Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

تقسيم مصر الإداري في عهد محمد علي

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
محمد على والبناء
محمد على والتعليم
الأوربيين يصفون مصر
محمد على وبناء الجيش
وفاة محمد على
محمد على والطب
إمساكية رمضان ومحمد على
محمد على والزراعة القناطر
أملاك محمد على باليونان
محمد على وعمر مكرم
المحليات وعصر محمد على
محمد على والصحافة
محمد والجريمة والعقاب
مذبحة القلعة
هزيمة وتدمير الأسطول المصرى
سليمان باشا الفرنساوى
الطريقة الصوفية البكتاشية
إنشاء القناطر الخيرية
قصر محمد على تسكنه الخفافيش
فكرة حفر قناة السويس
صورة ملكة بريطانيا المرصعة بالماس
New Page 7418
New Page 7419

Hit Counter

 

جريدة الأهرام 11/10/2007م السنة 132 العدد 44138 عن مقالة بعنوان [ المحليات في أقدم دولة مركزية ] بقلم‏:‏ د‏.‏ يونان لبيب رزق - الحلقة‏703‏
في عدد الأهرام الصادر يوم‏31‏ مايو‏1941‏ كتب الأستاذ عبد الحليم صبري الموظف بدار المحفوظات كلمة تحت عنوان‏'‏ تقسيم مصر الإداري في عهد محمد علي‏'‏ أشار فيها إلي ما اهتمت به حكومة حسين سري الثانية من إعادة النظر في تقسيم مصر الإداري فقال أن‏'‏ مصر كانت تتألف في أوائل عهد ساكن الجنان المغفور محمد علي باشا الكبير من الوجهين البحري والقبلي كما هي الآن‏.‏ وكان كل منهما مقسما سبع ولايات سميت فيما بعد مديريات‏-‏ يضم الأول منهما الشرقية‏,‏ والمنصورة‏,‏ والبحيرة‏,‏ وقليوب‏,‏ والغربية‏,‏ والمنوفية والجيزة‏,‏ يضم الثاني بهناسوية‏,‏ والأشمونية‏,‏ ومنفلوط وجرجا‏,‏ وأطفيح‏,‏ والواح‏,‏ وفيوم‏.‏ وكان الهدف من هذا التقسيم تحصيل الضرائب بطريق الالتزام‏'.‏

