Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

 ا

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
ظهور محمد على
New Page 1794
New Page 1795
New Page 1796
New Page 1464
New Page 1459
New Page 1460
New Page 1461
New Page 1462
New Page 1463
New Page 1802
New Page 1801
New Page 1803
New Page 1804
New Page 1805
New Page 1806
New Page 1807
New Page 1808
New Page 1809
New Page 1810
New Page 1811
New Page 1812
New Page 1813
New Page 1814
New Page 1815
محمد على والأقباط
زوجات وجوارى محمد على
محمد على والدولة الحديثة
قصر محمد على بالسويس
محمد على وتحديث مصر
سرقة مقبرة محمد على
Untitled 1918
Untitled 1919
Untitled 1920
مشاهير اللأقباط وقديسهم ومحمد على

Hit Counter

 

ثاني يوم وهو يوم الأربعاء 22 ذي الحجة سنة 1228 هـ - 16 ديسمبر 1813 م
أحضروا أيضًا يوسف كاشف دياب وقتلوه أيضًا عند باب زويلة وانقضى أمرهم والله أعلم بحقيقة الحال وفتح أهل الأسواق حوانيتهم بعد ما تخيل الناس بأنها ستكون فتنة عظيمة وان العسكر ينهبون المدينة وخصوصًا الكائنون بالعرضي خارج باب النصر فإنهم جياع وبردانون وغالبهم مفلس لأن معظمهم من الجدد الواردين الذين لم يحصل لهم كسب من نهب أو حادث واقع أدركوه ولولا أنهم أوقفوا عساكر عند الأبواب منعتهم من العبور لحصل منهم غاية الضرر‏.‏
حوادث هذه السنة
وانقضت السنة وحوادثها التي ربما استمرت إلى ما شاء الله بدوامها وانقضائها فمنها أن الباشا لما فرغ من أمر الجهة القبلية بعدما ولى ابنه إبراهيم باشا عليها وحرر أراضي الصعيد وقاس جملة أراضيه وفدنه وضبطه بأجمعه ولم يترك منه إلا ما قل وضبط لديوانه جميع الأراضي الميرية والإقطاعات التي كانت للملتزمين من الأمراء والهوارة وذوي البيوت القديمة والرزق الأحباسية والسراوي والمتأخرات والمرصد على الأهالي والخيرات وعلى البر والصدقة وغير ذلك مثل مصارف الولاية التي رتبها أهلي الخير المتقدمون لأربابها رغبة منهم في الخير وتوسعة على الفقراء المحتاجين وذوي البيوت والدواوير المفتوحة المعدة إطعام الطعام للضيفان والواردين والقاصدين وأبناء السبيل والمسافرين فمن ذلك أن بناحية سهاج دار الشيخ عارف وهو رجل مشهور كأسلافه ومعتقد بتلك الناحية وغيرها ومنزله محط الرجال الوافدين والقاصدين من الأكابر والأصاغر والفقراء والمحتاجين فيقرى الكل بما يليق بهم ويرتب لهم التراتيب والاحتياجات وعند انصرافهم بعد قضاء أشغالهم يزودوهم ويهاديهم بالغلال والسمن والعسل والتمر والأغنام وهذا دأبه ودأب أسلافه من قبله على الدوام والاستمرار ورزقته المرصدة التي يزرعها وينفق منها ستمائة فدان فضبطوها ولم يسمحوا له منها إلا بمائة فدان بعد التوسط والترجي والتشفع وأمثال ذلك بجرجا وأسيوط ومنفلوط وفرشوط وغيرها وإذا قال المتشفع والمترجي للمتآمر ينبغي مراعاة مثل هذا ومسامحته لأنه يطعم الطعام وتنزل بداره الضيفان فيقول ومن كلفه بذلك فيقال له وكيف تفعل إذا نزلت به الضيوف على حسب ما اعتادوه فيقول يشترون ما يأكلون بدارهم من أكياسهم أو يغلقون أبوابهم ويستقلون بأنفسهم وعيالهم ويقتصدون في معايشهم فيعتادون ذلك وهذا الذي يفعلونه تبذير وإسراف