Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم المؤرخ / عزت اندراوس

تفسير / شرح إنجيل يوحنا الإصحاح الرابع عشر (يو 14: 15- 31)

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
تفسير يوحنا ص1 1: 1-18
فسير إنجيل يوحنا ص 1: 19- 51)
تفسير إنجيل يوحنا ص 2
تفسير إنجيل يوحنا ص 3
تفسير إنجيل يوحنا ص4
تفسير إنجيل يوحنا ص5
تفسير إنجيل يوحنا ص6:1- 40
تفسير إنجيل يوحنا ص6: 41- 71
تفسير إنجيل يوحنا ص 7: 1- 24
تفسير إنجيل يوحناص7: 25- 53
تفسير إنجيل يوحنا ص 8: 1- 20
تفسير إنجيل يوحنا ص 8: 21 37
تفسير إنجيل يوحنا ص 8: 38- 59
تفسير إنجيل يوحنا ص9: 1- 23
تفسير إنجيل يوحنا ص9: 24-41
تفسير إنجيل يوحنا ص 10: 1- 21
تفسير إنجيل يوحنا ص 10: 22- 42
تفسير إنجيل يوحنا ص11: 1-32
تفسير إنجيل يوحنا ص11: 33- 57
تفسير إنجيل يوحنا ص 12: 1- 26
تفسير إنجيل يوحنا ص 12: 27- 50
تفسير إنجيل يوحنا ص13: 1- 17
تفسير إنجيل يوحنا ص13: 18- 38
تفسير إنجيل يوحنا ص14: 1-14
تفسير إنجيل يوحنا ص14: 15- 31
تفسير إنجيل يوحنا ص15: 1- 17
تفسير إنجيل يوحنا ص15: 18- 27
تفسير إنجيل يوحنا ص 16: 1- 15
تفسير إنجيل يوحنا ص 16: 16- 33)
تفسير إنجيل يوحنا ص 17: 1- 16-
تفسير إنجيل يوحنا ص17:  17- 26
تفسير إنجيل يوحنا ص18: 1-18
تفسير إنجيل يوحنا ص18: 19- 40
تفسير إنجيل يوحنا ص 19
Untitled 8429
تفسير إنجيل يوحنا ص20
Untitled 8430
تفسير إنجيل يوحنا ص 21
Untitled 8415
ت
Untitled 8528

تفسير يوحنا الإصحاح  السابع عشر - فى مجمل الأناجيل الأربعة: الفصل25
 تفسير إنجيل يوحنا الإصحاح الرابع عشر
4. المعزي الآخر (يوحنا 14:  15- 17)
5. ظهوره لهم (يوحنا 14:  18- 24)
6. المعزي المعلم (يوحنا 14:  25- 26)
7. فرح المسيح برحيله (يوحنا 14:  27- 31)
  كتب الأب متى المسكين فى شرح إنجيل يوحنا / [ ترتيب الآيات : في الآية (يو 14: 12) وضع المسيح الإيمان كأساس، ثم بنى فوقه في الآية (يو 14: 15) برج المحبة، بارتفاع الوصايا؛ وعلى القمة, كتاج، يستقر الروح القدس ككشاف يضىء إلى أقص حدود النواحي البعيدة، إلى الأبد!
‏أما الإيمان, فالمسيح جعل طبيعته تُختبر بالأعمال والأسئلة الفائقة عن الحب حينما تُستجاب! (اقرأ الأعداد12-14). أما المحبة, فجعل المسيح طبيعتها تُختبر بالفضيلة المحفوظة والمصونة (يو 14: 15). أما بيت الروح القدس ففي القمة، أو في القلب, فيشع منه عزاء ونعيم وسرور عوض عزاء ‏على وشك أن يفقدوه ظاهراً!
‏في الآية (15‏)، صوت الودع وبيان الموصي. فالمعلم حدد الساعة، وحديثه السابق صار كله في حكم الوصايا: وصايا الحب والتراضع والوداعة، وأمانة الراعي، وقول الحق، والصفح عن الجهالات وعدم الدينونة، حتى ولو كانت الخطية قائمة على يد شهو عيان، ومكافأة الإساءة بالصلاة، واللعنة بالبركة، والعداوة بالمحبة، وأُلفة الخدام حتى إلى غسل الأرجل لئلا تُلاة الخدمة، وعدم الجري وراء الكرامة، وأخيراً أمانة الشهادة. فإذا كان المسيح قد صادف هوى النفس وصار لها كعريس، كانت هذه الوصايا كلها وأكثر؛ وإلا عثر على النفس حتى احتمال الإساءة! ... هي وصايا الروح، عوض وصايا العدو والجسد، فالروح إلى نمو، والجسد إلى زوال.
‏أما في الأية الثانية (16‏)، فيفيح منها عطر أزكى من الناردين الخالص، ولكن يتخللها رنة حزن، فهي تحمل بروتوكول وداع الأقانيم على مستوى التسليم والتسلم: فمعزى ذاهب ومعزى آت. الذاهب ذاهب ليجلس في المقدس الأعلى, ليغيب بالنظر عن أرض الإنسان؛ والآتي آت ليقيم بغير رؤيا في معية الإنسان إلى أبد الأبدين. والآب سُر بأن يستقبل (الذاهب) حاملاً روح الإنسان؛ ومبتهج بأن يرسل الآتي وهو ملء روح الله!!
‏أما نسبة الآية الثانية (16) إلى الآية الاولى (15)‏, فهي علاقة حب بحب؛ فإن أحببناه أحبنا، وإن حفظنا وصاياه أرسل لنا من يذكرنا بها ويشرحها لنا، ويحفطها في قلوبنا، ويعزينا عن كل غرامة يفرضها العالم علينا بسبب الأمانة. لأن وصايا يسوع يبغضها العالم ولا يطيق من ينطقها، ويفرض عليها غرامات فادحة، فيتلقف الروح القدس هذه الغرامات عنا ويحولها براً وسلاماً ...
‏وأخيراً نود أن نلفت نظر القارىء إلى أن الرب هنا يقصر وصيته الختامية على حفظ وصاياه الخاصة, التي تأخذ سلطانها الإلهي من فمه, ولا ذكر لوصايا سيناء وموسى والألواح التي كانت سراجاً منيرا، في سماء ليل شعب، ضاق بها وضاقت به، إلى أن انفجر نور النهار، واستعلن شمس البر ليضيء على العالم كله.] أ. هـ

تفسير إنجيل يوحنا الإصحاح الرابع عشر
4. المعزي الآخر
(يوحنا 14:  15- 17)

  تفسير / شرح  (يوحنا 14:  15) 15 «ان كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي،

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس     
1) " «إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي فَاحْفَظُوا وَصَايَايَ»" .
 .  جملة شرطية من الصنف الثالث تفيد إمكانية التحقق  ، شرط للحب حفظ الوصايا أراد المسيح أن يُظهر تلاميذه محبتهم له بعد أن يفارقهم، بطاعتهم له، لا بمجرد أقوالهم  من أحب إنسانا يسمع كلامه ويحفظه وينفذه ووعده لنا بعدم رؤية موت الخطية (يو 8: 51 )51 الحق الحق اقول لكم: ان كان احد يحفظ كلامي فلن يرى الموت الى الابد»  (.يو 14: 21و 23) 21 الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني، والذي يحبني يحبه ابي، وانا احبه، واظهر له ذاتي».23 اجاب يسوع وقال له:«ان احبني احد يحفظ كلامي، ويحبه ابي، واليه ناتي، وعنده نصنع منزلا    ( يو 14: 24 ) 24 الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي. والكلام الذي تسمعونه ليس لي بل للاب الذي ارسلني. ( يو  15: 10 )10 ان حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي، كما اني انا قد حفظت وصايا ابي واثبت في محبته (1يو 2: 3- 5 ) 3 وبهذا نعرف اننا قد عرفناه: ان حفظنا وصاياه. 4 من قال: «قد عرفته» وهو لا يحفظ وصاياه، فهو كاذب وليس الحق فيه. 5 واما من حفظ كلمته، فحقا في هذا قد تكملت محبة الله. بهذا نعرف اننا فيه: ( 1يو 3: 22 - 24 )  22 ومهما سالنا ننال منه، لاننا نحفظ وصاياه، ونعمل الاعمال المرضية امامه. 23 وهذه هي وصيته: ان نؤمن باسم ابنه يسوع المسيح، ونحب بعضنا بعضا كما اعطانا وصية. 24 ومن يحفظ وصاياه يثبت فيه وهو فيه. وبهذا نعرف انه يثبت فينا: من الروح الذي اعطانا. ( 1يو 5: 3 )  3 فان هذه هي محبة الله: ان نحفظ وصاياه. ووصاياه ليست ثقيلة،  ( 2يو 6) 6 وهذه هي المحبة: ان نسلك بحسب وصاياه. هذه هي الوصية: كما سمعتم من البدء ان تسلكوا فيها. (لو 6: 46) 46 ولماذا تدعونني: يا رب يا رب وانتم لا تفعلون ما اقوله؟  " طاعة الوصايا هى برهان التحول الحقيقى (يعقوب & 1يو) 
 يشترط فى الإنسان المسيحى أن يقوم عمل المحبة، المسيحية قولا وفعلا وعملا هى الطاعة القلبية. نأخذ طاقة المحبة من فمحبتنا للميبح تقودنا إلى طاعة كل أوامره، فنحب بعضنا بعضاً، وكانت هذه وصيته الجديدة لنا (يو 13: 34) "وصية جديدة أنا أعطيكم: أن تحبوا بعضكم بعضا. كما أحببتكم أنا تحبون أنتم أيضا بعضكم بعضا."   وننكر ذواتنا ونحمل صليبنا ونتبعه فى كل حين وفى كل الأوقات مهما قابلنا من ضيقات (2كو 6: 8) "بِمَجْدٍ وَهَوَانٍ، بِصِيتٍ رَدِيءٍ وَصِيتٍ حَسَنٍ. كَمُضِلِّينَ وَنَحْنُ صَادِقُونَ،" . فطاعة الأولاد لوالديهم برهان محبتهم لهم، كما يفعل أولاد العالم لآباؤهم وقد طلب المسيح مثل هذا البرهان من تلاميذه (١يوحنا ٥: ٣). 3 فان هذه هي محبة الله: ان نحفظ وصاياه. ووصاياه ليست ثقيلة، 
ولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية  
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
كأن المسيح يقول : إن آمنتم بى وثبتم فى محبتى بحفظكم وصاياى

   تفسير / شرح  (يوحنا 14:  16) 16 وانا اطلب من الاب فيعطيكم معزيا اخر ليمكث معكم الى الابد،

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس     

هذا وعد رابع من المسيح لتعزية التلاميذ وتشجيعهم، بأنه سيرسل لهم الروح القدس ليسكن فيهم وهو مقترن بحفظ وصاياه كشرط ضروري لنواله.


1) " وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآب"
وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ أى بعد الفداء وبعد موتي وقيامتى وصعودي وممارستي وظيفة الشفاعة عند الآب (رومية ٨: ٣٤ ) ( عبرانيين ٣: ١٤، ١٥ ) ( عب ٧: ٢٥). فرئيس الكهنة في العهد القديم كان بعد أن يقدم الذبيحة يدخل بدمها إلى قدس الأقداس ليشفع في بني إسرائيل، وكان ذلك رمزاً إلى ما يفعله يسوع في السماء وهو رئيس كهنة لنا، فبشفاعته تُغفر خطايانا وتستجاب صلواتنا وننال كل بركاتنا.
 

2) " فَيُعْطِيكُمْ "

أي الآب كما عُيّن في عهد الفداء منذ الأزل. ولأن مجيء الروح القدس توقف على موت المسيح وشفاعته حقّ للمسيح أن يقول إنه هو يرسله أيضاً (يوحنا ١٥: ٢٦). ويصحّ أن يُنسب إلى كل من الآب والابن لأنهما واحد.
 

3) " مُعَزِّياً آخَرَ "

قال «آخر» لأنه هو المعزي الأول مدة وجوده معهم بالجسد (لوقا ٢: ٢٥). والمعزي هنا ترجمة «فارقليط» في اليونانية، ولا توجد في العربية كلمة تنقل المعنى اليوناني تماماً، فإن معناها معزٍّ، ومعين، وشفيع معاً.ومحامى

معزيا اخر " ..   وردت هذه العبارة فى الترجمات : اليسوعية "مؤيدا آخر" .. البوليسية  " برقليطا آخر" .. التفسيرية ، الإنجيل الشريف :معينا آخر" .. المشتركة "معزيا آخر" ..  كلمة "آخر" فى اللغة  اليونانية "اللوس" تعنى شخصا آخر من ذات النوع .. لقد دعى الروح القدس بأنه "يسوع ألاخر " حيث أستخدمت كلمة "بارقليطوس" ليسوع فى (1يو 2: 1) 1 يا اولادي، اكتب اليكم هذا لكي لا تخطئوا. وان اخطا احد فلنا شفيع  (بارقليطوس) عند الاب، يسوع المسيح البار. " وللروح القدس فى (يو 14: 26 ) 26 واما المعزي، الروح القدس، الذي سيرسله الاب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم. ( يو  16: 7- 14) 7 لكني اقول لكم الحق: انه خير لكم ان انطلق، لانه ان لم انطلق لا ياتيكم المعزي، ولكن ان ذهبت ارسله اليكم. 8 ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة: 9 اما على خطية فلانهم لا يؤمنون بي. 10 واما على بر فلاني ذاهب الى ابي ولا ترونني ايضا. 11 واما على دينونة فلان رئيس هذا العالم قد دين. 12 «ان لي امورا كثيرة ايضا لاقول لكم، ولكن لا تستطيعون ان تحتملوا الان. 13 واما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم الى جميع الحق، لانه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بامور اتية. 14 ذاك يمجدني، لانه ياخذ مما لي ويخبركم. "

ويرجع أصل الكلمة فى معناها " من يقف قرب المتهم " لمساعدته وبالتالى تترجم الكلمة بــ "المحامى" أو "المدافع" أو "الشفيع" وهى ترجمة ممتازة ، وقد أستخدمت صيغة أخرى لهذه الكلمة اليونانية "باراقاليتو" عن ألاب فى "2كو 1: 3- 11) 3 مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح ابو الرافة واله كل تعزية 4 الذي يعزينا في كل ضيقتنا حتى نستطيع ان نعزي الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله. 5 لانه كما تكثر الام المسيح فينا كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا ايضا. 6 فان كنا نتضايق فلاجل تعزيتكم وخلاصكم العامل في احتمال نفس الالام التي نتالم بها نحن ايضا.او نتعزى فلاجل تعزيتكم وخلاصكم. 7 فرجاؤنا من اجلكم ثابت.عالمين انكم كما انتم شركاء في الالام كذلك في التعزية ايضا. 8 فاننا لا نريد ان تجهلوا ايها الاخوة من جهة ضيقتنا التي اصابتنا في اسيا اننا تثقلنا جدا فوق الطاقة حتى ايسنا من الحياة ايضا. 9 لكن كان لنا في انفسنا حكم الموت لكي لا نكون متكلين على انفسنا بل على الله الذي يقيم الاموات. 10 الذي نجانا من موت مثل هذا وهو ينجي.الذي لنا رجاء فيه انه سينجي ايضا فيما بعد 11 وانتم ايضا مساعدون بالصلاة لاجلنا لكي يؤدى شكر لاجلنا من اشخاص كثيرين على ما وهب لنا بواسطة كثيرين "

 وجاءت كلمة المعزى الباراقليطوس في الإنجيل خمس مرات، نُسبت في أربع منها إلى الروح القدس (يوحنا ١٤: ١٦ و٢٦: ١٥: ٢٦ ) (يو ١٦: ٧) وفي واحدة للمسيح (١يوحنا ٢: ١). والمراد «بالمعزي» فى هذه الاية الروح القدس الأقنوم الثالث في اللاهوت، المعيّن لينوب عن المسيح بعد صعوده إلى السماء في تقديم النصح والإرشاد والصداقة والعون في الضيق. قال المسيح إن هذا الروح يقدِّر التلاميذ على معرفة كل الحق (يو14: 26 و 27) 26 واما المعزي، الروح القدس، الذي سيرسله الاب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم. 27 «سلاما اترك لكم. سلامي اعطيكم. ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا. لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب.   ( يوحنا ١٥: ٢٦)26 «ومتى جاء المعزي الذي سارسله انا اليكم من الاب، روح الحق، الذي من عند الاب ينبثق، فهو يشهد لي. "  «وأنه يبكت العالم على الخطية» (يوحنا ١٦: ٨ - ١٠). وأنه يعين الرسل في التبشير وهداية الناس إلى التوبة والإيمان. ولا يستلزم هذا أن الروح القدس لم يكن في العالم سابقاً، لأنه كان حاضراً في قلوب كل أتقياء الله يقدرهم على تقديم العبادة المقبولة. وكان يوحنا المعمدان مملوءاً من الروح القدس (لوقا ١: ١٥). فالمعنى أن الروح القدس يُطهر قبلاً ويُظهر ذلك بطريق جديدة.

«البارقليط الروح القدس»: ويلاحظ هنا أن الاسم الكامل لشخص الروح سبق أن وضعه الإنجيل: «الباراكليت» وهو اسم علم مذكر، بعد أن كان «روح الآب» و «روح الابن» و «الروح القدس» كلها تأتي في حالة الحياد الجنسي أي لا مذكر ولا مؤنث. أما البارا كليت فهو، وإن كان يعبر عن صفة، إلا أنه يجيء كاسم شخص مذكر عاقل، تماماً على مستوى ألـ آب وألـ ابن.

 

4) " لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ "

† " ليمكث معكم الى الابد،  " ..  وردت ثلاثة حروف جر باللغة اليونانية فى هذه ألاية للإشارة إلى الروح القدس : (1) " ميتا" وتعنى " مع"  (يو 14: 16) .. "بارا" وتعنى " إلى جانب " (يو 16: 17) .. (3) "آن" وتعنى "فى" (يو 14: 17) .. وهذه الحروف الجر  تحدد عمل الروح القدس فهو:  معنا .. وبجانبنا .. وفينا  , وهدفه إظهار حياة يسوع فى المسيحيين ، وسيمكث معهم إلى نهاية الدهر (يو 14: 18) (مت 28 : 20) 20 وعلموهم ان يحفظوا جميع ما اوصيتكم به. وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر». امين. " .. الروح القدس هو الأقنوم الثالث لم ترد كلمة الثالوث فى الكتاب المقدس ولكن أعلن يسوع أنه الكلمة كما أعلن فى هذه ألاية عن الروح القدس فكلمة الثالوث هو تعبير عن الإله الواحد الذى أعلن لنا عن نفسه فى أقانيم ثلاثة (مت 3: 16- 17 ) 16 فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء واذا السماوات قد انفتحت له فراى روح الله نازلا مثل حمامة واتيا عليه 17 وصوت من السماوات قائلا: «هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت». (أع 2: 33- 34) 33 واذ ارتفع بيمين الله، واخذ موعد الروح القدس من الاب، سكب هذا الذي انتم الان تبصرونه وتسمعونه. 34 لان داود لم يصعد الى السماوات. وهو نفسه يقول: قال الرب لربي: اجلس عن يميني (رو 8: 9- 10) 9 واما انتم فلستم في الجسد بل في الروح، ان كان روح الله ساكنا فيكم. ولكن ان كان احد ليس له روح المسيح، فذلك ليس له. 10 وان كان المسيح فيكم، فالجسد ميت بسبب الخطية، واما الروح فحياة بسبب البر. (2كو 1: 21- 22 ) 21 ولكن الذي يثبتنا معكم في المسيح وقد مسحنا هو الله 22 الذي ختمنا ايضا واعطى عربون الروح في قلوبنا. 23 ولكني استشهد الله على نفسي اني اشفاقا عليكم لم ات الى كورنثوس ( 2 كو 13: 14) 14 نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم.امين (أف 1: 3- 14 ) 3 مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح، الذي باركنا بكل بركة روحية في السماويات في المسيح، 4 كما اختارنا فيه قبل تاسيس العالم، لنكون قديسين وبلا لوم قدامه في المحبة، 5 اذ سبق فعيننا للتبني بيسوع المسيح لنفسه، حسب مسرة مشيئته، 6 لمدح مجد نعمته التي انعم بها علينا في المحبوب، 7 الذي فيه لنا الفداء بدمه، غفران الخطايا، حسب غنى نعمته، 8 التي اجزلها لنا بكل حكمة وفطنة، 9 اذ عرفنا بسر مشيئته، حسب مسرته التي قصدها في نفسه، 10 لتدبير ملء الازمنة، ليجمع كل شيء في المسيح، ما في السماوات وما على الارض، في ذاك 11 الذي فيه ايضا نلنا نصيبا، معينين سابقا حسب قصد الذي يعمل كل شيء حسب راي مشيئته، 12 لنكون لمدح مجده، نحن الذين قد سبق رجاؤنا في المسيح. 13 الذي فيه ايضا انتم، اذ سمعتم كلمة الحق، انجيل خلاصكم، الذي فيه ايضا اذ امنتم ختمتم بروح الموعد القدوس، 14 الذي هو عربون ميراثنا، لفداء المقتنى، لمدح مجده. ( أف  2: 18 ) 18 لان به لنا كلينا قدوما في روح واحد الى الاب.  ( أف 4: 4- 6)  4 جسد واحد، وروح واحد، كما دعيتم ايضا في رجاء دعوتكم الواحد. 5 رب واحد، ايمان واحد، معمودية واحدة، 6 اله واب واحد للكل، الذي على الكل وبالكل وفي كلكم.  (1بط 1: 2)  2 بمقتضى علم الله الاب السابق، في تقديس الروح للطاعة، ورش دم يسوع المسيح: لتكثر لكم النعمة والسلام (تى 3: 4- 6) 4 ولكن حين ظهر لطف مخلصنا الله واحسانه ­ 5 لا باعمال في بر عملناها نحن، بل بمقتضى رحمته ­ خلصنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس، 6 الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح مخلصنا.

لا مدة قصيرة كإقامتي معكم بالجسد، فهو يبقى مع كل واحد منكم إلى نهاية حياته، ومع الكنيسة دائماً إلى الأبد إلىى نهاية العالم  وفي هذه الآية دليل على الثالوث، إذ ذُكر فيها الثلاثة الأقانيم: الابن الطالب، والآب المجيب، والروح القدس المُرسَل والمعزّي.

 

أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية  
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
 "أطلب من الآب" بعد قيامتى وصعودى إلى السماء فى إرشادكم وإعانتكم فى الضيقات وإلهامكم كا ما تتكلمون به فيمنحكم من القوات والتأثير مالم يمنحه لأحد من قبلكم وهذا الروح القدس "يمكث معكم إلى الأبد "فيبقى معكم أيها التلاميذ إلى منتهى حياة كل منكم ويبقى مع  رؤساء الكنيسة من بعدهم ومع المؤمنين إلى يوم القيامة معزى فى المصائب ويفعكم لفعل الفضائل

   تفسير / شرح  (يوحنا 14:  17) 17 روح الحق الذي لا يستطيع العالم ان يقبله، لانه لا يراه ولا يعرفه، واما انتم فتعرفونه لانه ماكث معكم ويكون فيكم.

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس     
1) " رُوحُ الحَقِّ"

 سُمي بذلك لأنه هو الحق (١يوحنا ٥: ٦) 6 هذا هو الذي اتى بماء ودم، يسوع المسيح. لا بالماء فقط، بل بالماء والدم. والروح هو الذي يشهد، لان الروح هو الحق. " فقد علّم تلاميذه أن يبشروا به لأن روح الحق سيرشدخم ويحفظهم من الباطل (يوحنا ١٦: ١٣).13 واما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم الى جميع الحق، لانه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بامور اتية. "  ولأنه يقود الناس إلى المسيح الذي هو الطريق والحق ويشهد له (يو 15: 26 ) 26 «ومتى جاء المعزي الذي سارسله انا اليكم من الاب، روح الحق، الذي من عند الاب ينبثق، فهو يشهد لي.(١يوحنا ٥: ٦). ولأن الحق آلته في تجديد الإنسان وتقديسه.


 روح الحق " ..  يشير معنى الحق فى هذه ألاية إلى المعنى فى الحق هو يسوع الحق هو الطريق الحق هو الحياة (يو 14: 6)   ( يو  16: 13 ) 13 واما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم الى جميع الحق، لانه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بامور اتية. (1يو 4: 6)6 نحن من الله. فمن يعرف الله يسمع لنا، ومن ليس من الله لا يسمع لنا. من هذا نعرف روح الحق وروح الضلال "  تصف هذه العبارة ألوهية الروح القدس نفسه أو ألوهية الآب  الحق هو المسيح الحق هو الآب يهوه الحق هو الروح القدس الحق هو الحقيقة التى لا تتغير ولا تزيد ولا تنقص الحق هو الوجود الذى لا ينتهى ولا يفنى يفنى كل شئ موجود وهو باق

فالمسيح هو «الحق»: «أنا هو... الحق» (يو6:14‏). فإن كان الفم البشري الإلهي للابن المتجسد الذي ينطق بالحق سيختفي عن ناظريهم وأسماعهم، فهوذا الآب يرسل لهم «روح الحق» الذي ينطق في أفواههم وقلوبهم, ليسمعهم العالم كله!... كان الحق الذي يقوله المسيح ويعمله هو الإعلان عن الآب الكائن في الابن والحال في تجسده؛ والحق الذي يقوله ويعمله الروح فيهم وبهم يكون هو الإعلان عن الابن، واستعلان اللاهوت في تجسده، وبالتال استعلان الآب الذي في الابن والذي لا يُعرف ولا يُرى بدونه .

