Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

 سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة334
سنة335 وسنة336
سنة 337 وسنة338
سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة
سنة340 وسنة341
سنة342 وسنة343 وسنة344 وسنة345
سنة346 وسنة347
سنة348 وسنة349 وسنة350
سنة351
سنة352 وسنة353 وسنة354
سنة355
سنة356 وسنة357
سشنة358
سنة259
سنة360 وسنة361
سنة363
سنة364
سنة365
سنة366 وسنة367
سنة367 وسنة368
سنة369
سنة370 وسنة371
سنة372
سنة373
سنة364 وسنة375
سنة476 وسنة377
سنة378 وسنة379
سنة380 وسنة381

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة
ذكر ملك المعز العلوي مصر

في هذه السنة سير المعز لدين الله أبو تميم معد بن إسماعيل المنصور بالله القائد أبا الحسن جوهراً، غلام والده المنصور، وهو رومي، في جيش كثيف إلى الديار المصرية، فاستولى عليها.
وكان سبب ذلك أنه لما مات كافور الإخشيدي، صاحب مصر، اختلفت القلوب فيها، ووقع بها غلاء شديد، حتى بلغ الخبز كل رطل بدرهمين، والحنطة كل ويبة بدينار وسدس مصري، فلما بلغ الخبر بهذه الأحوال إلى المعز، وهو بإفريقية، سير جوهراً إليها، فلما اتصل خبر مسيره إلى العساكر الإخشيدية بمصر هربوا عنها جميعهم قبل وصوله.
ثم إنه قدمها سابع عشر شعبان، وأقيمت الدعوة للمعز بمصر في الجامع العتيق في شوال، وكان الخطيب أبا محمد عبدالله بن الحسين الشمشاطي.
وفي جمادى الأولى من سنة تسع وخمسين سار جوهر إلى جامع ابن طولون، وأمر المؤذن فأذن بحي على خير العمل، وهو أول ما أذن بمصر، ثم أذن بعده في الجامع العتيق، وجهر في الصلاة ببسم الله الرحمن الرحيم، ولما استقر جوهر بمصر شرع في بناء القاهرة.

ذكر ملك عسكر المعز دمشق
وغيرها من بلاد الشام
(4/46)
لما استقر جوهر بمصر، وثبت قدمه، سير جعفر بن فلاح الكتامي إلى الشام في جمع كبير، فبلغ الرملة، وبها أبو محمد الحسن بن عبدالله بن طغج، فقاتله في ذي الحجة من السنة، وجرت بينهما حروب كان الظفر فيها لجعفر ابن فلاح، وأسر ابن طغج وغيره من القواد فسيرهم إلى جوهر، وسيرهم جوهر إلى المعز بإفريقية، ودخل ابن فلاح البلد عنوةً، فقتل كثيراً من أهله، ثم أمن من بقي، وجبى الخراج وسار إلى طبرية، فرأى ابن ملهم قد أقام الدعوة للمعز لدين الله، فسار عنها إلى دمشق، فقاتله أهلها، فظفر بهم وملك البلد، ونهب بعضه وكف عن الباقي، وأقام الخطبة للمعز يوم الجمعة لأيام خلت من المحرم سنة تسع وخمسين وقطعت الخطبة العباسية.
وكان بدمشق الشريف أبو القاسم بن أبي يعلى الهاشمي، وكان جليل القدر، نافذ الحكم في أهلها، فجمع أحداثها ومن يريد الفتنة، فثار بهم في الجمعة الثانية، وأبطل الخطبة للمعز لدين الله وأعاد خطبة المطيع لله، ولبس السواد وعاد إلى داره، فقاتله جعفر بن فلاح ومن معه قتالاً شديداً، وصبر أهل دمشق، ثم افترقوا آخر النهار، فلما كان الغد تزاحف الفريقان واقتتلوا ونشبت الحرب بينهما، وكثر القتلى من الجانبين ودام القتال، فعاد عسكر دمشق منهزمين، والشريف ابن أبي يعلى مقيم على باب البلد يحرض الناس على القتال، ويأمرهم بالصبر.
