Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - Coptic history

بقلم عزت اندراوس

 سنة عشرين ومائة

 إذا كنت تريد أن تطلع على المزيد أو أن تعد بحثا اذهب إلى صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
قصر هشام‏ ‏بن‏ ‏عبد‏ ‏الملك‏
أكبر فسيفساء بقصر هشام
سنة 105 خلافة هشام
سنة ست ومائة
سنة سبع ومائة
سنة ثمان ومائة
سنة تسع ومائة
سنة عشر ومائة
سنة إحدى عشرة ومائة
سنة اثنتي عشرة ومائة
سنة ثلاث عشرة ومائة
سنة أربع عشرة ومائة
سنة 115 و 116
سنة سبع عشرة ومائة
سنة ثماني عشرة ومائة
سنة تسع عشرة ومائة
دخلت سنة عشرين ومائة
سنة إحدى وعشرين ومائة
سنة اثنتين وعشرين ومائة
سنة أربع وعشرين ومائة
سنة 125 وفاة الخليفة هشام

الجزء التالى من كتاب: الكامل في التاريخ المؤلف: أبو الحسن علي بن أبي الكرم محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني الجزري، عز الدين ابن الأثير (المتوفى: 630هـ) تحقيق: عمر عبد السلام تدمري الناشر: دار الكتاب العربي، بيروت - لبنان الطبعة: الأولى، 1417هـ / 1997م عدد الأجزاء:  10

**************************************************************************************************************************

الجزء الثالث

ثم دخلت سنة عشرين ومائة
ذكر وفاة أسد بن عبد الله

في هذه السنة في ربيع الأول توفي أسد بن عبد الله القسري بمدينة بلخ وكان سبب موته أنه كان به دبيلة في جوفه فأصابه مرض قم أفاق منه فخرج يوماً فأتي بكمثرى أول ما جاء فأطعم الناس منه واحدة واحدة وزأخذ كثراة فرمى بها إلى خراسان دهقان هراة فانقطعت الدبيلة فهلك، واستخلف جعفر ابن حنظلة البهراني، فعمل أربعة أشهر ثم جاء عهد نصر بن سيار بالعمل في رجب سنة احدى وعشرين.
وكان هذا خراسان دهقان هراة خصيصاً بأسد، فقدم عليه في المهرجان ومعه من الهدايا والتحف ما لم يحمل غيره مثله، وكانت قيمة الهدية ألف ألف. وقال لأسد: إنا معشر العجم أكلنا الدنيا أرعمائة سنة بالحلم والعقل والوقار، وكان الرجال فينا ثلاثة: ميمون النقية، أين ما توجه فتح الله عليه، والذي يليه رجل تمت مروته في بيت، فإن كان كذلك رحب وحيا، ورجل رحب صدره وبسط يده، فإذا كان كذلك قدم وقود، وقد جعل الله صفات هؤلاء فيك فما يعلم أحداً هو أتم كتخذانية منك، إنك عزيز ضابط أهل بيتك وحشمك ومواليك فليس منهم من يستطيع أن يعتدي على صغير ولا كبير، ثم بنيت الإيوانات في المفاوز من أحسن ما عمل، ومن يمن نقيبتك أنك لقيت خاقان وهو في ماة ألف ومعه الحارث بن سريج فهزمته وقتلته وقتلت أصحابه وأبحت عسكره، وأما رحب صدرك وبسط يدك فإنا لا ندري أي المالين أحب إليك، وأمال قدم عليك أم مال خرج من عندك، بل أنت بما خرج أقر عيناً. فضحك أسد وقال: أنت خير دهاقينا، وفرق جميع الهدية بين أصحابه. ولما مات أسد رثاه ابن عرس العبدي فقال:
نعى أسد بن عبد الله ناع ... فريع القلب للملك المطاع
ببلخٍ وافق المقدار يسري ... وما لقضاء ربك من دفاع
فجودي عين بالعبرات سحاً ... ألم يحزنك تفريق الجماع
في أبيات غيرها. ولما مات أسد كتب مسلمة بن هشام بن عبد الملك، وهو أبو شاكر إلى خالد القسري:
أراح من خالدٍ فأهلكه ... رب أراح العابد من أسد
أما أبوه فكان مؤتشباً ... عبداً لئيماً لأعبدٍ فقد
يرى الزنى والصليب والخمر ... والخنزير رحلا والغي كالرشد
وأمه همها وبغيتها ... هم الإماء العواهر الشرد [ج3 (2/421)]
كافرة بالنبي مؤمنة ... بقسها والصليب والعمد
يعني المعمودية. فلما قرأ خالد الكتاب قال: يا عباد الله من رأى كهذه تعزية رجل من أخيه؟ وكان ما بين خالد وأبي شاكر مباعدة؛ وسببها أن هشاماً يرشح ابنه أبا شاكر للخلافة؛ فقال الكميت:
إن الخلافة كائن أو تادها ... بعد الوليد إلى ابن أم حكيم
يعني أبا شاكر، وأمه أم حكيم، فبلغ الشعر خالداً فقال: أنا كافر بكل خليفة يكنى أبا ساكر؛ فسمعها أبو شاكر فحقدها عليه.
