تفسير إنجيل يوحنا (يوحنا 1: 1) 1 في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله.
ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس
1) " فِي ٱلْبَدْءِ " الأناجيل هى قصة يسوع منذ ولادته وحتى صلبه وقيامته فكان كل إنجيلى يبدأ بتعريف الناس بمن هو المسيح بدأ متّى بشارته ليثبت لليهود سلسلة أنساب المسيحالتى يعرفونها وأن يسوع من سلالة إبراهيم وداود متتبعاً سلسلة النسب إلى اثنتين وأربعين حلقة ليثبت من ذلك أن يسوع هو المسيح (المسيا المنتظر إبن داود ) ولما كان لوقا رسول من الأمم فكتب سلسلة الأنساب تنتهى بأن المسيح ابن آدم من جهة ناسوته بياناً للأمم لمشاركته الجنس البشري. بينما بدأ مرقس بشارته ببداية خدمة يسوع وبشارته فى الثلاث السنين الأخيرة أما يوحنا فكانت بدية بشارته بتوضيح بداية المسيح قبل إنشاء العالم وابتدأ بذكر الأزلية التي للرب والتي ليسوع باعتبار كونه ابن ألاب. والروح القدس وهكذا أظره كل بشير من هو المسيح فى بداية البشائر الأربعة ونحن نحتاج لهذه المعرفة لنعرف من هو المسيح من البداية
***
البدء ARCHĒ
الكلمة فى اللغة اليونانية archē ،معناها "بداية" حاجة أو "أصل" شيء.
١ -بداية النظام المخلوق (يو ١ :١؛ ١ يو ١ :١؛ عب ١ :١٠ .)
٢ - بداية الإنجيل (مر 1: 1) ( فى 4: 15) ( 2 تس 2: 12) (عب 2: 3)
٣ -شهود العيان الأولين (لو ١ :٢ )
٤ -بداية الآيات (المعجزات، يو ٢ :١١ )
٥ -بداية الأسس (عب ٥ :١٢ )
٦ -بداية ثقة الإيمان واليقين اللي بيقوم على حقائق الإنجيل (عب ٣ :١٤ )
٧ - البداية (كول 1: 18) (رؤ 3: 13)
والبدء المذكور هنا هو بدء العالم وبداية بشارة يوحنا هنا مثل بداية سفر التكوين الذى كتب بيد موسى في أول كتبه (تكوين ١: ١) في البدء خلق الله السماوات والارض." وشهادة يوحنا هنا مبنية على ما سمعه من المسيح وتعلمه من الروح القدس (1 يو 1: 1) الذي كان من البدء، الذي سمعناه، الذي رايناه بعيوننا، الذي شاهدناه، ولمسته ايدينا، من جهة كلمة الحياة. " و .
2) "كان" : فعل يأتى بصيغة الزمن الماضى المستمر ، الذى يفيد القيام بعمل فى الماضى يستر وردت فىهذه الآية ثلاث مرات ويظهر هذا الفعل بشكل واضح أزلية " اللوغوس" ويقابله الزمن الماضى البسيط
كان : . (تلات مرات) إنه زمن مهم ( يوحنا ١ :١ ،٢ ،٤ ،١٠ ) بيركز على الوجود المستمر في الزمان الماضي. الزمن ده بيستخدم لإظهار الوجود السابق للوجوس ( يوحنا ٨ :٥٧ -٥٨؛ ١٧ :٥ ،٢٤؛ ٢ كور ٨ :٩؛ كول ١ :١٧؛ عب ١٠ :٥ -٧ ) وهذا بيتغاير مع زمن الماضي الناقص الذى ورد فى (يو 1: 3و 6 و 14)
3) " ٱلْكَلِمَةُ " ترجمة للكلمة اليونانية "لوغوس " وتعنى رسالة مستمرة وليس مجرد كلمة مفردة ، ويستعمل هذا التعبير كلقب إستعمله اليونانيون قديما ليصفوا ""عقل العالم" سبب العالم" وإستخدمه العبرانييون كمرادف "للحكمة" وقد إختار يوحنا هذا التعبير ليشير به إلى يسوع المسيح على أنه شخص ورساله لها هدف
والكلمة أستخدمت بمعنى "الحكم" فى القضاء والمكاتب الحكومية أو "السلطان" للملك أو الحاكم أو الوالى أو الإمبراطور .. ألح :
١ .كلمة الأشخاص الموظفين في الحكومة:
أ. لو ١٢ :١١
ب. لو ٢٠ :٢٠
ج. رو ١٣ :٣؛ تي ٣ :١
٢ .كلمة التى تمتلكها السلطات الملائكية:
أ. رو ٨ :٣٨
ب. (1كور 15: 24)
ج. (أف 1: 21) (أف 3: 10) ( أف 6: 12)
د. (كول 1: 16) (كول 2: 10 و 15)
هـ (يه الآية 5)
