Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

سنة ثمان وخمسين ومائتين وسنة تسع وخمسين ومائتين

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
سنة256 خلافة المعتمد
سنة257
سنة258 وسنة259
سنة260 وسنة261 وسنة262
سنة263 وسنة264
سنة265
سنة266
سنة267
سنة268
سنة269
سنة270
سنة271 وسنة272
Untitled 4850
سنة276 وسنة277 وسنة278

 

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

حوادث سنة ثمان وخمسين ومائتين
ذكر قتل منصور بن جعفر الخياط

في هذه السنة قتل منصور بن جعفر الخياط، وكان سبب قتله أن اللوي البصري لما فرغ من أمر البصرة أمر علي بن أبان بالمسير إلى جي لحرب منصور ابن جعفر، وهويلي يومئذ الأهواز، وأقام بإزائه شهرأن وكان منصور في قلة من الرجال، فأتى عسكر علي وهوبالخيزرانية.
ثم إن الخبيث، صاحب الزنج، وجه إلى علي باثنتي عشرة شذاة مشحونة بجلة أصحابه، وولى أمرهم أبا الليث الأصبهاني، وأمره بطاعة علي، فلما صار إلى خالفه، واستبد عليه، وجاء منصور كما كان يجيء للحرب، فتقدم إليه أبوالليث، عن غير إذن علي، فظفر به منصور وبالشذوات التي معه،، وقتل فيها من البيض والزنج خلقاً كثيرأن وأفلت أبوالليث، ورجع إلى الخبيث.
ثم إن علياً وجه طلائع يأتونه بخبر منصور، وأسرى إلى وال كان لمنصور كرنبأن فقتله وقتل أكثر أصحابه، وغمن ما كان معهم ورجع.
وبلغ الخبر منصورأن فأسرى إلى الخيزرانية، وخرج إليه علي، فتحاربوا إلى الظهر، ثم انهزم منصور، وتفرق عنه أصحابه، وانقطع عنهم، وأدركته طائفة من الزنج، فحمل عليهم، وقاتلهم حتى تكسر رمحه، وفني نشبه، ثم حمل حصانه ليعبر النهر، فوقع في النهر، ولم يعبره.
وكان سبب وقوعه أن بعض الزنج رآه حين أراد أن يعبر النهر، فألقى نفسه في النهر قبل منصور وتلقى الفرس حين وثبت فنكص، فلما سقط في النهر قتله الأسور، وأخذ سلبه، وقتل معه أخوه خلف بن جعفر وغيره، فولي ياركوج ما كان إلى منصور بن جعفر من العمل.
ذكر مسير أبي أحمد إلى الزنج وقتل مفلح
وفيهأن في ربيع الأول، عقد المعتمد لأخيه أبي أحمد على ديار مصر، وقنسرين، والواصم، وخلع عليه وعلى مفلح في ربيع الآخر، وسيرهما إلى حرب الزنج بالبصرة، وركب المعتمد معه يشيعه، وسار نحوالبصرة، ونازل العلوي وقاتله.
وكان سبب تسييره ما فعله بالبصرة، واكبر الناس ذلك، وتجهزوا إليه وساروا في عدة حسنة كاملة، وصحبه من سوقة بغداد خلق كثير.
وكان علي بن أبان يجي، على ما ذكرنأن وسار يحيى بن محمد البحراني إلى نهر العباس، ومعه أكثر الزنوج، فبقي صاحبهم في قلة من الناس، وأصحابه يغادون البصرة ويراوحونها لنقل ما نالوه منها؛ فلما نزل عسكر أبي أحمد بنهر معقل، احتفل من فيه من الزنوج إلى صاحبهم مرعوبين، وأخبروه بعظم الجيش وأنهم لم يرد عليهم مثله، وأحضر رئيسين من أصحابه، فسألهما عن قائد الجيش فلم يعرفاه، فجزع، وارتاع.
ثم أرسل إلى علي بن أبان يأمره بالمسير إليه فيمن معه، فلما كان يوم الأربعاء لاثنتي عشرة بقيت من جمادى الأولى أباه بعض قواده، فأخبره بمجيء العسكر وتقدمهم، وأنهم ليس في وجوههم من يرده من الزنوج، وكذبه، وسبه، وأمر فنودي في الزنوج بالخروج إلى الحرب، فخرجوأن فرأوا مفلحاً قد أتاهم في عسكر لحربهم، فقاتلهم، فبيمنا مفلح يقاتلهم إذ أتاه سهم غرب لا يعرف من رمي به، فأصابه، فرجع وانهزم أصحابه، وقتلوا فيهم قتلاً ذريعأن وحملوا الرؤوس إلى العلوي، واقتسم الزنج لحوم القتلى.