ونحو ذلك على حسب حالهم وشأنهم في بلادهم ويقول الديوان أحق بهذا فإن عليه مصاريف ونفقات ومهمات ومحاربات الأعداء وخصوصًا افتتاح بلاد الحجاز ولما حضر إبراهيم باشا إلى مصر وكان أبوه على أهبة السفر إلى الحجاز حضر الكثير من أهالي الصعيد يشكون ما نزل بهم ويستغيثون ويتشفعون بوجهاء المشايخ وغيرهم فإذا خوطب الباشا في شيء من ذلك يعتذر بأنه مشغول البال واهتمامه بالسفر وأنه أناط أمر الجهة القبلية وأحكامها وتعلقاتها بابنه إبراهيم باشا وأن الدولة قلدته ولاية الصعيد فأنا لا علاقة لي بذلك وإذا خوطب ابنه أجابهم بعد المحاججة بما تقدم ذكره ونحو ذلك وإذا قيل له هذا على مسجد فيقول كشفت على المساجد فوجدتها خرابًا والنظار عليها يأكلون الإيراد والخزينة أولى منهم ويكفيهم أني أسامحهم فيما أكلوه في السنين الماضية والذي وجدته عامرًا أطلقت له ما يكفيه وزيادة وأني وجدت لبعض المساجد أطيانًا واسعة وهي خراب ومعطلة والمسجد يكفيه مؤذن واحد وأجرته نصفان وأمام مثل ذلك وأما فرشه وأسراجه فإني أرتب له راتبًا من الديوان في كل سنة فإذا تكرر عليه الرجاء أحال الأمر على أبيه ولا يمكن العود إليه لحركاته وتنقلاته وكثرة أشغاله وزوغانه ولما زاد الحال بكثرة المتشكين والواردين وبرز الباشا للسفر بل وسافر بالفعل فلم يمكث بعده ابنه إلا أيامًا قليلة يبيت بالجيزة نيلة وعند أخيه ببولاق ليلة أخرى ثم سافر راجعًا إلى الصعيد يتمم ما بقي عليه لأهله من العذاب الشديد فإنه فعل بهم فعل التتار عندما جالوا بالأقطار وأذل أعزة أهله وأساء أسوأ لسوء معهم في فعله فيسلب نعمهم وأموالهم ويأخذ أبقارهم وأغنامهم ويحاسبهم على ما كان في تصرفهم واستهلكوه أو يحتج عليهم بذنب لم يقترفوه ثم يفرض عليهم المغارم الهائلة والمقادير من الأموال التي ليست أيديهم إليها طائلة ويلزمهم بتحصيلها وغلاقها وتعجيلها فتعجز أيديهم عن الإتمام فعند ذلك يجري عليهم أنواع الآلام من الضرب والتعليق والكي بالنار والتحريق فإنه بلغني والعهدة على الناقل أنه ربط الرجل ممدودًا على خشبة طويلة وأمسك بطرفيها الرجال وجعلوا يقلبونه على النار المضرمة مثل الكباب وليس ذلك ببعيد على شاب جاهل سنه دون العشرين وحضر من بلده ولم ير غير ما هو فيه لم يؤدبه مؤدب ولا يعرف شريعة ولا مأمورات ولا منهيات وسمعت أن قائلًا قال له وحق من أعطاك قال ومن هو الذي أعطاني قال له ربك قال له إنه لم يعطني شيئًا والذي أعطاني أبي فلو كان الذي قلت فإنه كان يعطيني وأن ببلدي وقد جئت وعلى رأسي قبع مزفت مثل المقلاة فلهذا لم تبلغه دعوى ولم يتخلق إلا بأخلاق التي دربه عليها والده وهي تحصيل المال بأي وجه كان فأنزل بأهل الصعيد الذل والهوان فلقد كان به من المقادم والهوارة كل شهم يستحي الرئيس من مكالمته والنظر إليه بالملابس الفاخرة والأكراك السمور والخيول المسومة والأنعام والأتباع والجند والعبيد والأكمام الواسعة والمضايف والأنعامات والإغداقات والتصدقات وخصوصًا أكابرهم المشهورون وهمام وما أدراك ما همام وقد تقدم في ترجمته ما يغني عن الإعادة فخربت دور الجميع وتشتتوا وماتوا غرباء ومن عسر عليه مفارقة وطنه جرى عليه ما جرى على غيره وصار في عداد المزارعين وقد رأيت بعض بني همام وقد حضروا إلى مصر