أنه أراد بالكلمة المسيح. يُظهر قوله في (يو 1: 14) والكلمة صار جسدا وحل بيننا، وراينا مجده، مجدا كما لوحيد من الاب، مملوءا نعمة وحقا" .وكأن يوحنا شاهد بعين الوحى أزلية المسيح قبل بدء الخليقة فرأى المسيح فيها قبل إنشاء الخلق ( يوحنا1: 15) يوحنا شهد له ونادى قائلا:«هذا هو الذي قلت عنه: ان الذي ياتي بعدي صار قدامي، لانه كان قبلي» (يو 8: 56- 59 56 ابوكم ابراهيم تهلل بان يرى يومي فراى وفرح». 57 فقال له اليهود:«ليس لك خمسون سنة بعد، افرايت ابراهيم؟» 58 قال لهم يسوع:«الحق الحق اقول لكم: قبل ان يكون ابراهيم انا كائن» (يو 16 : 28) خرجت من عند الاب، وقد اتيت الى العالم، وايضا اترك العالم واذهب الى الاب».فإذن هو غير مخلوق ولا بداءة له واجب الوجود أزلي. وبمثل هذا أُشير إلى أزلية لرب وهو قول صاحب المزامير «مِنْ قَبْلِ أَنْ تُولَدَ ٱلْجِبَالُ أَوْ أَبْدَأْتَ ٱلأَرْضَ وَٱلْمَسْكُونَةَ، مُنْذُ ٱلأَزَلِ إِلَى ٱلأَبَدِ أَنْتَ ٱللّٰهُ» (مزمور ٩٠: ٢). ولم يقل ذلك على يسوع المسيح بعد تجسده بل على الكلمة قبل ذلك ع ١٤. ويؤكد هذا ما قيل في (يو 17: 5 & 24) والان مجدني انت ايها الاب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم. 24 ايها الاب اريد ان هؤلاء الذين اعطيتني يكونون معي حيث اكون انا، لينظروا مجدي الذي اعطيتني، لانك احببتني قبل انشاء العالم. (2كو 8: 9 ) فانكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح انه من اجلكم افتقر وهو غني لكي تستغنوا انتم بفقره. (فى 2: 6- 7) 5 فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع ايضا: 6 الذي اذ كان في صورة الله، لم يحسب خلسة ان يكون معادلا لله. 7 لكنه اخلى نفسه، اخذا صورة عبد، صائرا في شبه الناس " (عب 1: 3 3 الذي، وهو بهاء مجده، ورسم جوهره، وحامل كل الاشياء بكلمة قدرته، بعد ما صنع بنفسه تطهيرا لخطايانا، جلس في يمين العظمة في الاعالي، " ( عب 10: 5- 8) لذلك عند دخوله الى العالم يقول:«ذبيحة وقربانا لم ترد، ولكن هيات لي جسدا. 6 بمحرقات وذبائح للخطية لم تسر. 7 ثم قلت: هنذا اجيء. في درج الكتاب مكتوب عني، لافعل مشيئتك يا الله». 8 اذ يقول انفا:«انك ذبيحة وقربانا ومحرقات وذبائح للخطية لم ترد ولا سررت بها». التي تقدم حسب الناموس. .
ولفظة «الكلمة» لا يراد بها صفة كالحكمة أو قوة كالنطق أو كتاب الله لأنه من غير المعقول أن يقال أن الكتاب المقدس صار جسداً (يو 1: 14) والكلمة صار جسدا وحل بيننا، وراينا مجده، مجدا كما لوحيد من الاب، مملوءا نعمة وحقا" بل ايقصد بها أقنوم. واعتاد اليهود تسمية المسيح المنتظر «بالكلمة» ولا سيما المتشتتون بين الأمم الذين عرفوا الفلسفة اليونانية. والذين كتب يوحنا إنجيله إليهم يفهمون بالكلمة الأقنوم الثاني من الثالوث. ولم ترد تسميته بالكلمة في غير هذا الموضع في العهد الجديد إلا في (عبرانيين ٤: ١٢ و١٣ 12 لان كلمة الله حية وفعالة وامضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة الى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومميزة افكار القلب ونياته. 13 وليست خليقة غير ظاهرة قدامه، بل كل شيء عريان ومكشوف لعيني ذلك الذي معه امرنا " (رؤيا ١٩: ١٣). 13 وهو متسربل بثوب مغموس بدم، ويدعى اسمه «كلمة الله».18
ويحق للمسيح أن يُسمى كلمة لأن ألاب كلمنا به (عبرانيين 1: 1- 2) 1 الله، بعد ما كلم الاباء بالانبياء قديما، بانواع وطرق كثيرة، 2 كلمنا في هذه الايام الاخيرة في ابنه، الذي جعله وارثا لكل شيء، الذي به ايضا عمل العالمين" كما أنه أعلن لنا أفكار الله ومشيئته (يو 1: 18) الله لم يره احد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الاب هو خبر." والكلمة هو عقل الرب الإله الناطق كما أن كلمة الإنسان تعلن أفكار الإنسان وإرادته. فالمسيح أعلن الله لنا بتعليمه وبسيرته وبأعماله.
