Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

السلطان الملك الظاهر سيف الدين أبو الفتح ططر 200/10 م.ج

هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات وتبلغ حوالى 30000موضوع مختلف فإذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس لتطلع على ما تحب قرائته فستجد الكثير هناك

أنقر هنا على صفحة الفهرس http://www.coptichistory.org/new_page_598.htm

لم ننتهى من وضع كل الأبحاث التاريخية عن هذا الموضوع والمواضيع الأخرى لهذا نرجوا من السادة القراء زيارة موقعنا من حين لآخر - والسايت تراجع بالحذف والإضافة من حين لآخر

Home
Up
برقوق بن آنص191/ 1م.ج
حاجى 192/ 2 م.ج
برقوق بن آنص193/ 3م.ج
فرج194/ 4 م.ج
عبد العزيز195/ 5/ م.ج
فرج 196/ 6 م.ج
سلطان وخليفة 197/ 7م.ج
شيخ198/ 8 م.ج
أحمد 199/ 9 م.ج
ططر 200/ 10 م.ج
محمد ططر201/ 11 م.ج
برسباى 202/ 12 م.ج
يوسف203/ 13 م.ح
جقمق204/ 14 م.ج
عثمان 205/ 15 م.ج
إينال 206/ 16 م.ج
أحمد
خشقدم
يلباى
تمبرغا
قايتباى
الغورى

Hit Counter

 

****************************************************************************************

 الجزء التالى عن المماليك الذين حكموا مصر وهم تحت إستعمار الأسرة العباسية السنية الإسلامية من مرجع - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة - جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن تغري بردي - منذ غزو مصر على يد جيش المسلمين بقيادة عمرو بن العاص ومن تولوا إمارة مصر قبل الإسلام وبعد الإسلام إلى نهاية سنة إحدى وسبعين وثمانمائة

