واحة أم الصغير
تعيش واحة أم الصغير (1) علي اربعة ساعات كهرباء في الليل يوفرها لهم محرك ديزل ومدرسة صغيرة بها اربع مدرسين وسيارة وحيدة متهالكه يمتلكها احد أهالي الواحة تجئ لهم كل فترة ببعض المؤن من زيت وشاي وسكر وأكياس البسكويت الرخيض الردئ الذي يقدمونه للضيوف كأفضل إكرام مع الشاي. اهل الواحة لايزيدون منذ مائتي عام عن400 نسمة يعيشون في واحتهم منعزلين علي الدنيا وما فيها.
وتبعد واحة أم صغير عن واحة سيوة من 4 - 6 ساعات بالعربة لنزور شيخ الواحة حسن خليفة ولد سنة 1921م ـ يقول الصحفيين وزوار القرية من رجال الأعلام سخروا منا بما حكي لنا عن استقباله لبعثة صحفية منذ سنوات ولفت انتباهه تعمد المصور فيها إلتقاط الصور السيئة لاطفال الواحة. وقد إقترح اللواء مختار قنديل رئيس جهاز التعيمر الاسبق الذي قرر نقلهم الي سيوة وبناء قرية لهم ليكونوا وسط العمران؟ وقد رفض أهل الواحة حتى لا يتركوا أحد الأولياء وقال : ونسيب سيدي ياجا.. ومن هو سيدي ياجا؟
قال الشيخ حسن خليفة: هو احد الأولياء الصالحين لانعرف اصلا له ولا من أين أتي ولم يذكر لي أبي أو جدي شيئا اكثر من ذلك وضريحه في بناء بسيط في الجهة الغربية0 من البلدة ا لقديمة التي هجرها اهلها بعد ان اصابها شتاء وابل في احد الاعوام وكان آخر ساكن يتركها عام1985, وكانت مقامة فوق جبل ولها بوابة كبيرة تغلق قبل صلاة المغرب ويقف خلفها حارس ليلي توارث هذه المهنة أبا عن جد واخرهم محمد علي محمد. وكان بها مسجد واحد لاتزيد مساحته علي50 مترا. أما بيوت الواحه الآن فتتناثر علي مساحة تتعدي خمسة افدنة وهي خمسة اضعاف المدينة القديمة.
ولا توجد بها أي محلات للحرف والمهن المتعارف عليها في المدن الاخري كالنجار والحداد والسمكري وغيرها. فكل شئ بسيط وإن قضت الحاجة فان سيارة المحافظة او سيارة الواحة تستقدم ما يبتغون من مدينة مطروح. وعدد الاطفال أكثر من خمسين طفلا وتزيد اعداد البنات عنهم35 طفلة
شيخ الواحة يقول الشيخ حسن خليفة: زمان كان الشباب اكثر عددا من البنات فكنا ا نزوجهم من بنات سيوة والتي ينحدرون مثلهم من اصول واحدة ويتكلمون مثلهم اللغة السيوية البربرية, أما الآن فالبنات هي ونصيبها.ونرحب بالغرباء ليتزوجوا من بناتنا. والغريب الوحيد المقيم بيننا جاء من محافظة البحيرة منذ7 سنوات بعد ان تعرف باحدي ابناء الواحة في الحج وتزوج واحدة من بناته بعد زيارته للواحة وأنجب منها ـ وقام باستصلاح فدان ويعيش بيننا الآن.
