Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سنة أربع وأربعين وخمسمائة

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
بقية سنة530 وسنة532
سنة532 وسنة533
سنة534 وسنة535
سنة536 وسنة537
سنة538 وسنة539
سنة540 وسنة541
سنة542 وسنة543
سنة544
سنة545 وسنة546
سنة547
سنة548
سنة549 وسنة550 وسنة551
سنة552
سنة553 وسنة554
سنة555

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

ثم دخلت سنة أربع وأربعين وخمسمائة
ذكر وفاة سيف الدين بن أتابك زنكي وبعض سيرته وملك أخيه قطب الدين

في هذه السنة توفي سيف الدين غازي بن أتابك زنكي صاحب الموصل بها بمرض حاد، ولما اشتد مرضه أرسل إلى بغداد واستدعى أوحد الزمان، فحضر عنده، فرأى شدة مرضه، فعالجه فلم ينجع فيه الدواء، وتوفي أواخر جمادى الأجرة، وكانت ولايته ثلاث سنين وشهراَ وعشرين يوماً؛ وكان حسن الصورة والشباب، وكانت ولادته سنة خمسمائة، ودفن بالمدرسة التي بناها بالموصل، وخلف ولداً ذكراً، فرباه عمه نور الدين محمود، وأحسن تربيته، وزوجه ابنة أخيه قطب الدين مودود، فلم تطل أيامه وتوفي في عنفوان شبابه، فانقرض عقبه.
وكان كريماً شجاعاً عاقلاً، وكان يصنع لعسكره كل يوم طعاماً كثيراً مرتين بكرة وعشية، فأما الذي بكرة فيكون مائة رأس غنم جيدة، وهو أول من حمل على رأسه السنجق، وأمر الأجناد ألا يركبوا إلا بالسيف في أوساطهم والدبوس تحت ركبهم، فلما فعل ذلك اقتدى به أصحاب الأطراف ، بني المدرسة الأتابكية العتيقة بالموصل، وهي من أحسن المدارس، ووقفها على الفقهاء الحنفية والشافعية، وبنى رباطاً للصوفية بالموصل أيضاً على باب المشرعة، ولم تطلأيامه ليفعل ما في نفسه من الخير، وكان عظيم الهمة، ومن جملة كرمه أنه قصده شهاب الدين الحيص بيص وامتدحه بقصيدته التي أولها:
إلام يراك المجد في زي شاعر ... وقد نحلت شوقاً فروع المنابر
فوصله بألف دينار عيناً سوى الخلع وغيرها.
ولما توفي سيف الدين غازي كان أخوه قطب الدين مقيماً بالموصل، فاتفق جمال الدين الوزير وزين الدين علي أمير الجيش على تمليكه، فأحضروه، واستحلفوه وحلفوا له، وأركبوه إلى دار السلطنة، وزين الدين في ركابه، وأطاعه جميع بلاد أخيه سيف الدين كالموصل والجزيرة والشام.
ولما ملك تزوج الخاتون ابنة حسام الدين تمرتاش التي كان قد تزوجها أخوه سيف الدين وتوفي قبل الدخول بها، وهي أم أولاد قطب الدين : سيف الدين وعز الدين، وغيرهما من أولاده.
ذكر استيلاء نور الدين على سنجار
لما ملك قطب الدين مودود الموصل بعد أخيه سيف الدين غازي كان أخوه الأكبر نور الدين محمود بالشام، وله حلب وحماة، فكاتبه جماعة من الأمراء وطلبوه، وفيمن كاتبه المقدم عبد الملك والد شمس الدين محمد، وكان حينئذ مسحفظاً بسنجار، فأرسل إليه يستدعيه ليتسلم سنجار، فسار جريدة في سبعين فارساً من أمراء دولته، فوصل إلى ماكسين في نفر يسير قد سبق أصحابه.