للحق الذي هو المسيح يقول: «ونعلم أن ابن الله قد جاء، وأعطانا بصيرة لنعرف الحق. ونحن في الحق في ابنه يسوع المسيح, هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية. [«أنا هو الطريق والحق والحياة» (يو6:14).]» (ايو20:5)
‏وبالنسبة للحق الذي بالروح وفينا يقول: «بهذا نعرف أننا نثبت فيه وهو فيناء أنه قد أعطانا من روحه, ونحن قد نظرنا ونشهد أن الآب قد أرسل الابن مخلصاً للعالم. من اعترف أن يسوع هو ابن الله, فالله يثبت فيه, وهو في الله.» (ايو13:4-15), «وبهذا نعرف أنه يثبت فينا من الروح الذي أعطانا» (1يو24:3).
 بالنسبة للحق بالمسيح ثم بالروح القدس:
+ بالنسبة للمسيح: أنه فتح بصيرة التلاميذ ليعرفوا الحق من كلامه وحسب الكتب، وذلك قبل مجيء الروح القدس هكذا: «هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وأنا بعد معكم ...حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب ...» ‏(لو44:24-45‏)
‏وهذه هي «البصرة» التي يتكلم عنها القديس يوحنا، وهي لمعرفة الحق, الذي ركزه القديس يوحنا بهذه الجملة المختصرة، والتي هي كل الحق: «هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية» تماماً كما عرف المسيح نفسه لهم: «أنا هو الطريق والحق والحياة».
+ بالنسبة للروح القدس: أولاً، كانت عطية الروح القدس الاولى والعظمى أنه حل هو فيهم، وذلك باستحقاق عمل المسيح الفدائي والخلاصي، وبحلول الروح القدس فيهم تهيأ هيكلهم لقبول ألوهية المسيح، لأن الروح القدس أُرسل ليعمل لحساب المسيح، يعلنه ويعطيه، وهذا يوضحه القديس بولس غاية الوضوح: «لكي يعطيكم, بحسب غنى ‏مجده’ ان تتأيدوا بالقوة, بروحه, في الإنسان الباطن؛ ليحل المسيح بالإيمان فى قلوبكم ..., لكي تمتلئوا إلى كل ملء الله (حيث ملء اللاهوت: الآب والابن والروح القدس).» (أف16:3-19)

 

2) " الَّذِي لا يَسْتَطِيعُ العَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ "

المقصود «بالعالم» هنا الناس الدنيويون الذين اتخذوا هذا العالم نصيباً لهم، والمتكبرون الطماعون. فهؤلاء لا يستطيعون قبول الروح القدس معزيّاً لهم ومنيراً ومقدساً، لأنهم غير مستعدين لقبول ما هو لله، كقول الرسول «وَلَكِنَّ الإِنْسَانَ الطَّبِيعِيَّ لا يَقْبَلُ مَا لِرُوحِ اللَّهِ لأنَّهُ عِنْدَهُ جَهَالَةٌ، ولا يَقْدِرُ أَنْ يَعْرِفَهُ لأنَّهُ إِنَّمَا يُحْكَمُ فِيهِ رُوحِيّاً» ( ١كورنثوس ٢: ١٤ ) 14 ولكن الانسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لانه عنده جهالة، ولا يقدر ان يعرفه لانه انما يحكم فيه روحيا.  ( انظر أيضاً يوحنا ١٢: ٣١ ) (١كورنثوس ١: ٢١ )  21 لانه اذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة، استحسن الله ان يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة. (٢كورنثوس ٤: ٤). 4 الذين فيهم اله هذا الدهر قد اعمى اذهان غير المؤمنين لئلا تضيء لهم انارة انجيل مجد المسيح الذي هو صورة الله. "

† "  الذي  " ..  ليس الروح القدس مذكرا أو مؤنثا .. وبالتأكيد ليس هو شئ أو جماد ، بالرغم من إستعمال الضمير الحيادى فى اللغة اليونانية أحيانا كما ورد فى هذه ألاية ، وأحيانا أخرى  يستخدم الضمير المذكر  (يو 14: 26 & 15: 26 & 16: 7 و 8 و 13 و 14) الروح القدس هو روح لا تنطبق عليه صغات الكائنات الحية المادية التى تتكاثر عن طريق الذكر والأنثى (أف 4: 3) (1 تس 5: 19) 

† " لا يستطيع العالم ان يقبله،  " ..  العالم الذى يسير وراء الشرير لا يستطيع أن يقبل الروح القدس لأنه يحل فقط فى المؤمنين بيسوع المسيح (يو 1: 10- 12)  10 كان في العالم، وكون العالم به، ولم يعرفه العالم. 11 الى خاصته جاء، وخاصته لم تقبله. 12 واما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله، اي المؤمنون باسمه.  " الروح القدس يوفر إحتياجات المسيحيين (رو 8: 1- 11)1 اذا لا شيء من الدينونة الان على الذين هم في المسيح يسوع، السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح. 2 لان ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد اعتقني من ناموس الخطية والموت. 3 لانه ما كان الناموس عاجزا عنه، في ما كان ضعيفا بالجسد، فالله اذ ارسل ابنه في شبه جسد الخطية، ولاجل الخطية، دان الخطية في الجسد، 4 لكي يتم حكم الناموس فينا، نحن السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح. 5 فان الذين هم حسب الجسد فبما للجسد يهتمون، ولكن الذين حسب الروح فبما للروح. 6 لان اهتمام الجسد هو موت، ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام. 7 لان اهتمام الجسد هو عداوة لله، اذ ليس هو خاضعا لناموس الله، لانه ايضا لا يستطيع. 8 فالذين هم في الجسد لا يستطيعون ان يرضوا الله. 9 واما انتم فلستم في الجسد بل في الروح، ان كان روح الله ساكنا فيكم. ولكن ان كان احد ليس له روح المسيح، فذلك ليس له. 10 وان كان المسيح فيكم، فالجسد ميت بسبب الخطية، واما الروح فحياة بسبب البر. 11 وان كان روح الذي اقام يسوع من الاموات ساكنا فيكم، فالذي اقام المسيح من الاموات سيحيي اجسادكم المائتة ايضا بروحه الساكن فيكم.  " ولكن الغير مؤمنيين بالمسيحية لا يستطيع أن يفهم ويقدر الأمور الروحية (1كو 2: 14) 14 ولكن الانسان الطبيعي لا يقبل ما لروح الله لانه عنده جهالة، ولا يقدر ان يعرفه لانه انما يحكم فيه روحيا. "

 

3) " لأنَّهُ لا يَرَاهُ "

الدنيوي لا يرى سوى المحسوس فلا يسر بالروحيات ولا يشعر بحقيقتها، ويحسب الروحيين من أهل الأوهام لأنهم يتكلمون عن أمور لا تراها إلا عين الإيمان.
 

4) " ولا يَعْرِفُه"

ُ أي لا يدركه لكي يُسرّ به. «فالمعرفة» هنا تشتمل على الإدراك والسرور، وقد جاءت بهذا المعنى في ( مزمور ١: ٦ )  6 لان الرب يعلم طريق الابرار.اما طريق الاشرار فتهلك ( مز ٢٨: ٦ ) ( مز ٣٧: ١٨ ) 6 مبارك الرب لانه سمع صوت تضرعي.  ( ناحوم ١: ٧ )  7 صالح هو الرب حصن في يوم الضيق وهو يعرف المتوكلين عليه. ( ٢تيموثاوس ٢: ١٩.) 8 فاريد ان يصلي الرجال في كل مكان، رافعين ايادي طاهرة، بدون غضب ولا جدال. 9 وكذلك ان النساء يزين ذواتهن بلباس الحشمة، مع ورع وتعقل، لا بضفائر او ذهب او لالئ او ملابس كثيرة الثمن،  " وعدم مسرة الدنيويين بالروح القدس علّة عدم استطاعتهم قبوله.
 

5) " وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ "

لأن تعليمي إيّاكم وقبولكم إيّاه وسيلة رؤيته ومعرفته، لأن الروح القدس يجعل كلامه يؤثر في قلوبهم وهم لا يشعرون بحضوره فيهم، فأزال عماهم الطبيعي وليّن قلوبهم ومال بها إلى قبول تعليم يسوع.

† "  لانه لا يراه ولا يعرفه، واما انتم فتعرفونه  " ..  هذه إحدى المعانى الثنائية التى إشتهرت بها البشارة بحسب يوحنا ،

المعرفة فى المفهوم العبرى هى معرفة شخصة متميزة أحيانا تشير بالعلاقات الحميمة (تك 4: 1) (ت 4: 25) (إر 1: 5) وأحيانا أخرى توصف بالمعرفة الشخصية الوثيقة (تك 42: 8) "وعرف يوسف إخوته، وأما هم فلم يعرفوه."  وقد تشير معنى نعرفه عن جهل بالمكان او الشيئ (تك 39: 6) فترك كل ما كان له في يد يوسف. ولم يكن معه يعرف شيئا الا الخبز الذي ياكل. وكان يوسف حسن الصورة وحسن المنظر.(تك 39: 8) فابى وقال لامراة سيده: «هوذا سيدي لا يعرف معي ما في البيت، وكل ما له قد دفعه الى يدي."

أما فى المفهوم اليونانى الذى كتبت به البشارة فهى معرفة عقلية ولكن بالمفهوم المسيحى هى معرفة شخصية وروحية وعقلية فى آن واحد

 

6) " لأنَّهُ مَاكِثٌ فِيكُمْ "

ليهب لهم مؤثرات النعمة على الدوام أى الوجود الدائم والثابت فيُغيّر قلوبهم ويُقدسها، ويُقدرهم على الإتيان بأثمار الروح، ويملأ قلوبهم سروراً لأنه يمكث معهم (يوحنا 14: 16 ) وانا اطلب من الاب فيعطيكم معزيا اخر ليمكث معكم الى الابد ( ١يوحنا ٣: ٢٤).24 ومن يحفظ وصاياه يثبت فيه وهو فيه. وبهذا نعرف انه يثبت فينا: من الروح الذي اعطانا. "
وما قيل هنا في شأن الروح القدس أربع حقائق: (١) أنه أقنوم. (٢) أنه روح الحق لأنه يرشد الناس إلى معرفة الحق. (٣) أن العالم لا يعرفه ليحصل به على التوبة والإيمان والرجاء والمحبة. (٤) أنه يسكن في المؤمنين ويعرفونه باختبارهم.

† " لانه ماكث معكم  " ..  ماكث معكم  أى مع المسيحيين من جيل وراء جيل حتى إنقضاء الدهر  يحل فيكم ويعمل بكم آيات وعجائب  إن حرف الجر "فى" يعتبر من أهم الحروف فى المسيحية .. الآب فى الأبن ، الآب فى الروح ، يسوع فى الروح  ، والآب فى المسيحيين ، يسوع فى المسيحيين ،  الروح القدس فى المسيحيين  .. مكوث وثبات الروح القدس فى المسيحيين  ياتى فى الزمن المضارع أى حدث مستمر ما دمنا فى الحياة ليس حلول الروح القدس مجرد قرار منعزل أو تجاوب عاطفى .
† " ويكون فيكم " ..  تفسر هذا الجزء من الاية بمعنيين "معكم" أو "فيكم" هذا هو الوعد الإلهى فى العهد الجديد هو أن يسكن روح الرب فى المسيحيين إنه وعد رائع ليس فقط الروح القدس الذى يسكن فينا ويثمر فينا للعمل بتعاليم الاب والإبن بالروح القدس يحل فينا ممثلا عن الآب والأبن لأن الثلاثة أقانيم واحد :   (1) يسوع (مت 28: 20) (يو 14: 20 و 23 & 15: 4- 5 ) (رو 8: 10) (2كو 13: 5) (غل 2: 20) (أف 3: 17) (كو 1: 27) .. (2) الروح (يو 14: 16- 17) (رو 8: 11) (1كو 3: 16 & 6: 19) (2تى 1: 14) .. (3) الآب (يو 14: 23) (2كو 6: 16ِ)

أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية  
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
وهذا الروح هو روح الحق "لا يستطيع العالم" الناس الدنيويون "أن يقبله" لأنهم متكبرون طماعون ولأنهم طبيعيون يعيشون حسب الفطرة فلا يقبلون ما للروح بل يعتبرونه جهالة "لأنه لا يراه ولا يعرفه" لأن الدنيوى لا يرى إلا بالمحسوسات ولا يسر ولا يفرح إلا بالجسديات لأن عيونه أرضية وعمياء من شهوات الجسد " وأما أنتم" ياتلاميذى"  فتعرفونه" لأن تعليمى أزال غشاوة أذهانكم فعرفتكم قوته وفاعليته "لأنه ماكث معكم " وملأ قلوبكم نورا ، وسرورا وبهجة ومعرفة "ويكون فيكم" حتى يجعلكم بتأثير نعمته تعرفونه وتحبونه وهو يبقى معكم دائما أبدا   .

تفسير إنجيل يوحنا الإصحاح الرابع عشر
5. ظهوره لهم
(يوحنا 14:  18- 24)

   تفسير / شرح  (يوحنا 14:  18) 18 لا اترككم يتامى. اني اتي اليكم.

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس  
1) " لا أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى "

«لا أترككم يتامى»: هذه إشارة بليغة إلى موته، حيث الموت الذي بدأ يخطو إليه بقدميه، والذي به يتيتم التلاميذ ( يو 14: 3) 3 وان مضيت واعددت لكم مكانا اتي ايضا واخذكم الي، حتى حيث اكون انا تكونون انتم ايضا، "

الإشارة هنا فى هذه ألاية إلى الخمسين يوما قبل عيد العنصرة أو حلول الروح القدس ظهر يسوع بعد موته وقيامته ظهورات عديدة وبقى معهم حمسين يوما لقد حقق يسوع كل وعوده التى قالها لتلاميذه مساء الأحد بعد الفصح (رو 3: 4)حاشا! بل ليكن الله صادقا وكل إنسان كاذبا. كما هو مكتوب: «لكي تتبرر في كلامك، وتغلب متى حوكمت».

لا يزال المسيح يعزي تلاميذه عن الفراق الذي سيواجهونه بعد موته وقيامته وذهابه إلى الآب.وفيما بعد سيقول لهم اسبكم للجليل وقضى معهم 50 يوما قبل حلول الروح القدس يعلمهم الفترة بين موته وقيامته وحلول الروح القدس فى يوم الخمسين عيد العنصرة

لو لم يرسل المسيح المعزي إليهم لكانوا بعد موته كيتامى لا أب لهم، يحتاجون إلى المعونة والتعزية، لا يعتني أحد بهم أو يحميهم.

ومعروف أن حلول الروح القدس, سواء كان ذلك في الكنيسة أو في الأفراد المؤمنين, إنما يتم لليعزى جماعة المؤمنين عن إنتقال المسيح وصعوده غلى السماء ليتمجد ، بمعنى أن وجود الروح القدس يكشف في الحال عن وجود المسيح. وحتى العزاء الذي يضطلع به الروح القدس في قلوب المؤمنين يقوم على أساس اعلان الروح القدس لشخص المسيح، وتجليه, في كل مواقفه المحببة, داخل قلوب المؤمنين. : «الذي أحبني وأسلم نفسه لأجلي.» (غل20:2).
‏وهكذا يأخذ الروح القدس من أعمال المسيح العامة، ويصورها للمؤمن كعمل شخصي يخصه هو بالدرجة الاولى، لذلك نجد الرب يذكر إرساله للروح القدس أولاً, ثم يذكر مجيئه الشخصي لكل واحد!! لأن مجيئه إنما يٌستعلن ويصور بواسطلة الروح القدس الساكن في القلب.

 

2) " إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ "

بالروح القدس الذي أرسله نائباً عني، لأن تأثيره فيكم كتأثير حضوري معكم (ع ٢٦)، وبروحي عند موتكم لآخذكم إليّ، وبمجيئي نفساً وجسداً في نهاية العالم.

«إني آتي إليكم»، ليرد تيتمهم إلى بنوة جديدة لابوة جديدة. التي هي بدورها إشارة بليغة إلى قيامته. فإن كان بموت المسيح يصبح التلاميذ يتامى، فبقيامته ومجيئه إليهم يدخلون تواً في عهد التبني وحنو الآب الدائم.

أدرك المسيح مقدار تعلق تلاميذه به كأب وتعلقه بهم كأولاد: «يا أولادي, أنا معكم زماناً قليلاً بعد» (يو33:13‏)، وكلمة «أولاد» هنا تأخذ صورتها المحببة جداً على مستوى الأولاد الصغار, «إذ كان قد أحب خاصته ... أحبهم إل المنتهى. » (يو1:13‏). فإن كان المسيح قد شرح لهم ضرورة ذهابه إلى الآب، وأوضح لهم أن هذا الفراق سيكون لصالحهم، إذ سيرسل لهم الروح القدس المعزي، روح الحق، ليمكث معهم ويكون فيهم؛ إلا أنه كان يدرك أن ذلك لا يغنيهم عن عودته إليهم ورؤيته لهم.
«إني آتي إليكم»: ‏حيث فعل «آتي» هو في زمن المضارع المستمر بلا حدود ولا نهاية، وهو الذي ورد في الأصحاح الأول بهذا النحو: «كان النور الحقيقي... آتياً إلى العالم» (يو9:1‏)، أي يظل يأتي و يأتي ليغطي كل الزمان إلى ما لا نهاية. فوعد المسيح لتلاميذه: «إني آتي إليكم»، هو وعد «المجيء الدائم» الذي تحقق أولاً بعد القيامة، بظهوره مرات معدودة. ولكن بعد حلول الروح القدس يوم الخمسين، ظل مجيئه عل مستوى الإقامة الدائمة الروحية في الكنيسة: «ها أنا مكم كل الأيام، إلى انقضاء الدهر.» (مت20:28)

   أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية  
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
لذا "لا أتتركم يتامى" لا أب يعتنى بكم بل أرسل لكم الروح القدس وأكون معكم على الدوام وأفيض عليكم بمواهبى السمائية ، وقال القديس أغطينوس قد حقق المسيح  وعده إذ ظهر لرسله أولا بعد قيامته وثانيا : فى عيد البندكستى (حلول الروح القدس) إذ أرسل إليخم الروح القدس

   تفسير / شرح  (يوحنا 14:  19) 19 بعد قليل لا يراني العالم ايضا، واما انتم فترونني. اني انا حي فانتم ستحيون.
 
 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس   
 تشير هذه ألاية إلى ظهورات يسوع بعد قيامته ويسألأ يهوذا فى ألاية (يو 14: 22) سؤالا ليسوع على أساس الآية (يو 14: 19) حتى هذه اللحظة توقع التلاميذ ملكوتا مسيانيا أرضيا حسب  تفسير الربيون اليهود للعهد القديم   وتحيروا من قول يسوع لهم "لا يرانى العالم" وأجاب يسوع إجابتين ليهوذا فى (يو 14: 23 و 24) وأكد أنه سيظهر نفسه فى حياة المؤمنين به ـ وبأن العالم (غير المؤمنين) سوف يرى يسوع من خلال أعمالهم


1) " بَعْدَ قَلِيلٍ "

أقل من يوم لأنه قال ذلك ليلة النهار الذي مات فيه.(يوحنا ١٦: ١٦ ) 16 بعد قليل لا تبصرونني، ثم بعد قليل ايضا ترونني، لاني ذاهب الى الاب».

 

2) " لا يَرَانِي العَالَمُ أَيْضاً "

لا بعيني الجسد، ولا بعيني الإيمان، حتى آتي ثانية للدينونة. والمقصود «بالعالم» هنا ما قُصد به في (يو 14: 17) العالم هم البشر الذين لا يؤمنون به .

في الحقيقة، إن العالم لم يره أبدآ متجلياً على حقيقته «أنا هو»، وإنما كان يراه كمواطن جليلي لا أكثركإنسان تحت الألام مثلنا , وبهذه الرؤية يكون العالم قد قارب أن يفقد هذا المواطن الجليلي، إذ لم يعد له أكثر من اثنتي عشرة ساعة يقضيها بين المحاكمات. أما تلاميذه، فقد «رأوا مجده» بالاستعلان, أي بالرؤيا الروحية, وآمنوا به. فإن كان سيختفي عنهم بالأنظار ساعات قليلة, فلكي يظهر لهم ثانية متجلياً برؤيا المجد، ولا يعود يختفي عن عيون إيمانهم قط: «هذا أقامه الله في اليوم الثالث، وأعطى أن يصير ظاهراً، ليس لجميع الشعب، بل لشهود سبق الله فانتخبهم، لنا نحن الذين أكلنا وشربنا معه بعد قيامته من الأموات.» (أع40:10-41)( ١كورنثوس ١٥: ٢٠)  20 ولكن الان قد قام المسيح من الاموات وصار باكورة الراقدين.

 

3) " وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَرَوْنَنِي "

شاهده التلاميذ على الأرض أربعين يوماً بعد قيامته (أعمال ١٠: ٤١). وهذا بعض ما قصده المسيح هنا، لأنه قصد أن المؤمنين يرونه بعين الإيمان، وبإعلان الروح إيّاه في قلوبهم، فإننا «نَحْنُ جَمِيعاً نَاظِرِينَ مَجْدَ الرَّبِّ بِوَجْهٍ مَكْشُوفٍ، كَمَا فِي مِرْآةٍ» (٢كورنثوس ٣: ١٨) وأنهم سوف يرونه ممجداً في السماء. ورؤية المسيح بالإيمان مصدر كل قوتنا في محاربتنا للعالم وللشهوة وللشيطان.
 

4) " إِنِّي أَنَا حَيٌّ "

 هذا الجزء من الآية جملة لاهوتية يصرح فيها يسوع أنه كلمة الإله لا يموت يموت الجسد يسوع = جسد إنسان + روح + كلمة الإله .. الموت هو إفصال الجسد عن الروح ولكن الكلمة تبقى مع الروح ومع الجسد وفى القيامة تم رجوع الروح إلى الجسد إذا فكلمة ألإله لا يجوز عليها موت لأنه ليس عنصرا ماديا ومن ناحية أخرى يغتبر المسيحية أن الإنستان الخاطئ هو إنسان ميت لأنه يخطئ ولا يقدم ذبيحة عن خطيته ولم يقبل يسوع ويؤمن به كذبيحة تقدم عنه ولهذا قالمسلمون الذين لا يؤمنون بصلب المسيح فهم لا يؤمنون بالتالى بان المسيح ذبيحة تقدم عنهم لهذا فلن يحييون فى اليوم الأخير .. المسيحيين سيدخلون الملكوت لأن مسيحهم هناك المسيحييون يحيون على الأرض لأنهم يمارسون سر الشركة أى يقدمون المسيح ذبيحة عن خطاياهم (رو 8: 9- 10) (1كو15)

أي لا يزال حياً باعتبار لاهوته لأنه منذ الأزل وإلى الأبد هو الله الحي. فالموت الذي اعترى جسده وقتياً لم يؤثر في لاهوته و«قد ابتُلع الموت (بقيامته) إلى غلبة» ، وقام حالاً من ذلك الموت وسيطاً لنا لا يذوق الموت ثانية، وكونه حياً مكنهم من رؤيتهم إياه دائماً.

«إني أنا حي»: المسيح يعبر هنا على الموت، وكأنه لم يكن، ليلفت نظر تلاميذه إلى قوة القيامة الكائنة فيه، فهو يرى نفسه هنا حياً وكأن القيامة كائنة في كيانه لا تفارقه. وبهذه الحياة الأبدية التي فيه، يضمن لتلاميذه معه شركة أكيدة فيها.وقد عبر بولس عن هذا المعنى فى (فى 1: 21) "لأن لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح." بمعنى أن حياتنا فى الأرض ةفى السماء هو يسوع والتموت الجسدى هو بوابة العبور من الحياة فى الجسد إلى الحياة الأبدية  ألم يقل: «وكل من كان حياً وآمن بي، فلن يموت إلى الأبد» (يو26:11) وأكد أم الخطية هى موت للإنسان حتى فى حياته على الأرض

«مع المسيح صلبت، فأحيا, لا أنا, بل المسيح يحيا في, فما أحياه الآن في الجسد، فإنما أحياه في الإيمان, إيمان ابن الله الذي أحبني، وأسلم نفسه لأجلي.» (غل20:2)«الله الذى هو غني في الرحمة، من أجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها، ونحن أموات بالخطايا، أحيانا مع المسيح» (أف4:2-5‏)؛

 

5) " فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ" في الروح هنا وإلى الأبد في السماء. أن حياة المسيحي هى الحياة فى المسيح وعلى الاتحاد به، وأنه لا حياة روحية هنا ولا حياة أبدية هناك للمنفصل عن المسيح إن حياة المسيح مقدمة  لحياة شعبه وتأكيد لها، كما أن حياة الكرمة بعطى للحياة أغصانها الثابتة فيها،

 أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية  
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
كأنه يقول إن بعد زمان قصير أموت ولا يعود العالم يرانى وأما ا،تم فتروننى لأنى أقوم فى اليوم الثالث وأبقى معكم على الأرض اربعين يوما فلذا تأكدوا " إنى أنا حى" لأننى منذ الأزل وإلى الأبد أنا الإله الحى والموت الذى إعترى جسدى وقتيا لم يؤثر فى لاهوتى وقمت حالا من ذلك ولذلك "فأنتم ستحيون" بالروح هنا وسأقيمكم يوم الدين بحياتى وقيامتى للحياة الطوباوية المجيدة لتحيو معى فى كمال السعادة مدى الأبدية و "فى ذلك اليوم" حيث أظهر لكم بعد قيامتى مرارا مدة أربعين يوما وفى يوم الخمسين حين أرسل لكم الروح القدس

   تفسير / شرح  (يوحنا 14:  20) 20 في ذلك اليوم تعلمون اني انا في ابي، وانتم في، وانا فيكم.

