Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

البابا بنيامين البطريرك الـ 38 الذى عاصر الغزو العربى الإسلامى الإستيطانى

هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
تاريخ الصراع الفارسى الرومانى
غزو العراق والشام
العزو الإسلامى لأورشليم
التفكير فى غزو مصر
الأقباط والعرب الغزاة
من هو المقوقس؟
عمرو والرهبان والأقباط
الفكر العربى والأقباط
ليبيا ومعاهدة البقط
رفاة مار مرقس والغزو
وصف خليج الإسكندرية
المسلمين وخراب آثار مصر
المسجد الأقصى
الجزية من مرجع إسلامى
الإرتباع
الجزية هدف الإحتلال
بن العاص حديثاً
ثورات الأقباط
أول شهداء أقباط للغزو
ذكر فتح مصر
نظام الخلافة العربى القرشى المسلم
Untitled 976
Untitled 977
Untitled 978
البابا بنيامين الـ38
رسائل محمد للحكام
حرق مكتبة الإسكندرية
ص. ف. الإحتلال الإسلامى

 الجزء التالى منقول من مخطوط تاريخ البطاركة لأبن المقفع تاريخ البطاركة : سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع أسقف الأشمونين أعده الأنبا صمؤيل أسقف شبين القناطر وتوابعها طباعة النعام للطباعة والتوريدات رقم اإيداع 17461/ لسنة 1999 الجزء الأول من ص 84 - 99 مع بعض التعديل البسيط الذى أجرى من الموقع لتلائم لغته لغة العصر مع الأحتفاظ بالمعنى .

***************************************************************************************

 البابا بنيـــــامين الـ 38 الذى عاصر الغزو العربى الإسلامى الإستيطانى لمصر

 

من الأهمية أن ندرس هذه الحقبة الهامة فى تاريخ مصر من جميع جوانبها الحربية والإقتصادية والإجتماعية  وخاصة الدينية من الجانبين الإسلامى والمسيحى , ويجب أن نعرف أن الذين غزو مصر هم عبارة عن قبائل عربية متفرقة حوالى 30 قبيلة نقلناها هنا من مرجع المقريزى , كما أخذوا معهم بعض قبائل سيناء الشرسة من قطاع الطرق وكان معهم أيضا يهود أسلموا بالأجبار وقدر عددعم 1000 شخص وهم الذين توههم فى الصحراء بقصد إفناء الجيش العربى إلى أن وجدوا أنفسهم على مشارف الفيوم  كما كان معهم أيضاً 500 من الروم الذين أسلموا .

أما عن وضع الأقباط والمسيحية فى مصر فسنتعرف عليه من تاريخ حياة البابا بنيامين الـ 38 الذى عاصر الغزو العربى الإسلامى الإستيطانى لمصر

وكانت مصر فى عصره مستعمره بالفرس الذين دمروا الكثير من الأديره الكبيرة وقتلوا رهبانها بدعوى الحصول على كنوز بها وقد مكث الفرس عشرة سنين ..

الحكام المعاصرون

1 - الأمبراطور البيزنطى هرقل أو هيركوليس (1) Heraclius 610 - 641

2 - الخليفة عمر بن الخطاب  

3 -  الخليفة عثمان بن عفان

4 - الخليفة على

5 -  الخليفة حسن بن على

6 -  الخليفة ألأموى معاوية بن ابى سوفيان  

نشـــــــــــأته قبل إحتلال العرب المسلمين مصر

نشأ بنيامين فى البحيرة من ضيعة (قرية) أسمها ببرشوط ورغب فى الزهد والرهبنة ولكن والديه رفضا الموافقة على تركهم والذهاب غلى الدير لأنهما كانا أغنياء جداً ولكنهما فى النهاية وافقا فذهب إلى الدير , ويعتقد أن البابا بنيامين ترهبن بعد أحتلال الفرس مباشرة  .