****************************************************************************************

السلطان الملك الظاهر سيف الدين أبو الفتح ططر ‏سنة 824 هـ .‏

تسلطن بعد خلع السلطان الملك المظفر أحمد ابن الملك المؤيد شيخ في يوم الجمعة تاسع عشرين شعبان سنة أربع وعشرين وثمانمائة بقلعة دمشق وكان الموافق لهذا اليوم يوم نوروز القبط بمصر ولبس خلعة السلطنة من قصر قلعة دمشق وركب بشعار السلطنة وأبهة الملك ولقب بالملك الظاهر ططر وذلك بعد أن ثبت خلع الملك المظفر‏.‏
وحضر الخليفة المعتضد بالله داود والقضاة بقلعة دمشق وبايعوه بالسلطنة بحضرة الملأ من الأمراء والخاصكية بعد أن سألهم الخليفة في قيامه في السلطنة فقالوا الجميع‏:‏ نحن راضون بالأمير القبير ططر‏.‏
وتم أمره في السلطنة وقبلت الأمراء الأرض بين يديه وحملت القبة والطير على رأسه وخطب له على منابر دمشق من يومه‏.‏
والملك الظاهر هذا هو السلطان الثلاثون من ملوك الترك بالديار المصرية والسادس من الجراكسة وأولادهم‏.‏ قال المقريزي رحمه الله‏:‏ كان جاركسي الجنس يعني عن الملك الظاهر ططر رباه بعض التجار وعلمه شيئًا من القرآن وفقه الحنفية وقدم به إلى القاهرة في سنة إحدى وثمانمائة وهو صبي فدل عليه الأمير قاني باي لقرابته به وسأل السلطان الملك الظاهر برقوق فيه حتى أخذه من تاجره‏.‏
ومات السلطان قبل أن يصرف ثمنه فوزن الأمير الكبير أيتمس ثمنه اثني عشر ألف درهم ونزله في جملة مماليك الملك الظاهر في الطباق ونشأ بينهم‏.‏ وكان الملك الناصر أعتقه فلم يزل في جملة مماليك الطباق حتى عاد السلطان الملك الناصر فرج إلى الملك بعد أخيه المنصور عبد العزيز فأخرج له الخيل وأعطاه إقطاعًا في الحلقة فانضم على الأمير نوروز الحافظي وتقلب معه في تلك الفتن انتهى كلام المقريزي باختصار‏.‏
قلت‏:‏ هذا هو الخباط بعينه ولم أقف على هذا النقل إلا من خطه بعد موته ولم أسمعه من لفظه فإن هذا القول يستحيا من ذكره فأما قوله اشتراه الملك الظاهر برقوق من تاجره فمسلم غير أنه قبل سنة إحدى وثمانمائة وأنه لم يعط ثمنه فيمكن‏.‏
وأما قوله وأعتقه الملك الناصر فرج فهذا القول لم يقله أحد غيره وبإجماع المماليك الظاهرية أن الملك الظاهر برقوق أعتقه وأخرج له الخيل والقماش في عدة كبيرة من المماليك منهم جماعة كبرة في قيد الحياة إلى يومنا هذا‏.‏ ثم أخرج الملك الظاهر خرجًا آخر من المماليك بعد ذلك قبل موته من جملتهم الملك الأشرف برسباي الدقماقي والملك الظاهر جقمق العلائي وغيره‏.‏