ذكر شيعة بني العباس بخراسان
وفي هذه السنة وجهت شيعة بني العابس بخراسان إلى محمد بن علي بن عبد الله بن العباس سليمان بن كثير ليعلمه أمرهم وما هم عليه.
وكان سبب ذلك أم محمداً ترك مكاتبتهم ومراسلتهم بطاعتهم التي كانت لخداش الذي تقدم ذكره وقبولهم منه ماروي عنه من الكذب. فلما أبطأت كتبه ورسله عليهم أرسلوا سليمان ليعلم الخبر، فقدم عليه فعنفه محمد في ذلك، ثم صرف سليمان إلى خراسان ومعه كتاب مختوم فغضوه فلم ير فيه إلا بسم الله الرحمن الرحيم، فعظم ذلك عليهم وعلموا مخالفة خداش لأمره، ثم وجه محمد بمن علي إليهم بكير بن ماهان بعد عود سليمان من عنده وكتب معه إليهم يعلمهم كذب خداش، فلم يصدقوه واستخفوا به، فانصرف بكير إلى محمد، فبعث معه يعصي مضببة بعضها بحديد وبعضها بنحاس، فجمع بكير النقباء والشيعة ودفع إلى كل واحد منهم عصاً، فعلموا أنهم مخالفون لسيرته فتابوا ورجعوا.
ذكر عزل خالد بن عبد الله القسري
وولاية يوسف بن عمر الثقفي

وفي هذه السنة عزل هشام بن عبد الملك خالداً عن أعمالهل جميعها، وقد اختلفوا في ذلك وسببه.
قيل: إن فروخ أبا المثنى كان على ضياع هشام بنهر الرمان، فثقل مكانه على خالد، فقال خالد لحيان النبطي: اخرج إلى هشام وزد على فروخ، ففعل حيان ذلك وتولاها، فصار حيان أثقل على خالد من فروخ، فجعل يؤذيه، فيقول حيان: لا تؤذي وأنا صنيعتك، فابى إلا أذاه.
فلمكا قدم عليه بثق البثوق على الضياع، ثم خرج إلى هشام فقال له: إن خالداً بثق البثوق على ضياعك. فوجه هشام من ينظر إليها، فقال حيان لخادم من خدم هشام: إن تكلمت بكلمة أقولها لك حيث يسمع هشام فلك ألف دينار. قال: فعجاها وأقول ما شئت، فأعطاه ألفاً وقال له: تبكي صبيان هشام، فإذا بكى فقل له: اسكت! والله لكأنك ابن خالد القسري الذي غلته ثلاثة عشر ألف ألف. ففعل الخادم، فسمعها هشام، فسأل حيان عن غلة خالد، فقال: ثلاثة عشر ألف ألف. فوقرت في نفس هشام.
وقيل: كانت غلته عشرين ألفاً، وإنه حفر بالعراق الأنهار، منها نهر خالد وباجرى وترمانا والمبارك والجمع وكورة سابور والصلح، وكان كثيراً ما يقول: غني مظلوم، ما تحت قدمي شيء إلا هو لي، يعني أن عمر جعل لبجيلة ربع السواد.
