيف وخمسين يومًا فاجتمعوا في صبحها يوم الأحد بباب الباشا وأحضروا الآغا بموكب ودخل من باب النصر وقرئ الفرمان بحضرة الجمع وضربوا شنكًا ومدافع من أبراج القلعة ثلاثة أيام في الأوقات الخمسة‏.‏
رجل يدعى الولاية
ومن الحوادث أنه ظهر في هذه الأيام رجل بناحية بنها العسل يدعى بالشيخ سليمان فأقام مدة في عشة بالغيظ واعتقد فيه الناس الولاية والسلوك والجذب فاجتمع إليه الكثير من أهل القرى وأكثرهم الأحداث ونصيبوا له خيمة وكثر جمعه وأقبلت عليه أهالي القرى بالنذور الهدلي وصار يكتب إلى النواحي أوراقًا يستدعي منهم القمح والدقيق ويرسلها مع المريدين يقول فيها الذي نعلم به أهل القرية الفلانية حال وصول الورقة إليكم تدفعون لحاملها خمسة أرداب قمح أو أقل أو أكثر برسم طعام الفقراء وكراء طريق المعين ثلاثون رغيفًا أو نحو ذلك فلا يتأخرون عن إرسال المطلوب في الحال وصال الذين حوله ينادون في تلك النواحي بقولهم لا ظلم اليوم ولا تعطوا الظلمة شيئًا من المظالم التي يطلبونها منكم ومن أتاكم فاقتلوه فكان كل من ورد من العسكر المعينين إلى تلك النواحي يطلب الكلف أو الفرض التي يفرضونها فزعوا عليه وطردوه وإن عاند قتلوه فثقل أمره على الكشاف والعسكر وصار له عدة خيام وأخصاص واجتمع لديه من المردان نحو المائة وستين أمرد وغالبهم أولاد مشايخ البلاد وكان إذا بلغه أن بالبلد الفلانية غلامًا وسيم الصورة أرسل يطلبه فيحضورنه إليه في الحال ولو كان ابن عظيم البلدة حتى صاروا يأتون من غير طلب ولا يخفى حال الإقليم المصري في التقليد في كل شيء وهذا من جنس المردنا وكذلك ذوو اللحى هم كثيرون أيضًا وعمل للمردان عقودًا من الخرز الملون في أعناقهم ولبعضهم أقراطًا في آذانهم ثم أن شيخًا من فقهاء الأزهر من أهالي بنها يقال له الشيخ عبد الله البنهاوي ادعى دعوى بطين مستأجره من أراضي بنها كان لأسلافه وأن الملتزمين بالقرية استولوا على ذلك الطين من غير حق لهم فيه بل بإغراء بعض مشايخ القرية والمذكور به رعونه ولم يحسن سبك دعواه وخصوصًا كونه مفلسًا وخليًا من الدراهم التي لا بد منها الآن في الجعالات والبراطيل للوسايط وأرباب الأحكام وأتباعهم ويظن في نفسه أنه يقضي قضيته يقال المصنف إكرامًا لعلمه ودرسه فتخاصم مع الملتزمين ومشايخ بلده وانعقدت بسببه مجالس ولم يحصل منها شيء سوى التشنيع عليه من المشايخ الأزهرية والسيد عمر النقيب ثم كتب له عرضحال ورفع أمره إلى كتخدا بك والباشا فأمر الباشا بعقد مجلس بسببه بحضرة السيد عمر والمشايخ وقالوا للباشا أنه غير محق وطردوه فسافر إلى بلده وسافر الباشا أيضًا إلى جهة البحيرة والإسكندرية فذهب الشيخ عبد الله المذكور إلى الشيخ سليمان المذكور وأغراه على الحضور إلى مصر وأنه متى وصل اجتمع عليه المشايخ وأهل البلدة وقابلوه ويكون على يده الفتح والفتوح وحركته خساف العقول المحيطون به والمجتمعون حوله على المجيء إلى مصر ويكون له شأن