وأضاف الأستاذ صبري أن محمد علي باشا قد أدخل علي هذا النظام تعديلا‏,‏ فقسم البلاد إلي ثلاثة أقسام هي‏:‏ الأقاليم البحرية والوسطي‏'‏ الوسطانية‏'‏ والقبلية‏.‏ وكانت هناك أربع محافظات هي القاهرة والإسكندرية ودمياط والبرلس فأنشأ محافظات السويس وبورسعيد سنة‏1225‏ هـ وإسنا وقنا‏1233‏ هـ وأسوان والقصير‏1234‏ هـ وجعل لكل منها حاكما يعادل المدير في الرتبة‏,‏ ويليه الكاشف‏,‏ وهو المفتش وكان يجمع بين السلطتين المالية والإدارية‏.‏ انتهت إلي هنا تلك النبذة التاريخية التي تقدم بها موظف المحفوظات‏,‏ وهي علي أي الأحوال في حاجة إلي مراجعة‏!‏
وتبدأ عملية المراجعة بتلك العلاقة غير الصحية بين القاهرة وبين سائر الأقاليم المصرية‏,‏ فقد ثبت علي مر السنوات أنه تشكل العاصمة في مصر رأسا كبير بينما تشكل بقية مدن القطر جسدا نحيلا‏,‏ حتي أن أهالي الأقاليم أطلقوا عليها توصيفات خاصة‏,‏ فمرة يسمونها‏'‏ أم الدنيا‏',‏ ومرة ثانية يدعونها‏'‏ المحروسة‏',‏ ومرة ثالثة يكتفون بإطلاق اسم‏'‏ مصر‏'‏ عليها وكأن سائر الأقاليم خارج مصر‏!‏
ويشي الوصف الذي قدمه أحد الرحالة المغاربة عن القاهرة بهذه الحقيقة‏,‏ الرحالة اسمه أبو سالم العياشي وقد زار مصر في القرن السابع عشر‏,‏ وجاء في قوله عن القاهرة‏:((‏ وبالجملة فإن مصر أم البلاد شرقا وغربا‏..‏ لكثرة أجناس الناس فيها فمن طلب جنسا وجد منه فوق ما يظن فيظن أن غالب أهل البلد كذلك‏.‏ ويسوق قولة ابن خلدون‏:‏ومصر بخلاف ذلك كلما تخيلت فيها فإذا دخلتها وجدتها أكثر من ذلك‏.‏ ويسجل طبيعة الحياة المدنية لسكان القاهرة‏:'‏ كأن الناس فيها قد حشروا إلي المحشر لا تري أحدا يسأل عن أحد‏,‏ كل واحد ساع فيما يري فيه خلاص نفسه‏,‏ وأنه لو تواني الإنسان في مشيه لفاته غرض من كثرة الأغراض وتزاحم الأشغال‏.‏
لعل تلك المركزية الشدية الممتدة من أعماق التاريخ هي التي جعلت حكومة الأستانة بعد أن نجحت في ضم مصر‏(1517)‏ تفشل فيما فعلته بالنسبة لسائر ولايات المشرق العربي التي وضعتها تحت حكمها‏;‏ أن تقسمها إلي مجموعة من الباشويات أو الألوية أو السنجقيات وتملأها برجالها‏,‏ فقد ظلت مصر في كل الظروف ولمدة حوالي ثلاثة قرون باشوية واحدة حتي جاءت الحملة الفرنسية إليها في عام‏1798‏ وتغير كثير من الأحوال‏.‏
خلال تلك الفترة ساد نوع من التقسيم الإداري المحدود‏..‏ خمسة أقاليم إدارية كبري‏;‏ الغربية وعاصمتها المحلة الكبري‏,‏ المنوفية وعاصمتها منوف‏,‏ الشرقية وعاصمتها المنصورة‏,‏ البحيرة وعاصمتها دمنهور وجرجا وعاصمتها جرجا‏.‏
والملاحظ أن هذه الأقاليم الكبيرة قد انقسمت إلي مجموعة من الأقسام التابعة لها‏;‏ الكاشفيات‏':‏ ثلاث في مصر السفلي‏,‏ وسبع في مصر الوسطي‏,‏ وأربعة عشر في مصر العليا‏,‏ وإن كان العثمانيون قد أجروا تعديلات في هذه الكاشفيات بين الحين والآخر وفقا لم تقتضيه الحاجة‏.‏
أما القاهرة فقد بقيت مقر الحكومة والإدارة يشرف عليها الباشا شخصيا ورجال الإدارة كأغا الانكشارية الذي يقوم بالإشراف علي الأمن وتنظيم الشئون التموينية‏,‏ ويشاركه في عمله هذا ثلاثة من كبار رجال الأمن أطلق عليهم توصيف‏'‏ الزعماء‏';‏ زعيم مصر أو والي مصر‏,‏ وزعيم بولاق وزعيم مصر القديمة‏,‏ وأمين الاحتساب‏.‏
ويقوم بحراسة المدينة ليلا البكوات الخفراء أو رجال القلقات‏,‏ وهي قوة عسكرية تقوم بحفظ الأمن ولها ثلاثة مراكز‏,‏ أحدها في القبة والثاني في مصر القديمة والثالث في منطقة الإمام الشافعي‏.‏