وتسمية ابن ألإله بكلمة الإله تنفي كل نسبة جسدية بينهما كنسبة الابن للأب البشريين لأن الرب الإله روح وليس جسدا ليكون له إبنا على الطريقة البشرية .
وكون المسيح كلمة الرب يوجب كونه إلهاً لأنه لا يستطيع أحد من البشر أن يعرف أفكار الرب ليعلنها إلا الرب ذاته كما قيل «مَنْ عَرَفَ فِكْرَ ٱلرَّبِّ، أَوْ مَنْ صَارَ لَهُ مُشِيراً» (رومية ١١: ٣٤) و «مَنْ مِنَ ٱلنَّاسِ يَعْرِفُ أُمُورَ ٱلإِنْسَانِ إِلاَّ رُوحُ ٱلإِنْسَانِ ٱلَّذِي فِيهِ؟ هٰكَذَا أَيْضاً أُمُورُ ٱللّٰهِ لاَ يَعْرِفُهَا أَحَدٌ إِلاَّ رُوحُ ٱللّٰهِ» ( ١كورنثوس ٢: ١١). «وَلاَ أَحَدٌ يَعْرِفُ ٱلآبَ إِلاَّ ٱلاَبْنُ الخ» (متّى ١١: ٢٧ ولوقا ١٠: ٢٢).
4) " وَٱلْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ ٱللّٰهِ " "عند الله " ترجة هذه العبارة من اللغة اليونانية لتعنى "وجها لوجه " فهى تصف الشركة والوحدانية حيث يؤكد على أنه الجوهر الإلهى فى تجلياته الثالوثية التى سجلها الإنجيل حيث يظهر الثالوث بعمل يتميز الواحد عن الآخر ولكنهم يعملون بمشيئة وإرادة واحده
أي الآب كما في (يو 1: 18) الله لم يره احد قط. الابن الوحيد الذي هو في حضن الاب هو خبر." وهذا قول ثان من جهة ابن الله وخلاصته أمران. الأول أن الابن أقنوماً مميزاً عن أقنوم الآب. والثاني أنه مع ذلك بينهما اتحاد كامل واتفاق تام في كل رأي وقضاء وعمل. فما كان لأحدهما من المجد والعظمة والكرامة كان للآخر وهذا وفق قول المسيح «وَٱلآنَ مَجِّدْنِي أَنْتَ أَيُّهَا ٱلآبُ عِنْدَ ذَاتِكَ بِٱلْمَجْدِ ٱلَّذِي كَانَ لِي عِنْدَكَ قَبْلَ كَوْنِ ٱلْعَالَمِ» (ص ١٧: ٥) وقوله «أَنَا وَٱلآبُ وَاحِدٌ» (ص ١٠: ٣٠) وقوله في (ص ١٤: ٩ - ١١ و١يوحنا ١: ٢ و٢: ١).
5) " وَكَانَ ٱلْكَلِمَةُ ٱللّٰهَ " وكان الكلمة الله " : كان فعل ماض متصل كما جاءت فى بداية الآية الأولى - ويلاحظ أنه لم تسبق آداة التعريف الكلمة اليونانية "ثيوس " والتى تعنى إله ولكن وضعت كلمة "ثيوس" فى أول الجملة للتأكيد هذه الآية والآية 18 من هذا الإصحاح تشير بقوة إلى ألوهية وأزلية "لوغوس" راجع (يو 5: 18 & 8: 58 & 10: 30 & 14: 9 & 20: 30) ( عب 1: 8) (2 بط : 1: 1) يسوع هو إله كامل وإنسان كامل فهو ليس الآب لأنه له عمل يتميز به عنه وهم جوهر واحد ويؤكد يوحنا مرات عديدة الألوهية الكاملة ليسوع الناصرى ولكنه فى نفس الوقت يحافظ على تمايز الآب كما يؤكد يوحنا الجوهر الواحد فى (يو 1: 1 & 5: 18 & 10: 30 و 34- 38 & 114 : 9- 10 & 20 : 28) ويؤكد هذا التمايز فى ( سو 1: 3 و 14 و 18 & 5: 16 - 23 & 8: 28 & 10 : 25 و 29 & 14: 11 و 12 و 13 و 16)
وهذا قول ثالث في شأن المسيح ومعناه أنه ليس ملاكاً أو مخلوقاً آخر دون الآب لكنه مساوٍ للآب في الجوهر أي أن له صفات الآب نفسها وقوته واستحقاقه الإكرام والطاعة والعبادة التي يستحقها الآب. ولفظة «الله» هنا تختلف عنها في الجملة التي قبلها ومعناها هنا جوهر اللاهوت. وهذه الآية مما يثبت صحة تعليم التثليث لتمييزها أقنومين وتبيينها أنهما متساويان. وفي هذه العبارات الثلاث بيان ثلاثة أمور. الأول أزلية الكلمة. والثاني أقنوميته واتحاده بالآب. والثالث لاهوته أي كونه والآب واحداً في الجوهر. وفيها جواب لثلاث اسئلة وأجوبتها : السؤال الأول: متى كان الكلمة.؟ جوابه أنه كان منذ الأزل لأنه عند بدء الكون كان؟ . السؤال الثانى: أين كان؟. جوابها عند الآب. السؤال الثالث : من هو الكلمة. جوابها الله.