رهبنتــــــــــه

وحدث هذا قبل نياحة البابا أنرنيقوس البطريرك رقم 37 بسنة واحدة أن أتى أخ خائف من الرب الإله أسمه بنيامين فى دير يعرف بدير قنوبوس ليترهبن فيه وكان هناك شيخ من قديس طاعن فى السن أسمه ثاونا وكان هذا الدير من الأديره التى لم يخربها الفرس وسبب عدم تخريبه أنه كان فى شرقى بحرى المدينة وكان سائطوس حافظاً لها , وبعد فترة تدريبه ألبسه الشيخ القديس ثاونا أسكيم الرهبنة وعلمه تعاليم القديسين الرهبان فأطاع لأنه خائف وسائر لوصايا الرب وكما ينموا الولد الصغير حتى يصير شاباً كان أيضاً بنيامين ينموا فى النعمة والفضائل المسيحية ويذكر أبن المقفع كاتب مخطوط تاريخ البطاركة على تلمذة بنيامين لشيخ الرهبنة ثاونا ص 84 قائلاً " أن الذى حل بالكبير بولس حل فيه لأن بولس تربى بأورشليم عند رجل أسمه غمالائيل فرفعته همته ونعمة المسيح حتى صار أوفى وأفضل من معلمة مرات كثيرة " .

وكان بنيامين يعذب نفسه بالنسك والصوم فلا ينام بالليل ويجتمع بالكنيسة يكثر بقراءة أنجيل يوحنا حتى حفظه , وفى ليلة من الليالى رأى فى منامه رجلاً منيراً واقف أمامه وقال له فى فرح : " يا بنيامين الخروف المتواضع والراعى معاً الذى يرعى القطيع الناطق الذى للسيد المسيح " , فلما سمع هذا الكلام أضطرب وقلق ثم أنه فرح بما أنعم به عليه من السماء , فقام مسرعا ليعلم أباه ثاونا , فصدق الشيخ ثاونا هذه الرؤيا لكنه قال له كلاماً آخر حتى لا يسقط فى العظمة ويغريه شيطان الكبرياء فيسقط فقال له : " لا تطيح ياولدى .. فإن الشيطان أراد أن يهلك بالكبرياء فإمض الآن وأستيقظ لنفسك , ولا تعثر بالمجد الباطل الفارغ , لأن هو ذا لى فى هذا الدير خمسون سنة ولم أرى شيئاً من هذا ولا قال لى أحد أنه رأى مثل هذا " فسكت بنيامين وقبل قول معلمه وأبيه الروحى وأطاعه , وكانت النعمة تتزايد عنده يوماً بعد يوم وكان الرب يقويه , أما أعماله وكلامه كانت تؤيد من السماء .

الراهب بنيامين يصبح بابا

وكان الشيخ ثاونا وكل من يعرفه يبهتون من نعمة الرب الظاهره عليه , وظنوا أنه أختل , وقلق الشيخ ثاونا عليه فأخذه ومضى إلى البابا أندرونيقوس البطريرك وشرح ما حدث لبنيامين فقال أحضره لى فلما دخل إليه سجد بين يديه فرأى البابا أندرونيقوس البطريرك نعمة المسيح بادية عليه فسأله بهدوء أن يحكى له ما شاهده فصدقه وقال صفه لى فى الحال , ثم أمسكهما البطريرك فى هذه الليلة , وفى اليوم التالى طلب ثاونا أن يأذن لهما بالمضي إلى ديرهما بسلام فقال البابا أندرونيقوس : أما أنت فإمضى إلى ديرك بسلام وأما هذا الأخ بنيامين فليس هو لك من الآن بل للرب قد أصطفاه ليكون له خادماً , وفى الحال أخذه ورسمه قساً وصار عنده مساعداً له فى إدارة الكنيسة وأعمالها وملكه على الكل أى أعطاه سلطه على كل شئ وفرح به أندرونيقوس فرحاً عظيماً وظل القس بنيامين يقوم بعمله سنة كاملة ولما دنت ساعة وفاة البابا أندرونيقوس : أوصى بأن يكون بعده فلما تنيح رسموا بنيامين بطركا على كرسى مار مرقس رسول المسيح فى 9 طوبة 339 ش التى توافق 4 يناير 662 م , ومكث الفرس بعد ذلك سته سنين محتلين مصراً .