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس     

 وفيما يلى جزء من صلاة يسوع المسيح توضح أن من أهداف المسيح أن يكون فى المؤمنين به " وانتم في، وانا فيكم " ومن المعروف أن الذى يجمع ويربط الاب والإبن هو الروح القدس والمسيح سيرسل الروح القدس ليكون فى المؤمنين به ليكون الجميع فى واحد : الآب والإبن (المسيح) والمؤمنين برباط واحد هو روح الله أى الذى يجمعهم الروح القدس  ( يوحنا ١٧: ٢١ ،٢٣ ،٢٦) 21 ليكون الجميع واحدا، كما انك انت ايها الاب في وانا فيك، ليكونوا هم ايضا واحدا فينا، ليؤمن العالم انك ارسلتني 23 انا فيهم وانت في ليكونوا مكملين الى واحد، وليعلم العالم انك ارسلتني، واحببتهم كما احببتني. 26 وعرفتهم اسمك وساعرفهم، ليكون فيهم الحب الذي احببتني به، واكون انا فيهم». "


1) " فِي ذَلِكَ اليَوْمِ "

صلة المسيح بتلاميذة والمؤمنين به لم تنقطع ويقول بعض المفسرين أن عبارة فى ذلك اليوم هو إما يوم قيامته عندما ظهر لتلاميذه حياً وظهر مراراً في أماكن مختلفة، وإما يوم الخمسين حين أرسل الروح القدس وأظهر حياته بمنحه الحياة لألوف، وإما يوم مجيئه الثاني حين يعلن تمام الإعلان ما أشار إليه هنا.
ويؤكد مفسرين آخرين أن ذلك اليوم هو يوم الخمسين، عندها حل الروح القدس، روح المعرفة والفهم، : «لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح ابن الله ولكي تكون لكم, إذا آمنتم, حياة باسمه» (يو31:20-32)؛ الأمر الذي اكمله الروح القدس منذ يوم الخمسين فصاعداً باستعلان علاقتنا بالمسيح، إذ يشهد بولس الرسول على شهادة الروح القدس في أعماقه: «لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله... اخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا ابا الآب. الروح نفسه أيضاً يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله. فان كنا اولاداً،´فإننا ورثة أيضاً, ورثة الله, وراثون مع المسيح...» (رو14:8-17)

 

2) " تَعْلَمُونَ "

وتعمى كلمة تعلمون فى اللغة العربية أى تعرفون ، تدركون ، ترون ، تشعرون ، تصدقون ، توقنون  و المعرفة فى المفهوم العبرى هى معرفة شخصية متميزة بالعلاقات الحميمة (تك 4: 1) (إر 1: 5) ولكن فى هذه الآية تتبع الكلمة كلمة "هوتى" اليونانية فى إشارة إلى مضمون المعرفة  "تعلمون إنى أنا ... "  أطلق على المؤمنون إسم المسيحيين  لأنهم يعرفون يسوع فى مثل الراعى وخرافه تسمع صوته وينادى كل واحد بإسمه (يو 10: 27 - 28)  خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها فتتبعني. وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد، ولا يخطفها أحد من يدي.- ومنها أشتقت كلمه معلم أى يعلم تلاميذه ما يجهلونه

والعلم هنا هو الإختبار والتجربة الحقيقية المرئية  وبإنارة الروح القدس إيّاكم التي تقدِّركم على تمييز الحقائق الروحية.

 

3) " أَنِّي أَنَا فِي أَبِي"

 أي متّحد معه تمام الاتحاد (انظر شرح يوحنا ١٠: ٣٨) وحال فى ( يوحنا ١٠: ٣٨ ) 38 ولكن ان كنت اعمل، فان لم تؤمنوا بي فامنوا بالاعمال، لكي تعرفوا وتؤمنوا ان الاب في وانا فيه». وتحقيق ذلك يؤكد صحة دعوى يسوع أنه مبعوث إلهى والمسيح المنتظر.( يو 14: 10 ) 10 الست تؤمن اني انا في الاب والاب في؟ الكلام الذي اكلمكم به لست اتكلم به من نفسي، لكن الاب الحال في هو يعمل الاعمال.وسفر الاعمال كله والرسائل، يشهد الروح القدس أن المسيح هو ابن الله. فأول عمل عمله بولس الرسول بعد ان اعتمد، هو الكرازة بابن الله: «وتناول طعامأ فتقتوى... وللوقت جعل يكرز في المجامع بالمسيح ان هذا هو ابن الله» (أع19:9-20), وهكذا تم قول الرب أن: «في ذلك اليوم تعلمون أني انا في ابي».
«أني أنا في أبي»: هذا اصطلاح لاهوتي، أي يختص بطبيعة يهوه، ويفيد الوحدة القائمة بين الآب والابن، هذه الوحدة تؤمنها وحدة الطبيعة اي الجوهر ومعنى الجوهر فى اللغة العربية حقيقته وذاته . وجوهر يهوه هو ألوهيته؛ فالآب والابن جوهرهما واحد، ولا يوجد ثنائية في جوهر يهوه ، لانه بسيط غير منقسم ولا مركب. والآب والابن صفات جوهرية أي صفات لطبيعة الإله الواحد. والآب والابن ذات واحدة، كاملة كمالاً مطلقاً؛ ويستحيل ان تكون الذات الكاملة آباً فقط ´وابناً فقط، فكل ذات هي آب وابن معاً. وإذا أخذنا الذات البشرية، لنا مثل مع الفارق هو الإنسان الذى خلق على صورة الله ومثاله فهو إبن وأب فى زمانين مختلفين المثل هنا وإن طبق فى صفة واحدة إلا أن صفات الإنسان يختلف كليا عن الذات الإلهية  وذات يهوه كاملة أزلياً وأبدياً، فيها الأبوة والبنوة معاً، لا متقدم فيهما ولا متأخر، ولا مستحدث فيهما ولا متغير.و
‏لهذا, فإن الآب والابن هما بالطبيعة متحدان ليكونا الذات الإلهية الواحدة, يهوه. ومن السهل بعد ذلك أن نقول أن الآب في الابن كائن, وأن الابن في الآب كائن, وأن لهما المشيئة الإلهية الواحدة التي للذات الواحدة, ومن السهل البين أن تمارس الابوة في يهوه رسالتها بالانعطاف والحب نحو البنوة وتعلنها، خاصة بعد التجسد، وأن تمارس البنوة رسالتها بالطاعة والحب، بعد التجسد، نحو الابوة.
‏فلما شاء الله أن يخلص الإنسان بنفسه بأن يرفعه إليه، ويهبه الحياة الأبدية، بذل البنوة التي فيه، أي ابنه، ليتجسد. وهكذا ظهر الله في الجسد، وهوالابن، وأطاع الآب، حتى أكمل رسالة الخلاص. وقد استطاع المسيح أن يبرهن عملياً, بحياته وموته وقيامته، أنه هو والآب واحد، قولاً وعملاً وسلوكاً. ولما حل الروح القدس على التلاميذ، أكمل الروح القدس الشهادة للمسيح أنه ابن الله، وأنه واحد مع الآب، الأمر الذي صار محور الكرازة وأساس الخلاص.

 

4) " وَأَنْتُمْ فِيَّ "

متحدون بي حتى لا يمكن انفصالكم عني (يوحنا ١٥: ١ - ٧ ) 1 «انا الكرمة الحقيقية وابي الكرام. 2 كل غصن في لا ياتي بثمر ينزعه، وكل ما ياتي بثمر ينقيه لياتي بثمر اكثر. 3 انتم الان انقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به. 4 اثبتوا في وانا فيكم. كما ان الغصن لا يقدر ان ياتي بثمر من ذاته ان لم يثبت في الكرمة، كذلك انتم ايضا ان لم تثبتوا في. 5 انا الكرمة وانتم الاغصان. الذي يثبت في وانا فيه هذا ياتي بثمر كثير، لانكم بدوني لا تقدرون ان تفعلوا شيئا. 6 ان كان احد لا يثبت في يطرح خارجا كالغصن، فيجف ويجمعونه ويطرحونه في النار، فيحترق. 7 ان ثبتم في وثبت كلامي فيكم تطلبون ما تريدون فيكون لكم. ( رومية ٨: ٣٨، ٣٩).38 فاني متيقن انه لا موت ولا حياة، ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات، ولا امور حاضرة ولا مستقبلة، 39 ولا علو ولا عمق، ولا خليقة اخرى، تقدر ان تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا. "  واتحادهم به يحقق لهم الأمن، وقبول الآب إيّاهم، وقداستهم، وسعادتهم، وحياتهم الأبدية.
المتكلم هنا هو المسيح الإبن المتجسد الكلمة ، ولولا تجسده ما استطاع أن يقول هذا القول، ولما أخذ الطبيعة البشرية واتحد بها, استطاع أن يقول: «أنا فيكم» أي في طبيعتكم. و«أنتم فيّ» أي طبيعتكم صارت فيّ. وهذا، بحد ذاته، هوبهذا يكون لنا شركة معه أو في حياته على وجه الأصح، وأيضاً أن يكون له وجود وشركة في حياتنا، بل هو الذى دعانا إلى تلك الشركة ومنحنا حقوقها بالتجسد. هذه الشركة مع المسيح كابن لـ يهوه ، الذى دعانا إليها، ومنحنا كل حقوقهها، هي أيضاً حالة اتحاد. ولكن هناك فرق شاسع بين كلمة المسيح: «أنا فى أبى» وبين «أنتم فىّ وأنا فيكم». ففى الأولى، يقوم الاتحاد على أساس وحدة الطبيعة أى الجوهر الإلهي، وهو يُنشىء ذاتاً واحدة, أما الوجود المتبادل في الحالة الثانية، فهو لا يرفع الفوارق ولا يوحد الذات بل يعطي حقوقاً مجاناً ويعبر عنه بمفهوم الشركة في حياة المسيح: «فأحيا لا أنا، بل المسيح يحيا فيّ» (غل20:2)؛ «من يأكل جسدي ويشرب دمي، يثبت فيّ وأنا فيه» (يو56:6‏)؛ «فمن يأكلي، فهو يحيا بي.» ‏(يو57:6)

 

5) " وَأَنَا فِيكُمْ "

† " اني انا في ابي، وانتم في، وانا فيكم  " .. يؤكد يسوع وحدته والآب (يو 10: 38 & 14: 10- 11 & 17: 21- 23) ويعنى هذا أن المسيح قى الآب وهو فى المؤمنين به

حالٌّ فيكم بروحي لأهب لكم النعمة والقوة والشجاعة لتشهدوا لي أمام العالم الذي يضطهدكم، ولأجعل كلامكم مؤثراً في قلوب الناس، ولأصنع على يدكم معجزات تثبت شهادتكم لي. حين أدرك الرسل هذا لم يعودوا يحتاجون إلى طلبهم رؤية الآب كما طلبوا في ع ٨.
والحقائق الثلاث المذكورة هنا: وهي أن المسيح في الآب، وأنهم في المسيح، وأن المسيح فيهم، أسرار لا ندركها حق الإدراك، إنما ندرك منها ما هو ثمين للمؤمنين، وهي من «عظائم الله» التي تكلم الرسل بها في يوم الخمسين (أعمال ٢: ١١).

هذا الاتحاد يشير إليه المسيح فى : «أنا فيهم وأنت فّي، ليكونوا مكملين إلى واحد» (23:17)، هو أيضآ حالة شركة، ويعبر عنها القديس يوحنا هكذا: «وأما شركتنا نحن, هي مع الآب، ومع ابنه يسوع المسيح» (ايو3:1‏). وهذه الشركة نصل إليها بالإدراك أو بالفعل في الحياة الأخرى، «سأراكم أيضاً، فتفرح قلوبكم, ولا ينذع أحد فرحكم منكم.» (يو22:16) وإن كانت قد بدأت فى حياتنا  حيث يكون فيها يهوه الكل في الكل، ولكنها تبدأ تتحقق منذ الآن جزئيأ، وقليلاً قليلاً،  بواسطة الروح القدس، وعلى مستوى الفعل بتقديس الروح أيضاً، وذلك بالتغيير والتجديد المتواصل، بخلع الإنسان العتيق ولبس الجديد الذي يتجدد حسب صورة خالقه، والإتفاق الكامل في العمل والمشيئة مع الروح القدس، لتكميل الحياة المسيحية.‏
 وهكذا تدخل الروح في بيتها الآبوي: «في بيت أبي منازل كثيرة... أنا أمضي لأعد لكم مكائاً، وان مضيت وأعدت لكم مكاناً، أتي أيضاً وأخذكم إلي، حتى حيث أكون أنا، تكونون أنتم أيضاً.» (يو2:14-3)

..أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية  
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
 
وفى يوم الدين حين المجئ الثانى "تعلمون" يقينا بالإختبار "غنى أنا" متحد تمام الإتحاد "فى أبى" " وانتم " متحدون "فى: فلا يمكن إنفصالكم عنى " وانا" حال "فيكم" بروحى فأهب لكم من نعمتى شجاعة وقوة فتشهدون لى أمام العالم بأسره وأصنع بكم المعجزات وأجعل كلامكم مؤثرا فى قلوب الناس.

    تفسير / شرح  (يوحنا 14:  21) 21 الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني، والذي يحبني يحبه ابي، وانا احبه، واظهر له ذاتي».

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس     

في هذه الآية وضع فيها المسيح الوسائل التي يصل بها التلاميذ إلى المعرفة التي وُعدوا بها في آية (يو 14: 20)  ٢٠، وهي أربع يتعلق بعضها ببعض كحلقات سلسلة: (١) أن محبتهم للمسيح تنشئ فيهم طاعته. (٢) أن تلك الطاعة تجعلهم أحباء الآب. (٣) أنها تزيد حب المسيح لهم. (٤) أن نتيجة ما ذُكر إعلان المسيح نفسه لهم وحصولهم على العلم الذي وُعدوا به في ع ٢٠.
 

1) " اَلَّذِي عِنْدَهُ وَصَايَايَ وَيَحْفَظُهَا فَهُوَ الَّذِي يُحِبُّنِي "

    أستخدم إسم الفاعل فى الزمن الحاضر ، حفظ وصايا يسوع فى المسيحية لآ يعنى حفظها عن ظهر قلب دون تنفيذها حفظها يعنى تنفيذها  (يو 15: 10 ) 10 ان حفظتم وصاياي تثبتون في محبتي، كما اني انا قد حفظت وصايا ابي واثبت في محبته. (لو 6: 46) 46 ولماذا تدعونني: يا رب يا رب وانتم لا تفعلون ما اقوله؟ 47 كل من ياتي الي ويسمع كلامي ويعمل به  (1يو 5: 3)3 فان هذه هي محبة الله: ان نحفظ وصاياه. ووصاياه ليست ثقيلة،   (2يو 6) 6 وهذه هي المحبة: ان نسلك بحسب وصاياه. هذه هي الوصية: كما سمعتم من البدء ان تسلكوا فيها. " وهى برهان الإيمان الحقيقى (يو 14: 23) كان الرسل يهودا ومن الطبيعى أن يستخدموا مصطلحات وكلمات سامية وقد كانت (تث 6: 4- 5) 4 اسمع يا اسرائيل.الرب الهنا رب واحد. 5 فتحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك. "  كلمات الصلاة اليهودية اليومية حيث يركزن على السمع والعمل وهذا ما قصده يوحنا هنا (يع 2: 14- 26) 14 ما المنفعة يا اخوتي ان قال احد ان له ايمانا ولكن ليس له اعمال، هل يقدر الايمان ان يخلصه؟ 15 ان كان اخ واخت عريانين ومعتازين للقوت اليومي، 16 فقال لهما احدكم:«امضيا بسلام، استدفئا واشبعا» ولكن لم تعطوهما حاجات الجسد، فما المنفعة؟ 17 هكذا الايمان ايضا، ان لم يكن له اعمال، ميت في ذاته. 18 لكن يقول قائل:«انت لك ايمان، وانا لي اعمال» ارني ايمانك بدون اعمالك، وانا اريك باعمالي ايماني. 19 انت تؤمن ان الله واحد. حسنا تفعل. والشياطين يؤمنون ويقشعرون! 20 ولكن هل تريد ان تعلم ايها الانسان الباطل ان الايمان بدون اعمال ميت؟ 21 الم يتبرر ابراهيم ابونا بالاعمال، اذ قدم اسحاق ابنه على المذبح؟ 22 فترى ان الايمان عمل مع اعماله، وبالاعمال اكمل الايمان، 23 وتم الكتاب القائل:«فامن ابراهيم بالله فحسب له برا» ودعي خليل الله. 24 ترون اذا انه بالاعمال يتبرر الانسان، لابالايمان وحده. 25 كذلك راحاب الزانية ايضا، اما تبررت بالاعمال، اذ قبلت الرسل واخرجتهم في طريق اخر؟ 26 لانه كما ان الجسد بدون روح ميت، هكذا الايمان ايضا بدون اعمال ميت. "

هذا مثل قوله في (يو 14: 15) إلا أن هذا موجَّه لكل المؤمنين، وذاك وُجه إلى الأحد عشر. وقصد المسيح بالذي عنده وصاياه الذي يعترف جهراً بأنه تلميذه. وصرّح بأن طاعة أوامره  وتنفيذ وصاياه وكل ما أعلنه فى الإنجيل هي علامة أن المعترف مسيحي حقاً، لا مجرد اعترافه ولا دموعه ولا نذوره (لوقا ١١: ٢٨).28 اما هو فقال: «بل طوبى للذين يسمعون كلام الله ويحفظونه».
محبة المسيح : ‏لقد أوصى الرب الذين ثبتوا وجههم نحو أورشليم العليا، أن لا يلتفتوا إلى الوراء ليودعوا الأهل والأقرباء، محذرا إياهم أن أعداء الإنسان يكونون هم أهل بيته، إن هو طلب وجه الرب. وأنه بقدر ما يترك الإنسان من مباهج الدنيا وعواطف اللحم والدم، بقدر ما يأخذ مائة ضعف، كيلاً مهزوراً ئلبداً، من مباهج الحياة الأبدية.
‏لقد أوصى الرب كثيراً بالأذن التي تسمع، والعين التي تبصر، والقلب الجيد الذي تنبت فيه الكلمة لتعطى ثمارها، وطوب حبة الحنطة التي فضلت أن تموت، من أن تبقى وحدها، ووعدها بثمر كثير. ووصايا الرب تمسك بعضها بعض، والواحدة تجر الأخرى، لأن قوة خفية تنبع منها، لا تسكت ولا تهدأ، حى تأتي على الكل.

 

2) "  وَالَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي"  والعكس صحيح (يو 15: 23) 23 الذي يبغضني يبغض ابي ايضا.
الَّذِي يُحِبُّنِي يُحِبُّهُ أَبِي هذه المجازاة العظيمة للتلميذ المحب المطيع، ومحبة الآب له محبة مخصوصة تُنتج بركات مخصوصة، منها إرسال الروح القدس.
الذى يحب المسيح  هو الذي اختار النصيب الصالح الذي لن يُنزع منه (لو42:10). ‏«ومن يثبت في تعليم المسيح فهذا له الآب والابن جيعاً (2يو9:1)، «والذي يحب كثيراً يُغفر له الكثير» (لو47:7‏)، أي يصير من المقربين إلى الآب.
‏وفي القديم، تعلمنا أن الله, الحكمة, يمكن أن يتبادل معنا الحب مباشرة: «أنا أحب الذين يحبونني، والذين يبكرون إلي يجدونني» (أم17:8)، وما التبكير إلى الله, أو إلى حكمته, إلا الصلاة والهذيذ بكلمته الحية في بكور الهار وبكور الحياة معاً.(١يوحنا ٢: ٥ ) 5 واما من حفظ كلمته، فحقا في هذا قد تكملت محبة الله. بهذا نعرف اننا فيه: (  1يو ٥: ٣)  3 فان هذه هي محبة الله: ان نحفظ وصاياه. ووصاياه ليست ثقيلة، 

 

3) " وَأَنَا أُحِبُّهُ، وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي "

وتشير هذه الآية إلى ظهورات يسوع بعد القيامة ثم حلول الروح القدس فى المؤمنين (يو 14: 26 ) (رو 8: 29) (غل 4: 19)

هذه مجازاة أخرى للتلميذ المطيع. والإظهار هنا ليس للحواس الطبيعية بل للقوى الباطنية، وهذا ينشئ راحة الضمير والمسرّة ويقين الرجاء، وذلك يعزيهم على مفارقته إياهم، وهو أحسن وعد للإنسان على هذه الأرض.

  أنا أحبه :«الذي» عنده وصايا يسوع، وقد حفظها في قلب واع «وعمل بها وعلم» (مت19:5)، فهذا يكون قد دخل في عهد نشيد الأنشاد، وتأهل أن يطلع على سر الحب الإلهي، ويكون قد انتقل من ميراث البنين إلى ميراث العروس، هذا يقول عنه القديس بولس الرسول إن: «من التصق بالرب، فهوروح واحد.» (اكو17:6).

 آية اختبارية يطرحها المسيح أمام من يحبه فهى علاقة تتسم بحضور المسيح فى محبيه من المؤمنين  حينما قال المسيح في موضع آخر: «ها أنا معكم كل الأيام وإلى انقضاء الدهر» (مت20:28‏)،وهذا وعد مع المحبين المؤمنين به وحافظي عهده ووصاياه، وليس بمجرد التواجد غير المعلن، ولكن بالظهور الحقيقي للروح المنفتحة الحواس والقادرة على اجتلاء الرؤية.
 أكد يسوع فى كلماته دائما أنه : (1) مثل الآب .. (2) ولأنه كلمته فهو يتكلم ببالنيابة عنه .. (3) أعلن يسوع للعالم الأقنومين ألآخرين وعملهما وهما الآب والروح القدس .. كما أكد أيضا أنه المصدر الوحيد الصادق عن الإله ومقاصدة ويؤكد المؤمنون بيسوع أن سلطان يسوع الذى سجل فى الكتاب المقدس هو سلطان مطلق بالنسبة لهم ، وإختبارات الآباء والتقليد والمنطق كلها مستمدة من الكتاب المقدس الذى أساسه يسوع
وَأُظْهِرُ لَهُ ذَاتِي : ويقول الب متى المسكين فى شرح إنجيل يوحنا : [وينفتح عين المسيحي، ليرى ما لم تره عين، ويسمع ما لم تسمعه أذن, ويعي ويدرك ما لم يخطر على قلب بشر، هذا أعلنه له الله خاصة وكشف له بالروح كل مكنونات قلبه أو كما قال بولس نفسه:«حتى أعماق الله!»(اكو9:2-10)9 بل كما هو مكتوب:«ما لم تر عين، ولم تسمع اذن، ولم يخطر على بال انسان: ما اعده الله للذين يحبونه». 10 فاعلنه الله لنا نحن بروحه. لان الروح يفحص كل شيء حتى اعماق الله. 

«واُظهر له ذاتي»: الكلمة اليونانية تفيد معنى «يعرض بوضوح وبشكل بارز»، وهي نفس الكلمة ‏التي جاءت في ظهور المسيح أمام الله: «لأن المسيح لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد، أشباه الحقيقية، بل إلى السماء عينها ليظهر الآن أمام وجه الله لأجلنا» (عب24:9)، لذلك، فهي تفيد أكثر بكثير من معنى  المظور لشيء كان خفياً وأُظهر والتي تأتي هكذا:، ولا هي ظهور شيء كان غير معروف سابقاً:  ومعروف أن ظهور المسيح العلني المجسم والواضح لا يمكن أن تحيط به العين في حالتها الطبيعية، لأن المسيح الأن هو في حالة مجده الإلهي، الذي يفوق قدرة إحساس العين، إذ يتحتم أن يكون الروح متداخلاً وفعالاً في الحواس الروحية, حتى يتمكن الإنسان المؤمن، وليس المؤمن فقط، بل من بلغت روحه درجة نقاوة القلب والصفاء، بممارسة المحبة والهذيذ في كلمة الحياة، لكي يدرك المسيح في ظهوره الإلهي الفائق لمظاهر المادة والعالم.
‏ويلزم أن ننتبه جداً لتصريح الرب في هذا الأمر الفائق، إذ يقول إنه هو الذي سيُظهر ذاته, بمعنى أنه سيمارس عملاً فائقا أو إعجازياً. وهذا يجعل ظهوره عملاً خاصاً به، يعطيه كيفما يشاء، ومتى شاء، ولكنه جعله في متناول كل إنسان: «الذي عنده وصاياي، ويحفظها، فهو الذي يحبني»، أي يؤدي شروط المحبة.