وهذه السئلة الثلاثة وأجوبتها تنفي ثلاث هرطقات / بدع ( ضلالات) : الأولى: هرطقة آريوس وهي قوله أن المسيح مخلوق دون الخالق... الثانية: هرطقة سوسينيوس وهي قوله أن المسيح ليس سوى رجل كامل في صفاته. ... الثالثة: هرطقة سابا ليوس الذي نفى التثليث وقال بأن اللاهوت أقنوم واحد ظهر مرة آباً وتارة ابناً وطوراً روح قدس.
عبادة الكلمة أم عبادة الكلمة.
فى 18/8/2015م ألأب ثاوذورس داود
الكلمة (في المذكر) The Word هو منطوق الله أما الكلمة(في المؤنث ) The word فهي منطوق البشر. كلمة الله جدير بالعبادة لأنه الله نفسه،ألله في الجسد. كلمة الله هو فيض محبة الله التي انسكبت في مريم لتثمر حياةً وحباً وخلاصاً، أما كلمة البشر فهي فيض أهواء البشر وهي مهما عمُقت أو علت أو تبرّجت فهي -إن لم تكن موحاةً -تقود إلى الموت لإنها نتاج الإنسان المائت وعبادتها ضلال.
المسيحي لا يعبد إلا الله. كلمة الله- المسيح- هو ظهور أو تجلي الله للبشر على مقدار استطاعتهم أن يروه. كلمة الله هو انعكاس مجد ومحبة وطول أناة الله وغفرانه. أما كلمة البشر وإن تزيّنت بالعلم والمعرفة والفلسفة والتقوى فتبقى كلمة بشرية والبشر مائتون وكلامهم - إن لم يكن من الله- يميت.
لقد كبرت على مطالعة كتب أساقفة فلاسفة ومتفلسفين وعظات كهنة أكثر تفلسفاً ووقعت في غرام فن الكلمة والكلام وسكرت على وقع القوافي والإعراب وتمجيد الكلمة إلى درجة العبادة وها أنا اليوم أقول ليتني لم أقرأ كتبهم ولم أسمع كلامهم ولم أرى أفعالهم لأن في معظم ما قرأت وما سمعت وما شاهدت لم أجد الكلمة الذي كان في البدء والذي كان الله. لم أجد لا المحبة ولا المسامحة ولا الرأفة ولا الفضيلة بل "صف كلام".
من عرف كلمة الله عرفه بروح الله، بالروح القدس، والروح القدس يجعل من المؤمنين وبخاصة الرعاة هياكل له تفيض بالنور، بالمحبة، وبالغفران والجمال والخير. إنه لأمر محزن أن المسيحيين وخاصة الرعاة منهم صاروا يقيَّمون بمقدار علومهم وثقافتهم واللغات التي يتقنون وليس بمقدار الفضيلة والتواضع ومعرفة لغة الروح التي أتقنها صيادو السمك والآباء ومتواضعي القلوب الذين لم يفتخروا إلا بصليب المسيح.
إنه لأمر محزن أن نشهد في حياة الكنيسة وخاصة على صفحات التواصل الإجتماعي رعاة تثقّفوا فأثمروا مقالات أو تعليقات إستفزازية ومماحكات هذيانية وصبيانية ليُطلقوا حروب الكلمة والكلمة المضادة والتشهير والتخوين والتحجيم والتعالي والتكفير والقتل المعنوي والروحي تحت مسمى محبة الكنيسة ومحبة الرب.
فليرحمنا كلمة الله الرب القدوس ويجعل منا كلمة صالحة وعظة حيّة ومشروع خلاص للآخرين ولأنفسنا لأن " الويل لمن تأتي على يده العثرات."
أولا : التفسير الروحى/ والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس / والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية
يرى البعض أن مقدمة إنجيل يوحنا تحتلف عن باقى الأناجيل ولكنها فى الحقيقة تكملها ولما كان المسيح هو كلمة الإله فتكلمت الأناجيل عن ميلاده الجسدى وبشارته أما يوحنا فتكلم عن لاهوته كما يقول أبونا تادرس يعقوب فيبدأ بالكشف عن شخص ربنا يسوع قبل التجسد بكونه الكلمة الأزلي، لكي نتخطى كل زمن وننطلق إلى حضن الآب الأزلي، فنتعرف على خطة الله من نحونا ومشيئته لخلاصنا ومجدنا الأبدي. يعرفنا على ذاك الذي نشاركه مجده ونعيش معه إلى الأبد.
