Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

سلطنة الظاهر أبي نصر يلباي الإينالي المؤيدى على مصر

إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس  هناك تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
برقوق بن آنص191/ 1م.ج
حاجى 192/ 2 م.ج
برقوق بن آنص193/ 3م.ج
فرج194/ 4 م.ج
عبد العزيز195/ 5/ م.ج
فرج 196/ 6 م.ج
سلطان وخليفة 197/ 7م.ج
شيخ198/ 8 م.ج
أحمد 199/ 9 م.ج
ططر 200/ 10 م.ج
محمد ططر201/ 11 م.ج
برسباى 202/ 12 م.ج
يوسف203/ 13 م.ح
جقمق204/ 14 م.ج
عثمان 205/ 15 م.ج
إينال 206/ 16 م.ج
أحمد
خشقدم
يلباى
تمبرغا
قايتباى
الغورى

Hit Counter

 

****************************************************************************************

 الجزء التالى عن المماليك الذين حكموا مصر وهم تحت إستعمار الأسرة العباسية السنية الإسلامية من مرجع - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي - منذ غزو مصر على يد جيش المسلمين بقيادة عمرو بن العاص ومن تولوا إمارة مصر قبل الإسلام وبعد الإسلام إلى نهاية سنة إحدى وسبعين وثمانمائة

****************************************************************************************

 

سلطنة الظاهر أبي نصر يلباي الإينالي المؤيدى على مصر سنة  872 هـ .

سلطنة الظاهر أبي نصر يلباي الإينالي المؤيدي وهو السلطان التاسع والثلاثون من ملوك الترك وأولادهم والرابع عشر من الجراكسة وأولادهم‏.‏
تسلطن في آخر نهار السبت عاشر شهر ربيع الأول من سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة قبل الغروب بنحو ثلاث درج رمل‏.‏
وسبب تأخيره إلى هذا الوقت أنه لما مات الملك الظاهر خشقدم بعد أذان ظهر يوم السبت المقدم ذكره طلع الأتابك يلباي المذكور وجميع الأمراء إلى القلعة وقبل أن يتكلموا في ولاية سلطان أخذوا في تجهيز الملك الظاهر خشقدم والصلاة عليه فغسلوه وأخرجوه وصلوا عليه عند باب القلة ونزلوا به إلى حيث دفن بمدرسته التي أنشأها بالصحراء بالقرب من قبة النصر وحضرت أنا دفنه ولم يحضره من أعيان الأمراء إلا جماعة يسيرة حسبما تقدم ذكره في وفاته وهذا كله بخلاف العادة فإن العادة سلطنة سلطان ثم يؤخذ في تجهيز السلطان الذي مات‏.‏
ولما أنزل نعش الملك الظاهر خشقدم من القلعة شرعوا عند ذلك في سلطنة الأتابك يلباي وكان قد انبرم أمره في ضحوة نهار السمبت هذا مع الأمراء ومماليك الملك الظاهر خشقدم وكبيرهم يوم ذاك خير بك الدوادار الثاني وخشكلدي البيسقي أحد مقدمي الألوف‏.‏
ولما أذعن مماليك الظاهر الأجلاب بسلطنة يلباي لم يختلف عليه يومئذ أحد لأن الشوكة كانت للأجلاب وهم أرادوه والظاهرية الكبار تبع لهم وأما المؤيدية فخجداشيته فتم أمره‏.‏
وكيفية سلطنته أنه لما عادوا من الصلاة على الملك الظاهر خشقدم جلسوا عند باب الستارة وقتًا هينًا وإذا بالأمير خيربك خرج من باب الحريم ومعه جماعة من خجداشيته وأخذوا الأتابك يلباي وأدخلوه من باب الحريم ومضوا به إلى القصر السلطاني وخاطبوه بالسلطنة فامتنع امتناعًا هينًا فلم يلتفتوا إلى كلامه وأرسلوا إلى الأمراء أحضروهم إلى القصر من خارج فوجدوا القصر قد سقط بابه فدخلوا من الإيوان إلى القصر فتفاءل الناس زواله بسرعة لغلق باب القصر‏.‏
فدخلت الأمراء قبل أن يحضر الخليفة والقضاة وطال جلوسهم عنده وقبلت الأمراء الأرض قبل المبايعة وهم في هرج لإحضار الخليفة والقضاة إلى أن حضروا بعد مشقة كبيرة لعسر طريق القصر إذ المصير إليه من الإيوان السلطاني وأيضًا حتى لبست الأمراء قماش الموكب وتكاملوا بعد أن فرغ النهار‏.‏ وقد أخذوا في بيعته وسلطنته ولبسوه خلعة السلطنة بالقصر وجلس على تخت الملك من غير أن يركب فرسًا بأبهة الملك على العادة وقبلوا الأمراء الأرض بين يديه وتم أمره فكان جلوسه على كرسي السلطنة قبل الغروب بثلاث درج حسبما تقدم ذكره‏.‏
وخلع على الأمير تمربغا أمير مجلس بالأتابكية ثم خلع على الخليفة فدقت البشائر ونودي بسلطنته وتلقب بالملك الظاهر يلباي‏.‏

