*************************************************************************************************************
هذه الصفحة تاريخ المنصور ( الحاكم بأمر الله ) ثالث الخلفاء الفاطميين الشيعة الذين حكموا مصر من سنة 391 هـ نقلت من كتاب اتعاظ الحنفا - أحمد بن علي المقريزي ج 2 108/ 1 لفائدة القارئ الدارس وكعادة الموقع لم نزيد أو ننقص منها وضعناها كما هى ولكننا وضعنا لكل مقطع عناوين للتسهيل على الدارس
*************************************************************************************************************
أوامر الخليفة الحاكم فى بداية حكمه
سنة إحدى وتسعين وثلثمائة
في المحرم واصل الحاكم الركوب في الليل في كل ليلة وكان يركب إلى موضع موضع وإلى شارع شارع وإلى زقاق زقاق.
وأمر الناس بالوقيد فتزايدوا فيه بالشوارع والأزقة وزينت الأسواق والقياسر بأنواع الزينة وباعوا واشتروا وأوقدوا الشموع الكبيرة طول الليل وأنفقوا الأموال الكثيرة في المآكل والمشارب والغناء واللهو.
ومنع الرجال المشاة بين يدي الحاكم أن يقرب أحد من الناس الحاكم فزجرهم وقال لا تمنعوا أحداً فأحدق الناس به وأكثروا من الدعاء له.
وزينت الصناعة وخرج سائر الناس بالليل للتفرج وغلب النساء الرجال على الخروج في الليل وتزايد الزحام في الشوارع والطرقات وتجاهروا بكثير من المسكرات وأفرط الأمر من ليلة التاسع عشر إلى ليلة الرابع والعشرين فلما خرج الناس عن الحد أمر الحاكم ألا تخرج امرأة من العشاء فإن ظهرت نكل بها.
ومنع الناس من الجلوس في الحوانيت.
وكثر وقود المصابيح في الشوارع والطرقات وأمر الناس بالاستكثار منها وبكنس الطرقات وحفر الموارد وتنظيفها.
وهبت في أول يوم من طوبة سموم لم يعهد مثله.
وورد سابق الحاج ثم قدمت قافلة الحاج في سادس عشر صفر.
وفي خامس ربيع الأول أعتق الحاكم زيدان صاحب المظلة وأمر أن يكتب على مكاتباته من زيدان مولى أمير المؤمنين.
وخلع على القاضي حسين بن النعمان وقيد بين يديه بغلتان بسروجهما ولجمهما وحمل إليه عدة ثياب لحضوره العتاقة.
وخلع على فتح غلام ابن فلاح وندب إلى الخروج على الأسطول.
وقبض على رجل شامي قال: لا أعرف علي بن أبي طالب، وأقول إن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، غير أني لا أعرف علي بن أبي طالب. فحبس وروجع؛ فأصر على أنه لا يعرف عليا؛ فرفق به القائد حسين فلم يعترف بمعرفة علي رضي الله عنه، فخرج الأمر بقتله، فضرب عنقه وصلب.
وفي سادس عشر جمادى الآخرة وصل رسول ملك الروم، فحشدت له العساكر من سائر الأعمال، ووقفوا صفين والحاكم واقف ليراهم. وسار الرسول بين العساكر إلى باب الفتوح، ونزل، ومشى إلى القصر يقبل الأرض في طول المسافة حتى وصل إلى حضرة الحاكم بالقصر، وقد فرش إيوان القصر وعلق فيه تعاليق غريبة، يقال إنه أمر بتفتيش خزائن الفرش إلى أن وجد فيها أحداً وعشرين عدلا ذكرت السيدة رشيدة بنت المعز أنها كانت في قطار الفرش المحمولة من القيروان إلى مصر مع المعز في جملة أعدال، وأن كتاب خزائن الفرش وجدوا على بعضها مكتوبا الحادي والثلاثون والثلثمائة من عمل العبيد، ديباج خز ومذهب؛ ففرش منه جميع الإيوان وستر جميع حيطانه بالتعاليق، فكان جميع أرضه وحيطانه رفيعاً دليلا على عظمته وسعته. وعلقت بصدر الإيوان العسجدة، وهي درقة مطعمة بفاخر الجوهر النفيس من كل أصنافه، فأضاء لها ما حوله، ووقعت عليها الشمس فلم تطق الأبصار تأملها كلالاً. فدخل الرسول وقبل الأرض، ودفع الكتب وعرض الهدية.
وأنفذ الحاكم لأبي الحسن علي بن إبراهيم النرسي ألف دينار وأربعة وعشرين قطعة ثياب مختارة، وسومح بمبلغ ثلاثة آلاف دينار كانت عليه.
وجرى الرسم في الفطر طول شهر رمضان على مائدة الحاكم كما تقدم.