تفسير العلامة الأب متى المسكين :
(1) في البدء كان الكلمة
ركز كل من القديسيين كل من متى ولوقا على ميلاده بالجسد وعلى نسب هذا الميلاد الجسدى حيث ذهب كل منهما ليفتش عن المسيح فى أعماق إسرائيل البعيدة والقريبة ، وإختص إنجيل مرقس بصوت المعمدان الصارخ فى البرية كبداية لسيرة المسيح وفاقا لما جاء فى أشعياء النبى : إلا أن مقدمة إنجيل يوحنا تخطت الميلاد الجسدى وتخطت سيرة الخدمة وطارت فوق هامة التاريخ والزمان وفيما وراء الآباء والأنبياء إبراهيم وآدم والأرض والسماء وكل الخلائق والأكوان لنحظ على حضن ... لآبيه فى جرأة لا يدانيها جرأة نبى أو ملاك ، وهناك فى أعماق الله رأى ق: يوحنا وعاين " الكلمة " مصورا فيه كل مشيئة الإله من جهة الخلق والخلاص وحتى التجديد
ولكن لا تأتى مقدمة يوحنا وكأنها بلا مثيل أو شبيه فمقدمة الرسالة الأولى ليوحنا الرسول تحمل بتاريخ سابق عن الإنجيل نفس الطابع الشعرى ونفس الإمتداد فى الزلية ورؤية مالا يرى ، رؤية الحياة الأبدية عند الرب كأول إرهاصة لأقنوم الكلمة فى التعبير عن شخص المسيح
كذلك تأتى مقدمة الرسالة للعبرانيين تحمل طابع اللحن الشعرى أيضا بنفس الكثافة الروحية ونفس الإنطلاقة الجريئة لرؤية المسيح كآخر مرحلة لإستعلان "الله متكلما" فى غنسان مستعلنا إياه "كإبن الله" فى ملئ بهاء مجد الله والصورة المنظورة لجوهر غير المنظور والكلمة الذى تكلم فيه الله والذى له ميراث كل ما لله ، الذى خلق به الله الدهور والذى يقيم العالم بكلمة قدرته
(2) فِي الْبَدْءِ : لعل أول شئ يُلفت النظر هو بداية البشارة بـ "في البدء Ἐν ἀρχῇ" تماماً كما بدأ موسى أسفاره "في البدء בראשׁית" و في السبعينيَّه "Ἐν ἀρχῇ" أيضاً, و يُعلق عليها جون لايتفوت -الراباي المتنصر في القرن السابع عشر- فيقول "في البدء نفس تعبير (בראשׁית) في البدء في أول تاريخ الخلق (تك 1 : 1), و البشير (يوحنَّا) يعرض هذا ليوضِّح أنه بالكلمة خُلق الكل بشكل رائع [1]", و يفسر القدّيس كيرلس السكندري هذا التعبير بأنه مُحكم يؤكد أنَّه لا شئ قبله, بل أيضاً يرى البدء هو الآب الذي هو بدء كل شئ ولا بدئ له و فيه كان الكلمة كائناً, و يؤكد نفس الفكره أوريجانوس بمقارنته بين "في البدء كان الكلمه" و "الكلمه كان عند الله" [2]. و نجد أيضاً أن تعبير البدء كثير الورود في الكتاب المقدس بعهديه و يرتبط كثيراً بالله و كلمته: (أم 8 : 22) "اَلرَّبُّ قَنَانِي أَوَّلَ طَرِيقِهِ مِنْ قَبْلِ أَعْمَالِهِ مُنْذُ الْقِدَم". كلمة "أوَّل" في الأصل العبرية (ראשית) و في السبعينية اليونانية (αρχη), و لأن الله غير زمني و غير مُبتدئ ولا مُنتهي فيشير البدأ هنا إلى اللا زمن, أي أن المعني "الرب إقتناني قبل أعماله منذ القدم قبل الزمن".
كَانَ : لا تٌشير الكلمة (كان) إلى التغيُّر في الزمن, ولا إلى معنى أن الكلمة كان غير كائن و كان, بل أن الكلمة كان حاضراً كائناً في بدء الخلق و ما زال كائناً و سيظل, و من الآية الثالثة من نفس الإصحاح " كُلُّ شَيْءٍ بِهِ كَانَ" نعرف أنَّه لم يكُن حاضراً مشاهداً بل مُشاركاً في الخلق فقد خُلق به كل شئ, كما يقول القديس أثناسيوس في رسالته لسيرابيون "الله الآب خلق و جدد كل شئ بالإبن في الروح القُدُس [3]".
الْكَلِمَةُ (λόγος) : تعني لغوياً (كلمة) أو (سبب), لكن بلا شك أنها في الأسلوب اليوحنوّي تعني (الكلمة) ليس الكلمة البشرية إذ هو سابق لكل خليقه, بل الخليقة به كانت, و بالتأكيد لا يوجد قبل الخليقة سوى الخالق وحده. يصف يوسابيوس القيصري الكلمة بانه "النور الكائن قبل العالم, الحكمة و القوَّة العقليَّه الكائنة قبل الدهور [4]".
[1] Lightfoot, J. (2010). A Commentary on the New Testament from the Talmud and Hebraica, Matthew-1 Corinthians: Volume 3, Luke-John (237).
[2] Elowsky, J. C. (2006). John 1-10. Ancient Christian Commentary on Scripture NT 4a (1).