أما عن حالات تعدد الزوجات فأجاب: قليلة, وأضاف أنا أحدهم تزوجت الأولي عام1943( في عز الحرب وما شغلتش بالي, والثانية عام1965 وأصغر ابنائي بنت عمرها الآن9 أشهر
أحدى عشر عينا رومانية حفرت منذ 1600سنة
ويعتمد اقتصاد الواحة علي البلح والزيتون فقط لايعرفون غيرها من الزراعات رغم ان لديهم15 عين مياه منها11 عين رومانية وبئران عميقتان احدهما يبعد عن الواحة بـ40 كيلو مترا وتصريفه حوالي500 متر مكعب في الساعة كانت الشركة العامة للبترول قد حفرته عام1976 اثناء تنقيبها عن البترول. وفي عام94 قام جهاز تعمير الساحل الشمالي الغربي وسيوة بالسيطرة علي البئر والتحكم في تصريفه والاكتفاء بعمل مخرج2 بوصة وتمت دراسة مساحة2000 فدان حول البئر تمهيدا لاستغلال البئر وطرحها للاستثمار أما عين فارس والتي تقع علي بعد4 كيلو متر فقط غرب الواحة فان تعريفه لايقل عن300 متر في الساعة بعد ان قام جهاز التعمير بالتحكم فيه وحوله آلاف الافدنة الصالحة للزراعة علي هذه المياه العذبة وايضا يمكن استغلال سياحيا حيث تتدفق المياه في درجات حرارة لاتقل عن50 درجة لدرجة ان البخار يري بالعين المجردة. ورغم كل ذلك فالمساحة الزراعية التي يعيش علي انتاجها اهالي الواحة لاتزيد علي100 فدان.
تنتج البلح الذي لايزيد سعره علي125 قرش للكيلو في حين ان مثيله في سيوه يزيد علي250 قرش والزيتون سعر الصاع(2,5 كيلو) لايتجاوز2 جنيه, في حين ان للكيلو في سيوه يباع بنفس القيمة2 جنيه والسبب بعد المسافة وتصاريح الدخول وبسببها لايرغب اي مستورد أو تاجر في ارباك نفسه بها في حين ان الدخول والخروج من سيوة لايستلزم اي اجراءات والمسافة اليها من مطروح لاتزيد عن الجارة سوي50 كيلو فضلا عن ان الطريق الي الواجة من منعطف طريق سيوه مطروح من عند بير النص لم يرصف الا من سنوات قليلة, يقول عمر مشهور ان ارسال التلفزيون لايصل اليهم ولذلك فهم لايعرفون التليفزيون. والأغرب ان الخطوط التليفونية التي كانت تربط الواحة بالعالم منذ عام1909 قطعها الانجليز عام1942 لظروف الحرب العالمية الثانية ومنذ ذلك الحين كما يقول الشيخ حسن لاتعرف الواحة اي اتصال مع العالم الخارجي ولا توجد خدمات صحية رغم وجود وحدة صحية ولكنها بسيطة وفقيرة ولا يوجد بها اطباء او ممرضين سوي احد ابناء الواحة الذي تدرب لفترة علي التمريض كل عمله هواعطاء الحقن ـ إن وجدت ـ وعلي أي مريض من ابناء الواحة السفر لأكثر من300 كيلو متر الي مطروح
وعن العدد الذي لا يزيد علي400 فرد منذ مائتي عام قال الشيخ مهدي: يرتبط ذلك بأسطورة الحاج المغربي, وإن كنا لا ندري صحيح أم لا, تقول الحكاية: إن بعض الحجاج ـ وكانت الجارة تقع في طريق الحج ـ احتاجوا لبعض الزاد, وكان الوقت ليلا فاقتربوا من أسوار البلدة القديمة فظن أهلها أنهم غزاة وهاجموهم وأطلقوا عليهم الصغار, فدعا أحد الحجاج القافلة بانقطاع النسك.
ويضيف أبو سيف قاسم: تذكر لنا حكايات الكبار والمسنين أن حراس البلدة كانوا400 رجل بالسلاح يكونون جيش الواحة لصد الغزوات والإغارات التي لم تكن تنقطع, ومعني ذلك أن البلد كان يزيد تعدادها علي ألفي نسمة علي الأقل, لكن منذ أكثر من300 عام صارت الأعداد لا تزيد ولا تقل عن الرقم الأخير.
وأضاف الشيخ حسن أن الرئيس مبارك منذ أن التقاه عام1996 في زيارته إلي سيوة يرسل إليهم بعض المعونات من الملابس والأغذية.
==============
المــــــــــــــــراجع
(1) جريدة الأهرام 26/9/2006 م السنة 131 العدد 43758