Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

 مصر وإرهاصات الدولة الفاشلة

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس ستجد تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
مرسى وعملية بالمخ
الإخوان والرئيس محمد مرسى
مرسى وحسابات الرئآسة السرية
الهلوسة الدينية ورئيس الوزراء
مرسى والإرهابى عمر عبد الرجمن
قرارجمهورى بعودة مجلس الشعب
مرسى والبنا والسعودية
الرئيس مرسى يؤدى عمرة
الإخوان يسرقون قصر الغزالى
تشكيل أول حكومة
الإخوان والسيطرة على الإعلام
مرسى يصلى وجميعهم يصلون
مرسى يفرج عن القتلة
قطر تشترى مصر
إحالة المشير وعنان للتقاعد
يشعل النار فى نفسه
الإخوان والحشد المضاد
ميليشيات الإخوان تقتل بحماية الحكم
الإتحادية قصر الرآسة
عائلة الرئيس محمد مرسى
رئيس مصر وجاسوس لأمريكا
أعلام القاعدة حول السفارة الأميريكة
بيع أراضى سيناء لحماس
الرئيس والإعلامى عكاشة
القسم على المصحف والله الغظيم
يلبسون مرشد ألإخوان الجزمة
حقيقة الحالة الصحية لمرسى
فبركة إغتيال مرسى
الإعلام الحكومى ينشر فكر الإخوان
حق اليهود المصريين الضائع
تزوير الإنتخابات الرئاسية
مرسى والإعلان الدستورى
مظاهرات شعبية ضد الإعلان الدستورى
المسودة النهائية للدستور المسلوق
ليست دولة
بلطجى كان سيصبح رئيسا لمصر
تزوير الإستفتاء على الدستور
مرسى يعين لمجلس الشورى
محاكمة حارس الشاطر
القضاة ومحاولة إغتيال الزند
حماس الفلسطينية والحرية والعدالة
نيويورك تايمز وسيطرة الإخوان
  الذكرى الثانية للثورة
الذكرى الثانية للثورة
بورسعيد مدينة أشباح
شلة مرسـى الإخوانية فى الاتحادية
المناصب التى شغلها الإخوان
Untitled 6413
دولة مرسى الفاشلة
Untitled 6415
Untitled 6416
Untitled 6417

 


أحداث الكاتدرائية.. مصر وإرهاصات الدولة الفاشلة
العربية الخميس 30 جمادي الأول 1434هـ - 11 أبريل 2013م *بقلم: أكرم ألفي- كاتب وباحث مصري
معهد العربية للدراسات -
دشنت أحداث الهجوم على كاتدرائية الكنيسة المصرية الأرثوذكسية في 7 أبريل الماضي، ارهاصات الدولة الطائفية في مصر، حيث قام جهاز الدولة - ممثلاً في عناصر الأمن – ومجهولون تقع على نفس الجهاز أهمية تحديدهم، باعتداء مباشر على دور عبادة للأقلية المسيحية وفي مقدمتها الكاتدرائية المرقسية ومقر البابوية الأرثوذكسية في مصر.
بالتوازي، كان رد فعل مؤسسة الرئاسة سلبياً بالدعوة إلى البحث عن الجناة وتحميل الأقباط المسئولية عبر بيان ل عصام حداد مستشار الرئيس المصري، فيما اختفى الرئيس المصري محمد مرسي تماماً من الواجهة مكتفياً ببيان مقتضب لم يحمل أي إدانة للهجوم على أكبر كنائس المسيحيين في الشرق الأوسط.
مثلت احداث الفتنة الطائفية في الخصوص بمحافظة القليوبية – المتاخمة للقاهرة – حلقة جديدة في سلسلة النزاعات بين مسلمين ومسيحين في مصر عقب ثورة 25 يناير. فقد جاءت احداث الخصوص – التي بلغ عدد ضحاياها سبعة قتلى حتى تاريخه بينهم مسلم واحد – لتنضم إلى قائمة تضم أكثر من 20 حادث طائفي في مصر خلال العامين الماضيين.
يمكن القول إن تداعيات أحداث الخصوص وما تلاها خلال الصدامات أمام الكاتدرائية المرقسية بوسط القاهرة جعلتها واقعة كاشفة لتحولات السلطة في مصر بعد فوز "الإخوان المسلمين" بمنصب الرئاسة ووجود بطريرك جديد على رأس الكنيسة المصرية هو البابا تواضروس الثاني وبالتوازي مع استقطاب سياسي في الشارع المصري بين التيار الإسلامي والقوى المدنية وفي سياق أزمة اجتماعية ومؤسسية طاحنة ترزح تحتها الدولة المصرية.
فنحن هنا أمام أطراف جديدة للمعادلة في مواجهة حادثة طائفية عنيفة تكررت مراراً منذ سبعينيات القرن الماضي. ووجد هؤلاء الأطراف أنفسهم أمام اختبار حاسم لتحالفاتهم وخياراتهم السياسية وضغوط القواعد والنخب الموالية لها مما أفرز مشهد جديد في العلاقة بين مؤسسات الدولة والكنيسة والاقباط يحمل في طياته ارهاصات الدولة الطائفية التي تعمل مؤسساتها في سياق الهجوم المباشر على طائفة بعينها في المجتمع بغرض حشد وتعبئة الطائفة التي تستغل عواطفها "الطائفية" للحكم باسمها.
وتستعرض هذه الورقة التحولات في اطراف المعادلة في سياق وضع حادثة الخصوص واحداث الكاتدرائية ضمن الأحداث الطائفية التي شهدتها مصر عقب ثورة 25 يناير 2011.