[3] ATHANASIUS, by Khaled Anatolios. p.181
[4] Elowsky, J. C. (2006). John 1-10. Ancient Christian Commentary on Scripture NT 4a (1).
[5] تفسير القمص تادرس يعقوب ملطي.
by John Edward
(3) وَ الْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللهِ :
عند الله تعبير لا يُشير للمكانيَّة مثله مثل تعبير "عن يمين الله (مرقس 16 : 19)" "عن يمين القوَّة (مرقس 14 : 62)" "يمين العظمة (عبرانيين 1 : 3)". بل يعني المساواة و التلازم, فالكلمة من قبل الخليقة كان كائناً في الآب, في الآب و مع الآب و بالآب, فالإبن لا يكون إبناً بدون الآب ولا الآب أباً بدون الإبن, و هنا يُحذر ذهبي الفم من الظن بأن كلمة فيه تعني ولادة كالولادة البشرية, لذا إستخدم (عند) لقطع هذا الظن.
يقول القدّيس كيرلس الأورشليمي "يجب أن تعلموا أن المسيح هو رب مع أبيه حتى قبل تجسّده [12]", و القديس إغريغوريوس النزيانزي "الإبن بالتأكيد هو من جوهر واحد مع الآب [13]", و يعلق القديس كيرلس السكندري على أننا نجد تعبيرين هما (الكلمة) و (الله) بأن سبب إستخدام تعبيرين هو أن "الإبن متمايز عن الآب و إن كانوا من نفس الجوهر [14]" فالآب ليس إبناً ولا الإبن ليس أباً, بتعبير آخر الكيان ليس هو النطق و العقل و المنطق, بينما النطق و العقل و المنطق ليس هو الوجود.
أما عصارة الفكر اللاهوتي فنجدها في مجمع أفسس 431م "تدعوه الكتب المُقدسة الإبن, و الكلمة, و في أخرى أنه نور الآب, كلّها أسماء لإبعاد الأفكار الكفريَّة, لأنه كما أن الإبن واحد في طبيعته أيضاً تظهر الأسفار أن جوهر الآب و الإبن واحد, الإبن من الآب و المولود الوحيد -الجنس- من الآب, لكن لأن تعبير (الولاده) و (الإبن) توحي بفكرة الولادة بألم فقد دُعي الإبن بـ (الكلمه) موضحاً بهذا عدم ولادته بألم, و لكن لأن الأب عندنا يكون بالتأكيد أكبر من إبنه, يجب أن لا تظن أن هذا أيضاً فاعل في الطبيعة الإلهيَّة, إذ يُدعى الإبن الوحيد الجنس و نور (بهاء) الآب, لأن النور يخرج من الشمس و ليس متأخراً عنها زمنياً, إفهم إذاً أن البهاء يظهر الأزليَّة المُشتركة للإبن مع أبيه [15]".
[12] ECF 3.7.1.1.11.0
[13] ECF 3.7.0.0.1.0
[14] Elowsky, J. C. (2006). John 1-10. Ancient Christian Commentary on Scripture NT 4a (2).
[15] Thomas Aquinas, S., & Newman, J. H. (1845). Catena Aurea: Commentary on the Four Gospels,
by John Edward
(4) وَ كَانَ الْكَلِمَةُ (اللهَ- من طبيعة إلهيّه) :
الآية في اليونانيَّة "και θεος ην ο λογος".
إن تُرجمت حرفياً بدون مراعاة السياق ولا المعاني وراء الكلمات قد تُترجم "و كان الكلمة إلهاً" و ذلك لعدم وجود أداة تعريف قبل كلمة (θεος), و هنا تنشأ نظريتين في ترجمة هذه الكلمات, إحداهما و تتبعها أغلب الترجمات و هي التعريف بقاعدة (كولويل), فنجدها تضع الترجمة "و كان الكلمة الله", و أغلب الترجمات تتبع هذا الفكر.
النظرية الأُخرى و هي وجهة نظر ربما بدأها العلّامة أوريجانوس, و التي في الحقيقة تبدو أكثر منطقيَّة و أبدع لاهوتاً, و هي أن الترجمة الأفضل هي "و كان الكلمة من طبيعة إلهيَّه", و يرى هُنا أن كلمة (θεος) بدون التعريف قد تعني طبيعة إلهيَّة, و يقول الأب متَّى المسكين في تفسيره "هنا كلمة الله جاء في الأصل اليوناني (θεος) غير معرفه بـ (ο), بعكس الجملة السابقة " و الكلمة كان عند الله" (θεος ο), حيث كلمة الله معرّفة بـ (ال), ففي الجملة الأولي "و الكلمة كان عند الله" نجد أن الكلمة (λογος) مُعرّفة بـ (ال) (ο) و الله (θεος) معرّف بـ (ال) (ο) توضيحاً أن لكل منهم وجوده الشخصي, و حيث (الله) المعرّف بـ (ال) يحمل معنى الذات الكليّة. أما في الجملة الثانيّة فالقصد من قوله : "و كان الكلمة الله" هو تعيين الجوهر أي طبيعة الكلمة أنها إلهيّة, ولا يُقصد بالتعريف أنه هو الله من جهة الذات [16]".