وكان هرقل أيامها أمبراطوراً بعد أن قتل فوقا الأمبراطور الذى كان هو السبب فى حرب الفرس  , وأعد العدة لقتال الفرس وسار بجيشة بنعمة الرب يسوع فقتل كسرى ملكهم وأخرب مدينته ودمرها وأخضع بلادهم ورجع بفرح إلى القسطنطينية وملك على الأرض كلها فى ذلك الوقت وأقام الولاة فى البلاد التى أخضعها .

 وقام بإرسال والياً ليحكم مصر تحت سلطانه أسمه قيرس ليكون والياً وبطريرك معاً بطريركا على الروم ووالياً على مصر , فلما وصل إلى الأسكندرية ظهر ملاك الرب إلى البابا بنيامين وأمره بالهروب , فقال له الملاك : أهرب أنت ومن معك من هاهنا لأن شدائد عظيمة تنزل عليكم لكن ليكون لك تعزية فلن يستمر هذا الجهاد إلا عشرة سنين فقط وأكتب غلى جميع الأساقفة الذين فى كرسيك أن يختفوا حتى يجوز غضب الرب "

فدبر البابا بنيامين أمر الكنيسة ورتبها وتقدم بالأسرار المقدسة ثم أوصى الكهنة والشعب بالتمسك بالأمانة الأرثوذكسية المستقيمة حتى الموت , ثم كتب رسائل إلى الأساقفة فى جميع بلاد مصر بأن يختفوا من قدام التجربة الآتية عليهم .

رحلة هروب البابا بنيامين

ثم خرج هارباً من طريق مريوط وهو ماشى على رجليه ليلاً ومعه أثنان من تلاميذه حتى وصل إلى بلدة المنا ثم توجه إلى وادى هبيب , وكان عدد الرهبان فى أديره وادى هبيب صغيرا عقب الخراب الذى كان فى عصر دميانوس البطريرك , حيث توالى هجوم البربر مما جعل المنطقة غير آمنة فقتلوا البعض وغادر رهبانها المكان لم يتكاثر الرهبان هناك  , وذهب إلى الصعيد , وأقام مختفياً ومكث هناك فى دير صغير فى البرية حتى تمت العشر سنين التى أخبره بها ملاك الرب وهى السنين التى كان فيها هرقل والمقوقس واليه مسلطين على حكم مصر

إضطهاد هرقل والـــــــــروم الدينى لأقباط مصر

وكانت مصر فى ضيق عظيم وبلاء وتعذيب لأقباطها لأنه أضطهد الأقباط الأرثوذكس لكى يوافقوا على مقررات مجمع خلقيدونية

وقد أنضم منهم الكثيريين مما لا يحصى عددهم منهم من أنضم إليهم بعد تعذيب وآخرون بالهدايا والتشريف وإكبارهم وقوم آخرون بالسؤال والخداع حتى أن قبرس أسقف نيقيوس , وبقطر أسقف الفيوم وكثيراً مثلهم خالفوا الإيمان الأرثوذكسى لأنهم لم يسمعوا لوصية البابا بنيامين عندما تسلموا رسالته ويهربوا ويختفوا كغيرهم ويقول ابن المقفع فى تاريخ البطاركة ص 86 : " فصادهم بسنارة ضلالتهم بالمجمع الخلقيدونى "

وكان هرقل أمبراطور القسطنطينية الذى ضل قد أوصاهم قائلاً : " إن أحداً قال أن مجمع خلقيدونية حق أبقوه , ومن قال ضلال وكذب غرقوه فى البحر "

