Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

عنصــــــــــــــرية السادات

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
تاريخ حياة السادات
عصابات جماعات الإرهاب
النائب أصبح رئيس الجمهورية
عنصرية السادات
الخانكة والإضطهاد الدينى
إقتراح السلام
السادات وتزوير التعداد
السادات والإخوان
تقييم عصر السادات
نظام الحكم والسادات
الحشاشين
السادات وإبادة المسيحية
متحف لمتعلقات السادات
سقوط مروان من الشرفة
تكريم المجرميين الإرهابيين
حشيشة الفقراء
البابا شنودة يحذر السادات
زيارة الرئيس الأمريكى
شاة إيران
السادات والرؤساء
عزيز صدقي رئيس وزراء مصر
مقتل السباعى
إضطرابات 18 و19 يناير
السادات بمكتبة الإسكندرية
إحتراق الأوبرا
شاة إيران
جريدة إجبشيان جازيت
حرب أكتوبر73
السادات..عاشق الصورة
تمثال للسادات بالعريش
السادات وشاة إيران
السادات ولقب سادس الخلفاء
مستعمرة عوفيرا خربها المصريين
Untitled 746
Untitled 747
Untitled 748
ثورة التصحيح
التجسس بين مصر وإسرائيل
إغتيال السادات

الخط الرئيس والهدف الذى حدده السادات لحكمه هو العنصرية الدينية

ويمكن تحديد سياسة السادات فى شعار أطلق فى ذلك الوقت هو " حركة الإحياء الإسلامى " فقد كانت الدولة تريد جذب التيار الدينى وضمه إلى صفوفها عقب هزيمة 5 يونيو 1967 وإنتهت محاولاته بإضافة عبارة الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى من مصادر التشريع إلى المادة الثانية من الدستور . والتى تنص على أن الإسلام دين الدولة .

وكانت السياسة التى إتبعها هى الإرتباط بقوى الإسلام السياسى التى هربت إلى الخارج من بطش عبد الناصر – ويقول محمد حسنين هيكل : " فإستجاب للمسعى الذى قامت به جهات عربية محافظة لعقد صلح مع عدد من قادة الإخوان المسلمين الذين هجروا البلاد أيام عبد الناصر" (1) وذكر رئيس حزب الأحرار مصطفى مراد (2) : " أن الجماعات الإسلامية بدأ ظهورها عام 1972 م وعلى أثر إجتماع عقدة الرئيس محمد أنور السادات مع رؤساء اللجان الدائمة فى مجلس الشعب "

كما إقترح بعض الأعضاء من مجلس الشعب مثل المهندس عثمان أحمد عثمان وآخرون وإقترحوا إنشاء " تنظيم للجماعات الإسلامية " ليقفوا ضد التيارات اليسارية فى الجامعات المصرية والسيطرة على إتحادات الطلبة بالفوز فى الإنتخابات على التيارات الناصرية واليسارية وأن بعض الأعضاء أعلن تبرعه بالمال للجماعات الإسلامية المقترحة وأنشئت فعلاً (3)

وكانت المادة الثانية من دستور سنة 1971م " الإسلام دين الدولة " أضيفت عبارة أخرى دينية عنصرية هى :-            .                                     

" الشريعة الإسلامية مصدر رئيسى من مصادر التشريع "

 – إلا أن التيار الدينى المتمثل فى العصابات الإسلامية الذى أنشأة السادات ثار لعدم تحديد ووضوح العبارة السابقة فقد أحست أن النظام غير جاد فى حسم قضية تطبيق الشريعة فتحولت هذه الجماعات من الأهداف التى أنشأت لأجلها بالوقوف ضد اليساريين إلى المسيحيين (4) وراحوا ينتقدون سياسة الحكومة فى الإنفتاح والربا والفساد والميل ناحية الإستهلاك والإحتكار والسوق السوداء والمناخ الذى أفرز اللصوص والمرتشيين وتجار المخدرات والسوق السوداء (5) وكان السبب فى رأيهم – الإبتعاد عن شرع الله , وطريق الله - فعُدٌلت فيما بعد عام 1979م

لتصبح المادة الثانية من دستور مصر
الإسلام دين الدولة
والشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع

 وشكلت لجنة من رجال الأزهر لوضع قوانين الحدود المستمدة عن الشريعة الإسلامية – وعند دراسة مشروع قانون حد الشرب يلاحظ أن الإثبات يكون بإقرار المجنى علية وشهادة رجلين مسلمين عاقلين ... ألخ ( المادة الخامسة ) - ومشروع قانون حد الردة يلاحظ أن تشترط المدة فيه فيما تشترط أن يكون الشاهد مسلماً * وبهذا أستبعد غير المسلم ( القبطى ) أن يكون مؤهلا للشهادة (6) . 