وكانت عادة برقوق أنه لا يخرج لمماليكه الجلبان خيلًا إلا بعد إقامتهم في الأطباق مدة سنين وأنه لا يخرج في سنة واحدة خرجين وإنما كان يجرج في كل مدة طويلة خرجًا من مماليكه ثم يتبعه بعد ذلك بمدة طويلة آخر وهذه كانت عادة ملوك السلف فعلى هذا يكون مشترى ططرهذا قبل سنة إحدى وثمانماثة بسنين‏.‏
ولما أراد الملك الظاهر عتق ططر المذكور عرضه قي جملة من عرض من مماليك الطباق الكتابية وكان ططر قصير القامة فاعتقد الظاهر أنه صغير فرده إلى الطبقة فيمن رد من صغارالمماليك وكان الأمير جرباش الشيخي الظاهري رأس نوبة واقفًا فمسك ططر من كتفه وقال‏:‏ يا مولانا السلطان هذا فقيه طالب علم قرناص يستأهل الخير فأمر له الملك الظاهر بالخيل وكتب عتاقته أمام السلطان الملك الظاهر سويدان المقري فكان ططر في أيام إمرته وبعد سلطنته كلما رأى الناصر محمد ابن جرباش الشيخي يترحم على والده ويقول‏:‏ لم يعتقني الملك الظاهر برقوق إلا بسفارة الأمير جرباش الشيخي رحمه الله وأحسن إلى ولد المذكور‏.‏
وأما قوله وأقام ططر في الطبقة حتى عاد الملك الناصر إلى ملكه بعد أخيه المنصور عبد العزيز فهذا يكون فى سنة ثمان وثمانمائة وهذه مجازفة لا يدري معناها فإن ططر كان يوم ذاك من رؤوس الفتن مرشحًا للإمرة وولاية الأعمال بل كان قبل ذلك في واقعة تيمورلنك في سنة ثلاث وثمانمائة من أعيان القوم الذين أرادوا سلطنة الشيخ لاجين الجاركسي بالقاهرة وعادوا إلى مصر وهو يوم ذاك يخشى شره‏.‏
وأيضًا إنه في سنة ثمان المذكورة كان برسباي الدقماقي أعني الملك الأشرف صار من جملة الخاصكية السقاة الخاص الأعيان وكان من جملة أصحاب ططر الصغار ممن ينتمي إليه وبسفارته آتصل إلى ما ذكرناه من الوظيفة وغيرها ولا زال على ذلك إلى أن شفع فيه ططر بعد أن حبسه الملك المؤيد بالمرقب وأخرجه إلى دمشق كل ذلك وططر مقدم عليه وعلى غيره من أعيان الظاهرية ويسمونه أغاة من تلك الأيام فلو كان كما قاله المقريزي من أن الملك الناصر فرج أعتقه في سنة ثمان لكان ططر من أصاغر المماليك الناصرية فإن الذين أعتقهم الملك الناصر ممن ورثهم من أبيه وهم أول خرج أخرجه جماعة كبيرة مثل الملك الأشرف إينال العلائي سلطان زماننا والأمير طوخ من تمراز أمير مجلس زماننا والآمير يونس العلائي أحد مقدمي الألوف في زماننا فيكون هؤلاء بالنسبة إلى ططر قرانيص وأكابر وقدماء هجرة فهذا القول لا يقوله إلا من ليس له خبرة بقواعد السلاطين ولا يعرف ما الملوك عليه با

