Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سنة سبعين وثلاثمائة سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة334
سنة335 وسنة336
سنة 337 وسنة338
سنة تسع وثلاثين وثلاثمائة
سنة340 وسنة341
سنة342 وسنة343 وسنة344 وسنة345
سنة346 وسنة347
سنة348 وسنة349 وسنة350
سنة351
سنة352 وسنة353 وسنة354
سنة355
سنة356 وسنة357
سشنة358
سنة259
سنة360 وسنة361
سنة363
سنة364
سنة365
سنة366 وسنة367
سنة367 وسنة368
سنة369
سنة370 وسنة371
سنة372
سنة373
سنة364 وسنة375
سنة476 وسنة377
سنة378 وسنة379
سنة380 وسنة381

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

ثم دخلت سنة سبعين وثلاثمائة
ذكر إقطاع مؤيد الدولة همذان

في هذه السنة أرسل الصاحب أبو القاسم إسماعيل بن عباد إلى عضد الدولة بهمذان رسولاً من عند أخيه مؤيد الدولة يبذل له الطاعة والموافقة، فالتقاه عضد الدولة بنفسه، وأكرمه، وأقطع أخاه مؤيد الدولة همذان وغيرها، وأقام عند عضد الدولة إلى أن عاد إلى بغداد، فرده إلى مؤيد الدولة، فأقطعه إقطاعاً كثيراً، وسير معه عسكراً يكون عند مؤيد الدولة في خدمته.
ذكر قتل أولاد حسنويه سوى بدر
لما خلع عضد الدولة على بدر وأخويه عاصم وعبد الملك، وفضل بدراً عليهما وولاه الأكراد حسده أخواه، فشقا العصا، وخرجا عن الطاعة، واستمال عاصم جماعة الأكراد المخالفين، فاجتمعوا عليه، فسير إليه عضد الدولة عسكراً، فأوقعوا بعاصم ومن معه، فانهزموا، وأسر عاصم، وأدخل همذان على جمل، ولم يعرف له خبر بعد ذلك اليوم، وقتل أولاد حسنويه، إلا بدراً فإنه ترك على حاله، وأقر على عمله، وكان عاقلاً، لبيباً، حازماً، كريماً، حليماً، وسيرد من أخباره ما يعلم به ذلك، إن شاء الله تعالى.
ذكر ملك عضد الدولة قلعة سندة
وفيها استولى عضد الدولة على قلاع أبي عبدالله المري بنواحي الجبل، وكان منزله بسندة، وله فيها مساكن نفيسة، وكان قديم البيت، فقبض عليه وعلى أولاده واعتقلهم، فبقوا كذلك إلى أن أطلقهم الصاحب بن عباد فيما بعد، واستخدم ابنه أبا طاهر، واستكتبه، وكان حسن الخط واللفظ.
ذكر الحرب بين عسكر العزيز وابن جراح وعزل قسام عن دمشق
في هذه السنة سيرت العساكر من مصر لقتال المفرج بن جراح.
وسبب ذلك أن ابن جراح عظم شأنه بأرض فلسطين، وكثر جمعه، وقويت شوكته، وبالغ هو في العيث والفساد، وتخريب البلاد، فجهز العزيز بالله العساكر وسيرها، وجعل عليها القائد يلتكين التركي، فسار إلى الرملة، واجتمع إليه من العرب، من قيس وغيرها، جمع كثير، وكان مع ابن جراح جمع يرمون بالنشاب، ويقاتلون قتال الترك، فالتقوا ونشبت الحرب بينهما، وجعل يلتكين كميناً، فخرج على عسكر ابن جراح، من وراء ظهورهم، عند اشتداد الحرب، فانهزموا وأخذتهم سيوف المصريين، ومضى ابن جراح منهزماً إلى إنطاكية، فاستجار بصاحبها فأجاره؛ وصادف خروج ملك الروم من القسطنطينية في عساكر عظيمة يريد بلاد الإسلام، فخاف ابن جراح، وكاتب بكجور بحمص والتجأ إليه.