‏***‏ إذا كان مثل هذا النظام السابق ملائما لدولة ذات طابع إقطاعي مثل الإمبراطورية العثمانية يتنازع السلطة فيها قوي متعددة‏,‏ أوجاقات الحامية السبعة علي رأسها الانكشارية في القاهرة‏,‏ والعزبان في الأقاليم‏,‏ هذا فضلا عن البكوات المماليك الذين كانوا كثيرا ما يستقووا علي رجال الحامية‏,‏ كما حدث خلال القرن الثامن عشر‏,‏ هذا بالإضافة إلي العناصر المحلية خاصة من البدو الهوارة الذين اكتسبوا أهمية بالغة أثناء ذات القرن‏,‏ حتي أن أحدهم وهو الشيخ همام أسس دولة شبه مستقلة في الصعيد اضطرت العثمانيين أن يرسلوا قوة للقضاء عليها‏..‏ نقول أنه إذا كان مثل هذا النظام مقبولا في ظل الحكم العثماني‏,‏ فهو لم يعد مقبولا في ظل الدولة الحديثة التي أنشأها محمد علي خلال النصف الأول من القرن التاسع عشر‏.‏
لعل أهم ما فعله هذا الباشا والذي دفع إلي إدخاله في زمرة مؤسسي الدول الحديثة أنه قضي عل كل عناصر‏'‏ اللامركزية‏'‏ التي كانت سائدة بمصر‏..‏ أمراء المماليك قضي علي قادتهم بضربة واحدة بحادثة القلعة‏1811.‏
تخلص بعد ذلك من زعامة المشايخ التي كانت تنافسه في التمتع بسلطاته المركزية التي تطلع إليها‏,‏ ومرة أخري يلقي محمد علي لوما من المؤرخين علي ما فعله بهؤلاء الذين أتوا به إلي سدة الحكم‏,‏ علي رأسهم نقيب الأشراف الشيخ عمر مكرم‏,‏ غير أننا نلاحظ أن هؤلاء‏,‏ باستثناءات قليلة‏,‏ ممثلة في الشيخ حسن العطار وتلميذه رفاعة رافع الطهطاوي‏,‏ كانوا من العناصر المحافظة‏,‏ وكان يمكن أن يقفوا حجر عثرة في طريق سياسة التحديث التي كان يسعي إليها هذا الباشا الطموح‏.‏
الأهم من ذلك كان ما فعله هذا الباشا المدهش من قص الأجنحة الاقتصادية للنظام الإقطاعي القديم ممثلة في نظام الالتزام‏,‏ حيث صادر زمامات الالتزام في مقابل تعويضات محدودة لأصحابها وحول الأراضي الزراعية إلي‏'‏ أراضي أثر‏'‏ تتملكها الحكومة وتقوم باستغلالها علي أسس اقتصادية رأسمالية‏,‏ حتي لو كانت‏'‏ رأسمالية الدولة‏',‏ وهو بذلك أضفي علي حكومته مصدرين من مصادر القوة‏..‏ المال الذي حصل عليه من عائد استغلال الأرض‏,‏ وإضعاف الملتزمين القدامي الذين لم يعد لهم في العير أو النفير‏,‏ ويروي الجبرتي أنه عندما حاول بعض هؤلاء تشغيل الفلاحين ردوا عليهم بالقول‏:'‏ إحنا صرنا فلاحين الباشا‏'!‏
وقد بدأت التغييرات في الإدارة المحلية بعد عام‏1826‏ حيث قسمت مصر إلي أربعة وعشرين قسما يضم الوجه البحري أربعة عشرة والوجه القبلي عشرة‏,‏ وبعد ثلاث سنوات ظهر لأول مرة نظام المديرية التي تكونت من تجميع عدد من المقاطعات تحت رئاسة المدير‏,‏ وتتالي ظهور هذا النوع من الوحدات الإدارية خلال السنوات التالية حتي بلغت عام‏1834‏ ثماني مديريات‏;‏ بني سويف والمنيا‏,‏ الغربية‏,‏ الشرقية‏,‏ المنوفية‏,‏ البحيرة‏,‏ الجيزة‏,‏ أسيوط وجرجا وأخيرا قنا وأسوان‏.‏
الأهم طبعا من التقسيم كان ممارسة حكومة القاهرة لسلطتها المركزية علي الأقاليم علي نحو لا يسمح بحدوث شاردة ولا واردة دون علمها‏,‏ وذلك من خلال جهاز إداري معقد لم يعرفه العصر العثماني‏.‏