وحدث أن قبضوا على مينا أخى البابا بنيامين فأشعلوا النيران فى جنبيه حتى خرج شحم من جانب كليته وأمر المقوقس بأن يملأ جوالق رملاً ويوضع القديس مينا فيه ويغرق فى البحر حسب اوامر هرقل ورموه فى البحر وهم يمسكون الجوالق , ثم أخرجوه إلى البر مسافة سبع غلوات وكانوا فى كل مرة يقولون له : " قل أن مجمع خلقيدونية حق وصح لا غير ونحن نتركك حياً " فلم يوافقهم وفضل الموت وفعلوا ذلك ثلاث مرات وفى كل مرة يرددون عليه نفس الكلام , وفى النهاية أغرقوه ولم يغلبوا جهاده وأنتصر عليهم بصبر المسيح , وهكذا أثبتوا أنهم أبتعدوا عن المسيحية بقتل غير الموافقين على عقيدتهم وتدنوا إلى العقيدة الوثنية فقسموا البلاد بين روم يتبعونهم وقبط هاربين من طغيانهم وإضطهادهم , ويعتقد أن الوجه البحرى قد سقط فى أيديهم وأعتنق معظمه عقيدة مجمع خلقيدونية , لأنه مما يذكر انهم منعوا البطاركة السابقين للبابا بنيامين من دخول مقر كرسيهم بالأسكندرية .

وأقام هرقل أساقفة فى جميع بلاد مصر من الروم حتى أنصنا ويقول أبن المقفع فى تاريخ البطاركة ص 86 : " وكان يبلى أهل مصر بلايا صعبة وكثل ذئب خاطف كان يأكل القطيع الناطق ولا يشبع وهذا الشعب المبارك هم التاودوسيون "

وكان هرقل أمبراطور البيزنطنيين رأى حلماً قيل له أنه : " ستأتى عليك أمة مختونة وتغلبك وتملك الأرض " فظن هرقل أنهم اليهود فأمر أن تعمد جميع اليهود فى اليهودية والسامرة وفى جميع البلاد الذين تحت سلطانه (تعليق من الموقع : وهذا المر جعل اليهود ينضمون إلى المسلمين فقد أنضم منهم حوالى 1000 يهودى فى جيش المسلمين ) ولكن الأمة المختومة هم العرب المسلمين وهم يشهدون بأن لا إله إلا الله ومحمد رسولاً وكانت أمته مختونة بالجسد لا بالناموس ويصلون إلى الجهة القبلية مشرقين إلى مكان أسمه الكعبة وأستعمروا دمشق والشام وعبر الأردن وكان الرب قد دفع ربع الأرض إليهم وخزل جيش الروم أمامهم لأجل أمانتهم الفاسده والحروم التى حلت بهم بعد مجمع خلقيدونية من الآباء الأولين .

مقرر البـقـــط

ولما رأى هرقل إنهيار جيشه من مصر إلى حدود السودان ومكث يدفع القطيعة التى سأل حتى يقررها على نفسه وعلى جميع جيوشه ثلاث سنين للمسلمين وكانوا يسمون المقرر البقط أى أنه بقط رؤوسهم أى أن دفع لهم معظم ماله , ومات كثير من الناس من التعب الذى كانوا يقاسونه ,

عمرو بن العاص يحتل مصر

فلما تمت العشر سنين التى من مملكة هيرقل والمقوقس والياً على مصر وكان البابا بنيامين قد هرب من وجهه من مكان إلى آخر فى البيع الحصينه والبعيده حسب قول الملاك للبابا  , وفى هذه الأثناء أرسل الخليفة عمر بن الخطاب سرية بقيادة عمرو بن العاص فى سنة 357 لدقليديانوس قاتل الشهداء , وهاجم مصر بقوة كبيرة فى 12 بؤونة وهو 6 من يونيوس من شهور الروم , وكان الأمير عمرو بن العاص هدم الحصن وأحرق المراكب بالنار وأذل الروم وملك بعض البلاد وكان حضورة من البرية فأخذوا الخيل ووصلوا غلى قصر مبنى بالحجارة بين الصعيد والريف يسمى بابليون فضريوا خيامهم بالقرب منه حتى ترتبوا لمقاتلة الروم ومحاربتهم وسموا مكان القصر بلغتهم بابليون الفسطاط وظل أسمه حتى الان , وبعد قتال المسلمين مع الروم ثلاث مرات أنهزم الروم , فلما رأى رؤساء المدينة هذه الأمور مضوا غلى عمرو وأخذوا أماناً على المدينة لئلا تنهب وهذا العهد الذى أعطاهم إياه محمد رئيسهم سموه الناموس يقول فيه :