ومما يذكر أن الأقباط قدموا مذكرات ومقترحات رفعت من اللجنة المشكلة والممثلة من قبل الكنيسة القبطية فى لجان إعداد الدستور الدائم سنة 1971م وكانت هذه المقترحات يمكن أن تسمى بالتصور العام الدستورى والقانونى والسياسيى المطلوب لوحدة الشعب المصرى بعنصرية المسلمين والأقباط ويمكن إيجاز تصورات الكنيسة (7) فيما يلى :-

·                                علاقة الدين بالدولة وما يتدرج تحت هذا من قضايا حرية العقيدة الدينية وحريةممارسة الشعائر الدينية وتحقيق المشاركة السياسية وتطبيق مبدأ المساواة وتكافل الفرص بين المواطنين على إختلاف دياناتهم .

·                                حماية الأسرة والزواج المسيحى بما يستبعد أن تطبق على أحوالهم الشخصية هنا قوانين الشريعة الإسلامية .

·                               مطالبة الدولة للتصدى لما يعانية المسيحيون من تصرفات " الجماعات الإسلامية المتطرفة " ومن الدعاة الذين يسخرون بالمسيحية والمسيحيين متهمين إياهم بالكفر والشرك (8)  –

 

وفيما يلى ثلاث نماذج للمقترحات القبطية التى قدمت ولم يوافق عليها

 

النموذج الأول

1- فى سنة 1971م عند إعداد مشروع الدستور الدائم مثل الكنيسة القبطية فى اللجان المختلفة بمجلس الشعب خمسة أساقفة منهم الأنبا غريغوريوس أسقف الدراسات اللاهوتية العليا والثقافة القبطية والبحث العلمى إقترح : " ألا ينص الدستور على دين بالذات كدين للدولة تأكيداً لمبدأ تكافؤ الفرص لجميع المواطنين ومنعاً لسؤ إستغلال النص على دين بالذات كدين للدولة أو دين الأغلبية فيها ما دمنا نضع دستوراً دائماً للدولة العصرية فالدولة العصرية فى كل مكان لا يجب أن تجعل الدين أساساً للتفرقة بين المواطنين الذين تظللهم الدولة بعدلها منعاً من سؤ التطبيق فى كافة الميادين أو بعضها وتحقيقاً للحرية الحقيقية لكل مواطن .

2- أما بالنسبة إلى إقامة بيوت العبادة فقد قدم الأقباط إقتراحاً بتعديل المادة 34 من الدستور المؤقت 1964 يكفل حرية إقامة بيوت العبادة دون قيد للمواطنين وذلك حتى لا تقف تشريعات ضاربة فى القدم مثل الخط الهمايونى الذى يرجع تاريخ صدورة 1856م – أو الفرمان المؤرخ فى 14 ديسمبر سنة 1874م – أو شروط القربى باشا العشرة .

3-  أما فيما يتعلق بتمثيل الأقباط فى الإنتخابات فقد إقترحت إضافة للمادة التى تحدد طريقة تأليف مجلس الشعب ينص على تخصيص مقاعد للأقباط ( غير المسلمين ) بنسبة لا تقل عن 15% فى المائة من مجموع مجلس أعضاء الشعب .

4- وفيما يتعلق بالأحوال الشخصية كان الإقتراح المقدم للجنة إعداد الدستور هو أن يضاف إلى المادة السابقة للدستور المؤقت الصادر عام 1964م التى نصها " الأسرة أساس المجتمع قوامها الدين والأخلاق الوطنية "

 عدد من الإضافات التكميلية فى مقدمتها " أن تظل الزوجية وما ينشأ عليها من آثار خاضعة للشريعة فى عقد الزواج وفقاً لأحكامها ولو غير أحد الزوجين مذهبة أو ديانته أو ملته أثناء قيام الزوجية " (9) .