علي رأس هذا الجهاز‏(‏ المدير‏)‏ وكان مسئولا عن تنفيذ أوامر الباشا خاصة فيما يتصل بجباية الضرائب والمتأخرات والمحافظة علي الجسور والترع والإشراف علي المصانع والترع‏.‏ يليه‏(‏ المأمور‏)‏ وكان يضطلع بالمسئولية القصوي في كل الأعمال فيرسل المفتشين للاطمئنان علي حسن سير العملية الزراعية‏,‏ وينصح بزراعة الأشجار قرب المجاري المائية‏,‏ ويقوم بجولات تفتيشية ويستمع إلي الشكاوي ضد الموظفين ويعاقب بعضهم بالحبس حسب القواعد‏,‏ كما كان يتأكد من تحصيل وإحضار المحاصيل إلي‏'‏ شون الحكومة‏',‏ وكان من مهام المأمور البحث عن الفلاحين الذين هجروا أراضيه فرارا من الضرائب أو الجندية‏.‏
ولا شك أن يد الحكومة المركزية كانت ثقيلة جدا علي الفلاحين من خلال هؤلاء الموظفين ورجالهم‏,‏ فكانوا يقومون بإعداد الناس للسخرة‏Corvee‏ التي كان معمولا فيها حتي ذلك الوقت‏,‏ وكانوا يقدمون أيضا الجنود للجيش والأسطول‏,‏ ويساعدون الموظفين المختصين بالصناعات المحلية‏.‏ وكما تقول هيلين ريفلين‏'‏ كان موظفو الناحية يتمتعون تقريبا بسلطة مطلقة علي الفلاحين‏.‏
وإذا لاحظنا أن موظفي الباشا كانوا يتمتعون بسلطات واسعة وأنهم كانوا يلقون أشد الجزاءات في حالة التقصير‏,‏ الأمر الذي يبدأ بالعزل ويصل إلي العقوبات البدنية كالجلد أو حتي السجن‏,‏ مما جعل النظام القائم أقرب إلي النظام الحديدي‏,‏ الأمر الذي يصعب معه القول أن الأقاليم المصرية تمتعت بدرجة من الحكم الذاتي‏,‏ حتي في الإدارة‏,‏ وما كان مسموحا للموظفين هامش محدود يتحركون فيه من خلال اجتهادات شخصية‏,‏ وليس أكثر‏,‏ ويلقي سوء المصير إذا ما حاول أن يجتهد ولو قليلا وخرج عن هذا الهامش‏,‏ فحكومة القاهرة واقفة له بالمرصاد‏!‏
وتبدو هامشية‏'‏ الحكم المحلي‏'‏ مما نلاحظه أنه سواء في عصر محمد علي أو بعده‏,‏ كان يتم انتقاء المديرين من الطبقة الحاكمة في القاهرة من أبناء الترك‏,‏ وكان هؤلاء يعلمون أنهم في مهام مؤقتة‏,‏ ويمارسون عملهم من قبيل الوجاهة‏,‏ فمنصب المدير كان يؤهلهم للحصول علي منصب أعلي‏,‏ وربما في الوزارة‏.‏ وظل الحال علي ذلك طالما ظلت الطبقة التركية‏,‏ أو منحدرة من أصول تركية تتحكم في البلاد‏,‏ ثم حدث بعد ثورة‏1952‏ بعد أن اختفت الطبقات التركية الحاكمة واختفي معها أصحاب الطرابيش الحمراء رمزا للأرستقراطية القديمة وحل محلهم أبناء الطبقة الوسطي من المصريين من الضباط أصحاب الكابات الصفراء‏..‏ صحيح أنه يحدث أحيانا أن يتم اختيار المحافظ‏,‏ بعد أن تحولت المديريات إلي محافظات‏,‏ من بعض العناصر المدنية‏,‏ خاصة من الحقوقيين‏,‏ غير أن الغالبية العظمي من هؤلاء ظلت من أصحاب الكابات الصفراء حتي لو كانوا قد خلعوها‏!‏
آخر صورة قدمت للأقسام الإدارية المصرية في عهد الملك فؤاد يضمنها تقويم‏1936‏ الذي كانت تصدره الحكومة المصرية‏,‏ وقد تضمن خمس محافظات‏;‏ القاهرة والإسكندرية ودمياط وبورسعيد والإسماعيلية والسويس‏,‏ هذا فضلا عن ست مديريات في الوجه البحري‏;‏ البحيرة ومركزها دمنهور‏,‏ الغربية ومركزها بندر طنطا‏,‏ الدقهلية ومركزها بندر المنصورة‏,‏ أما الشرقية فمركزها بندر الزقازيق‏,‏ بعدها المنوفية يليها القليوبية‏,‏ أما في الوجه القبلي فقد كانت هناك مديرية الجيزة تليها مديرية الفيوم تأتي بعدها مديريات بني سويف فالمنيا لتأتي في ذيل القائمة في أقصي الجنوب مديريات جرجا وقنا وأسوان‏.‏
كان هذا هو الحال عندما كانت حكومة حسين سري في الحكم في آخر مايو‏1941,‏ وكان واضحا منذ البداية عزوفها عن التورط في قضايا الحرب الساخنة‏,‏ وأخذت تبحث عن القضايا غير المثيرة للجدل‏,‏ وكان منها موضوع إعادة تقسيم مصر إداريا‏,‏ أو علي الأقل إدخال تعديلات علي ما هو قائم‏!‏