ليعرضوا حالهم على الباشا لعله يرفق بهم ويسامحهم في بعض ما ضبطه ابنه من تعلقاتهم يتعيشون به وهم أولاد عبد الكريم وشاهين ولدى همام الكبير ومعهم حريمهم وجواريهم وزوجة عبد الكريم ويقولون لها الست الكبيرة وهي أم أولاده فلما وصلوا إلى ساحل مصر القديمة ورأى أرباب ديوان المكس الجواري وعدتهن ثلاثة حجزوهن وطالبوهم بكمركهن فقالوا هؤلاء جوارنا للخدمة وليسوا مجلوبين للبيع فلم يعبئوا بذلك وقبضوا منهم ما قبضوه ثم أنهم لم يتمكنوا من الباشا وكان إذ ذاك قد توجه إلى الفيوم وعاد إلى العرضي مسافرًا إلى الحجاز فاستمروا بمصر حتى نفذت نفقاتهم ورأيتهم مرة مارين بالشارع وهم مخلقنون وفيهم صغير مراهق واتفق أنهم تفاقموا مع ابن عمهم وهو عمر وشكوه إلى مصطفى بك دالي باشا بأنه حاف عليهم في أشياء من استحقاقهم دعوى مفلس على مفلس فأحضره وحبسه مدة وما أدرى ما حصل لهم بعد ذلك وهكذا‏.‏
ثم دخلت سنة 1229 استهل المحرم بيوم الجمعة فيه في ليلة الجمعة ثامنه وردت مكاتبات من الديار الحجازية وفيها الأخبار بأن الباشا قبض على الشريف غالب أمير مكة وقبض على أولاده الثلاثة وأربعة عبيد طواشية من عبيده وأرسلهم إلى جدة وأنزلهم في مركب من مراكبه وهي واصله بهم والذي وصل في مركب صغير تسمى السبحان سبقتهم في الحضور إلى السويس وأخبروا أيضًا في المكاتبة أنه لما قبض عليهم أحضر يحيى ابن الشريف سرور وقلده الأمارة عوضًا عن عمه غالب وقبضوا أيضًا على وزيره الذي بجدة وأصحبوه معهم وقلد مكانه في الكمارك شخصًا من الأتراك يسمى علي الوجاقلي فلما وصل الهجان بهذه المكاتبة إلى السيد محمد المحروقي ليلًا ركب من وقته إلى كتخدا بك في بيته وأطلعه على المكاتبات فلما طلع النهار نهار يوم الجمعة ضربوا عدة مدافع من القلعة إعلامًا وسرورًا بذلك‏.‏

وفيه احتفل كتخدا بك بعمل مهم أيضًا لزواج إسمعيل باشا ابن محمد علي باشا ومحمد بك الدفتردار على ابنة الباشا وإسماعيل باشا على ابنة عارف بم ابن خليل باشا التي أحضرها صحبته من إسلامبول وقد ذكر العقد عليهما في ليلة السابع والعشرين من شهر رمضان من السنة الماضية قبل توجه الباشا إلى الحجاز فألزم كتخدا بك السيد محمد المحروقي بتنظيم الفرح والاحتياجات واللوازم واتفقوا على ان يكون نصبة الفرح ببركة الأزبكية تجاه بيت حريم الباشا وطاهر باشا تعمل الولائم واجتماع المدعوين ببيت طاهر باشا والمطبخ بخرائب بيت الصابونجي وأرسلوا أوراق التنابيه للمدعوين على طبقات الناس بالترتيب ونصبوا بوسط البركة عدة صواري لأجل الوقدات والقناديل التي تعمل عليها التصاوير من القناديل فترى من البعد صورة مركب أو سبعين متقابلين أو شجرة أو محمل على جمل أو كتابة مثل ما شاء الله ونحو ذلك وصفوا بوسط البركة عدة مدافع صفين متقابلين ونصب بهلوان الحبل حبله أوله من تجاه بيت الباشا وآخره برأس المنارة التي جهة حارة الفوالة خلف رصيف الخشاب حيث الأبنية المتخربة في الحوادث الماضية بالقرب من القشلة وعمارات محمد باشا خسرو التي لم تكمل وبهلوان آخر شامي بالناحية الأخرى وانتقل السيد محمد المحروقي من داره إلى بيت الشرايبي تجاه جامع أزبك لأجل مباشرة المهمات فلما أصبح يوم السبت وهو يوم الابتداء ودعوة الأشياخ رتبوهم فرقتين فرقة تأني