وواصل المغاربة الحملات على الدماشقة حتى ألجأوهم إلى باب البلد، ووصل المغاربة إلى قصر حجاج، ونهبوا ما وجدوا، فلما رأى ابن أبي يعلى الهاشمي والأحداث لقي الناس من المغاربة خرجوا من البلد ليلاً، فأصبح الناس حيارى، فدخل الشريف الجعفري، وكان خرج من البلد إلى جعفر بن فلاح في الصلح، فأعاده وأمره بتسكين الناس وتطييب قلوبهم، ووعدهم بالجميل، ففعل ما أمره، وتقدم إلى الجند والعامة بلزوم منازلهم، وأن لا يخرجوا منها إلى أن يدخل جعفر بن فلاح البلد ويطوف فيه ويعود إلى عسكره، ففعلوا ذلك.
فلما دخل المغاربة البلد عاثوا فيه، ونهبوا قطراً منه، فثار الناس وحملوا عليهم، ووضعوا السيف فيهم، فقتلوا منهم جماعة، وشرعوا في تحصين البلد وحفر الخنادق، وعزموا على اصطلاء الحرب، وبذل النفوس في الحفظ، وأحجمت المغاربة عنهم، ومشى الناس إلى الشريف أبي القاسم بن أبي يعلى، فطلبوا منه أن يسعى فيما يعود بصلاح الحال، ففعل، ودبر الحال إلى أن تقرر الصلح يوم الخميس لست عشرة خلت من ذي الحجة سنة تسع وخمسين وثلاثمائة، وكان الحريق قد أتى على عدة كثيرة من الدور وقت الحرب.
ودخل صاحب الشرطة جعفر بن فلاح البلد يوم الجمعة فصلى مع الناس وسكنهم وطيب قلوبهم، وقبض على جماعة من الأحداث في المحرم سنة ستين وثلاثمائة، وقبض على الشريف أبي القاسم بن أبي يعلى الهاشمي المذكور، وسيره إلى مصر، واستقر أمر دمشق.
وكان ينبغي أن يؤخر ملك ابن فلاح دمشق إلى آخر السنة، وإنما قدمته ليتصل خبر المغاربة بعضه ببعض.

ذكر اختلاف أولاد ناصر الدولة وموت أبيهم
كان سبب إختلاف أولاد ناصر الدولة أنه كان قد أقطع ولده حمدان مدينة الرحبة وماردين وغيرهما وكان أبو تغلب وأبو البركات وأختهما جميلة أولاد ناصر الدولة من زوجته فاطمة بنت أحمد الكردية، وكانت مالكة أمر ناصر الدولة، فاتفقت مع ابنها أبي تغلب، وقبضوا على ناصر الدولة، على ما ذكرناه، فابتدأ ناصر الدولة يدبر في القبض عليهم، فكاتب ابنه حمدان يستدعيه ليتقوى به عليهم، فظفر أولاده بالكتاب، فلم ينفذوه، وخافوا أباهم وحذروه، فحملهم خوفه على نقله إلى قلعة كواشى.
