Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

سنة سبع وثمانين وثلثمائة

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة387هـ
سنة 388هـ
سنة 390 هـ
سنة 391 هـ
سنة 392 هـ
سنة 393 و 394 و395 هـ
سنة396 هـ
سنة 397 و398 هــ
سنة 399 هـ
سنة 400 هــ
سنة 401 هـ
سنة 402 هـ
سنة 403 هـ
سنة 404 هـ
سنة 405 هـ
سنة 406 - 410 هـ
‘إخنفاء الحاكم سنة 411 هـ

الفاطميين الذين أحتلوا مصر بأسم الإسلام نقلت من كتاب اتعاظ الحنفا - أحمد بن علي المقريزي ج 2  96/1 لفائدة القارئ الدارس وكعادة الموقع وضعنا لكل مقطع عناوين

****************************************************************************************************

سنة سبع وثمانين وثلثمائة
في المحرم ورد سابق الحاج، فأخبر بتمام الحج والدعاء للحاكم في الحرمين.
وفيه نزع سعر القمح وغيره، وعز وجوده، واشتد الغلاء، ووقع في البلد خوف شديد من طرف رجل من اللصوص في الليل وكبسه دور الناس فتحارسوا في الليل، وأخذت نساء من الطرقات، وعظم الأمر في ذلك.
وفيه ضربت رقبة عيسى بن نسطورس.
ووصل الحاج في رابع عشر صفر؛ فخلع على سبكتكين، مقدم القافلة، وحمل على عدد من الخيل.
ووقف سعر الخبز على أربعة أرطال بدرهم.
وسار أبو تميم سلمان بن جعفر بن فلاح بعد أن خلع عليه وقيد بين يديه عدة خيول، وحمل معه شيء كثير من الثياب، وأنفق في أهل عسكره؛ فنزل مسجد تبر، فأقام إلى تاسع عشر ربيع الأول؛ فخرج إليه الحاكم وحلفه ومن معه، وعاد. فرحل ابن فلاح إلى القصور فأقام بها. وقرىء سجل يوم الجمعة للنصف منه بمدح كتامة ولعن منجوتكين على سائر منابر مصر وفي القصر. وخلع على جماعة من الحمدانية وجهزوا إلى ابن فلاح، فساروا معه.
وفي آخره أخرج ابن عمار إلى سلمان بن جعفر بن فلاح بخزانة مال، على ثمانية وستين بغلا، في صناديق، فيها أربعمائة ألف دينار وسبعمائة ألف درهم؛ وستة وأربعين حملاً من السلاح؛ وعشر جمازات عليها دروع؛ وست قباب بفرشها وأهلتها ومناطقها وجميع آلاتها، منها قبتان قرقرى مثقل وباقيها ديباج؛ وست جمازات تجنب بآلة الديباج الملون؛ وثلاثين جمازة بأجلتها؛ وعشرة أفراس وثلاث بغلات بمراكبها، ومنديل حمله خادم فيه ثياب مشرف، بها من ثياب العزيز وسيف من سيوفه.
وفي ثالث ربيع الآخر ركب الحاكم وابن عمار إلى القصور فودعا ابن فلاح، وسار في ثلاثة من كتامة وسبعمائة فارس من الغلمان، وانضم إليه من عرب الرملة ثمانية آلاف.
وفي النصف منه شق الحاكم المدينة وقد زينت زينة عظيمة، وزيدان يحمل مظلة عن يمينه، وابن عمار عن يساره، ويرجوان وحده خلفه، فدخل الصناعة.
