تفسير / شرح أعمال الرسل (أع 7: 2) 2 فقال:«ايها الرجال الاخوة والاباء، اسمعوا! ظهر اله المجد لابينا ابراهيم وهو في ما بين النهرين، قبلما سكن في حاران
ثانيا : التفسير الحرفى والتاريخى والجغرافى - إعداد عزت اندراوس
1) " فَأَجَابَ: أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلإِخْوَةُ وَٱلآبَاءُ، ٱسْمَعُوا. ظَهَرَ إِلٰهُ ٱلْمَجْدِ لأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ فِي مَا بَيْنَ ٱلنَّهْرَيْنِ، قَبْلَمَا سَكَنَ فِي حَارَانَ»".
*** أَيُّهَا ٱلرِّجَالُ ٱلإِخْوَةُ وَٱلآبَاءُ : هذا الخطاب فى مجلس السنهدرين يظهر لهم اسطفانوس مبدأ الأخوة بالرغم من خلفيته اليونانية فالجميع لا يويدون عن كونهم "أخوة " مع أنهم كلهم رؤساء شعب وبطرس خاطبهم من قبل قائلا (أع 4: 8) «يا رؤساء الشعب وشيوخ اسرائيل، " أما رؤساء الكهنة فلقبهم بغير لقبهم الدينى متحاشيا النطق بلقبهم الكهنوتى لإتهم لا يزيدون عن مركز الآباء فى مجلس السنهدرين الذين يستمدون سلطتهم وتواجدهم بالوراثة وليس من الرب بالإختيار
مما اعتاد أن يخاطب به أعضاء المجلس فأظهر به الاحترام لهم ولرتبتهم.
*** ٱسْمَعُوا : ھذا أمر ماضي بسيط مبني للمعلوم مشكل من الكلمة اليونانية (akouō ) وتعنى " إسمعوا انتم" فى صيغة آمرة وكأنه يتلوا عليهم أقوال إلهية لأن هذه الكلمة تستخدم في السعبنية لترجمة الصلاة الشھيرة في اليھودية "إشماع يا غسرائيل" التى تشبه الآذان عند المسلمين ، السماع Shema( تث ٦ :٤ - ٥ ) 4 اسمع يا اسرائيل.الرب الهنا رب واحد. 5 فتحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتك. " تستخدم أيضا في الأنبياء لتعكس المعنى من "اسمع لكي تتجاوب" (مي ١ :٢ ) 2 اسمعوا ايها الشعوب جميعكم اصغي ايتها الارض وملاها وليكن السيد الرب شاهدا عليكم السيد من هيكل قدسه. ( مى ٦ : ١ ) 1 اسمعوا ما قاله الرب.قم خاصم لدى الجبال ولتسمع التلال صوتك."
2) " ظَهَرَ إِلٰهُ ٱلْمَجْدِ "
*** إِلٰهُ ٱلْمَجْدِ ھذا (مز ٢٩ :٣ ) اله المجد ارعد " ظھر إلى إبراھيم الأب (تك ١٢ :١ ) 1 وقال الرب لابرام: «اذهب من ارضك ومن عشيرتك ومن بيت ابيك الى الارض التي اريك. ( تك ١٥ :١و ٤)1 بعد هذه الامور صار كلام الرب الى ابرام في الرؤيا قائلا: «لا تخف يا ابرام. انا ترس لك. اجرك كثير جدا». . 4 فاذا كلام الرب اليه قائلا: «لا يرثك هذا، بل الذي يخرج من احشائك هو يرثك». ( تك ١٧ :١) 1 ولما كان ابرام ابن تسع وتسعين سنة ظهر الرب لابرام وقال له: «انا الله القدير. سر امامي وكن كاملا، ( تك ١٨ :١ ) 1 وظهر له الرب عند بلوطات ممرا وهو جالس في باب الخيمة وقت حر النهار، ( تك ٢٢ :١) 1 وظهر له الرب عند بلوطات ممرا وهو جالس في باب الخيمة وقت حر النهار، " وابينا إبراهيم هو أصل الشعب اليهودى وبدايته
*** إله المجد " أي يهوه المستحق كل المجد والإكرام وبهذا أظهر وفرة احترامه لإله إسرائيل ودفع عنه اتهامهم إيّاه بأنه جدف على الله. وفي هذه النسبة إشارة إلى الضياء اللامع ويلاحظ أن المسيح وصف نفسه بالبرق (مت 24: 27) 27 لانه كما ان البرق يخرج من المشارق ويظهر الى المغارب هكذا يكون ايضا مجيء ابن الانسان " الذي ظهر يهوه به في السحابة النيّرة وفي قبة العهد والهيكل (خروج ٢٤: ١٦) 16 وحل مجد الرب على جبل سيناء وغطاه السحاب ستة ايام.وفي اليوم السابع دعي موسى من وسط السحاب. ( خر ٣٣: ١٨ ) 18 فقال ارني مجدك. ( خر٤٠: ٣٤ ) 34 ثم غطت السحابة خيمة الاجتماع وملا بهاء الرب المسكن. ( لاويين ٩: ٢٣ ) 23 ودخل موسى وهرون الى خيمة الاجتماع ثم خرجا وباركا الشعب.فتراءى مجد الرب لكل الشعب (عدد ١٤: ١٠ ) 10 ولكن قال كل الجماعة ان يرجما بالحجارة.ثم ظهر مجد الرب في خيمة الاجتماع لكل بني اسرائيل ( تثنية ٥: ٢٤).4 وقلتم هوذا الرب الهنا قد ارانا مجده وعظمته وسمعنا صوته من وسط النار.هذا اليوم قد راينا ان الله يكلم الانسان ويحيا.
3) " لأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ فِي مَا بَيْنَ ٱلنَّهْرَيْنِ، قَبْلَمَا سَكَنَ فِي حَارَانَ»"
*** لأَبِينَا إِبْرَاهِيمَ افتخر اليهود بنسبتهم إلى إبراهيم (متّى ٣: ٩) فصرّح استفانوس بها هنا حيث يقرن إله المجد بظهوره لإبراهيم بأهمية وتكريم الرب ٌلإبراهيم بآن واحد وهذا دفاع غير مقصود ورد ضمنيا لدرء الإتهام بأنه يجدف على الرب
كان إبراھيم يعتبر أبو الشعب اليھودي. لقد كان أول الآباء البطاركة. دعوته ومسيره التالي مع ايهوه يوصف في (تك ١٢ :١ - ٢٥ :١١) .في (غلاطية ٣ ) وفيما بعد (رومية ٤) يستخدمه بولس على أنه مثال نموذجي عن التبرير بالنعمة بالإيمان
*** وَهُوَ فِي مَا بَيْنَ ٱلنَّهْرَيْنِ في أور الكلدانيين: وهنا يزهر عدم إلتزام الرب بالظهور فى مكان معين أو أماكن يخصصها الإنسان للرب ولا فى بلادد بعينها والقصد أن لا أورشليم ولا الهيكل يحددان ظهور الرب أو وجوده أو عبادته
حيث سكن إبراهيم أولاً (تكوين ١١: ٢٨) 28 ومات هاران قبل تارح ابيه في ارض ميلاده في اور الكلدانيين. " وهي واقعة بين نهري دجلة والفرات. وما قاله استفانوس هنا من مصدرين تواريخ اليهود الشائعة بينهم سوى الكتاب المقدس وترجمة السبعين التي تختلف في بعض الأمور عن الأصل العبراني.
*** قَبْلَمَا سَكَنَ فِي حَارَانَ حاران موضع غربي الفرات حيث مات تارح (تكوين ١١: ٣٢)32 وكانت ايام تارح مئتين وخمس سنين. ومات تارح في حاران. " وهرب يعقوب إليه من عيسو أخيه (تكوين ٢٧: ٤٣).43 فالان يا ابني اسمع لقولي، وقم اهرب الى اخي لابان الى حاران، ولا إختلاف بين ما قيل هنا وما قيل في (تكوين ١١: ٣١ ) 31 واخذ تارح ابرام ابنه، ولوطا بن هاران، ابن ابنه، وساراي كنته امراة ابرام ابنه، فخرجوا معا من اور الكلدانيين ليذهبوا الى ارض كنعان. فاتوا الى حاران واقاموا هناك. ( تك ١٢: ١) وقال الرب لابرام: «اذهب من ارضك ومن عشيرتك ومن بيت ابيك الى الارض التي اريك. " ما يتبين منه أن الله ظهر لإبراهيم في حاران بعدما ترك أُور الكلدانيين لأنه دعاه مرتين كما يتضح من قوله تعالى «أَنَا ٱلرَّبُّ ٱلَّذِي أَخْرَجَكَ مِنْ أُورِ ٱلْكِلْدَانِيِّينَ لِيُعْطِيَكَ هٰذِهِ ٱلأَرْضَ لِتَرِثَهَا» (تكوين ١٥: ٧ ) ( يشوع ٢٤: ٣ ) (نحميا ٩: ٧). وذكر فيلو المؤرخ اليهودي في تاريخه أن الله دعا إبراهيم مرتين فكلم الله إبراهم في أور وفي حاران ومعاهدته هنالك برهان قاطع على أن ظهور للناس غير مقصور على هيكل أورشليم وأن عبادته ليست محصورة فيه وأنه هو لم يجدف بما قاله في هذا المعنى.
