بطليموس الرابع ( ابن الثالث ) " ابيفانس " 205 أو 203 ق. م - إلى 181 ق ، م
المصرى اليوم - بقلم الأنبا إرميا ٢٣/ ٦/ ٢٠١٣
كان «بطليموس الرابع» هو الابن الأكبر لـ«بطليموس الثالث»، ويذكر المؤرخون عنه أنه قاد البلاد إلى الهاوية. ومع نهاية حكمه وصلت البلاد إلى درجة تدهور مخزية. فقد كان هو بداية لسلسلة من الملوك المستبدين القساة. فقد كان الحكم فعلياً لوزيره الطاغية «سوسيبيوس» الذى ترك للملك الأموال الطائلة للصرف فى المسرات حتى ينشغل عن الحكم. وقد اهتم الملك بنفسه وبالاستمتاع بأمور الحياة مهملاً أمور مِصر وأحوالها، فابتعد عن أمور الدولة وشؤونها، وكان لا يقابل موظفى ديوانه إلا نادرًا، ولا يعلم شيئًا عن حكم البلاد أو موظفيها أو جيشها.
وكان بدأ فى عصره، الذى استمر ١٧ عامًا من الضعف والانحلال فى مِصر، فقد كان «بطليموس الرابع» صبيًا، فصار الحكم فعليًا والنفوذ والسلطة إلى وزيره الطاغية «سوسيبيوس». وقد ترك الملك حكم مِصر مهتمًا بنفسه والاستمتاع بأمور الحياة مهملاً أمور مِصر وأحوالها، وقد حرص الوزير على إبعاد الملك عن كل من يحاول نصحه وإرشاده من أهل المعرفة حتى لا يكتشف حقيقة استبداده وفساده فى الحكم. بل إنه زاد على ذلك بأنه صوّر له أن كل إنسان يريد التخلص منه وقتله، وقد صدقه الملك، حتى إنه كلما ارتاب فى شخص ما أمر بقتله، ثم بدأت الفتن وإراقة الدماء فى البلاد
كذلك حرِص الوزير على إبعاد الملك عن كل ناصحيه الأمناء من أهل المعرفة، حتى لا يكتشف حقيقة الأمور واستبداده وفساده فى الحكم. بل إنه زاد على ذٰلك بأنه زرع الشكوك فى قلب الملك فى كل من حوله، حتى إنه كلما ارتاب فى شخص ما أمر بقتله. وقد تعددت ضحاياه بسبب وزيره، ومنهم «ليزيماكوس» عمه الذى قُتل على يده، ثم أخوه «ماجاس»، وأمه «برنيكى»، وأيضًا «كليومنيس» ملك إسبرطة الذى لجأ إلى أبيه «بطليموس» الثالث، وأخيرًا زوجته «أرسنوى الثالثة» التى قُتلت بعد موته بمشاركة هذا الوزير. وفى عصره بدأت الفتن وإراقة الدماء فى البلاد.
لجأ «كليومنيس» ملك إسبرطة إلى «بطليموس الثالث» ليرد إليه إرثه عن أبيه والذى استولى عليه ملك مقدونيا. ولكن مات «بطليموس الثالث» دون أن يُنفذ عهده له، فطلب إلى «بطليموس الرابع» إعانته، ولكن «بطليموس» رفض أن يُعِينه خوفًا من الضرر الذى قد يعود على مصر. غضب ملك إسبرطة، واستغل الوزير سوسيبيوس هذا الأمر ووشى بملك إسبرطة متهمًا إياه بإثارة الفتنة فى البلاد، وبتهديده بعمل ثورة فى الجيش، من خلال الجنود المرتزقة إذا لم يساعدوه على استعادة ملكه. فأمر الملك باعتقاله، وأقام الحرس عليه فى بيت عظيم. غضب ملك إسبرطة، وتحيَّن الفرصة فجمع أتباعه وهرب مناديًا فى شوارع الإسكندرية بالثورة والعصيان على «بطليموس»، فلم يهتم أحد. فاتجه إلى قلعة الإسكندرية لإخراج من بها لمساندته، ولكنْ هزمه جنود القلعة ومات. وحينما علِم بطليموس، أمر بصلبه ميتًا وذبْح زوجته تحته.