ضحوة النهار وأخرى بعد العصر واجتمع بالأزبكية أصناف أرباب الملاعيب والمغزلكين والجنباذية والحببظية والحواة والقرداتية والرقاصين والبرامكة وغير ذلك أصناف وأشكال فاحتفلت وأقبل من كل ناحية أصناف الناس رجال ونساء وأقارب وأباعد وأكابر وأصاغر وعساكر وفلاحون ويهود ونصارى وأروام لأجل التفرج حتى ازدحمت الطرق الموصلة إلى الأزبكية من جميع النواحي بأصناف الناس الذاهبين والراجعين والمترددين واستمر ضرب المدفع من ليلة السبت المذكور إلى ليلة الجمعة التالية الأخرى ليلًا ونهارًا والحرائق والنفوط والسواريخ في الليل ولعبت أرباب الملاعيب والبهلوانات على الحبال وكذلك احتفل النصارى وعملوا وقدات وحراقات تجاه حاراتهم ومساكنهم وصادف ذلك عيد الميلاد وعملوا لهم مراجيح وملاعيب‏.‏
وفي أثناء ذلك وقع التنبيه على أصحاب الحرف والصنائع بعمل عربات مشكلة وممثلة بحرفتهم وصنائعهم ليمشوا بها في زفة العروس فاعتنى أهل كل حرفة وصناعة بتنميق وتزيين شكله وتباهوا وتناظروا وتفاخروا على بعضهم البعض فكان كل من سولت له نفسه وحدثه الشيطان بأحدث شيء فعله وذهب إلى المتعين لذلك فيعطيه ورقة لأن ذلك لم يكن لأناس مخصوصة أو عدد مقدر بل بتحكماتهم وإلزام بعضهم البعض فيفرض رئيس الحرفة على أشخاص أهلها فرائض ودراهم يجمعها منهم وينفقها على العربة وما يلزمها من أخشاب وحبال وحمير أو خيل أو رجال يسحبونها وما يكتريه أو يستعيره لزينتها من المزركشات والمقصبات والطليعات وأدوات الصنعة التي تتميز بها عن غيرها فتصير في الشكل كأنها حانوت والبائع جالس فيها كالحلواني وأمامه الأواني فيها أنواع الحلو والسكري وحوله أواني الملبس وأقماع السكر معلقة حوله والشربات والشربتلي والعطار والحريري والعقاد البلدي والرومي والزيات والحداد والنجار والخياط والقزاز والحباك والنشار وهو ينشر الخشب بمنشاره المعلق والطحان والفران وعه الفرن وهو يخبز فيه والفطاطري والجزار وحوله لحم الغنم ومثله جزار الجاموس والكبابجي والنيفاوي وقلاء الجبن والسمك والجيارين والجباسين بالبحر والثور يدور به وهو ماش بالعربة والبناء والمبلط والمبيض النحاس وللبناء والسمكري تتمته إحدى وتسعون عربة وفيهم حتى المراكبي في قنجة كبيرة كامل العدة والقلوع تمشي على الأرض على العجل خلاف أربع عربات المختصة بالعروس فلما كان يوم الأربعاء سحبوا تلك العربات وانجروا بمواكبهم وطبولهم وزمورهم وأمام كل عربة أهل حرفتها وصناعتها مشاة خلف الطبول والزمور وهم مزينون بالملابس وملابسهم الفاخرة وأكثرها مستعارة فكانوا ينزلون إلى البركة من ناحية باب الهواء ويمون من تحت بيت الباشا إلى ناحية رصيف الخشاب ويأتي كبير الحرفة بورقته إلى المتعين لملاقاتهم فينعم عليه بخلعة ودراهم فيعطي البعض شال كشميري وألفين فضة والبعض طاقة تفصيلة قطني أو أربعة أذرع جوخ على قدر مقام الصنعة وأهلها واستمر مرورهم من أول النهار إلى بعد الغروب واصطفوا بأسرهم عند رصيف الخشاب ولما أصبح يوم الخميس رتبوا مرور الزفة وعيت لترتيبها أشخاصًا ومنهم السيد محمد درب الشمسي وهو كبير المنظمين وكان خروجها من بيت الحريم وهو الذي كان سكن الشيخ خليل البكري وذهبوا وانجروا على طريق الموسكي على تحت الربع إلى باب زويلة إلى