فأتي بالأسرى، فسألهم عن قائد الجيش، فأخبروه أنه أبواحمد، ومات مفلح من ذلك السهم، فلم يلبث العلوي إلا يسيراً حتى وافاه علي بن أبان.
ثم إن أبا احمد رحل نحوالأبلة ليجمع ما فرقته الهزيمة، ثم سار إلى نهر أبي الأسد، ولما علم الخبيث كيف قتل مفلح، ولم ير أحداً يدعي قتله، زعم أنه هوالذي قتله، وكذب فإنه لم يحضره.
ذكر قتل يحيى بن محمد البحراني
وفيها اسر يحيى بن محمد البحراني قائد صاحب الزنج، وكان سبب ذلك أنه لما سار نحونهر العباس لقيه عسكر أصعجور، عامل الأهواز بعد منصور، وقاتلهم، وكان أكثر منهم عددأن فنال ذلك العسكر من الزنج بالنشاب، وجرحوهم، فعبر يحيى النهر إليهم، فانحازوا عنه، وغمن سفناً كانت مع العسكر، فيها الميرة، وساروا بها إلى عسكر صاحب الزنج على غير الوجه الذي فيه علي بن أبان، لتحاسد كان بينه وبين يحيى. (3/284)
ووجه يحيى طلائعه إلى دجلة، فلقيهم جيش أبي أحمد الموفق سائرين إلى نهر أبي الأسد، فرجعوا إلى علي، فأخبروه لمجيء الجيش، فرجع من الطريق الذي سلكه، وسلك نهر العباس، وعلى فم النهر شذوات لحمية من عسكر الخليفة، فلما رآهم يحيى راعه ذلك، وخاف أصحابه فنزلوا السفن وعبروا النهر، ولقي يحيى ومن معه بضعة عشر رجلأن فقاتلهم هووذلك النفر اليسير، فرموهم بالسهام، فجرح ثلاث جراحات؛ فلما جرح تفرق أصحابه عنه، ولم يعرف حتى يؤخذ، فرجع حتى دخل بعض السفن وهومثخن بالجراح.
وأخذ أصحاب السلطان الغنائم، وأخذوا السفن، وعبروا إلى سفن كانت للزنج فأحرقوهأن ووتفرق لزنج عن يحيى بقية نهارهم، فلما رأى تفرقهم ركب سميرية، واخذ معه طبيباً لأجل الجراح، وسار فيهأن فرأى الملاحون سميريات السلطان، فخافوأن فألقوا يحيى ومن معه على الأرض، فمشى وهومثقل، وقام الطبيب الذي معه فأتى أصحاب السلطان فأخبرهم خبره، فأخذوه وحملوه إلى أبي أحمد، فحمله أبوأحمد إلى سامرأن فقطعت يداه ورجلاه ثم قتل، فجزع الخبيث والزنوج عليه جزعاً كبيرأن وقال لهم: لما قتل يحيى اشتد جزعي عليه، فخوطبت أن قتله كان خيراً لك، إنه كان شرهاً.
ذكر عود أبي أحمد إلى واسط
وفيها انحاز أبوأحمد من موضعه إلى واسط؛ وكان سبب ذلك أنه لما سار إلى نهر أبي الأسد كثرت الأمراض في أصحابه، وكثر فيهم الموت، فرجع إلى باذاورد فأقام به، وأمر بتجديد الآلات، وإعطاء الجند أرزاقهم، وإصلاح المسيريات والشذأن وشحنها بالقواد، وعاد إلى عسكر صاحب الزنج، وأمر جماعة من قواده بقصد مواضع سماها من نهر أبي الخصيب وغيره، وبقي معه جماعة، فمال أكثر الخلق، حين التقى الناس ونشبت الحرب، إلى نهر أبي الخصيب، وبقي أبوأحمد في قلة من أصحابه، فلم يزل عن موضعه خوفاً أن يطمع الزنج.