***‏
أول الأخبار عن الموضوع جاءت في أعداد الأهرام في ذلك العام تحت عنوان بارز إعادة تقسيم المملكة المصرية علي أساس جديد نبهت فيه إلي أن حسين سري باشا تقدم بمذكرة تقضي تقسيما جديدا يتناول النواحي الإدارية والمالية والقضائية في المديريات‏.‏ وتضيف الجريدة من عندياتها أن هذا الموضوع كان قد تم بحثه منذ سنوات‏,‏ ثم طوي‏.‏ وذكر الرجل ان مصدر التفكير في جل هذا الوضع أن التقسيم القائم وضع منذ وقت طويل أيام كان عدد السكان قليلا ولم تكن الحالة العمرانية قد بلغت من التقدم ما بلغته وقتئذ‏'‏ والمفهوم أن التقسيم الجديد سيترتب عليه زياة عدة مديريات‏,‏ وهناك اقتراح يرمي إلي جعل مديرية الغربية مديريتين نظرا لاتساع مساحتها والزيادة في عدد السكان وتكبد الساكنين منهم في الأطراف مشقة السفر البعيد إلي المركز الرئيسي للقضاء والإدارة فيها‏.‏
ونتوقف هنا لنسجل ملاحظتين‏;‏ الأولي أن طنطا لم تكن لها قيمة تذكر قبل أن تصبح بندر الغربية وكانت المحلة الكبري هي بندر تلك المديرية بحكم أهميتها الاقتصادية‏,‏ غير أنها بعد أن مدت الخطوط الحديدية في الدلتا اكتسبت طنطا أهمية اقتصادية بالغة باعتبارها المركز الرئيسي لهذه الخطوط‏,‏ وتبع ذلك أن أصبحت مركزا اقتصاديا بالغ الأهمية في تجارة القطن وغيره من المحاصيل الزراعية مما أهلها لأن تتولي مركز القيادة الاقتصادية في الدلتا‏,‏ بل أكثر من ذلك أنها لما ضاقت علي هذا النشاط المتعدد الجونب فكر المسئولون في تحويلها إلي مديريتين‏!,‏ وهو ما حدث فعلا فيما بعد حين خرجت منها مديرية الفؤادية‏,‏ نسبة إلي الملك فؤاد‏,‏ ولم تلبث أن تغير اسمها إلي كفر الشيخ‏,‏ وهي التسمية التي تحتفظ بها حتي يومنا هذا‏.‏ وفي مذكرة أخري وضعها حسين سري أضاف مزيدا من الأسباب التي تدفع الحكومة إلي إعادة تقسم الإدارة المحلية المصرية‏,‏ منها أنه قد يحدث أحيانا أن تتبع بعض أجزاء من إحدي المديريات ـ من الاختصاص ـ محافظة تجاورها دون أن يكون هناك مبرر لهذه التبعية سوي خط التقسيم الذي تقرر منذ أكثر من عشر سنوات‏.‏
ويضيف مندوب الأهرام انه قد تشكلت لجنة علي مستوي عال لبحث الموضوع‏,‏ وقد صرح أحد أعضائها أن الغرض من التعديل المنوي اتخاذه هو تيسير الانتقال والتعامل للجمهور وللموظفين من النواحي الإدارية والقضائية والصحية‏,‏ وكذلك من ناحية شؤون الري‏.‏
وضرب الرجل مثلا علي ذلك بمركز ملوي فهو تابع لمديرية أسيوط‏,‏ ولكنه أقرب إلي مديرية المنيا‏,‏ كذلك مركز فارسكور فإنه أقرب إلي دمياط منه إلي المنصورة‏,‏ وشربين أقرب إلي الدقهلية منه إلي الغربية‏.‏ وختم عضو اللجنة تصريحه لمندوب الأهرام أن التعديل قد يتناول مركزا بأكمله‏,‏ ولم يقتصر علي ضم مناطق من مركز أو مديرية إلي مراكز ومديريات أخري حسب ما تقضي به المصلحة علي ضوء ما مضي من التجارب في هذا الشأن‏.‏
ومضت اللجنة قدما في عملها علي هذه الأسس وتوالت الأخبار عن طبيعة هذه الأعمال‏,‏ وقد وضعت عددا من القواعد تتبعها في عملها كان منها‏'‏ تعريف‏'‏ محدد للمدينة‏;‏ فهي إحدي عواصم المحافظات أو عواصم المديريات‏,‏ وكل بلدة مقررة علي مبانيها ضرائب أملاك ويكون بها مجلس بلدي أو مجلس محلي‏'‏ أما البلاد التي بها مجالس قروية فهي بالضرورة قري إلي أن يرقي مجلسها إلي مجلس محلي‏,‏ علي أن يعد من المدن بعض البلاد التي تقوم فيها شركات كبري مقام المجالس المحلية في أعمال التنظيم كالإسماعيلية‏'.‏