الغورية إلى بين القصرين إلى سوق مرجوش إلى باب الحديد إلى بولاق إلى سراية إسمعيل باشا التي جددوها قبلي بولاق قريبًا من الشون فلم تصل إلى منزلها إلا عند الغروب وكان في أول الزفة طائفة من العسكر الدلاة ثم والي الشرطة ثم المحتسب ثم موكب أغات الينكجرية وبعدهم المساخر والنقاقير وعدتها عشرة نقاقير وعلى كل نقارة تفصيلة ثم العربات المذكورة وفيها أيضًا تجار الغورية وطائفة تجار خان الخليلي في موكب حفل وتجار الحمزاوي من نصارى الشوام وغيرهم وكان يومًا مشهودًا اجتمعت فيه الخلائق للفرجة في طرقها حتى طريق بولاق واكترى الناس الأماكن المطلة على الشارع والحوانيت بأغلى الأثمان ولما وصلت العروس إلى قصرها ضربوا عدة مدافع من بولاق والأزبكية والجيزة وكان العزم على المهم الثاني والابتداء فيه من يوم السبت الذي بعد الجمعة فرسموا بتأخيره إلى الجمعة الأخرى لتأخر أم العريس ومن يصحبها من النساء وأقمن ببولاق تلك الجمعة واستمرت قصبة الصواري والحبال والآلات على حالها بالأزبكية‏.‏
وفي يوم الأحد 17 شهر المحرم 1229 هـ - 31 ديسمبر 1813 م  وصل السيد غالب شريف مكة إلى مصر القديمة وقد أتت به السفينة من القلزم إلى مرساة ثغر القصير فتلقاه إبراهيم باشا وحضر صحبته إلى قنا وقوص ثم ركب النيل بمن معه من أولاده وعبيده والعسكر الواصلين صحبته وحضر إلى مصر القديمة فلما وصل الخبر إلى الكتخدا بك ضربوا عدة مدافع من القلعة إعلامًا بوصوله وإكرامًا على حد قوله تعالى ذق إنك أنت العزيز الكريم ركب صالح بك السلحدار وأحمد آغا أخو كتخدا بك في طائفة لملاقاته وإحضاره وهيئوا له مكانًا بمنزل أحمد آغا أخي كتخدا بك بعطفة ابن عبد الله بك بخط السروجية لينزل فيه وانتظره الكتخدا هناك وصحبته بونابارته الخازندار ومحمود بك ومحو بك وإبراهيم أغا أغات الباب والسيد محمد المحروقي فلما وصل إلى الدار نزل الكتخدا والجماعة ولاقوه عند سلم الركوبة وقبلوا يده ولزم الكتخدا بيده تحت إبطه حتى صعد إلى محل الجلوس الذي أعدوه له واستمر الكتخدا قائمًا على قدميه حتى أذن له في الجلوس هو وباقي الجماعة وعرفه الكتخدا عن السيد محمد المحروقي فتقدم وقبل يده فقام له وسلم عليه وجلس بحذاء الكتخدا ليترجم عنه في الكلام ويؤانسوه ويطمنوا خاطره ثم أن الكتخدا اعتذر له باشتغاله بأحوال الدولة واستأذنه في الذهاب إلى ديوانه وعرفه أن أخاه ينوب عنه في الخدمة ولوازمه فقبل عذره وقام منصرفًا هو وباقي الجماعة ما عدا السيد محمد المحروقي ومحمود بك فإن الكتخدا أمرهما بالتخلف عنده ساعة فجلسا معه وتغديا صحبته ومعه أولاده الثلاثة وعبيده ثم انصرفا إلى منزلهما ولم يأذن الكتخدا لأحد من الأشياخ أو غيرهم من التجار بالسلام عليه والاجتماع به والذي بلغنا في كيفية القبض عليه أنه لما ذهب الباشا إلى مكة واستمر هو وابنه طوسون باشا مع الشريف غالب على المصادقة والمسالمة والمصافاة وجدد معه العهود والإيمان في جوف الكعبة بأن لا يخون أحد صاحبه وكان الباشا يذهب إليه في قلة وهو الآخر يأتي إليه وإلى ابنه واستمروا على ذلك خمسة عشر يومًا من ذي القعدة دعاه طوسون باشا إليه فأتى إليه كعادته في قلة فوجد بالدار عساكر كثيرة فعندما استقر به المجلس وصل عابدين بك في عدة وافرة وطلع