كان الإنجيل الذي بشر به بولس الرسول آحد مناظر الرب وإعلاناته: «إنه لا يوافقني أن أفتخر، فإني آتي إلى مناظر الرب وعلاناته، أعرف إنساناً (هو بولس نفسه) في المسيح قبل أربع عشرة سنة، أفي الجسد، لست أعلم، أم خارج الجسد، لست أعلم، الله يعلم, اختطف هذا إلى السماء الثالثة... اختطف إلى الفردوس، وسمع كلمات لا يُنطق بها، ولا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها.» (كو1:12-4‏)] أ . هـ

ويوحنا الإنجيلي رأى «ذات» الرب في رؤياه عل هيئة ابن الإنسان، بمد أن عرفه: «وسمعت ورائي صوتاً عظيماً، كصوت بوق قائلاً: أنا هو الألف والياء ، الأول والأخر... فالتفت لأنظر الصوت الذي تكلم معي، ولما التفت، رأيت سبع منائر من ذهب, وفي وسط السبع المنائر شبة ابن إنسان، متسربلاً بثوب إلى الرجلين, ومتمنطقاً عند ثدييه بمنطقة من ذهب، وأما رأسه وشعره فأبيضان كالصوف الأبيض كالثلج, وعيناه كلهيب نار، ورجلاه شبه النحاس النقي, كأنهما محميتان في أتون، وصوته كصوت مياه كثيرة، ومعه في يده اليمنى سبعة كواكب، وسيف ماض ذو حدين يخرج من فمه, ووجهه كالشمس وهي تُضيء في قوتها.» (رؤ10:1-16)

 أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية  
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
كأنه قال إن كل مؤمن يسمع وصياى ويعترف بها وينفذها فهو يبرهن بذلك أنه يحبنى لأن الطاعة لأوامرى دليل ساطع على محبته لى "يحبه أبى" لأن وصاياى هى وصاياه فمن يحفظها يحبه الآب وينعم عليه بخيرات وإحسانات لا توصف " وأنا أحبه وأظهر له ذاتى" فأعتنى به وأظهر له ذاتى فيرانى بعين الإيمان فى هذا العالم وأمنحه السعادة الدائمة معى فى ملكوت السماء.

  تفسير / شرح   (يوحنا 14:  22) 22 قال له يهوذا ليس الاسخريوطي:«يا سيد، ماذا حدث حتى انك مزمع ان تظهر ذاتك لنا وليس للعالم؟»

  ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس     

1) " قَالَ لَهُ يَهُوذَا لَيْسَ الإِسْخَرْيُوطِيَّ:"
يَهُوذَا انظر شرح متّى ١٠: ٣. وسمّى : لباوس ( ومعني كلمة لباوس اي رجل القلب ) .. و تداوس (ومعني لقبه تداوس هو قلب كبير ) يهوذا (متي 10: 2-4 ) (مرقس 3: 16-19 ) ( لوقا 6: 13-16) وهو أخو يعقوب بن حلفى (لوقا ٦: ١٦) يهوذا بن يعقوب ويهوذا الاسخريوطي الذي صار مسلما ايضا. " ويهوذا هذا هو مشهور المسمس بلباوس وملقب بتداوس وهو ابن خالة السيد المسيح نفسه وهو كاتب رسالة يهوذا  (يهوذا 1: 1)، ولم يُذكر في البشائر باسمه سوى ثلاث مرات إحداها هنا والأخريان في جدولي أسماء الرسل. وكلامه يدل على أنه شارك سائر الرسل في أفكارهم اليهودية الدنيوية المتعلقة بالمسيح وملكوته.
لَيْسَ الإِسْخَرْيُوطِيَّ قال ذلك تمييزاً له عن الخائن يهوذا الإسخريوطى الذي كان قد خرج (يوحنا ١٣: ٣٠).30 فذاك لما اخذ اللقمة خرج للوقت. وكان ليلا.  " وكان من بين تلاميذ المسيح أثنين يحملان إسم يهوذا  (لوقا ٦: ١٦) يهوذا بن يعقوب ويهوذا الاسخريوطي الذي صار مسلما ايضا. "
«يهوذا» اسم مزعج ينفر منه الإنسان لأنه أصبح إسما لخائن . لقد تيقظ له القديس يوحنا بسرعة وأضاف ما ينفي عنه عار سميه؛ ربما كان هذا في بدء المناداة بإنجيل يوحنا على مستوى الوعظ من على منبر كنيسة أفسس. فحينما نطق بهذا الاسم رأى الوجوه قد اكفهرت، فاستطرد في الحال، وأصلح الحال: «ليس الإسخريوطي»!

 

2) " يَا سَيِّدُ، مَاذَا حَدَثَ حَتَّى إِنَّكَ مُزْمِعٌ أَنْ تُظْهِرَ ذَاتَكَ لَنَا وَلَيْسَ لِلعَالَمِ؟»."
مَاذَا حَدَثَ ظن يهوذا أن المسيح عازم على إنشاء مملكة ظاهرة زمنية مجيدة على هذه الأرض على وفق ما قيل في (ملاخي ٣: ١) 1 هانذا ارسل ملاكي فيهيء الطريق امامي وياتي بغتة الى هيكله السيد الذي تطلبونه وملاك العهد الذي تسرون به هوذا ياتي قال رب الجنود. "  وقول إشعياء «فَتَسِيرُ الأُمَمُ فِي نُورِكِ، وَالمُلُوكُ فِي ضِيَاءِ إِشْرَاقِكِ» (إشعياء ٦٠: ٣).كان أمل التلاميذ مثلهم مثل باقى اليهود أن يملك المسيح على الأرض ويحرر أمتهم وأرضهم من إحتلال الرومان طبقا للنبوات التى أشرنا إليها ولكن كان تفسيرهم خاطئا فالنبوات تفسر عندما تتحقق فقط فلا أحد يعرف الأزمان والأوقات .. يهوذا  كان معتقدا بالملك الأرضى للمسيح طبقا لمفهوم السهود  وعندما قال المسيح هذه ألاية سأله يهوذا هذا السؤال كيف أن  المسيح  يعلن ذاته للتلاميذ دون غيرهم؟ واحتار في كيف يكون ظاهراً للبعض وغير ظاهر للآخر. الفارق بين ما قاله الرب، وها فهم يهوذا ليس الإسخريوطي هو: على أي مستوى يملك يسوع المسيا؟ وعلى أي مستوى يظهر ويعلن ذاته؟ فالرب يتكلم عن السموات، ويهوذا يفكر في الأرض. الرب يعلن عن ألوهيته، ويهوذا ينظر إلى الجسد.

ولعله قصد أن ينصح يسوع أن لا يكتفي بإعلان ذاته للرسل قليلي العدد، بل الأجدر به أن يعلنها لكل أهل العالم بأوضح طريق ملكاً منتصراً ليقتنع الجميع بدعواه ويسجدون له. وهذا كان فى فكر التلاميذ إخوته أى أقاربه ومنهم يهوذا ويعتقد أن يهوذا وأخزه كانوا يحرضونه فى عيد المظال أن يذهب لليهودية لكى يبشر هناك فقالوا له  (يو 7: 4) لانه ليس احد يعمل شيئا في الخفاء وهو يريد ان يكون علانية. ان كنت تعمل هذه الاشياء فاظهر نفسك للعالم» ولكن صعد ولكنهلم يكن ظاهرا (.يو 7: 10) ولما كان اخوته قد صعدوا، حينئذ صعد هو ايضا الى العيد، لا ظاهرا بل كانه في الخفاء."
كان آخر منظر ليسوع خط خطوطه العميقة والمفرحة في قلب التلاميذ ويذكرهم هو يوم أحد الخوص, يوم دخول أورشليم الأخير، حين أعلن يسوع نفسه ملكاً بفم تلاميذه والأطفال، والمفهوم سرا لديهم أنه, ولا شك, هو المسيا الآتي، والباقي إلى الأبد. ألم ينادي علانية باقتراب ملكوت الله؟

 أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية  
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
يهوذا المذكور فى هذه الاية هو المسمى أيضا لباوس وتداوس وهو أهو يعقوب بن حلفا وهو كاتب الرسالة المنسوبة إليه وقد ميزه الإنجيلى بقوله "ليس الإسخريوطى" الذى خرج فى ذلك الوقت ينفذ خيانته (يو 13: 30) ومعنى كلام أخى يعقوب : لماذا يظهر المسيح خاصته فقط وليس للهالم بأسره وهو قول يظهر منه أن يهوذا الرسول إحتار فى كيف للمسيح أن يكون ظاهرا للبعض وغير ظاهر للآخرين  <

  تفسير / شرح   (يوحنا 14:  23) 23 اجاب يسوع وقال له:«ان احبني احد يحفظ كلامي، ويحبه ابي، واليه ناتي، وعنده نصنع منزلا.

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس  

1) " أَجَابَ يَسُوعُ: "
أجاب  المسيح على سؤال وإتسفسار يهوذا في هذه الآية والآية التي بعدها، يما يعنى أن العالم ليس مستعداً لرؤية الآب والابن، لأن الشرط الضروري لذلك هو المحبة عمةما ومحبة المسيح بافيمان به خاصة تنشئ الطاعة لتنفيذ وصاياه  .
 

2) " إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كلامِي"

† " إن " ..  جملة شرطية من الصنف الثالث تفيد إمكانية التحقق ، عندما يرى الناس _أى أهل العالم غير المسيحيين) محبة المسيحيين بعضهم لبعض سيرون فيهم محبة يسوع لهم وتعاليمه فيهم
إِنْ أَحَبَّنِي أَحَدٌ يَحْفَظْ كلامِي هذا كقوله في (يو 14: 15 و 22) 15 «ان كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي، 21 الذي عنده وصاياي ويحفظها فهو الذي يحبني، والذي يحبني يحبه ابي، وانا احبه، واظهر له ذاتي». ، ، والشرط الضروري الذى يدل على محبته هو حفظ كلامه لإظهار ذاته، فالمؤمنون عندما ينفذون هذا الشرط ويرونه، أما العالم فلا يحبه ويرفض كلامه فلا يراه. وقصد المسيح «بكلامه» هنا كل تعاليمه أو وصاياه . (يو 14: 15 ) 15 «ان كنتم تحبونني فاحفظوا وصاياي،"   والمراد بحفظ كلامه هنا تخبئته في صميم القلب لا في الذاكرة فقط، لكي يتأصل ويأتي بأثمار السيرة الطاهرة النافعة للعالم التي تمجد الله. وليس المقصود من حفظ كلامه استظهار كل كلمة منه، بل العزم على ذلك والاجتهاد فيه.

«ومن يحفظ وصاياه، يثبت فيه (في المسيح)، وهو(المسيح) فيه، وبهذا نعرف أنه يثبت فينا, من الروح الذي أعطانا» ( ايو13:4). وأيضاً: «بهذا نعرف أنا نثبت فيه وهو فينا, أنه قد أعطانا من روحه.» (ايو13:4)
«فإنكم أنتم هيكل اله الحى, كما قال الله، إني سأسكن فيهم, وأسير بينهم, وأكون لهم إلهاً وهم يكونون لى شعباً.» (2كو16:6‏)
‏وهذه الآية مجموعة من عدة نبوات كالآتي:
خر45:29 [وَأَسْكُنُ فِي وَسْطِ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَأَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً.]
لا 11:26-12 [وَأَجْعَلُ مَسْكَنِي فِي وَسَطِكُمْ وَلاَ تَرْذُلُكُمْ نَفْسِي, وَأَسِيرُ بَيْنَكُمْ وَأَكُونُ لَكُمْ إِلَهاً وَأَنْتُمْ تَكُونُونَ لِي شَعْباً.]
أر 33:31 [بَلْ هَذَا هُوَ الْعَهْدُ الَّذِي أَقْطَعُهُ مَعَ بَيْتِ إِسْرَائِيلَ بَعْدَ تِلْكَ الأَيَّامِ يَقُولُ الرَّبُّ: أَجْعَلُ شَرِيعَتِي فِي دَاخِلِهِمْ وَأَكْتُبُهَا عَلَى قُلُوبِهِمْ وَأَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً وَهُمْ يَكُونُونَ لِي شَعْباً.]
أر 38:32 [وَيَكُونُونَ لِي شَعْباً وَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً.]
حز 20:11 [لِيَسْلُكُوا فِي فَرَائِضِي وَيَحْفَظُوا أَحْكَامِي وَيَعْمَلُوا بِهَا, وَيَكُونُوا لِي شَعْباً فَأَنَا أَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً.]
حز 28:36 [وَتَسْكُنُونَ الأَرْضَ الَّتِي أَعْطَيْتُ آبَاءَكُمْ إِيَّاهَا, وَتَكُونُونَ لِي شَعْباً وَأَنَا أَكُونُ لَكُمْ إِلَهاً.]
حز 26:37-27 [وَأَقْطَعُ مَعَهُمْ عَهْدَ سَلاَمٍ, فَيَكُونُ مَعَهُمْ عَهْداً مُؤَبَّداً, وَأُقِرُّهُمْ وَأُكَثِّرُهُمْ وَأَجْعَلُ مَقْدِسِي فِي وَسَطِهِمْ إِلَى الأَبَدِ. وَيَكُونُ مَسْكَنِي فَوْقَهُمْ, وَأَكُونُ لَهُمْ إِلَهاً وَيَكُونُونَ لِي شَعْباً.]


3) " إِلَيْهِ نَأْتِي"

أى  أنا والآب.

 «إليه نأتي»: كلمة «نأتي» بالجمع, تعنى الآب وأنا, بما يعنى أن المسيح يجيب على سؤال يهوذا, ليس الإسخريوطي, قائلأ: إن أردت أن تعرف ماذا حدث، وماذا سيحدث، وأين أظهر، وكيف ولمن أظهر، فاعلم أني سأكون مع الآب؛ وهذه إشارة مباشرة إلى لاهوته ووحدانيته مع الآب، والكلام هنا يأتي موازياً لما قاله لفيلبس: «االذي رآني فقد رأى الآب» (يو9:14)، وحيثما سيكون الآب سأكون أنا!! فإن أردث أن تراني، وأن أردتني أُظهر لك ذاتي، فاعمل ها يحبه الآب, والآب يحب من أحبني، وليس أحد يستطيع أن يحبني إن لم يحفظ كلامي!... حيث «كلام» المسيح لا يعني هنا الإنجيل العهد الجديد , بل يعنى الكتات المقدس ككلمة موحدة الهدف، وليست الوصايا المقسمة والمتعددة الأهداف، وحيث الحفظ هو حفظ القلب، لا العقل وحده، وحفظ القلب لا يكون ولا يدوم، إلا بالممارسة عن حب وشغف!

4) " وَعِنْدَهُ نَصْنَعُ مَنْزِلاً"

 ( رؤيا ٣: ٢٠)  20 هنذا واقف على الباب واقرع. ان سمع احد صوتي وفتح الباب، ادخل اليه واتعشى معه وهو معي " هنا يشيرعن الحضور الإلهي في قلب المؤمن دائماً لا وقتيا بل وفى مكان تواجد ولقاء المؤمنين (مت 18: 20)  "لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم». ً، ولا يشعر بحضور المسيح إلا من يختبره في نفسه. سكن الرب قديماً بين بني إسرائيل في الخيمة والهيكل (خروج ٢٥: ٨ ) 8 فيصنعون لي مقدسا لاسكن في وسطهم. ( خر٢٩: ٤٥ ) 45 واسكن في وسط بني اسرائيل واكون لهم الها. ( لاويين ٢٦: ١١ ،١٢ ) . 11 واجعل مسكني في وسطكم ولا ترذلكم نفسي. 12 واسير بينكم واكون لكم الها وانتم تكونون لي شعبا. ( حزقيال ٣٧: ٢٦).26 واقطع معهم عهد سلام فيكون معهم عهدا مؤبدا واقرهم واكثرهم واجعل مقدسي في وسطهم الى الابد. "  ولكنه فى العهد الجديد : يسكن الآن في قلب المؤمن جاعلاً إيّاها هيكلاً له (لوقا ١٧: ٢٠ ) 20 ولما ساله الفريسيون: «متى ياتي ملكوت الله؟» اجابهم: «لا ياتي ملكوت الله بمراقبة 21 ولا يقولون: هوذا ههنا او: هوذا هناك لان ها ملكوت الله داخلكم». ( ١كورنثوس ٣: ١٦ )  16 اما تعلمون انكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم؟ ( 1كو ٦: ١٩ ) 19 ام لستم تعلمون ان جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم، الذي لكم من الله، وانكم لستم لانفسكم؟ ( رؤيا ٣: ٢٠).20 هنذا واقف على الباب واقرع. ان سمع احد صوتي وفتح الباب، ادخل اليه واتعشى معه وهو معي.  "( ١يوحنا ٢: ٢٤ ) 24 اما انتم فما سمعتموه من البدء فليثبت اذا فيكم. ان ثبت فيكم ما سمعتموه من البدء، فانتم ايضا تثبتون في الابن وفي الاب "  وهذا الوعد لعامة الناس وأبسطهم كما أنه أضا لعلية القوم وعلماؤهم ، ليسيروا فى طريق محبته الذى آحره ملكوت السموات وأمجادها . ولا يظن أحد من محبيه والمؤمنين به أنه متروك بعد تنازل الآب والابن لضيافته لأنه يحصل بذلك على أعز الأصدقاء وأشرفهم. فمن اتخاذ الآب والابن قلبه منزلاً لهما نال النعمة والتعزية، وتيقن المغفرة وراحة الضمير ومعرفة الأمور الروحية والسرور بها والإرشاد والحماية. فالله سكن مع المؤمن على الأرض والمؤمن يسكن مع الله في السماء.
«وعنده نصنع منزلاً»: «عمنده» باليونانية تفيد إقامة الرفقة والصحبة بمعنى أن المؤمن دائما فى رفقة المسيح وصحبته ، وليس إقامة الحلول. وهنا نتذكر وعد المسيح لنا بالحضور الدائم وسط لامؤمنين (مت 18: 20)  "لأنه حيثما اجتمع اثنان أو ثلاثة باسمي فهناك أكون في وسطهم». ًوعندما صلب المسيح ومات وقام ظل مع تلاميذة يعلمهم فى حضور دائم يعلمهم حتى يوم صعودة يوم الخمسين وفى هذا اليوم  أرسل  الروح القدس ليحل التلاميذ والمؤمنين تحقيقا لوعده الآخر (يو 14: 18) "لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ." لهذا يطلق على الروح القدس إسم المعزى لأنه «ماكث معكم», «يكون فيكم» (يو17:14). أي التواجد أولاً على مستوى تواجد المسيح, قبل الصليب, معهم ‏كمعلم وقائد وملهم ومخلص، ثم تواجد المسيح فيهم بعد القيامة والصعود والجلوس عن يمين الله «ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكم» (أف17:3)، وهذا لا يتم إلا بالروح القدس.
‏وحفظ الوصايا وكلام المسيح بتنفذ تعاليمه ليس فقط يأتي الروح القدس والمسيح ويكونان معهم للقيادة والتعليم والشهادة والدفاع عن الإيمان؛ بل ويأتي الآب أيضاً مع المسيح ليصنع منزلاً في قلوبهم, كأب يسكب عليهم من روح أبوته, فيستمتعون بالبنوة لله، وينادونه بالروح الصارخ فيهم بالحب: «أيا أبا الآب»: «لننال التبني، ثم بما أنكم أبناء أرسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخأ: يا أبا الآب.» (غل5:4-6‏).
‏المنازل السماوية المعدة لنا فى السماء عندما يحين الوقت , والمنازل التي يصنعها المسيح والآب معنا الآن فى أرض : أى أن المنزل الأرضى بحلول الروح القدس وتواجد الآب والأبن فينا وفى منازلنا سيكون هذا صورة مصغرة من المنازل السمائية لهذا قال المسيح (لو 17: 21) "ولا يقولون: هوذا ههنا، أو: هوذا هناك! لأن ها ملكوت الله داخلكم»." ويبدوا الأمر أننا سننتقل من منزل أرضى إلى منزل سماوى

«المنازل السماوية» فوق، التي أعدها المسيح ليأخذنا إليها، لنكون معه ومع الآب: وبولس عاين المنازل السماوية العليا، واطلع على أمجادها، ولم يكن واثقأ هل كان ذلك بالجسد أم خارج الجسد، ولكنه كان واثقاً أنه رأى وعاين، وشاهد وشهد، لعظمة تلك المنازل العليا. وأيضاً هو القديس بولس نفسه، الذي يؤكد لنا مراراً أن الرب كان ينزل عنده من حين إلى حين، ليتكلم معه في وسط الضيقات مرشداً ومشجعاً: «فقال الرب لبولس برؤيا في الليل: لا تخف، بل تكلم، ولا تسكت. لأني أنا معك, ولا يقع بك أحد ليؤذيك, لأن لي شعباً كثيراً في هذه المدينة.» (أع9:18-10)
‏والرب نفسه وصف تواجده مع بولس، كمن يوجد في إناء مختار يستريح فيه: «فقال له (لحنانيا) الرب: اذهب، لأن هذا إناء مختار ليحمل اسمي أمام أمم وملوك وبني إسرائيل.» (اع15:9).
‏وهكذا، أُعطينا هذه السكنى بالروح مع الآب والابن، فوق، في المنازل العليا. وتنازل الآب والابن ليسكنا عندنا هنا، تحت، في منازل كخيمة مؤقتة يعدانها في قلوبنا، ليحملا معنا حر النهار، ويشتركا معنا في ضيق الحياة. وهذا تنازل ما بعده تنازل من جهتهما، وتكريم ما بعده تكريم من نحونا، إذ بذلك نفهم أننا لسنا يتامى، بل صرنا فعلاً «أهل بيت الله»» (أف19:2)؛ وأذ قد صدق الوعد الذي ومد: «وها أنا معكم كل الأيام، إلو انقضاء الدهر.» (مت20:28) أن هذه الوعود تمت بكل صدق ودقة، وقد عاشها القديسون واختبروها، وشهدوا لها في الكنيسة الحية الخالدة. أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية  
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
كأن المسيح يقول لا تظن أيها الرسول أننى أظهر لك ولإخوتك التلاميذ فقط بل كل من يحبنى ويبرهن على محبته لى بحفظه كلامى وبإتيانه بثمار سيرة طاهرة وصالحة للعالم الممجده للرب أظهر له الظهور الغير منظور وأحبه أنا والآب وإليه نأتى " وعنده نصنع منزلا" فنسكن فى قلبه وننير عقله ونحمل إرادته على عمل الخير ومن سكنت أنا والآب فى قلبه لا بد وان ينال النعمة والمواهب الروحية وراحة الضمير ومعرفة الأمور الروحية والإرشاد والحماية وهذا الحب والسكنى ليس لكم أيها التلاميذ فقط بل لكل المؤمنين الذين يحبوننى ويحفظون وصاياى من أبسط الناس وأدناهم إلى اعلمهم واسماهم مقاما

  تفسير / شرح  (يوحنا 14:  24) 24 الذي لا يحبني لا يحفظ كلامي. والكلام الذي تسمعونه ليس لي بل للاب الذي ارسلني.

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس     

1) " اَلَّذِي لا يُحِبُّنِي لا يَحْفَظُ كلامِي"

في (يو 14: 23)  رأينا جواب المسيح على سؤال يهوذا «كيف تظهر ذاتك لنا؟» وفي هذا العدد جوابه لسؤال «كيف لا تظهر ذاتك للعالم؟» لأن العالم الذي يرفض المسيح يوصد أبواب الاتصال بين الآب والقلوب.
هذا الآية بمعنى التي قبلها إلا أنها في صورة السلب، لأن الذى يحب إسنانا يسمع كلامه و والعكس صحيح من يحب كلام إنسان يحبه وكمثل لذلك الإنسسان يجب القائد الذى تميل إليه نفسه ويريد أن يكون مثله غبفلده فى كل شئ والمسيح نور ومن أحب النور يمشى فيه فيبصر كل شئ ولكن هناك من أحب الظلمة هؤلاء ابغضوا النور أى ابغضوا المسيح ولكى تتم النبوة التى إستشهد بها يوحنا (يو 15: 25) "لكن لكي تتم الكلمة المكتوبة في ناموسهم: إنهم أبغضوني بلا سبب."

والذين أحبوا العالم الحاضر فانجرفوا في تياره فقدوا نور الحياة ، ومنهم من حفظوا علوم الدنيا وغرقوا في فلسفات هذا العالم وأغانيه ولهوه ومسراته وتعظم المعيشة , فجهلوا وتنكروا لله وكلماته هؤلاء لم يؤمنوا به وساروا فى طريق مظلم فلم يسمعوا كلماته ولم يحفظوها وتعاليمه كرهوها ودخل وا من الباب الواسع وحيث لأنه لا طاعة حيث لا محبة، ولا مجازاة حيث لا طاعة. والمجازاة هنا محبة الآب وسكنه مع الابن في القلب، وإظهار المسيح ذاته. فالإقرار بالإيمان ومعرفة الحق وفصاحة المنطق وتقديم النذور وذرف الدموع إن كانت بلا طاعة فهي باطلة.

2) " وَالكلامُ الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَل لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي»."

هذه الآية وردت بنفس المعنى فى ( يو ٧: ١٦ )16 اجابهم يسوع وقال:«تعليمي ليس لي بل للذي ارسلني "  وفى ( يو ١٢: ٤٩ )  49 لاني لم اتكلم من نفسي، لكن الاب الذي ارسلني هو اعطاني وصية: ماذا اقول وبماذا اتكلم. " وفى ( يو ٨: ٢٨) 28 فقال لهم يسوع:«متى رفعتم ابن الانسان، فحينئذ تفهمون اني انا هو، ولست افعل شيئا من نفسي، بل اتكلم بهذا كما علمني ابي. " وفى (يوحنا ٥: ١٩، ٣٨ ) 19 فاجاب يسوع وقال لهم:«الحق الحق اقول لكم: لا يقدر الابن ان يعمل من نفسه شيئا الا ما ينظر الاب يعمل. لان مهما عمل ذاك فهذا يعمله الابن كذلك. 38 وليست لكم كلمته ثابتة فيكم، لان الذي ارسله هو لستم انتم تؤمنون به. "
المسيح، هنا، يشهد على نفسه، أن كل ما قاله وسمعوه منه هو من الآب وله؛ لذلك فالذين لم يقبلوه ولم يحفظوه, هؤلاء صيروا أنفسهم غرباء عن الآب وأعداء: «محبة العالم عداوة لله» (يع4:4).

