Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

سنة ثلاث وتسعين سنة أربع وتسعين وثلثمائة سنة خمس وتسعين وثلثمائة هــ

 +إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
الأنطاكى سنة 395 هـ
الأنطاكى  : الوليد بن هشام/ ابو ركوة

المقريزى سنة 393 و394 و395 هـ

********************************************************************************************************************

الفاطميين الذين أحتلوا مصر بأسم الإسلام الجزء التالى نقل من كتاب اتعاظ الحنفا - أحمد بن علي المقريزي ج 2  ولفائدة القارئ الدارس وكعادة الموقع وضعنا لكل مقطع عناوين

******************************************************************************************************************

سنة ثلاث وتسعين سنة أربع وتسعين وثلثمائة سنة خمس وتسعين وثلثمائة هــ

سنة ثلاث وتسعين
وفيها قتل أبو علي الحسن بن عسلوج في المحرم وأحرق.
وقتل علي بن عمر بن العداس في شعبان وأحرق.
وقتل الأستاذ أبو الفضل زيدان، صاحب المظلة لعشر بقين من ذي الحجة؛ ضرب عنقه.
وفيها استأذن عبد الأعلى بن الأمير هاشم بن المنصور أن يخرج إلى بعض ضياعه، فأذن له الحاكم؛ فخرج بجماعة من ندمائه؛ فبعث الحاكم عينا يأتيه بخبرهم، فصاروا إلى متنزههم فأكلوا وشربوا، وجرى من حديثهم أن قال أحد أولاد المغازلي المنجم لابن هاشم: لا بد لك من الخلافة، فأنت إمام العصر. فلما عادوا ودخل ابن هاشم على الحاكم وجلس أخرج الحاكم من تحت فراشه سيفا مجردا وضربه به، فحمل من داره وكتب يعتذر عن ذنبه إن كان قيل عنه، ويحلف ويذكر أن ضربته سالمة، ويسأل الإذن في طبيب يعالجه؛ فأجيب إلى ذلك.
فلما أفاق استأذن في الدخول إلى الحمام، فأذن له؛ فبعث الحاكم إلى الحمام من ذبحه فيه وأتاه برأسه. وبعث إلى من حضر المجلس فقتلوا وأحرقوا بالنار، وفيهم أولاد المغازلي وابن خريطة وأولاد أبي الفضل بن الفرات وفتيان من كتامة. وتتابع القتل في الناس من الجند والرعية بضروب مختلفة.
سنة أربع وتسعين وثلثمائة
في محرم خلع على مظفر الخادم الصقلبي، وحمل على ثلاث بغلات بمراكبها، ومعه ثياب كثيرة؛ وندب لحمل المظلة. وخلع على متولي الأسود وحمل لواؤه ببرقة. وقبض على أبي داود بن المطيع. وخلع على صاحب ديوان النفقات وضرب عنقه بسبب أنه سرق مائتي ألف دينار ذهب.
وقدم مفلح اللحياني إلى دمشق في المحرم، فسار عنها تموصلت يريد مصر، ونزل بداريا فمات بها في ثاني صفر. فلما ورد خبر موته إلى الحاكم خلع على ولديه وحملهما.
وقدم الحاج في رابع عشريه.
وفي ربيع الأول ألزم الناس بوقود القناديل بالليل في سائر الشوارع والأزقة بمصر.
وخلع على أبي يعقوب بن نسطاس المتطبب وحمله على بغلتين ومعه ثياب كثيرة؛ ومنحت لها دار بالقاهرة وفرشت، وألزم بالخدمة، وكان قد هلك منصور بن معشر الطبيب.
وهدمت كنيستان بجانب جامع راشدة.
وفي جمادى الآخرة حمل إلى الشريف أبي الحسن علي النرسي رسمه يجاري به العادة في كل سنة، وهو من الثياب عشرون قطعة بنحو خمسمائة دينار.
وفي رجب قرئ سجلان؛ أحدهما فيه إنكار الحاكم على من يخاطبه في المكاتبة بمولى الخلق أجمعين؛ والآخر بمسير الحاج أول ذي القعدة.