الطائفية عقب ثورة 25 يناير
شهدت مصر عقب ثورة 25 يناير عشرات من الأحداث الطائفية في تعبير عن انحراف الحراك الاجتماعي الى مواجهات بين مسلمين ومسيحيين. وكان أول تعبير عن هذا الانحراف احداث قرية صول بمحافظة الجيز خلال مارس 2011 وعقب سقوط النظام السابق بنحو شهر. وفي هذه الأحداث لجأ المجلس العسكري الحاكم – في ذلك الوقت – إلى الكنيسة وقيادات التيار السلفي لمحاولة تهدئة الأحداث. واعتبر البعض أن منهج الاستدعاء لقيادات سلفية لحل الأزمة كان بمثابة اعتراف بضعف المجلس العسكري في فرض قبضة الدولة والاحتكام للقانون في دولة مازالت تعيش حالة ثورية.

جدول لأبرز الأحداث الطائفية عقب ثورة 25 يناير
ومع التكرار "الشهري" للأحداث الطائفية (كما هو مبين في الجدول) برز أن المجلس العسكري تبنى بوضوح استراتيجية "الاستدعاء" لأطراف شعبية ودينية لحل الأزمات الطائفية المتكررة، في سياق عدم قدرته على فرض سلطة الدولة خلال الفترة الانتقالية. ولكن جاءت أحداث ماسبيرو في 9 أكتوبر 2011 والتي لقي فيها نحو 22 شاباً قبطياً مصرعهم خلال اشتباكات مع قوات الجيش المرابطة عند مبني التلفزيون الحكومي بماسبيرو لتدخل الدولة بشكل مباشر في صدام مع الأقباط. وخلال هذه الأحداث الدامية، وجدت الكنيسة المصرية للمرة الأولى منذ نهاية السبعينيات في وضعية مواجهة مباشرة مع السلطة الحاكمة. وسعى المجلس العسكري للحيلولة دون تدحرج كرة المواجهة مع الأقباط عبر تأمينه لجنازات الضحايا وقيام قادة المجلس العسكري بالتواصل مباشرة مع رأس الكنيسة المصرية الراحل البابا شنودة الثالث. وعقب احداث ماسبيرو شهدت مصر حالة من الهدوء الطائفي ولكنه عاد عبر محاولات تيارات سلفية تهجير أقباط من منطقة العامرية بالاسكندرية على خلفية نزاعات طائفية والصراع في دهشور.
ومع تولي محمد مرسي منضب الرئيس خلال يونيو 2012، عبر الاقباط صراحة عن هواجس تجاه القيادة الإخوانية وهو ما تزامن مع رحيل البابا شنودة ليزيد من المخاوف القبطية من إمكانية التضيق عليهم في ظل حكم التيار الإسلامي. وبرز في هذا السياق ارتفاع دعوات الهجرة للخارج ولكن توازى هذا مع تراجع واضح في العنف الطائفي. وأرجع عدد من المحللين هذا التراجع إلى ارتفاع حدة الاستقطاب السياسي في المجتمع على حساب الاستقطاب الديني بالإضافة لسعي التيار الإسلامي لوأد حوادث الطائفية في مهدها خشية استخدام المصادمات بين المسيحيين والمسلمين ضد النظام الجديد.
ولكن جاءت أحداث الخصوص والكاتدرائية وتداعياتها السريعة لتضع النظام الجديد في اختبار كاشف، حيث وجد نفسه بين مطرقة فقدان قواعده السياسية الصلبة وسندان الإدانة الشعبية والدولية. وكان خياره الرئيسي هو الدولة الطائفية التي اطلت برأسها فجأة على الدولة المصرية الحديثة في سير عكس اتجاه تيار هذه الدولة منذ نهاية القرن الثامن عشر.