واتصل ذلك بحمدان، فعظم عليه، وصار عدواً مبايناً، وكان أشجعهم، وكان قد سار عند وفاة عمه سيف الدولة من الرحبة إلى الرقة فملكها، وسار إلى نصيبين وجمع من أطاعه، وطالب إخوته بالإفراج عن والده وإعادته إلى منزله، فسار أبو تغلب إليه ليحاربه، فانهزم حمدان قبل اللقاء إلى الرقة، فنازله أبو تغلب وحصره ثم اصطلحا عن دخن وعاد كل واحد منهما إلى موضعه. (4/47)
وعاش ناصر الدولة الحسن بن أبي الهيجاء عبدالله بن حمدان بن حمدون التغلبي شهوراً، ومات في ربيع الأول سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، ودفن بتل توبة، شرقي الموصل، وقبض أبو تغلب أملاك أخيه حمدان، وسير أخاه أبا البركات إلى حمدان، فلما قرب من الرحبة استأمن إليه كثير من أصحاب حمدان، فانهزم حينئذ، وقصد العراق مستأمناً إلى بختيار، فوصل بغداد في شهر رمضان سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة، فأكرمه بختيار وعظمه، وحمل إليه هدية كثيرة جليلة المقدار، ومعها كل ما يحتاج إليه مثله، وأرسل إلى أبي تغلب النقيب أبا أحمد الموسوي والد الشريف الرضي في الصلح مع أخيه، فاصطلحا، وعاد حمدان إلى الرحبة، وكان مسيره من بغداد في جمادى الأولى سنة تسع وخمسين وثلاثمائة.
فلما سمع أبو البركات بمسير أخيه حمدان على هذه الصورة فارق الرحبة، ودخلها حمدان، وراسله أخوه أبو تغلب في الاجتماع به، فامتنع من ذلك، فعاد أبو تغلب وسير إليه أبا البركات، فلما علم حمدان بذلك فارقها، فاستولى أبو البركات عليها، واستناب بها من يحفظها في طائفة من الجيش، وعاد إلى الرقة ثم منها إلى عربان.
فلما سمع حمدان بعوده عنها، وكان ببرية تدمر، عاد إليها في شعبان، فوافاها ليلاً، فأصعد جماعة من غلمانه السور، وفتحوا له باب البلد فدخله، ولا يعلم من به من الجند بذلك، فلما صار في البلد وأصبح أمر بضرب البوق، فبادر من بالرحبة من الجند منقطعين يظنون أن صوت البوق من خارج البلد، وكل من وصل إلى حمدان أسره، حتى أخذهم جميعهم، فقتل بعضاً واستبقى بعضاً، فلما سمع أبو البركات بذلك عاد إلى قرقيسيا، واجتمع هو وأخوه حمدان منفردين، فلم يستقر بينهما قاعدة، فقال أبو البركات لحمدان: أنا أعود إلى عربان، وأرسل إلى أبي تغلب لعله يجيب إلى ما تلتمسه منه.
فسار عائداً إلى عربان، وعبر حمدان الفرات من مخاضة بها، وسار في أثر أخيه أبي البركات، فأدركه بعربان وهو آمن، فلقيهم أبو البركات بغير جنة ولا سلاح، فقاتلهم، واشتد القتال بينهم، وحمل أبو البركات بنفسه في وسطهم، فضربه أخوه حمدان فألقاه وأخذه أسيراً، فمات من يومه، وهو ثالث رمضان، فحمل في تابوت إلى الموصل، ودفن بتل توبة عند أبيه.
وتجهز أبو تغلب ليسير إلى حمدان، وقدم بين يديه أخاه أبا الفوارس محمداً إلى نصيبين، فلما وصلها كاتب أخاه حمدان ومالأ على أبي تغلب، فبلغ الخبر أبا تغلب، فأرسل إليه يستدعيه ليزيد في إقطاعه، فلما حضر عنده قبض عليه وسيره إلى قلعة كواشى، من بلد الموصل، وأخذ أمواله، وكانت قيمتها خمسمائة ألف دينار.
فلما قبض عليه سار إبراهيم والحسين ابنا ناصر الدولة إلى أخيهما حمدان، خوفاً من أبي تغلب، فاجتمعا معه، وساروا إلى سنجار، فسار أبو تغلب إليهم من الموصل في شهر رمضان سنة ستين وثلاثمائة، ولم يكن لهم بلقائه طاقة، فراسله أخواه إبراهيم والحسين يطلبان العود إليه خديعة منهما ليؤمنهما ويفتكا به، فأجابهما إلى ذلك، فهربا إليه، وتبعهما كثير من أصحاب حمدان، فعاد حمدان حينئذ من سنجار إلى عربان، واستأمن إلى أبي تغلب، صاحب حمدان، وأطلعه على حيلة أخويه عليه، وهما إبراهيم والحسين، فأراد القبض عليهما، فحذرا وهربا.