:‏ أصله جاركسي الجنس جلبه الأمير إينال ضضع من بلاد الجاركس إلى الديار المصرية في عدة مماليك فاشتراه الملك المؤيد شيخ قبل سنة عشرين وثمانمائة وأعتقه وجعله من جملة المماليك السلطانية وأسكنه بالقلعة بطبقة الرفرف‏.‏ ثم صار خاصكيًا بعد موت أستاذه ودام على ذلك إلى أن صار من أعيان الخاصكية‏.‏
وأنعم الأشرف برسباي عليه بثلث قرية طحورية من الشرقية ثم نقله الملك العزيز يوسف ابن السلطان الملك الأشرف برسباي إلى نصف بنها العسل بعد أيتمش المؤيدي‏.‏
ثم صار ساقيًا في أوائل دولة الملك الظاهر جقمق فلم تطل أيامه في السقاية وأمره عشرة وجعله من جملة رؤوس النوب فدام على ذلك إلى أن تسحب الملك العزيز يوسف ابن الملك الأشرف برسباي من قلعة الجبل واختفى إلى أن ظفر به يلباي هذا في بعض الأماكن وطلع به إلى الملك الظاهر جقمق فأنعم عليه الملك الظاهر جقمق بقرية سرياقوس زيادة على ما بيده وصار أمير طبلخاناه‏.‏
ودام على ذلك إلى أن تسلطن الملك المنصور عثمان ابن السلطان الملك الظاهر جقمق فقبض على يلباي هذا وعلى اثنين من خجداشيته‏:‏ دولات باي الدوادار الكبير ويرشباي الأمير آخور الثاني وذلك في سنة سبع وخمسين وحبس بثغر الإسكندرية إلى أن أطلقه الملك الأشرف إينال من سجن الإسكندرية وأطلق خجداشيته المذكورين ووجهه إلى دمياط بطالًا ثم أحضره إلى القاهرة بعد أيام قليلة فاستمر بطالًا مدة يسيرة‏.‏
وقتل الأمير سونجبغا اليونسي الناصري ببلاد الصعيد وكان سونجبغا هو الذي أخذ إقطاع يلباي هذا بعد مسكه فأعاده الملك الأشرف إينال إليه وصار على عادته أولًا أمير طبلخاناه إلى أن مات الأمير خير بك المؤيدي الأشقر الأمير آخور الثاني فنقل يلباي هذا إلى الأمير آخورية الثانية من بعده فدام على ذلك إلى أن أنعم عليه الملك الأشرف إينال بإمرة مائة وتقدمة ألف بالديار المصرية فدام على ذلك إلى أن نقله الملك الظاهر خشقدم إلى حجوبية الحجاب بالديار المصرية عوضًا عن بيبرس خال العزيز بحكم انتقاله إلى وظيفة رأس نوبة النوب بعد انتقال الأمير قانم إلى إمرة مجلس بعد انتقال قرقماس إلى إمرة سلاح بحكم انتقال جرباش إلى الأتابكية عوضًا عن الملك الظاهر خشقدم وذلك في يوم الأربعاء سابع شوال‏.‏
فاستمر يلباي هذا على الحجوبية إلى أن نقله الملك الظاهر خشقدم إلى الأمير آخورية الكبرى بعد توجه برسباي البجاسي إلى نيابة طرابلس بعد القبض على الأمير إياس المحمدي الناصري وذلك في يوم الخميس سابع عشر المحرم سنة ست وستين‏.‏
فدام يلباي هذا في هذه الوظيفة إلى أن نقل إلى أتابكية العساكر بالديار المصرية بعد موت الأتابك قانم دفعة واحدة بعد أن كان يجلس في مجلس السلطان خامس رجل وذلك في يوم الاثنين ثامن عشر صفر سنة إحدى وسبعين وثمانمائة‏.‏ واستمر على ذلك إلى أن مرض الملك الظاهر خشقدم وثقل في مرضه وتكلم الناس فيمن يتسلطن فيما بينهم فرشح جماعة فاختارت الأجلاب يلباي هذا كونه أتابك العساكر وأيضًا خجداش أستاذهم فتسلطن وتم أمره حسبما تقدم ذكره انتهى‏.‏
قلت‏:‏ ولما استمر جلوسه بالقصر السلطاني رسم في الحال بسفر الأمير قرقماس أمير سلاح بمن كان عين معه من الأمراء والمماليك السلطانية إلى الصعيد وكان له أيام مقيمًا بالمركب وكذلك جميع من كان عين معه وسافروا من يومهم أرسالًا‏.‏
 