وقبض على ثلاثة عشر رجلا ضربوا وشهروا على الجمال وحبسوا ثلاثة أيام بسبب أنهم صلوا صلاة الضحى وفي شعبان خرج الكتاميون إلى باب الفتوح، فترجلوا وكشفوا رؤوسهم، واستغاثوا بعفو أمير المؤمنين فأوصل إلى الحاكم جماعة منهم، فوعدهم، وكتب لهم سجل قرئ بالقصر والجوامع بالرضا عنهم وإعادتهم إلى رسومهم في التكرمة.
وأمر بهدم جامع عمرو بن العاص بالإسكندرية.
وصلى الحاكم بالناس في رمضان صلاة الجمعة مرتين وخطب.
وفي سادس عشره صرف الحسين بن النعمان عن القضاء. وكان قد ضرب في الجامع فندب الحاكم جماعة من شيوخ الأضياف يركبون معه إلى كل مجلس فيه جماعة من الخاصة وأمر أصحاب سيوف الحلي بالمشي بين يديه في كل يوم. فكان إذا حضر إلى الجامع العتيق وقام يصلي وقف جماعة الأضياف صفا خلفه يسترونه، ولا يصلي أحد منهم حتى يفرغ من صلاته ويعود إلى مجلسه؛ فإذا جلس في مجلسه كانوا قياما عن يمينه وشماله. وهو أول قاض فعل ذلك معه، وأول قاض كتب في سجلاته قاضي القضاة؛ وعلت منزلته عند الحاكم وتخصص به. وكان له عند الحاكم جماعة يمدحونه ويبالغون في الثناء عليه، منهم ريحان اللحياني وزيدان ومصلح اللحياني، فانبسطت يده وعظم شأنه؛ ولا عن بين رجل وامرأته؛ وتشدد على الناس؛ فكان إذا أبطأ شاهد يوم جلوسه في الجامع عن الحضور إلى داره والركوب معه رسم عليه وأغرمه مالاً ليأخذه. وألزم كتابه بملازمة داره دائما. وكانت إليه الدعوة أيضا. وكان قاضي القضاة وداعي الدعاة، وقد أفضل على جماعة من أهل العلم والأدب والبيوتات.
فكانت مدة نظره في القضاء خمس سنين وستة أشهر وثلاثة وعشرين يوما. ومولده لليلتين بقيتا من ذي الحجة سنة ثمان وخمسين. وهو أول قاض أحرق بعد قتله، فإن الحاكم أحرقه بعد ما قتله في سادس محرم الآتي ذكره.
وفي سادس عشر رمضان قلد أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن النعمان القضاء إلى ما بيده من النظر في المظالم، وخلع عليه، وقلد سيفا محلى بذهب، وحمل على بغلة وبين يديه سفط ثياب. فنزل في موكب عظيم إلى الجامع العتيق، فجلس تحت المنبر ورقى أبو علي أحمد بن عبد السميع وقرأ سجله. وانصرف إلى داره فنزلها وحكم، واستخلف على الحكم أبا الحسن مالك بن سعيد الفارقي مضافا إلى ما كان مستخلفاً عليه من الحكم في القاهرة. واستكتب أبا يوسف منال لحضرته والتوقيعات عنه؛ ثم كتب له سجل بأخذ الفطرة والنجوى وحضور المجلس بالقصر وأخذ الدعوة على الناس، وقراءة ما يقرأ على من دخل الدعوة.
فحضر يوم الخميس الثاني عشر منه، وقرأ ما جرى الرسم بقراءته في القصر، وأخذ النجوى والفطرة، وأوقف سائر الشهود الذين قبلهم حسين في أيامه؛ وصرف عدة من المستخلفين بالأعمال؛ واستكتب أبا طالب ابن السندي فوقع بين يديه؛ واستكتب أبا القاسم علي ابن عمر الوراق؛ وكتب السجلات وكتب القضايا والأحكام. ولزم حسين داره وقد استبد خوفه؛ وحملت كتب ديوان الحكم من داره إلى دار عبد العزيز.
وفيه قرئ سجل بالإنكار على الكتاب ومن يجري مجراهم في أخذ شيء من البراطيل ونحوها.
وركب الحاكم لصلاة العيد بالمصلى، فصلى وخطب وحضر السماط بالقصر على رسمه في ذلك.