إلى المجلس فدنا منه وأخذ الجنبية من حزامه وقال له أنت مطلوب للدولة فقال سمعًا وطاعة ولكن حتى أقضي أشغالي في ظرف ثلاثة أيام وأتوجه فقال لا سبيل إلى ذلك والسفينة حاضرة في انتظارك فحصل في جماعة الشريف وعبيده رجة وصعدوا على أبراج سرايته وأرادوا الحرب فأرسل إليهم الباشا يقول لهم عن وقع منكم حرب أحرقت البلدة وقتلت أستاذكم وأرسل لهم أيضًا الشريف يكفهم عن ذلك وكان بها أولاده الثلاثة فحضر إليهم الشيخ أحمد تركي وهو من خواص الشريف وخدمهم وقال لهم لم يكن هناك بأس وإنما والدكم مطلوب في مشاورة مع الدولة ويعود بالسلامة وحضرة الباشا يريد أن يقلد كبيركم نيابة عن أبيه إلى حين رجوعه ولم يزل حتى انخدع كبيرهم إلى كلامه وقاموا معه فذهب بهم إلى محل خلاف الذي به والدهم محتفظًا بهم وفي الوقت أحضر الباشا الشريف يحيى بن سرور وهو ابن أخي الشريف غالب وخلع عليه وقلده أمارة مكة ونودي في البلدة باسمه وعزل الشريف غالبًا حسب الأوامر السلطانية واستمر الشريف غالب أربعة أيام عند طوسون باشا ثم أركبوه وأصحبوا معه عدة من العسكر وذهبوا به وبأولاده إلى بندر جدة وأنزلوهم السفينة وساروا بها إلى ناحية القصير من صعيد مصر وحضر كما ذكر‏.‏
وفي يوم الأربعاء 20 شهر المحرم 1229 هـ - 12 يناير 1814 م وصل قاصد من الديار الرومية وعلى يده مثالان فعمل كتخدا بك ديوانًا في صبحية يوم الخميس حادي عشرينه وقرئ ذلك وهما مثالان يتضمن أحدهما التقرير لمحمد علي باشا على ولاية مصر على السنة الجديدة والثاني الأخبار والبشارة باستيلاء العثمانيين على بلاد الصرب ولما فرغوا من قراءتهما ضربوا عدة مدافع من القلعة وفي عصرية ذلك اليوم حضر حريم الباشا من بولاق إلى الأزبكية في عربات فضربوا لحضورهن مدافع من الأزبكية وشرعوا في عمل المهم الثاني لابنة الباشا علي الدفتردار وافتتحوا ذلك من ليلة السبت على النسق المتقدم وعملوا العزائم والولائم واحتفلوا زيد من المهم الأول وأحضروا الشريف غالبًا وأعدوا له مكانًا بيت الشرايبي على حدته هو وأولاده ليتفرجوا على الملاعيب والبهلوانات نهارًا والشنك والحراقات ليلًا وعلى الشريف وأولاده الحرس ولا يجتمع بهم أحد على الوجه والصورة التي كانوا عليها بالمنزل الذي أنزلوا فيه فلما كان يوم الأربعاء اجتمع أرباب العربات وأصحابها وقد زادوا عن الأولى خمسة عشر عربة وفيهم معمل الزجاج وباتوا بنواحي البركة على النسق المتقدم ونصبوا لهم خيامًا تقيهم من البرد والمطر لأن الوقت شات ولما أصبح يوم الخميس انجرت العربات وموكب الزفة من ناحية باب الهواء على قنطرة الموسكي على باب الخرق على درب الجماميز وعطفوا من الصليبة على المظفر على السروجية على قصبة رضوان بك على باب زويلة على شارع الغورية على الجمالية على سوق مرجوش على بين السورين على الأزبكية على باب الهواء إلى المنزل الذي أعدوه لها وهو بيت ابن إسمعيل بك وهي بنت إبراهيم بك وكانت متزوجة بإسمعيل بك ولما مات تزوج بها مملوكه محمد أغا ويعرف بالألفي وقد تولى أغاوية مستحفظان في هذه الدولة واعتنى بهذا الدار وعمر بها مكانين بداخل الحريم وزخرفها ونقشها نقشًا بديعًا صناعة صناع العجم واستمروا في نقشها سنتين ولما ماتت المذكورة في أوائل هذه السنة واستمر هو