ثم خلع الملك الظاهر يلباي على الأتابك تمربغا في يوم الاثنين ثاني عشره خلعه نظر البيمارستان المنصوري‏.‏ و خلع على خجداشه الأمير قاني بك المحمودي المؤيدي بإمرة مجلس عوضًا عن الأتابك تمربغا وأنعم عليه بإقطاع تمربغا أيضًا‏.‏ وخلع على تمر المحمودي والي القاهرة خلعة الاستمرار وكذلك على القاضي علم الدين كاتب المماليك‏.‏
وفيه ورد كتاب يشبك من مهدي كاشف الوجه القبلي يتضمن أنه ولى سليمان بن عمر الهواري عوضًا عن ابن عمه وأنه لا حاجة له بتجريدة فلم يلتفت السلطان إلى مقالته في عدم إرسال تجريدة إلى بلاد الصعيد لغرض يأتي بيانه‏.‏ ثم في يوم الخميس خامس عشره خلع السلطان على جميع مباشري الدولة باستمرارهم على وظائفهم‏.‏ وفيه نودي بأن نفقة المماليك تكون من أول الشهر يعني أول ربيع الآخر‏.‏ وفيه عمل المولد النبوي بالحوش على العادة‏.‏
وقبل أن يفرغ المولد ندب السلطان الأمير برسباي قرا الظاهري والأمير جكم الظاهري وطرباي الظاهري البواب أن يتجهزوا إلى الصعيد لمسك الأمير قرقماس أمير سلاح والأمير قلمطاي رأس نوبة والأمير أرغون شاه ويتوجهوا بهم إلى حبس الإسكندرية ولم يعلم أحد ما الموجب لذلك‏.‏ وفي يوم السبت سابع عشره أعاد السلطان القاضي قطب الدين الخيضري إلى كتابة السر بدمشق بعد عزل الشريف إبراهيم بن السيد محمد‏.‏
وفيه أيضًا استقر الصارمي إبراهيم بن بيغوت الأعرج حاجب الحجاب بدمشق عوضًا عن شرامرد العثماني المؤيدي‏.‏ وفيه وصل الخبر بقدوم الأمير أزبك رأس نوبة النوب من تجريدة العقبة بعد أن أمسك مباركًا شيخ بني عقبة الذي قطع الطريق على إقامة الحجاج‏.‏
ثم وصل الأمير أزبك في يوم الاثنين تاسع عشره وخلع السلطان عليه وعلى رفيقه الأمير جانبك قلقسيز حاجب الحجاب ورسم بتسمير مبارك شيخ بني عقبة المقدم ذكره ورفقته وكانوا أزيد من أربعين نفرًا فسمروا الجميع وطيف بهم الشوارع ثم وسطوا في آخر النهار عن آخرهم‏.‏
وفي يوم الخميس ثاني عشرينه ورد الخبر على الملك الظاهر يلباي بعصيان الأمير بردبك نائب الشام وأنه قتل جميع النواب المجردين معه لقتال شاه سوار بن دلغادر وكان الأمر غير ذلك‏.‏ ووقع أمور حكيناها مفصلة في تاريخنا ‏"‏ حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور ‏"‏ محصولها أن بردبك المذكور كان تهاون في قتال شاه سوار المذكور وخذل العسكر الشامي لما كان في قلبه من الملك الظاهر خشقدم رحمه الله فكان ذلك سببًا لكسر العسكر الشامي والحلبي وغيرهم ونهبهم وقتل في هذه الواقعة نائب طرابلس قاني باي الحسني المؤيدي ونائب حماة تنم خوبي الحسيني الأشرفي وأتابك دمشق قراجا الخازندار الظاهري وأتابك حلب قانصوه المحمدي الأشرفي وغيرهم من أمراء البلاد الشامية وغيرهم حسبما يأتي ذكرهم في الوفيات على عادة هذا الكتاب انتهى‏.‏
قلت‏:‏ وجاء هذا الخبر والديار المصرية غير مستقيمة الأحوال لعم المدبر‏.‏ والطرق مخيفة والسبل غير آمنة‏.‏
وما ذاك إلا أن الملك الظاهر يلباي لما تسلطن وتم أمره غطاه المنصب وصار كالمذهول ولزم السكات وعدم الكلام وضعف عن بت الأمور وردع الأجلاب بل صارت الأجلاب في أيامه كما كانت أولًا وأعظم فلم يحسن ذلك ببال أحد وصار الأمير خيربك الدوادار الثاني هم صاحب الحل والعقد في مملكته وإليه جميع أمور المملكة‏.‏
وشاع ذلك في الناس والأقطار وسمته العوام‏:‏ ‏"‏ أيش كنت أنا قل له ‏"‏ يعنون أن السلطان لما يسأل في شيء يقول‏:‏ ‏"‏ أيش كنت أنا قل لخيربك ‏"‏ فبهذا وأشباهه اضطربت أحوال الديار المصرية‏.‏ هذا مع ما ورد من البلاد الحلبية من أمر شاه سوار وقتل أكابر أمراء البلاد الشامية ونهبه للبلاد الحلبية وأخذه قلاع أعمالها وأن نائب الشام بردبك في أسره وأن يشبك البجاسي نائب حلب دخل إلى حلب على أقبح وجه فصار الناس بهذا المقتضى كالغنم بلا راع‏.‏