وكان يوماً شديد المطر، فلم يعرفهم الذي يحفظ الباب، فأخبر الشحنة أن نفر من التركمان المجندين قد دخلوا البلد، فلم يستتم كلامه حتى دخل نور الدين الدار على الشحنة، فقام إليه وقبل يده، ولحق به باقي أصحابه، ثم سار إلى سنجار، فوصلها وليس معه سوى ركابي وسلاح دار، ونزل بظاهر البلد (5/38)
وأرسل إلى المقدم يعلمه بوصوله، فرآه الرسول وقد سار إلى الموصل وترك ولده شمس الدين محمداً بالقلعة، فأعلمه بمسير والده إلى الموصل، وأقام من لحق أباه بالطريق، فأعلمه بوصول نور الدين، فعاد إلى سنجار فسلمها إليه، فدخلها نور الدين، وأرسل إلى فخر الدين قرا أرسلان، صاحب الحصن، يستدعيه إليه لمودة كانت بينهما، فوصل إليه في عسكره؛ فلما سمع أتابك قطب الدين، وجمال الدين وزين الدين بالموصل بذلك جمعوا عساكرهم وساروا نحو سنجار، فوصلوا إلى تل يعفر، وترددت الرسل بينهم بعد أن كانوا عازمين على قصده بسنجار، فقال لهم جمال الدين: ليس من الرأي محاقته وقتاله، فإننا نحن قد عظمنا محله عند السلطان وما هو بصدده من الغزاة، وجعلنا أنفسنا دونه، وهو يظهر للفرنج تعظيماً وأنه تبعنا، ولا يزال يقول لهم: إن كنتم كما يجب، وإلا سلمت البلاد إلى صاحب الموصل وحينئذ يفعل بكم ويصنع، فإذا لقيناه، فأن هزمناه طمع السلطان فينا، ويقول: هذا الذي كانوا يعظمونه ويحتمون به أضعف منهم، وقد هزموه، وإن هو هزمنا طمع فيه الفرنج، ويقولون إن الذي كان يحتمي بهم أضعف منه، وقد هزمهم، وبالجملة فهو ابن أتابك الكبير.
وأشار بالصلح، وسار هو إليه فاصطلح وسلم سنجار إلى أخيه قطب الدين، وسلم مدينة حمص والرحبة بأرض الشام وبقي الشام له، وديار الجزيرة لأخيه، واتفقا، وعاد نور الدين إلى الشام، وأخذ معه ما كان قد ادخره أبوه أتابك الشهيد فيها من الخزائن وكانت كثيرة جداً.
ذكر وفاة الحافظ وولاية الظافر ووزارة ابن السلار
في هذه الستة، في جمادى الآخرة، توفي الحافظ لدين الله عبد المجيد ابن الأمير أبي القاسم بن المستنصر بالله العلوي، صاحب مصر. وكانت خلافته عشرين ستة إلا خمسة أشهر، وعمره نحو من سبع وسبعين سنة، ولم يزل في جميعها محكوماً عليه، يحكم عليه وزراؤه، حتى إنه جعل أبنه حسناً وزيراً وولي عهده فحكم عليه واستبد بالأمر دونه، وقتل كثيراً من أمراء دولته وصادر كثيراً، فلما رأى الحافظ ذلك سقاه سماً فمات، وقد ذكرناه.
ولم يل الأمر من العلويين المصريين من أبوه غير خليفة غير الحافظ العاضد، وسيرد ذكر نسب العاضد؛ وولي الخلافة بعده في مصر ابنه الظافر بأمر الله أبو منصور إسماعيل بن عبد المجيد الحافظ، واستوزر ابن مصال، فبقي أربعين يوماً يدبر الأمور، فقصده العادل بن السلار من ثغر الأسكندرية، ونازعه في الوزارة، وكان ابن مصال قد خرج من القاهرة في طلب بعض المفسدين من السودان، فحلفه العادل بالقاهرة وصار وزيراً.
وسير عباس بن أبي الفتوح بن يحيى بن تميم بن المعز بن باديس الصنهاجي في عسكر وهو ربيب العادل، إلى ابن مصال، فظفر به وقتله، وعاد إلى القاهرة، واستقر العادل وتمكن، ولم يكن للخليفة معه حكم.
وأما سبب وصول عباس إلى مصر فإن جده يحيى أخرج أباه أبا الفتوح من المهدية، فلما توفي يحيى وولي بعده بلاد إفريقية ابنه علي بن يحيى بن تميم بن يحيى صاحب إفريقية، أخرج أخاه أبا الفتوح بن يحيى والد عباس من إفريقية سنة تسع وخمسمائة، فسار إلى الديار المصرية ومعه زوجته بلارة ابنة القاسم بن تميم بن المعز بن باديس، وولده عباس هذا وهو صغير يرضع؛ ونزل أبو الفتوح بالأسكندرية فأرم وأقام بها مدة يسيرة، وتوفي وتزوجت بعده امرأته بلارة بالعدل بن السلار.