ولما رأى الزنج قلة من معه طمعوا فيه، وكثروا عليه، واشتدت الحرب عنده، وكثر القتل والجراح، وأحرق أصحاب أبي أحمد منازل الزنوج، واستنقذوا من النساء جمعاً كثيرأن ثم ألقى الزنج جدهم نحوه، فلما رأى أبوأحمد ذلك علم أن الحزم في الحاجزة، فأمر أصحابه بالرجوع إلى سفنهم على مهل وتؤدة.
واقتطع الزنج طائفة من أصحابه، فقاتلوهم، فقتلوا من الزنج خلقاً كثيرأن ثم قتلوا جميعهم، وحملت رؤوسهم إلى قائد الزنج، وهي مائة رأس وعشرة أرؤس، فزاد ذلك في عتوه.
ونزل أوأحمد في عسكره بباذاورد، فأقام يعبئ أصحابه للرجوع إلى الزنج، فوقعت نار في أطراف عسكره، في يوم ريح عاصف، فاحترق كثير منه، فرحل منها إلى واسط، فلما نزل واسط تفرق عنه عامة أصحابه، فسار منها إلى سامرأن واستخلف على واسط، لحرب العلوي، محمد بن المولد.
ذكر عدة حوادث
وفيها وقع الوباء في كور دجلة، فهلك منها كثير ببغداد، وواسط، وسامرأن وغيرها.
وفيها قتل سرسجارس ببلاد الروم مع جماعة كثيرة من أصحابه.
وفيها كانت هدة عظيمة هائلة بالصيمرة، ثم سمع من ذلك اليوم هدة أعظم من الأولى، فانهدم اكثر المدينة، وتساقطت الحيطان، وهلك من أهلها زهاء عشرين ألفاً.
وفيها مات ياركوج التركي في رمضان، وصلى عليه أبوعيسى بن المتوكل، وكان صاحب مصر ومقطعها ودعي له فيها أحمد بن طولون، فلما توفي استقل أحمد بمصر.
وفيها كانت وقعة بين أصحاب موسى بن بغا وأصحاب الحسن بن زيد العلوي، فانهزم أصحاب الحسن.
وفيها أسر مسرور البلخي جماعة من أصحاب مساور الشاري، وسار مسرور إلى البوازيج، فلقي مساور هناك، فكان فيها بينهما وقعة اسر فيها من أصحاب مسرور جماعة، ثم انصرف في ذي الحجة إلى سامرأن واستخلف على عسكره بحديثة الموصل جعلان.
وفيها رجع أكثر الناس من القرعاء خوف العطش، وسلم من سار إلى مكة؛ وحج بالناس الفضل بن إسحاق بن الحسن.
وفيها أوقع بأعراب بتكريت كانوا أعانوا مساوراً الشاري.
وفيها أوقع مسرور البلخي بالأكراد اليعقوبية، فهزمهم وأصاب فيها.
وفيها صار محمد بن واصل في طاعة السلطان، وسلم فارس إلى محمد بن الحسن بن أبي الفياض. وفيها أسر جماعة من الزنج كان فيهم قاض كان لهم بعبادان، فحملوا إلى سامرأن فضربت أعناقهم.
وفيها توفي محمد بن يحيى بن عبد الله بن خالد الدهلي النيسابوري، وله مع البخاري حادثة ظلمه بها حسداً له، ليس هذا مكان ذكرها. (3/285)
وفيها توفي يحيى بن معاذ الرازي الواعظ في جمادى الأولى، وكان عابداً صالحاً صحب أبا يزيد وغيره.


حوادث سنة تسع وخمسين ومائتين
ذكر دخول الزنج الأهواز

وفيهأن في رجب، دخلت الزنج الأهواز، وكان سببه أن العلوي أنفذ علي بن أبان المعلبي، وضم إليه الجيش الذي كان مع يحيى بن محمد البحراني، وسليمان بن موسى الشعراني، وسيره إلى الأهواز.
وكان المتولي لها بعد منصور بن جعفر رجل يقال له أصعجور، فبلغه خبر الزنج، فخرج إليهم، والتقى العسكران بدشت ميسان، فانهزم أصعجور، وقتل معه ثيرك، وجرح خلق كثير من أصحابه، وغرق أصعجور، وأسر خلق كثير، فيهم الحسن بن هرثمة، والحسن بن جعفر، وحملت الرؤوس والأعلام والأسرى إلى الخبيث، فأمر بحبس الأسرى، ودخل الزنج الأهواز، فأقاموا يفسدون فيهأن ويعيثون إلى أن قدم موسى بن بغا.