فلما كان يوم الاثنين سادس عشرين ربيع الأول المذكور خلع الملك الظاهر يلباي على الأمير أزبك من ططخ الظاهري رأس نوبة النوب باستقراره في نيابة الشام عوضًا عن بردبك الظاهري بحكم انضمامه على شاه سوار‏.‏ وفيه استقر الأمير قاني بك المحمودي المؤيدي أمير مجلس أمير سلاح عوضًا عن قرقماس الأشرفي بحكم القبض عليه وحبسه بالإسكندرية واستقر قاني بك المذكور مقدم العساكر لقتال شاه سوار بن دلغادر‏.‏
وعين السلطان في هذا اليوم عدة أمراء تجريدة لقتال شاه سوار فعين من أمراء الألوف قاني بك المقدم ذكره وجانبك الإينالي الأشرفي المعروف بقلقسيز حاجب الحجاب وبردبك هجين أمير جاندار وهؤلاء من أمراء الألوف وعين أيضًا عدة كثيرة من أمراء الطبلخانات والعشرات يأتي ذكر أسمائهم يوم سفرهم من القاهرة ثم عين صحبتهم ستمائة مملوك من المماليك السلطانية‏.‏
وفيه استقر الأمير إينال الأشقر الظاهري نائب غزة في نيابة حماة عوضًا عن ابن المبارك وكان الناصري محمد بن المبارك قد استقر في نيابة حماة قبل تاريخه عوضًا عن الأمير تنم الحسيني الأشرفي بحكم مرضه وعوده من تجريدة شاه سوار إلى حلب وكان الناصري محمد بن المبارك إلى الآن لم يخرج من الديار المصرية فعزل عنها قبل أن يحكمها أو يتوجه إليها‏.‏
وكان إينال الأشقر قدم إلى القاهرة مع الأمير أزبك من تجريدة العقبة ثم رشح ابن المبارك إلى نيابة غزة فامتنع عن ولايتها‏.‏
ثم في يوم الخميس تاسع عشرين شهر ربيع الأول لبس إينال الأشقر خلعة السفر‏.‏ ثم في يوم السبت ثاني شهر ربيع الآخر ابتدأ السلطان بالنفقة على المماليك السلطانية لكل واحد مائة دينار ففرقت هذه النفقة على أقبح وجه وهو أن القوي يعطى والغائب يقطع والمسن يعطى نصف نفقة أو ربع نفقة ومنع أولاد الناس والطواشية من الأخذ وعاداتهم أخذ النفقة فأحدث الظاهر يلباي هذا الحادث وكثر الدعاء عليه بسبب ذلك وتفاءل الناس بزوال ملكه لقطعه أرزاق الناس فكان كذلك‏.‏
ومنع السلطان أيضًا أمراء الألوف وغيرهم من النفقة ولم يعط إلا من كتب منهم إلى السفر لا غير فبهذا المقتضى وأمثاله نفرت القلوب من الظاهر يلباي وعظمت الوقيعة في حقه وكثرت المقالة في بخله وعدت مساوئه ونسيت محاسنه إن كان له محاسن وصارت النفقة تفرق في كل يوم سبت وثلاثاء طبقةً واحدة أو أقل من طبقة حتى تطول الأيام في التفرقة‏.‏
وبالجملة فكانت أيام الملك الظاهر يلباي نكدة قليلة الخير كثيرة الشر وعظم الغلاء في أيامه وتزايدت الأسعار وهو مع ذلك لا يأتي بشيء وجوده في الملك وعدمه سواء فإنه كان سالبة كلية لا يعرف القراءة ولا الهجاء ولا يحسن العلامة على المناشير والمراسم إلا بالنقط مع عسر في الكتابة‏.‏
وكان الناس قد أهمهم أمر الجلبان أيام أستاذهم الملك الظاهر خشقدم فزادوا بسلطنة الملك الظاهر يلباي هذا همًا على همهم‏.‏
ثم في يوم الاثنين حادي عشرربيع الآخر استقر الأمير جانبك قلقسيز أمير مجلس عوضًا عن قاني باي المحمودي المنتقل إلى إمرة سلاح واستقر الأمير بردبك هجين عوضه حاجب الحجاب‏.‏ وفيه أنعم السلطان على الأمير قايتباي المحمودي الظاهري بإقطاع الأمير أزبك نائب الشام واستقر عوضه أيضًا رأس نوبة النوب وأنعم بإقطاع الأمير قايتباي على الأمير سودون القصروي نائب القلعة والإقطاع تقدمة ألف‏.‏