ولما كثر النزاع بين عبد العزيز بن النعمان والقاضي حسين بن النعمان كتب الحاكم بخطه ورقة إلى الحسين، نصها بعد البسملة: يا حسين أحسن الله عليك. اتصل بنا ما جرى من شناعات العوام ومن لا خير فيه، وإرجافهم، وأنكرنا أن يجري مثله فيمن يحل محلك من خدمتنا، إذ أنت قاضينا وداعينا وثقتنا. ونحن نتقدم بما يزيل ذلك، ولم نجعل لأحد غيرك نظراً في شيء من القضايا والحكم، ولا في شيء مما استخدمناك فيه، ولا مكاتبة أحد من خلفائك بالحضرة وغيرها وسائر النواحي، ولا أن نكاتب أحدا منهم غيرك؛ ومن تسمى غيرك بالقضاء فذلك على المجاز في اللفظ لا على الحقيقة. وقد منعنا غيرك أن يسجل في شيء فيتقدم إلى جميع الشهود والعدول بألا يشهدوا في سجل لأحد سواك. وإن تشاجر خصمان فدعى أحدهما إليك ودعى الآخر إلى غيرك كان الداعي إلى غيرك عليه الرجوع إليك طائعا مكرها فاجر على ما أنت عليه من تنفيذ القضايا والأحكام مستعينا بالله عز وجل، ثم بنا؛ ولك من جميل رأينا فيك ما يسعدك في الدنيا والآخرة. وقد أذنا لك أن يكاتب جميع من يكاتب القاضي بقاضي القضاة كما جعلناك، وتكاتب من تكاتبه بذلك وتكتب به في سجلاتك. فاعلم ذلك، وأشهر أمرنا بجميع ما يقتضيه هذا التوقيع ليمتثل ولا يتجاوز. وفقك الله لرضاه ورضانا، وأيدك على ذلك وأعانك عليه إن شاء الله تعالى. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وسلم تسليما.
فقرأه القاضي على سائر الشهود، وأمر أن يكتب في سجلاته قاضي القضاة، وكوتب بذلك وكتب عليه.
وجرى الرسم في ركوب الحاكم لفتح الخليج وفي يوم العيد إلى المصلى على العادات.
وسارت قافلة الحاج للنصف من ذي القعدة بالكسوة والشمع والصلات، وزينت البلد مرة في شوال ثلاثة أيام ومرة في ذي القعدة يوما. وجرى الرسم في صلاة عيد النحر على ما تقدم، ثم انصرف فنحر ودخل تربة القصر وحضر السماط.
وفيها توفي أبو الفضل جعفر بن الفرات، في ثالث ربيع الأول، عن اثنتين وثمانين سنة وثلاثة أشهر وخمسة أيام؛ فصلى عليه القاضي حسين بن النعمان، ودفن في داره. وكان من الفضل والعلم والدين بمنزلة؛ وحدث وأسمع وأملى مجالس، وكتب على الصحيحين مستخرجا وكان كثير البرد والصلات والصدقة، شديد الغيرة حتى إنه ليحجب أولاده الأكابر عن حرمه وأهله وعن أمهاتم. فإنه بلغه عن بعض أولاده أنه واقع أختا له وأحبلها. وكان يتنسك منذ تجاوز أربعين سنة. ثم حمل من مصر ودفن بالمدينة النبوية.
وفيها قتل الحاكم مؤدبه أبا القاسم سعيد بن سعيد الفارقي يوم السبت لثمان بقين من جمادى الأولى وهو يسايره، بأن أشار إلى الأتراك بعينيه بعد أن بيت معهم قتله، فأخذته السيوف؛ وكان قد داخل الحاكم في أمور الدولة وقرأ عليه الرقاع واستأذنه في الأمور كهيئة الوزراء.
سنة إحدى وتسعين وثلثمائة في المحرم قتل الحاكم ابن أبي نجدة؛ وكان بقالا فترقت أحواله حتى ولى الحسبة ودخل فيما لا يليق به، وأساء في معاملة الناس، فاعتقل، ثم قطعت يده ولسانه وشهر على جمل وضربت عنقه.
وفي شعبان سارت هدية إلى المغرب فيها ثلثمائة فرس بجلال وعشرة بمراكب، وخمسة وأربعون بغلا تحمل السلاح والكسوة، وعشرون بغلا تحمل صناديق فيها ذهب وفضة.
وفي شهر رمضان خلع على تموصلت بن بكار وقلد بسيف، وحمل على عشرة أفراس بمراكبها، وقلد إمارة الشام.
وجرى الرسم في سماط رمضان وصلاتي العيدين وخروج قافلة الحاج على ما تقدم.
وفيها توفي أبو تميم سلمان بن جعفر بن فلاح في ثامن جمادى الآخرة. وقتل عدة أناس
وفى سنة إحدى وتسعين وثلثمائة فى أول شعبان قطع الحاكم الركوب في الليل.