لكلية‏.‏
ولولا أن المقريزي ذكر هذه المقالة في عدة كتب من مصنفاته ما كنت أتعرض إلى جواب ذلك فإن هذا شيء لا يشك فيه أحد ولم يختلف فيه اثنان‏.‏ غير أني أعذره فيما نقل فإنه كان بمعزل عن الدولة وينقل أخبار الأتراك عن الآحاد فكان يقع له من هذا وأشباهه أوهام كثيرة نبهته على كثير منها فأصلحها معتمدًا على قولي وها هي مصلوحة بخطه في مظنات الأتراك وأسمائهم ووقائعهم‏.‏ انتهى‏.‏
واستمر الملك الظاهر ططر بقلعة دمشق وعمل الخدمة السلطانية بها في يوم الاثنين ثالث شهر رمضان وخلع على الخليفة والقضاة باستمرارهم وعلى أعيان الأمراء على عادتهم‏.‏
ثم خلع على الأمير طرباي الظاهري نائب غزة كان في دولة الملك المؤيد بعد قدومه من عند قرا يوسف باستقراره حاجب الحجاب بالديار المصرية عوضًا عن إينال الآرغزي المقدم ذكره وعلى الأمير برسباي الدقماقي نائب طرابلس كان وكان بطالًا بدمشق باستقراره دوادارًا كبيرًا عوضًا عن الأمير علي باي المؤيدي بحكم القبض عليه‏.‏
وأنعم الأمير يشبك الجكمي الدوادار الثاني كان وهو أيضًا ممن قدم من بلاد الشرق بآستقراره أمير آخور كبيرًا عوضًا عن تغري بردي المؤيدي المنتقل إلى نيابة حلب‏.‏ ثم خلع بعد ذلك على الأمير بيبغا المظفري الظاهري أمير مجلس باستقراره أمير سلاح عوضًا عن الأمير إينال الجكمي بحكم القبض عليه‏.‏ وأنعم على الأمير قجق العيساوي الظاهري حاجب الحجاب كان في الدولة المؤيدية باستقراره أمير مجلس عوضًا عن بيبغا المظفري‏.‏ وخلع على الأمير قصروه من تمراز الظاهري باستقراره رأس نوبة النوب عوضًا عن يشبك أنالي المؤيدي بحكم القبض عليه أيضًا ثم أنعم على جماعة كبيرة بتقادم ألوف بالديار المصرية مثل الأمير أزبك المحمدي الظاهري إني برسبغا الدوادار ومثل الأمير تغري بردي المحمودي الناصري ومثل الأمير قرمش الأعور الظاهري وغيرهم‏.‏
وأنعم على جماعة من مماليكه وحواشيه بإمرة طبلخانات وعشرات منهم‏:‏ صهره البدري حسن بن سودون الفقيه أنعم عليه بأمرة طبلخاناه عوضًا عن مغلباي الساقي المؤيدي بحكم القبض عليه وأنعم على الأمير قرقماس الشعباني الناصري بإمرة طبلخاناه واستقر به دوادارًا ثانيًا وعلى الأمير قانصوه النوروزي أيضًا بإمرة طبلخاناه وجعله من جملة رؤوس النوب وعلى رأس نوبته الثاني قاني باي الأبو بكري الناصري البهلوان بإمرة طبلخاناه وجعله أيضًا من جملة رؤوس النوب وعلى فارس دواداره الثاني بإمرة طبلخاناه‏.‏
وأنعم على مشده يشبك السودوني باستقراره شاد الشراب خاناه وعلى أمير آخورة بردبك السيفي يشبك بن أزدمر باستقراره أمير آخور ثانيًا وعلى جماعة أخر من حواشيه ومماليكه‏.‏ وجعل جميع مماليكه الذين كانوا بخدمته قبل سلطنته خاصكية وأنعم على بعضهم بعدة وظائف‏.‏ ثم أمر السلطان الملك الظاهر فكتب بسلطنته إلى مصر وأعمالها وإلى البلاد الحلبية والسواحل والثغور وإلى نواب الأقطار وحملت إليهم التشاريف والتقاليد بولايتهم على عادتهم وهم‏:‏ الأمير تغري بردي المؤيدي المعروف بأخي قصروه نائب حلب والأمير تنبك البجاسي نائب طرابلس والأمير جارقطلو الظاهري نائب حماة والأمير قطلوبغا التنمي نائب صفد والأمير يونس الركني نائب غزة‏.‏
ثم خلع على الأمير تنبك ميق نائب الشام باستمراره على كفالته وعلى الأمير برسباي الحمزاوي الناصري باستقراره حاجب حجاب دمشق وعلى الأمير أركماس الظاهري ثم أخذ الملك الظاهر في تمهيد أمور دمشق والبلاد الشامية إلى أن تم له ذلك فبرز من دمشق بأمرائه وعساكره في يوم الاثنين سابع عشر شهر رمضان من سنة أربع وعشرين وثمانمائة يريد الديار المصرية‏.‏
هذا ما كان من أمر الملك الظاهر ططر بالبلاد الشامية‏ وأما أخبار الديار المصرية في غيبته