وشب العباس، وتقدم عند الحافظ، حتى ولي الوزارة بعد العادل؛ فأن العادل قتل في المحرم سنة ثمان وأربعين. قيل: وضع عليه عباس من قتله، فلما قتل ولي الوزارة بعده، وتمكن فيها، وكان جلداً حازماً، ومع هذا أخذ الفرنج في أيامه عسقلان، واشتد وهن الدولة بذلك؛ وفي أيامه أخذ نور الدين محمود دمشق من مجير الدين آبق، وصار الأمر بعد هذا إلى إن أخذت مصر منهم على ما نذكره إن شاء الله تعالى.
ذكر عود جماعة من الأمراء إلى العراق
في هذه السنة، في رجب، عاد البقش كون خر والطرنطاي وابن دبيس ومعهم ملكشاه ابن السلطان محمود إلى العراق، وراسلوا الخليفة في الخطبة لملكشاه، فلم يلتفت إليهم وجمع العساكر وحصن بغداد، وأرسل إلى السلطان مسعود يعرفه الحال، فوعده بالوصول إلى بغداد ولم يحضر.  (5/39)
وكان سبب ذلك ما ذكرناه من وصول عمه السلطان سنجر إلى الريفي معنى خاص بك، فلما وصل إلى الري سار إليه السلطان مسعود، ولقيه واسترضاه، فرضي عنه؛ فلما علم البقش بمراسلة الخليفة إلى مسعود نهب النهروان، وقبض على الأمير علي بن دبيس في رمضان، فلما علم الطرنطاي بذلك هرب إلى النعمانية.
ووصل السلطان مسعود إلى بغداد منتصف شوال، ورحل البقش كون خر من النهروان، وأطلق علي بن دبيس، فلما وصل السلطان إلى بغداد قصده علي، وألقى بنفسه بين يديه واعتذر، فرضي عنه. وذكر بعض المؤرخين هذه الحادثة سنة أربع وأربعين، وذكر أيضاً مثلها سنة ثلاث وأربعين، فظنهما حادثتين، وأنا أظنها واحدة ولكنا تبعناه في ذلك ونبهنا عليه.
ذكر قتل البرنس صاحب أنطاكية وهزيمة الفرنج
في هذه السنة غزا نور الدين محمود بن زنكي بلاد الفرنج من ناحية أنطاكية، وقصد حصن حارم، وهو للفرنج، فحصره وخرب ربضه، ونهب سواده، ثم رحل إلى حصن أنب فحصره أيضاً، فاجتمع الفرنج مع البرنس صاحب أنطاكية وحارم وتلك الأعمال، وساروا إلى نور الين ليرحلوه عن إنب، فلقيهم واقتتلوا قتالاً عظيماً.
وباشر نور الدين القتال ذلك اليوم، فانهزم الفرنج أقبح هزيمة، وقتل منهم جمع كثير، وأسر مثلهم.
وكان ممن قتل البرنس صاحب أنطاكية، وكان عاتياً من عتاة الفرنج وعظيماً من عظمائهم، ولما قتل البرنس ملك بعده ابنه بيمند، وهو طفل، فتزوجت أمه ببرنس أخر ليدبر البلد إلى أن يكبر أبنها، وأقام معها بأنطاكية.
ثم إن نور الدين غزاهم غزوة أخرى، فاجتمعوا ولقوه، فهزمهم وقتل فيهم وأسر، وكان فيمن أسر البرنس الثاني زوج أم بيمند، فتمكن حينئذ بيمند بأنطاكية؛ وأكثر الشعراء بمديح نور الدين وتهنئته بهذا الظفر، فإن قتل البرنس كان عظيماً عند الطائفتين؛ وممن قال فيه القيسراني في قصيدته المشهورة التي أولها:
هذي العزائم لا ما تدعي القضب ... وذي المكارم لا ما قالت الكتب
وهذه الهمم االلاتي متى خطبت ... تعثرت خلفها الأشعار والخطب
صافحت ياابن عماد الدين ذروتها ... براحة للمساعي دونها تعب
مازال جدك يبني كل شاهقة ... حتى بنى قبة أوتادها الشهب
أغرت سيوفك بالإفرنج راجفة ... فؤاد رومية الكبرى لها يجب
ضربت كبشهم منها بقاصمة ... أودى بها الصلب وانحطت بها الصلب
طهرت أرض الأعادي من دمائهم ... طهارة كل سيف عندها جنب
ذكر الخلف بين صاحب صقلية وملك الروم
في هذه السنة اختلف رجار الفرنجي صاحب صقلية وملك القسطنطينية، وجرى بينهما حروب كثيرة دامت عدة سنين، فاشتغل بعضهم ببعض عن المسلمين، ولولا ذلك لملك رجار جميع بلاد إفريقية.