وأما عسكر مصر فإنهم نازلوا دمشق، مخادعين لقسام، لم يظهروا له إلا أنهم جاؤوا لإصلاح البلد، وكف الأيدي المتطرقة إلى الأذى؛ وكان القائد أبو محمود قد مات سنة سبعين وهو والي البلد، ولا حكم له، وإنما الحكم لقسام، فلما مات قام بعده في الولاية جيش بن الصمصامة، وهو ابن أخت أبي محمود، فخرج إلى يلتكين وهو يظن أنه يريد إصلاح البلد، فأمره أن يخرج هو ومن معه وينزلوا بظاهر البلد، ففعلوا. وحذر قسام، وأمر من معه بمباشرة الحرب، فقاتلوا دفعات عدة؛ فقوي عسكر يلتكين، ودخلوا أطراف البلد، وملكوا الشاغور، وأحرقوا ونهبوا، فاجتمع مشايخ البلد عند قسام، وكلموه في أن يخرجوا إلى يلتكين، ويأخذوا أماناً لهم وله، فانخذل وذل، وخضع بعد تجبره وتكبره وقال: افعلوا ما شئتم.
وعاد أصحاب قسام إليه، فوجدوه خائفاً، ملقياً بيده، فأخذ كل لنفسه. وخرج شيوخ البلد إلى يلتكين، فطلبوا منه الأمان لهم ولقسام، فأجابهم إليه وقال: أريد أن أتسلم البلد اليوم؛ فقالوا: افعل ما تؤمر ! فأرسل والياً يقال له ابن خطلخ، ومعه خيل ورجل.
وكان مبدأ هذه الحرب والحصر في المحرم سنة سبعين لعشر بقين منه، والدخول إلى البلد لثلاث بقين منه، ولم يعرض لقسام ولا لأحد من أصحابه، وأقام قسام في البلد يومين ثم استتر، فأخذ كل ما في داره وما حولها من دور أصحابه وغيرهم، ثم خرج إلى الخيام، فقصد حاجب يلتكين وعرفه نفسه، فأخذه وحمله إلى يلتكين، فحمله يلتكين إلى مصر، فأطلقه العزيز، واستراح الناس من تحكمه عليهم، وتغلبه بمن تبعه من الأحداث من أهل العيث والفساد.
ذكر عدة حوادث (4/84)
وفيها توفي علي بن محمد الأحدب المزور، وكان يكتب على خط كل واحد فلا يشك المكتوب عنه أنه خطه؛ وكان عضد الدولة إذا أراد الإيقاع بين الملوك أمره أن يكتب على خط بعضهم إليه في الموافقة على من يريد إفساد الحال بينهما، ثم يتوصل ليصل المكتوب إليه، فيفسد الحال. وكان هذا الأحدب ربما ختمت يده لهذا السبب.
وفيها زادت الفرات زيادة عظيمة جاوزت المألوف، وغرق كثير من الغلات، وتمردت الصراة، وخربت قناطرها العتيقة والجديدة، وأشفى أهل الجانب الغربي من بغداد على الغرق، وبقيت الزيادة بها وبدجلة ثلاثة أشهر ثم نقصت.
وفيها زفت ابنة عضد الدولة إلى الخليفة الطائع، ومعها من الجواهر شيء لا يحصى.
وفيها ورد على عضد الدولة هدية من صاحب اليمن فيها قطعة واحدة من عنبر وزنها ستة وخمسون رطلاً؛ وحج بالناس أبو الفتح أحمد بن عمر بن يحيى العلوي، وخطب بمكة والمدينة للعزيز بالله صاحب مصر العلوي.
وفيها توفي أبو بكر أحمد بن علي الرازي، إمام الفقهاء الحنفية في زمانه، وطلب ليلي قضاء القضاة، فامتنع، وهو من أصحاب الكرخي.
وفيها توفي الزبير بن عبد الواحد بن موسى أبو يعلى البغدادي، سمع البغوي وابن صاعد، وسافر إلى أصبهان وخراسان وأذربيجان وغيرها، وسمع فيها الكثير، وتوفي بالموصل هذه السنة؛ ومحمد بن جعفر بن الحسين بن محمد أبو بكر المفيد، المعروف بغندر، توفي بمفازة بخارى؛ وأبو الفرج محمد بن العباس بن فسانجس؛ وأبو محمد علي بن الحسن الأصبهاني؛ والحسن ابن بشر الآمدي.