يظن كل من يسمع كلام ووصايا وتعاليم المسيح أنها من إنسان وليس من الرب هنا يوضح المسيح أن كلامه من الآب قال المسيح عبارة "ليس لى"  ليبيّن للتلاميذ سلطان كلامه وأهميته .وبما أنه والآب واحد   ( يوحنا 14:11) (يو 10: 30) "أنا والآب واحد»."( يو 14: 10) 10 الست تؤمن اني انا في الاب والاب في؟ الكلام الذي اكلمكم به لست اتكلم به من نفسي، لكن الاب الحال في هو يعمل الاعمال.  إذا فكلام الآب هو كلامه أيضا "
«وَالْكلاَمُ (الأصح «الكلمة» اللوغس بالمفرد) الَّذِي تَسْمَعُونَهُ لَيْسَ لِي بَلْ لِلآبِ الَّذِي أَرْسَلَنِي»: رفع المسيح الكلام الذي يتكلم به إلى مستوى الرسالة الإلهية, اللوغس الخارج من عند الآب, الكلمة, التي إذا قبلها الإنسان بالأذن الروحية، واحتفظ بها في قلبه, ومارس محتواها الروحي، فإنه يدرك سر الآب والابن، سر الحب الإلهي، ويحياه بالروح القدس ويلتحم به

أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية  
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
أما " الذى لا يحبنى فلا يحفظ كلامى" فغن الذى يرفضنى يرفض بالطبع كلامى ومتى رفضنى ورفض كلامى ينغلق قلبه فلا أظهر له ذاتى " والكلام الذى تسمعونه ليس لى بل الآب الذى أرسلنى" لأن كلامى هو كلام الآب فالذى يرفض كلامى يهين الآب لأنه كلامه أيضا ، والذى يقبل كلامى يكرم ألاب ( وقد ورد هذا القول فى (يو 7: 16 & 8: 28 & و 12: 49)

تفسير إنجيل يوحنا الإصحاح الرابع عشر
6. المعزي المعلم
(يوحنا 14:  25- 26)

   تفسير / شرح  (يوحنا 14:  25) 25 بهذا كلمتكم وانا عندكم.

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس     
1) "«بِهَذَا كَلَّمْتُكُمْ وَأَنَا عِنْدَكُمْ»."
† "  بهذا  " ..  إشارة  إلى تعاليم  يسوع معهم وبعد موته وقيامته أى فى العلية (يو 15: 11 & 16: 1 و4 و6 و 25 و20)
أتى المسيح ليخلص العالم وهذه العبارة شائعة فى بلاد الشرق الأوسط عندما يعطى الوالين نصائح  أو نصائح لأولادهم  وعندما يخالفونها ويقعون فى مشاكل يقولون لهم ليذكرهم  فيقولون " نحن قلنا لكم" وفى هذه الآية يحذرهم المسيح بتنفيذ كلامه لأن هذا الكلام سيكون شاهدا عليهم فى يوم الدينونة لهؤلاء الذين يسمعونه ولا يعملون به (يو 12: 48) "من رذلني ولم يقبل كلامي فله من يدينه. الكلام الذي تكلمت به هو يدينه في اليوم الأخير،"  وكلام المسيح منتشر الآن عبر الإنترنت وأجهزة التواصل الإجتماعى أى أن كلام المسيح منتشر الآن ولا عذر لمن يسمع كلامه ولا يعمل به بل أنهم يتجاوزون ذلك وكما إضهدوا المسيح يضطهدون المؤمنون به (يو 15: 20) "اذكروا الكلام الذي قلته لكم: ليس عبد أعظم من سيده. إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم، وإن كانوا قد حفظوا كلامي فسيحفظون كلامكم."
قال هذا استعداداً لذهابه ، فإن كل ما كانوا قد حصلوا عليه من التعليم منذ أول أمره معهم إلى الآن كان من شفتيه، وهم نسوا بعض ما سمعوه، ووجدوا بعضه عسر الإدراك. ولعلهم كانوا مضطربين من كل ذلك، فقصد تعزيتهم بمن يقوم بكل حاجاتهم الروحية من التذكير والإيضاح والتعليم.
أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية  
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
 وقوله "وبهذا كلمتكم زأنا عندكم " يفيد إستعداده للذهاب وتسليمه إياهم إلى معلم آخر وهو الروح القدس كما سنرى فى العدد التالى <

   تفسير / شرح  (يوحنا 14:  26) 26 واما المعزي، الروح القدس، الذي سيرسله الاب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم.

أ ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس  
 1) " المُعَزِّي" 

المعزي، المرشد، الشفيع: (إشعياء 11: 2) 2 ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب. ( يوحنا 14: 16) 16 وانا اطلب من الاب فيعطيكم معزيا اخر ليمكث معكم الى الابد،  ( يو 15: 26)  26 «ومتى جاء المعزي الذي سارسله انا اليكم من الاب، روح الحق، الذي من عند الاب ينبثق، فهو يشهد لي. ( يو  16: 7)7 لكني اقول لكم الحق: انه خير لكم ان انطلق، لانه ان لم انطلق لا ياتيكم المعزي، ولكن ان ذهبت ارسله اليكم. "
تعنى كلمة معزى فى اللغة العربية : التعزية فى مصاب أو كارثة أو موت وأيضا صبر ، واسى " وتعنى بساطة شديدة تعزية المؤمنين بعد موت المسيح وقيامته وصعود المسيح   وإرسال المسيح الروح القدس للمؤمنين هو حماية للمسيحية من التشتت (مت 26: 31) "حينئذ قال لهم يسوع: «كلكم تشكون فى في هذه الليلة، لأنه مكتوب: أني أضرب الراعي فتتبدد خراف الرعية." لأن الروح القدس يعطى مواهب متعددة للمؤمنين
المعزي، المرشد، الشفيع هذه الكلمات الثلاث : ترجمة لكلمة "باراكليتوس" اليونانية والتي منها نشتق كلمة "باراكليت" والتي هي إسم آخر للروح القدس. عندما مضى يسوع، إضطرب تلاميذه لأنهم فقدوا حضوره المعزي. ولكنه وعد أن يرسل الروح القدس ليعزي ويرشد وينصح أولئك الذين ينتمون للمسيح. الروح أيضاً "يشهد" لأرواحنا أننا ملك له وبالتالي يؤكد لنا خلاصنا.

2) " الرُّوحُ القُدُسُ" هذا تفسير للمعزي وهو الأقنوم الثالث من اللاهوت، ووُصف بالقداسة لأن وظيفته تقديس قلوب الناس (فيلبي ٢: ١٢، ١٣ ) 12 اذا يا احبائي، كما اطعتم كل حين، ليس كما في حضوري فقط، بل الان بالاولى جدا في غيابي، تمموا خلاصكم بخوف ورعدة، 13 لان الله هو العامل فيكم ان تريدوا وان تعملوا من اجل المسرة.  ( عبرانيين ١٣: ٢٠، ٢١) 20 واله السلام الذي اقام من الاموات راعي الخراف العظيم، ربنا يسوع، بدم العهد الابدي، 21 ليكملكم في كل عمل صالح لتصنعوا مشيئته، عاملا فيكم ما يرضي امامه بيسوع المسيح، الذي له المجد الى ابد الابدين. امين. " ووُصف في ع ١٧ (يو 14: 17) بالحق لأن الحق آلته التي يقدس بها.( يو ١٦: ١٣ ) 13 واما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم الى جميع الحق، لانه لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بامور اتية. ( يو ١٧: ٧ ) 7 والان علموا ان كل ما اعطيتني هو من عندك، ( ١يوحنا ٢: ٢٧) 27 واما انتم فالمسحة التي اخذتموها منه ثابتة فيكم، ولا حاجة بكم الى ان يعلمكم احد، بل كما تعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء، وهي حق وليست كذبا. كما علمتكم تثبتون فيه
والروح القدس له اسماء عديدة منها : (1) مؤلف الكتاب المقدس: (بطرس الثانية 1: 21؛ تيموثاوس الثانية 3: 16) الكتاب المقدس موحى به، هذا يعني حرفياً أنه "نسمة الله" بالروح القدس، الأقنوم الثالث في الثالوث المقدس (2) مبَكِّت على الخطية: (يوحنا 16: 7-11) (3) ختم، رباط، ضمان: (كورنثوس الثانية 1: 22؛ 5: 5؛ أفسس 1: 13-14) (4) مرشد: (يوحنا 16: 13) (كورنثوس الأولى 2: 14).(5)  لساكن في المؤمنين: (رومية 8: 9-11؛ أفسس 2: 21-22؛ كورنثوس الأولى 6: 19)(غلاطية 5: 22-23).(6) الشفيع: (رومية 8: 26) (7) روح الحق، المعلن: (يوحنا 14: 17) ( يو 16: 13) ( كورنثوس الأولى 2: 12-16) (8) روح الله، روح الرب، روح المسيح: (متى 3: 16؛ كورنثوس الثانية 3: 17؛ بطرس الأولى 1: 11) (9) روح الحياة: (رومية 8: 2)(10) المعلم: (يوحنا 14: 26؛ كورنثوس الأولى 2: 13) (11) الشاهد: (رومية 8: 16)  16 الروح نفسه ايضا يشهد لارواحنا اننا اولاد الله.  (عبرانيين 2: 4) 4 شاهدا الله معهم بايات وعجائب وقوات متنوعة ومواهب الروح القدس، حسب ارادته. ( عب 10: 15) 15 ويشهد لنا الروح القدس ايضا. لانه بعدما قال سابقا: " يسمى الروح القدس "الشاهد" لأنه يشهد لحقيقة أننا أولاد الله، وأن يسوع والتلاميذ الذين صنعوا معجزات أرسلوا بالفعل من الله وأن أسفار الكتاب المقدس موحاة من الله. وأكثر من هذا، فإنه بمنحه مواهب الروح للمؤمنين فإنه يشهد لنا وللعالم أننا ملك الله.
† "   الروح القدس " ..  هذا اللقب عرفناه من يسوع للأقنوم الثالث فى (سو 1: 33) وهنا ولكن يطلق عليه أسماء اخرى فى البشارة بحسب يوحنا مثل : المعزى .. روح الحق .. الروح تشير كثير من ألايات فى العهد الجديد إلى الروح القدس بتعبيرات شخصية (مر 3: 29 ) (لو 12: 12) (يو 14 : 26 & 15: 26 & 16: 7- 15) وهناك آيات أخرى تستخدم الضمير الحيادى عندما تشير إلى الروح القدس ، وذلك لأن كلمة "بنيوما" فى اللغة اليونانية والتى تعنى " الروح"  هى حيادية (يو 14: 17) (رو 8: 26) لا ترد كلمة "ثالوث "فى الكتاب المقدس  لكن فى كثير من ألآبات نرى ظهورات شخصية لأقانيم الثالوث (مت 3: 16- 17 & 28: 19) ( يو 14: 26) (أع 2: 33- 34) (رو 8: 9- 10) (1كو 12: 4- 6) (2كو 1: 21- 22 & 13: 14)

 

3) " الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ "

في مواضع أخرى أن الابن يرسله، ونتيجة ذلك أنه رسول كليهما.لألأنهم واحد ( لوقا ٢٤: ٤٩ ) 49 وها انا ارسل اليكم موعد ابي. فاقيموا في مدينة اورشليم الى ان تلبسوا قوة من الاعالي»

‏«يرسله» هنا فعل يأتي في صيغة المستقبل الدائم؛ فالروح القدس هو في حالة إرسال دائم من الآب، للاعلان وللتكميل والشهادة فيما يخص الابن المتجسد، وإرساليته, أي الخلاص؛ كما أن «يرسله الآب» تجيء في زمن المستقبل الدائم بمعنى امتداد إرسالية الابن, فكأن المسيح لا يزال يكمل إرسالية الآب له، من واقع إرسالية الروح القدس للكنيسة كلها!

أتى المسيح جاء باسم الآب: «أنا قد أتيت باسم أبي» (يو43:5‏) = أنا هو؛ وها هو الروح القدس يأتي باسم المسيح, فكما كانت مهمة المسيح هي الإعلاء والتعريف بالآب وتمجيده، هكذا الروح القدس، فمهمته هي الإعلان عن المسيح، والتعريف بالابن وتمجيده: «ذاك يمجدنى, لأنه يأخذ مما لى ويخبركم‏» (يو14:16)‏, «....روح الحق الذي من عند الآب ينبثق، فهو يشهد لي» (يو26:15). وكما كان المسيح لا يتكلم من نفسه بل من الآب، هكذا الروح القدس «لا يتكلم من نفسه، بل كل ما يسمع يتكلم به» (يو13:16‏). وكما أن المسيح اقتصرت رسالته التعليمية على التلاميذ، كذلك الروح القدسى، فإن رسالته تقتصر على الكنيسة.

 

4) " بِاسْمِي "

البسملة المسحية : "بإسم ألاب والإبن والروح القدس الإله الواحد آمين ى نقل يأسماء ولكن بإسم واحد فقط  لأن عمل المسيح هو إعلان الآب للبشرية وتقريب الآب مع سكان الأرض ورجوعهم إليه فهو الوسيط الوحيد ، ويأتي الروح لإتمام ذلك. فمعنى قوله «اسمي» بسلطاني كما أني أتيت باسم الآب (يوحنا ٥: ٤٣).43 انا قد اتيت باسم ابي ولستم تقبلونني. ان اتى اخر باسم نفسه فذلك تقبلونه. "  وأتى الروح باسم المسيح لأنه كان نائباً عنه (يو 14: 13) 13 ومهما سالتم باسمي فذلك افعله ليتمجد الاب بالابن." ولأنه أتى إجابة لصلواته (ثو 14: 16)16 وانا اطلب من الاب فيعطيكم معزيا اخر ليمكث معكم الى الابد، " ولصلوات تلاميذه الطالبين اسمه.
† " الذي سيرسله الاب باسمي  " ..  حدث كثير من الجدل فى الكنيسة بسبب ظهور هرطقات فى القرن الرابع الميلادى ومنها كان يوجد نقاش حاد حول ما غذا إنبثق الروح القدس من الآب (يو 3: 34) (أع 2: 33) أو من الأبن (يو 15: 26 & 16: 7) (لو 24: 49) كانت تدور الجدل اللاهوتى بين أثناسيوس وآريوس حول الوهية يسوع ومساواته بالآب 

 

5) " فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ"

 يتعلق بطريق الخلاص من أسر الشيطان ويحرر من عبودية الحطية  ويعطينا غفران المسيح الذى تم بسر الفداء فهو يعطينا المعرفة ونستطيع إدراكه، فليس المقصود أنه يعلمهم كل أنواع العلوم كالفلسفة وغيرها، فإن تعليم يسوع جهزهم لقبول أسمى تعاليم الروح القدس (يوحنا ١٦: ١٣).
† "  فهو يعلمكم كل شيء  " ..  يعلم الروح القدس المسيحيين الأمور الروحية المتعلقة بالكتاب المقدس وخاصة يسوع وتعاليمه ـ أما مواضيع المعرفة والعلم التى تدرس فى العالم لا يحتاج المسيحى للروح القدس فيها لأنه يتعلمها مثل الباقيين ولكن يبقى عنده الفرز عندما تتععارض هذه المعلومات مع ما ورد فى الكتاب المقدس

 

6) " وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلتُهُ

لَكُمْ الذي يسمعه الإنسان ولا يدركه ينساه سريعاً. والتلاميذ سمعوا من يسوع أشياء كثيرة منعتهم آراؤهم اليهودية من إدراك معناها الروحي، ولم يمنعه هذا عن الإستمرار فى كلامه لهم فحسب هذا نبوات ولم يستطيع التلاميذ فهم العمق الروحى لكلام المسيح ونلاحظ ذلك من السئلى الساذجة التى كان يسألها التلاميذ له ولكن فهم التلاميذ كل ما قاله المسيح لهم بعد ذلك بعد إنارة الروح لهم. على أنهم نسوا كثيراً منها، فوعدهم يسوع بأن الروح سيذكرهم متى قدروا أن يدركوا معناه. ومن أمثلة ذلك ما في يوحنا ٢: ٢٢ ) 22 فلما قام من الاموات، تذكر تلاميذه انه قال هذا، فامنوا بالكتاب والكلام الذي قاله يسوع. ( يو ٧: ٣٨ و ٣٩ ) 38 من امن بي، كما قال الكتاب، تجري من بطنه انهار ماء حي». 39 قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه، لان الروح القدس لم يكن قد اعطي بعد، لان يسوع لم يكن قد مجد بعد (يو ١٢: ١٦) 16 وهذه الامور لم يفهمها تلاميذه اولا، ولكن لما تمجد يسوع، حينئذ تذكروا ان هذه كانت مكتوبة عنه، وانهم صنعوا هذه له.  " والقارئ للإنجيل يوحنا يكتشف إلهام الروح القدس فيه بلا نزاع، والتي بلغت من العمق والدقة في المعاني، والترتيب في سردها عظات المسيح ، درجة أرهقت أذهان جميع العلماءء بسبب الحكمة المذهلة التي كُتبت بها هذه الأحاديث.

وفي هذه الآية وعدٌ بأمرين: (١) أهمية تعليم الروح. (٢) تذكيره إيّاهم قبلاً.وشرح بولس الرسول هذا المعنى فى : «أن تتأيدوا بالقوة بروحه, في الإنسان الباطن، ليحل المسيح بالإيمان في قلوبكم، وأنتم متأصلون ومتأسسون في المحبة» (أف16:3-18) وإنجاز الوعد بالأول في سفر أعمال الرسل، وإنجاز الوعد بالثاني في بشارة يوحنا التي كُتبت بعد خمسين سنة من صلب المسيح على ما فيها من التدقيق في ذكر الحوادث والمحاورات والتعاليم.. ومع أن الوعد بتعليم الروح القدس قد وُجِّه إلى التلاميذ خاصة، إلا أنه لا يقتصر عليهم، فهو لكل المؤمنين في كل مكان وزمان.. والوعد لتلاميذ المسيح يومئذ بتعليم الروح إيّاهم كل شيء برهان قاطع على كمال أسفار العهد الجديد التي هي تعليم الروح القدس بواسطة مؤلفيها، فلا محل لتعاليم جديدة في الدين في العصور التي بعد عصرهم.
«يعلمكم كل شيء»، يوضح قول المسيح لتلاميذه: «إن لى أموراً كثيرة أيضاً لأقول لكم، ولكن لا تستطيعون أن تحتملوا الآن. وأما متى جاء ذاك، روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق» (يو12:16-13)

† "  ويذكركم بكل ما قلته لكم " ..  حلول الرح القدس فى المسيحيين يعمل فينا بـــ : (1) تبكيت البشر على الخطية .. (2) جذب المسيحيين للمسيح وبالتالى ينجذ الغير مسيحيين إلى المسيح  .. (3) نعميد المؤمنين معمودية على إسم يشوع المسيح  (الولادة الجديدة) .. (4) تثبيت يسوع فى المسيحيين (يو 16: 7- 15) .. يسااعد الروح القدس التلاميذ والرسل بتذكر ما قاله يسوع لهم وتوضيح معانى ذلك ويكون هو الوحى لهم ليكتبوا البشائر والرسائل ، وظل يسوع يوجه ويرشد التلاميذ والرسل بعد قيامته وشرح لهم نبوات العهد القديم التى وردت عنه (لو 24: 13 وما يليها ) 
أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية  
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
كأنه يقول إن كل ما سمعتموه الآن من فمى لا تدركون كثير منه لسموه وبساطتكم ولذا سيرسل لكم الآب بإسمى نائبا عنى "فهو يعلمكم كل شئ" من أمور الخلاص " ويذكركم بكل ما قلته لكم " فقد سمعتم منى أشياء كثيرة ولكن آرائكم اليهودية منعتكم من إدراك معناها الروحى ولا تستطيعون أن تفهموها إلا بعد إستنارتكم بالروح القدس فإذا حلت عليكم نعمه ومواهبه يجعلكم تدركون أسرار مجيئى وتجسدى وتأسيسى كنيستى وتدبيرها وهو أيضا سيعزيكم فى المصائب والإضطهادات ووصف الروح بالقداسة لأن وظيفته تقديس قلوب الناس ووصف فى (يو 14: 17) بالحق لأن الوسائل التى يقدس بها ملها حق ولأنه يعلم الحق

تفسير إنجيل يوحنا الإصحاح الرابع عشر
7. فرح المسيح برحيله
/ ترك سلامه لتلاميذه(يوحنا 14:  27- 31)

   تفسير / شرح  (يوحنا 14:  27) 27 «سلاما اترك لكم. سلامي اعطيكم. ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا. لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب.

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس     
1) " سلاماً أَتْرُكُ لَكُمْ."

«وأقطع معهم عهد سلام, فيكون معهم عهداً مؤبداً» (حز26:37) «ويُدعى امه عجيباً، مشيراً، إلهاً، قديراً، أباً أبدياً، رئيس السلام.»(إش6:9‏)

«سلام»: ‏أصل الكلمة العبرية هو ‏«شالوم ‏،«السلام» في الأصل العبري يأتي من أصل «سالم»، أي غير منقوص أومفقود شيء مهما اعتدي عليه. وبهذا تغنى إشعياء النبي: «يجعل الخلاص أسوارا ومترسة. افتحوا الأبواب لتدخل الأمة البارة الحافظة الأمانة. ذو الرأي الممكن تحفظه سالماً سالماً, لأنه عليك متوكل» (إش1:26-3) وهي في العهد القديم ذات معان واستخدامات كثيرة، وأكثرها يختص بالحياة في الدنيا. ويقابلها باليونانية: «إيريني». وفي الاستخدامات المدنية ينحصر معناها في المعنى المقابل للعداوة؛ أما في الاستخدامات في أسفار العهد الجديد، فتنطلق انطلاقة رأسية بارعة لتشرح العلاقة الصحيحة مع الله, التي هي أصل ومنبع كل ما يصيب الإنسان من خير أو شر، وما يتحكم في سلوكه وصفاته وأهدافه وكل حياته، ليس الحاضرة فقط بل والمستقبلة أيضاً!!

