Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة سنة تسع وسبعين وثلاثمائة

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة334
سنة335 وسنة336
سنة 337 وسنة338
سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة
سنة340 وسنة341
سنة342 وسنة343 وسنة344 وسنة345
سنة346 وسنة347
سنة348 وسنة349 وسنة350
سنة351
سنة352 وسنة353 وسنة354
سنة355
سنة356 وسنة357
سشنة358
سنة259
سنة360 وسنة361
سنة363
سنة364
سنة365
سنة366 وسنة367
سنة367 وسنة368
سنة369
سنة370 وسنة371
سنة372
سنة373
سنة364 وسنة375
سنة476 وسنة377
سنة378 وسنة379
سنة380 وسنة381

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

ثم دخلت سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة
ذكر القبض على شكر الخادم

في هذه السنة قبض شرف الدولة على شكرٍ الخادم، وكان أخص الناس عند والده عضد الدولة وأقربهم إليه، يرجع إلى قوله ويعول عليه.
وكان سبب قبضه أنه كان أيام والده يقصد شرف الدولة ويؤذيه، وهو الذي تولى إبعاده إلى كرمان من بغداد، وقام بأمر صمصام الدولة، فحقد عليه شرف الدولة ذلك، فلما ملك شرف الدولة العراق اختفى شكر، فطلبه أشد الطلب فلم يوجد، وكان له جارية حبشية قد تزوجها، فطلبها إليه، فأقامت عنده مدة تخدمه. (4/98)
وكان قد علق بقلبها غيره، فصارت تأخذ المأكول وغيره وتحمله إلى حيث شاءت، فأحس بها شكر، فلم يحتملها، فضربها، فخرجت غضبى إلى باب دار شرف الدولة، فأخبرت بحال شكرٍ، فأخذ وأحضر عند شرف الدولة، فأراد قتله، فشفع فيه نحرير الخادم، فوهبه له، وأستأذنه في الحج، فأذن له، فسار إلى مكة ثم منها إلى مصر، فنال هناك منزلةً كبيرةً، وسيرد خبره إن شاء الله تعالى.
ذكر عزل بكجور عن دمشق
في هذه السنة عزل بكجور عن دمشق.
وسبب ذلك أنه أساء السيرة في دمشق، وفعل الأعمال الذميمة، وكان الوزير يعقوب بن كلس منحرفاً عنه، يسيء الرأي فيه، وانضاف إلى ذلك ما فعله بأصحابه بدمشق على ما ذكرناه. فلما بلغه فعله بدمشق تحرك في عزله، وقبح ذكره عند العزيز بالله، فأجابه إلى ذلك، فجهزت العساكر من مصر مع القائد منير الخادم، فساروا إلى الشام.
فجمع بكجور العرب وغيرها وخرج، فلقي العسكر المصري عند داريا، وقاتلهم، فاشتد القتال بينهم، فانهزم بكجور وعسكره، وخاف من وصول نزال والي طرابلس، وكان قد كوتب من مصر بمعاضدة منير، فلما انهزم بكجور خاف أن يجيء نزال فيؤخذ، فأرسل يطلب الأمان ليسلم البلد إليهم، فأجابوه إلى ذلك، فجمع ماله جميعه وسار، وأخفى أثره لئلا يغدر المصريون به، وتوجه إلى الرقة فاستولى عليها، وتسلم منير البلد، ففرح به أهله وسرهم ولايته، وسنذكر سنة إحدى وثمانين باقي أخباره وقتله، إن شاء الله تعالى.
ذكر ظفر الأصفر بالقرامطة
في هذه السنة جمع إنسان يعرف بالأصفر من بني المنتفق جمعاً كثيراً، وكان بينه وبين جمع من القرامطة وقعة شديدة قتل فيها مقدم القرامطة، وانهزم أصحابه وقتل منهم، وأسر كثير.
وسار الأصفر إلى الأحساء، فتحصن منه القرامطة، فعدل إلى القطيف فأخذ ما كان فيها من عبيدهم وأموالهم ومواشيهم وسار بها إلى البصرة.