لأن ولايته اشتهرت بالمدينة ولهم في اعتقاد عظيم وحب جسيم ومن أوصاف ذلك الشيخ أنه لا يتكلم إلا بالذكر أو الكلام النزر الذي لا بد منه ويتكلم في أكثر أوقاته بالإشارة ثم إنه أطاع شياطينه وحضر برجاله وغلمانه ومعه طبول وكاسات على طريق مشايخ أهل العصر والأوان الذين يحسبون أنهم يحسنون صنعًا ودخلوا إلى المدينة على حين غفلة وبأيديهم فراقل يفرقعون بها فرقعة متتابعة وصياح وجلبة ومن خلفهم الغلمان والبدايات وشيخهم في وسطهم فما زالوا في سيرم حتى دخلوا المشهد الحسيني وجلسوا بالمسجد يذكرون ودخل منهم طائفة إلى بيت السيد عمر مكرم النقيب وهم يفرقعون بما في أيديهم من الفرقلات فأقاموا بالمسجد إلى العصر ثم دعاهم إنسان من الأجناد يقال له إسماعيل كاشف أبو مناخير له في الشيخ المذكور اعتقاد فذهبوا معه إلى داره بعطفة عبد الله بك فعشاهم وباتوا عنده إلى الصباح فلما طلع النهار ركب الشيخ بغلة ذلك الجندي وذهب بطائفته إلى ضريح الإمام الشافعي فجلس بالمسجد أيضًا مع أتباعه يذكرون وبلغ خبره كتخدا بك وأمثاله فكتب تذكرة وأرسلها إلى السيد عمر النقيب بطلب الشيخ المذكور ليتبركوا به وأكد في الطلب وقصده أن يفتك بهم لقهرهم منه وعلم السيد عمر ما يراد به فأرسل يقول له إن كنت من أهل الكرامة فأظهر سرك وكرامتك وإلا فاذهب وتغيب وكان صالح آغا قوج لما بلغه خبره ركب في عسكره وذهب إلى مقام الشافعي وأراد القبض عليه فخوفه الحاضرون وقالوا له لا ينبغي لك التعرض له في ذلك المكان فإذا خرج فدونك إياه فانتظره بقصر شويكار فتباطأ الشيخ إلى قريب العصر وأشاروا عليه بالخروج من الباب القبلي وتفرقعنه الكثير من المجتمعين عليه فذهب إلى مقام الليث ابن سعد ثم سار من ناحية الجبل وذهبت بداياته وغلمانه إلى دار إسماعيل كاشف التي باتوا بها ولما سار إلى ناحية الصحراء لحقه الحاج سعودي الحناوي واقتفى أثره وبلغه رسالة السيد عمر ورجع إلى السيد عمر فوجد كتخدا بك ورجب آغا حضرا إلى السيد عمر يسألانه عنه ولم يكتفوا بالطلب الأول فأخبرهما أنه ذهب ولم تلحقه المراسيل فاغتاظوا وقالوا أنرسل إلى كاشف القليوبية بالقبض عليه أينما كان وانصرفوا ذاهبين وقصدت العساكر بيت إسماعيل كاشف أبو مناخير فقبضوا على الغلمان وأخذوهم إلى دورهم ولم ينج منهم إلا من كان بعيدًا وهرب وتغيب وتفرق أتباعه ذوو اللحى وأما الشيخ فسار من طريق الصحراء حتى وصل إلى بهتيم وذهب إلى نوب فعرف بمانه الشيخ عبد الله زقزوق البنهاوي الذي كان أغراه على الحضور إلى مصر ولما سقط في يده تبرأ عنه وذهب إلى كتخدا بك وطلب له أمانًا وأخبره أنه مختف بضريح الإمام الشافعي فأعطاه أمانًا وذهب إليه وأحضره من نوب فلما حضر عند الكتخدا قال له أرخ لحيتك واترك ما أنت عليه وأقم في بلدك وأعطيك طينًا تزرعه ولا تتعرض لأحد ولا أحد يتعرض لك والشيخ ساكت لا يتكلم وصحبته أربعة أنفار من تلاميذه هم الذين يخاطبون الكتخدا ويكلمونه ثم أمر أشخاصًا من العسكر فأخذوه وذهبوا به إلى بولاق وأنزلوه في مركب وانحدروا به ثم غابوا حصة وانقلبوا راجعين ثم بعد ذلك تبين أنهم قتلوه وألقوه في البحر إلا واحدًا من الأربعة ألقى بنفسه في البحر وسبح في الماء وطلع إلى البر وهرب وانفض أمره‏.‏