تعنى كلمة السلام فى اللغة العربية : ألأمان ، عدم الحرب ، صلح ، الطمأنينة ، البراءة من العيوب أو الخطايا "
‏ولا تكفي مئات الصفحات لنجمع فيها أصل وتفرعات هذه الكلمة الخصبة جداً، فهي نظير «المحبة». فالله محبة، والمسيح هو إله «السلام» (2كو11:13, فى9:4)، وهو الذي صالحنا مع الله، بعد عداوة، فأسس فينا «السلام» «بدم صليبه» (كو20:1). أخذاً وعطاءَ، فنحن الأن «لنا سلام مع الله» (رو1:5)، «والمسيح هو سلامنا» (أف14:2)، والسلام الذي يعطيه الله يسكن عقولنا، وهو «يفوق العقل» (في7:4)، أي يرفعه فوق ذاته، ويدخله في الهدوء والسكينة الإلهية، وكذلك يسكن قلوبنا «ويملك عليها» (كو15:3‏)، فيوقف اضطرابها وجزعها ويدخلها في مجال الفرح الإلهي الذي يسود على الضيق والألم ويملك فوقه: «فرحين في الرجاء، صابرين في الضيق» (رو12:12)، «وسلام الله الذي يفوق كل عقل، يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع.» (في7:4)

الرب يتكلم ويركز على الفراق. وفي الآية (يو 14: 25) من هذا الإصحاح قال: «بهذا كلمتكم وأنا عندكم»، فهو الآن على أهبة الذهاب، وكأنه يقرؤهم السلام قبل ذهابه.
‏ولكن السلام عند المسيح يعني شيئاً مختلفاً عن السلام عند العالم: «ليس كما يعطي العالم أعطيكم». والمسيح هنا يذكر السلام في وضعين: الوضع الأول عهد، إنه يقطع عهداً مؤبداً يتركه لهم, بوضعه العام بدون تعريف: «سلاماً أترك لكم». والوضع الثاني، سلامه الخاص: «سلامي أعطيكم». أما السلام الأول بغير تعريف، فهو ليس التحية التي اعتاد أن يقولها لهم: «شالوم»، ولكنه في مفهومه الوداعي الأخير: «أتركه»، بمعنى «التركة» كميراث، بعد عشرة ستدخل تسجيلها النهائي لبداية عهد جديد. أما سلامه الخاص في وضعه الثاني، فهو «عطية» أو هبة، من نوع عطية الحياة الأبدية، وصفة دائمة لها: «وأنا أعطيها حياة أبدية، ولن تهلك إلى الأبد.» (يو28:10‏).
‏فالمسيح هنا يهب تلاميذه هبة السلام الإلهي الذي يفوق العقل (في7:4)، ويملك على القلب (كو15:3‏)، ويهدي الأقدام إلى طريق السلام (لو79:1)، وثمر بره يُزرع في السلام (يع18:3‏)، ويحل على أبناء السلام (لو6:10‏)، وأخيراً، سرف يتجلى بحلول الروح القدس ليدوم معهم ولهم إلى الأبد.
في هذه الآية تعزية خامسة للتلاميذ على مفارقة المسيح إيّاهم بعد موته وقيامته : (١) اجتماعه به في السماء (يو 14: 2و 3).2 في بيت ابي منازل كثيرة، والا فاني كنت قد قلت لكم. انا امضي لاعد لكم مكانا، 3 وان مضيت واعددت لكم مكانا اتي ايضا واخذكم الي، حتى حيث اكون انا تكونون انتم ايضا،  (٢) صنعهم أعمالاً أعظم من أعماله ((يو 14: 13) . 13 ومهما سالتم باسمي فذلك افعله ليتمجد الاب بالابن. 14 ان سالتم شيئا باسمي فاني افعله.  (٣) إجابة صلواتهم (ع ١٣، ١٤).13 ومهما سالتم باسمي فذلك افعله ليتمجد الاب بالابن.   (٤) مجيء المعزي (يو 14: 16 و 26) 16 وانا اطلب من الاب فيعطيكم معزيا اخر ليمكث معكم الى الابد،  26 واما المعزي، الروح القدس، الذي سيرسله الاب باسمي، فهو يعلمكم كل شيء، ويذكركم بكل ما قلته لكم. ". وكلام المسيح هنا كلام وداع وبركة وتوصية.(5) سلاما يترك وسلاما يعطى (يو 14: 27)
سَلاماً شاعت قول هذه العبارة قديماً وحديثاً بين الأصحاب والأقارب عند اللقاء وعند المفارقة والوداع (١صموئيل ١: ١٧ ) 17 فاجاب عالي وقال اذهبي بسلام واله اسرائيل يعطيك سؤلك الذي سالته من لدنه.  ( متّى ١٠: ١٣ )  13 فان كان البيت مستحقا فليات سلامكم عليه ولكن ان لم يكن مستحقا فليرجع سلامكم اليكم. ( لوقا ٧: ٥٠ )  50 فقال للمراة: «ايمانك قد خلصك! اذهبي بسلام». ( أعمال ١٦: ٣٦ )  36 فاخبر حافظ السجن بولس بهذا الكلام ان الولاة قد ارسلوا ان تطلقا، فاخرجا الان واذهبا بسلام." وكانت تتضمن رسائل التلاميذ للمؤمنين تسجيل كلمات السلام إليهم عبر رسائلهم  ( ١بطرس ٥: ١٤ )14 سلموا بعضكم على بعض بقبلة المحبة. سلام لكم جميعكم الذين في المسيح يسوع. امين.  ( ٣يوحنا ١٥).15 سلام لك. يسلم عليك الاحباء. سلم على الاحباء باسمائهم. "  لما فارق يسوع هذا العالم ترك نفسه للآب، وجسده ليوسف الرامي، وثيابه للعسكر الذين صلبوه، وأمّه ليوحنا. وأما تلاميذه فترك لهم السلام، لم يهتم المسيح فى حياته لنيل المناصب والرآسات والملك الدنيوي ولم يلتفت ليكون غنيا كما أنه لم يطلب مقاعد الشرف الأولى فى المجامع والولائم وغيرها . لم تجد العذراء مكانا لولاد المسيح فيه ولم يكن حولها أقاربها  فحضر رعااة كانوا يسهرون ليرعوا قطيعهم ومجوس من المشرق حضروا ليقدنوا هداياهم ولم يكن هناك صوت فى المزود غير اصوات حيونات المزود ولكن سمع صوت  ترنم الملائكة قائلين «على الأرض السلام» وقبل موت المسيح قال لتلاميذه «سلاماً أترك لكم. سلامى أعطيكم ».(يو 14: 27) لهذا دعى المسيح ملك السلام وإله إلمحبة

 

2) " سلامِي أُعْطِيكُمْ."
سلامِي قال ذلك تمييزاً له عن تحيات الناس التي كثيراً ما تكون مجرد ألفاظ يرددونا تلقائيا بغير إحساس أوتفكير .

ويمتاز سلام المسيح عن سلام البشر بستة أمور: (١) أنه مصدر ومنبع السلام فى العالم فلا يقدر أن يعطي هذا السلام أحدٌ غيره.( رو ٨: ٦ ) 6 لان اهتمام الجسد هو موت، ولكن اهتمام الروح هو حياة وسلام (٢) أنه يشبه السلام الذي حصل عليه من تأكد من محبة الآب. (٣) سىلام اشتراه لهم بدمه لأنه نتيجة المصالحة مع الآب ( أفسس ٢: ١٤ و١٧ )14 لانه هو سلامنا، الذي جعل الاثنين واحدا، ونقض حائط السياج المتوسط 16 ويصالح الاثنين في جسد واحد مع الله بالصليب، قاتلا العداوة به. 17 فجاء وبشركم بسلام، انتم البعيدين والقريبين. . (٤) أنه سلام الضمير، لأنه من نتائج تلك المصالحة.( رو ٥: ١ )1 فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح،   ( رو ١٤: ٧ )  7 لان ليس احد منا يعيش لذاته، ولا احد يموت لذاته.  (٥) أنه مبني على تأكيد حماية المسيح لهم في وقت الاضطهاد. (٦) أنه دائم لا يضعفه المرض ولا يسلبه الفقر ولا يفنيه الموت (رومية ١: ٧ ) 7 الى جميع الموجودين في رومية، احباء الله، مدعوين قديسين: نعمة لكم وسلام من الله ابينا والرب يسوع المسيح. . ( غلاطية ٥: ٢٢ ) 22 واما ثمر الروح فهو: محبة فرح سلام، طول اناة لطف صلاح، ايمان   ( أف ٦: ١٥ ) 15 وحاذين ارجلكم باستعداد انجيل السلام. ( فيلبي ٤: ٧ ) 7 وسلام الله الذي يفوق كل عقل، يحفظ قلوبكم وافكاركم في المسيح يسوع. ( كولوسي ٣: ١٥). 15 وليملك في قلوبكم سلام الله الذي اليه دعيتم في جسد واحد، وكونوا شاكرين. "  وتأثير كل ما سبق من التعزيات هو هذا السلام بعينه، وبه سكَّن المسيح اضطراب قلوبهم على مفارقته إيّاهم.

 

والجزء التالى مصدره قاموس الكتاب المقدس :
(أ) السلام في العهد القديم:
لم يستخدم كتَّاب العهد القديم -في أغلب الأحيان- كلمة "شالوم" (أى سلام) دون أن يتضمن ذلك -تلميحًا على الأقل- مفهومًا دينيًا، وهى تستخدم فى:
(1) التحية المألوفة بين الأصدقاء والسؤال عن صحتهم، كما كانت تستخدم أيضا عند الوداع (انظر تك 29: 6، 43: 23, 27، قض 18: 15، 19: 20)، فقال الرب لجدعون عندما ظهر له: "السلام لك" (قض 6: 23).
(2) السلام من الأعداء، مما يعنى الفوز والنجاح، وكانت هذه أعظم أمنية عند الأمة، وكان السلام منحة من الله لشعبه إذا ساروا في طرقه (لا 26: 6). وكانت بركة هرون وبنيه للشعب هى: "يرفع الرب وجهه عليك ويمنحك سلامًا" (عد 6: 26 - انظر أيضًا مز 29: 11، إش 26: 12... ألخ). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات و الكتب الأخرى). و"إذا أرضت الرب طرق إنسان جعل أعداءه أيضًا يسالمونه" (أم 16: 7)، بل حتى الوحوش تسالمه (أيوب 5: 23و 24). وكان الموت في سلام هو أمنية كل فرد (انظر تك 15: 15، 1مل 2: 6، 2أخ 34: 28... إلخ.).
(3) السلام الداخلي، وكان من نصيب الأبرار المتكلين على الله، "تعرف به واسلم. بذلك يأتيك خير" (أيوب 22: 21)، "لأنه يتكلم بالسلام لشعبه ولأتقيائه" (مز 85: 8، انظر مز 4: 8، 119: 165، أم 3: 2و 17)، "تحفظه سالمًا سالمًا لأنه عليك متوكل" (إش 26: 3)، "كان عهدي معه للحياة والسلام" (ملاخي 2: 5).
(4) كان على البار أن يطلب السلامة ويسعى وراءها (مز 34: 14) وأن يحب "الحق والسلام" (زك 8: 16و 19).
(5) سيكون السلام من أبرز معالم عصر المسيا الذي هو "رئيس السلام" (إشعياء 9: 6، 11: 6، انظر أيضًا إش 2: 4، حز 34: 25، ميخا 4: 2-4، زك 9: 10).

(ب) السلام في العهد الجديد:
والكلمة اليونانية هى "إيرينى" (eiréné)، وتؤدى نفس معنى الكلمة العبرية "شالوم" التي ترجمت بهذه الكلمة في الترجمة السبعينية:
(1) فإنجيل المسيح هو رسالة سلام من الله للإنسان (لو 2: 14)، فهو "الكلمة التي أرسلها... يبشر بالسلام بيسوع المسيح. هذا هو رب الكل" (أع 10: 36). وقد صار "لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح" (رو 5: 1). ومن ينادون بالإنجيل إنما يبشرون بالسلام وبالخيرات (رو 10: 15). والمسيح "هو سلامنا" الذي "نقض حائط السياج المتوسط أي العداوة" بين اليهود والأمم (أف 2: 14و 15). كما أن السلام عنصر هام في ملكوت الله (رو 14: 17).
(2) يجب على المؤمنين أن يشتهوه ويتبعوه، فقد أوصي الرب يسوع المسيح تلاميذه: "ليكن لكم في أنفسكم ملح وسالموا بعضكم بعضًا" (مز 9: 50). ويحرض الرسول بولس المؤمنين قائلًا: "عيشوا بالسلام، وإله المحبة والسلام سيكون معكم" (2كو 13: 11، انظر أيضًا رو 12: 18، 1كو 7: 15).
(3) والله هو "إله السلام" فهو مصدر ومانح كل سلام وخير وبركة (انظر رو 15: 33، 16: 20)، وهو "رب السلام" ومعطي السلام (2تس 3: 16). وكانت التحية والطلبة الرسولية من أجل الكنيسة هى: ليكن لكم "سلام من الله أبينا والرب يسوع المسيح" (انظر 1كو 1: 3، 2كو 1: 2... إلخ.).
(4) كما أن "السلام" كان التحية المألوفة (مت 10: 13، لو 10: 5)، و"ابن السلام" هو المستحق للسلام والذي يسعى للسلام (لو 10: 6). وكانت تحية الرب يسوع لتلاميذه: "سلام لكم" (لو 24: 36، يو 20: 19و 21و 26). وقبل أن يفارقهم، باركهم قائلًا لهم: "سلامًا أترك لكم، سلامي أعطيكم، ليس كما يعطى العالم أعطيكم أنا" (يو 14: 27). وكثيرًا ما قال "اذهب بسلام" (مرقس 5: 34، لو 7: 50).
(5) السلام الذي صنعه المسيح هو أساسًا سلام روحي من الله ومع الله، سلام في القلب، وسلام في الروح. وقد قال الرب: "لا تظنوا أنى جئت لألقي سلامًا على الأرض. ما جئت لألقي سلامًا بل سيفًا" (مت 10: 34، لو 12: 51) مشيرًا بذلك إلى طبيعة دعوته الفاحصة وما سينتج عنها من انقسامات حول الحق الواضح. لكن لاشك في أن روح الإنجيل والحياة المسيحية هو السلام. ومن واجب المؤمن أن يسعى نحو السلام، وأن يعمل على وضع حد للحروب والمنازعات والمخاصمات أينما وجد.

 

3) " لَيْسَ كَمَا يُعْطِي العَالَمُ أُعْطِيكُمْ أَنَا."
لَيْسَ كَمَا يُعْطِي العَالَمُ لأن السلام عطية ومنحة روحية مختلفة عن عطايا العالم لأن العالم مبنى على الشرير قلق وإضطرابات وحروب وأخبار مزعجة .. ألخ . وهو يمتاز عن سلام العالم بأربعة أمور: (١) مصدره: فإن مصدر سلام العالم اللذة والصيت والغنى والفلسفة، ومصدر سلام المسيح صليبه. (٢) كماله: فإن سلام العالم ناقص لما يخالطه من هموم وخوف ويأس، أما سلام المسيح فيسدد كل حاجات النفس. (٣) صدقه دائماً: لأن سلام العالم كثيراً ما يكون كاذباً ولا سيما سلام الذين يرجون الخلاص من أعمالهم أو أعمال غيرهم من البشر (إرميا ٦: ١٤).14 ويشفون كسر بنت شعبي على عثم قائلين سلام سلام ولا سلام.  (٤) بقاؤه: عطية المسيح إلهية، روحية، ثابتة باقية إلى الأبد؛  فإن سلام العالم زائل ينتهي عند الموت.أما عطية العالم فهي تبدو ناضرة، مخضرة, زاهية، وجميلة إلى زمن، كالزرع اليانع والزهرة الجميلة، ولكن سرعان ما يذبل الزرع ويجف الزهر فيسقط. فسلام العالم مع الناس ومع الجسد إل يوم أو إلى ساعة، وحزنه وغمه وقلقه إلى أيام وسنين. ما يعطى باليمين يأخذه بالشمال, وما يوهب في الشباب يُنزع في الشيخوخة. وأن يدوم في العالم سلام فهذا ضرب من المحال, فأعظم سلام يعطيه العالم للانسان هو سلام الموت؛ أما سلام المسيح ففوق أنه يبقى ويدوم، فهو يسود فوق اضطرابات انحياة، ويرفع القلب والفكر فوق زعازع الدنيا: «ثقوا, أنا قد غلبت العالم.» (يو33:16‏)
‏«لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب»: موقف التلاميذ بفراق المسيح سيكون غاية في الحرج, غنمات مستضعفة وسط ذئاب شرهة للقتل وسفك الدماء، ولكن هوذا المسيح يستودعهم وديعة السلام، ضامناً لهم وللكنيسة كلها بهم، ومن بعدهم، هذا السلام كعطية فائقة. وقد أثبتت كل الأزمنة السالفة، بكل محنها البالغة حد الهول، صدق الرب.

وقد أخذت الكنيسة هذا الدعاء الوداعي للمسيح «سلامي أعطيكم»، ووضعته في فم الكاهن ليعطيه للشعب, أهل بيت الله, عند بدء كل صلاة: السلام للجميع, وختاماً لكل صلاة : «اذهبوا بسلام، سلام الرب مع جميعكم». وفي كلا الدعائين يكون رد الشعب: «ومع روحك أيضاً». وهذا الدعاء يستمد قوته من عطاء المسيح، فسلام المسيح هو قوة الصلح الذي أقامه المسيح بين الإنسان والله بدم صليبه (كو20:1)، وكأنما يفتتح الكاهن الصلاة باستحقاق دم المسيح، ليملك سلام المسيح على عقول المؤمين، ليشتركوا في العبادة بأذهان صاحية، وبختمها بعطاء السلام، كوديعة في قلوبهم، يعيشرن بها في مواجهة أتعاب الحياة.

 

4) " لا تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ "

 فعل أمر حاضر مبنى للمجهول مع أداة النفى يشير إلى ضرورة التوقف عن شئ يحدث (يو 14: 1)
لا تَضْطَرِبْ قُلُوبُكُمْ هذا مثل ما في (يو 14: 1) ، وكرره بناءً على التعزيات التي ذكرها لهم.
 

5) " ولا تَرْهَبْ "

بانتظاركم الضيق والاضطهاد والموت، فصدِّقوا حضوري معكم، وأن سلامي لا يفارقكم.

أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية  
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
كأنه يقول إننى أترك لكم أيها التلاميذ لا المناصب ولا الغنى ولا مراتب الشرف كما يترك أهل العالم بل اترك لكم سلامى أى بركاتى والخير الحقيقى  الثابت لأن سلامى ليس مثل سلام العالم فسلام العالم زائل ومشوب دائما بالخوف واليأس أما سلامى فهو يريح ضمائركم ويؤكد لكم حمايتى وقت الإضطهاد وهو دائم فلا يضعفه مرض ولا يسلبه فقر ، سلام العالم مصدره اللذة والصيت والغنى والفلسفة وكلها أمور زائلة إن لم ينزع من الإنسان فى حياته فإنها تفنى عند موته أما سلام المسيح فمصدره هو فهو باق مع الإنسان فى هذه الحياة وفى الأخرى ويقوم بكل حاجات النفس فما دمتم قد نلتم هذا السلام منى " فلا تضطرب قلوبكم ولا ترهب" لأن سلامى لا يفارقكم وقد قلت لكم سابقا

  تفسير / شرح  (يوحنا 14:  28) 28 سمعتم اني قلت لكم: انا اذهب ثم اتي اليكم. لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لاني قلت امضي الى الاب، لان ابي اعظم مني.

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس  

سبق تفسير معنى هذه الآية في شرح (يو 14: 27)  فراجعه هناك

كانت هذه الأية موضع اجتهاد ونقاش ومساجلة وحواروجدل ؛ بل ومقاومة، وقد اتخذها الهراطقة أساساً لإيمانهم الخاطىء وعقائدهم المنحرفة، إذ اعتبروها تفيد أن الابن أقل من الآب من جهة طبيعته، أي أنه ليس مساوياً للآب من جهة اللاهوت.
‏إن محور الجدل كان حول قول المسيح: «لأن أبي أعظم مني». وفي هذه المعلومة، إذا انحرف الفكر عن البساطة التي فيها وهى أن المسيح ليس لاهوتا فقط ولكنه الكلمة المتجسد ، يسقط في هوة تقسيم اللاهوت إلى أعظم وأقل، وبالتال وضع الابن في وضع متدني عن الآب، ورفع الآب إلى درجة المسئول عن الابن.

 

تتكون هذه الاية من مقطعين أو جزئين الجزء الأول: «لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون».
الجزء الثاني: «أبي أعظم مني». ويربط هاذين المقطعين الجزئين رابط " لأن " وتعنى بسبب والرابط "لأن " يقع فى اللغة العربية مع مجموعة الروابط بين الهبارات أو المقاطع تسمى الروابط السببية مثل " نتيحة لـ ، بسبب، لأن / لكى ، من هنا ، بناء على "

 

1) " سَمِعْتُمْ أَنِّي قُلتُ لَكُمْ أَنَا أَذْهَبُ ثُمَّ آتِي إِلَيْكُمْ."
أَنِّي قُلتُ لَكُمْ في (يوحنا ١٣: ٣٣ - ٣٦ ) 33 يا اولادي، انا معكم زمانا قليلا بعد. ستطلبونني، وكما قلت لليهود: حيث اذهب انا لا تقدرون انتم ان تاتوا، اقول لكم انتم الان. 34 وصية جديدة انا اعطيكم: ان تحبوا بعضكم بعضا. كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا. 35 بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي: ان كان لكم حب بعضا لبعض». 36 قال له سمعان بطرس:«يا سيد، الى اين تذهب؟» اجابه يسوع:«حيث اذهب لا تقدر الان ان تتبعني، ولكنك ستتبعني اخيرا» ( يو ١٤: ٢، ٣، ١٢، ١٩، ٢٠.)   2 في بيت ابي منازل كثيرة، والا فاني كنت قد قلت لكم. انا امضي لاعد لكم مكانا، 3 وان مضيت واعددت لكم مكانا اتي ايضا واخذكم الي، حتى حيث اكون انا تكونون انتم ايضا، 12 الحق الحق اقول لكم: من يؤمن بي فالاعمال التي انا اعملها يعملها هو ايضا، ويعمل اعظم منها، لاني ماض الى ابي.  19 بعد قليل لا يراني العالم ايضا، واما انتم فترونني. اني انا حي فانتم ستحيون. 20 في ذلك اليوم تعلمون اني انا في ابي، وانتم في، وانا فيكم. "

2) " لَوْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَنِي لَكُنْتُمْ تَفْرَحُونَ"

.  جملة شرطية من الصنف الثانى تدعى "ضد الحقيقة" كما فى (يو 14: 7) احب التلاميذ يسوع وإنزعجوا من قوله أنه سوف يذهب إلى  الآب ويتركهم ولكنه قال لهم لا أترككم يتامى فعندما سيذهب سيرسل لهم المعزى الذى يعزيهم عن ذهابه ويكون معهم ويقويهم 

 ظاهر العبارة يدل على عدم محبتهم له، وهو ليس المراد لأنه عرف أنهم يحبونه. إنما أراد أنهم أظهروا بشدة حزنهم على فراقه أن محبتهم غير كاملة، لأنهم نظروا إلى خسارتهم ولم يلتفتوا إلى ربحه. فكأنه قال لهم: على قدر إخلاص محبتكم لي تفرحون بذهابي عنكم.
 فكان على التلاميذ أن يفرحوا بذهابه عنهم، بعد أن  «أخلى نفسه آخذاً صورة عبد» (فيلبي ٢: ٧).لأنه بذلك يرجع بعد تواضعه كعبد نحو ٣٣ سنة إلى حال والمجد التي كانت حاله مع الآب، (يو 17: 5) "والآن مجدني أنت أيها الآب عند ذاتك بالمجد الذي كان لي عندك قبل كون العالم." لكي يُكلل ملكاً للملوك ورباً للأرباب، ولأن الروح القدس يحل عليهم بعد ذلك الذهاب فينجح التبشير بالإنجيل نجاحاً عظيماً (يوحنا ١٦: ٧ - ١٠). 7 لكني اقول لكم الحق: انه خير لكم ان انطلق، لانه ان لم انطلق لا ياتيكم المعزي، ولكن ان ذهبت ارسله اليكم. 8 ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية وعلى بر وعلى دينونة: 9 اما على خطية فلانهم لا يؤمنون بي. 10 واما على بر فلاني ذاهب الى ابي ولا ترونني ايضا. "

 

3) " لأنِّي قُلتُ أَمْضِي إِلَى الآبِ "

أي إلى السماء حيث يُظهر الآب حضوره ومجده ليتمجد بعد تواضعه بعمل الفداء، وليكمل ذلك العمل بشفاعته في تلاميذه، وليرسل إليهم الروح القدس، وتمجيد المسيح يستلزم تمجيدهم متى صاروا إليه.
 

4) " لأنَّ أَبِي أَعْظَمُ مِنِّي"

لا تشير هذه الكلمات إلى عدم مساواة الإبن بالآب فيسوع ثال انا فى الاب والآب فى ولكن تعنى أن يسوع الإنسان يتكلم عن إنسانيته كإبن وألاب فى موضع إلوهية يمكن تمييز كلمات يسوع كإنسان عن كلمات يسوع كإله (يو 10: 29- 30) ينفذ يسوع كإنسان وهو فى نفس الوقت كلمة الإله خضوعه كإنسان للآب فى فترة خدمته الأرضية  ليحقق خطته  كمثلث الأقانيم للخلاص فى إعلان وفداء البشرية (يو 17: 4- 5) (فى 2: 6- 11) ففى عمل الفداء هناك تركيز على الاب لأنه هو الذى عمل عىلى إرسال الإبن (يو 13: 16 ) (1كو 27- 28) (أف 1: 3- 14)

 المسيح = إنسان (جسد وروح ) لهذا كان المسيح يطلق على نفسه إبن الإنسان + كلمة الرب (إبن الله ، إبن ألاب).. والمسيح أحيانا كان يتكلم بصفته إنسان ويمارس حياته الإجتماعية كإنسان كامل وكإنسان يهودى يمارس الطقوس الدينية ويطبق الشريعة وأحيانا أخرى يظهر ألوهيته فى الكلام وفعل المعجزات والتحكم فى الطبيعة والعظمة هنا فى الوضع الحالى للمسيح كإنسان آخذا صورة عبد (فى 2: 7) "لكنه أخلى نفسه، آخذا صورة عبد، صائرا في شبه الناس."  والمسيح والآب متساويين فى الطبيعة الإلهية ، لكن في الوضع كإنسان والحال التي تكلم فيها بهذا الكلام، وهي حال تواضعه وألمه باعتباره إنسان فادي الخطاة، وفق قول يوحنا «الكلمة صار جسداً» (يوحنا ١: ١٤) و فبمقتضى عهد الفداء أرسل الآب ابنه والروح القدس وكل فوائد الخلاص، فكان أعظم من الابن في الوظيفة. وأعظمية الآب لم تكن دائمة بل وقتية (فيلبي ٢: ٩ - ١١).9 لذلك رفعه الله ايضا، واعطاه اسما فوق كل اسم 10 لكي تجثو باسم يسوع كل ركبة ممن في السماء ومن على الارض ومن تحت الارض، 11 ويعترف كل لسان ان يسوع المسيح هو رب لمجد الله الاب. "
ولهراطقة سلخوا وأخذوا هذا الجزء من ألاية وأعتبروه قائما بذاته لهذا يجب الحذر عند النفسير بموضعها في الكلام. فلا يصح إطلاقاً ‏أن نخلع الآية من مجرى الحديث ومن موضعها في الكلام، لكي نشرحها بمفردها، ونقسيها على الأصول اللاهوتية، بطرق اجتهادية تأملية.

وأورد الأب متى المسكين فى كتابة "شرح إنجيل يوحنا " [ الظروف التي أوحت إلى قول "أبى أعظم منى"  كالأ تي:
‏أولاً: المسيح يتكلم في هذا الأصحاح وما قبله وما بعده عن الفراق الذي سيتم بينه وبين التلاميذ، بذهابه إلى الآب، وهو يجتهد ليوضح لهم أهميته.
‏ثانياً: روح التعزية التي حاول المسيح أن يحيط بها تلاميذه، حتى يخفف عنهم الحزن والضيق الذي ألم بهم.
‏ثالثا: محاولة التهوين من شأن الموت الذي سيجوزه، باعتباره فترة قصيرة, يقوم بعدها ويتراءى لهم ويكون معهم وهم معه.
رابعاً: إن الموت الذي سيجوزه هو الوسيلة الهامة جداً التي بها سينطلق إلى الآب, مفتتحاً طريق الخلود، حاملأاً معه المختارين.
خامساَ: ان في ذهابه إلى الآب هو مرتبط ارتباطاً أساسياً بإرسال الروح القدس، الذي سيقوم بتعزيتهم وتعليمهم وتذكيرهم بكل ما قاله لهم وعمله لهم، وأنه سيكون معهم وفيهم عوضاً عنه، بل ويكشف لحم حضوره الدائم.
سادساً: تأكيده لهم أن ذهابه إلى الآب، ولو أنه سيفقدهم رؤيته، إلا أنه «خير لهم أن ينطلق» (راجع يو7:16) من ان يبقى معهم. فهنا, ذهاب المسيح إلى الآب هو حالة قيمها ‏المسيح, أها أعظم وأكثر خيراً بالنسبة لهم هم.