وأما منجوتكين فإنه لما بلغه ما فعله ابن عمار من إكرام كتامة وحطه من مراتب المصطنعين الذين اصطنعهم العزيز من الأتراك خاف. فلم يكن غير قليل حتى بلغه خروج سلمان بن جعفر بن فلاح إلى الشام بالكتاميين، فسار إلى الرملة مستعد القتال من يجيئه من مصر؛ فالتقيا برفح. وكانت الوقعة بين الطوالع، فانهزم أصحاب منجوتكين؛ وسار ابن فلاح إلى منجوتكين، فلقيه بظاهر عسقلان وقد انضم إليه ابن الجراح في كثير من العرب؛ فاستأمن إلى ابن فلاح عدة من أصحاب منجوتكين. واقتتلا يوم الجمعة، رابع جمادى الأولى، فقتل كثير من أصحاب منجوتكين وأسر عدة منهم؛ وانهزم منجوتكين بمن بقى معه، فقطع من عسقلان إلى دمشق في ثلاثة أيام، وأهلها في مجاعة من غلاء الأسعار وقلة الطعام وقد راجت الغلال. فاجتمع أهل البلد إلى الجامع وهم كثير، فيهم حمال السلاح ومن يطلب الفتن. فقال الناس: نرح منجوتكين عنا؛ وقال طلاب الفتن: لا، ما نقاتل معه، وساروا إلى داره ومعهم قوم من المرج يقال لهم الهياجنة، أهل شر وفساد، فنهبوها وما حولها من دور أمرائها. وخرج منهزما في يسير من الجند فراسخ، فنزل على ابن الجراح.
وبلغ ذلك ابن فلاح فأرسل بأخيه علي بن جعفر بن فلاح في ألفي رجل؛ فنزل بظاهر دمشق، لست بقين منه، وبعث إلى ابن الجراح رسولاً بأن ينفذ منجوتكين إلى مولانا فإنا لا نريد به سوءاً، وهو آمن، وبذل له مالا. فسار منجوتكين ودخل القاهرة في ثاني عشري رجب، فأنزله ابن عمار في دار، وكان يركب في خدمته، وإذا لقيه وهو راكب ترجل له. وكان ابن عمار ينزله أدون المراتب، وغير رسومه كلها.
وأما علي بن جعفر بن فلاح فإنه لما قدم من عند أخيه ولى البلد لرجل من المغاربة لم يكن عنده ما رآه، بل كان فظا غليظاً، فشاق العامة وواجههم، فثاروا عليه بالسلاح، وركب المغاربة، وكانت بينهم حروب. ثم إن شيوخ البلد خرجوا إليه وأصلحوا الأمر.
وسار علي من الرملة فنزل على دمشق في عسكر عظيم يوم الاثنين لست بقين من رجب، وأقام لا يأمر بخير ولا شر.
وأما ابن عمار فإنه لما نظر في الأمر كان ينزل على باب الحجرة التي فيها الحاكم، ويدخل القصر راكبا، فيشق قاعة الدواوين، ويدخل من الباب الذي يجلس فيه خدم الخاصة، ثم يعدل منه إلى باب الحجرة، فينزل ويركب منه. وكان الناس من الشيوخ والرؤساء على سائر طبقاتهم يبكرون إلى داره والباب مغلق فيفتح بعد وقت، فيدخل إليه الوجوه فيجلسون في قاعة الدار على حصير وهو في مجلسه لا يدخل إليه أحد، فإذا مضت لهم ساعة أذن للوجوه فالقاضي، وبعده كتامة والقواد، فيدخل أعيانهم؛ ثم يأذن لسائر الناس فلا يقدر أحد على الوصول إليه، فمنهم من يومى إلى تقبيل الأرض، ومنهم من يقبل الركاب، ومنهم من يقبل ركبته.
وتسلم النظر والإسطبلات عامرة؛ فأخرج لرجال كتامة وأحداثهم ألفا وخمسمائة فرس، ولم يبق من شيوخهم إلا من قاد إليه الفرسين والثلاثة بمراكبها. وحمل لسلمان بن جعفر ابن فلاح ما يتجاوز ألف رأس، وجل رحل العزيز وأمتعته. وباع من الخيل والبغال والنجب والحمر ما يتجاوز الألوف؛ حتى بيعت الناقة بستة دنانير، والحمار الذي قيمته أربعون دينارا بأربعة دنانير. وقطع أكثر الرسوم التي كانت لأولياء الدولة من الأتراك والعبيد، وقطع أكثر ما كان في المطابخ. وقطع أرزاق جماعة أرباب الراتب، وفرق كثيرا من الجواري طلباً للتوفير.