من خلال كتابات غريغوريوس النزيانزي يمكن أن نفهم "و كان الكلمة من طبيعة إلهيَّة", فنجده يقول "لم يكن هناك وقت كان فيه الآب بدون كلمة أو لم يكن فيه أباً [17]", فالآب و الإبن و الروح القُدُس هم طبيعة واحدة لاهوتيَّة تقوم على ثلاث أقانيم (الأقنوم هو ما يقوم عليه الذات), لذا لا يُمكن تخيل هذه الطبيعة الإلهيَّة بدون أي اُقنوم من الأقانيم الثلاثة المُتمايزة, و هذا ما يشرحه عمود الدين كيرلس السكندريّ "وحدانيَّة الطبيعة معترف بها للآب و الإبن, إلا أن الوجود الفردي (الشخصي) لكل منهم أكيد, ليُفهم الآب كآب بالحقيقة و الإبن كإبن بالحقيقة, و معهم الروح القُدُس كالإله, هكذا يتم كمال الثالوث المُقدس المعبود" فمع وحدانيَّة الطبيعه يجب الإنتباه إلى أن الأقنوم هو شخص كائن حقيقي متمايز, فالآب ليس إبن ولا الإبن آب أو منبثق و لا الآب منبثق أو مولود ولا الروح باثق أو والد أو مولود بل منبثق.
و يقول ذهبي الفم "أُنظُر كيف دُعي الآب بإضافة الآداة بينما الإبن بدون الآداة, ماذا تفعل إذاً حين تجد الرسول يقول "(تى 2 : 13) اللهِ الْعَظِيمِ وَمُخَلِّصِنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ" و أيضاً " (رو 9 : 5) وَ لَهُمُ الآبَاءُ، وَ مِنْهُمُ الْمَسِيحُ حَسَبَ الْجَسَدِ، الْكَائِنُ عَلَى الْكُلِّ إِلهًا (θεος) مُبَارَكًا إِلَى الأَبَدِ." حقاً لقد ذكر الإبن بدون الآداة, لكن الرسول يعمل هذا مع الآب أيضاً "(في 2 : 6) الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللهِ (μορφη θεου)، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً ِللهِ", و في رسالته لأهل روميَّه "(رو 1 : 7) نِعْمَةٌ لَكُمْ وَسَلاَمٌ مِنَ اللهِ (θεου) أَبِينَا وَالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ" . . . و يقول عن الآب " (يو 4 : 24) اَللهُ رُوحٌ (πνευμα ο θεος)" و لسنا ننكر طبيعة الله الروحيَّه بسبب عدم وجود آداة التعريف مع كلمة روح, هكذا أيضاً بالرغم من عدم وجود الآداة مع الإبن فإنه ليس إلهاً أصغر [18] ".
Collected out of the Works of the Fathers, Volume 4: St. John (6). Oxford: John Henry Parker.
[16] تفسير بشارة معلمنا يوحنا للأب متى المسكين صـ 35.
[17] NPNF 2 7:307
[18] Homilies on the Gospel of John 4.3.94
by John Edward
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
يتسائل المفسرون فى هذا الإصحاح عدة أسئلة (1) ما هو السبب فى عدم إتباع الوحى فى يوحنا ما سرده حسب متى ولوقا فى الإخبار بولادة المخلص وتصرفاته وأعماله البشرية .. والجواب : حتى لا يتجه تفكير الناس إلى هيئته ويظن الناس أنه إنسان فقط فإنفرد فى الكلام فى اللاهوت والإخبار عنه وإن كان ذلك يتجاوز القدرة الإنسانية حتى حتى لا يفهم أحدا العقيدة بصورة فيها زلل او خطأ ولا يتوهم أحد أن مخلص الكل مجرد إنسان وإن الإله غير متجسد (2) هل أورد يوحنا ما أورده من أمر اللاهوت عن علم تحققه من قبل أم القدرة الإلهية (الوحى) لقنه فكتب ما كتبه؟ والجواب : أنه فى الوقت الذى طتب فيه ما كتبه لم يفقه حقيقته لكن من بعد البحث والتفتيش وقف عليه وعلم ان ما قاله يتجاوز قدرة البشر (3) فى الفرق بين المتقدم والمتأخر والمبدأ والجواب .. المتقدم والمتأخر هما كالمضاف والمضاف إليه فمتى وجد المتقدم وجد المتأخر ولا يفهم المتقدم إلا ويفهم المتأخر ، فإما المبدأ وإن وكان مبدأ الأمور هى عنه فإنه يوجد من قبل وجودها مع وجوده ولا يتعلق فهمه بفهمها فكل مبدأ متقدم وليس كل متقدم مبدأ فإن اول حجر فى الحائط هو متقدم وليس هو مبدأ للحائط فإقنوم الإبن الأزلى وإن كان علة ومبدأ للموجودات فلا يلزم من ذلك أن