وأشار عليه العريان بن الهيثم وبلال بن أبي بردة بعرض املاكه على هشام ليأخذ منها ما أراد ويضمنان له الرضا فإنهما قد بلغهما تغير هشلم عليه، فلم يفعل ولم يجبهما إلى شيء. وقيل لهشام:إن خالداً قال ولدجه: ما أنت بدون مسلمة بن هشام! ودخل رجل من آل عمرو بن سعيد بن العاص على خالد في مجلسه، فأغلظ له في القول، فكتب إلى هشام يشكو خالداً، فكتب هشام إلى خالد يذمه ويلومه ويوبخه ويأمره أن يمشي راجلاً إلى بابه ويترضاه، فقد حعل عزله وولايته إليه، وكان يذكر هشاماً فيقول: ابن الحمقاء، وكان خالد يخطب فيقول: زعمتم أني أغلي أسعاركم، فعلى من يغليها لعنة اللهّ وكان هشام كتب إليه ألا تبيعن من الغلات شيئاً حتى تباع غلات أمير المؤمنين، فبلغت كيلها دارهم. وكان يقول لابنه: كيف أنت إذا احتاج إليك أمير المؤمنين؟ فبلغ هذا جميعه أمير المؤمنين هشاماً فتنكر له. وبلغه أيضاً أنه يستقل ولاية العراق، فكتب إليه هشام: يا بن أم خالد بلغني أنك تقول: ما ولاية العراق لي بشرف. يا بن اللخناء، كيف لا تكون إمرة العراق لك شرفاً وأنت من بجيلة القليلة الذليلة؟ أما والله إني لأظن أن لأول من يأتيك صغير من قريش يشد يديك إلى عنقك. [ج3
(2/422)]
ولم يزل يبلغه عنه ما يكره، فعزم على عزله، فكتم ذلك وكتب إلى يوسف ابن عمر وهو باليمن، يأمره أن يقدم في ثلاثين من اصحابه إلى العراق فقد ولاه ذلك، فسار يوسف إلى الكوفة فعرس قريباً منها، وقد ختن طارق خليفة خالد بالكوفة ولده فأهدى إليه ألف وصيف ووصيفة سوى الأموال والثياب، فمر بيوسف بعض أهل العراق فسألوه: ما أنتم وأين تريدون؟ قالوا: بعض المواضع. فأتوا طارثقاً فأخبروه خبرهم وأمروه بقتلهم وقالوا: إنهم خوارج. فسار يوسف إلى دور ثقيف، فقيل لهم: ما أنتم؟ فكتموا حالهم وأمر يوسف، فجمع إليه من هناك من مضر، فلما اجتمعوا دخل المسجد مع الفجر وأمر المذن وأقام الصلاة فصلى، وأرسل إلى طارق وخالد فأخذهما وإن القدور لتغلي.
وقيل: لما أراد هشام أن يولي يوسف بن عمر العراق كتم ذلك، فقدم جندب مولي يوسف بكتاب يوسف إلى هشام، فقرأه ثم ثال لسالم بن عنبسة وهو على الديوان: أن أجبه عن لسانك وأتني بالكتاب. وكتب هشام بخطه كتاباً صغيراً إلى يوسف يأمره بالمسير إلى العراق، فكتب سالم المتاب وأتى به هشاماً، فجعل كتابه في وسطكه وختمه، ثم دعا رسول يوسف فأمر به فضرب ومزقت ثيابه، ودفع الكتاب إليه فسار. فارتاب بشير بنم أبي طلحة، وكان خليفة سالم، فقال: هذه حيلة، وقد ولى يوسف العراق، فكتب إلى عياض، وهو نائب سالم بالعراق: إن أهلك قد بعثوا إليك بالثوب اليماني، فإذا أتاك فالبسه واحمد الله تعالى وأعلم ذلك طارقاً. فأعلم عياض طاق بن أبي زيدا بالكتاب له.
ثم ندم بشير على كتابه، فكتب إلى عياض: إن أهلك قد بدا لهم في إرسال الثوب. فأتى عياض بالكتاب الثاني إلى طارق، فقال طارق: الخبر في الكتاب الأول، ولكن بشيراً ندم وخاف أن يظهر الخبر.