وفيها توفي القائد أبو محمود إبراهيم بن جعفر والي دمشق للعزيزي، وقام بعده جيش بن الصمصامة.


ثم دخلت سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة
ذكر عزل ابن سيمجور عن خراسان

في هذه السنة عزل أبو الحسن محمد بن إبراهيم بن سيمجور عن قيادة جيوش خراسان، واستعمل عوضه حسام الدولة أبو العباس تاش.
وكان سبب ذلك أن الأمير نوح بن منصور لما ملك خراسان وما وراء النهر، وهو صبي، استوزر أبا الحسين العتبي، فقام في حفظ الدولة القيام المرضي؛ وكان محمد بن سيمجور قد استوطن خراسان، وطالت أيامه فيها، فلا يطيع إلا فيما يريد، فعزله أبو الحسين العتبي عنها، واستعمل مكانه حسام الدولة أبا العباس تاش، وسيره من بخارى إلى نيسابور في هذه السنة، فاستقر بها ودبر خراسان، ونظر في أمورها، وأطاعه جندها.
ذكر استيلاء عضد الدولة على جرجان
في هذه السنة، في جمادى الآخرة، استولى عضد الدولة على بلاد جرجان وطبرستان، وأجلى عنها صاحبها قابوس بن وشمكير.
وسبب ذلك أن عضد الدولة لما استولى على بلاد أخيه فخر الدولة انهزم فخر الدولة، فلحق بقابوس، كما ذكرناه، وبلغ ذلك عضد الدولة، فأرسل إلى قابوس يبذل له الرغائب من البلاد، والأموال، والعهود، وغير ذلك، ليسلم إليه أخاه فخر الدولة، فامتنع قابوس من ذلك، ولم يجب إليه. فجهز عضد الدولة أخاه مؤيد الدولة، وسيره، ومعه العساكر، والأموال، والعدد، إلى جرجان.
وبلغ الخبر قابوساً، فسار إليه، فلقيه بنواحي أستراباذ، فاقتتلوا من بكرة إلى الظهر، فانهزم قابوس وأصحابه في جمادى الأولى، وقصد قابوس بعض قلاعه التي فيها ذخائره وأمواله، فأخذ ما أراد وسار نحو نيسابور، فلما وردها لحق به فخر الدولة، وانضم إليهما من تفرق من أصحابهما.
وكان وصولهما إليها. عند ولاية حسام الدولة أبي العباس تاش خراسان، فكتب حسام الدولة إلى الأمير أبي القاسم نوح بن منصور يعرفه خبر وصولهما، وكتبا أيضاً إلى نوح يعرفانه حالهما، ويستنصرانه على مؤيد الدولة. فوردت كتب نوح على حسام الدولة يأمره بإجلال محلهما، وإكرامهما، وجمع العساكر والمسير معهما، وإعادتهما إلى ملكهما، وكتب وزيره أبو الحسين بذلك أيضاً.
ذكر مسير حسام الدولة وقابوس إلى جرجان (4/85)
فلما وردت الكتب من الأمير نوح على حسام الدولة بالمسير بعساكر خراسان جميعها مع فخر الدولة وقابوس، جمع العساكر وحشد، فاجتمع بنيسابور عساكر سدت الفضاء، وساروا نحو جرجان فنازلوها وحصروها، وبها مؤيد الدولة، ومعه من عساكره وعساكر أخيه عضد الدولة جمع كثير، إلا أنهم لا يقاربون عساكر خراسان، فحصرهم حسام الدولة شهرين يغاديهم القتال ويراوحهم، وضاقت الميرة على أهل جرجان، حتى كانوا يأكلون نخالة الشعير معجونة بالطين، فلما اشتد عليهم الأمر خرجوا من جرجان، في شهر رمضان، على عزم صدق القتال إما لهم وإما عليهم. فلما رآهم أهل خراسان ظنوها كما تقدم من الدفعات، يكون قتال، ثم تحاجز، فالتقوا واقتتلوا قتالاً شديداً، فرأوا الأمر خلاف ما ظنوه.