النموذج الثانى

صدر هذا الإقتراح فى  " قرارات مجمع الآباء الكهنة والمجلس المللى وممثلى الشعب القبطى بالإسكندرية فى المؤتمر المنعقد بالبطريركية بتاريخ 17 كانون الثانى / يناير 1977م (10) وقد ناقش المؤتمر العديد من القضايا التى تهم الأقباط وتمس حرية العقيدة وممارستها وتطبيق الشريعة الإسلامية على المسيحيين – ومبدأ تكافؤ الفرص وتمثيل المسيحيين فى الهيئات النيابية – والموقف من الجماعات الإسلامية المتطرفة وكان أهم النقاط الصادرة عن المجمع فى قراراتة هى :-

-- وعندما طرحت الشريعة الإسلامية فى المجال الشعبى بعد الترويج لها من قبل المجال السياسى ليس به المقصود منه مجرد الإسترشاد بقواعد وأحكام أصول الفقه الإسلامى , فقد سبق للمشرع المصرى أن أخذ منها كمصدر من مصادر القوانين الوضعية ولكن المسألة المطروحة هى " أن تؤخذ شريعة الإسلام برمتها مأخذ التطبيق جملة وتفصيلاً . ما دام الأمر كذلك فيترتب عليه حتماً إستبعاد الوطنيين والأقباط من تطبيق شريعة الإسلام عليهم (11)

-- إن بعض الجهات تجرى ضغوطاً على بسطاء القبط تحت ضغط الحاجة لتحويلهم عن عقيدتهم .. وكما ترفض الجهات الرسمية الإعتراف بإعتناق المسيحية ترفض بالمثل الإعتراف بعودة مسيحى إلى ديانته التى ولد فيها : فيحال بينه وبين إثبات الحال فى الوثائق والسجلات المدنية فضلاً عن الجزاءات التأديبية  (12) .

-- وعندما نتكلم عن تمثيل الأقباط فى الهيئات النيابية بلغ حد العدم بعد  ثورة يوليو وهو وضع غير طبيعى حيث يقدر عدد الأقباط فى مصر بين 7- 10 مليون (13) .

-- لم يبخل الأقباط فى العمل من أجل مصر شاركوا فى جميع الحروب التى خاضتها مصر ووقف الأقباط على قدم المساواة مع المسلمين فى أدآء الواجبات والعمل بأمانه من أجل تقدم مصر . ومع ذلك يتم تجاهل خدماتهم وتخطيهم فى سلك الوظائف العامة . وفى القطاع الحكومى الأمر الذى أدى إلى هجرة الكثير من الأقباط من ذوى الخبرة كما أن الغالبية العظمى من نوابغ الوطن علماً ومهارة تستفيد من خبراتهم دول عظمى وتفقدهم مصر بسبب سياسة خرقاء (14) .

-- وتكلم المجمع عن الإتجاهات الدينية المتطرفة ( الجماعات الإرهابية) وقال أن كل إنحراف عن شعار " الدين لله والوطن للجميع " فيه تعصب وخيانة للوطن والوطنية فضلاً عن أنه موقف تحركة جهات تسعى إلى إنشاء مراكز قوى مسيطرة داخل الدولة (15) .

-- أما أهم قرارات المجمع هى المطالبه بعدم قبول ما تنادى به التيارات الإسلامية المتطرفة من تطبيق الشرع الإسلامى على المسيحيين ومطالبة الجهات الحكومية بوقف هذا الإتجاه المتطرف وتشكيل لجنة رسمية للوحدة الوطنية لتقصى الحقائق فى الشكاوى المقدمة من الأفراد والهيئات المسيحية المختلفه بخصوص عدم المساواة فى التعنيات والترقيات فى الوظائف الحكومة والقطاع العام . وتدريس ما يتعلق بالمرحله المسيحية فى تاريخ مصر فى مراحل التعليم المختلفة ووضع حد الكتابات الإلحادية . والتى تعرض بالدين المسيحى وعقائدة (16) .

