Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

سنة خمس وأربعمائة

 +إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
الأنطاكى  سنة 405 هـ

المقريزى سنة 405 هـ

**************************************************

الفاطميين الذين أحتلوا مصر بأسم الإسلام الجزء التالى نقل  من كتاب اتعاظ الحنفا - أحمد بن علي المقريزي ج 1  129/1 لفائدة القارئ الدارس وكعادة الموقع وضعنا لكل مقطع عناوين

**************************************************

سنة خمس وأربعمائة
في المحرم تزايد وقوع النار وكثر الحرق في الأماكن، فأمر الناس باتخاذ القناديل على الحوانيت وعلى أريافها؛ وطرحت السقائف والرواشن وأمر بقتل الكلاب، فقتل منها كثير. وعظم الحريق، ووقعت في أمره شناعات من القول، فقرئ سجل في الجوامع بزجر السفهاء والكف عن أحوال تفعل، وأن يدخل الناس إلى دورهم من بعد صلاة العشاء. فأغلقت الدور والحوانيت والدروب من بعد صلاة المغرب وكثر الكلام وعظم الترحم في الليل.
وفيه وصل علي بن جعفر بن فلاح من الشام. ووصلت قافلة الحاج في تاسع صفر من غير زيارة المدينة، وقد أصابهم خوف شديد، وهلك منهم خلق كثير من الجوع والعطش.
وفيه ركب الحاكم مرتين، فرفعت إليه الرقاع، فأمر برافعيها فحبسوا.
وحبس عدة قياسر وأملاك مع سبع ضياع بإطفيح وطوخ على القراء والمؤذنين بالجوامع وعلى ملء المصانع والمارستان وثمن الأكفان.
وفي ربيع الأول واصل الركوب وأخذ الرقاع ووقف مع الناس طويلا، ثم امتنع من أخذ الرقاع وأمر أن ترفع إلى عبد الرحيم وإلى القاضي مالك، وإلى أمين الأمناء، فتناولوا الرقاع. وأكثر من الهبات والصلات والإقطاع والخلع.
لما كان يوم السبت سادس عشري ربيع الآخر ركب في الليل على رسمه إلى الجب وتلاحق به الناس وفيهم قاضي القضاة مالك بن سعيد، فلما أقبل على الحاكم أعرض عنه فتأخر، وإذا بصقلبي يقال له غادى، يتولى الستر والحجية، أخذه وسار به إلى القصور وألقاه مطروحا بالأرض، فمر به الحاكم وأمر بمواراته، فدفن هناك بثيابه وخفيه. وكانت مدة نظره في الأحكام عشرين سنة، منها ست سنين وتسعة أشهر قاضي القضاة وباقيها خلافة لبني النعمان. وكان ينظر في القضاء والمظالم والأحباس، والدعوة، ودار الضرب، ودار العيار، وأمر الأضياف؛ فعلت منزلته وقصده الناس في حوائجهم لكثرة اختصاصه بالحاكم وتزايد إقطاعاته من الدور بفرشها والضياع العديدة، ومواصلة الركوب مع ليلا ونهارا، ومشاورته في أمور الدولة ونظره في أمور الدواوين كلها. وكان سخياً جواداً فصيحا بليغاً، لم يضبط عليه قط صياح ولا حدة، ولا سمعت منه في خطاباته أبداً كلمة فيها فحش ولا قذع ولا قبح.
وكان سبب قتله أنه اتهم بموالاة سيدة الملك ومراعاتها، وكان الحاكم قد انفلق منها فلما قتل استدعى الحاكم أولاده وخاطبهم، ولم يتعرض لشيء من تركة أبيهم؛ وأمر ابنه أبا الفرج أن يركب في الموكب، وأقره على إقطاعه، ومبلغه في السنة خمسة عشر ألف دينار.
وفي جمادى الأولى رد الحاكم على بني عمرو بن العاص حبس جدهم عمرو بن العاص، ومبلغه في الشهر نحو مائتي دينار.
وتزايد ركوب الحاكم حتى كان يركب في اليوم الواحد عدة مرات، وعظمت هباته وعطياته. ثم أمر بابتياع الحمير، وصار يركبها من تحت السرداب إلى باب البستان إلى المقس، ويغلق الأبواب التي يتوصل منها إلى المقس وقت ركوبه، ومنع الناس من الخروج إلى هذه المواضع.
وفي جمادى الآخرة قدم رسول ملك الروم، فاصطفت العساكر من باب القصر إلى سقاية ريدان بعددها وأسلحتها، وركب الحاكم بصوف أبيض وعمامة مفوطة بمظلة مثلها، وولي العهد يسايره وعليه ثوب مثقل، ومعهم الجواهر. وأحضر الرسول ومعه عبد الغني بن سعيد بهدية إلى القصر، فخلع على عبد الغني، وأنزل الرسول في دار بالقاهرة وبلغ الحاكم أن ثلاثة من الركابية أخذوا هبة من الرسول، فأمر بقتلهم، فقتلوا من أجل ذلك.
وفي جمادى الآخرة ركب الحاكم ومعه أمين الأمناء، الحسين بن طاهر الوزان، على رسمه؛ فلما انتهى إلى حارة كتامة خارج باب القاهرة أمر فضربت رقبة ابن الوزان ودفن مكانه. فكانت مدة نظره في الوساطة سنتين وشهرين وعشرين يوما؛ وكان توقيعه عن الحاكم: الحمد لله وعليه توكلي. وتقدم الأمر لسائر أرباب الدواوين بلزوم دواوينهم.
واعتل الحاكم أياما فركب على حمار بشاشية مكشوفة، وأكثر من الحركة في العشيات إلى المقس والتعدية إلى الجيزة وهو على الحمار. وأكثر من الركوب في النيل.
وفي حادي عشر شعبان أمر أصحاب الدواوين بأن يمتثلوا ما يرسم به عبد الرحيم بن أبي السيد الكاتب، متولي ديوان النفقات، وأخوه أبو عبد الله الحسين، وجعلا في الوساطة والسفارة، ثم قرئ لهما سجل بذلك، وخلع عليهما وحملا؛ فوقعا، وكان توقيعهما: الحمد لله حمدا يرضاه.
وفي حادي عشريه خلع على أبي العباس أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي العوام، وأعطى سجلاً بتقليده قضاء القضاة، وحمل على بغلة بسرج ولجام مصفح بالذهب، وقيد بين يديه بغلة أخرى، ونزل إلى الجامع فقرئ سجله على المنبر، وفيه: فقلدك أمير المؤمنين القضاة والصلاة والخطابة بحضرته، والحكم فيها وراء حجابه من القاهرة المعزية، ومصر وأعمالها، والإسكندرية، والحرمين، وبرقة، والمغرب، وصقلية؛ مع الإشراف على دور الضرب بهذه الأعمال، والنظر في أحباس الجوامع والمساجد، وأرزاق المرتزقة ووجوه البر؛ وتستخلف على الحكم. ونقل ديوان الحكم من بيت مالك بن سعيد إلى بيت المال بالجامع العتيق، وهو أول من فعل ذلك من القضاة. وكانت دواوين الحكام في دورهم فجعلها بالجامع، وجعل جلوسه بالجامع العتيق يومي الاثنين والخميس، وبالقاهرة يوم الثلاثاء، ولحضور القصر يوم السبت.