المعادلة الجديدة تحدي الدولة الفاشلة
تمثل الدولة الطائفية أحد أشكال الدولة الفاشلة، بحسب عدد من باحثي النظم السياسية. فعندما يفشل القائمون على الحكم في إدارة الدولة إلى البحث عن شرعية تضمن لهم البقاء في الحكم خارج اطار الإنجاز والمشروعية الوطنية. وفي مصر، يعاني القائمون على الحكم من حالة فشل مستمر في ممارسة السلطة العامة، حيث قادت قرارات الرئاسة في زيادة حدة الاستقطاب السياسي والاجتماعي عبر الاعلان الدستوري في نوفبر 2012 وما تلاها من اقرار الدستور الجديد واستبعاد الحوار الوطني مع المعارضة. بالتوازي مع فشل الحكومة اقتصادياً وتدهور الاوضاع الاقتصادية في مصر من تراجع سعر العملة وتقلص الاحتياطي النقدي وتراجع كافة المؤشرات الاقتصادية وارتفاع وتيرة الاضرابات والاعتصامات العمالية وتدهور الوضع الأمني ليصبح الشارع المصري خارج عن السيطرة.
وفي هذا السياق، لجأت "الإخوان المسلمين" والتيار الإسلامي لتعزيز خطاب التقسيم الطائفي والاجتماعي والسياسي عبر تخوين المعارضة واتهام اطراف داخلية وخارجية بالتأمر على السلطة، مما عرف مصريا بـ"حديث الصوابع" التي اشار إليها أكثر من مرة الرئيس محمد مرسي. وهو ما يتوازي مع وجود أزمة "مكتومة" بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية. وهي الأزمة التي خرجت أكثر من مرة للسلح من خلال اشاعات اقالة وزير الدفاع ورئيس الأركان، بالإضافة إلى اضراب عناصر في الأمن (الشرطة) ومعارضتهم لسياسيات وزير الداخلية الجديد.
هذا الفشل السياسي والاقتصادي والأمني والازمات المتراكمة مع المؤسسات، دفع السلطة الحاكمة الي استدعاء خطاب الدفاع عن الدين من خلال قيادات التيار الإسلامي "الإخوانية والسلفية" وميل القيادة السياسية الواضح لاستخدام الخطاب الديني عبر العودة للتراث والتاريخ الإسلامي والاستشهاد بالايات القرآنية والأحاديث الشريفة (راجع خطابات محمد مرسي). وهو ما شجع الاعلام الذي يمتلكه التيار الإسلامي إلى استخدام لغة طائفية صريحة فيالتعامل مع الأقباط والمعارضة، حيث وصم العديد من قيادات هذه التيار المتظاهرين المعارضين لمرسي بان أغلبهم من المسيحيين ويسعون لاسقاط المشروع الإسلامي.