أسباب وأهداف مجمع الإسكندرية القبطى

n    إن السبب الرئيسى فى عقد هذا المؤتمر هو القلق الذى ساور جميع طبقات الشعب القبطى هو رجوعهم إلى العصور الوسطى وعهد الذمة والعبودية والعنصرية والإضطهاد الدينى الذى مارسه المسلمين عليهم قرون عديدة منذ إحتلالهم مصر وحتى الآن وأن تطبيق الشريعة لن يلبث لأن يأخذ طريقة إلى التنفيذ فى الوقت الذى تتعاظم فيه نشاط الجماعات الإسلامية الإرهابية وتقتل المسيحيين.

n    هذا الإجتماع يتعلق بمستقبل جماعة إجتماعية لها خصوصياتها طبقاً لما جاء فى الوثيقة : " الإيمان الراسخ بالكنيسة القبطية وتضحيات وشهدائها والأمانة الكاملة للوطن المفدى الذى يمثل الأقباط أقدم وأعرق سلالاته

حتى أنه لا يوجد شعب فى العالم له إرتباط بتراب أرضه وبقوميته مثل إرتباط القبط بمصر العزيزة " (17) .

n    كان مجمع الإسكندرية بمثابة جمعية تأسيسية , وبالرغم من أنه مجمع غير منتخب إلا أنه ضم جميع هيئات الإكليروس (الكهنه بدرجاتهم المختلفة ) وأعضاءالمجلس المللى وهم أعضاء منتخبون ويمثلون الشعب وأعضاء الجمعيات المختلفة والأراخنة , وممثلى قطاعات الشعب من هيئات تدريس وعاملين فى شتى المصالح الحكومية والقطاع العام والخاص والتجار وغيرهم .. ألخ ويمكن القول فى ثقة تامة أن قرارات التى توصل إليها هذا المجمع إنما تمثل صلب المشكلة التى تجاهلتها الحكومة طوال نصف قرن من الزمان كما أنها تعكس معاناه الأقباط فى وطنهم من جور الأغلبية عليهم وإضطهادهم فى العصر الحديث وأن ما كان يتناقله الأقباط همساً صار صراخاً ثم أصبح عويلاً .

n    إن النهضه التى تشهدها الكنيسة القبطية فى هذا العصر والتى أصبحت المتنفس الديمقراطى الوحيد للمصريين الأقباط والتى يمكن القول أنها على مستوى أعلى ديمقراطية فى العالم المتحضر أعطى ثقلاً للمطالب القبطية نتيجة لوجود عدد لا يحصى من المثقفين والمفكرين الأقباط تقلدوا المناصب الكنسية كما أنه قد سبق أن مهد له " مجمع كهنة الكنائس القبطية بالإسكندرية فى يومى 5 و 6 تموز – يوليو 1976م الذى أصدر بياناً طرح فيه القضايا موضع شكوى الأقباط ثم إزداد عندما إجتمع المجمع المقدس للكرازة المرقسية فى 26 آذار- مارس 1980 وقد عقد هذا المجمع بسبب إعتداء الجماعات الإسلامية التى شكلتها الحكومة والتابعة لها فى جامعة الإسكندرية على الطلبة والطالبات الأقباط بالجامعة المذكورة وتم بأن " كل عضو من أعضائه سوف يقدم تقريراً عن الحاله فى أبروشيته وسيدرس حاله الأقباط من كل ناحية ومدى ما يستطيع عمله من أجلهم , كما سيقوم المجمع بدراسة العديد من الأخبار والشكاوى المعروضه عليهم (18) "

النموذج الثالث

وقد قدم العلمانيين (19) رأيهم ومقترحاتهم وأفكارهم وتصورهم وقد قدم هذا التصورالأستاذ مريت بطرس غالى الوزير السابق , ورئيس جمعية الآثارالقبطية

 ففى كانون الثانى – يناير 1979 وضع تقرير رفعه للمسؤلين (20). وفى التقرير ذكر أن مظاهر التمييز ضد المسيحيين تنحصر فى نوعين من المشكلات :

قديم ينحصر فى العراقيل الإدارية لبناء الكنائس , وزيادة التفرقة فى الأحوال الشخصية .

جديد هو مشكلات الدعوة والتبشير والأوقاف القبطية  والتعليم  والوظائف

ويتخلص التقرير الوضع الذى آلت إليه العلاقة بين الجماعتين الإسلام والمسيحية عام1979م فيما يأتى :-

كان الأمل أن تختفى بقايا التمييز ضد المسيحيين بعد ثورة 1919م غير ان مظاهر التمييز بدأت مع ثورة 1952م وقويت بعد صدور القوانين الإشتراكية (21) وزاد وإشتد فى السنوات الأخيرة نتيجة لتدبير اجنبى حتى بدا أشبه بحمله مدبرة ضد المسيحيين والمسلمين فى  مصر وكل هذا يشير إلى أن ثمة مخطط تحركة قوى أجنبية لإثارة فتنة طائفية فى البلاد (22)

وكان من الواضح أن هناك تناقضاً فى المبادئ الدستورية وقوانينه فالتمييز كان مؤكداً فى أن قوانين الدولة والتعليمات الإدارية والقرارات المكتبية فى تطبيق الشريعة الإسلامية تتعارض مع المبدأ الدستورى الذى يقرٌ بالمساواه أمام القانون (23) ونشأ عن هذا التناقض تمييز فى الحقوق , كما بدأ تفرقه فى المعاملة وعومل الأقباط كمواطنين من الدرجة الثانية .