وبرزت قافلة الحاج في ثامن ذي القعدة بالكسوة والصلات على العادة.
وصلى الحاكم بالناس صلاة عيد النحر، ونحر في الملعب.
وفيها قتل سهل بن يوسف، أخو يعقوب بن يوسف بن كلس الوزير، بسبب قوة طمعه وكثرة شرهه، وعندما قدم للقتل سأل أن يدفع الساعة ثلثمائة ألف دينار عيناً يفدى بها نفسه، فلم يجب.
وقتل أيضا القائد أبو عبد الله الحسين بن الحسن البازيار، من أجل أنه كان إذا دخل من باب البحر تكون رجله على عنق دابته ويكون الحاكم في المنظرة التي على بابه، فتصير رجله إلى وجه الحاكم؛ وكان ابن البازيار قد اعتراه وجع النقرس، فعد ذلك الحاكم عليه دينا قتله به في شوال لسوء التوفيق.
وفيها قدم من برقة عدة من بني قرة إلى الإسكندرية، فقتلوا عن آخرهم. وذلك أن يانس لما قتل وصل عسكره إلى طرابلس، فنازلهم القائد جعفر بن حبيب فزحف إليه فلفول ابن خزرون ففر منه؛ وخرج فتوح بن علي ومن معه من أصحاب يانس إلى فلفول وملكوه عليهم؛ فقام بدعوة الحاكم، وعقد الحاكم ليحيى بن علي بن حمدون الأندلسي على أطرابلس وكتب لبني قرة أن يسيروا معه، فمضوا من برقة معه وخذلوه؛ فعاد إلى القاهرة ورجع بنو قرة إلى برقة وأظهروا الخلاف، فأمنهم الحاكم حتى قدموا وحدهم إلى إسكندرية فقتلوا. واستقرت أطرابلس بيد فلفول وتداولها بنوه.
سنة خمس وتسعين وثلثمائة
في سابع محرم قرئ سجل في الجوامع يأمر اليهود والنصارى بشد الزنار ولبس الغيار، وشعارهم بالسواد شعار الغاصبين العباسيين.
وفيه فحش كثير وقدح في حق الشيخين رضي الله عنهما.
وقرئ سجل في الأطعمة بالمنع من أكل الملوخية المحببة كانت لمعاوية بن أبي سفيان، والبقلة المسماة بالجرجير المنسوبة إلى عائشة رضي الله عنها، والمتوكلية المنسوبة إلى المتوكل. وفيه المنع من عجن الخبز بالرجل، والمنع من أكل الدلنيس، والمنع من ذبح البقر التي لا عاقبة لها إلا في أيام الأضاحي، وما سواها من الأيام لا يذبح منها إلا ما لا يصلح للحرث.
وفيه التنكير على النخاسين والتشديد عليهم في المنع من بيع العبيد والإماء لأهل الذمة.
وقرئ سجل آخر بأن يؤذن لصلاة الظهر في أول الساعة السابعة، ويؤذن لصلاة العصر في أول الساعة التاسعة. وإصلاح المكاييل والموازين والنهي عن البخس فيهما، والمنع من بيع الفقاع وعمله ألبتة لما يؤثر عن علي رضي الله عنه من كراهة شرب الفقاع.
وضرب في الطرقات بالأجراس ونودي ألا يدخل الحمام أحد إلا بمئزر؛ وألا تكشف امرأة وجهها في طريق ولا خلف جنازة، ولا تتبرج. ولا يباع شيء من السمك بغير قشر، ولا يصطاده أحد من الصيادين. وتتبعت الحمامات وقبض على جماعة وجدوا بغير مئزر فضربوا وشهروا.
وفيه برزت العساكر لقتال بني قرة وسارت.
وكتب في صفر على سائر المساجد، وعلى الجامع العتيق من ظاهره وباطنه في جميع جوانبه، وعلى أبواب الحوانيت والحجر والمقابر والصحراء بسب السلف ولعنهم، ونقش ذلك ولون بالأصباغ والذهب؛ وعمل كذلك على أبواب القياسر وأبواب الدور، وأكره على عمل ذلك. وأقبل الناس من النواحي والضياع فدخلوا في الدعوة، وجعل لهم يوم وللنساء يوم؛ فكثر الازدحام ومات في الزحمة عدة.