وكان مؤيد الدولة قد كاتب بعض قواد خراسان، يسمى فائق الخاصة، وأطعمه ورغبه، فأجابه إلى الأنهزام عند اللقاء؛ وسيرد من أخبار فائق هذا ما يعرف به محله من الدولة.
فلما خرج مؤيد الدولة، هذا اليوم، حمل عسكره على فائق وأصحابه، فانهزم هو ومن معه، وتبعه الناس، وثبت فخر الدولة، وحسام الدولة في القلب، واشتد القتال إلى آخر النهار، فلما رأوا تلاحق الناس في الهزيمة لحقوا بهم، وغنم أصحاب مؤيد الدولة منهم ما لا يعلمه إلا الله تعالى، وأخذوا من الأقوات شيئاً كثيراً.
وعاد حسام الدولة، وفخر الدولة، وقابوس إلى نيسابور، وكتبوا إلى بخارى بالخبر، فأتاهم الجواب يمنيهم، ويعدهم بانفاذ العساكر والعود إلى جرجان والري، وأمر الأمير نوح سائر العساكر بالمسير إلى نيسابور، فأتوها من كل حدبٍ ينسلون، فاجتمع بظاهر نيسابور من العساكر أكثر من المرة الأولى، وحسام الدولة ينتظر تلاحق الأمداد ليسير بهم، فأتاهم الخبر بقتل الوزير أبي الحسين العتبي، فتفرق ذلك الجمع، وبطل ذلك التدبير.
وكان سبب قتله أن أبا الحسن بن سيمجور وضع جماعة من المماليك على قتله، فوثبوا به فقتلوه، فلما قتل كتب الرضي نوح بن منصور إلى حسام الدولة يستدعيه إلى بخارى ليدبر دولته، ويجمع ما انتشر منها بقتل أبي الحسين، فسار عن نيسابور إليها، وقتل من ظفر به من قتلة أبي الحسين، وكان قتله سنة اثنتين وسبعين.
ذكر قتل الأمير أبي القاسم أمير صقلية وهزيمة الفرنج
في هذه السنة، في ذي القعدة، سار الأمير أبو القاسم، أمير صقلية، من المدينة يريد الجهاد.
وسبب ذلك أن ملكاً من ملوك الفرنج، يقال له بردويل، خرج في جموع كثيرة من الفرنج إلى صقلية، فحصر قلعة ملطة وملكها، وأصاب سريتين للمسلمين، فسار الأمير أبو القاسم بعساكره ليرحله عن القلعة، فلما قاربها خاف وجبن، فجمع وجوه أصحابه، وقال لهم: إني راجع من مكاني هذا فلا تكسروا علي رأيي. فرجع هو وعساكره.
وكان أسطول الكفار يساير المسلمين في البحر، فلما رأوا المسلمين راجعين أرسلوا إلى بردويل، ملك الروم، يعلمونه ويقولون له: إن المسلمين خائفون منك، فالحق بهم فإنك تظفر. فجرد الفرنجي عسكره من أثقالهم، وسار جريدة، وجد في السير، فأدركهم في العشرين من المحرم سنة اثنتين وسبعين، فتعبأ المسلمون للقتال، واقتتلوا، واشتدت الحرب بينهم، فحملت طائفة من الفرنج على القلب والأعلام، فشقوا العسكر ووصلوا إليها، وقد تفرق كثير من المسلمين عن أميرهم، واختل نظامهم، فوصل الفرنج إليه، فأصابته ضربة على أم رأسه فقتل، وقتل معه جماعة من أعيان الناس وشجعانهم.
ثم إن المنهزمين من المسلمين رجعوا مصممين على القتال ليظفروا أو يموتوا، واشتد حينئذ الأمر، وعظم الخطب على الطائفتين، فانهزم الفرنج أقبح هزيمة، وقتل منهم نحو أربعة آلاف قتيل، وأسر من بطارقتهم كثير وتبعوهم إلى أن أدركهم الليل، وغنموا من أموالهم كثيراً. وأفلت ملك الفرنج هارباً ومعه رجل يهوديٌ كان خصيصاً به، فوقف فرس الملك، فقال له إليهودي: اركب فرسي، فإن قتلت فأنت لولدي؛ فركبه الملك وقتل إليهودي، فنجا الملك إلى خيامه وبها زوجته وأصحابه فأخذهم وعاد إلى رومية.