وأما أخبار الديار المصرية في غيبته فإنه لما سافر الأمير ططر بالسلطان الملك المظفر وعساكره من الريدانية استقل بالحكم بين الناس الأمير جقمق العلائي إلى أن حضر الأمير قاني باي الحمزاوي من بلاد الصعيد في يوم السبت حادي عشرين جمادى الأولى وحكم في نيابة الغيبة وأرسل إلى الأمير جقمق بالكف عن الحكم بين الناس وخاشنه في الكلام فانكفت يد الأمير جقمق أخي جاركس المصارع عن الحكم وكانت سيرته جيدة في أحكامه‏.‏
ثم قدم الخبر على الأمير قاني باي الحمزاوي بدخول السلطان الملك المظفر إلى دمشق وقبضه على القرمشي وغيره فدقت البشائر لذلك بالقاهرة ثلاثة أيام وزينت عشرة أيام‏.‏ ثم في يوم الأربعاء خامس شهر رمضان خلع الأمير قاني باي الحمزاوي على القاضي جمال الدين يوسف البساطى باستقراره في حسبة القاهرة عوضًا عن القاضي صدر الدين بن العجمي‏.‏
وكان سبب ولايته أنه طالت عطلته سنين فتذكر الأمير ططر صحبته فكتب لقاني ثم في ثامن شهر رمضان قدم الخبر إلى الديار المصرية بخلع الملك المظفر وسلطنة الملك الظاهر ططر‏.‏ وأما السلطان الملك الظاهر ططر فإنه سار بعساكره إلى جهة الديار المصرية إلى أن نزل بمنزلة الصالحية في يوم الاثنين أول شوال فخرج الناس إلى لقائه وقد تزايد سرور الناس بقدومه‏.‏ ثم ركب من الصالحية وسار إلى أن طلع إلى قلعة الجبل في يوم الخميس رابع شوال وحملت القبة والطير على رأسه‏.‏ حملها الأمير جاني بك الصوفي أتابك العساكر‏.‏
ولما طلع إلى القلعة أنزل الملك الظاهر ططر الملك المظفر أحمد وأمه بالقاعة المعلقة من دور القلعة‏.‏ ثم في يوم خامس شوال خلع السلطان الملك الظاهر ططر على الطواشي مرجان الهندي الخازندار باستقراره زمامًا عوضًا عن الطواشي كافور الرومي الشبلي الصرغتمشي بحكم عزله‏.‏ ثم في يوم الاثنين ثامن شوال ابتدأ السلطان بعرض مماليك الطباق وأنزل منهم جماعة كثيرة إلى إصطبلاتهم من القاهرة‏.‏
ثم في يوم الاثنين خامس عشره استدعى السلطان الشيخ ولي الدين أحمد ابن الحافظ زين الدين عبد الرحيم العراقي الشافعي وخلع عليه باستقراره قاضي قضاة الشافعية بالديار المصرية بعد موت قاضي القضاة جلال الدين عبد الرحمن البلقيني فنزل العراقي إلى داره في موكب جليل بعد أن اشترط على السلطان أنه لا يقبل شفاعة أمير في حكم فسر الناس بولايته‏.‏