أيضًا قام ملك سوريا لقتاله لاستعادتها من مِصر، فسار إلى أنطاكية واستولى عليها، ثم اتجه إلى الشام. وبعد محاولات وخيانة لـ«بطليموس» سُلِّمت مدينتا فينيقيا وسوريا الجوفاء إلى ملك سوريا. وحينما علِم بطليموس، أعد الجيش وأرسله لاستعادة ما فُقد، ولكنه هُزم شر هزيمة. فقام بطليموس ووزيره بخداع ملك سوريا بعمل معاهدة أربعة شهور، خلالها درَّب الجيوش استعدادًا للحرب، حيث قرر البطالمة ـ أول مرة ـ ضم المصريين إلى الجيش وتدريبهم. وبفضل أبناء مصر انتصر «بطليموس» فى الحرب فى مدينة رفح انتصارًا ساحقًا. وكانت هذه هى بداية ظهور المشاعر الوطنية المصرية أمام الإغريق. وبدأت الثورات الوطنية والاضطرابات تندلع فى البلاد من عهد «بطليموس الرابع» وفى العهود التالية كافة، بدءًا من الوجه البحرى وحتى الوجه القبلى وصعيد مصر.
ففى معركة رفح قاد «بطليموس الرابع» الجيش، واصطحبته فى الحرب أخته وزوجته «أرسنوى الثالثة» التى أصرت على أن تكون بجواره وقت الشدة. وبانتصار الجيش المصرى بأبنائه المصريين فى رفح، اضطُر ملك الشام إلى عقد معاهدة مع مِصر. وفى هذه الحرب وصل «بطليموس» إلى يافا، ثم القدس ورغب فى أن يشاهد ما فى الهيكل اليهودى والدخول إلى قدس الأقداس، فثارت المدينة كلها عليه. ويُقال إن الملك غضب على اليهود، حتى إنه أمر بقتل كل اليهود بالإسكندرية فتم القضاء عليهم إلا من استطاع الاختفاء.
وعندما عاد بطليموس الرابع إلى مِصر بعد معركة رفح، عاد إلى حياة اللهو والعبث فضعف ومات.
بطليموس الرابع ( ابن الثالث ) " ابيفانس " 205 أو 203 ق. م - إلى 181 ق م
نص المكابين الثالث
انتصار بطليموس الرابع
وردتن اخبار إلى فيلوباتور أن أنطيوخس استولى على البلاد التي كانت له ، أعطى أوامره إلى جميع المشاة والخيّالة من جيشه، وأخذ معه أخته ارسنوي ، وزحف إلى مناطق رافيا حيث خيّم أنطيوخس وجيشه. ولكن كان هناك مؤامرة من تيودوتس ضد بطليموس فأخذ معه أشجع رجال الجيش من الذين جعلهم بطليموس بإمرته ، ومضى ليلاً إلى خيمة بطليموس بعد أن نوى على قتله بيده ، حتى تنتهى الحرب. ولكن أدرك دوسيتاوُس، ابن دريميلوس، الذي ولد يهوديا المولد ثم أنكر ديانته وتخلّى عن معتقدات آبائه ، أخبر بطليموس بالمؤامرة وأشار عليه بوضع مكانه شخصًا آخر في خيمته ، فقتل له بدلاً من بطليموس. ثم قام معركةٌ شرسة. وإذ سيطر رجال أنطيوخس على الجيش ، مرّت ارسينوي في الصفوف ، بشعرها المبعثر، وتوسّلت باكية، وطلبت من الجنود أن يستعيدوا قواهم ويحاربوا، لا من أجل نفوسهم وحسب، بل من أجل نسائهم وأولادهم. ووعدت بأن تعطي كل واحد منهم، وزنتين من ذهب، إن انتصروا. وهزم العدو في المعركة. ووقع في الأسر عددٌ كبير منهم.