فضلا عن ذلك فقد كانت هناك تعليمات وزير الداخلية التي كان علي اللجنة اتباعها‏;‏ الوقوف علي ما يلزم من تعداد السكان والزمام ودرجة العمران‏'‏ علي أن يراعي في ذلك تعادل التوزيع من حيث عدد السكان والمساحة وحالة الأمن‏,‏ وما إذا كان هناك ما يدعو إلي فصل بعض المراكز أو البلاد‏,‏ أو تعديل الحدود بين مديرية وأخري‏'.‏كما طالب موافاة الوزارة بحالة القري التي تتبع المحافظات في بعض الأعمال كالضبط والصحة‏,‏ في حين أنها تتبع المديريات في الأعمال الإدارية والمالية‏.‏ وعلي ضوء هذه القاعدة والتعليمات أعادت اللجنة النظر في التقسيم الخاص بمديرية الشرقية‏,‏
وقررت إنشاء مركز جديد بناحية أبو كبير يتألف من‏31‏ بلدة منها‏14‏ بلدة من بلاد مركز كفر صقر‏,‏ و‏13‏ من بلاد مركز ههيا‏,‏ و‏4‏ من مركز فاقوس‏,‏ علي أن تفصل مدينة القنطرة غرب من مركز فاقوس وتلحق بمحافظة القناة‏.‏ وسارت اللجنة قدما في عملية الفصل والإلحاق لأسباب وجيهة ارتأتها‏,‏ فهي قد وافقت علي فصل نواحي‏'‏ كفر الزقازيق قبلي‏'‏ وكفر عبد النبي وكفر علي غالي من مركز منيا القمح وضمها إلي مركز شبين القناطر‏,‏ وفصل جميع بلاد مركز ميت غمر وإلحاقها بمركز منيا القمح لقربها منها‏,‏
ويصبح هذا المركز الأخير مؤلفا من‏86‏ بلدة‏.‏ وفصل تسع من بلاد مركز أبو حماد وإلحاقها بقسم الإسماعيلية بمحافظة القناة وبلدة الجناين من هذا المركز وإلحاقها نهائيا بمحافظة السويس‏.‏
وكان قرار اللجنة بإلغاء محافظة دمياط من أكثر ما أثار الجدل‏,‏ وقد اعتمدت في ذلك علي أن دائرتها من الضيق بحيث لا يصلح بقاؤها علي أساس النظام القائم‏'‏ الذي يكلف الدولة نفقات لا مبرر لها‏,‏ وقد رؤي أن تضم إلي مديرية الدقهلية‏,‏ وكان أول المحتجين علي ذلك مراسل الأهرام في المدينة الذي ذكر أنه لا يجوز جعل هذه المحافظة مركزا‏,‏ وذلك بالنظر إلي أهمية موقعها وكثرة عدد سكانها وتقدم الصناعات فيها‏,‏ هذا إلي ما تضمه من مننشآت عامة ومعاهد تعليم ودور صناعات‏.‏
غير أنه لم يمض وقت طويل حتي انتهي الجدل بعد انتهاء العمر الافتراضي لوزارة سري الثانية بعد حادثة‏4‏ فبراير‏1942‏ الشهيرة‏,‏ ولم يعد ثمة سبب لشغل الناس بأمور قليلة الأهمية مثل تلك الأمور التي انشغلت بها اللجنة خلال فترة انعقادها التي لم تتجاوز شهورا قليلة‏.‏
 

 

 

Home | محمد على والبناء | محمد على والتعليم | الأوربيين يصفون مصر | محمد على وبناء الجيش | وفاة محمد على | محمد على والطب | إمساكية رمضان ومحمد على | محمد على والزراعة القناطر | أملاك محمد على باليونان | محمد على وعمر مكرم | المحليات وعصر محمد على | محمد على والصحافة | محمد والجريمة والعقاب | مذبحة القلعة | هزيمة وتدمير الأسطول المصرى | سليمان باشا الفرنساوى | الطريقة الصوفية البكتاشية | إنشاء القناطر الخيرية | قصر محمد على تسكنه الخفافيش | فكرة حفر قناة السويس | صورة ملكة بريطانيا المرصعة بالماس | New Page 7418 | New Page 7419

This site was last updated 03/02/09