وفيه أرسل الباشا وهو بالرحمانية يطلب شيخ دسوق فحضر إليه طائفة من العسكر فلما أتوا إليه امتنع وقال ما يريد الباشا مني أخبروني بطلبه وأنا أدفعه إن كان غرامة أو كلفة فقالوا لا ندري وإنما أمرنا بإحضارك فشاغلهم بالطعام والقهوة ووزع بمائمه وحريمه والذي يخاف عليه وفي الوقت وصلت مراكب وبها عساكر وطلعوا إلى البر فركب شيخ البلد خيوله وخيالته واستعد لحربهم وحاربهم وأبلى معهم وقتل منهم عدة كبيرة ثم ولى هاربًا فدخل العسكر إلى البلد ونهبوها وأخذوا ما وجدوه في دور أهلها وعبروا مقام السيد الدسوقي وذبحوا من وجدوه من المجاورين وفيهم من طلبة العلم العواجز‏.‏
وفيه ركب كتخدا بك ومر على بيت الداودية وبه طائفة من الدلاة فرأى شخصًا منهم يرجم دجاجة بحجر ليرميها من سطح دار أخرى فانتهزه وأراد ضربه فقامت عليه رفقاؤه الدالاتية وفزعوا عليه فولى هاربًا منهم فعدوا خلفه ولم يزل رامحًا هو وأتباعه حتى وصل إلى ناحية الأزبكية‏.‏
واستهل شهر رجب بيوم الجمعة سنة 1222 هـ

في يوم الأثنين 4 شهر رجب سنة 1222 هـ- 7 سبتمبر 1807 م  رابعه وردت مكاتبات من الباشا بوقوع الصلح بينه وبين الإنكليز وأتفقوا على خروجهم من الإسكندرية وخلوها ونزولهم منها وأرسل يطلب الأسرى من الإنكليز‏.‏
وفي يوم الأحد 10 شهر رجب سنة 1222 هـ- 13 سبتمبر 1807 م ورد قابجي ويسمى نجيب أفندي فوصل إلى بولاق يوم الاثنين حادي عشره وكان وروده من ناحية دمياط فلما علم أن الباشا بناحية البحيرة ذهب إليه وقابله بدمنهور وبصحبته لخصوص الباشا قفطان وسيف وشلنج وخلع لكبار العسكر مثل حسن باشا طاهر وعابدين بك وعمر بك وصالح قوج فنزل ببيت محمد الطويل التتنجي ببولاق‏.‏ وفيه نزلوا بالأسرى من الإنكليز إلى المراكب ليسافروا إلى الإسكندرية‏.‏
وفي يوم الأربعاء 13 شهر رجب سنة 1222 هـ- 16 سبتمبر 1807 م وصل المبشر بنزول الإنكليز من ثغر الإسكندرية إلى المراكب ودخل إليها كتخدا بك ونزل بدار الشيخ المسيري واستمر الباشا مقيمًا عند السد‏.‏
وفي يوم السبت 16 شهر رجب سنة 1222 هـ- 19 سبتمبر 1807 م ركب القابجي من بولاق بالموكب وشق من وسط المدينة وذهب إلى بيت الباشا وضربوا لقدومه مجافع من القلعة‏.‏
وفي يوم الأربعاء 27 شهر رجب سنة 1222 هـ- 30 سبتمبر 1807 م ولد لمحمد علي باشا مولود من حظيته وحضر المبشرون بنزول الإنكليز من الإسكندرية ودخول الباشا بها فعملوا شنكًا وضربوا مدافع من القلعة ثلاثة أيام في الأوقات الخمسة آخرها السبت‏.‏