ثم إن نما غلام حمدان ونائبه بالرحبة أخذ جميع ماله بها وهرب إلى أصحاب أبي تغلب بحران، وكانوا مع صاحبه سلامة البرقعيدي، فاضطر حمدان إلى العود إلى الرحبة، وسار أبو تغلب إلى قرقيسيا، وأرسل سرية عبروا الفرات وكبسوا حمدان بالرحبة، وهو لا يشعر، فنجا هارباً، واستولى أبو تغلب عليها، وعمر سورها، وعاد إلى الموصل، ودخلها في ذي الحجة سنة ستين وثلاثمائة.
وسار حمدان إلى بغداد، فدخلها آخر ذي الحجة سنة ستين ملتجئاً إلى بختيار معه أخوه إبراهيم، وكان أخوهما الحسين قد عاد إلى أخيه أبي تغلب مستأمناً؛ وحمل بختيار إلى حمدان وأخيه إبراهيم هدايا جليلة كثيرة المقدار، وأكرمهما واحترمهما.
ذكر ما فعله الروم بالشام والجزيرة
وفي هذه السنة دخل ملك الروم الشام، ولم يمنعه أحد، ولا قاتله، فسار في البلاد إلى طرابلس، وأحرق بلدها، وحصر قلعة عرقة، فملكها ونهبها وسبى من فيها.
وكان صاحب طرابلس قد أخرجه أهلها لشدة ظلمه، فقصد عرقة، فأخذه الروم وجميع ماله، وكان كثيراً. (4/48)
وقصد ملك الروم حمص، وكان أهلها قد انتقلوا عنها وأخلوها، فأحرقها ملك الروم ورجع إلى بلدان الساحل فأتى عليها نهباً وتخريباً، وملك ثمانية عشر منبراً، فأما القرى فكثير لا يحصى، وأقام في الشام شهرين يقصد أي موضع شاء، ويخرب ما شاء، ولا يمنعه أحد إلا أن بعض العرب كانوا يغيرون على أطرافهم، فأتاه جماعة منهم وتنصروا وكادوا المسلمين من العرب وغيرهم، فامتنعت العرب من قصدهم، وصار للروم الهيبة العظيمة في قلوب المسلمين، فأراد أن يحضر إنطاكية وحلب، فبلغه أن أهلها قد أعدوا الذخائر والسلاح وما يحتاجون إليه، فامتنع من ذلك وعاد ومعه من السبي نحو مائة ألف رأس، ولم يأخذ إلا الصبيان، والصبايا، والشبان، فأما الكهول، والشيوخ، والعجائز، فمنهم من قتله، ومنهم من أطلقه.
وكان بحلب قرعويه، غلام سيف الدولة بن حمدان، وقد أخرج أبا المعالي بن سيف الدولة منها، على ما نذكره، فصانع الروم عليها، فعادوا إلى بلادهم، فقيل كان سبب عودهم كثرة الأمراض والموت، وقيل ضجروا من طول السفر والغيبة عن بلادهم، فعادوا على عزم العود.
وير ملك الروم سرية كثيرة إلى الجزيرة، فبلغوا كفر توثا، ونهبوا وسبوا وأحرقوا وعادوا، ولم يكن من أبي تغلب بن حمدان في ذلك نكير ولا أثر.
ذكر استيلاء قرعويه على حلب وإخراج أبي المعالي بن حمدان منها
في هذه السنة أيضاً استولى قرعويه غلام سيف الدولة بن حمدان على حلب، وأخرج منها أبا المعالي شريف بن سيف الدولة بن حمدان، فسار أبو المعالي إلى حران، فمنعه أهلها من الدخول إليهم، فطلب منهم أن يأذنوا لأصحابه أن يدخلوا فيتزودوا منها يومين فأذنوا لهم، ودخل إلى والدته بميافارقين، وهي ابنة سعيد بن حمدان، وتفرق عنه أكثر أصحابه ومضوا إلى أبي تغلب بن حمدان.