وركب طارق من الكوفة إلى خالد وهو بواسط، فرآه داود البريدي، وكان على حجابة خالد وديوانه، فأعلم خالداً، فأذن له، فلما رآه قال: ما أقدمك بغير إذان؟ قال: أمر كنت أخطأت فيه، كنت قد كتبت إلى الأمير أعزيه بأخيه أسد، وإنما كان يجب أن آتيه ماشساً. فرق خالد ودمعت عيناه وقال: ارجع إلى عملك، فأخبره الخبر لما غاب داود، اقل: فما الرأي؟ قال: تركب إلى أمير المؤمنين فتعتذر إليه مما بلغه عنك. قال: لا أفعل ذلك بغير إذن. قال: فترسلني إليه حتى آتيك بعهده. قال: وكم مبلغه؟ قال: مائة ألف ألف . قال: ومن أين آخذها؟ والله ما اجد عشرة آلاف ألف درهم! قال: أتحمل أنا وفلان وفلان. قال: إني إذاً للئيم إن كنت أعطيتهم شيئاً وأعود فيه. فقال طارق: إنما نفيك ونفي أنفسنا بأموالنا وتستأنف الدنيا وتبقى النعمة عليك وعلينا خي من أن يجيء من يطالبنا بالأموال وهي عند أهل الكوفة فيتربصون فنقتل ويأكلون تلك الأموال. فأبى خالد. فودعه طارق وبكى وقال: هذا آخر ما نلتقي في الدنيا. ومضى إلى الكوفة وخرج وخرج خالد إلى الجمة.
وقدم رسول يوسف عليه اليمن فقال: أمير المؤمنين ساخط، وقد ضربني ولم يتكتب جواب كتابك، وهذا كتاب سالم صاحب الديوان.
فقرأه، فلما انتهى إلى آخره قرأ كتاب هشام بخطه وولاية العراق ويامره أن يأخذ ابن النصرانية، يعني خالداً، وعماله ويعذبهم حتى يشتفي. فأخذ ديلاً وسار من يومه واستخلف على اليمن ابنه الصلت، فقدم الكوفة في جمادى الآخرة سنة عشرين ومائة فنزل النجف، وأرسل مولاه كيسان وقال: انطلق فأتني بطارق، فإن أقبل فاحمله على إكاف، وإن لم يقبل فأت به سحباً.
فأتى كيسان الحيرة فأخذ معه عبد المسح سيد أهلها إلى طارق، فقال له: إن يوسف قد قدم على العراق وهو يستدعيك. فقال طارق لكيسان: إن أراد الأمير المال أعطيته ما سأل.
وأقبلوا به إلى يوسف بن عمر فتوافوا بالحيرة، فضربه ضرباً مبرحاً، يقال خمسمائة سوط، ودخل الكوفة وأرسل عطاء بن مقدم إلى خالد بالجمة، فاتى الرسول حاجبه وقال: استأذن لي على أبي الهيثم، فدخل متغير اللون، فقال: ايذن له، فدخل عليه، فقال: ويل أمها سخطة! ثم أخذه فحبسه، وصالحه عنه أبان بن الوليد وأصحابه على تسعة آلاف ألف ، فقيل ليوسف: لو لم تفعل لأخذت منه مائة ألف ألف، فندق وقال: قد رهنت لساني معه ولا آمن ولا أرجع. [ج3 (2/423)]
وأخر أصحاب خالداً فقال: قد أخطأتم ولا آمن أن يأخذها ثم يعود، ارجعوا، فرجعوا فأخبروه أن خالداً لم يرض، فقال: قد رجعتم؟ قالوا: نعم. قال: والله لا أرضى بمثلها ولا مثليها، فأخذ أكثر من ذلك، وقيل: أخذ مائة ألف. فأرسل يوسف إلى بلال بن أبي بردة، فقبضه، وكان قد اتخذ بلال بالكوفة داراً لم ينزلها، فأحضره يوسف مقيداً فأنزله الدار، ثم جعلت سجناً. وكان خالد يصل الهاشميين ويبرهم، فأتاه محمد بن عبد الله ابن عمرو بن عثمان بن عفان ليستميحه فلم ير منه ما يحب، فقال: أما الصلة فللهاشميين وليس لنا منه إلا أنه يلعن علياً، فبلغت خالداً فقال: إن أحب نلنا عثمان بشيء.
وكان خالد مع هذا يبالغ في سب علي، فقيل: كان يفعل ذلك نفياً للتهمة وتقرباً إلى القوم.