وفي يوم الخميس والجمعة والسبت 28 , 29 30 شهر رجب سنة 1222 هـ- 1 , 2, 3 أكتوبر1807 م وصلت عساكر كثيرة ودخلوا المدينة وطلبوا سكنى البيوت وأزعجوا الناس وأخرجوهم من أوطانهم وضجت الخلائق وحضر الكثير إلى السيد عمر طائفة من كبار العسكر وكلمهم في ذلك وقال لهم كل من كان ساكنًا قبل الخروج إلى العرضي في دار ليرجع إليها ويسكنها ولا تعارضوا الناس في مساكنهم فلم يفد كلامه في ذلك شيئًا لأن البيوت التي كانوا بها أخربوها وحرقوا أخشابها وتركوها كيمانًا وذلك دأبهم‏.‏
واستهل شهر شعبان بيوم السبت سنة 1222 هـ

في يوم الاثنين 3 شهر شعبان سنة 1222 هـ - 6 أكتوبر1807 م وصل الباشا إلى ساحل بولاق فضربوا لقدومه مدافع من القلعة وعملوا له شنكًا ثلاثة أيام واتفق أن الباشا في حال رجوعه من الإسكندرية نزل في سفينة صغيرة وصحبته حسن باشا طاهر وسليمان آغا الوكيل سابقًا فانقلبت بهم وأشرف ثلاثتهم على الغرق وتعلق بعضهم بحرف السفينة فلحقتهم مركب أخرى أنقذتهم من الغرق وطلعوا سالمين وكان ذلك عند زفيتة‏.‏
وفيه كتبوا أواق البشارة بذهاب الإنكليز وسفرهم من الإسكندرية وأرسلوها إلى البلاد والقرى وعليها حق الطريق أربعة آلاف وألفين فضة وصورة ما حصل أنه لما وصل الباشا إلى ناحية الإسكندرية راسل الإنكليز وحضر إليه أنفار منهم واختلى معهم ولم يعلم أحد ما دار بينهم من الكلام وذهبوا من عنده وأشيع الصلح وفرحت العساكر لأنهم لما رأوا صورة المتاريس والطوابي والخنادق وجري المياه بين ذلك بالأوضاع المتقنة هالهم ذلك ثم حضر من عظمائهم أشخاص ولما علم الباشا بوصولهم رتب العساكر ونظم ديوانًا وهيأه وأوقف العساكر صفوفًا يمنة ويسرة وعندما وصلوا ضربوا لهم مدافع كثيرة وشنكًا وقدم لهم خيولًا وهدايا وأقمشة هندية وخلع عليهم خلعًا وشيلانًا كشميرية وغير ذلك ثم ركب معهم في قلة إلى حيث منزلة ساري عسكرهم وكبيرهم فتلاقى معهم وقدم لهم الآخر هدايا وظرائف ثم ركب معه إلى الإسكندرية وتسلم القلعة وذلك بعد دخول كتخدا بك بخمسة أيام وكان في أسرى الإنكليز أنفار من عظمائهم فأحضرهم الباشا مع باقي الأسرى وتم الصلح على رد المذكورين على أنهم لم يأتوا طمعًا في البلاد كما تقدم ولما نزلوا بالمراكب لم يبعدوا عن الثغر إلا مسافة قليلة واستمروا يقطعون على المراكب الواردين على الثغور وذلك لما بينهم وبين العثماني من المفاقمة‏.‏
هذا ما كان من أمر الإنكليز وأما العساكر فإنهم أفحشوا في التعدي على الناس وغصب البيوت من أصحابها فتأتي الطائفة منهم إلى الدار المسكونة ويدخلونها من غير احتشام ولا إذن ويهجمون على سكن الحرم بحجة أنهم يتفرجون على أعالي الدار فتصرخ النساء ويجتمع أهل الخطة ويكلمونهم فلا يلتفتون إليهم فيعالجونهم مرة بالملاطفة وأخرى بكثر الجمع إن كان بهم قوة أو بمعونة ذي مقدرة وإذا انفصلوا فلا يخرجون من الدار إلا بمصلحة أو هدية لها قدر ويشترطون في ذلك الشيلان الكشميري فإذا أحضروا لهم مطلوبهم فلا يعجب كبيرهم ويطلب خلافه أحمر أو أصفر واتفق أن بعضهم دخل عليه بينباشا بجماعته فلم يزل به حتى صالحه