واصطنع أحداث المغاربة، فكثر عبث أشرارهم وامتدت أيديهم إلى أخذ الحرم في الطرقات؛ وعروا جماعة من الناس، فكثرت الشكاية منهم ولم يبد كبير نكير؛ فأفرط الأمر حتى تعرضوا إلى الأتراك يريدون أخذ ثيابهم، فثار لذلك شر قتل فيه واحد من المغاربة وغلام تركي؛ فسار أولياء الكتامى ليأخذوا التركي قاتله ويأتوا به إلى قبر المقتول فيعتقوه هناك؛ فلما أخذوه قتلوه على قبر الكتامي. فاجتمعت أكابر الطائفتين وتحزبوا، فوقعت الحرب بينهما وقتل جماعة، وانطلقت ألسن كل منهما في الآخرين بالقبيح. وأقاموا على مصافهم يومين آخرهما تاسع شعبان، فركب ابن عمار في عاشره بآلة الحرب وقد حفت به المغاربة؛ وتبادر إليه الاتراك؛ فاقتتل الفريقان وقتل منهما جماعة وجرح كثير. وجيء لابن عمار بعدة رؤوس طرحت بين يديه، فأنكر ذلك وظهر له الخطأ في ركوبه، فعاد إلى داره.
وجاء برجوان ليصلح الأمر، فثار الغلمان وركبوا دار ابن عمار للفتك به، فأركب برجوان إلى القصر وانبسطت أيدي المغاربة وأحداث الغلمان والنهابة، فانتهبوا دار ابن عمار واسطبلاته، ودار رشا غلامه، وأخذوا ما لا يحصى كثرة.
وانعزل لثلاث بقين منه، وتحول من القاهرة إلى داره بمصر. فكانت أيام نظره أحد عشر شهرا غير خمسة أيام. فأقام بمصر سبعة وعشرين يوماً، ثم عاد إلى القاهرة بأمر الحاكم فأقام بها لا يركب ولا يجتمع به سوى خدمه؛ وأطلقت له رسومه وجراياته وجرايات حشمه على رتبه في أيام نظره.
وتقدم الحاكم إلى برجوان أن ينظر في التدبير على ما كان ابن عمار، فنظر في ذلك لثلاث بقين من رمضان، وسار إلى القصر وجمع الغلمان الأتراك ونهاهم عن التعرض لأحد من الكتاميين والمغاربة. وقبض على عريف الباطلية، فإنهم كانوا قد نهبوا شيئا كثيرا لابن عمار، وألزمه بإحضار ما نهب أصحابه. وأجرى الرسوم والرواتب التي قطعها ابن عمار، وأجرى لابن عمار ما كان يجري له في أيام العزيز، ولآله وحرمه؛ ومبلغ ذلك من اللحم والتوابل والفاكهة خمسمائة دينار في كل شهر، يزيد على ذلك تارة وينقص أخرى على قدر الأسعار، مع ما كان له من الفاكهة، وهو في كل يوم سلة بدينار، وعشرة أرطال شمع كل يوم، وحمل ثلج عن يومين؛ فأجرى له ذلك مدة حياته.
وجعل برجوان أبا العلا، فهد بن إبراهيم النصراني؛ كاتبه، يوقع عنه، فنظر في قصص الرافعين وظلاماتهم، وطالعه بما يحتاج إليه، فرتب الغلمان في القصر وأكد عليهم في ملازمة الخدمة، وتفقد أحوالهم. وأزاح علل أولياء الدولة، وتفقد أمور الناس وأزال ضروراتهم، ومنع من الترجل له. وكان الناس يلقونه في داره، فإذا تكاملوا ركب وهم بين يديه إلى القصر. ولقب كاتبه فهد بن إبراهيم بالرئيس، فكان يخاطب بذلك ويكاتب به، ويركب أكثر الناس إلى داره حتى يخرج برجوان إلى القصر فيجلس فيه في آخر دهاليزه، ويجلس فهد في الدهليز الأول يوقع وينظر ويطالع برجوان بما يحتاج له، فيخرج الأمر بما يكون. فلم يزل الأمر على ذلك حتى انتهت مدتهما.