الظرف والحال والموقف هو ذهاب المسيح إلى الآب، الذي هو حالة أفضل للتلاميذ وأكثر خيراً بالنسبة لهم. وهذا يجب أن يجعلهم يفرحون. لأن النتائج المتحصلة من ذهابه إلى الآب قد أجملها لهم بقوله أنه إذا انطلق، سيطلب من الآب أن يرسل لهم باسمه معزياً أخر، هو الروح القدسومن ضمن ثمار الروح القدس الكثيرة :الفرح"  (غلاطية 22:5-23 ) "وأما ثمر الروح فهو: محبة فرح سلام، طول أناة لطف صلاح، ايمان وداعة تعفف"  والروح القدس سيتولى شرح وتذكير التلاميذ بكل ما قاله المسيح، ويعرفهم بكل شيء, ويكشف لهم حقيقة المسيح وكل ما يختص به، لأنه سيكون واسطة حلول المسيح فيهم، بالإضافة إلى أنه سيمجد المسيح فيهم وبهم، أي يجعلهم شهودا وآلات لتمجيد المسيح.] أ. هـ

 

ويخبرنا مثلث الرحمات  البابا شنودة الثالث فى كتاب لاهوت المسيح أن البشر دعوا أبناء الله ولكن تحتل عن بنوة المسيح فبنوة البشر هي بالإيمان، أو المحبة أو التبني - [ 1- أليس أن البشر جميعًا قد دعوا أولاد الله أيضًا؟
نعم أن البشر قد دعوا أبناء الله، ولكن بمعنى آخر غير بنوة المسيح لله. في سفر التكوين ورد أن "أبناء الله رأوا بنات الناس أنهن حسنات" (تك6: 2). والمقصود بأبناء الله هنا أبناء شيث وأبناء أنوش، حينما "ابتدئ أن يدعى باسم الرب" (تك4: 26). أما بنات الناس فهن نسل قايين. كذلك قال الله في سفر إشعياء النبي " ربيت بنين ونشأتهم. أما هم فعصوا على" (اش1: 2). وقيل أيضًا في هذا السفر " أنت يا رب أبونا، ولينا" (أش 63: 16). وأيضًا "والآن أنت أبونا، نحن الطين وأنت جابلنا، وكلنا عمل يديك" (اش64: 8). وهذه عبارات عن البنوة، ولكنها صادرة من مخلوقات، ولا تعنى بنوه من جوهر الله. وورد أيضًا في المزامير " قدموا للرب يا أبناء الله... قدموا الرب "إسرائيل ابني البكر" (خر4: 22). وقال في سفر الأمثال " يا ابني أعطني قلبك" (أم23: 26). وفي العهد الجديد ندعو لله أبانا في مواضع عديدة جدًا، يكفى منها قولنا في الصلاة " أبانا الذي في السموات" (متى5: 9)... وعبارات أبوكم السماوي، وأبوك الذي يرى في الخفاء... إلخ. كثيرة جدًا.


2- ولكن بنوة البشر هي بالإيمان، أو المحبة أو التبني:
أ- أما عن البنوة بالإيمان: فقال الكتاب عن السيد المسيح "وأما كل الذين قبلوه، فأعطهم سلطانًا أن يصيروا أولاد الله أي المؤمنون باسمه" (يو1: 12). فكلمة أبناء هنا تعنى المؤمنين.
ب- وأما عن بنوة المحبة: فيقول القديس يوحنا في رسالته الأولى "أنظروا أية محبة أعطانا الآب، حتى ندعى أولاد الله" (1يو3: 1). إذن هو عمل محبة من الله أن يدعونا أولاده...

ج- أما عبارة التبني فقد وردت في (رو8: 23). ومعروف أن الذي يدعى ابنًا، وهو ليس ابنًا حقيقيًا، إنما يكون بالتبني أو بمفهوم روحي.
3- ومع كوننا أبناء مازلنا ندعى، عبيدًا.
فالسيد الرب يقول "متى فعلتم كل ما أمرتم به، فقولوا إننا عبيد بطالون، لأننا إنما عملنا ما كان يجب علينا" (لو17: 10). والأبرار كلهم دعوا عبيدًا. فالرب سيقول لكل من جاهد الجهاد الحسن واستحق الملكوت "نعمًا أيها العبد الصالح الأمين. كنت أمينًا في القليل فأقيمك على الكثير. أدخل إلى فرح سيدك" (متى25: 23). إننا على الرغم من بنوتنا لله، كلنا مخلوقات. والمخلوق لا يدعى إلهًا. حتى الرعاة (الوكلاء) دعوا أيضًا عبيدًا مثل رعيتهم. وفي ذلك يقول الرب "يا ترى من هو الوكيل الأمين الحكيم الذي يقيمه سيده على عبيده ليعطيهم طعامهم في حينه... طوبى لذلك العبد الذي جاء سيده يفعل هكذا " لو12: 42، 43)...
.ويقول الأب متى المسكين فى كتابه شرح إنجيل يوحنا [ يقول المسيح في الأصحاح الخامس: «لأنه كما أن الآب له حياة في ذاته كذلك أعطى الابن أيضاً أن تكون له حياة في ذاته» (يو26:5)، والأبوة في الله غير منحصرة في ذاتها، بل تعطي عطاءَ أزلياً وأبدياً, فكل ما لها للابن. والابن غير منحصر في هذا الميراث الأبوي, بل يعمل به لحساب الآب, فكل غنى ميراثه في الآب يرده للآب, عملاً, سواء كان الحب أو المجد أو الكرامة, حتى أن الابن, كما عرفناه في المسيح, سُمى بل تعين لنا رباً, لمجد الآب!! «ويعترف كل لسان أن يسوع المسيح هو رب لمجد الله الآب.» (في11:2)
‏والمجد الذي أعطاه الآب للابن: «المجد الذي كان لى عندك قبل كون العالم (يو5:17)، رده الابن للآب أعمالاً: «أنا مجدتك على الأرض» (يو4:17‏)؛ والحب الذي أعطاه الآب للابن: «الحب الذي أحببتني به» (يو26:17)، رده المسيح للآب بصورة منظورة لنا، في ذبيحة محبته على الصليب، صلحاً للعالم كله مع الآب: «أي إن الله كان في المسيح مُصالحا العالم لنفسه» (2كو19:5)، وتطهيراً لكل خطاة الأرض: «الله، بعد ما كلم الآباء بالأنبياء قديماً، بأنواع وطرق كثيرة؛ كلمنا في هذه الأيام الأخيرة في ابنه، الذي جعله وارثاً لكل شيء، الذي، به أيضاً عمل العالمين؛ الذي، وهو بهاء مجده, ورسم جوهره، وحامل كل الأشياء بكلمة قدرته، بعد ما صنع بنفسه تطهيراً لخطايانا، جلس في يمين العظمة في الأعالى.» (عب1:1-3)
‏وبالاختصار, وبشمول يفوق العقل, فإن كل ميراث الابن في الآب, أو بمعنى آخر كل غنى الروح والمعرفة والمجد كميراث للابن, منحه الابن للذين آمنوا بالآب وبه. فورث الإنسان مع الابن في الله, الأمر المذهل للعقل, فقد صرنا بالمسيح وفيه «ورثة الله, وارثون مع المسيح» (رو17:8). وأهم ما في هذا الميراث هو «البنوة»» الدائمة, فهذا هو الملكوت الممنوح للانسان, ميراث خيرات الله الروحية كبنين. وهكذا, بقدر ما ورث الابن الآب, رده للآب مشمولا بدخول الإنسان هذا الميراث عينه, ليستوعب هذا الغنى الأبدي ‏اللانهائي.
‏ولكن ميراث الابن للآب لا يشمل عطايا خارج الكيان الجوهري في الذات الإلهية، لأن كل ما للآب هو للابن، وكل ما هو للابن هو للآب: «وكل ما هو لى، فهو لك. وما هو لك، فهو لى« (يو10:17). لهذا يقول المسيح: «أنا والآب واحد» (يو30:10). ولكن يتضمن العطاء والأخذ في الله بين الآب والابن تواجد الآب في الابن والابن في الآب. فكل واحد يعطي ذاته للآخر, بصورة فائقة, بحسب الطبيعة الفائقة لله. ولكن حتى هذا التواجد المطلق بين الآب والابن, استثمره الابن في الإنسان, لحساب غنى اللاهوت. فكما تواجد «الابن» في الجسد البشري فتجسد وصار «ابناً للانسان», وهو حامل البنوة الإلهية وكل غناها وميراثها؛ هكذا أعطى الإنسان، بصورة ما، كل من يؤمن ويقبل الابن المتجسد، أي المسيح، أن يتواجد الابن فيه، على قدر ما يطيق الإنان ويحتمل: «اثبتوا فيّ، وأنا فيكم» (يو4:15‏). وعاد يخاطب الآب بهذا القول العجيب: «ولست أسأل من أجل هؤلاء فقط (التلاميذ), بل أيضاً من أجل الذين يؤمنون بي بكلامهم, ليكون الجميع واحداً, كما أنك أنت أيها الآب فّي وأنا فيك, ليكونوا هم أيضاً واحداً فينا.» (يو20:17-21)
‏والمسيح, لكي يمهد هذا التواجد العالى القدر ويجعله مناسباً وممكنا يقول: «وأنا قد أعطيتهم المجد الذي أعطيتني، ليكونوا واحداء كما أننا نحن واحد.»(يو23:17)
‏ثم يعود المسيح ليطبق التوازي في الوجود, مع حفظ الفارق بين ما للاهوت وما للانسان, هكذا: «أنا فيهم, وأنت فيّ, ليكونوا مكملين إلى واحد.» (يو23:17)
‏وهنا، وفي كل مرة يشدد المسيح أن هذا الوجود الجديد للانسان في عمق الصلة الأبوية والبنوية في الله هو آية، دائمأ تكون لحساب الآب ليراها العالم: «ليعلم العالم أنك أرسلتني» وأحببتهم كما أحببتنى.» (يو23:17)
‏وهكذا تبدو رسالة الابن المتجسد في العالم كلها لحساب الآب.
‏وهكذا أيها القارىء العزيزه ينكشف سر الإيمان المسيحي الأعظم ، الذي كان مخفيا مدى كل الدهور السالفة، الذي أعلنه الله بإرساله الابن إلى العالم متجسداً، ليستعلن لنا «سر الآب والابن» الذي به صار تجديد الخليقة البشرية ورفعها إلى مستوى البنوة لله، ومنحها كل مميزاتها، لحياة أبدية مجيدة، لسعادة الإنسان وفرحه، عوض كآبة عبودية الدهور السالفة والحزن والتنهد والبكاء تحت سخرة الشيطان والجسد، الذي كتب به الإنسان تاريخه السالف
‏نستخلص من هذا, أن الآب أعظم من الابن لأن هذا هو قانون الأبوة والبنوة؛ كذلك فالآب يعطي والابن يأخذ، وهذا أيضأ قانون الأبوة والبنوة، وهذا يرتد على الذات ليعطيها الاكتفاء والكمال والوحدانية الخصبة.
‏وبالنهاية، نكون قد بلغنا العمق والغنى في قول المسيح: «أبي أعظم مني»، والذي ينتهي إلى الاكتفاء والتكامل في الذات الإلهية, على أساس هذه الصفة التي تميز الابوة تمييزاً أدبياً مطلقاً، وهذا التمييز يجعل الذات الإلهية محبة ومحبوبة, عاملة غير ساكنة، متكلمة غير صامتة، بل متكلمة سامعة, مريدة فاعلة، ناظرة ومنظورة، راسلة ومرسلة, عالمة ومتعلمة, مجيدة وممجدة.
‏وباختصار, هي ذات كاملة كمالاً مطلقاً، مكتفية في كيانها اكتفاءً مطلقاً. فالذات الإلهية، كأب وابن، واحدة، ووحدتها غير واقعة تحت العجز والعوز. فوحدانية الله خصبة, ومن خصوبتها يغتني العالم. هذا، وعلى أساس ذلك، نسمع من فم المسيح أسرار هذا التكامل بين الآب والابن:
+ «لأن الآب يحب الابن، ويريه جيع ما هو يعمله.» (يو20:5‏)
‏+ «طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني، وأتمم عمله.» (يو34:4)
+ «لا يقدر الابن أن يعمل من نقسه شيئاً، إلا ما ينظر الآب...» (يو19:5)
+ «أنا لا اقدر أن أفعل من نفسي شيئاً، كما أسمع أدين، وديونتي عادلة.» (يو30:5‏)
+ «لأني لا أطلب مشيئتي، بل مشيئة الآب الذي أرسلني.» (يو16:7)
+ «تعليمي ليس لى، بل للذي أرسلي.» (يو16:7)
+ «أنا هو، ولست أفعل شيئاً من نفسي، بل أتكلم بهذا كما علمني أبي.» (يو28:8)
+ «الذي أرسلني هو معي، ولم يتركي الآب وحدي، لأني في كل حين أفعل ما يرضيه.» (يو29:8)
+ «أنا إنسان قد كلمكم بالحق الذي سمعه من الله» (يو40:8‏)
+ «لأني لم آت من نفسي، بل ذاك آرسلني.» (يو42:8)
+ «لكي أكرم أبي، وأنتم تهينوني.» (يو49:8)
+ «لأني لم أتكلم من نفسي، لكن الآب الذي أرسلني، هو أعطاني وصية ماذا أقول وبماذا أتكلم.» (يو49:12)
+ «الكلام الذي أكلمكم به، لست أتكلم به من نفسي، لكن الآب الحال في هو يعمل الأعمال.» (يو10:14)
‏هذه هي الابوة في الله، وهذه هي البنوة في الله، ليس بينهما أي تنافر أو شقاق أو تعال. يستحيل لأي إنسان يتمعن فى هذه الآيات أن يعثر على أي انقسام أو ثنائية، فالوحدة المطنقة بين الآب والابن والتكامل المطلق في الذات، يضمنها الحب المطلق من الآب نحو الابن، والطاعة المطلقة من الابن للآب. فالآب يشاء، والابن يكمل المشيئة بنفس القوة، والآب يتكلم والابن يعلم بنفس الكلام وبنفس الحكمة، والآب يعمل والابن يعمل بنفس القوة والاقتدار.
‏فإذا قال الابن أن «الآب أعظم مني»، فلأنه «آب» فقط والابن يكرم الآب لأنه «ابن»: «لكني أكرم أبي، وأنتم تهينونني» (يو49:8). ولكن إذا خرجنا خارج هذه الدائرة الخاصة جداً والنورانية الفائقة بين الآب والابن, أي ندخل إلى ما يخصنا نحن من هذه الابوة والبنوة الإلهية، نسمع من المسيح التساوي المطلق فى الكرامة والمجد.
«لكي يكرم الجميع الابن, كما يكرمون الآب. من لا يكرم الابن، لا يكرم الآب الذي ارسله (يو23:5)= كرامة واحدة للآب والابن = إله واحد.
«أنتم تؤمنون بالله, فآمنوا بى» (يو1:14) = الإيمان بالآب يُحتم الإيماذ بالابن، لأنهما ذات واحدة.
‏« أبي يعمل حتى الآن، وأنا أعمل» (يو17:5) = العمل واحد بين الآب والابن
«أنا والآب واحد.» (30:10‏) = واحد فى الجوهر والذات = إله واحد.
«وكل ما هو لى فهو لك، وما هو لك فهو لى.» (يو10:17‏) = ¬كل صفات ومميزات الآب هي في الابن وكل صفات وميراث الابن هي في الآب = وحدة الصفات والمميزات .
«الذي رآني، فتد رأى الآب» (يو9:14) = الله الآب غير منظور. الله الابن هو منظور الآب. = الآب والابن منظور واحد.
‏« أنت أيها الآب في، وأنا فيك.» (يو21:17) = الكيان الواحد.
«وهذه هي الحياة الأبدية، أن يعرفوك أنت الإله الحقيقي وحدك، ويسوع المسيح الذي ارسلته = معرفة الآب والابن فيها الحياة الأبدية.
هذه الآيات، تشير، بتأكيد، أن عمل الآب غير الظاهر يعمله الابن في الظاهر، كذلك المشيئة وكل شيء, فالآب والابن لهما عمل واحد ومشيئة واحدة.
‏وفي الختام نقول إن المسيح إذا قال: «أبي أعظم مني»، فذلك لأنه هكذا ينبغي أن يرى الابن أباه، فالآب يتحتم أن يكون عظيمأ في عين الابن، لتكون الذات الإلهية كآب وابن عظيمة في تكاملها ووحدتها. أما من جهة العمل، فالتساوي في المشيئة والقدرة والحكمة هو مطلق بين الآب والابن، وأما من جهة الكرامة والمجد والعبادة والسجود فهو واحد بلا تفريق.
‏الجزء الأول: «لو كنتم تحبونني, لكنتم تفرحون»: ‏يلاحظ القارىء أن هناك صلة قوية وأساسية بين قوله: «لو كنتم تحبوننى لكنتم تفرحون» وبين قوله: «لأني قلت أمضي إلى الآب لأن أبي أعظم مني».
‏«لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون»: ‏هذه المعادلة قائمة بذاتها، كحقيقة أساسية في الإيمان المسيحي, لأن كل من أحب المسيح، ‏آحبه المسيح! وحب المسيح معه الفرح الدائم، الفرح الذي لا يُنطق به ومجيد: «الذي, وإن لم تروه، تحبونه. ذلك, وإن كنتم لا ترونه الآن, لكن تؤمنون به، فتبتهجون بفرح لا يُنطق به ومجيد.» (ابط8:1‏)
‏هذا ليس تعليماً بل اختباراً، وهو اختبار صادق مفتوح لكل من يريد. ولكن المسيح يكمل هذا الاختبار، بأن ينسبه بسبب آخر هام، وهو: «لأني قلت أمضي إلى الآب» أى أن هذا بحد ذاته ينبغي أن يكون سبباً أيضاً لكي تفرحوا، إن كنتم تحبوننى!
‏فلماذا يكول ذهاب المسيح إلى الآب سببأ لكى نفرح، إن كنا صادقين فى محبة المسيح.
‏هنا يمكن أن نفهم أن فرحنا يكون، إما للمسيح الذق نحبه لأنه سيكتسب مكاسب أخرى لحسابه، أو يكون فرحنا لأنفسنا بسبب المسيح الذق نحبه لأنه سيكتسب مكاسب أخرق لحسابنا.
‏أولاً: مكاسب المسيح حينما يمضي إلى الآب لأن الآب أعظم منه:
‏واضح أن مضي المسيح إلى الآب، معناه أنه يختم رسالته الجسدية على الأرض ليبدأ رسالته عند الآب، أي ينتقل من الرسالة الأقل إلى الرسالة الأعظم, وهذا يشمل عدة مكاسب لا تعد ولا تحصى، نذكر منها القليل الذي يسعفنا به درايتنا بسر الإنجيل.
+ بادىء ذي بدء، سيقدم إلى الآب ذبيحته الحية، ليقف أمام الآب بجسده، كخروف قائم على عرش الله كأنه مذبوح (رؤ6:5‏). وهذه إضافة عجيبة ورهيبة لمركز الابن عند الآب, إذ سيأخذ الابن وصفاً جديدا دائماً لدى الآب بالنسبة لنا.
+ «بعد هذا نظرت، وإذا باب مفتوح في السماء، والصوت الاول الذي سمعته كبوق يتكلم معي قائلاً: اصعد إلى هنا فأريك ما لا بد أن يصير بعد هذا. وللوقت صرت في الروح، وإذا عرش موضوع في السماء وعلى العرش جالس ... يخر الأربعة والعشرون شيخاً (قسيساً) قدام الجالس على العرش، ويسجدون للحي إلى أبد الأبدين, ويطرحون أكاليلهم أمام العرش، قائلين: أنت مستحق، أيها الرب، أن تأخذ المجد والكرامة والقدرة، لأنك أنت خلقت كل الأشياء وهي بإرادتك كائنة وخُلقت.
‏ورأيت على يمين الجالس على العرش سفراً مكتوبأ من داخل ومن وراء, مختوماً بسبعة ختوم (سفر الدينونة). ورأيت ملاكأ قويا ينادي بصوت عظيم: من هو مستحق أن يفتح السفر ويفك ختومه؟ ... فقال لي واحد من الشيوخ: لا تبك، هوذا قد غلب الأسد الذي من سبط يهوذا أصل داود، ليفتح السفر ويفك ختومه السبعة. ورأيت فإذا وسط العرش ... خروف قائم كأنه مذبوح ... فأتى وأخذ السفر.... ولما أخذ السفر، خرت الأربعة الحيوانات والأربعة والعشرون شيخاً أمام الخروف، ولهم كل واحد قيثارات وجامات من ذهب مملوءة بخوراً، هي صلوات القديسين، وهم يترنمون ترنيمة جديدة قائلين: مستحق أنت أن تأخذ السفر وتفتح ختومه, لأنلك ذُبحت واشتريتنا لله بدمك, من كل قبيلة ولسان وشعب وامة, وجعلتنا لإلهنا ملوكاً وكهنة, فسنملك على الأرض, ونظرت وسمعت صوت ملائكة كثيرين حول العرش ... وكان عددهم وبوات ربوات وألوف ألوف قائلين بصوت عظيم: مستحق هو الخروف المذبوح, أن يأخذ القدرة والغنى والحكمة والقوة والكرامة والمجد والبركة.
‏وكل خليقة مما في السماء وعلى الأرض وتحت الأرض وما على البحر، كل ما فيها، سمعتها قائلة للجالس على العرش وللخروف: البركة والكرامة والمجد والسلطان إلى أبد الآبدين ... فقال لى: هؤلاء هم الذين أتوا من الضيقة العظيمة، وقد غسلوا ثيابهم وبيضوا ثيابهم في دم الخروف، من أجل ذلك هم أمام عرش الله، ويخدمونه نهاراً وليلاً في هيكله، والجالس على العرش يحل فوقهم. لن يجوعوا بعد، ولن يعطشوا بعد، ولا تقع عليهم الشمس ولا شيء من الحر، لأن الخروف الذي في وسط العرش يرعاهم, ويقتادهم إلى ينابيع ماء حية, ويمسح الله كل دمعة من عيونهم» (رؤ 4و5و7)
‏فكيف لا يفرح، ليس التلاميذ فقط, بل كل من آمنوا بذبيحة المسيح الحية! وهو جالس وسط عرش الله أبيه.
+ ونفرح له لأنه سيدخل ملكوته: أما كان يبغي أن المسيح يتألم بهذا ويدخل إلى مجده» (لو26:24)
‏هذا الملكوت الذي أعطاه إياه أبوه العظيم في أبوته: «شاكرين الآب الذي أهلنا لشركة ميراث القديسين في النور، الذي أنقذنا من سلطان الظلمة، ونقلنا إلى ملكوت ابن محبته» (كو12:1-13)، فكيف لا يفرحون، إن كانوا فعلاً قد أحبوا المسيح، لأنه ذاهب إلى أبيه؟
+ «لتعلموا ما هو رجاء دعوته، وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين، وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين، حسب عمل شدة قوته الذي عمله في المسيح، إذ أقامه من الأموات, وأجلسه عن يمينه في السماويات, فوق كل رياسة وسلطان وقوة وسيادة وكل اسم يُسمى, ليس في هذا الدهر فقط, بل في المستقبل أيضاً؛ وأخضع كل شي تحت قدميه, وإياه جعل رأسأ فوة كل شيء, للكنيسة التي هي جسده, ملء الذي يملأ الكل في الكل.» (أف18:1-23)
‏فكيف لا يفرحون بالمسيح وللمسيح، لأنه ذاهب إلى أبيه، إذ كانوا يحبونه حقاً؟
+ «فتقدم يسوع وكلمهم قائلاً: دُفع إلى كل سلطان في السماء وعلى الأرض, فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم, وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس.» (مت18:28-19)
‏فكيف لا يفرحون لأنه ذاهب إل الآب إن كانوا يحبونه حقاً؟
+ «إذ صعد إلى العلاء سبى سبياً (خلص المسبيين تحت الخطية وأخذهم كأسرى الرجاء)، وأعطى الناس عطايا. وأما أنه صعد، فما هو إلا إنه نزل أيضاً أولاً إلى أقسام الأرض السفلى. الذي نزل هو الذي صعد أيضاً فوق جميع السموات لكى يملأ الكل» (أف8:4-10)
‏فكيف لا يفرحون للمسيح لأنه ذاهب إلى أبيه، إن كانوا يحبونه حقاً؟
‏ثانياً: مكاسبنا التي تدعونا أن نفرح, لأن المسيح ذاهب إلى أبيه إن كنا نحبه.
أسباب لا حصر لها تدعونا أن نفرح ونتهلل لذهاب المسيح إلى أبيه.
+ «بدم نفسه، دخل مرة واحدة إلى الأقداس, فوجد فداءً أبدياً» (عب12:9)
+ «لم يدخل إلى أقداس مصنوعة بيد، أشباه الحقيقية، بل إلى السماء عينها، ليظهر الأن أمام وجه الله لأجلنا. (عب24:9)
+ «وأما هذا، فمن أجل أنه يبقى إل الأبد، له كهنوت لا يزول، فمن ثم يقد رأن يخلص أيضأ إلى التمام الذين يتقدمون به إلى الله, إذ هو حي في كل حين, ليشفع فيهم.» (عب24:5-25)
+ «وإن أخطأ أحد، فلنا شفيع عند الآب, يسوع المسيح البار.» (1يو1:2)
+ «أنا أمضى لاعد لكم مكاناً, وإن مضيت، وأعددت لكم مكاناً، آتي أيضاً وآخذكم إلىّ, حتى حيث أكون أنا, تكونون أنتم أيضاً» (يو2:14-3)
+ «الحق الحق أقول لكم من يؤمن بي، فالأعمال التي أنا أعملها، يعملها هو أيضأ، ويعمل أعظم منها، لأني ماضى إل أبي. ومهما سألتم باسمي فذلك أفعله, ليتمجد الآب بالابن» (يو12:14-13)
+ «وأنا أطلب من الآب, فيعطيكم معزياً آخر, ليمكث معكم إلى الأبد ... وأما أنتم فتعرفونه لأنه ماكث معكم, ويكون فيكم, لا أترككم يتامى, إني آتي إليكم» (يو16:14-18)
+ «واما المعزي, الروح القدس, الذي سيرسله الآب باسمي, فهو يعلمكم كل شيء, ويذكركم بكل ما قلته لكم.» (يو26:14)
+ «الحق أقول لكم، إنكم أنتم الذين تبعتموني في التجديد، متى جلس ابن الإنسان على كرسي مجده, تجلسون أنتم أيضأ على اثني عشر كرسياً, تدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر.» (مت28:19)
+ «وأنا أجعل لكم, كما جعل لى أبي, ملكوتاً لتأكلوا وتشربوا على مائدتي في ملكوتي ...» (لو29:12)
+ «لأنه إن كنا، ونحن أعداء، قد صولحنا مع الله بموت ابنه, فالأولى كثيراً, ونحن مصالحون, نخلص بحياته. وليس ذلك فقط, بل نفتخر أيضآ بالله بربنا يسوع المسيح, الذي نلنا به الآن المصالحة.» (رو10:5-11)
+ «الروح نفسه أيضاً يشهد لأرواحنا أننا أولاد الله. فإن كنا أولاداً، فإننا ورثة أيضاً, ورثة الله, ووارثون مع المسيح.» (رو16:8-17)
‏وهكذا، في هذه الآية المزدحمة بالمعاني اللاهوتية (يو28:14)، التي اُعثر فيها ذوو البصائر الكليلة، وطوحت بهم في عدم الإيمان بوحدة الابوة والبنوة, وبمساواة الابن للآب في المجد والكرامة، رأينا كيف أسس بها هذا الإنجيل مبدأ تعظيم الابوة, ليس على حساب تعالي الآب عن الابن في أي القدرات أو الاختلاف بينهما في أي الصفات, بل على أساس تكريم الابن للآب المردود من الآب للابن بنفس المقدار والقوة. فإن كان الآب أعظم من الابن، فالابن هو الوارث والمالك لهذه العظمة وحده، وهي مردودة له، لأنه الواحد الوحيد الذي له أن يقول لله «أبي» بنوع الملكية والتخصص. فالله هو أبوه خاصة، والابن وحده هو الذي يملك الله كآب.
‏فإن قال الابن: «أبي أعظم مني»، فعظمة أبيه هي له، وهي له خاصة، وهو يملكها، بل وقد أتى هو لكي يستعلنها في نفسه، وذهب إلى الآب ليغدق منها علينا.
‏وبالنهاية، يلزم أن نفهم وننظر إلى تسامي عظمة الأبوة الإلهية على لسان المسيح «الابن» في هذه الآية، أنها في نطاق الوحدة والتساوي المطلق بين الآب والابن في جوهر اللاهوت الواحد، بكل خصائصه وشمائله.
‏أما بالنسبة للآية، ككل، فإن الذى يحب المسيح حقاً ويؤمن أنه ذهب إلى الآب فعلاً، فهو الذى ينال وعد مجيئه، ووعد إرساله الروح القدس من عند الآب] أ. هـ

أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية  
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
" أنا أذهب" إلى الموت "ثم آتى إليكم" لأتى سأقوم فى اليوم الثالث "فلو كنتم تحبوننى " محبة كاملة " لكنتم تفرحون لأنى قلت امضى إلى أبى " لأجلس عن يمين العظمة وأرسل لكم الروح القدس لا أن تظهروا الحزن الشديد على فراقى كما فعلتم ولأن "أبى أعظم منى" لأننى ظهرت فى الجسد وإحتملت الألام والموت فأبى أعظم منى بإعتبار  ‘تضاعى وتألمى وبإعتبار كونى فادى الخطاة إذ أخليت نفسى وأخذت صورة عبد (تى 2: 7) فأنا والآب متساويان فى الجوهر والعظمة والقدرة وسائر الكمالات الإلهية

 تفسير / شرح   (يوحنا 14: 29) 29 وقلت لكم الان قبل ان يكون، حتى متى كان تؤمنون. 

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس   

1) " وَقُلتُ لَكُمُ الآنَ قَبْلَ أَنْ يَكُونَ"

عبارة " أقول لكم" بزمن المضارع و عبارة "قلت لكم"  بزمن الماضى المستمر عبارةات كررها المسيح كثير جدا عندما كان يعظ أة يقول بعض الوصايا ولكن قال هذه العبارة هنا ليشير غلى ما سيحدث فى المستقبل ليتذكره تلاميذه .. قَبْلَ أَنْ يَكُونَ أي قبل موتي على الصليب ودفني.ما قاله المسيح في كل ما يختص بالآلام المزمعة والمحنة التي سيواجهها التلاميذ لفترة قصيرة ‏للغاية، هي بحساب الزمن لم تزد عن ثلاثة أيام
«‏الآن» هنا هي ساعة التى يجب أن أخبركم ما سيحدث فى المستقبل ( يو ١٦: ٤)  4 لكني قد كلمتكم بهذا حتى اذا جاءت الساعة تذكرون اني انا قلته لكم. ولم اقل لكم من البداية لاني كنت معكم «الآن دينونة هذا العالم. الآن يُطرح رئيس هذا العالم خارجاً» (يو31:12).

الآن جاء الوقت وأتت الساعة «أنتم ستحزنون، ولكن حزنكم يتحول إلى فرح. المرأة وهى تلد تحزن، لأن ساعتها قد جاءت. ولكن متى ولدت الطفل، لا تعود تذكر الشدة لسبب الفرح ، لأن قد وُلد إنسان في العالم. فأنتم كذلك، عندكم الأن حزن. ولكني سأراكم أيضاً، فتفرح قلوبكم، ولا ينزع أحد فرحكم منكم.» (يو20:16-22).

 

2) " حَتَّى مَتَى كَانَ تُؤْمِنُونَ"
تُؤْمِنُونَ أنى أنا هو يهوه (يوحنا ١٣: ١٩ )  19 اقول لكم الان قبل ان يكون، حتى متى كان تؤمنون اني انا هو." أي تزيدون إيماناً بأني أنا المسيح حقاً مخلص العالم لتيقنكم معرفتي بما في المستقبل . وهذه النبوة عن لاهوته أزالت شكوكهم كثيراً يوم رأوه مقبوضاً عليه ومصلوباً لأنه بعد الموت هناك قيامة
فكان «صادقاً وأميناً» (رؤ14:3)، ولكنه أعطاهم كل الدلائل الواثقة، التي يمكن أن يعتمدوا عليها ليعبروا هذه المحنة، دون أن يتزعزعوا. «لا تضطرب قلوبكم، أنتم تؤمنون بالله, فآمنوا بي» (يو1:14). ولكن المسيح اعتمد كثيراً على ما بعد المحنة, حينما يكتشف التلاميذ, ونحن معهم, صدق وأمانة المسيح في كل ما قال، قبل أن يحدث، بخصوص المحنة العظمى التي سيجوزها: الموت!! بكل أهواله, ليجدوا في القيامة تحقيق الوعد، ليصير إيمانهم بالمسيح وثيقاً، وإلى الأبد,

أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية  
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
" ها أنا أخبرتكم مقدما بموتى وصلبى وقيامتى وصعودى إلى الآب فمتى تمت يزيد إيمانكم وثوقا بتيقنكم معرفتى ما فى المستقبل.<

 تفسير / شرح  (يوحنا 14:  30) 30 لا اتكلم ايضا معكم كثيرا، لان رئيس هذا العالم ياتي وليس له في شيء.

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس     
1) " لا أَتَكَلَّمُ أَيْضاً مَعَكُمْ "

كَثِيراً لم يكن قد بقي من حياته على الأرض إلا بضع ساعات من النهار. فى هذا الوقت سيتوقف عن الكلام فى الموضوع الذى تكلم فيه فى هذا الإصحاح وإقترح بعض الدارسين والمفسرين أن معنى هذا الجزء من الآية لا يستقيم  إلا بعد إضافة كلمة "كثيرا" لأن المسيح استمر بالفمل يتكلم ويعلم، ولكن لقدر محدود.
 

2) " لأنَّ رَئِيسَ هَذَا العَالَمِ يَأْتِي "

† " رئيس هذا العالم  " ..  ورد هذا التعبير فى الترجمات العربية المختلفة كما يلى : (1) اليسوعية ، التفسيرية ، المشتركة : سيد هذا العالم .. (2) البوليسية : رئيس هذا العالم  .. (3) ألإنجيل الشريف : سيد هذا العالم  .. العالم قد أعطى للشرير وتشير هذه العبارة إلى الشيطان الذى يعمل فى الإرض لإفساد بنى البشر وإبعادهم عن الخير الذى يقدمه يهوه (يو 12: 13) (أق 2: 2) (2كو 4: 4) ربما يفسر هذا التعبير على أن يسوع رأى يهوذا والشيطان يتملكه فقال هذه العبارة عن تسليم يهوذا (يو 13: 27)

أما لماذا قال المسيح: «لا أتكلم أيضاً معكم...». فهو بسبب معرفته باقتراب الشيطان، «رئيس هذا العالم»، ممثلاً في إثارة الأشخاص الذين استخدمهم في مهمته ، وبالتال انتهاء زمن الكرازة والتحضير لعملية الخلاص العظمى لبنى البشر من العبودية للشيطان . أو بمعى أوضح، أن المسيح أكمل رسالة اعلان الآب بالكلمة، سواء بالتعليم، أو الآيات، وقد حان تكميل رسالة الفداء بذبيحة نفسه المحددة منذ الدهور. فالشيطان لا يتجاسر أن «يأتي»، دون إذن صادر من الآب ومن الابن أيضاً (كما حدث لأيوب) : «فبعد اللقمة دخله الشيطان، فقال له يسوع: ما أنت تعمله فاعمله بأكثر سرعة» (يو27:13)

أي الشيطان. يأتي ليجربه نفسيا في وقت آلامه وجسديا بواسطة تلك الآلام. ولعل كثيراً من ألمه في بستان جثسيماني كان من محاربته لعدو الرب والناس بدليل قوله «هَذِهِ سَاعَتُكُمْ وَسُلطَانُ الظُّلمَةِ» (لوقا ٢٢: ٥٣) قارن هذا بالقول «وَلَمَّا أَكْمَلَ إِبْلِيسُ كُلَّ تَجْرِبَةٍ (أي في البرية) فَارَقَهُ إِلَى حِينٍ» (لوقا ٤: ١٣). والمسيح كان يحس بخطوات العدو تقترب وتريد الإنقضاض عليه : «قوموا لنذهب، هوذا الذي يسلمني قد اقترب» (مر42:14)،وليهيج الناس عليه أيضاً بدخوله في يهوذا ليأتي بعد قليل ويسلمه، ويحرك العسكر ليقبضوا عليه، والفريسيين ورؤساء الكهنة ليشتكوا عليه، والرومان ليحكموا عليه ويصلبوه. واكتفى بذكر فعل الشيطان لأنه سبب كل الشر. ولكن يمكن القول بثقة ان الرب بخضوعه وإتضاعه غلب الشيطان وكسر شوكة الموت

«رئيس هذا العالم»: ‏هذا الاصطلاح لم يرد في أسفار العهد الجديد إلا في هذه الآية، وفي ( يوحنا ١٢: ٣١ ) 31 الان دينونة هذا العالم. الان يطرح رئيس هذا العالم خارجا." ( يو ١٦: ١١) 11 واما على دينونة فلان رئيس هذا العالم قد دين. " ، وذلك في إنجيل القديس يوحنا. ولكن تفسير عبارة "رئيس هذا العالم" ومعناها يوجد فى الاصطلاح المقابل الذي ورد في إنجيل القديس لوقا يُفهم من الحديث الذي جرى له مع المسيح على جبل التجربة: أن رئيس هذا العالم هو الشيطان «ثم أصعده إبليس إلى جبل عال، وأراه جميع ممالك المسكونة في لحظة من الزمان، وقال له إبليس: لك أعطي هذا السلطان كله ومجدهن، لأنه إلي قد دُفع, وأنا أعطيه لمن أريد.» (لو5:4-6‏)
‏أما القديس بولس الرسول فقد أعطى الشيطان لقب «إله الزمان»: «ولكن إن كان إنجيلنا مكتوماً، فإنما هو مكتوم في الهالكين، الذين فيهم إله هذا الدهر قد أعمى أذهان غير المؤمين، لئلا تضيء لهم إنارة إنجيل مجد المسيح، الذي هو صورة الله» (2كو3:4-4‏). حيث كلمة الدهر= تفيد هذا الزمان أو هذا العالم.

وسماه بولس الرسول: «رئيس سلطان الهواء، الروح الذي يعمل الآن في أبناء المعصية.» (أف2:2)
‏كما سمى أعوان إبليس: «ولاة العالم من «رؤساء وسلاطين« ‏شريرة، وأجناد الشر الروحية«:
+ «فإن مصارعتنا ليست مع دم ولحم، بل مع الرؤساء، مع السلاطين، مع ولاة العالم، على ظلمة هذا الدهر، مع أجناد الشر الروحية في السماويات.» (أف12:6)
‏ولكن إزاء كل الأسماء الضخمة التي أطلقت على الشيطان، وكل جنوده، وبالرغم من سلطانه الذي يدعيه على ممالك العالم ومجدها، فقد أثبت المسيح تفاهة هذا العالم لأن العالم يمضى وينتهى وبإنتهاء العالم سواء بموت الإنسان أو بإنتهاء العالم فى اليوم الأخير ينتهى حكم الشيطان ، فمظهره مرعب حقاً: «عندما يأتي العدو كنهر», ولكن نهايته تافهة جداً, «فنفخه الرب تدفعه» (إش19:59 )  19 فيخافون من المغرب اسم الرب ومن مشرق الشمس مجده.عندما ياتي العدو كنهر فنفخة الرب تدفعه  " – قارن مع 2تس8:2)8 وحينئذ سيستعلن الاثيم، الذي الرب يبيده بنفخة فمه، ويبطله بظهور مجيئه.  ". ولقد صال يهوذا الإسخريوطي وجال، كأخطر آلة استخدمها الشيطان فعلاً (تلميذ من التلاميذ الاثني عشر), ولكنه انتهى إلى خنق نفسه.

 

3) " وَلَيْسَ لَهُ فِيَّ شَيْءٌ "

† "وليس له في شيء.   " ..    ورد هذا التعبير فى الترجمات العربية المختلفة كما يلى : (1) اليسوعية : وليس له يد على (2) التفسيرية : ولا شئ له فى .. (3)  المشتركة : لا سلطان له على .. (4) البوليسية : إنه ليس له فى أى مأخذ .. (5) الإنجيل الشريف : وليس له أى سلطان على .. لم يستطع الشيطان أن يوقع يسوع ويتهمه ولكن كل تهمه مفبركة بقصد التحلص منه بقتله ويمقارنة سلطة يسوع والشيطان نجد أنه كانت سلطة يسوع أقوى منه لدرجة أنه كان يأمرهم  بالخروج من الناس

أي لا يستطيع الشيطان الانتصار علي المسيح ، فليس في المسيح شهوات جسدية ليثيرها، ولا أنانية ليرضيها. ولا كبرياء ولا محبة العالم .. ألخ فكل مبتغاه أن يُرضي أباه، فلم يكن للشيطان ما يوسوس له به إلى الخطية. وهذه حجة قاطعة على كمال قداسة المسيح. وما قيل عليه لا يصح أن يقال على أطهر البشرفهو الوحيد الذى إستطاع أن يقول (يو 8: 46)  19 فيخافون من المغرب اسم الرب ومن مشرق الشمس مجده.عندما ياتي العدو كنهر فنفخة الرب تدفعه  "

كما أن المسيح ليس فيه شيئ يقاضيه الشيطان به قى يوم الدنونة كذلك أنقذ المسيح البشرية بسر الفداء
«وليس له فّي شيء»: بمعنى أن ليس في شيء يقع تحت سلطانه. كل إنسان، للشيطان فيه شيء، لهذا يطالب بدعوى الموت ثمناً للخطية، ولكن المسيح يقدم نفسه للموت بحرية إرادته، ثمناً لخطايا غيره. المسيح لم يكن من هذا العالم: «لأنهم ليسوا من العالم، كما أني أنا لست من العالم» (يو14:17)، «أنتم من هذا العالم، أما أنا فلست من هذا العالم» (يو23:8)، قال هذا لليهود.

+ «عل قدر ذلك، قد صار يسوع ضامناأ لعهد أفضل. وأولئك (كهنة العهد القديم) قد صاروا كهنة كثيرين، من أجل منعهم بالموت عن البقاء‏. وأما هذا، فمن أجل أنه يبقى إلى الأبد، له كهنوت لا يزول. فمن ثم يقدر أن يخلص أيضاً إلى التمام، الذين يتقدمون به إلى الله، ‏إذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم، لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا, قدوس, بلا شرولا دنس، قد انفصل عن الخطاة, وصار أعلى من السموات. الذي ليس له اضطرار كل يوم؛ مثل رؤساء الكهنة, أن يقدم ذبائح, أولاً عن خطايا نفسه, ثم عن خطايا الشعب, لأنه فعل هذا مرة واحدة إذ قدم نفسه!» (عب22:7-27)
أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية  
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
المعنى أنه لم يبق بضع ساعات حتى يأتى "رئيس هذا العالم" أى الشيطان مهيجا رؤساء اليهود وجنود الهيكل ليمسكونى ويحكموا على ويصلبونى فيجب إذا "أن لا أتكلم معكم أيضا كثيرا"  بل أختم كلامى وقوله عن الشيطان : وليس له فى شئ .. "  معناه على رأى يوحنا فم الذهب : لا حق له على إذ لا يجد بى خطية فيميتنى ظلما وعدوانا ، ومعناه على رأى آخرين ليس فى مقدوره أن يغلبنى أو يهلكنى كما يريد لأنى إن مت لا أموت بقوته بل بإرادتى وإختيارى .   <

   تفسير / شرح  ( يوحنا 14:  31) 31 ولكن ليفهم العالم اني احب الاب، وكما اوصاني الاب هكذا افعل. قوموا ننطلق من ههنا.

 ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس       

 الآية السابقة وهذه الآية مرتبطتان معاً, والمعنى هو: ولو أني لست من هذا العالم، وليس لي خطية واحدة مدين بها لرئيس هذا العالم، إلا أني سمحت للشيطان أن يأتي إليّ, وسمحت لنفسي أن أموت، كمديون عن خطايا كل العالم, ولكن ليس ( يوحنا ١٠: ١٨) 18 ليس احد ياخذها مني، بل اضعها انا من ذاتي. لي سلطان ان اضعها ولي سلطان ان اخذها ايضا. هذه الوصية قبلتها من ابي».هذا تطوعاً مني, ولكن ليفهم العالم أني أحب الآب، والآب أوصاني أن أموت، وأفدي العالم بحياتي, لذلك أنا أفعل هذا مدفوعاً بحب أبي وطاعتي لوصيته.( عبرانيين ٥: ٨) 8 مع كونه ابنا تعلم الطاعة مما تالم به. 9 واذ كمل صار لجميع الذين يطيعونه، سبب خلاص ابدي،


1) " وَلَكِنْ لِيَفْهَمَ العَالَمُ أَنِّي أُحِبُّ الآبَ،"
لِيَفْهَمَ العَالَمُ أَنِّي أُحِبُّ الآبَ أظهر المسيح محبته للآب بتجسده ( فيلبي ٢: ٨ )  8 واذ وجد في الهيئة كانسان، وضع نفسه واطاع حتى الموت موت الصليب". واحتماله تجربة إبليس، وبانتصاره عليه إذ كان «مُجَرَّباً فِي كُلِّ شَيْءٍ مِثْلُنَا، بِلا خَطِيَّةٍ» (عبرانيين ٤: ١٥).15 لان ليس لنا رئيس كهنة غير قادر ان يرثي لضعفاتنا، بل مجرب في كل شيء مثلنا، بلا خطية. "  وكانت تجربته برهاناً على محبته للآب. ولا شك أن الشيطان بذل كل وقته ليجعل آدم الثاني يخطئ كما أخطأ آدم الأول، فكان كل اجتهاده عبثاً. ولعل كلامه غير مقصور على التجربة، بل يشتمل على كل ما فعله لفداء الخطاة طوعاً لإرادة أبيه، فهو البار الذي مات بدل الأثمة ليخلصهم.

2) " وَكَمَا أَوْصَانِي الآبُ هَكَذَا أَفْعَلُ"
كَمَا أَوْصَانِي الآبُ هَكَذَا أَفْعَلُ من أول الحياة إلى آخرها، وهذا يتضمن تجسده، ووضع نفسه تحت الناموس، وتكميله كل بر، واحتماله تجربة إبليس وعار الناس وبغضهم، وموته أخيراً كفارة عن العالم.
ثم أن المسيح يعلم أن هذه التضحية العظمى، بأن يقف أمام رئيس العالم، مديونا بالخطية، مسفوكاً دمه، وهو ديان العدل لكل المسكونة أحياءً وأمواتاً؛ نعم كان يعلم أن ثمن كل هذا هو مغفرة خطايا كل العالم، وانتزع سلطان الإدانة من الشيطان إلى الآبد, لذلك قال: «ثقوا، أنا قد غلبت العالم.» (يو33:16‏)
«قوموا ننطلق من ههنا»: هيا نواجه الصليب، أليس عمله أن يعلن حب الآب وينفذ وصيته؟
‏لقد تلكأوا في الجلوس، بل وناموا في جثسيماني، مثلما نعمل نحن الآن؛ ولكن إن آجلاً أو عاجلاً سنتبعه: «ولكنك ستتبعني أخيراً.» (يو36:13)

 

3) "  قُومُوا نَنْطَلِقْ مِنْ هَهُنَا"

† " قوموا ننطلق من ههنا.   " ..  فعل امر حاضر للمتوسط ، هذا الجزء من الجملة آية صعبة لأنها وردت فى البشارة بحسب متى ومرقس عندما إقترب يهوذا وجند الهيكل وحراسه من يسوع فى بستان جسثيمانى ، ولا يعرف المفسرون لماذا ذكرها يسوع هنا فى العلية (يو 13 و 17) يعتقد أن يسوع قالها عندما غادر العلية وبدأ بعلم وهو فى طريقة إلى بستان جسثيمانى (يو 18: 1)
قُومُوا نَنْطَلِقْ مِنْ هَهُنَا الأرجح أن المسيح وتلاميذه قاموا عن المائدة لما قال ذلك، وأنه تكلم بما بقي من خطابه في يوحنا ١٥، ١٦، وبصلاته في يوحنا ١٧. وهم لم يزالوا واقفين في البيت إذ لا انقطاع في الكلام، ولأنه قيل في (يوحنا ١٨: ١ ) «قَالَ يَسُوعُ هَذَا وَخَرَجَ مَعَ تلامِيذِهِ إِلَى عَبْرِ وَادِي قَدْرُونَ» ولكن ظن بعضهم أنه تكلم بذلك وهم سائرون في الطريق من البيت إلى بستان جثسيماني.

 أولا : التفسير الروحى/   الرمزى والمجازى الذى أسسه العلامة القبطى أوريجانوس - والتأملى الذى أشتهرت به الكنيسة القبطية  
تفسير المشرقى للقس ابو الفرج لإجيل يوحنا - كتاب طبعه يوسف منقريوس ناظر المدرسة الإكليريكية سنة 1908م فى عصر البابا كيرلس الخامس112
قال يوحنا فم الذهب : من أحب المسيح أحبه الآب إذ مات المسيح فداء عن العالم لا مكرها من اليهود خدام الشيطان بل مات بغرادته وإختياره فهو البار مات عن الأثمة ليخلصهم وفعل كما أوصاه الاب فتجسد ووضع نفسه تحت الناموس وإحتمل تجارب إبليس  وعار الناي وبغضهم له ومات أخيرا كفارة عن العالم وقوله " قوموا ننطلق من ههنا" لا يفيد أنهم إنتقلوا من البيت بل إنتقلوا فقط من الغرفة التى كانت فيها المائدة ودخلوا غرفة أخرى إذ لا إنقطاع فى الكلام ولأنه قيل فى (يو 18: 1) "قال يسوع هذا وخرج مع تلاميذه إلى عبر وادى قدرون " وهذا يدل أنهم ظلوا فى البيت حتى قال خطابه الوداعى وصلواته .

 

 

 

 

This site was last updated 08/03/21