ساكنًا فيها وأنزل الباشا عنده القاضي المنفصل عن قضاء مصر المعروف ببهجة أفندي وقاضي مكة صادق أفندي حين حضر من إسلامبول ثم أمره الباشا بالخروج منها وإخلائها لأجل أن يسكن ابنته هذه المزفوفة فخرج منها في أوائل شوال وكذلك سافر القاضيان إلى الحجاز بصحبة الباشا وعند ذلك بيضوها وزادوا في زخرفتها وفرشوها بأنواع الفرش الفاخرة ونقلوا إليها جهاز العروس والصناديق وما قدم إليها من الهدايا والأمتعة والجواهر والتحف من الأعيان وحريماتهم حتى من نساء الأمراء المصريين المنكوبين وقد تكلفوا فوق طاقتهم وباعوا واستدانوا وغرموا في النقوط والتقادم والهدايا في هذين المهمين ما أصبحوا به مجردين ومديونين وكان إذا قدمت إحدى المشهورات منهن هديتها عرضوها على أم العروسين التي هي زوجة الباشا فقلبت ما فيها من المصاغ المجوهر والمقصبات وغيرها فإن أعجبتها تركتها وإلا أمرت بردها قائلة هذا مقام فلانة التي كانت بنت أمير مصر أو زوجته فتتكلف المسكينة للزيادة ونحو ذلك مع ما يلحقها من كسر الخاطر وانكساف البال ثم أدخلوا العروس إلى تلك الدار عندما وصلت بالزفة‏.‏
ومما حصل أنه قبل مرور موكب الزفة بيومين طاف أصحاب الشرطة ومعهم رجال وبأيديهم مقياس فكلما مروا بناحية أو طريق يضيق عن القياس هدموا ما عارضهم من مساطب الدكاكين أو غيرها من الجهتين لاتساع الطريق لمرور العربات والملاعيب وغيرها فأتلفوا كثيرًا من الأبنية ونودي في يوم الأربعاء بزينة الحوانيت والطرق التي تمر عليها الزفة بالعروس ومما حصل من الحوادث السماوية أن في يوم الخميس المذكور عندما توسطت الزفة في مرورها بوسط المدينة أطبق الجو بالغيام وأمطرت السماء مطرًا غزيرًا حتى تبخرت الطرق وتوحلت الأرض وابتلت الخلائق من النساء والرجال المجتمعين للفرجة وخصوصًا الكائنين بالسقائف وفوق الحوانيت والمساطب وأما المتعينون للمشي في الموكب ولا بد الذين لا مفر لهم من ذلك ولا مهرب فاختل نظامهم وابتلت ثيابهم وتكدرت طباعهم وانتقضت أوضاعهم وزادت وساوسهم وتلفت ملابسهم وهطل الغيث على الإبريسم والحرير والشالات الكرخانة والسليمي والكشمير وما زينت به العربات من أنواع المزركش والمقصبات ونفذت على من بداخلها من القيان والأغاني الحسان وكثير من الناس وقع بعدها تزحلق وصار نوبه بالوحل أبلق ومنهم من ترك الزفة وولى هاربًا في عطفه يمسح يديه في الحيط بما تلطخ بها من الرطريط وتعارجت الحمير وتعثرت البياجير وانهدم تنور الزجاج ولم ينفع به العلاج وتلف للناس شيء كثير ولا يدفع قضاء الله حيلة ولا تدبير ولم تصل العروس إلى دارها إلا قبيل دنو الشمس من غروبها وعند ذلك انجلى الجو وانكشفت بيوت النو ووافق ذلك اليوم ثالث عشر طوبه من شهور القبط المحسوبة وحصل بذلك الغيث العميم النفع لمزارع الغلة والبرسيم‏.‏
وفيه وردت مكاتبات من العقبة فيها الأخبار بوصول قافلة الحج صحبة المحمل وأميرها مصطفى بك دالي باشا‏.‏
وفي يوم الجمعة 29 شهر المحرم 1229 هـ - 21 يناير 1814 م وصل كثير من الحجاج الأتراك وغيرهم وردوا في البحر إلى بندر السويس ووصل تابع قهوجي باشا وأخبر عنه أنه فارق مخدومه من العقبة ونزل في مركب مع أم عابدين بك وحضر إلى السويس‏.‏ واستهل
ج3/118

This site was last updated 03/02/09