وفيه أيضًا استقر الأمير خشكلدي البيسقي في تقدمة الألوف عوضًا عن قاني باي المحمودي المؤيدي‏.‏ ثم في يوم الثلاثاء ثاني عشر ربيع الآخر استقر الأمير سودون البردبكي الفقيه المؤيدي نائب قلعة الجبل بعد سودون القصروي‏.‏
وفي يوم الأربعاء ثالث عشر ربيع الآخر رسم السلطان أن ينتقل الأمير إينال الأشقر المقدم ذكره من نيابة حماة إلى نيابة طرابلس بعد فقد نائبها الأمير قاني باي المؤيدي الحسني في واقعة شاه سوار وذلك بسعي من إينال المذكور وذلك قبل أن يصل إينال المذكور إلى حماة‏.‏
ثم في يوم الخميس رابع عشره استقر الناصري محمد بن المبارك في نيابة حماة كما كان وليها أولًا‏.‏ وفيه استقر مغلباي الظاهري المحتسب شاد الشراب خاناه بعد الأمير خشكلدي البيسقي واستقر طرباي البواب محتسب القاهرة عوضًا عن مغلباي المذكور واستقر سودون السيفي أحمد بن إينال أمير عشرة وأستادار الضحبة وسودون هذا من الأوباش الأطراف‏.‏
وفيه أنعم السلطان على جماعة من الأجلاب وغيرهم كل واحد بإمرة عشرة والذين أعطوا أزيد من خمسة عشر نفرًا‏.‏ فالذي أخذ من الأجلاب‏:‏ أركماس البواب وقايت البواب وطرباي البواب الذي ولي الحسبة وأصباي البواب الذي كان قتل قتيلين أيام استاذه ولم ينتطح في ذلك عنزان وأصطمر البواب وجانم الدوادار ومغلباي الساقي ابن أخت الأمير قايتباي‏.‏
والذي أخذ الإمرة منهم من الظاهرية الكبار‏:‏ أزبك الساقي وجانم قشير وقانم أمير شكار وجكم قرا أمير آخور الجمال وسودون الصغير الخازندار وقرقماس أمير آخور‏.‏ والذي أخذ من السيفية‏:‏ تمرباي التمرازي المهمندار وبرسباي خازندار يونس الدوادار‏.‏ وفيه ورد الخبر بأن الأمير بردبك نائب الشام فارق شاه سوار وقدم إلى مرعش طائعًا ثم سار إلى منزلة قارا في يوم الخميس سابع عشر ربيع الآخر‏.‏
ثم في يوم السبت سادس عشره تواترت الأخبار أن الأمير بردبك جاوز مدينة غزة فندب السلطان الأمير تمرباي المهمندار والأمير جكم الظاهري أن يخرجا إليه ويأخذاه ويتوجها به إلى القدس الشريف بطالًا‏.‏
ثم في يوم الأحد سابع عشر ربيع الآخر أضاف السلطان الأمير أزبك نائب الشام وخلع عليه كاملية بفرو سمور بمقلب سمور وهي خلعة السفر فسافر في بكرة يوم الاثنين ثامن عشره‏.‏ وفي يوم الاثنين هذا قرىء تقليد السلطان الملك الظاهر يلباي بالسلطنة وخلع السلطان على الخليفة وكاتب السر والقضاة وعلى من له عادة بلبس الخلعة في مثل هذا اليوم‏.‏
وأما أمر بردبك نائب الشام فإن السلطان لما أرسل تمرباي وجكم إلى ملاقاته وأخذه إلى القدس وسارا إلى جهته فبينما هم في أثناء الطريق بلغهم أنه توجه إلى جهة الديار المصرية من على البدوية ولم يجتز بمدينة قطيا وقيل إنه مر بقطيا لكنه فاتهم وأنه قد وصل إلى القاهرة فعادا من وقتهما فلما وصل بردبك إلى ظاهر القاهرة أرسل إلى خجداشه الأمير تمر والي القاهرة يعرفه بمكانه فعرف تمر السلطان بذلك فرسم السلطان في الحال للأمير أزدمر تمساح الظاهري أن يتوجه إليه ويأخذه إلى القدس بطالًا ففعل أزدمر ذلك‏.‏
وقيل في مجيء بردبك غير هذا القول واللفظ مختلف والمعنى واحد‏.‏ وفي يوم الثلاثاء تاسع عشره استقر الأمير جانبك الإسماعيلي المؤيدي المعروف بكوهية أحد مقدمي الألوف أمير حاج المحمل واستقر تنبك المعلم الأشرفي ثاني رأس نوبة النوب أمير الركب الأول‏.‏
ثم استهل جمادى الأولى أوله الأحد والقالة موجودة بين الناس بركوب المماليك الأجلاب ولم يدر أحد صحة الخبر‏.‏ غير أن الأمراء المؤيدية خجداشية السلطان امتنعوا في هذه الأيام من طلوع الخدمة مخافة من الأمير خيربك الدوادار الثاني وخجداشيته الأجلاب أن يقبضوا عليهم بالقصر السلطاني واتفقت المؤيدية في الباطن مع الأشرفية الكبار والأشرفية الصغار‏.‏