هذا الميل نحو الطائفية السياسية تجسد خلال أحداث الكاتدرائية، حيث قامت قوات الأمن للمرة الأولى في تاريخ مصر الحديث بالهجوم على مقر الكنيسة المصرية بالغاز المسيل للدموع في مشهد صورته الفضائيات المحلية والعالمية. مما دلل بوضوح عن ميل أجهزة داخل الدولة لخوض معركة طائفية واضحة مع المسيحيين. بالتوازي، جاء أول تصريح لمسئول في الرئاسة ليحمل المسيحيين مسئولية الأحداث – قبل البدء في التحقيقات بالتوازي جاء خطاب مؤسسة الرئاسة – في ظل اختفاء الرئيس – رافضاً لاتهام الداخلية بمواجهة المسيحيين ومبرراً للمواجهات.
وعلى صعيد الحلفاء واعلام التيار الإسلامي، وجه الاعلاميون الأبرز في القنوات الدينية هجوماً عنيفاً على المسيحيين في مصر. واتهم هؤلاء الإعلاميون الأقباط بمحاولة اسقاط الدولة الإسلامية وافشال المشروع الإسلامي بالتعاون مع التيار المدني.
وهي المؤشرات - التي إذا وضعناها معا – تدلل على ميل داخل مؤسسة الرئاسة والسلطة في مصر نحة تبنى ممارسات الدولة الطائفية في محاولة لخلق شرعية جديدة بعيداً عن الإجماع الوطني في ظل الفشل المستمر للحكومة واقتراب الدولة من سيناريو "الدولة الفاشلة".
أما بالنسبة للطرف الثاني وهو الكنيسة، فنجد أن القيادة الجدية وجدت نفسا في مأزق في ظل ازمة "الخبرة الأولى". فرئيس الكنيسة الجديد يواجهة للمرة الأولى أزمة طائفية طاحنة ولسوء الحظ فقد تزامنت مع هجوم "غير مسبوق" على مقره الشخصي ومركز قيادة الكنيسة. وبرزت أزمة "الخبرة الأولى" في ترد البابا تاوضروس في التعامل مع الأمور حيث غاب عن جنازة ضحايا الخصوص ليصبح بعيداً عن مشهد الهجوم على البطريركية. واعقبه صبمته ثم خروجه لشن هجوم على الدولة محملاً – بشكل مباشر – الرئيس مسئولية الأحداث، قبل ان يعلن الاعتكاف للصلاة. في نفس الوقت الي كان فيه عدد من مساعديه يستقبلون وفداً رئاسياً. وهو ما توازى مع بيان للمجلس الملي (اعلى سلطة مدنية مسيحية في مصر) حمل فيه مباشرة الرئيس والحكومة مسئولية الأحداث. في سابقة تاريخية للهيئات القبطية في مصر. لتحسم المؤسسة الكنسية ترددها لصالح المواجهة في نهاية الأمر.
على صعيد المعارضة، نجد أن جبهة الإنقاذ والقوى المدنية والاعلام الليبرالي حمل الحكومة والرئيس المسئولية، محذراً من ارتفاع وتيرة الفتنة الطائفية واحراق مصر، مشيراً في الوقت نفسه إلى إمكانية استخدام التيار الإسلامي هذه الورقة لضمان الاغلبية من جديد في البرلمان عبر تمرير قانون استخدام الشعارات الدينية.
وفي ظل توازن القوى الراهن فإن شبح "الدولة الطائفية" يظل بعيداً. وهو ما يعود بالأساس إلى فقدان مؤسسة الرئاسة حتى الآن القدرة على السيطرة وممارسة السلطة العامة. ولعل انفجار الوضع في مصر سيدفع نحو نموذج جديد للدولة الفاشلة التي تعيش على خطاب طائفي واقصائي للآخرين بدءاً من المعارضة وانتهاء بالطوائف الأضعف.

This site was last updated 04/14/13