وكان القتال بينهم براً وبحراً، والظفر في جميع ذلك لصاحب صقلية، حتى إن أسطوله، في بعض السنين، وصل إلى مدينة القسطنطينية، ودخل فم الميناء، وأخذوا عدة شوان من الروم، وأسروا جمعاً منهم؛ ورمى الفرنج طاقات قصر الملك بالنشاب، وكان الذي يفعل هذا بالروم والمسلمين جرجي وزير صاحب صقلية، فمرض عدة أمراض منها البواسير والحصى، ومات سنة ست وأربعين وخمسمائة، فسكنت الفتنة، واستراح الناس من شره وفساده، ولم يكن عند صاحب صقلية من يقوم مقامه بعده.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة زلزلت الأرض زلزلة عظيمة، فقيل أن جبلاً مقابل حلوان ساخ في الأرض.
وفيها ولي أبو المظفر يحيى بن هبيرة وزارة الخليفة المقتفي لأمر الله، وكان قبل ذلك صاحب ديوان الزمام، وظهر له كفاية عظيمة عندما نزل العساكر بظاهر بغداد، وحسن قيام في ردهم، فرغب الخليفة فيه، فاستوزره يوم الأربعاء رابع ربيع الآخر سنة أربع وأربعين، وكان القمر على تربيع زحل، فقيل له: لو أخرت لبس الخلعة لهذه التربيعات؟ فقال: وأي سعادة أكبر من وزارة الخليفة؟ ولبسها ذلك اليوم.
وفيها، في المحرم، توفي قاضي القضاة علي بن الحسين الزينبي، وولي القضاء عماد الدين أبو الحسن علي بن أحمد الدامغاني.
وفيها، في المحرم، رخصت الأسعار بالعراق، وكثرت الخيرات، وخرج أهل السواد إلى قراهم. (5/40)
وفيها توفي الأمير نظر أمير الحاج، وكان قد سار بالحاج إلى الحلة، فمرض واشتد مرضه، واستخلف على الحاج قايماز الأرجواني، وعاد إلى بغداد مريضاً، فتوفي في ذي القعدة، وكان خصياً عاقلاً خيراً له معروف كثير وصدقات وافرة.
وفيها توفي أحمد بن نظام الملك الذي كان وزير السلطان محمد والمسترشد بالله.
وفيها توفي علي بن رافع بن خليفة الشيباني، وهو من أعيان خراسان، وله مائة وسبع سنين شمسية.
ومات الإمام مسعود الصوابي في المحرم منها وفيها توفي معين الدين أنر نائب أبق صاحب دمشق، وهو كان الحاكم والأمر إليه، وكان أبق صورة أمير لا معنى تحتها.
وفيها توفي القاضي أحمد بن محمد بن الحسين الأرجاني أبو بكر قاضي تستر، وله شعر حسن فمنه قوله:
ولما بلوت الناس أطلب عندهم ... أخاً ثقة عند اعتراض الشدائد
تطلعت في حالي رخاء وشدة ... وناديت في الأحياء: هل من مساعد
فلم أر فيما ساءني غير شامت ... ولم أر فيما سرني غير حاسد
تمتعتما ياناظري بنظرة ... وأوردتما قلبي أمر الموارد
أعيني كفا عن فؤادي فإنه ... من البغي سعي اثنين في قتل واحد
وفيها توفي أبو عبد الله عيسى بن هبة الله بن عيسى البزاز، وكان ظريفاً، وله شعر حسن؛ كتب إليه صديق له رقعة وزاد في خطابه فأجابه:
قد زدتني في الخطاب حتى ... خشيت نقصاً من الزيادة
فاجعل خطابي خطاب مثلي ... ولا تغير علي عاده

This site was last updated 07/27/11