وكانت ولاية خالد العراق في شوال سنة خمس ومائة، وعزل في جمادى الأولى ستة عشرين ومائة، ولما ولي يوسف العراق كان الإسلام ذليلاً والحكم فيه إلى أهل الذمة، فقال يحيى بن نوفل فيه:
أتانا وأهل الشرك أهل زكاتنا ... وحكامنا فيما نسر ونجهر
فلما أتانا يوسف الخير أشرقت ... له الأرض حتى كل وادٍ منور
وحتى رأينا العدل في الناس ظاهراً ... وما كان من قبل العقيلي يظهر
في أبيات. ثم قال بعد ذلك:
أرانا والخليفة إذ رمانا ... مع الإخلاص بالرجال الجديد
كأهل النار حين دعوا أغيثوا ... جميعاً بالحميم وبالصديد
وكان في يوسف أشياء متباينة متناقه، كان طويل الصلاة ملازماً للمسجد ضاباطاً لحشمه وأهله عن الناس، لين الكلام، متواضعاً، حسن الملكة، كثير التضرع والدعاء، فكان يصلي الصبح ولا يكلم أحداً حتى يصلي الضحى، يقرأ القرآن ويتضرع، وكان بصيراً بالشعر والأدب، وكان شديد العقوبة مسرفاً في ضرب الأبشار، فكان يأخذ الثوب الجديد فيمر ظفره عليه، فإن تعلق به طاقه فضرب صاحبه وربما قطع يده. وكان أحمق، أتي يوما بثوب فقال لكاتبه: ما تقول في هذا الثوب؟ فقال: كان ينبغي أن تكون بيوته أصغر مما هي. فال للحائك: صدق يا بن اللخناء! فقال الحائك: نحن أعلم بهذا. فقال لكتابه: صدق يا بن اللخناء. فقال الكاتب: هذا يعمل في السنة ثوباً أو ثوبين، وأنا يمر على يدي في كل سنة مائة ثوب مثل هذا. فقال للحائك: صدق يا بن اللخناء! فلم يزل يكذب هذا مرة وهذا مرة حتى عد أبيات الثوب فوحدها تنقص بيتاً من أحد جانبي الثوب، فضرب الحائك مائة سوط.
وقيل: إن يوسف أراد السفر فدعا جواريه فقال لإحداهن: تخرجين معي؟ قالت: نعم قال: يا خبيثة كل هذا من حب النكاح، يا خادم اضرب رأسها. وقال لأخرى: ما تقولين؟ فقالت: أقيم على ولدي. فقال: يا خبيثة أكل هذا زهادة في؟ اضرب رأسها. وقال لثالثة: ما تقولين؟ قالت: ما أدري ما أقول، إن قلت ما قالت إحداهما لما نجوت من عقوبتك. فقال: يا لخناء أوتناقضين ونحجبين؟ اضرب رأسها. فضرب الجميع.
وكان قصيراً عظيم اللحية، وكان يحضر الثوب الطويل ليفصله ليلبسه، فإن قال الخياط إنه يفضل منه ضربه، فإن قال له الخياط: لا يكفينا إلا بعد التصرف في التفصيل، سره، فكانوا يفصلون له ثياباً طوالاً ويأخذون ما ينبغي من الثوب يوهمونه أن الثوب لم يكفه فيرضى بذلك. وله في هذا الباب أشياء نوادر، منها أنه قال يوماً لكاتب له: ما حبسك؟ قال: اشتكيت ضرسي فدعا بحجام يقلعه ومع ضرس آخر.