وظهر فى الأفق تناقضاً لم يكن فى إعتبار المشرع المسلم عندما وضع الشريعة الإسلامية كمصدر رئيسى للتشريع – فقد إرتبطت حكومة مصر بإنضمامها إلى الإعلان العالمى لحقوق الإنسان , والإتفاق الدولى للحقوق المدنية والسياسية وغيرهما من الإتفاقات .(24)

ويمكننا أن نستخلص هموم الشعب القبطى فيما يلى :-

أن المسلمين والأقباط يرتبطون بقيم مشتركة وثقافة مشتركة ومصالح مشتركة وأن إيجاد الحلول البديلة ليس أمراً مستحيلاً (25).

أن المادة الثانية من الدستور التى تقول " الإسلام دين الدولة " لم يأتى بشئ جديد لأنه دين الأغلبية المسلمة ولكن وجود هذا النص بالدستور إنما يعنى إتجاه الدولة إتجاهاً دينياً غير مأمون العواقب على كلاً من المدى القريب والبعيد

 فهناك آراء عقيدية أدخلت على الشريعة الإسلامية فى أزمان وحقبات ومواقف مختلفة عن ما تعيشة الدولة الآن ومن وجهه نظر اخرى قد يدفع بأحد المتعصبين إذا وصل إلى قمة السلطة أن يدفع بالبلاد للإضطهاد العلنى مما سيكون سبباً للتدخل الأجنبى كما أنه ألغى تواجد ملايين من الأقباط ليسوا مسلمين وقد عارضوا فعلاً تطبيق هذه الشريعة , كما أن وجود هذا النص سوف يتخذ بلا شك كذريعة لتكريس الإضطهاد والتمييز ضد الأقلية المسيحية (26)

إن الإعلام المصرى ظل يحارب المسيحية من خلال الشاشات المرئية كالتلفزيون والمسلسلات التلفزيونية والإذاعة وميكرفونات أكثر من 100000جامع وشرائط الكاسيت فى الأتوبيسات وسيارات الأجرة والمحلات العامة والقهاوى وكتب الكتاب كتباً تدعوا المسلمين من التخلص من الكفرة الأقباط وظل هذا الإعلام الهادف يهاجم المسيحية بشراسة سنين عديدة بغير توقف حتى الآن فأنشأ أجيالاً تسممت بالتعصب الأعمى ويصعب الآن علاج أمراض الدستور الذى ينتج كل يوم قوانيناً تزيد الفرقة والتباعد بين عنصرى الأمة .

ولم تجد الكنيسة القبطية فى سنة 1979م مفراً إلا أن تتخذ موقفاً ثابتاً وحازماً فى قضيتين هما

أولاً  : قضية الدستور المراد تعديلة  طالبت الكنيسة بضمانات محددة للأقباط بأن تضاف إلى المادة الثانية المعدلة للدستور والتى تقول " دين الدولة الإسلام والشريعة الإسلامية مصدر أساسى للتشريع " - عبارة هى " بما لا يتعارض مع شرائع الأقباط "(27) وقد إنضمت جميع الطوائف المسيحية فى مصر مع الكنيسة القبطية الذى يكون " المجلس الأعلى للكنائس" فى مصر ويضم رؤساء كنائس المصرية الأرثوذكسية والإنجيلية واللاتين والموارنة والأرمن ..ألخ  وفى ذات الوقت أعلنت الكنيسة القبطية أن من حق الأقباط أن يطمئنوا على وضعهم بنصوص صريحة فى الدستور تتماشى مع مبادئ حقوق الإنسان العالمية التى تضع حدود أدنى لمعاملة الإنسان الحضارية (28)

ثانياً : مشروع قانون الردة  قدم المجمع المقدس للمسؤولين مذكرة عقب إرسال مشروع قانون الردة إلى مجلس الشعب فقد حدد المجمع الذى إنعقد فى 17/1/1977م فى الإسكندرية وهو أول مؤتمر دينى مسيحى فى تاريخ مصر الحديث ( لم يحدث مثلة منذ 66 عاماً )

بحث المؤتمر عدة موضوعات منها :-

(1) حرية العبادة   .                         (2) حرية ممارسة الشعائرالدينية .

