Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

وصف مصر فى عصر محمد على بعيون الزوار الأوربيين

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس بها تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وصمم الموقع ليصل إلى 30000 موضوع

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر - نرجوا من السادة القراء تحميل هذا الموقع على سى دى والإحتفاظ به لأننا سنرفعه من النت عندما يكتمل

Home
Up
عرس زينب هانم الصغرى

Hit Counter

 

 
العالم الانجليزي عاشق مصر 'إدواردلين' وأهم الكتب التي أصدرها عن حياته في مصر وهو كتاب 'طباع وعادات المصريين المحدثين' وقدم فيه صورا تسجيلية عن الحياة المصرية في اوائل القرن التاسع عشر، بعد ان أتقن لغة المصريين العامية، ولبس لبسهم، وصلي صلاتهم واختلط بكل الطبقات والطوائف اختلاطا وثيقا،وفي رحلته الثالثة إلي مصر في عام 1842م اصطحب 'لين' معه اخته 'صوفيا' وولديها بالاضافة إلي زوجته 'نفيسة'. وعهد الي اخته باختراق هذا العالم المجهول، لكي تملأ الفراغ الذي ظهر في كتابه عن عالم الحريم، وتسجل كل ما تقع عليه عيناها في كل مرة يسمح لها بدخول القصور العلوية، والاختلاط بتلك الكائنات الأسيرة داخل الأسوار المحكمة.
وصفت أخبار مصر فى خطابات إلي صديقة وهمية

ولما كانت 'صوفيا' كاتبة غير محترفة ولم تتعود هذا النوع من الكتابة الفنية، فقد اقترح عليها أخوها أن تتخيل نفسها تكتب خطابات شخصية الي صديقة لها في انجلترا تصف لها حياتها في القاهرة، وزالت رهبة الكتابة عن صوفيا وبدأت تدون مشاهداتها في سلسلة من الرسائل إلي صديقة 'وهمية'. ومن مجموع هذه الرسائل:

 ولد كتاب 'حريم محمد علي باشا' الذي قامت علي ترجمته إلي العربية الدكتورة عزة كرارة، وصدرت طبعته الأولي عن دار 'سطور' في عام .1999 وقدمت له المترجمة بدراسة وافية أوضحت فيها التجارب السابقة التي قامت بها زائرات أجنبيات لوصف الحياة النسائية في مصر، ولكن لم تنجح واحدة منهن في دخول الحريم العالي واكتفين بوصف حالة المرأة المصرية في محيط الطبقة الوسطي، وكانت الزيارات تتم غالبا بواسطة الخادمات. فكانت زيارات فاشلة يغلب عليها التكلف والثرثرة الفارغة من المضمون، والمجاملات الجوفاء، وكانت الحصيلة من عالم الحريم مجرد عبارات وصفية لكل ما هو قبيح وتافه.. ولعل السبب في هذا القصور يرجع إلي أن معظم الزائرات الأجنبيات كن سيدات عاديات جئن إلي مصر بصحبة أزواجهن للتمتع برحلات نيلية لمشاهدة الآثار الفرعونية التي ذاع صيتها في اوربا في بداية القرن التاسع عشر. وألمحت الدكتورة عزة كرارة إلي نماذج من نشاط هؤلاء الزائرات، أما 'صوفيا' فتختلف عنهن جميعا من حيث النشأة والتربية والثقافة والهدف من الكتابة. فقد كانت تمثل المرأة الانجليزية التي تتحرج من الظهور إلي المجتمع عن طريق التأليف. وهي في كتابها تعكس الحركة الفكرية التي سادت انجلترا في العصر الفكتوري حينما تسربت نزعة قوية انجيلية تبشيرية في مختلف طبقات المجتمع، كرد فعل لاتجاه 'اليعاقبة' في فرنسا الذي ينادي بالعقلانية والتحلل من الدين.

فكرة اقتناء العبيد
كما تأثرت 'صوفيا' بالروح المعادية للرق، والمطالبة بتحريم تجارة العبيد، وهي الحملة التي اندلعت في انجلترا، وهذا يفسر كرهها الشديد لمجرد فكرة اقتناء العبيد، كما يفسر ­كما تقول الدكتورة عزة­ نظرتها التي تبدو متعالية علي المجتمع المصري ­ليس نتيجة كبر أو غطرسة­ وإنما لانها كانت مقتنعة فعلا بأن المصريين، ومن شابههم من الشرقيين: مثل الأطفال بحاجة إلي من يتولي أمرهم، ويهيمن عليهم، ويقودهم إلي سواء السبيل.
وتبدو 'صوفيا' دائما كفاعلة خير تحركها نوازع انسانية من العطف والشفقة، فهي ابنة عصرها، وتعطي صورة واضحة لوجهة نظر الغرب بالنسبة للشرق، بل وشعور الاوربي الدفين تجاه الشرقيين، واخوها 'ادواردلين' نفسه ­بالرغم من ملبسه وانغماسه في الحياة المصرية­ مدرك تمام الادراك انه مختلف، ينتمي إلي مجتمع حضاري أرقي وارفع من هذا المجتمع الشرقي الذي أجغرم به، ولاشك أن صوفيا ­وإن كانت قد اعتنقت كثيرا من العادات الشرقية في ملبسها وتصرفاتها­ إلا انها مازالت المرأة الانجليزية التقليدية بمشاعرها وافكارها.