تدل تك ١١ :٣١ ) 1 واخذ تارح ابرام ابنه، ولوطا بن هاران، ابن ابنه، وساراي كنته امراة ابرام ابنه، فخرجوا معا من اور الكلدانيين ليذهبوا الى ارض كنعان. فاتوا الى حاران واقاموا هناك." على أن إبراھيم كان في مدينة حاران عندما تكلم الرب/يھوه إليه. ولكن وقت ھذا الإحتكاك بين الرب وإبراھيم لا يُصرح به بشكل مؤكد وواضح. إبراھيم كان من أور الكلدانيين (تك ١١ :٢٨ ،٣١،) ولكنه انتقل فيما بعد إلى حاران (تك ١١ :٣١ ،٣٢) ( تك ٢٩ :٤ ) وكان مطيعا ً لأمر الرب. الفكرة ھي أن الرب تكلم إلى إبراھيم خارج أرض كنعان. لم يمتلك إبراھيم أي جزء من الأرض المقدسة الأية (أع 7: 5) خلال فترة حياته سوى كھف ليدفن فيه عائلته، وإشتراه من عفرون الحثى تك ٢٣ :٩ ) 9 ان يعطيني مغارة المكفيلة التي له، التي في طرف حقله. بثمن كامل يعطيني اياها في وسطكم ملك قبر». 17 فوجب حقل عفرون الذي في المكفيلة التي امام ممرا، الحقل والمغارة التي فيه، وجميع الشجر الذي في الحقل الذي في جميع حدوده حواليه، 18 لابراهيم ملكا لدى عيون بني حث، بين جميع الداخلين باب مدينته.
*** عبارة "بلاد ما بين النھرين" يمكن أن تشير إلى مجموعات عرقية إثنية مختلفة:
١ -مجموعة من الشعوب في المنطقة الشمالية من دجلة والفرات ("سورية بين النھرين")
٢ -جماعة من الشعوب قرب مصب نھر دجلة والفرات
علينا أن نلاحظ في خطاب استفانوس أربعة أمور:
الأول: أن ذلك الخطاب غير كامل لأن صراخ السامعين قطع الخطاب.
الثاني: أن بولس على ما يرجح سمع ذلك الخطاب وأنبأ به لوقا لأن لوقا كان رفيقه في أسفاره ولشدة المشابهة بين ما قاله استفانوس في خطابه وما كتبه بولس في رسائله (قابل (أع 7: 53) 53 الذين اخذتم الناموس بترتيب ملائكة ولم تحفظوه». مع (غلاطية ٣: ٩) 9 اذا الذين هم من الايمان يتباركون مع ابراهيم المؤمن. 10 لان جميع الذين هم من اعمال الناموس هم تحت لعنة، لانه مكتوب: «ملعون كل من لا يثبت في جميع ما هو مكتوب في كتاب الناموس ليعمل به» .. و (أع 7: 48) 48 لكن العلي لا يسكن في هياكل مصنوعات الايادي، كما يقول النبي: " مع قول بولس في وسط اريوس باغوس (أع ١٧: ٢٤).24 الاله الذي خلق العالم وكل ما فيه، هذا، اذ هو رب السماء والارض، لا يسكن في هياكل مصنوعة بالايادي "
الثالث: أن خطاب استفانوس دفاع استفانوس مشابه جدا لما يرد في الرسالة إلى العبرانيين. لقد أجاب على التھم الموجھة إليه بطريقتين: (١) الشعب اليھودي كان دائما يرفض موسى في الماضي و(٢) الھيكل كان فقط أحد الطرق العديدة التي استخدمھا الله ليتكلم إلى إسرائيل. ھذا جواب مباشر على التھم الموجھة إليه في(أع ٦ :١٣) وإعلان نسبة الديانة اليهودية إلى الديانة المسيحية.
الرابع: أن غاية هذا الخطاب ثلاثة أمور:
الأول: تبرئته نفسه مما اتهموه به وهو التجديف على الله وموسى وأتى ذلك بإقامة البراهين على أن ظهور الله غير مقصور على أورشليم لأنه ظهر لإبراهيم ما بين النهرين وليوسف في مصر ولموسى في البرية وفي طور سينا وفي خيمة الشهادة قبل بناء الهيكل. وأبان من قول موسى نفسه أن العوائد الموسوية ليست بأبدية لأنه أنبا بمجيء نبي آخر فلزم من ذلك أن يكون تعليم آخر ما كان تعليم موسى سوى استعداد له.
الثاني: بيان حقيقة ما نادى به.
الثالث: إعلان أن اليهود برفضهم أن يسوع هو المسيح تمردوا على الله كما تمرد عليه آباؤهم في كل أيام تاريخ الأمة. ولا ريب في أنه لو تركوه يكمل خطابه لختمه بالمناداة بالمغفرة والمصالحة بواسطة دم يسوع الذي سفكوه كما ختم بطرس موعظته في (أع ٢ و٣). وسلك استفانوس في هذا الخطاب أحسن سبل الحكمة لبلوع الغاية.