ذكر نكتة حسنة
في هذه السنة أهدى الصاحب بن عباد، أول المحرم، إلى فخر الدولة ديناراً وزنه ألف مثقال، وكان على أحد جانبيه مكتوب:
وأحمر يحكي الشمس شكلاً وصورةً ... فأوصافه مشتقّةٌ من صفاته
فإن قيل دينارٌ فقد صدق اسمه، ... وإن قيل ألفٌ كان بعض سماته
بديعٌ، ولم يطبع على الدهر مثله، ... ولا ضربت أضرابه لسراته
فقد أبرزته دولةٌ فلكيّةٌ ... أقام بها الإقبال صدر قناته
وصار إلى شاهانشاه انتسابه، ... على أنّه مستصغرٌ لعفاته
يخبّر أن يبقى سنين كوزنه ... لتستبشر الدنيا بطول حياته
تأنّق فيه عبده، وابن عبده، ... وغرس أياديه، وكافي كفاته
وكان على الجانب الآخر سورة الإخلاص، ولقب الخليفة الطائع لله، ولقب فخر الدولة، واسم جرجان لأنه ضر بها. قوله: دولة فكلية يعني أن لقب فخر الدولة كان فلك الأمة. وقوله: وكافي كفاته، فإن الصاحب كان لقبه كافي الكفاة.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة تتابعت الأمطار، وكثرت البروق والرعود، والبرد الكبار، وسالت منه الأودية، وامتلأت الأنهار والآبار ببلاد الجبل، وخربت المساكن، وامتلأت الأقناء طيناً وحجارةً، وانقطعت الطرق.
وفيها عصى نصر بن الحسن بن الفيرزان بالدامغان على فخر الدولة، واجتاز به أحمد بن سعيد الشبيبي الخراساني مقبلاً من الري ومعه عسكر من الديلم لمحاربته، فلما رأى الجد في أمره راسل فخر الدولة، وعاود طاعته، فأجابه إلى قبول ذلك منه وأقره على حاله؛ وفيها توفي الأمير أبو علي بن فخر الدولة في رجب.
وفيها وقع الوباء بالبصرة والبطائح من شدة الحر، فمات خلق كثير حتى امتلأت منهم الشوارع.
وفي شعبان كثرت الرياح العواصف، وجاءت وقت العصر، خامس شعبان، ريح عظيمة بفم الصلح، فهدمت قطعة من الجامع، وأهلكت جماعة من الناس، وغرقت كثيراً من السفن الكبار المملوءة، واحتملت زورقاً منحدراً فيه دواب، وعدة من السفن، وألقت الجميع على مسافة من موضعها.
وفيها توفي أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب المفيد، كان محدثاً مكثراً، ومولده سنة أربع وثمانين ومائتين.
وأبو حامد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحاق الحاكم النيسابوري، في ربيع الأول، وهو صاحب التصانيف المشهورة.(4/99)

ثم دخلت سنة تسع وسبعين وثلاثمائة
ذكر سمل صمصام الدولة

كان نحرير الخادم يشير على شرف الدولة بقتل أخيه صمصام الدولة، وشرف الدولة يعرض عن كلامه، فلما اعتقل شرف الدولة واشتدت علته ألح عليه نحرير وقال له: الدولة معه على خطرٍ، فإن لم تقتله فاسلمه. فأرسل في ذلك محمداً الشيرازي الفراش، فمات شرف الدولة قبل أن يصل الفراش إلى صمصام الدولة، فلما وصل الفراش إلى القلعة التي بها صمصام الدولة لم يقدم على سلمه، فاستشار أبا القاسم العلاء بن الحسن الناظر هناك، فأشار بذلك، فسلمه. وكان صمصام الدولة يقول: ما أعماني إلا العلاء لأنه أمضى في حكم سلطان قد مات.
ذكر وفاة شرف الدولة وملك بهاء الدولة
في هذه السنة، مستهل جمادى الآخرة، توفي الملك شرف الدولة أبو الفوارس شيرزيل بن عضد الدولة مستسقياً، وحمل إلى مشهد أمير المؤمنين علي، عليه السلام، فدفن به، وكانت إمارته بالعراق سنتين وثمانية أشهر، وكان عمره ثمانياً وعشرين سنة وخمسة أشهر.
ولما اشتدت علته سير ولده أبا على إلى بلاد فارس، وأصحبه الخزائن والعدد وجماعة كثيرة من الأتراك، فلما أيس أصحابه منه اجتمع إليه أعيانهم وسألوه أن يملك أحداً، فقال: أنا في شغل عما تدعونني إليه. فقالوا له ليأمر أخاه بهاء الدولة أبا نصر أن ينوب عنه إلى أن يعافى ليحفظ الناس لئلا تثور فتنة، ففعل ذلك، وتوقف بهاء الدولة ثم أجاب إليه.
فلما مات جلس بهاء الدولة في المملكة، وقعد للعزاء، وركب الطائع لله أمير المؤمنين إلى العزاء في الزبزب، فتلقاه بهاء الدولة، وقبل الأرض بين يديه، وانحدر الطائع لله إلى داره، وخلع على بهاء الدولة خلع السلطنة، وأقر بهاء الدولة أبا منصور بن صالحان على وزارته.