فلما وصل إلى والدته بلغها أن غلمانه وكتابه قد عملوا على القبض عليها وحبسها، كما فعل أبو تغلب بأبيه ناصر الدولة، فأغلقت أبواب المدينة ومنعت ابنها من دخولها ثلاثة أيام، حتى أبعدت من تحب إبعاده، واستوثقت لنفسها، وأذنت له ولمن بقي معه في دخول البلد، وأطلقت لهم الأرزاق، وبقيت حران لا أمير عليها، ولكن الخطبة فيها لأبي المعالي بن سيف الدولة، وفيها جماعة من مقدمي أهلها يحكمون فيها، ويصلحون من أمور الناس.
ثم إن أبا المعالي عبر الفرات إلى الشام، وقصد حماة فأقام بها، على ما نذكره سنة اثنتين وسبعين وثلاثمائة.
ذكر خروج أبي خزر بإفريقية
في هذه السنة خرج بإفريقية أبو خزر الزناتي، واجتمع إليه جموع عظيمة من البربر والنكار، فخرج المعز إليه بنفسه يريد قتاله، حتى بلغ مدينة باغاية، وكان أبو خزر قريباً منها، وهو يقاتل نائب المعز عليها، فلما سمع أبو خزر بقرب المعز تفرقت عنه جموعه، وسار المعز في طلبه، فسلك الأوعار، فعاد المعز وأمر أبا الفتوح يوسف بلكين بن زيري بالمسير في طلبه أين سلك، فسار في أثره حتى خفي عليه خبره، ووصل المعز إلى مستقره بالمنصورية.
فلما كان ربيع الآخر من سنة تسع وخمسين وصل أبو خزر الخارجي إلى المعز مستأمناً، ويطلب الدخول في طاعته، فقبل منه المعز ذلك وفرح به، وأجرى عليه رزقاً كثيراً.
ووصله، عقيب هذه الحال، كتب جوهر بإقامة الدعوة له في مصر والشام، ويدعوه إلى المسير إليه، ففرح المعز فرحاً شديداً أظهره للناس كافةً ومدحه الشعراء، فممن ذكر ذلك محمد بن هانئ الأندلسي، فقال:
يقول بنو العبّاس: قد فتحت مصر، ... فقل لبني العبّاس: قد قضي الأمر
ذكر قصد أبي البركات بن حمدان ميّافارقين وانهزامه
في هذه السنة، في ذي القعدة، سار أبو البركات بن ناصر الدولة بن حمدان في عسكره إلى ميافارقين، فأغلقت زوجة سيف الدولة أبواب البلد في وجهه، منعته من دخوله، فأرسل إليها يقول: إنني ما قصدت إلا الغزاة؛ ويطلب منها ما يستعين به، فاستقر بينهما أن تحمل إليه مائتي ألف درهم، وتسلم إليه قرايا كانت لسيف الدولة بالقرب من نصيبين. (4/49)
ثم ظهر لها أنه يعمل سراً في دخول البلد، فأرسلت إلى من معه من غلمانه سيف الدولة تقول لهم: ما من حق مولاكم أ، تفعلوا بحرمه وأولاده هذا؛ فنكلوا عن القتال والقصد لها، ثم جمعت رجالة وكبست أبا البركات ليلاً، فانهزم ونهب سواده وعسكره، وقتل جماعة من أصحابه وغلمانه، فراسلها: إنني لم أقصد لسوء؛ فردت رداً جميلاً، وأعادت إليه بعض ما نهب منه، وحملت إليه مائة ألف درهم، وأطلقت الأسرى، فعاد عنها.