ولما دخل الحاج نالهم من العامة سب وبطش؛ فإنهم طلبوا منهم سب السلف ولعنهم، فامتنعوا.
ونودي في القاهرة: لا يخرج أحد بعد المغرب إلى الطريق ولا يظهر بها لبيع ولا شراء فامتثل الناس لذلك.
وفي ربيع الأول تتبعت الدور ومن يعرف بعمل المسكرات، وكسر من أوعيتها شيء كثير.

وفيه أمر الحاكم بشونة تحت الجبل ملئت بالسنط والبوص والحلفاء؛ فتخوف الناس كافة، من يتعلق بخدمة الدولة من الأولياء والقواد والكتاب، وسائر الرعية من العوام. وقويت الشفاعات وكثر الاضطراب، فاجتمع سائر الكتاب والمتصرفين من المسلمين والنصارى، وخرجوا بأجمعهم في خامسة إلى الرياحين بالقاهرة؛ وما زالوا يقبلون الأرض حتى وصلوا إلى القصر، فوقفوا على بابه يدعون ويتضرعون، ويضجون ويسألون العفو عنهم، ومعهم رقعة قد كتبت عن الجميع. ثم دخلوا باب القصر وهم يسألون أن يعفى عنهم ولا يسأل فيهم قول ساع يسعى فيهم. وسلموا رقعتهم لقائد القواد، فأوصلها إلى الحاكم، فعفا عنهم وأمرهم على لسان قائد القواد بالانصراف والبكور لقراءة سجل بالعفو عنهم؛ فانصرفوا بعد العصر. وقرئ من الغد سجل كتب نسخة للمسلمين ونسخة للنصارى ونسخة لليهود بالأمان والعفو عنهم.
وفي ليلة التاسع منه ولد للحاكم ولد، فجلس في صبيحتها للهناء، وأمر بإحراق الشونة فأحرقت. وكان سابع المولود، فأخرج على يد خادم إلى قائد القواد، فتسلمه حتى أعد المزين شعره؛ وذبح عنه الشريف أبو الحسن النرسي العقيقة بيده، وحمل عثمان الحاجب الدم والعقيقة، فأمر له بألف دينار وفرس ملجم وعدة ثياب من أجل حمل الدم والعقيقة؛ ودفع إلى المزين مائتا دينار وفرس. وسمى المولود بالحارث وكنى بأبي الأشبال.
وخرج قائد القواد إلى سائر الأتراك والديلم والعرفاء وقال: مولانا يقرأ عليكم السلام ويقول قد سميت مولاكم الأمير الحارث وكنيته أبا الأشبال. فقبل الجميع الأرض وأكثروا الدعاء، وانصرفوا. وزينت البلد أربعة أيام.
وفيه رسم الحاكم لجماعة من الأحداث أن يتقافزوا من موضع عال في القصر، ورسم لكل منهم بصلة؛ فحضر جماعة وتقافزوا، فمات منهم نحو ثلاثين إنسانا من أجل سقوطهم خارجاً عن الماء على صخر هناك؛ ووضع لمن قفز ماله.