ذكر مسير الأمير أبي علي بن شرف الدولة إلى فارس وما كان منه مع صمصام الدولة
لما اشتد مرض شرف الدولة جهز ولده الأمير أبا علي وسيره إلى فارس ومعه والدته وجواريه، وسير معه من الأموال والجواهر والسلاح أكثرها. فلما بلغ البصرة أتاهم الخبر بموت شرف الدولة، فسير ما معه في البحر إلى أرجان، وسار هو مجداً إلى أن وصل إليها، واجتمع معه من بها من الأتراك، وساروا نحو شيراز، وكاتبهم متوليها وهو أبو القاسم العلاء بن الحسن بالوصول إليها ليسلمها إليهم، وكان المرتبون في القلعة التي بها صمصام الدولة وأخوه أبو طاهر قد أطلقوهما ومعهما فولاذ وساروا إلى سيراف.
واجتمع على صمصام الدولة كثير من الديلم. وسار الأمير أبو علي إلى شيراز، ووقعت الفتنة بها بين الأتراك والديلم، وخرج الأمير أبو علي من داره إلى معسكر الأتراك، فنزل معهم، واجتمع الديلم وقصدوا ليأخذوه ويسلموه إلى صمصام الدولة، فرأوه قد انتقل إلى الأتراك، فكشفوا القناع، ونابذوا الأتراك، وجرى بينهم قتال عدة أيام.
ثم سار أبو علي والأتراك إلى فسا، فاستولوا عليها وأخذوا ما بها من مال، وقتلوا من بها من الديلم، وأخذوا أموالهم وسلاحهم فقووا بذلك.
وسار أبو علي إلى أرجان، وعاد الأتراك إلى شيراز، فقاتلوا صمصام الدولة ومن معه من الديلم، ونهبوا البلد، وعادوا إلى أبي علي بأرجان، وأقاموا معه مديدةً.
ثم وصل رسول من بهاء الدولة إلى أبي علي وأدى الرسالة، وطيب قلبه ووعده، ثم إنه راسل الأتراك سراً، واستمالهم إلى نفسه، وأطعمهم، فحسنوا لأبي علي المسير إلى بهاء الدولة، فسار إليه، فلقيه بواسط منتصف جمادى الآخرة سنة ثمانين وثلاثمائة، فأنزله وأكرمه، وتركه عدة أيام، وقبض عليه، ثم قتله بعد ذلك بيسير، وتجهز بهاء الدولة للمسير إلى الأهواز لقصد بلاد فارس.
ذكر الفتنة ببغداد بين الأتراك والديلم
وفي هذه السنة أيضاً وقعت الفتنة ببغداد بين الأتراك والديلم، واشتد الأمر، ودام القتال بينهم خمسة أيام، وبهاء الدولة في داره يراسلهم في الصلح، فلم يسمعوا قوله، وقتل بعض رسله.
ثم إنه خرج إلى الأتراك، وحضر القتال معهم، فاشتد حينئذ الأمر، وعظم الشر، ثم إنه شرع في الصلح، ورفق بالأتراك، وراسل الديلم، فاستقر الحال بينهم، وحلف بعضهم لبعض، وكانت مدة الحرب اثني عشر يوماً.
ثم إن الديلم تفرقوا، فمضى فريق بعد فريق، وأخرج بعضهم، وقبض على البعض، فضعف أمرهم، وقويت شوكة الأتراك، واشتدت حالهم.(4/100)
ذكر مسير فخر الدولة إلى العراق وما كان منه
وفي هذه السنة سار فخر الدولة بن ركن الدولة من الري إلى همذان، عازماً على قصد العراق والاستيلاء عليها.
وكان سبب حركته أن الصاحب بن عباد كان يحب العراق لا سيما بغداد، ويؤثر التقدم بها، ويرصد أوقات الفرصة، فلما توفي شرف الدولة علم أن الفرصة قد أمنت، فوضع على فخر الدولة من يعظم عنده ملك العراق، ويسهل أمره عليه، ولم يباشر هو ذلك خوفاً من خطر العاقبة، إلى أن قال له فخر الدولة: ما عندك في هذا الأمر ؟ فأحال على أن سعادته تسهل كل صعب، وعظم البلاد؛ فتجهز وسار إلى همذان، وأتاه بدر بن حسنويه، وقصده دبيس بن عفيف الأسدي، فاستقر الأمر على أن يسير الصاحب بن عباد وبدر إلى العراق على الجادة، ويسير فخر الدولة على خوزستان. فلما سار الصاحب حذر فخر الدولة من ناحيته، وقيل له ربما استماله أولاد عضد الدولة، فاستعاده إليه، وأخذه معه إلى الأهواز فملكها، وأساء السيرة مع جندها، وضيق عليهم، ولم يبذل الماء، فخابت ظنون الناس فيه، واستشعر منه أيضاً عسكره، وقالوا: هكذا يفعل بنا إذا تمكن من إرادته، فتخاذلوا.