مــــــرض السلطان الملك الظاهر ططر الذى أدى إلى موته
وفي يوم الاثنين ثاني عشرين شوال ابتدأ بالسلطان الملك الظاهر ططر مرض موته وأصبح ملازمًا للفراش‏.‏ واستمر في مرضه والخدمة تعمل بالدور السلطانية ويجلس السلطان وينفذ الأمور ويعلم على المناشير وغيرها‏.‏ وأنعم في هذه الأيام على الأمير كزل العجمي الأجرود الذي كان ولي حجوبية الحجاب في الدولة الناصرية وعلى الأمير سودون الأشقر الذي كان ولي في دولة المؤيد رأس نوبة النوب ثم أمير مجلس كانا منفيين بقرية الميمون من الوجه القبلي بحكم أنه يكون كل واحد منهم أمير عشرين فارسًا فدخلا إلى الخدمة السلطانية بعد ذلك فى كل يوم وصارا يقفان من جملة أمراء الطبلخانات والعشرات ومقدمو الألوف جلوس بين يدي السلطان‏.‏
واستمر السلطان على فراشه إلى يوم الثلاثاء أول ذي القعدة فنصل السلطان من مرضه ودخل الحمام وخلع على الأطباء وأنعم عليهم ودقت البشائر لذلك وتخلقت الناس بالزعفران‏.‏ ثم في ثالث ذي القعدة خلع السلطان على دواداره الأمير فارس باستقراره في نيابة الإسكندرية عوضًا عن الأمير قشتم المؤيدي بحكم عزله وقد حضر قشتم المذكور إلى القاهرة وطلع إلى الخدمة ثم أمر السلطان فقبض على الأمير قشتم المذكور وعلى الأمير قاني باي الحمزاوي نائب الغيبة وقيدا في الحال وحملا إلى ثغر الإسكندرية فسجنا بها‏.‏
ثم في يوم الاثنين سابع ذي القعدة خلع السلطان على عبد الباسط بن خليل بن إبراهيم الدمشقي ناظر الخزانة باستقراره ناظر الجيوش المنصورة بعد عزل القاضي كمال الدين بن البارزي ولزومه داره‏.‏ وخلع السلطان أيضًا على موقعه القاضي شرف الدين محمد ابن القاضي تاج الدين عبد الوهاب بن نصر الله باستقراره في نظر أوقاف الأشراف ونظر الكسوة ونظر الخزانة عوضًا عن عبد الباسط المذكور‏.‏
وكان الملك الظاهر أراد تولية شرف الدين المذكور وظيفة نظر الجيش فسعى عبد الباسط فيها سعيًا زائدًا حتى وليها‏.‏ ودخل السلطان في هذه الأيام إلى القصر السلطاني وعمل الخدمة به‏.‏ ثم انتكس السلطان في يوم الخميس عاشر ذي القعدة ولزم الفراش ثانيًا وانقطع بالدور السلطانية وعملت الخدمة غير مرة‏.‏
فلما كان يوم الجمعة خامس عشرينه عزل القاضي ولي الدين العراقي نفسه عن القضاء لمعارضة بعض الأمراء له في ولاية القضاء بالأعمال‏.‏ ثم في سادس عشرين ذي القعدة رسم السلطان بالإفراج عن أمير المؤمنين المستعين بالله العباس من سجنه بثغر الإسكندرية وأن يسكن بقاعة في الثغر المذكور ويخرج لصلاة الجمعة بالجامع الذي بالثغر ويركب حيث يشاء وأرسل إليه فرسًا بسرج ذهب وكنبوش زركش وبقجة قماش ورتب له على الثغر في كل يوم ثمانمائة درهم لمصارف نفقته فوقع ذلك من الناس الموقع الحسن‏.‏
واستهل ذو الحجة يوم الخميس والسلطان في زيادة ألم من مرضه ونموه والأقوال مختلفة في أمره والإرجاف بمرضه يقوى‏.‏
فلما كان يوم الجمعة ثاني ذي الحجة استدعى السلطان الخليفة والقضاة والأمراء وأعيان الدولة إلى القلعة وقد اجتمع بها غالب المماليك السلطانية فلما اجتمعوا عند السلطان كلم الخليفة والأمراء في إقامة ابنه في السلطنة بعده فأجابوه إلى ذلك فعهد إلى ابنه محمد بالملك وأن يكون الأمير جاني بك الصوفي هو القائم بأمره ومدبر مملكته وأن يكون الأمير برسباي الدقماقي لالا الملطان والمتكفل بتربيته وحلف الأمراء على ذلك كما حلفوا لابن الملك المؤيد شيخ‏.‏
