المصدر السابع : من أشعار العرب قبل الإسلام من مصادر القرآن مثل شعر أمرؤ القيس
محمد لم يكن شاعرا بمنطوق القرآن، ولكنه كان مغرما بالشعر، حتى إنه جعل لحسان منبرا في المسجد، وأهدى كعب بن زهير بردة فسميت قصيدته “البردة” والبردة تشبه العبائة ، ولما كان محمد مغرما بالشعر نقل بعض جمل من الشعراء ونسبها لله على أنها آيات أو حى بها الله بها إليه
قال الدكتور طه حسين في كتابه “الشعر الجاهلي” الذي صدر سنة (1933) بمصر: “الاختيار واحد من اثنين، أما أن نقول إن هناك شعرا جاهليا، أو نقول إنه لا يوجد قرآن”، فاتهمه الأزهر بالكفر والإلحاد، ولكن الحقيقة لها نورها الساطع الذي يجذب القلوب ويقنع العقول،أن بعض الآيات القرآنية مقتبسة من القصائد الشعرية المنتشرة والمتداولة بين القرشيين قبل أن يقولها محمد، ونورد هنا بعض القصائد المنسوبة إلى هؤلاء الشعراء؛ والتي ذكرت بالقرآن كما هي أو تم تحويرها.
أولا – شعر امرؤ القيس. من مصادر القرآن
.قصيدة الشاعر المسيحي أمرئ القيس التي أخذها نبي الإسلام ووضعها كآيات موحى بها في القرآن تجعلنا نتساءل: هل امرؤ القيس أتاه الوحي أيضاً على لسان جبريل كما ادعى نبي الإسلام ما وقع معه؟
يقول الشاعر امرؤ القيس:
دنت الساعة وانشق القمر
عن غزال صاد قلبي ونفر
مر بي يوم العيد في زينة فرماني فتعالى فعقر
سهام من لحظ فاتك فزعني كهشيم المحتضر
بالضحى والليل من طرته فرقه ذا النور كم شيء زاهر
قلت إذا شق العذار خده
دنت الساعة وانشق القمر
امرؤ القيس مات قبل نبي الإسلام بثلاثين سنة، لا شك أن تلك القصيدة قد بقيت حاضرة في ذاكرة العرب الشفهية إلى أن وصلت إلى نبي الإسلام محمد، والذي لفرط إعجابه بتراكيبها اقتبس منها في قرآنه.
دنت الساعة وأنشق القمر..(سورة القمر 1) “اقتربت الساعة وانشق القمر”
فتعالى فعقر..(سورة القمر 29) “فنادوا صاحبهم فتعاطى فعقر”
كهشيم المحتضر..(سورة القمر 31) “كهشيم المحتضر”
بالضحى والليل..(سورة الضحى 1 – 2) “والضحى والليل إذا سجى”.
كما أخذ القرآن من شعر امرؤ القيس عندما قال:
أقبل العشاق من خلفه كأنهم من كل حدب ينسلون
وجاء يوم العيد في زينة لمثل ذا فليعمل العاملون.
نقل من قصيدته القرآن (سورة الأنبياء 96) “حتى إذا فتحت يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون”.
لمثل هذا فليعمل العاملون (سورة الصافات 61) “لمثل هذا فليعمل العاملون”.
في كتاب “المفصل” للأستاذ جواد يقول: “أن امرئ القيس كان شاعراً عربيا واسمه الحقيقي هو مرقس، وولد في نجد ثم مات بمرض الجذري بأنقرة عاصمة تركيا، وهو صاحب قصيدة مشهورة أبياتها موجودة بالقرآن”
نقاش حاد بين فاطمة وإبنة أمرؤ القيس على سرقة أشعار أبيها
تحتفظ الذاكرة الإسلامية برواية متداولة أنه لما كانت فاطمة بنت نبي الإسلام تتلو آية “اقتربت الساعة وانشق القمر” (سورة القمر 1)، قالت ابنة امرؤ القيس “هذه أبيات شعر أبي أخذها أبوك وادعى أن الله أنزلها عليه”، لأن امرئ القيس توفي سنة (540 م)، ولم يولد محمد نبي الإسلام إلا سنة الفيل (أي سنة 570 م)، إلا أنه لا ينكر أن الأبيات المذكورة واردة في سورة القمر (1، 27، 29)، وفي سورة الضحى (1 – 2)، وفي سورة الأنبياء (21)، وفي سورة الصافات (37)، مع اختلاف طفيف في اللفظ وليس في المعنى. مثلاً ورد في القرآن “اقتربت”، بينما وردت في قصيدة امرؤ القيس “دنت”، فمن الواضح وجود مشابهة بين هذه الأبيات وبين آيات سورة القمر، فإذا ثبت أن هذه الأبيات هي لامرئ القيس حقيقة فحينئذ على المُسلم توضيح كيفية ورُودها في القرآن، لأنه يتعذر على الإنسان أن يصدق أن أبيات شاعر جاهلي كانت مسطورة في اللوح المحفوظ قبل إنشاء العالم.
***************
ثانيا – الشاعر أمية بن الصلت. من مصادر القرآن
أمية بن الصلت قال عنه نبي الإسلام: “آمن شعره وكفر قلبه”. شعر هذا الرجل وجد طريقه إلى القرآن بطريقة ما.
إله العالمين وكل أرض ورب الراسيات من الجبال
بناها، وابتنى سبعا شدادا بلا عمد يرين ولا رجال
وسواها، وزينها بنور من الشمس المضيئة والهلال
رب الراسيات من الجبال.
وستجد كلماتها في “سورة لقمان 10”: “خلق السماوات بغير عمد ترونها، وألقى في الأرض رواسي أن تميد بكم..”.
********************
ثالثا – الشاعر رؤبة بن العجاج. من مصادر القرآن
قال الشاعر رؤبة بن العجاج واصفا هزيمة حملة أبرهة ببيتين شعر هما:
ومسهم ما مس أصحاب الفيل ترميهم بحجارة من سجيل
ولعبت بهم طير أبابيل فصيروا مثل عصف مأكول..
بعد أعوام جاء القرآن في سورة الفيل ليقول نفس كلام هذا الشاعر:
“ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل، ألم يجعل كيدهم في تضليل، وأرسل عليهم طيراً أبابيل، ترميهم بحجارة من سجيل، فجعلهم كعصف مأكول” (سورة الفيل 1 – 2).
****************
رابعا – الشاعر المتحنف زيد بن نفيل من مصادر القرآن
الشاعر زيد بن نفيل وصف ولادة المسيح بن مريم بهاته الأبيات:
فقالت مريم: أنى يكون ولم أكن بغياً، ولا حبلى ولا ذات قيم
فقال لها: إني من الله آية وعلمني والله خير معلم
وأرسلت ولم أرسل غوياً، ولم أكن شقياً ولم أبعث بفحش ومأثم
وسنجد هذه الأبيات بسورة مريم (21 – 23) “قالت أنى يكون لي غلام ولم يمسسني بشر، ولم أكن بغياً، قال إني عبد الله أتاني الكتاب وجعلني نبياً، وبرا بوالدتي ولم يجعلني شقياً”.