كورة مصر ومدينة تستقر مع أهلها دفع الخراج لكم وأن تعبد لسلطانكم عاهدوهم ولا تظلموهم ومن لا يرضى ذلك ويخالفكم أنهبوهم وأيسروهم فلذلك , فلذلك مسكوا أيديهم عن الكورة وأهلها

العرب المسلمين يهاجمون الإسكندرية ويحرقون كنائسها وبطريركية مار مرقس

وأهلكوا جنس الروم وبطريقهم المسمى ماريانوس ومن نجى بحياته منهم هربوا إلى الإسكندرية وأغلقوا ابوابها عليهم وتحصنوا فيها سنة 360 لدقليديانوس فى شهر دكبريوس , وبعد ان ملك عمرو بن العاص معظم الوجه البحرى بثلاث سنين هاجموا الأسكندرية وملكوها وهدموا أسوارها وأحرقوا كنائس كثيرة بالنار وكنيسة مارى مرقس التى كانت مبنية على البحر حيث كان جسده موضوعاً هناك فى ذات المكان الذى ذهب إليه البابا بطرس الشهيد ( خاتم الشهداء) قبل إستشهاده وبارك فيه وسلم إليه القطيع الناطق كما تسلمه فأحرقوا هذه الكنيسة وما حوله من الأديرة .

ولما أقتحم عمرو بن العاص الأسكندرية خاف والى الأسكندرية وهو كان واليها وبطركها من الروم أن يقتله عمرو بن العاص فمص خاتماً مسموماً فمات فى الحال .

رجـــوع البابا بنيامين

أما سانوتيوس التكس المؤمن أخبر عمرو بن العاص بما حدث للبابا بنيامين وأنه هارب من الروم خوفاً منهم , فكتب عمرو بن العاص إلى أعمال مصر كتاباً يقول فيه : " الموضع الذى فيه بنيامين بطرك النصارى القبط له العهد والأمان والسلامة من الله فليحضر آمناً مطمئناً ويدير حال الكنيسة وسياسة طائفته "

فلما سمع الابابا بنيامين عهد الأمان عاد إلى الأسكندرية وأستقبل بفرح عظيم بعد غيبة 13 سنة عن كرسيه منها 10 سنين فى حكم هرقل أمبراطور بيزنطه وثلاث سنين قبل أن يستولى المسلمين على الإسكندرية لا بساً إكليل الصبر وشدة الجهاد الذى كان على الشعب القبطى الرثوذكسى من إضطهاد المخالفين , فلما ظهر فرح الشعب وكل المدينة وأعلموا  سانوتيوس بحضوره وقرر مع عمرو بن العاص حضوره بكرامة وأعزاز ومحبة وأخذ له الأمان .

 ولما رآه أكرمه وقال لأصحابه وخواصه : ط إن فى جميع الكور ( البلاد) التى ملكناها إلى الآن ما رأيت رجل الله يشبه هذا " وكان البابا بنيامين حسن المنظر جداً يملأه السكون والوقار , ثم ألتفت إليه عمرو بن العاص وقال له : " جميع كنائسك ورجالك أضبطهم ودبر أحوالهم , وإذا أنت صليت على حتى أمضى غلى المغرب والخمس مدن وأملكها مثل مصر وأعود إليك سالماً بسرعة فعلت لك كل ما تطلبه منى " فدعا له القديس بنيامين وأورد له كلاماً حسناً أعجبه هو والحاضرين عنده فيه وعظ وربح كثير لمن يسمعه , وأوحى إليه بأشياء وإنصرف من عنده مكرماً مبجلاً .. وكل ما قاله البابا بنيامين الطوباوى لـ عمرو بن العاص وجده صحيحاً لم يسقط منه حرف واحد .