ثم أذن السلطان لقاضي القضاة ولي الدين العراقي أن يحكم وأعيد إلى القضاء‏.‏ وانفض الموكب ونزل الناس إلى دورهم وقد كثر الكلام بسبب ضعف السلطان وأخذ الناس وأعيان وثقل السلطان في الضعف وأخذ من أواخر يوم السبت ثالثه في بوادر النزع إلى أن توفي ضحوة نهار الأحد رابع ذي الحجة من سنة أربع وعشرين وثمانمائة فاضطرب الناس ساعة ثم سكنوا عندما تسلطن ولده الملك الصالح محمد حسبما يأتي ذكرة‏.‏
ثم أخذ الأمراء في تجهيز الملك الطاهر ططر فغسل وكفن وصلي عليه وأخرج من باب السلسلة وليس معه إلا نحو عشرين رجلًا لشغل الناس بسلطنة ولده‏.‏
وساروا به حتى دفن بالقرافة من يومه بجوار الإمام الليث بن سعد رضي الله عنه‏.‏ ومات وهو في مبادئ الكهولية‏.‏
وكانت مدة تحكمه منذ مات الملك المؤيد شيخ إلى أن مات أحد عشر شهرًا تنقص خمسة أيام منها مدة سلطنته أربعة وتسعون يومًا وباقي ذلك أيام أتابكيته‏.‏
قال المقريزي في تاريخه عن الملك الظاهر ططر‏:‏ وكان يميل إلى تدين وفيه لين وإغضاء وكرم مع طيش وخفة‏.‏ وكان شديد التعصب لمذهب الحنفية يريد أن لا يدع من الفقهاء غير الحنفية‏.‏ وأتلف في مدته مع قلتها أموالًا عظيمة وحمل الدولة كلفًا كثيرة أتعب بها من بعده‏.‏ ولم تطل أيامه لتشكر أفعاله أو تذم‏.‏ انتهى كلام المقريزي‏.‏
قلت ولعل الصواب في حق الملك الظاهر ططر بخلاف ما قاله المقريزي مما سنذكره مع عدم التعصب له فإنه كان يغض من الوالد كونه قبض على بعض أقاربه وخشداشيته بأمر الملك كان ططر ملكًا عظيمًا جليلًا عالي كريمًا عالي الهمة جيد الحدس حسن التدبير سيوسًا‏.‏ توثب على الأمور مع من كان أكبر منه قدرًا وسنًا ومع عظم شوكة المماليك المؤيدية شيخ وقوة بأسهم مع فقر كان به وإملاق‏.‏ فلا زال يحسن سياسته ويدبر أموره ويخادع أعداءه إلى أن استفحل أمره وثبت قدمه وأقلب دولة بدولة غيرها في أيسر مدة وأهون طريقة‏.‏
كان تارة يملق هذا وتارة يغدق على هذا وتارة يقرب هذا ويظهره على أسراره الخفية كل ذلك وهو في إصلاح شأنه في الباطن مع من لا يقربه في الظاهرة فكان حاله مع من يخافه كالطبيب الحافق الذي يلاطف عدة مرضى قد اختلف داؤهم فينظر كل واحد ممن يخشى شره فإن كان شهمًا رقاه إلى المراتب العلية وأوعده بأضعاف ذلك وإن كان طماعًا أبذل إليه الأموال وأشبعه حتى إنه دفع لبعض المماليك المؤيدية الأجناد في دفعات متفرقة في مدة يسيرة نحو عشرة آلاف دينار وإن كان شهمًا رغبته الأمر والنهي ولاه أعظم الوظائف كما فعل بالأمير علي باي المؤيدي والأمير تغري بردي المؤيدي المعروف بأخي قصروه ولى كلا منهما أجل وظيفة بديار مصر فأقر علي باي في الدوادارية الكبرى دفعة واحدة من إمرة عشرة وأقر تغري بردي في الأمير آخورية الكبرى دفعة واحدة ومع هذا لم يتجن عليهما أبدًا بل صار معهما فيما أراداه يعطي من أحبا ويمنع من أبغضا حتى إن تغري بردي المذكور وسط الأمير راشد بن أحمد ابن بقر خارج باب النصر ظلمًا لما كان في نفسه منه فلم يسأله ططر عن ذنبه كل ذلك لكثرة دهائه وعظيم احتماله ولم يكن فعله هذا مع علي باي وتغري بردي فقط بل مع غالب أشرار المؤيدية‏.‏