كل ذلك والأمر خفي على الناس إلا السلطان فإنه يعلم بأمره بل هو المدبر لهم فيما يفعلونه في الباطن حسبما يأتي ذكره من الوقعة وهي الواقعة التي خلع فيها الملك الظاهر يلباي من السلطنة‏.‏
خلع الملك الظاهر يلباي من سلطنة مصر
ولما كان عصر يوم الأربعاء رابع جمادى الأولى المقدم ذكره وطلعت الأمراء الألوف إلى القلعة ليبيتوا بالقصر على العادة امتنعت المؤيدية عن الطلوع بمن وافقهم ما خلا الأمير جانبك الإينالي الأشرفي المعروف بقلقسيز أمير مجلس وهو كبير الأشرفية الكبار يومئذ فإنه طلع إلى القلعة ووافق الظاهرية الكبار والظاهرية الصغار الأجلاب‏.‏
فلما تكامل طلوع من طلع من الأمراء في عصر يوم الأربعاء المذكور امتنع الأمير يشبك الفقيه المؤيدي الدوادار الكبير وخجداشيته وهم‏:‏ الأمير قاني بك المحمودي المؤيدي أمير سلاح ومغلباي طاز الأبو بكري المؤيدي وجانبك الإسماعيلي المؤيدي المعروف بكوهية وهؤلاء الأربعة مقدمو ألوف وجماعة أخر من خجداشيتهم من أمر الطبلخانات والعشرات أجلهم الأمير طوخ الزردكاش هو الذي حول غالب ما كان بزردخانات السلطان من آلات الحرب والنفوط وغير ذلك إلى بيت الأمير يشبك الدوادار وانضم عليهم جماعة كثيرة من أمراء العشرات من الأشرفية الكبار وخجداشيتهم أعيان الخاصكية وغيرهم بل غالب المماليك الأشرفية الكبار والأشرفية الصغار وجماعة كثيرة أيضًا من أمراء السيفية وأعيان خاصكيتهم فصاروا في عسكر كبير وجمع هائل إلى الغاية‏.‏
لكن صار أمرهم لا ينتج في القتال لعدم من يقوم بأمرهم لأن يشبك الدوادار كان الملك الظاهر يلباي قد وعده عندما أملاه ما يفعله من شأن هذه الوقعة أنه ينزل إليه ومعه الظاهرية الكبار وفاته الحزم فإنه لم يحسب أنه يصير هو كالأسير في أيدي الأجلاب إذا حققوا وثوب الأمير يشبك وقتاله فصار يشبك بسبب ذلك كالمقيد عن القتال لما وقع القتال الآتي ذكره‏.‏
وكان الملك الظاهر يلباي لما وافق يشبك الدوادار على ما فعله قد ضاقت حصيرته وتغلب مع خير بك والأجلاب وخاف إن شرع في القبض عليهم لا يتم له ذلك فرم هذه المرمة ليأخذ الثأر بيد غيره وأنهم إذا استفحل أمرهم يسألهم الملك الظاهر يلباي ما الغرض من ركوبهم فيقولون‏:‏ غرضنا نزول الأجلاب من الأطباق وإبعاد خيربك وغيره من خجداشيته ويكون هذا القول عندما تنغلب الأجلاب فإذا أذعنوا بالنزل من الأطباق وخلت القلعة منهم فعل فيهم الملك الظاهر يلباي عند ذلك ما أراد‏.‏
وكان هذا التدبير لا بأس به لو أنه نزل إليهم في أوائل الأمر واجتمع بهم أو طلعوا عنده وصاروا يدًا واحدة ففاته ذلك وأقام هو بالقلعة‏.‏ وفهم خيربك والأجلاب أن ذلك كله مكيدة منه لأخذهم فاحتاطوا به واحتاجوا إلى الإذعان للظاهرية الكبار ومطاوعتهم على أنهم يخلعون يلباي من السلطنة ويولون أحدًا من كبار أمراء الظاهرية فوافقتهم الظاهرية على ذلك ومالوا إليهم‏.‏
واستمالت الظاهرية أيضًا الأمير جانبك قلقسيز الأشرفي أمير مجلس فمال إليهم ووعدهم بممالأة خجداشيته الأشرفية إليهم وخذلان يشبك الدوادار فعند ذلك صار الملك الظاهر يلباي وحده أسيرًا في أيدي القلعيين فلما أصبحوا يوم الخميس خامس جمادى الأولى أعلن الأمير يشبك الفقيه الوثوب على الخشقدمية ولبسوا آلة الحرب وركب بمن معه من المؤيدية والأشرفية الكبار والأشرفية الصغار والسيفية ولبسوا آلة الحرب واجتمع عليهم خلائق من كل طائفة ومالت زعر الديار المصرية إليهم‏.‏