موقفها من الأقباط
وليس أدل علي ذلك من موقف صوفيا تجاه أقباط مصر، تروي في رسالة بتاريخ مارس 1845م عن حالة وفاة في منزل واحد من أغني أغنياء الأقباط. فتنتقد التصرفات التي صاحبت طقوس الدفن، ولكنها تذكر مطمئنة ان هناك من يسعي لتغيير هذه التصرفات عن طريق المدارس التبشيرية التي توفر تعليما مسيحيا متحررا، وهي تضم عددا كبيرا من أطفال الأقباط بالاضافة إلي اليهود والمسلمين، وتنهي هذا الخطاب بقصة 'أم عربية' تسببت بجهلها في اصابة ابنها الصغير بالعمي وموته، وتحمد الله علي خلاص الطفل من عذاب أكيد إذا عاش كفيفا.

عبارات محذوفة
فأبناء مصر ­مسلمين وأقباطا­ في نظر صوفيا يعوزهم العقل المفكر الذي يهديهم سواء السبيل، وقد احتفظت المترجمة بعباراتها كما هي رغم حدتها أحيانا، وذلك لانها تعكس تفكيرها، وربما تفكير قرائها الانجليز، وتظهر نظرتهم المتعالية بصفة عامة، ولكن المترجمة تعود فتقول انها سمحت لنفسها أن تحذف من الترجمة بعض الالفاظ والعبارات التي تمس الدين، وتجرح شعور المصريين من مسلمين وأقباط.
أما عن زيارتها للحريم العالي فتذكر انها حينما تزور علية القوم كانت ترتدي الزي الافرنجي بدلا من التركي الذي ترتديه عادة في المنزل وخارجه، وذلك لانها كما تقول: 'تحظي باحترام أكثر'. وهذه ظاهرة لاحظها غيرها من الرحالة، وتبين تغييرا واضحا في النظرة التي طرأت علي المجتمع المصري.
ففي عام 1825 حينما جاء لين إلي مصر لأول مرة: لاحظ انه بملابسه التركية، وشكله الذي يشبه الاتراك، يفرض علي المجتمع المصري احتراما لا يناله إذا ما ظل بمظهره الأوربي حيث الجفاء والاحتقار، ولكن.. في بحر عشر سنوات حدث اختلاف، فيكتب 'لين' في عام 1834 في مفكرته الخاصة انه حاول ألا يبدو تركيا بسبب ملبسه، وذلك لان الاوربيين يلقون الان في مصر احتراما أكثر. ثم كشط كلمة 'احتراما' وكتب 'حماية'.
ومثل هذه الملاحظات ­كما تقول عزة كرارة­ تلقي ضوءا علي تغير الوضع بالنسبة للاوربيين والاتراك بسبب سياسة محمد علي باشا الخارجية، وبالمثل نجد أن صوفيا تلقي احتراما أكثر حينما تزور الحريم العالي بملابس اوربية. أما 'نفيسة' زوجة 'لين' فهي لا ترافق صوفيا في زياراتها، فهي رغم مكانتها الراهنة: لا تعدو أن تكون الجارية السابقة التي تباع وتشتري في سوق العبيد. وعلي هذا فمن غير اللائق أن تجلس مع الأسياد.
وإذا كان لين قد استطاع في كتابه عن عادات المصريين أن يقدم للاجيال صورا عن ماض كان لا يزال يمثل بقايا مجتمع العصور الوسطي الذي ما لبث ان اندثر تماما لما لحقه من 'جنون' التجديد، ومحاكاة كل ما هو اوربي، ولكن 'لين' لم يستطع ان يقدم صورة كاملة، إذ أن هناك خبايا لا تراه إلا امرأة، وهذا ما فعلته شقيقته فأكملت صورة اخيها، وأضافت جانبا مهما جدا لكتابه عن المجتمع المصري في ذلك العصر.

 وتصف القاهرة في اربعينيات القرن التاسع عشر من وجهة نظر امرأة غربية تعلمت من اخيها أن تلاحظ كل ما هو مهم وطريف.. تطوف القاهرة فوق حمارها وهي ملتفة بملابسها الشرقية التي تخفيها كلية ما عدا عينيها، تلاحظ فتسجل في ذاكرتها ثم علي الورق الشوارع بما تحتويه من عناصر بشرية وغير بشرية: الأسواق والمساجد والمارستان والقلعة والمواكب العامة والخاصة التي تطوف بالعاصمة.
ثم تقتحم صوفيا الحريم العالي سواء في القلعة أو في قصر الدوبارة أو في الاحتفال بزفاف زينب صغري كريمات الباشا، ويسمح لها بمفردها أن تتأمل المجوهرات والتحف الثمينة التي أهديت للعروس، أما سبب هذه الحظوة فلانها اخت الكاتب الكبير الذي قابل الباشا عدة مرات ليكتب عنه، وكان محمد علي يحرص علي ان يبدو في أعين الغرب بصورة مبهرة تظهره مجددا وعصريا، أما هي فقد حرصت علي أن يكون وصفها لأسرة الباشا مجملا دون تفصيل دقيق، وذلك مراعاة لأصول اللياقة كما تشيد دائما بفضل محمد علي وتمتدح تسامحه الديني واستتباب الأمن تحت ولايته.. أما ملاحظات 'صوفيا لين' عن هذه الحياة الغامضة والتي تضمنها كتابها 'حريم محمد علي' .

====================

المـــــــــــــــــــــــراجع

(1)  جريدة الأخبار بتاريخ 24/1/2007 م السنة 55 العدد 17086 عن مقالة بعنوان " مصر القديمة حريم محمد علي باشا " بقلم المؤرخ : جمال بدوي

This site was last updated 02/08/10