(3) حمايةالأسرة والزواج المسيحى.     (4) المساواة وتكافؤ الفرص .

(5) تمثيل المسيحيين فى الهيئات النيابية (6) الوقوف ضد التطرف .

(7) حرية الفكر نشر التراث القبطى .

(8) إلغاء مشروع قانون الردة والعدول عن التفكير فى تطبيق قوانين مستمدة                 من الشريعة الإسلامية على غير المسلمين .

(9) إلغاء قوانين الحقانية التى تفيد حق بناء الكنائس ( أى إلغاء البنود العشرة)

(10) إستبعاد الطائفية فى تولى وظائف الدولة على كافةالمستويات .

وفى النهاية قرر المؤتمر بالإجماع أن تصوم الكنيسة صوماً إنقطاعى فى الفترة من 31 يناير إلى 2 فبراير 1977م – فصام أقباط مصر جميعاً الـذين يقدر عددهم أكثر من عشرة مليون نسمة وذهبوا إلى الكنائس للصلاة حتى يزيح إلههم غمة فرض قانون الردة بمصر – أما إخوتهم الأقباط  المهاجرين فى أمريكا تألموا لصراخ إخوتهم فسمعوا أنينهم الخافت القادم إليهم عبر آلاف من الأميال فأعلنوا غضبهم على هذا الظلم الصارخ والذى شق عنان السماء صاعداً كالبخور رائحة إنسحاق ذكية أمام الرب  فقاموا بالمظاهرات أمام البيت الأبيض ونشروا العديد من المقالات فى الصحف والإذاعة والتلفزيون وتحرك أقباط إستراليا وكندا ولكن كانت إستراليا أكثر تحركاً فقد أصدروا كتاباً به كل ما صدر فى مصر من مقالات فى الجرائد الحكومية والشبة حكومية ضد مشروع قانون الردة فى مصر

وعندما بدأت الدولة تتراجع نتيجة للضغط العالمى وتحت ضغط العصابات الإسلامية الإجرامية وتغلغلها داخل الأزهر والذى أفرز الشيخ عبد الرحمن زعيم عصابة الجهاد الإسلامى المسجون فى الولايات المتحدة الأمريكية وكان أئمة المساجد الكبار مثل الشيخ المحلاوى والشيخ عبد الحميد كشك راحوا يهاجمون السادات ونظامه لصلحه مع العدو اليهودى الذى هو من وجهه نظرهم عدو الله وذلك بإستخدام منابر الجوامع والميكروفونات المركبه على عدة شوارع حول الجوامع وفى الميادين العامة ودعا هؤلاء آلاف الشبان للصلاه فى الميادين العامة كنوع من الإحتجاج وقامت الجماعات الإسلامية تفرض نفوذها على بعض الجوامع والشوارع وذهبت إلى عدم الإختلاط فى الجامعات وتحرم الموسيقى وذهبت إلى حد إجبار الطلبة على حفظ القرآن وزيارة المقابر وإنشقت عدة جماعات دينية عن الإخوان ولم تعد تحتاج إلى رعاية الإخوان أو نظام السادات وكانوا دائما فى لقائات مستمرة لدراسة القرآن بالرغم من إختلاف أفكارهما فى هذه الأجواء الملبدة بالغيوم قام شيخ الأزهر الراحل د/ عبد الحليم محمود بالدعوة إلى مؤتمر الهيئات والجماعات الإسلامية عقد فى تموز / يوليو 1977م وجاء فى توصياته

·       أن كل تشريع أو حكم مخالف لما جاء به الإسلام باطل . ويجب على المسلمين ردًه والإحتكام إلى شريعة الله التى لا يتحقق إيمانهم إلا بالإحتكام إليها.

·       الأمربتطبيق الشريعة الإسلامية فليس لأحد أن يبدى رأياً فى وجوب ذلك ولا تقبل مشورة بالتمهل أوالتدرج . وأن التسويف فى إقرار القوانين الإسلامية معصية لله ورسوله وإتباع لغير سبيل المؤمنين.