وبلغ من بالقلعة أمرهم فخافوهم خوفا شديدًا ولبسوا هم أيضًا آلة الحرب ونزلوا بالسلطان الملك الظاهر يلباي إلى مقعد الإسطبل السلطاني المطل على الرميلة وشرعوا في قتال الأمير يشبك بمن معه في الأزقة والشوارع بالصليبية وهم لا يعلمون حقيقة أمر يشبك ولم يقع بين الأجلاب والظاهرية الاتفاق المذكور إلى الآن فإن الاتفاق بما ذكرناه لم يقع بين الأجلاب والظاهرية بالقلعة إلا في آخر يوم الخميس وكذلك الاحتراز على السلطان لم يقع إلا في آخر يوم الخميس‏.‏
وأما أول نهار الخميس ما كانت القلعيون إلا كالحيارى ولما وقع القتال بين أصحاب يشبك وبين القلعيين تقاعد يشبك عن القتال ولم يركب بنفسه البتة بل صار يترقب نزول السلطان إليه هذا والقتال واقع بين الفريقين بشوارع الصليبية من أول النهار إلى آخره وقتل بين الفريقين جماعة كثيرة‏.‏ فلما رأى الناس تقاعد يشبك بنفسه عن القتال ظنوا أن ذلك عجز منه عن مقاومة القلعيين فنفر لذلك عنه خلائق ووافق ذلك اتفاق الظاهرية الكبار مع الأجلاب بالقلعة‏.‏
وأصبح يوم الجمعة سادس جمادى الأولى والقتال عمال بين الفريقين بشارع الصليبية من أول النهار إلى آخره‏.‏ فلما مالت الأشرفية الكبار إلى القلعيين وفارقت يشبك خارت طباع الأشرفية الصغار ومالوا أيضًا للقلعيين وكانت القلعيون استمالتهم أيضًا فما أمسى الليل إلا ويشبك الدوادار بقي وحده مع خجداشيته المؤيدية لا غير‏.‏ فلما رأى أمره آل إلى ذلك قام من وقته واختفى وكذلك فعل غالب خجداشيته المؤيدية لا غير‏.‏
وأما الملك الظاهر يلباي فإنه لما نزل إلى المقعد بالإسطبل السلطاني في باكر يوم الخميس وشرع القتال بين القلعيين وبين يشبك وأصحابه كان حينئذ إلى ذلك الوقت في عز السلطان ولم يظهر إلى ذلك الوقت أن الذي قعله يشبك كان صادرًا عنه وبتدبيره‏.‏ فلما فهموا ذلك وأبرموا أمرهم مع الظاهرية الكبار حسبما ذكرناه في أول الكلام أخذوا في مقته والازدراء به والتلويح له بما يكره بل ربما صرح له ذلك بعضهم في الوجه‏.‏
وطال هذا الأمر والحصر عليه يومي الخميس والجمعة وليس له فيها إلا الجلوس على المدورة والأتابك تمربغا جالس بين يديه وقد رشح للسلطنة عوضه وهو يعرف هذا بالقرائن لأن الذي بقي يطلع إلى القلعة من الطوائف طائعًا يبوس له الأرض ثم يقبل يد الأتابك تمربغا‏.‏
هذا والأمير قايتباي المحمودي رأس نوبة النوب والأمير جانبك قلقسيز أمير مجلس بمن معهم من خجداشيتهم الظاهرية والأشرفية ركاب على خيولهم لإرسال الأمداد لقتال يشبك الدوادار‏.‏ فلما جاء الليل ليلة السبت أدخل يلباي إلى مبيت الحراقة وبات به على هيئة عجيبة إلى أن أصبح النهار وأخذوه وطلعوا به إلى القصر الأبلق وحبسوه في المخبأة التي تحت الخرجة بعد أن طلعوا به ماشيًا على هيئة الخلع من السلطنة وأخذوا الناس في سلطنة الملك الظاهر تمربغا وزال ملك يلباي هذا كأنه لم يكن فسبحان من لا يزول ملكه‏.‏ وكانت مدة ملكه شهرين إلا أربعة أيام ليس له فيها إلا مجرد الاسم فقط‏.‏
ولم نعلم أحدًا من أكابر ملوك الترك في السن خاصة من مسه الرق خلع من السلطنة في أقل من مدة يلباي هذا وبعده الملك المظفر بيبرس الجاشنكير فإن مدة بيبرس أيضًا كانت سنة تنقص ثلاثة وعشرين يومًا ثم الملك العادل كتبغا المنصوري كانت مدة سلطنته سنتين وسبعة عشر يومًا وأما الملك الظاهر برقوق فإنه خلع بعد سلطنته بنحو سبع سنين ثم أعيد‏.‏
ومع هذه المدة اليسيرة كانت أيامه أعني الملك الظاهر يلباي أشر الأيام وأقبحها‏.‏ في أيامه زادت الأجلاب في الفساد وضيقت السبل وعظم قطع الطرقات على المسافرين مصرًا وشامًا‏.‏