وكان الحاكم يركب كل يوم إلى الميدان، فيجلس على سريره بالطارمة فتعرض عليه الخيل، والقراء بين يديه، وربما أنشده الشعراء؛ ثم ينصرف إلى القصر فيجلس برجوان وكاتبه لأخذ رقاع المتظلمين وأرباب الحاجات، فلا يزالان حتى لا يبقى منهم أحد، ثم يدخلان. فإذا فرغ الحاكم من غدائه ورفعت المائدة تقدم أبو العلا فجلس بين يديه وبرجوان قائم على رأسه، حتى يقرأ جميع تلك الرقاع ويوقع عليها الحاكم في أعلاها بما يراه، ثم يخرج بها فتفرق كلها ويمضى بها إلى الديوان، فتنفذ من غير مراجعة.
وكان الحاكم إذا جلس في الطارمة وأنشده الشعراء تناول برجوان قصائدهم فجعلها في كمه؛ فإذا عرض رقاع الناس وفرغ من التوقيع قرأ القصائد وقد حضر من له تمييز ومعرفة بالشعر. وكان الحاكم له من الحذق بذلك ما ليس لغيره، فإذا أنشده الشاعر أو أنشد له أبو الحسن لا ينشد ويمر بالبيت النادر أو المعنى الحسن إلا نبه برجوان عليه واستعاده مراراً، ثم يوقع لكل واحد منهم بقدر استحقاقه ومبلغه من صناعته، فتخرج صلاتهم بحسب ذلك.
وفي يوم الثلاثاء تاسع شعبان أهدت ست الملوك إلى أخيها الحاكم بأمر الله ثلاثين فرسا مسرجة، أحدها مرصع وآخر بلور، وبقيتها ذهب؛ وعشرين بغلة مسرجة ملجمة؛ وخمسين خادما منها عشرة صقالبة، ومائة تخت ثياب، وتاجا مرصعا، وشاشية مرصعة وأسفاطا كثيرة من طيب، وبستانا من الفضة مزروعا من أنواع الشجر.
وفي رمضان سومح أهل القلزم بما عليهم من مكوس المراكب.
وصلى الحاكم بالناس صلاة عيد الفطر بالمصلى وخطب، وأصعد معه المنبر الحسين بن جوهر والقاضي والأستاذ برجوان وجماعة.
وسارت قافلة الحاج من بركة الجب بالكسوة للكعبة، والزيت والدقيق والقمح والشمع والطيب لمكة والمدينة، في تاسع ذي القعدة. وفيه خرج جيش بن الصمصامة إلى الشام مكان سلمان بن جعفر بن فلاح، فرحل ابن فلاح عن دمشق في يوم الثلاثاء سابع عشر ذي الحجة بعسكره وسار إلى الرملة.
وفيها صلى الحاكم بالمصلى صلاة العيد يوم النحر بالناس وخطب على رسمه.
وورد الخبر من مدينة قوص بأن شدةً نزلت بهم من برق ورعد ومطر وحجارة نزلت من السماء، منها ما لم يسمع بمثله، وأنهم زلزلوا زلزلة شديدة قصفت النخل والجميز، واقتلعت خمسمائة نخلة من أصولها. وانبثق بقوص وأعمالها زرقة خضراء على ظهر الأرض، وغرقت عدة مراكب مشحونة بغلال تساوى أموالا كثيرة.
وفيها كتب الحاكم بأمر الله مع الشريف الداعي علي بن عبد الله سجلين لأبي مناد باديس ابن يوسف بن زيرى، أحدهما بولايته المغرب وتلقيبه نصير دولة الحاكم، والثاني بوفاة العزيز بالله وخلافة الحاكم وأخذه العهد على بني مناد. فأنزل وأكرم وأخذ العهد على جميع قبائل صنهاجة وعمومهم بالبيعة للحاكم في جمادى الآخرة، ثم عاد، فقدم إلى القاهرة يوم الخميس لليلتين خلتا من جمادى الآخرة بعد أن وصله نصير الدولة بمال جليل وثياب وخيول.

This site was last updated 11/03/11