·       ناشد المؤتمر رئيس الجمهورية أن يسرع بتطبيق وتنفيذ ما صرح به عن عزمه على تطهير أجهزه الدوله من الملحدين غالى شكرى (29). وقامت قيادات الإخوان المسلمين بالتعاون مع أمراء العصابات الإسلامية المنتشرة فى طول البلاد وعرضها بحملة دعائية شرسة ضد الأقباط وعلى رأسهم البابا شنودة الثالث تحملهم مسئولية على إعتراضهم على تنفيذ الحكم بالقرآن والسنة لتقنع العامه والبسطاء أن الأقباط ضد تطبيق الشريعة  وصاحبت هذه الحملة الدعائية حمله إرهابيه بقتل الأقباط العاملين فى التجارة والأعمال الحره بهدف إرهابهم وإسكاتهم وقاموا أيضاً فى هذه الفتره بخطف البنات القبطيات والإعتداء عليهم جنسياً لدفعهم للإسلام بقوة الإغتصاب والإرهاب

وأعلنت الجماعه الإسلامية " الجهاد " أول هجوم على المسيحيين وأطلقوا عليهم الكفار المشركين وقبض من أعضائه فى أكتوبر 1979 ويناير 1980 إتهموا جميعا بالقيام بنشاط تخريبى ضد الكنائس القبطية , ومما يذكر أن الصحف المصرية ذكرت فى ذلك الوقت " أن ليبيا وراء تمويل هذا التنظيم !" وسقط تنظيم آخر عرف بإسم " جماعة السماوى" وذلك لأن إسم مؤسسها وزعيمها طه أحمد السماوى وقد قبض على السماوى وتنظيمه أثناء إحراق مسجد السيد البدوى بطنطا بعد أن نجحوا فى الإضرار بعدد من المساجد والأضرحة المشابهه وكانت عقيدتهم تقوم على أن التبرك بالأولياء والتمسح فى قبورهم نوع من الكفر ) وقبض على تنظيمات أخرى سرية عديدة بعد إغتيال السادات منها : تنظيم " حلمى عبد المغيث" الطبيب البيطرى وقد كان الساعد الأيمن لشكرى مصطفى ( زعيم تنظيم التكفير والهجرة الذى فضل العزله عن المجتمع والهجرة ) وقبض على جماعة أخرى هى " جماعة الأمر بالمعروف

 والنهى عن المنكر " الذى قبض على عشرين من أعضائه بتهمه التحريض وإثارة الفتنة وقد تم القبض على 20 من أعضائه فى سبتمبر 1981

ولكن إلتزمت الكنيسة القبطية بموقفها من قانون الردة وأصبح الطريق ممهد لصراع خطير ووقائع إجرامية يهاجم فيها المسلمين الأقباط تحدث كل يوم هنا وهناك .

إلا أنه لأول مرة فى تاريخ مصر وتاريخ العلاقات بين المسلمين والأقباط يطلق على الأقباط مصطلح ( الأقــــــــلـيـة) والتى حاول الأقباط على مدى قرون من الأحتلال العربى الإسلامى أن يقنعوا أنفسهم بعداله العرب المسلمين بل تطوع كبرائهم بالدفاع عنهم فى المحافل الدولية المختلفة ومما يذكر ان مكرم عبيد رفض فى عصبه الأم المتحدة أن تدعوا مصر لتوقيع معاهدة حماية الأقلية ورفض أن يسمى الأقباط أقلية – وكان هذا خطأ إستراتيجى مميت عانت منه أجيال من الأقباط حتى وقتنا الحاضر .

ولم يكن مكرم عبيد هو الوحيد الذى كان له هذا الفكر بدعوى أنها ضد مصر وضد التدخل الأجنبى واضعاً فى إعتباره المناخ الأخوى الذى كان يسود فى عصره ولكنه لم يقرأ أوراق التاريخ القديمة التى تحكى للأسف مأساه الشعب القبطى بكامله الذى عصف به الحكم الإسلامى وأذلهم تحت قوانين الشريعة الإسلامية ومما يذكر أيضاً فى دستور 1923م أهمل إستخدام مصطلح بتسميتهم " أقلية " ورفض الأقباط الحصول على ضمانات خاصة لحقوقهم كجماعة متميزة كما رفضوا أيضاً تواجد الجيش البريطانى فى مصر لحمايتهم من الإخوان المسلمين 0

وأخذ يهاجم البابا شنودة دون أن يذكر اسمه، فقالت له إحدي الحاضرات: يا سيادة الرئيس، إذا كنت عملت مبادرة مع إسرائيل، ماتقدرش تعمل مبادرة مع الكنيسة؟
فقال لها: «أنا بحب الأقباط والأقباط بيحبوني، إنما أنا ضد راجل واحد فيهم».