وفي يوم الجمعة رابع رمضان ركب ولي العهد، فصلى بالجامع الأنور الجديد بباب الفتوح في موكب الخلافة، ثم صلى جمعة أخرى بجامع القاهرة ثم جمعتين بالجامع الجديد. وفيه كثرت صلات الحاكم ومواهبه وإقطاعاته للناس حتى خرج في ذلك عن الحد. وركب ولي العهد يوم الفطر في موكب الخلافة، وصلى بالناس في المصلى، وخطب. وخرج الحاكم عن المعهود في العطاء والإقطاعات حتى أقطع النواتية الذين يجدفون به في العشاري، وأقطع المشاعلية، وكثيرا من الوجوه والأقارب، وبني قرة؛ فكان مما أقطع الإسكندرية والبحيرة ونواحيها.
وفي نصفه قتل ابنا أبي السيد، حسين وعبد الرحيم، ضربت أعناقهما بالقصر؛ فكانت مدة نظرهما اثنين وتسعين يوما.
وواصل الركوب في كل غداة وهو على الحمار. وقرئ سجل بأن يكون ما يرفعه الناس من حوائجهم في ثلاثة أيام، يوم السبت للكتاميين والمغاربة، ويوم الاثنين للمشارقة، ويوم الخميس لسائر الناس كافة؛ وأن يتجنبوا لقاء أمير المؤمنين ليلاً ونهاراً بالرقاع، فما يتعلق بالمظالم فإلى ولي العهد، وما يتعلق بالدعاوى فإلى قاضي القضاة، وما استصعب من ذلك ينتهي إلى أمير المؤمنين.
وفي سابع عشره تقلد أبو العباس فضل بن جعفر بن الفرات الوساطة، ولم يخلع عليه؛ فجلس ووقع، ثم قتل في اليوم الخامس من جلوسه.
وتشدد الأمر في منع النساء من الخروج في الطرقات ومن التطلع في الطيقان، بأسرهن، شبابهن وعجائزهن. ومنع مؤذنو القصر وجامع القاهرة من قولهم بعد الأذان: السلام على أمير المؤمنين، وأن يقولوا بعد الأذان: السلام من الله.
وفيه غلب بنو قرة على الإسكندرية وأعمالهما. وأقطع القاضي ابن أبي العوام ناحية تلبانة عدي. وأكثر الحاكم فيه من الركوب، فركب في يوم واحد ست مرات، تارة على فرس، وأخرى على حمار، ومرة في محفة تحمل على الأعناق، ومرة في عشارى في النيل بشاشية لا عمامة عليها. وأكثر من إقطاع الإقطاعات للجند وعبيد الشراء. واستمر على مواصلة الركوب إلى ليلة النحر قرب العشاء، وشق البلد والطرادون يفرقون الناس عنه. وصلى ولي العهد صلاة عيد النحر، ولم يضح بشيء؛ ونهى الناس عن ذبح البقر.
وفيه قلد ذو الرياستين قطب الدولة أبو الحسن علي بن جعفر بن فلاح الوساطة والسفارة. وفيها بعث نصير الدولة أبو مناد باديس من إفريقية هدية عظيمة إلى الغاية للحاكم بأمر الله، فوصلت إلى مدينة برقة لأربع عشرة بقيت من رجب، وسارت منها في سابع رمضان حتى ولت لك فأخذها بنو قرة عن آخرها. وكانوا قد انتجعوا مع كبيرهم مختار بن قاسم من البحيرة، ومعهم مواشيهم، وقصدوا مدينة برقة، ففر منها حميد بن تموصلت إلى إفريقية، فملك برقة مختار بن قاسم.
وفيها بعث الحاكم عبد العزيز بن أبي كدينة، ومعه أبو القاسم بن حسن، إلى إفريقية بخلع وسيول وتشريف لمنصور بن نصير الدولة أبي مناد باديس لولاية ما يتولاه أبوه في حياته وبعد وفاته، ولقبه عزيز الدولة.

 

This site was last updated 05/04/12