وجلس البابا بنيامين مرة أخرى فى وسط شعبه وفرح شعب مصر القبطى كله وجذب أكثر الأقباط الذين أضلهم هرقل الأمبراطور المخالف , وكانت وسيلة جذبه لهم للرجوع إلى الإيمان الأرثوذكسى هو مسكنته وعظاته وملاطفته لهم وتعزيته .

أما الذين هربوا إلى الغرب والخمس مدن (بنتابوليس) خوفاً ن هرقل الإمبراطور المخالف فلما سمعوا بظهور راعيهم البابا الأنبا بنيامين ورجوعه عادوا إلى مصر بفرح عظيم ونالوا اكليل الأعتراف , وكان بعض الأساقفة خالفوا إيمانهم الأرثوذكسى دعاهم أن يعودوا إلى الكنيسة القبطية فمنهم عاد بعد ندم ودموع غزيرة , ومنهم من مات فى ضلالته , وفئة من الناس ظلت كما هى حتى ماتت على ضلالها .

ويؤكد معظم المؤرخين المسلمين والمسيحيين عن هروب البابا القبطى بنيامين ورجوعه بعد أن امنه عمرو بن العاص ولكننا نجد أن المؤرخ المقريزى المقريزى فى المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار  الجزء الثاني ( 58 من 167 ) أسند أقوالاً إلى البابا بنيامين ووضعها فى بداية غزو العرب المسلمين مصر فقال : " وكان بالإسكندرية أسقف للقبط يقال له‏:‏ أبو ميامين فلما بلغه قدوم عمرو إلى مصر كتب إلى القبط يعلمهم أنه لا يكون للروم دولة وإن ملكهم قد انقطع ويأمرهم بتلقي عمرو‏.‏  فيقال‏:‏ إن القبط الذين كانوا يومئذ لعمرو أعوانًا ثم توجه عمرو لا يدافع إلا بالأمر الخفيف  "
 

حلم ورؤيا البابا بنيامين

 وفى الليلة التى غادر فيها سانتويوس المحب للمسيح وعمرو بن العاص وجيشه الأسكندرية رأى البابا فى منامه إنساناً منيراً لا بساً ثياب التلاميذ وهو يقول له : " يا حبيبى .. أعمل لى عندك موضعاً أقيم فيه فى هذا اليوم , لأنى أحب موضعك " وكان الموضع الذى يقيم فيه البطريرك طاهراً بلا دنس فى دير يعرف بدير بطرا الذى هو السقوبيون , وكانت سائر الكنائس والأديرة التى للعذارى والرهبان تنجست من هرقل (أى تبعوا بدعة هرقل) وأمرهم بايمان مقررات مجمع خلقيدونية فأطاعوه إلا هذا الدير وحده لأن الذى فيه أقوياء جبابرة , لأن كل الذى فيه مصريين وأهل ليس بينهم غريب فلم يقدر أن يميل قلوبهم إليه وذلك أنه لما رجع البابا بنيامين نزل عندهم لأنهم حفظوا الإيمان القبطى الأرثوذكسى .

سرقة رأس مار مرقس

وكانت أعجوبة عند حرق الكنيسة المذكورة فعلها الرب وذلك أن احد رؤساء المراكب وهو رئيس مركب الدوقس سانوتيوس , وحدث أن تسلق أحد العرب المسلمين الغزاة نزل إلى الكنيسة وذهبوا غلى التابوت فوجد الثياب التى عليه سرقت لأنهم ظنوا أن فى التابوت مالاً فلما لم يجدوا شيئاً سرقوا الثياب التى على رفات مار مرقس وبقيت عظامه فى الكنيسة , ولما أنفذ رئيس مركب يده فى التابوت وجد رأس القديس مرقس فأخذها وعاد إلى مركبه سراً ولم يعلم به أحد وخبأها فى الخن فى قماشة .