ذكر مسير موسى بن بغا لحرب الزنج
وفيهأن في ذي القعدة، أمر المعتمد موسى بن بغا بالمسير إلى حرب صاحب الزنج، فسير إلى الأهواز عبد الرحمن بن مفلح، وإلى البصرة إسحاق بن كنداجيق، وإلى باذاورد إبراهيم بن سيمأن وأمرهم بمحاربة صاحب الزنج.
فلما ولي عبد الرحمن الأهواز سار إلى محاربة علي بن أبان، فتواقعأن فانهزم عبد الرحمن؛ ثم استعد، وعاد إلى علي فأوقع به وقعة عظيمة قتل فيها من الزنج قتلاً ذريعأن وأسر خلقاً كثيرأن وانهزم علي بن أبان والزنج، ثم أراد ردهم فلم يرجعوا من الخوف الذي دخلهم من عبد الرحمن؛ فلما رأى ذلك أذن لهم بالانصراف، فانصرفوا إلى مدينة صاحبهم.
ووافى عبد الرحمن حصن مهدي ليعسكر به، فوجه إليه صاحب الزنج علي بن أبان، فواقعه، فلم يقدر عليه، ومضى يريد الموضع المعروف بالدكة، وكان إبراهيم بن سيما بالباذاورد، فواقعه علي بن أبان، فهزمه علي بن أبان، ثم واقعه ثانية، فهزمه إبراهيم، فمضى علي في الليل ومعه الأدلاء في الآجام، حتى انتهى إلى نهر يحيى.
وانتهى خبره إلى عبد الرحمن، فوجه إليه طاشتمر في جمع من الموالي، فلم يصل إليه لامتناعه بالقصب والحلافي، فأضرمها عليه نارأن فخرجوا منها هاربين، فأسر منهم أسرى، وانصرف أصحاب عبد الرحمن بالأسرى والظفر.
ثم سار عبد الرحمن نحوعلي بن أبان بمكان نزل فيه، فكتب علي إلى صاحب الزنج يستمده، فأمده بثلاث عشرة شذاة، ووافاه عبد الرحمن، فتواقعا يومهمأن فلما كان الليل انتخب علي من أصحابه جماعة ممن يثق بهم وسار، وترك عسكره ليخفي أمره، وأتى عبد الرحمن من ورائه فبيته، فنال منه شيئاً يسيرأن وانحاز عبد الرحمن، فأخذ علي منهم أربع شذوات، وأتى عبد الرحمن دولاب فأقام به.
وسار طاشتمر إلى علي فوافاه وقاتله، فانهزم علي إلى نهر السدرة، وكتب يستمد عبد الرحمن، فأخبره بانهزام علي عنه، فأتاه عبد الرحمن، وواقع علياً نهر السدرة وقعة عظيمة، فانهزم علي إلى الخبيث، وعسكر عبد الرحمن بلنبان، فكان هووإبراهيم بن سيما يتناوبان المسير إلى عسكر الخبيث فيوقعان به، وإسحاق بن كنداجيق بالبصرة، وقد قطع الميرة عن الزنج، فكان صاحبهم يجمع أصحابه يوم محاربة عبد الرحمن وإبراهيم، فإذا انقضت الحرب سير طائفة منهم إلى البصرة يقاتل بهم إسحاق، فأقاموا كذلك بضعة عشر شهراً إلى أن صرف موسى بن بغا عن حرب الزنج، ووليها مسرور البلخي، فانتهى الخبر بذلك إلى الخبيث.
ذكر ملك يعقوب نيسابور
وفيهأن في شوال، دخل يعقوب بن الليث نيسابور، وكان سبب مسيره إليها أن عبد الله السجزي كان ينازع يعقوب بسجستان، فلما قوي عليه يعقوب هرب منه إلى محمد بن طاهر، فأرسل يعقوب يطلب من ابن طاهر أن يسلمه إليه فلم يفعل، فسار نحوه إلى نيسابور، فلما قرب منهأن وأراد دخولهأن وجه محمد بن طاهر يستأذنه في تلقيه، فلم يأذن له،! فبعث بعمومته وأهل بيته فتلقوه.