على شال يأخذه ويترك له داره فأتاه بشال أصفر فأظهر أنه لا يريد إلا الأحمر الدودة فلم يسعه إلا الرضا وأراد أن يرد الأصفر ويأتيه بالأحمر فحجزه وقال دعه حتى تأتي بالأحمر ضمه إلى الأصفر وأخذ الاثنين ثم انصرف عنه وذلك خلاف ما يأخذونه من الدراهم فإذا انصرفوا وظن صاحب الدار أنهم انجلوا عنه فيأتيه بعد يومين أو ثلاثة خلافهم ويقع في ورطة أخرى مثل الأولى أو أخف أو أعظم منها وبعضهم يدخل الدار ويسكنها بالتحيل والملاطفة مع صاحب الدار فيقول له يا أخي يا حبيبي أنا معي ثلاثة أنفار وأربعة لا غير ونحن مسافرون بعد عشرة أيام والقصد أن تفسح لنا نقيم في محل الرجال وأنت بحريمك في مكانهم أعلى الدار فيظن صدقهم ويرضى بذلك على تخوف وكره فيعبرون ويجلسون كما قالوا في محل الرجال ويربطون خيولهم في الحوش ويعلقون أسلحتهم ويقولون نحن صرنا ضيوفك فإذا أراد أن يرفع فرش المكان يقولون نحن نجلس على المحصير والبلتط وأي شيء يصيب الفرش فيتركه حياء وقهرًا ثم يطلبون الطعام والشراب فما يسعه إلا أن يتكلف لهم ذلك في أوقاته ويستعملون الأواني ويطلبون ما يحتاجون إليه مثل الطشت والإبريق وغير ذلك ثم تأتيهم رفقاؤهم شيئًا فشيئًا ويدخلون ويخرجون وبأيديهم الأسلحة ويضيق عليهم المكان فيقولون لصاحب المكان أخل لنا محلًا آخر في الدار فوق لرفقاتنا فإن قال ليس عندنا محل آخر أو قصر في مطلوب ابتداؤه بالقسوة فعند ذلك يعلم صاحب الدار أنهم لا انفكاك لهم عن المكان وربما مضت العشرة أيام أو أقل أو أكثر وظهرت قبائحهم وقذروا المكان وأحرقوا البسط والحصر بما يتساقط عليها من الجمر من شربهم النارجيلات والتنباك والدخان وشربوا الشراب وعربدوا وصرخوا وصفقوا وغنوا بلغاتهم المختلفة وفقعت رائحة العرقي في المنزل فيضيق صدر الرجل وصدر أهل بيته ويطيب خاطرهم على الخروج والنقلة فيطلبون لأنفسهم مسكنًا ولو مشتركًا عند أقاربهم ومعارفهم وتخرج النساء في غفلة بثيابهن وما يمكنهن حمله ثم يشرعون في إخراج المتاع والأواني والنحاس والفرش فيحجزونه منهم ويقولون إذا أخذتم ذلك فعلى أي شيء نجلس وفي أي شيء نطبخ وليس معنا فرش ولا نحاس والذي كانمعنا استهلك منا في السفر والجهاد ودفع الكفار عنكم وأنتم مستريحون في بيوتكم وعند حريمكم فيقع النزاع وينفصل الأمر بينهم وبين صاحب الدار إما بترك الدار بما فيها أو بالمقاسمة والمصالحة بالترجي والوسايط ونحو ذلك وهذا الأمر يقع لأعيان الناس والمقيمين بالبلدة من الأمراء والأجناد المصريين وأتباعهم ونحوهم ثم أنهم تعدوا إلى الحارات والنواحي التي لم يتقدم لهم السكنى بها من قبل ذلك مثل نواحي المشهد الحسيني وخلف الجامع المؤيدي والخرنفش والجمالية حتى ضاقت المساكن بالناس لقلتها وصار بعض المحتشمين إذا سكن بجواره عسكر يرتحل من داره ولو كانت ملكه بعد أمن جوارهم وخوفًا من شرهم وتسلقهم على الدار لأنهم يصعدون على الأسطح والحيطان ويتطلعون على من بجوارهم