وفي ربيع الآخر اشتد خوف كافة الناس من الحاكم، فكتب ما شاء الله من الأمانات للغلمان الأتراك الخاصة وزمامهم ومن معهم من الحمدانية، والبكجورية، والغلمان العرفاء، والمماليك، وصبيان الدار، وأصحاب الإقطاعات، والمرتزقة، والغلمان الحاكمية القدم. وكتب أمان لجماعة من خدم القصر الموسومين بخدمة الحضرة بعد ما تجمعوا وساروا إلى تربة العزيز وضجوا بالبكاء وكشفوا رؤوسهم. وكتبت عدة سجلات بأمانات للديلم والخيل والغلمان الشرابية، والغلمان المرتاحية، والغلمان البشارية، والغلمان المفرقة العجم وغيرهم، والنقباء، والروم المرتزقة. وكتبت عدة أخرى بأمان الزويلين، والمنادين، والبطالين، والبرقيين، والعطوفية، والجوانية، والجودرية، والمظفرية، والصنهاجيين، وعبيد الشراء بالحسينية، والميمونية، والفرجية. وكتب أمان لمؤذني أبواب القصر، وأمانات لسائر البيازرة والفهادين والحجالين، وأمانات أخر لعدة أقوام، كل ذلك بعد سؤالهم وتقربهم.
وفيه أمر بقتل الكلاب، فقتل منها ما لا يحصى حتى لم يبق منها بالأزقة والشوارع شيء، وطرحت بالصحراء وبشاطىء النيل؛ وأمر بكنس الأزقة والشوارع وأبواب الدور في كل مكان، ففعل ذلك.
وفي جمادى الآخرة فتحت دار الحكمة بالقاهرة، وجلس الفقهاء فيها، وحملت الكتب إليها، ودخلها الناس للنسخ من كتبها وللقراءة. وانتصب فيها الفقراء والقراء والنحاة وغيرهم من أرباب العلوم، وفرشت، وأقيم فيها خدام لخدمتها، وأجريت الأرزاق على من بها من فقيه وغيره؛ وجعل فيها ما يحتاج إليه من الحبر والأوراق والأقلام.
وفيه اشتد الطلب على الركابية المستخدمين في الركاب بعد أن قتل منهم في يومين أكثر من خمسين نفسا فتغيبوا؛ وامتنع أحد من الناس أن يمشي بين يديه غلام أو شاكري، فكانت القواد ومن جرى رسمه أن يكونوا بين يديه يسيرون وحدهم، وإذا نزل أحدهم للسلام أمسك خادمه الدابة؛ ثم عفى عنهم وكتب لهم أمان. وكتب لعدة من الناس عدة أمانات.