وما برحت الفتنة في أيامه قائمة في الأرياف قبليها وبحريها وتوقفت أحوال الناس لا سيما الواردين من الأقطار وزادت الأسعار في جميع المأكولات وضاعت الحقوق وظلم الناس بعضهم بعضًا وصار في أيامه كل مفعول جائزًا وما ذلك إلا لعدم معرفته وسوء سيرته وضعفه عن تدبير الأمور وبت القضايا وتنفيذ أحوال الدولة وقلة عقله فإنه كان في القديم لا يعرف إلا بيلباي تلي أي يلباي المجنون فهذه كانت شهرته قديمًا وحديثًا في أيام شبيبته فما بالك به وقد شاخ وكبرسنه وذهل عقله وقل نظره وسمعه‏.‏
وقد حكى الأمير برسباي قرا الخازندار الظاهري أنه لما أخذه من مخبأة القصر الأبلق وتوجه به إلى البحرة ليحبس بها فاجتاز به من طريق الحريم السلطاني أنه عيي في الطريق وجلس ليستريح ثم سأل الأمير برسباي المذكور‏:‏ ‏"‏ إلى أين أروح ‏"‏ فقال له‏:‏ ‏"‏ إلى البحرة يا مولانا السلطان معزوزًا مكرمًا ‏"‏ فقال‏:‏ ‏"‏ والله ما أنا سلطان‏!‏ أنا أمير‏!‏ وما كنت أفعل بالسلطنة وقد كبر سني وذهل عقلي وقل نظري وسمعي‏!‏ بالله سلم على السلطان وقل له إني لست بسلطان وسله أن يرسلني إلى ثغر دمياط أو موضع آخر غير حبس فأكون فيه إلى أن أموت وأنا مأمون العاقبة لأني ما عرفت أدبر المملكة وأنا مولى سلطانًا فكيف يقع مني ما يكرهه السلطان‏!‏ ‏"‏‏.‏ ثم بكى أولى وثانية‏.‏
قال برسباي‏:‏ فشرعت أزيد في تعظيمه وأسليه وأعده بكل خير ‏"‏‏.والمقصود من هذه الحكاية اعترافه بالعجز عن القيام بأمور المملكة‏.‏ وبالجملة كانت سلطتنته غلطة من غلطات الدهر‏.‏
ودام الملك الظاهر يلباي بالبحرة إلى ليلة الثلاثاء عاشر جمادى الأولى من سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة فحمل إلى سجن الإسكندرية في بحر النيل ومسفره الأمير قانصوه اليحياوي الظاهري المستقر في نيابة الإسكندرية بعد عزل كسباي المؤيدي وتوجهه إلى دمياط بطالًا‏.‏ فحبس الملك الظاهر يلباي ببعض أبراج الإسكندرية إلى أن توفي بحبسه من البرج بإسكندرية في ليلة الاثنين مستهل ربيع الأول من سنة ثلاث وسبعين وثمانمائة وقد جاوز السبعين من العمر‏.‏
وكان ملكًا ضخمًا سليم الباطن مع قلة معرفته بأمور المملكة بل بغالب الأمور أميًا لا يحسن الكتابة ولا القراءة ولا الكلام العرفي إلا بمشقة‏.‏ وكان في ابتداء أمره يعرف بيلباي تلي أي مجنون‏.‏ وكان عديم التجمل في ملبسه ومركبه ومماليكه وسماطه مشهورًا بالبخر والشح‏.‏ نالته السعادة في ابتداء أمره إلى يوم تسلطن‏.‏ تنقل في أوائل أمره من منزلة سنية إلى منزلة أخرى إلى يوم تسلطن فلما تسلطن كان ذلك نهاية سعده‏.‏ وأخذ أمره من يوم جلس على تخت الملك في إدبار واعتراه الصمت والسكات وعجز عن تنفيذ الأمور وظهر عليه ذلك بحيث إنه علمه منه كل أحد وصارت أمور المملكة جميعها معذوقة بالأمير خيربك الدوادار وصار هو في السلطنة حسًا والمعنى خيربك وكل أمر لا يبته خيربك المذكور فهو موقوف لا يقضى‏.‏
وعلم منه ذلك كل أحد ولهجت العوام عنه بقولهم‏:‏ ‏"‏ أيش كنت أنا قل له ‏"‏ يعنون بذلك أنه إذا قدمت له مظلمة أو قصة بأمر من الأمور يقول لهم‏:‏ ‏"‏ قولوا لخيربك ‏"‏ وبالجملة إنه كان رجلًا ساكنًا غير أهل للسلطنة

*****************************************************************************
 قال المقريزى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار الجزء الثالث ( 041 من 761 ) : " ثم تولى الملك الظاهر بلباي في حادي عشر الشهر المذكور ثم خلع في سبع جمادى الأولى من السنة المذكورة فكانت مدّته ستة وخمسين يومًا‏.‏

 

This site was last updated 03/11/11