ولما اراد المركب التى فيها زاد العسكر (مركب للمؤونة) وأنفاله وحوائج التكس (قائد المركب أو المراكب) سانوتيوس لم تقلع المركب ولم تتحرك عن موضعها فإجتمع جمع كثير من الجنود وربطوه بحيال وشدوه معتقدين أن أنغرز فى الطين فلم يتحرك فمضوا إلى التكس سانوتيوس وأخبروه بذلك لأنه كان راكباً مع الأمير فلما وصل غلى المركب رأى عنده خلقاً كثيراً لا يحصى ععدهم فقال لهم أديروا مقدمة المركب إلى مدينة الإسكندرية فتحرك المركب وجرى إليها مثل السهم وقال لهم جروه إلى البرثم جروه إلى مكانه  الأول حتى ينطلق الأسطول فلم يتحرك فوقف ولم يتحرك وأعادوا هذا العمل ثلاث مرات , وعند ذلك قال التكس لرئيس المركب أصعد التى بقماش النواتية أفتشه لكى انظر ما هو ؟ وأعرف سبب وقوف المركب , فخاف الرئيس الذى كان أخذ رأس القديس مرقس , فطرح نفسه عند رجلى وأعترف له بما فعله وأن الرأس مخبأ فى قماشه من خن المركب , فوجدوا الراس فيه فمضوا بسرعة وأخبروا البابا بنيامين بالخبر فركي فى الحال مطية وأخذ معه عدداً من الكهنة وأتى إلى التكس وحدثه بالمنام الذى رآه , فقالوا حقاً هذا رأس القديس مرقس الرسول , وحدث أنه عندما أخذ البابا ومن معه الرأس المقدسة فأقلع المركب وتحرك إلى وجهته فى خط مستقيم فعلم التكس وجميع الشعب صحة الخبر وشاهدوا الأعجوبة بأنفسهم ومجدوا الرب.

إعادة بناء ما دمرة العرب المسلمين فى غزوهم وإرجاع الذين أخذوهم الرووم من الأقباط

 ودفع التكس للبابا مالاً كثيراً وقال له أبن كنيسة للقديس مرقس الرسول وسأله أن يدعوا له باسلامة , وعاد البابا إلى مدينة الإسكندرية وفى حضنه الرأس يحملها والكهنة قدامه بالقراءة والتسبيح وأستقب الأقباط رجوع الرأس وصنع البابا لها تابوتاً من خشب الساج وقفلا عليه وجعل الرأس فيه وكان ينتظر طويلاً ليبنى الكنيسة - وكان إهتمامه الأول ليلاً ونهاراً هو إعادة أعضاء الكنيسة التى تفرقت فى عصر حكم هرقل لا يشغله شئ عن ذلك وهو ممتلئ إيماناً والروح القدس تعمل فيه , ويقول أبن المقفع ص 90 أن : " نعمة الروح القدس التى كانت مع أثناسيوس الرسولى كانت معه فى كلام وأفعال وعلى يديه وبصلواته ترأف الرب على شعبه وبطلبته بدأ فى بناء الكنائس وفى وادى هبيب والمنى , وكانت أعمال الأرثوذكسيين الصالحة تنمو وكانت الشعوب فرحة مثل العجول الصغار إذا حل رباطهم وأطلقوا على ألبان أمهاتهم "

ولما عاد عمرو بن العاص خرج من مصر لعمل آخر وأرسلوا والياً إسمه عبدالله بن سعد بن أبى سرح فوصل ومعه خلق كثير , وكان محباً للمال فجمع له بمصر الكثير , وهو أول من أنشأ الديوان بمصر , وأمر أن يستخرج فيه جميع خراج مصر , وحدث غلاء شديد فى أيامه لم يحدث مثله إلا فى زمان دقلديانوس المعاند وقد أضطر كل من بالريف أن يذهبوا غلى مصر فى طلب الغلال , وكان الناس يموتون فى الشوارع والأسواق مثل السمك الذى يرميه الماء على البر , ولا يجدون من يدفنهم وأكلوا بعضهم البعض وترأف الرب وهبط الغلاء بسرعة ولولا ذلك لهلك كل من بمصر لأنه كان يموت من الناس كل يوم ألوف ولا يوجد من يحصيهم .