 ----------------------------------------

المــــــــراجع

(1) قصة بداية ونهاية السادات محمد حسنسن هيكل ص 268

(2) الجماعات الإسلامية والأحزاب السياسية – الأحرار مصطفى كامل مراد 12/ 8/ 1985 ص 272

(3) الجماعات الإسلامية والأحزاب السياسية – الأحرار مصطفى كامل مراد 12/ 8/ 1985 – ص 618

(4) مقال بجريدة الدعوى الجريدة الخاصة بالإخوان المسلمين مارس 1981 ص 28- 29 د. مصطفى كامل وصفى نحو تطبيق الشريعة الإسلامية

(5) راجع مجلة " الدعوة" مايو , ويونيو , وديسمبر 1979 , وأغسطس 1981

(6) نبيل عبد الفتاح " كتاب المصحف والسيف "

(7) الأنبا غريغوريوس الكنيسة والدولة والشرق الأوسط – ج6 ص 26

(8) الأقباط القومية العربية - أبو سيف يوسف ص 169  

 (9) الأنبا غريغوريوس الكنيسة والدولة والشرق الأوسط – ج6 ص 278

(10) قرارات مجمع الآباء الكهنة والمجلس المللى وممثلى الشعب القبطى بالإسكندرية فى المؤتمر المنعقد بالبطريركية بتاريخ 17 يناير 1977م –راجع النصوص بالكامل فى كتاب " المصحف والسيف ص 216 –227

(11) قرارات مجمع الآباء الكهنة والمجلس المللى وممثلى الشعب القبطى بالإسكندرية فى المؤتمر المنعقد بالبطريركية بتاريخ 17 يناير 1977م –راجع النصوص بالكامل فى كتاب " المصحف والسيف ص 220

(12) المصدرالسابق ص 217

(13) المصدرالسابق ص 224

 (14) قرارات مجمع الآباء الكهنة والمجلس المللى وممثلى الشعب القبطى بالإسكندرية فى المؤتمر المنعقد بالبطريركية بتاريخ 17 يناير 1977م –راجع النصوص بالكامل فى كتاب " المصحف والسيف  ص 223-224

(15) المصدرالسابق ص 224- 225

(16) المصدرالسابق ص 226

رارا (17) قرارات مجمع الآباء الكهنة والمجلس المللى وممثلى الشعب القبطى بالإسكندرية فى المؤتمر المنعقد بالبطريركية بتاريخ 17 يناير 1977م –راجع النصوص بالكامل فى كتاب " المصحف والسيف  ص 226

( )   (18) إجتماع المجمع المقدس للكرازة المرقسية – مجلةالكرازة ( 28 آذار – مارس 1980 ) ص1

 (3)  ا(19) العلمانيين هم شخصيات بارزة مشهورة بأعمال لها وضع فى التاريخ المصرى

(20) مريت بطرس غالى – الأقباط فى مصر تقرير مرفوع للمسؤلين فى الدولة وأحبائى من المسلمين لعميم أواصر المحبة والتعاون والوحدة الوطنية على أساس من الواقع العملى – القاهرة 1979 – مطبوع على الرونيو

(21) المصدر السابق ص3 و33   

(22) المصدر السابق ص40-43

(23)    الصدر السابق ص1و 4-5

(24)  المصدر السابق ص5

(25)  المصدر السابق ص2 

 (26) مريت بطرس غالى – الأقباط فى مصر تقرير مرفوع للمسؤلين فى الدولة وأحبائى من المسلمين لعميم أواصر المحبة والتعاون والوحدة الوطنية على أساس من الواقع العملى  القاهرة 1979 – مطبوع على الرونيو ص42

(27) مجلة الكرازة – 16 كانون الثانى/ يناير 1979 – ص 3 

(28) مقالة ( فى ظل الحوار السياسى القائم الآن ) – وضع الأقباط فى تغيير الدستور وفى ظل حقوق الإنسان والوحدة الوطنية – مجلة الكرازة 10 آب / أغسطس ص1 

 (29) الثورة المضادة فى مصر – بيروت دار الطليعة للنشر 1978 ص 315-316

This site was last updated 11/08/11