هذا وهو يقرب خشداشيته الظاهرية برقوق واحدًا بعد واحد يقصد بذلك تقوية أمره في الباطن فأطلق مثل جانبك الصوفي ومثل بيبغا المظفري ومثل قجق العيساوي‏.‏ كل ذلك وهو مستمر في بذل الأموال والإقطاعات لمن تقدم ذكرهم حتى إنه كلمه بعض أصحابه سرًا بعد عوده من دمشق فيما أتلفه من الأموال فقال‏:‏ يا فلان أتظن أن الذي فرقته راح من حاصلي جميعه في قبضتي أسترجعه في أيسر مدة إلا ما أعطيته للفقهاء والصلحاء فمن يكن فيه طيش وخفة لا يطيق هذا الصبر ولو تلفت روحه‏.‏
وكان مقدامًا جريئًا على الأمور بعدما يحسب عواقبها شهمًا يحب التجمل كانت مماليكه أيام إمرته مع فاقته أجل من جميع مماليك رفقته من الأمراء فيهم الناصرية والجمكية والنوروزية وغيرهم‏.‏ ولما حصل له ما أراد وصفا له الوقت ووثب على ملك مصر أقام له شوكة وحاشية من خشداشيته ومماليكه في هذه الأيام القليلة لم ينهض بمثلها من جاء قبله ولا بعده أن ينشىء مثلها في طول مملكته وهو أنه أعطى لصهره البدري حسن بن سودون الفقيه إمرة طبلخاناه ثم نقله إلى تقدمة ألف بالديار المصرية ولم يكن قبلها من جملة مماليك السلطان ولا من أولاد الملوك فإن والده سودون الفقيه مات بعد سنة ثلاثين جنديًا وكذا فعل مع فارس داواداره أنعم عليه بإمرة مائة وتقدمة ألف ونيابة الإسكندرية ومع جماعة أخر قد تقدم ذكرهم فهذا مما يدل على قوة جنانه وإقدامه وشجاعته فإنه أنشأ هذا كله في مدة سلطنته وهي ثلاثة أشهر وأربعة أيام‏.‏
وأنا أقول‏:‏ إن مدة سلطنته كانت ثمانية عشر يومًا وهي مدة إقامته بمصر وباقي ذلك مضى في سفره ومرض موته‏.‏ وكان يحب مجالسة العلماء والفقهاء وأرباب الفضائل من كل فن وله اطلاع جيد ونظر في فروع مذهبه ويسأل في مجالسه الأسئلة المفحمة المشكلة مع الإنصاف والتواضع ولين الجانب مع جلسائه وأعوانه وخدمه‏.‏ وكان يحب إنشاد الشعر بين يديه لا سيما الشعر الذي باللغة التركية فإنه كان حافظًا له ولنظامه ويميل إلى الصوت الحسن ولسماع الوتر مع عفته عن سائر المنكرات قديمًا وحديثًا من المشارب‏.‏ وأما الفروج فإنه كان يرمى بمحبة الشباب على ما قيل‏.‏ والله أعلم بحاله‏.‏
ومع قصر مدته انتفع بسلطنته سائر أصحابه وحواشيه ومماليكه فإن أول ما طالت يده رقاهم وأنعم عليهم بالأموال والإقطاعات والوظائف والرواتب‏.‏ قيل إنه أعطى الشيخ شمس الدين محمدًا الحنفي في دفعة واحدة عشرة آلاف دينار وأوقف على زاويته إقطاعًا هائلًا‏.‏ وتنوعت عطاياه لأصحابه على أنواع كثيرة وأحبه غالب الناس لبشاشته وكرمه‏.‏
فإنه يقال في الأمثال وهو من الجناس الملفق‏:‏ المتقارب إذا ملك لم يكن ذاهبة فدعه فدولته ذاهبة قلت‏:‏ وهو ثاني سلطان ملك الديار المصرية ممن له ذوق في العلوم والفنون والآداب ومعاشرة الفضلاء والأدباء والظرفاء من المماليك الذين مسهم الرق‏:‏ الأول الملك المؤيد شيخ والثاني ططر هذا‏.‏ غير أن الملك المؤيد طالت مدته فعلم حاله الناس أجمعون والملك الظاهر هذا قصرت مدته فخفي أمره على آخرين‏.‏ انتهت ترجمة الظاهر رحمه الله‏.‏


 

============================================================

 

 

 

 

 

Home | برقوق بن آنص191/ 1م.ج | حاجى 192/ 2 م.ج | برقوق بن آنص193/ 3م.ج | فرج194/ 4 م.ج | عبد العزيز195/ 5/ م.ج | فرج 196/ 6 م.ج | سلطان وخليفة 197/ 7م.ج | شيخ198/ 8 م.ج | أحمد 199/ 9 م.ج | ططر 200/ 10 م.ج | محمد ططر201/ 11 م.ج | برسباى 202/ 12 م.ج | يوسف203/ 13 م.ح | جقمق204/ 14 م.ج | عثمان 205/ 15 م.ج | إينال 206/ 16 م.ج | أحمد | خشقدم | يلباى | تمبرغا | قايتباى | الغورى

This site was last updated 03/29/07