ذكر ولاية نصر بن سيار الكناني خراسان
لما مات أسد بن عبد الله استشار هشام بنم عبد الملك عبد الكريم بن سليط الحنفي، وكان علماً بخراسان، فيمن يوليه، فقال عبد الكريم: يا أمير المؤمنين أما رجل خراسان حزماً ونجدة فالكرماني. فأعرض عنه وقال: ما سمه؟ قال: جديع بن علي. قال: لا حاجة لي فيه، وتطير، قال: فالمسن المجرب يحيى بن نعيم بن هبيرة الشيباني. قال: ربيعة لا تسد بها الثغور. قال عبد الكريم: فقلت في نفس: كره ربيعة واليمن فأرميه بمضر، فقلت: عقيل بن معقل الليثي إن غفرت هنةً. قال: ما هي؟ قلت: ليس بالعفيف. قال: لا حاجة لي فيه. قلت: منصور بن أبي الخرقاء السلمي إن غفرت نكره فإنه مشؤوم. قال: غيره. قلت: فالمجشر بن مزاحم السلمي عاقل شجاع له رأي مع كذب فيه. قال: لا خير في الكذب. [ج3 (2/424)]
قلت: يحية بن الحضين. قال: ألم أخبرك أن ربيعة لا تسد بها الثغور؟ قال: نصر بن سيار قال: هو لها. قلت: إن غفرت واحد، فإنه عفيف مجرب عاقل. قال: ما هي؟ قلت: عشيرته بها قلقلة. قال: لا أبالك! أتريد عشيرة أكثر مني؟ أنا عشيرته. فكتب عهده وبعثه مع عبد الكريم.
وقد قيل: عرض عليه عثمان بن عبد الله بن الشخير، وقيل له: إنه صاحب شراب، وقيل له عن يحيى بن الحضين: إنه كثير التيه، وقيل له عن قطن بن قتيبة: إنه موتور، فلم يولهم فاستعمل نصراً.
وكان جعفر بن حنظلة الذي استخلفه أسد على خراسان عند موته قد عرض على نصر أن يولويه بخارى، فاستشار البختري بن مجاهد مولى بين شيبان، فقال له: لا تقبلها لأنك شيخ مضر بخراسان وكأنك بعهدك قد حاء على خراسان، فلما أتاه سلم عليه بالإمرة، فقال له: من أين علمت؟ قال: كنت تأتيني فلما بعثت إلي علمت أنك قد وليت.
وأعطى نصر عبد الكريم لما أتاه بعهده عشرة آلاف درهم، واستعمل على بلخ مسلم بن عبد الرحمن بن مسلم، واستعمل على مرو الروذ وساج ابن بكير بن وساج، وعلى هراة الحارث بن عبد الله بن الحشرج، وعلى نيسابور زياد بن عبد الرحمن القشيري، وعلى خوارزم أبا حفص بن علي ختنه، وعلى الصغد قطن بن قتيبة. قال رجل من اليمانية: ما رأيت عصبية مثل هذا. قال: بلى : التي كانت قبلها، فلم يتسعمل أربع سنين إلا مضرياً. وعمت خراسان عمارة لم تعمر قبلها، وأحسن الولاية والجباية؛ فقال سوار ابن الأشعر:
أضحت خراسان بعد الخوف آمنةً ... من ظلم كل غشوم الحكم جبار
لما أتى يوسفاً أخبار ما لقيت ... اختار نصراً لها نصر بن سيار
وأتى نصراً عهده في رجب سنة عشرين ومائة.
ذكر عدة حوادث
في هذه السنة غا سليمان بن شام بن عبد الملك الصائفة وافتتح سندرة. وفيها غزا إسحاق بن سلم العقيلي تونشاه وافتتح قلاعها وخرب أرضها.
وحج بالناس هذه السنة محمد بن هشام بن إسماعيل المخزومي، وقيل: حج بهم سليمان بن هشام بن عبد الملك، وقيل: أخوه يزيد بن هشام. وكان العامل على المدينة ومكة والطائف محمد بن هشام المخزومي، وعلى العراق والمشرق يوسف بن عمر، وعلى خراسان نصر بن سيار، وقد أمره هشام أن يكاتب يوسف بن عمر، وقيل: كان عليها جعفر بن حنظلة، وعلى البصرة كثير بن عبد الله السلمي، استعمله يوسف، وعلى قضائها عامر بن عبيدة، وعلى أرمينية وأذربيجان مروان بن محمد، وعلى قضاء الكوفة ابن شبرمة.
وفيها مات عاصم بن عمر بن قتادة في أصح الأقوال. وفيها مات مسلمة ابن عبد الملك بن مروان، وقيل: سنة إحدى وعشرين بالشام. وفيها مات قيس بن مسلم. ومحمد بن إبراهيم بن الحارث التميمي. وحماد بن سليمانالفقيه. وواقد بن عمرو بن سعد بن معاذ وعلي بن مدرك النخعي الكوفي. والقاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الكوفي.

This site was last updated 07/01/11