ويرمون بالبندقيا والطبنجات ومما اتفق أن كبيرًا منهم دخل بطائفته إلى منزل بعض الفقهاء المعتبرين وأمره بالخروج منها ليسكن هو بها فأخبره أنه من مشايخ العلم فلم يلتفت لقوله فتركه ولبس عمامته وركب بغلته وحضر إلى إخوانه المشايخ واستغاث بهم فركب معه جماعنه منهم وذهبوا إلى الدار ودخلوا إليها راكبين بغالهم فعندما شاهدهم العسكر وهم واصلون في كبكبة أخذوا أسلحتهم وسحبوا عليهم السيوف فرجع البعض هاربًا وثبت الباقون ونزلوا عن بغالهم وخاطبوا كبيرهم وعرفوه أنها دار العالم الكبير وهذا لا يناسب وأن النصارى واليهود يكرمون قسسهم ورهبانهم وأنتم أولى لأنكم مسلمون فقالوا لهم في الجواب أنتم لستم بمسلمين لأنكم كنتم تتمنون تملك النصارى لبلادكم وتقولون أنهم خير منا ونحن مسلمون ومجاهدون طردنا النصارى وأخرجناهم من البلتد فنحن أحق بالدور منكم ونحو ذلك من القول الشنيع ثم لم يزالوا في معالجتهم إلى ثاني يوم ولم ينصرفوا عن الدار حتى دفعوا لهم مأتي قرش وشال كشمير لكبيرهم وفعل مثل ذلك بعدة بيوت دخلها على هذه الصورة وأخذ منها أكثر من ذلك ومنها دار إسماعيل أفندي صاحب العيار بالضربخانة وهو رجل معتبر أخذ منه خمسمائة قرش وشال كشمير وفعل مثل ذلك بغيرهم هو و أمثاله ولما أكثر الناس من التشكي للباشا وللكتخدا قال الكتخدا أناس قاتلوا وجاهدوا أشهرًا وأيامًا وقاسوا ما قاسوه في الحر والبرد والطل حتى طردوا عنكم وأجلوهم عن بلاد أفلا تسعونهم في السكنى ونحو ذلك من القول‏.‏
ولما انقضى هذا الأمر واستقر الباشا واطمأن خاطره وخلص له الإقليم المصري وثغر الإسكندرية الذي كان خارجًا عن حكمه حتى قبل مجيء الإنكليز فإن الإسكندرية كانت خارجة عن حكمه فلما حصل مجيء الإنكليز وخروجهم صار الثغر في حكمه أيضًا فأول ما بدأ به أن أبطل مسموح المشايخ والفقهاء معًا في البلاد التي التزموا بها لأنه لما ابتدع المغارم والشهريات والفرض التي فرضها على القرى ومظالم الكشوفية جعل ذلك عامًا على جميع الالتزامات والحصص التي بأيدي جميع لناس حتى أكابر العسكر وأصاغرهم ما عدا البلاد والحصص التي للمشايخ خارجة عن ذلك ولا يؤخذ منها نصف الفائظ ولا ثلثه ولا ربعه وكذلك من ينتسب لهم أو يحتمي فيهم ويأخذون الجعالات والهدايا من أصحابها ومن فلاحيهم تحت حمايتها ونظير صيانتها واغتروا بذلك واعتقدوا دوامه وأكثروا من شراء الحصص من أصحابها المنجلحين بدون القيمة وافتتنوا بالدنيا وهجروا مذاكرة المسائل ومدارسة العلم إلا بمقدار حفظ الناموس مع ترك العمل بالكلية وصار بيت أحدهم مثل بيت أحد الأمراء الألوف الأقدمين واتخذوا الخدم والمقدمين وأعوان وأجروا الحبس والتعزيز والضرب بالفلقة والكرابيج المعروفة بزب الفيل واستخدموا كتبة الأقباط وقطاع الجرائم في الإرساليات للبلاد وقدروا حق طرق لأتباعهم وصارت لهم استعجالات وتحذيرات وإنذارات عن تأخر المطلوب مع عدم سماع شكاوى الفلاحين ومخاصمتهم