ثم دخل نيسابور في شوال، فركب محمد بن طاهر، فدخل إليه في مضربه، فساءله، ثم وبخه على تفريطه في عمله، وقبض على محمد بن طاهر وأهل بيته، واستعمل على نيسابور، وأرسل إلى الخليفة يذكر تفريط محمد ابن طاهر في عمله، وأن أهل خراسان سألوه المسير إليهم، ويذكر غلبة العلويين على طبرستان، وبالغ في هذا المعنى، فأنكر عليه ذلك، وأمر بالاقتصار على ما أسند إليه، وإلا يسلك معه مسلك المخالفين. (3/286)
وقيل كان سبب ملك يعقوب نيسابور ما ذكرناه سنة سبع وخمسين من ضعف محمد بن طاهر أمير خراسان، فلما تحقق يعقوب ذلك، وأنه لا يقدر على الدفع، سار إلى نيسابور، وكتب إلى محمد بن طاهر يعلمه أنه قد عزم على قصد طبرستان ليمضي ما أمره الخليفة في الحسن بن زيد المتغلب عليهأن وأنه لا يعرض لشيء من عمله، ولا لأحد من أسبابه.
وكان بعض خاصة محمد بن طاهر وبعض أهله لما رأوا إدبار أمره مالوا إلى يعقوب، فكاتبوه، واستدعوه، وهونوا على محمد أمر يعقوب من نيسابور، فأعلمه أنه لا خوف عليه منه، وثبطوه عن التحرز منه، فركن محمد إلى قولهم، حتى قرب يعقوب من نيسابور، فوجه إليه قائداً من قواده يطيب قلبه، وأمره بمنعه عن الأنتزاح عن نيسابور إن أراد ذلك.
ثم وصل يعقوب إلى نيسابور رابع شوال وأرسل أخاه عمروبن الليث إلى محمد بن طاهر، فأحضره عنده، فقبض عليه وقيده، وعنفه على إهماله عمله، وعجزه عن حفظه، ثم قبض على جميع أهل بيته، وكانوا نحواً من مائة وستين رجلأن وحملهم إلى سجستان، واستولى على خراسان، ورتب في الأعمال نوابه.
وكانت ولاية محمد بن طاهر إحدى عشرة سنة وشهرين وعشرة أيام.
ذكر ظهور ابن الصوفي بمصر ثانياً
وفيها عاد ابن الصوفي العلوي فظهر بمصر، وقد ذكرنا سنة ست وخمسين ظهوره وهربه إلى الواحات، فأحم نفسه، ودعا الناس إلى نفسه، فتبعه خلق كثير، وسار بهم إلى الأشمونين، فوجه إليه جيش عليهم قائد يعرف باب أبي الغيث، فوجده قد أصعد إلى لقاء أبي عبد الرحمن العمري، وسنذكر بعد هذا.
فلما وصل العلوي إلى العمري اتقيأن فكان بينهما قتال شديد، أجلت الوقعة عن انهزام العلوي، فولى منهزماً إلى أسوان، فعاث فيهأن وقطع كثيراً من نخلها.
فسير إليه ابن طولون جيشاً، وأمرهم بطلبه أين كان، فسار الجيش في طلبه، فولى هارباً إلى عيذاب، وعبر البحر إلى مكة، وتفرق أصحابه، فلما وصل إلى مكة بلغ خبره إلى واليهأن فقبض عليه وحبسه، ثم سيره إلى ابن طولون، فلما وصل إلى مصر أمر به فطيف به في البلد، ثم سجنه مدة وأطلقه، ثم رجع إلى المدينة فأقام بها إلى أن مات.
ذكر حال أبي عبد الرحمن العمري
قد تقدم ذكر أبي عبد الرحمن العمري، واسمه عبد الحميد بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.
وكان سبب ظهوره بمصر أن البجاة أقبلت يوم العيد، فنهبوا وقتلوا وعادوا غامنين، وفعلوا ذلك مرات، فخرج هذا العمري غضباً لله وللمسلمين، وكمن لهم في طريقهم، فلما عادوا خرج يحصي، وتابع عليهم الغارات حتى أدوا إليه الجزية، ولم يفعلوها قبل ذلك.