وكان الصاحب قد أمسك نفسه تأثراً بما قيل عنه من اتهامه، فالأمور بسكوته غير مستقيمة. فلما سمع بهاء الدولة بوصولهم إلى الأهواز سير إليهم العساكر، والتقوا هم وعساكر فخر الدولة.
فاتفق أن دجلة الأهواز زادت ذلك الوقت زيادة عظيمة وانفتحت البثوق منها، فظنها عسكر فخر الدولة مكيدة، فانهزموا، فقلق فخر الدولة من ذلك، وكان قد استبد برأيه، فعاد حينئذ إلى رأي الصاحب، فأشار ببذل المال، واستصلاح الجند، وقال له: إن الرأي في مثل هذه الأوقات إخراج المال وترك مضايقة الجند، فإن أطلقت المال ضمنت لك حصول أضعافه بعد سنة. فلم يفعل ذلك، وتفرق عنه كثير من عسكر الأهواز، واتسع الخرق عليه، وضاقت الأمور به، فعاد إلى الري، وقبض في طريقه على جماعة من القواد الرازيين، وملك أصحاب بهاء الدولة الأهواز.
ذكر هرب القادر بالله إلى البطيحة
في هذه السنة هرب القادر بالله من الطائع لله إلى البطيحة فاحتمى فيها.
وكان سبب ذلك أن إسحاق بن المقتدر والد القادر لما توفي جرى بين القادر وبين أخت له منازعة في ضيعة وطال الأمر بينهما. ثم إن الطائع لله مرض مرضاً أشفى منه، ثم أبل، فسعت إليه بأخيه القادر وقالت له: إنه شرع في طلب الخلافة عند مرضك؛ فتغير رأيه فيه، فأنفذ أبا الحسن بن النعمان وغيره للقبض عليه، وكان بالحريم الطاهري، فأصعدوا في الماء إليه.
وكان القادر قد رأى في منامه كأن رجلاً يقرأ عليه: (الَّذِينَ قَاَلَ لَهُمُ النَّاسُ إنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمٍ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللُه وَنِعْمَ الوَكِيلُ) آل عمران: 173 فهو يحكي هذا المنام لأهله ويقول: أنا خائف من طالب يطلبني؛ ووصل أصحاب الطائع لله إليه واستدعوه، فأراد لبس ثيابه، فلم يمكنوه من مفارقتهم، فأخذه النساء منهم قهراً، وخرج عن داره واستتر، ثم سار إلى البطيحة، فنزل على مهذب الدولة، فأكرم نزله، ووسع عليه، وحفظه، وبالغ في خدمته، ولم يزل عنده إلى أن أتته الخلافة، فلما وليها جعل علامته: (حَسْبُنَا اللُه وَنِعْمَ الوَكِيلُ) آل عمران: 173.
ذكر عود بني حمدان إلى الموصل
في هذه السنة ملك أبو طاهر إبراهيم وأبو عبدالله الحسين ابنا ناصر الدولة ابن حمدان الموصل.
وسبب ذلك أنهما كانا في خدمة شرف الدولة ببغداد، فلما توفي وملك بهاء الدولة استأذنا في الإصعاد إلى الموصل، فأذن لهما، فأصعدا، ثم علم القواد الغلط في ذلك، فكتب بهاء الدولة إلى خواشاذه، وهو يتولى الموصل، يأمره بدفعهما عنها، فأرسل إليهما خواشاذه يأمرهما بالعود عنه، فأعادا جواباً جميلاً، وجدا في السير حتى نزلا بالدير الأعلى بظاهر الموصل.
وثار أهل الموصل بالديلم والأتراك، فنهبوهم، وخرجوا إلى بني حمدان، وخرج الديلم إلى قتالهم، فهزمهم المواصلة وبنو حمدان، وقتل منهم خلق كثير، واعتصم الباقون بدار الإمارة، وعزم أهل الموصل على قتلهم والاستراحة منهم، فمنعهم بنو حمدان عن ذلك، وسيروا خواشاذه ومن معه إلى بغداد، وأقاموا بالموصل، وكثر العرب عندهم.