ولما قتل الأمير أبو القاسم كان معه ابنه جابر، فقام مقام أبيه، ورحل بالمسلمين لوقتهم، ولم يمكنهم من إتمام الغنيمة، فتركوا كثيراً منها، وسأله أصحابه ليقيم إلى أن يجمع السلاح وغيره ويعمر به الخزائن، فلم يفعل.(4/86)
وكانت ولاية أبي القاسم على صقلية اثنتي عشرة سنة وخمسة أشهر وخمسة أيام، وكان عادلاً، حسن السيرة، كثير الشفقة على رعيته والإحسان إليهم، عظيم الصدقة، ولم يخلف ديناراً ولا درهماً ولا عقاراً، فإنه كان قد وقف جميع أملاكه على الفقراء وأبواب البر.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة وقع حريق بالكرخ ببغداد فاحترق فيها مواضع كثيرة هلك فيها خلق كثير من الناس، وبقي الحريق أسبوعاً.
وفيها قبض عضد الدولة على القاضي أبي علي المحسن بن علي التنوخي، وألزمه منزله، وعزله عن أعماله التي كان يتولاها، وكان حنفي المذهب، شديد التعصب على الشافعي يطلق لسانه فيه، قاتله الله ! وفيها أفرج عضد الدولة عن أبي إسحاق إبراهيم بن هلال الصابي الكاتب، وكان القبض عليه سنة سبع وستين.
وكان سبب قبضه أنه كان يكتب عن بختيار كتباً في معنى الخلف الواقع بينه وبين عضد الدولة، فكان ينصح صاحبه، فمما كتبه عن الخليفة الطائع إلى عضد الدولة في المعنى، وقد لقب عز الدولة بشاهنشاه، فتزحزح له عن سنن المساواة، فنقم عليه عضد الدولة ذلك، وهذا من أعجب الأشياء، فإنه كان ينبغي أن يعظم في عينه لنصحه لصاحبه، فلما أطلقه أمره بعمل كتاب يتضمن أخبارهم ومحاسنها، فعمل التاجي في دولة الديلم.
وفيها أرسل عضد الدولة القاضي أبا بكر محمد بن الطيب الأشعري المعروف بابن الباقلاني إلى ملك الروم في جواب رسالة وردت منه، فلما وصل إلى الملك قيل له ليقبل الأرض بين يديه، فلم يفعل، فقيل: لا سبيل إلى الدخول إلا مع تقبيل الأرض؛ فأصر على الامتناع، فعمل الملك باباً صغيراً يدخل منه القاضي منحنياً ليرهم الحاضرين أنه قبل الأرض، فلما رأى القاضي الباب علم ذلك، فاستدبره ودخل منه، فلما جازه استقبل الملك وهو قائم، فعظم عندهم محله.
وفيها فتح المارستان العضدي، غربي بغداد، ونقل إليه جميع ما يحتاج إليه من الأدوية.
وفي هذه السنة توفي الإمام أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الاسماعيلي الجرجاني، الفقيه الشافعي، وكان عالماً بالحديث وغيره من العلوم؛ والإمام محمد بن أحمد بن عبدالله بن محمد أبو زيد المروزي الفقيه الشافعي الزاهد، يروي صحيح البخاري عن الفربري، وتوفي في رجب؛ وأبو عبدالله محمد بن خفيف الشرازي، شيخ الصوفية في وقته، صحب الجريري وابن عطاء وغيرهما.
وفيها توفي أبو الحسن علي بن إبراهيم الصوفي المعروف بالحصري.وكانت ولاية أبي القاسم على صقلية اثنتي عشرة سنة وخمسة أشهر وخمسة أيام، وكان عادلاً، حسن السيرة، كثير الشفقة على رعيته والإحسان إليهم، عظيم الصدقة، ولم يخلف ديناراً ولا درهماً ولا عقاراً، فإنه كان قد وقف جميع أملاكه على الفقراء وأبواب البر.

This site was last updated 07/25/11