واشتدت شوكة العمري، وكثر أتباعه؛ فلما بلغ خبره ابن طولون سير إليه جيشاً كثيفأن فلما التقوا تقدم العمري وقال لمقدم الجيش: إن ابن طولون لا يعرف خبري، لا شك، على حقيقته، فإني لم أخرج للفساد، ولم يتأذ بي مسلم ولا ذمي، وإمنا خرجت طلباً للجهاد، فاكتب إلى الأمير أحمد عرفه كيف حالي، فإن أمرك بالانصراف فانصرف، وإلا إن أمرك بغير ذلك كنت معذوراً. فلم يجبه إلى ذلك، وقاتله، فانهزم جيش ابن طولون، فلما وصلوا إليه أخبروه بحال العمري فقال: كنتم أنهيتم حاله إلي، فإنه نصر عليكم ببغيكم. وتركه.
فلما كان بعد مدة وثب على العمري غلامان له فقتلاه، وحملا رأسه إلى أحمد بن طولون، فلما حضرا عنده سألهما عن سبب قتله، فقالا: أردنا التقرب إليك بذلك، فقتلهمأن وأمر برأس العمري فغسل، وكفن، ودفن.
ذكر ما كان هذه السنة بالأندلس
في هذه السنة سار محمد بن عبد الرحمن الأموي، صاحب الأندلس، إلى طليطلة فنازلها وحصرهأن وكان أهلها قد خالفوا عليه، وطلبوا الأمان فأمنهم، وأخذ رهائنهم.
وفيها خرج أهل طليطلة إلى حصن سكيان، وكان فيه سبع مائة رجل من البربر، وكان أهل طليطلة في عشرة آلاف، فلما التحمت بينهم الحرب انهزم أحد مقدمي أهلهأن وهوعبد الرحمن بن حبيب، فتبعه أهل طليطلة في الهزيمة، وإمنا انهزم لعداوة كانت بينه وبين مقدم آخر اسمه طريشة من أهل طليطلة، فأراد أن يوهنه بذلك، فلما انهزموا قتلوا البرقيل.
وفيها عاد عمروبن عمروس إلى طاعة محمد بن عبد الرحمن، وكان مخالفاً عليه عدة سنين، فولاه مدينة أمشقة وحصر محمد حصون بني موسى ثم تقدم إلى بنبلونة فوطئ أرضها وعاد.
ذكر عدة حوادث (3/287)
وفيها سارت سرية للمسلمين إلى مدينة سرقوسة، فصالحها أهلها على أن أطلقوا الأسرى الذين كانوا عندهم من المسلمين، ثلاثمائة وستين أسيرأن فلما أطلقوهم عادت عنهم.
وفيها قتل كيجور، وكان سبب قتله أنه كان على الكوفة، فسار عنها إلى سامرا بغير إذن، فأمر بالرجوع فأبى، فحمل إليه مال ليفرقه في أصحابه فلم يقنع به، وسار حتى أتى عكبرأن فوجه إليه من سامرا عدة من القواد فقتلوه، وحملوا رأسه إلى سامرا.
وفيها غلب يعقوب بن الليث عن بلخ، فأقام بقهستان، وولى عماله هراة، وبوشنج، وباذغيس، وانصرف إلى سجستان.
وفيها فارق عبد الله السجزي، وحاصر نيسابور وبها محمد ابن طاهر قبل أن يملكها يعقوب بن الليث فوجه محمد بن طاهر إليه الرسل والفقهاء، فاختلفوا بينهمأن ثم ولاه الطبسين، وقهستان؛ وفيها غلب الحسن بن زيد على قومس ودخلها أصحابه.
وفيها كانت وقعة بين محمد بن الفضل بن بين ووهوسوذان بن جستان الديلمي، وانهزم وهسوذان.
وفيها نزلت الروم على سميساط، ثم نزلوا على ملطية وقاتلهم أهلهأن فانهزمت الروم، وقتل بطريق البطارقة.
وحج بالناس العباس بن إبراهيم بن محمد بن إسماعيل بن جعفر بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس المعروف ببرية.
وفيها مات محمد بن يحيى بن موسى أبوعبد الله بن أبي زكرياء الأسفرايني المعروف بابن حيويه، ومحمد بن عمروس بن يونس بن عمران بن دينار الكوفي الثعلبي، وكان شيعياً ضعيف الحديث.
وفيها توفي أبوالحسن بن علي بن حرب الطائي الموصلي، وكان محدثاً وممن روى عنه أبوه علي بن حرب.

This site was last updated 07/15/11