الشعب المصرى يطلب الأمان من حاكمة
وفيه منع كل أحد ممن يركب أن يدخل من باب القاهرة راكبا؛ ومنع المكاريون أن يدخلوا بحميرهم؛ ومنع الناس من الجلوس على باب الزهومة من التجار وغيرهم؛ ومنع كل أحد أن يمشي ملاصق القصر من باب الزهومة إلى باب الزمرد. ثم أذن للمكاريين في الدخول وكتب لهم أمان. وتخوف الناس، فخرج أهل الأسواق على طبقاتهم، كل طائفة تسأل كتابة أمان، فكتب ما ينيف عن المائة أمان لأهل الأسواق خاصة، قرئت كلها في القصر ودفعت لأربابها، وكلها على نسخة واحدة. وهي بعد البسملة:

هذا كتاب من عبد الله ووليه المنصور أبي علي الإمام الحاكم بأمر الله أمير المؤمنين، لأهل مشهد عبد الله إنكم من الآمنين بأمان الله الملك الحق المبين، وأمان سيدنا محمد خاتم النبيين، وأبينا علي خير الوصيين، وذرية النبوة المهديين آبائنا، صلى الله على الرسول ووصيه وعليهم أجمعين. وأمان أمير المؤمنين على النفس والأهل والدم والمال. لا خوف عليكم، ولا تهديد بسوء إليكم، إلا في حد يقام بواجبه، وحق يوجد لمستوجبه. فليوثق بذلك وليعول بأمان الله. وكتب في جمادى الآخرة سنة خمسين وتسعين وثلثمائة. والحمد لله وصلى الله على محمد سيد المرسلين، وعلى خير الوصيين، وعلى الأئمة المهديين ذرية النبوة، وسلم تسليما.
وفي يوم الأربعاء لعشر خلون من رمضان ولد للحاكم ولد ذكر، فجلس الحاكم يوم الخميس للهناء. وكان السابع يوم الثلاثاء، فحمله شكر الخادم، وحضر أبو الحسن علي ابن إبراهيم النرسي وعق عنه، وحضر المزين فحلق شعره وتناول ماله من الرسم. وسماه الحاكم عليا وكناه أبا الحسن؛ وهو الذي ولي الخلافة وتلقب بالظاهر.
وفيه فرش جامع راشدة. وركب الحاكم يوم عيد الفطر وعليه ثوب مصمت أصفر، وعلى رأسه منديل منكر، وهو محنك بذؤابة والجوهر بين عينيه. وقيد بين يديه ستة أفراس بسروج مرصعة بالجوهر، وست فيلة، وخمس زرافات؛ فصلى بالناس صلاة العيد وخطبهم، فلعن في خطبته ظالمه حقه والمرجفين به؛ وأصعد معه قائد القواد وقاضي القضاة عز الدين.
وفيه اضطرب السعر واختلف الناس في الدراهم والصرف، فكانت المعاملة بالدراهم الزائدة والقطع، واستقر سعرها على ستة وعشرين درهما بدينار.
وفي أول ذي القعدة برزت قافلة الحاج إلى مصلى القاهرة، ثم رفعت إلى جب عميرة في سابعه، وسارت ليلة العاشر منه بالكسوة للكعبة والرسوم على العادة.
وفيه كسر الخليج والماء على خمسة عشر ذراعا وسبعة أصابع، وهو آخر يوم من مسرى. وحضر الحاكم وعلى رأسه تاج مكلل بالجواهر. ونودي في الناس بأن يلعبوا بالماء في النوروز على عادتهم، ففعلوا.
ونزل الحاكم يوم النحر إلى المصلى، فصلى بالناس وخطب، ونحر بها ثلاث بدن، وعاد إلى القصر فحضر السماط، ثم نحر في الملعب إحدى وعشرين بدنة؛ وواصل النحر أياماً.
وفيها قتل القاضي حسين بن النعمان؛ ضربت رقبته ثم أحرق بالنار. وذلك أن متظلما رفع رقعةً إلى الحاكم يذكر فيها أن أباه توفي وترك له عشرين ألف دينار. وأنها في ديوان القاضي، وقد أخذ منها رزق أوقاف معلومة، وأن القاضي حسين بن النعمان عرفه أن ماله قد نجز. فدعا به وأوقفه على الرقعة، فقال كقوله للرجل من أنه قد استوفى ماله من أجرة. وأمر بإحضار ديوان القاضي، فأحضر من ساعته، فوجد أن الذي وصل إلى الرجل أيسر ماله. فعدد على القاضي حسين ما أقطعه وأجرى له وما أزاح من علله لئلا يتعرض إلى ما نهاه عنه من هذا وأمثاله. فقال: العفو والتوبة؛ فأمر به فضربت عنقه وأحرق.
وقتل عدة أناس يزيد عددهم على مائة نفس؛ ضربت أعناقهم وصلبوا، وقتل عبد الأعلى بن هاشم من القرابة، لأنه كان يتحدث بأنه يلي الخلافة، وأنه كان يجمع قوما ويعدهم بولاية الأعمال. وقد تقدم خبره.

This site was last updated 03/14/12