ظهور القس أغاثون

 وكان البابا الأنبا بنيامين معه أنسان مملوء نعمة وحكمة وديع مثل الحمام أسمه اغاثون , وكان قساً فى الكنيسة من أهل مريوط , ولما منع الأقباط الأرثوذكس من مواصلة الصلاة فى كنائسهم فى عصر هرقل فكان يتزى بزى العلمانيين فى مدينة الإسكندرية ويطوف فى الليل يثبت الأرثوذكسيين المختفيين ويقضى حوائجهم ويعطيهم من السرائر المقدسة , أما بالنهار فكان يحمل على كتفه قفة (وعاء مصنوع من الخوص وجريد النخيل يستعمله العمال فى حمل الأشياء ) فيها ألات النجارين ويتصنع أنه نجار حتى لا يقبض عليه الروم وبهذه الوسيلة كان يدخل بيوت الأقباط الأرثوذكس ويعطيهم من السرائر المقدسة ويصبرهم ويعزيهم فمكث هكذا عشر سنين حتى ظهر المسلمين وغزوا مصر ولما امنوا البابا بنيامين وعاد إلى كرسيه جعل القس أغاثون معه مثل أبنه وأعطاه السلطة فى تدبير أمور الكنيسة وإدارتها .

نيــــاحة البابا بنيامين

وحدث أن أصيب الأنبا بنيامين بألام فى رجليه من أمراض الشيخوخة وظل يقاسى من ألام هذا المرض سنتين ولما راوا عذابه سألوا القديسين أن يخرجه الرب من سجن هذا العالم المملوء أحزاناً وأن ينقله غليهم فى الموضع الذى ليس فيه حزن ولا كآبة المملوء فرحاً فى كورة الأحياء فقبل دعائهم وأرسل الرب إليه ثلاثة أشخاص حضروا نياحته وهم : أثناسيوس الرسولى , وساويرس , وتاودسيوس البطاركة وكانوا واقفين قدام نفسه الشريفة والملائكة المقدسون يحملونها على أجنحتهم الطاهرة صاعدين بها إلى السماء بالمجد والكرامة وأصوات التسبيح والتمجيد بين ايديها حتى وصلت إلى كورة (قرية أو مكان) القديسين كما يدخل العريس إلى خدره والملك إلى قصره فى 8 طوبة 378 ش التى توافق 3 يناير 662 م   مضى البابا بنيامين إلى المسيح مالكه بعد أن اتم جهاده وأكمل سعيه وحفظ امانته ولم يهلك احداً من قطيع رعيته .

وقد اقام البابا بنيامين بطريركاً لمدة 39 سنة وبعد أن حفظ الإيمان ولبس أكليل النفى من عند المسيح الذى له المجد مع الآب الرحوم والروح القدس -

*******

الصورة الجانبية منقولة من كتاب المؤرخ بتلر تتحدث عن الوثائق التاريخية التى ورد فيها تاريخ الأنبا بنيامين والأنبا صمؤيل القلمونى كتاب فتح العرب لمصر  - تأليف الدكتور / ألفريد ج . بتلر عربه محمد فريد أبو حديد بك ص 31

 

 

 

http://www.coptichistory.org/new_page_2229.htm معجـــزة والأنبا بنيامين

http://www.coptichistory.org/new_page_2228.htm رحلة الأنبا اغاثون ورؤيا

This site was last updated 12/22/11