القديمة مع بعضهم بموجبات التحاسد والكراهية المجبولة والمركوزة في طباعهم الخبيثة وانقلب الوضع فيهم بضده وصار ديدنهم واجتماعهم ذكر الأمور الدنيوية والحصص والالتزام وحساب الميري والفائظ والمضاف والرماية والمرافعات والمراسلات والتشكي والتنجي مع الأقباط واستدعاء عظمائهم في جمعياتهم وولائنهم والاعتناء بشأنهم والتفاخر بتردادهم والتردد عليهم والمهاداة فيما بينهم إلى غير ذلك مما يطول شرحه وأوقع مع ذلك زيادة عما هو بينهم من التنافر والتحاسد والتحاقد على الرياسة والتفاقم والتكالب على سفاسف الأمور وحظوظ الأنفس على الأشياء الواهية مع ما جلبوا عليه من الشح والشكوى والاستجداء وفراغ الأعين والتطلع للأكل في ولائم الأغنياء والقراء والمعاتبة عليها إن لم يدعوا إليها والتعريض بالطلب وإظهار الاحتياج لكثرة العيال والأتباع واتساع الدائرة وارتكابهم الأمور المخلة بالمروءة المسقطة للعدالة كالاجتماع في سماع الملاهي والأغاني والقيان والآلات المطربة وإعطاء الجوائز والنقوط بمناداة الخلبوص وقوله واعلاماه في السامر وهو يقول في سامر الجمع بمسمع من النساء والرجال من عوام الناس وخواصهم برفع الصوت الذي يسمعه القاضي والداني وهو يخاطب رئيسة المغاني يا ستي حضرة شيخ الإسلام والمسلمين مفيد الطالبين الشيخ العلامة فلان منه كذا وكذا من التصفيات الذهب قدر مسماه كثير وجرمه قليل نتيجته التفاخر الكذب والازدراء بمقام العلم بين العوام وأوباش الناس الذين اقتدوا بهم في فعل المحرمات الواجب عليهم النهي عنها كل ذلك من غير احتشام ولا مبالاة مع التضاحك والقهقهة المسموعة من البعد في كل مجمع ومواظبتهم على الهزليات والمضحكات وألفاظ الكتابة المعبر عنها عند أولاد البلد بالأنقاط والتنافس في الأحداث إلى غير ذلك‏.‏
وفيه فتحوا الطلب من الملتزمين ببواقي الميري على أربع سنوات ماضية‏.‏
وفي 10 شهر شعبان سنة 1222 هـ - 14 أكتوبر1807 م  فتحوا أيضًا دفاتر الطلب بميري السنة القابلة ووجهوا الطلب بها إلى العسكر فدهى الناس بدواه متوالية منها خراب القرى بتوالي المظالم والمغارم والكلف وحق الطرق والاستعجالات والتساويف والبشارات فكان أهل القرية النازل بها ذلك ينتقلون إلى القرية المحمية لشيخ من الأشياخ وقد بطلت الحماية أيضًا حينئذ ثم أنزلوا بالبنادر مغارم عظيمة لها قدر من الأكياس الكثيرة وذلك عقب فرصة البشارة مثل دمياط ورشيد والمحلة والمنصورة مائة كيس وفي أثناء ذلك قرروا أيضًا فرضة غلال وسمن وشعير وفول على البلاد والقرى وإن لم يجد المعينون للطلب شيئًا من الدراهم عند الفلاحين أخذوا مواشيهم وأبقارهم لتأتي أربابها ويدفعوا ما تقرر عليهم ويأخذوها ويتركونها بالجوع والعطش فعند ذلك يبيعونها على الجزارين ويرمونها عليهم قهرًا بأقصى القيمة ويلزمونهم بإحضار الثمن فإن تراخوا وعجزوا شددوا عليهم بالحبس والضرب‏.‏ وفي
ج3/102

 

This site was last updated 03/02/09