يكون وجودها مع وجوده لهذا قال يوحنا " فى البدء كان الكلمة ولم يقل "تقدم الكلمة" (4) إعطاء السبب الذى من أجله قال : " فى البدء كان الكلمة " ولم يقل كان الإبن .. والجواب : حتى لا يسقط أحد فى الأوهام إلى كونه مخلوقا ومفعولا على ما جرت العادة فى الولادة الإنسانية فغير العبارة عنه لئلا يتسرب الشك إلى العقل فتظن بالإبن لأنه ليس بمساو للآب فى الوجود وإن كان معلولا له (5) إعطاء السبب الذى من أجله سمى أقنوم الإبن الكلمة .. والجواب : إن العادة جرد فى ألمور الإلهية أن تسمى بالأسم المصطلح عليها ويستعار لها أسماء من أسماء الموجودات ويخترع لها أسماء غريبة لئلا يصعب فهمها غذا كانت غريبة من جهة المعنى واللفظ كما قيل فى العهد القديم : " إن الرب إلهنا نار آكلة " فسمى الرب بإسم النار ليدل على عظم إنتقامة والكلمة أيضا إسم يدل على أقنوم الإبن الأزلى الذى هو الجوهر القديم مع خاصة أنه ولد من ألآب قبل كل الدهور وقال قوم وليس قولهم بحق سمى بالكلمة لأنه يدل على إرادة ألاب كما تدل الكلمة على مراد النفس والملائكة قد دلوا على ذلك فينبغى أن يسمى بهذا الإسم ,, وقال آخر إن الكلمة تقال على ضروب كثيرة على اللفظة الملفوظة بالفم وعلى القوة الموجودة فى النفس وعلى تصور المهانى المدركة فى الطبع الموجودة بوجود النفس التى هى غير مفارقة لها فسماه الكلمة ليدل على وجوده مسار لوجود الآب فى أزليته لا فرق بينهما فى الجوهر ولا فى الوجود لكن فى الخواص فقط فإن خاصة ألاب أنه علة ووالد وخاصة الإبن أنه معلول ومولود .. وقال آخر أنه قال فى البدء كان الكلمة ولم يقل كلمة الله لأن كلمة الله أوامره ووصاياه لا الإبن الأزلى ويقول يوحنا ذهبى الفم أنه قال فى البدء كان الكلمة ليدل على أزليته ومساواته للآب فى الجوهر والوجود ليعرف الفرق بينه وبين الخليقة .. كما قيلب فى البدء خلق الله السموات والأرض .. زلم يقل فى البدء كانت السموات والأرض ، أما أنت أيها القارئ فلا تقشعر من أسم ألاب والإبن والعلة والمعلول لأنه لا يلزم من ذلك أنه يجب لبعضهما التقدم على بعض فى الزمان فإن العلة أقدم من المعلول بما أنها علة ولكنها ليست هى أقدم منه لا فى الزمان ولا فى الوجود وتأمل ما أحسن تكميل يوحنا لكاتبى التعليم عن طبيعة سيد الكل فقد قال متى : أن روح القدس أعد الجسد المتحد به الإبن ألأزلى فعلمنا على الولادة الجسدانية التى لها بدء أى كانت بعد أن لم تكن ويوحنا قال " فى البدء كان الكلمة" فعلمنا عن الولادة الإلهية وأنه أزلى وسرمدى غير مفعول ولا محدث فبقوله: "كان" أظهر انه لم يكن زمان كان إبن الله غير موجودا فيه ، بل أنه ولد من ألآب قبل الأزل وهو أزلى ، لأنه لا يظهر أبدا شعاع الشمس بدون نور هكذا لم يكن ألاب أبدا بدون الإبن بل هما معا أى فى الوقت نفسه كان ألاب مع الإبن كما أن النور هو مع الشعاع ، وكما أننا نضل إذا قلنا أننا نعاين الشعاع أولا وبعده النور هكذا نضل أيضا إذا إعتقدنا أنه وجد الآب أولا ثم بعده بزمان ولد الإبن ، فالإنجيلى بقوله " كان" نفى تصور كل زمان سابق
حاشية : لفظة الكلمة لا يراد بها صفة كالحكمة أو قوة كالنطق أو كتاب الله لأنه لا يصح أن يقال أن الكتاب المقدس صار جسدا بل المراد بها أقنوم ، وإعتاد اليهود تسمية المسيح المنتظر "بالكلمة" ولا سيما الكتشتتون بين ألممر الذين عرفوا الفلسفة اليونانية ، والذين كتب إليهم يوحنا يفهمون بالكلمة الأقنوم الثانى من الثالوث ويحق للمسيح أن يسمى كلمة الله لأن الله كلمنا به (عب 1: 1) ولأنه أعلن لنا أفكار الإنسان وإرادته فالمسيح أعلن الله لنا بتعليمه وبسيرته وبأعماله ، ونسميه إبن الله بكلمة الله تنفى كل نسبة جسدية بينهما كنسبة الإبن للآب البشيرين