وكان ابنها أبو المعالي بن سيف الدولة على حلب يقاتل قرعويه غلام أبيه.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة، عاشر المحرم، عمل أهل بغداد ما قد صار لهم عادة من إغلاق الأسواق، وتعطيل المعاش، وإظهار النوح والمأتم، بسبب الحسين بن علي، رضوان الله عليهما.
وفيها أرسل القرامطة رسلاً إلى بني نمير وغيرهم من العرب يدعونهم إلى طاعتهم، فأجابوا إلى ذلك، وأخذت عليهم الأيمان بالطاعة، وأرسل أبو تغلب ابن حمدان إلى القرامطة بهجر هدايا جميلة خمسون ألف درهم.
وفيها طلب سابور بن أبي طاهر القرمطي من أعمامه أن يسلموا الأمر إليه والجيش، وذكر أن أباه عهد إليه بذلك، فحبسوه في داره، ووكلوا به، ثم أخرج ميتاً في نصف رمضان، فدفن ومنع أهله من البكاء عليه، ثم أذن لهم بعد أسبوع أن يعملوا ما يريدون.
وفيها، ليلة الخميس رابع عشر رجب، انخسف القمر جميعه، وغاب منخسفاً.
وفيها، في شعبان، وقعت حرب بين أبي عبدالله بن الداعي العلوي وبين علوي آخر يعرف بأميرك، وهو أبو جعفر الثائر في الله، قتل فيها خلق كثير من الديلم والجيل، وأسر أبو عبدالله بن الداعي، وسجن في قلعة، ثم أطلق في المحرم سنة تسع وخمسين وعاد إلى رئاسته، وصار أبو جعفر صاحبه جيشه.
وفيها قبض بختيار على وزيره أبي الفضل العباس بن الحسين، وعلى جميع أصحابه، وقبض أموالهم وأملاكهم، واستوزر أبا الفرج محمد بن العباس، ثم عزل أبا الفرج وأعاد أبا الفضل.
وفيها اشتد الغلاء بالعراق، واضطرب الناس، فسعر السلطان الطعام، فاشتد البلاء، فدعته الضرورة إلى إزالة التسعير، فسهل الأمر، وخرج الناس من العراق إلى الموصل والشام وخراسان من الغلاء.
وفيها نفي شيرزاد، وكان قد غلب على أمر بختيار، وصار يحكم على الوزير والجند وغيرهم، فأوحش الأجناد، وعزم الأتراك على قتله، فمنعهم سبكتكين وقال لهم: خوفوه ليهرب؛ فهرب من بغداد، وعهد إلى بختيار ليحفظ ماله وملكه، فلما سار عن بغداد قبض بختيار أمواله وأملاكه ودوره وكان هذا مما يعاب به بختيار.
ثم إن شيرزاد سار إلى ركن الدولة ليصلح أمره مع بختيار، فتوفي بالري عند وصوله إليها.
وفيها توفي عبيد الله بن أحمد بن محمد أبو الفتح النحوي، المعروف بجخجخ.
وفيها مات عيسى الطبيب الذي كان طبيب القاهر بالله، والحاكم في دولته، وكان قد عمي قبل موته بسنتين، وكان مولده سنة إحدى وسبعين ومائتين.ثم ظهر لها أنه يعمل سراً في دخول البلد، فأرسلت إلى من معه من غلمانه سيف الدولة تقول لهم: ما من حق مولاكم أ، تفعلوا بحرمه وأولاده هذا؛ فنكلوا عن القتال والقصد لها، ثم جمعت رجالة وكبست أبا البركات ليلاً، فانهزم ونهب سواده وعسكره، وقتل جماعة من أصحابه وغلمانه، فراسلها: إنني لم أقصد لسوء؛ فردت رداً جميلاً، وأعادت إليه بعض ما نهب منه، وحملت إليه مائة ألف درهم، وأطلقت الأسرى، فعاد عنها.
وكان ابنها أبو المعالي بن سيف الدولة على حلب يقاتل قرعويه غلام أبيه.

This site was last updated 07/25/11