ذكر خلاف كتامة على المنصور (4/101)
وفي هذه السنة خرج إنسان آخر من كتامة يقال له أبو الفرج، لا يعرف من أي موضعٍ هو، وزعم أن أباه ولد القائم العلوي، جد المعز لدين الله، فعمل أكثر مما عمله أبو الفهم، واجتمعت إليه كتامة، واتخذ البنود والطبول، وضرب السكة، وجرت بينه وبين نائب المنصور وعساكره بمدينة ميلة وسطيف حروب كثيرة ووقعات متعددة، فسار المنصور إليه في عساكره، وزحف هو إلى المنصور في عساكر كتامة، فكان بينهما حرب شديدة، فانهزم أبو الفرج وكتامة، وقتل منهم مقتلة عظيمة، واختفى أبو الفرج في غارٍ في جبل، فوثب عليه غلامان كانا له فأخذاه وأتيا به المنصور، فسره ذلك وقتله شر قتلة.
وشحن المنصور بلاد كتامة بالعساكر، وبث عماله فيها، ولم يدخلها عامل قبل ذلك، فجبوا أموالها، وضيقوا على أهلها.
ورجع المنصور إلى مدينة أشير، فأتاه سعيد بن خزرون الزناتي، وكان أبوه قد تغلب على سجلماسة سنة خمس وستين وثلاثمائة، وصار في طاعة المنصور، واختص به، وعلت منزلته عنده، فقال له المنصور يوماً: يا سعيد هل تعرف أحداً أكرم مني ؟ وكان قد وصله بمال كثير، فقال: نعم ! أنا أكرم منك. فقال المنصور: وكيف ذلك ؟ قال: لأنك جدت علي بالمال، وأنا جدت عليك بنفسي. فاستعمله المنصور على طبنة، وزوج ابنه ببعض بنات سعيد. فلامه على ذلك بعض أهله، فقال: كان أبي وجدي يستتبعانهم بالسيف، وأما أنا فمن رماني برمح رميته بكيس، حتى تكون مودتهم طبعاً واختياراً.
ورجع سعيد إلى أهله، وبقي إلى سنة إحدى وثمانين، ثم عاد إلى المنصور زائراً، فاعتل سعيد أياماً، وتوفي أول رجب. ثم قدم فلفل بن سعيد على المنصور، فأحسن إليه، وحمل إليه مالاً كثيراً، فرده إلى طبنة ولاية أبيه.
ذكر خلاف عم المنصور عليه
وفي هذه السنة أيضاً خالف أبو البهار عم المنصور بن يوسف بلكين، صاحب إفريقية، عليه لشيء جرى عليه من المنصور لم يحمله له لعزة نفسه، فسار المنصور إليه بتاهرت، ففارقها عمه إلى الغرب بمن معه من أهله وأصحابه، ودخل عسكر المنصور تاهرت فانتهبوها، ثم طلب أهلها الأمان فأمنهم، ثم سار في طلب عمه حتى جاوز تاهرت سبع عشرة مرحلة، ولقي العسكر شدة.
وقصد عمه زيري بن عطية، صاحب فاس، فأكرمه، وأعلى محله، وبقي جنده يغيرون على نواحي المنصور.
وفي سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة قصدوا النواحي المجاورة لفاس، فأوقعوا بأصحاب المنصور بها واستولوا عليها. ثم ندم أبو البهار، فسار إلى المنصور معتذراً مما جرى منه، فقبله المنصور، وأحسن إليه وأكرمه، وحمل إليه كل ما يحتاج إليه من مالٍ وغيره.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة قبض بهاء الدولة على أبي الحسن محمد بن عمر العلوي الكوفي، وكان قد عظم شأنه مع شرف الدولة، واتسع جاهه، وكثرت أمواله، فلما ولي بهاء الدولة سعى به أبو الحسن المعلم إليه، وأطمعه في أمواله وملكه، وعظم ذلك عنده وقبض عليه.
وفيها أسقط بهاء الدولة ما كان يؤخذ من المراعي من سائر السواد.
وفيها ولد الأمير أبو طالب رستم بن فخر الدولة.
وفيها خرج ابن الجراح الطائي على الحجاج بين سميراء وفيد ونازلهم، فصالحوه على ثلاثمائة ألف درهم، وشيء من الثياب، فأخذها وانصرف.
وفيها بني جامع القطيعة ببغداد.
وفيها توفي محمد بن أحمد بن العباس بن أحمد بن جلاد أبو العباس السلمي النقاش، كان من متكلمي الأشعرية، وعنه أخذ أبو علي بن شاذان الكلام، وكان ثقةً في الحديث.

This site was last updated 07/25/11