فى يناير سنة 1930م قام البابا يوأنس بزيارة أثيوبيا فسعد الأب البابا بزيارة أبناءه وإبتهجت نفوس الأبناء الأثيوبيين برؤية الخليفة المرقسى ونوال بركته الرسولية .

إنتقال إمبراطورة أثيوبيا زودينو إلى الفردوس وفى 2 من أبريل سنة 1930 م إنتقلت الإمبراطورة زودينو إلى الفردوس (1)  وعلى أثر إنتقالها نودى بالملك تفرى إمبراطوراً خلفاً لها بإسم هيلاسيلاسى ، ولما كان تقليد المملكة ألثيوبية يقضى بأن ينال الإمبراطور المسحة المقدسة من يد البابا السكندرى أو من ينوب عنه لكى يقبل الشعب الخضوع له عن رضى ، وكانت الكنائس الغربية والكنيسة اليونانية قد بدأن أن تكون لها فروع فى أثيوبيا فوجدوا أن مسح الأمبراطور فرصة للتلاعب ونسو فى القرن العشرين الأخوة المسيحية التى كانت تربط الجميع فى القرون الأولى وسمعت أصوات بأنهم مستعدين لمسح هيلاسيلاسى ملكاً ومما زاد الألم أن الكنيسة اليونانية مع أنها حريصة على العقيدة الأرثوذكسية إلا أنها كانت لها يداً فى هذا التلاعب ، وحينما رأى الأنبا كيرلس هذا التلاعب طلب مقابلة هيلاسيلاسى وذكره بأن الذى يمسح بالمسحة المقدسة يستطيع أن يعلن تخليه عمن مسح لأن الحل والربط كليهما فى يد واحدة وأن التقليد الأثيوبى أرتبط بالكنيسة القبطية بمصر على مدى قرون .

مسح هيلاسيلاسى إمبراطوراً بالمسحة المقدسة وكان هيلاسيلاسى شديد التعلق بالكنيسة القبطية أم الكنيسة الأثيوبية ولم يكن بحاجة لسماع كلمات الأنبا كيرلس ومن ناحية أخرى كان المطران القبطى لأثيوبيا على وعى بالرعاية  التى وضعها الرب على كتفيه ليحملها بأمانة وكان يشعر باالمسئولية نحو الإمبراطور الذى يريد تثبيت عرشه ، فكتب الأنبا كيرلس مطران أثيوبيا القبطى إلى البابا يوأنس يطلب إليه أن ينتدب من يريده ويرسله للإشتراك معه فى إقامة الشعائر المقدسة الخاصة بالمسحة الملكية وعلى الفور قام البابا الأنبا يوأنس بإختيار الأنبا يوساب ومعه عدداً من الكهنة والشمامسة وأرسلهم إلى أثيوبيا .   وفى صباح الأحد  2 نوفمبر سنة 1930م أقيمت الشعائر المقسة برئاسة الحبرين الجليلين الأنبا كيرلس مطران أثيوبيا والأنبا يوساب المندوب الباباوى عن البابا يوأنس فى كنيسة الثالوث الأقدس بأديس أبابا ، وبمقضى هذه المسحة المقدسة بعد إقامة الصلوات الخاصة أقر الشعب خضوعة العلنى للإمبراطور هيلاسيلاسى " الأسد الغالب من سبط يهوذا هيلاسيلاسى الأول إمبراطوراً للحبشة" وبمسحته وبوضع التاج على رأسه من ألنبا كيرلس بوصفة نائباً عن البابا المرقسى بدأ عصر جديد للشعب الأيوبى .

*****

وقضى الأنبا كيرلس السنوات ما بين سنة 1930 - 1936م فى تعليم الشعب الأثيوبى المسيحية كما تسلمتها الكنيسة القبطية من آباء العصور الأولى للمسيحية

الأنبا كيرلس آخر مطران قبطى فى أثيوبيا وتعدد الزوجات والطلاق

 ولفت لإنتباه المطران القبطى أن الأثيوبيين بالرغم من تمسكهم بكنيستهم وبتعاليمها يمارسون تعدد الزوجات كما يستبيحون الطلاق !  وقد جاهد الأباء المطارنة ألأقباط الذين سبقوه الواحد تلو الآخر لإستئصال هاتين العادتين المخالفتين للتعليم الإنجيلى إلا أن عدم سهولة المواصلات ووعورة الطرق الجبلية وجهل الأثيوبيين والتأخر وعوامل أخرى كانت من العوائق التى عطلت نتيجة هذه الجهود ولكن كانت هناك عوامل أخرى ساعدت الأنبا كيرلس فى القضاء على هاتين العادتين ومنها وسائل النقل ووسائل الإعلام الحديثة فإستعان بهما المطران القبطى وبذل كل إمكانياته فى القضاء عليهما ونجح بنعمة الرب فى إقناع أهل المدن والأحياء التى حولها بالعدول عن هاتين العادتين وهؤلاء كانوا بدورهم خميرة المجتمع التى بدأ بها وأصبحت شريعة الزوجة الواحدة التى أعلنها الخالق منذ بدأ الخليقة وأيدها السيد المسيح معروفة للأثيوبيين (2)

الأنبا كيرلس آخر مطران قبطى فى أثيوبيا وإدمان الأثيوبيين الخمر

وقلق الأنبا كيرلس على رعيته الأثيوبيين لإدمانهم الخمر الخطرة على الصحة كان يراهم سكارى يترنحون فى الطرقات فى لاوعيهم ، فحارب هذه العادة المهينة لأدمية الإنسان الذى خلقه الرب على صورته ومثاله وأنتصر بمعونه الرب .

الأنبا كيرلس آخر مطران قبطى فى أثيوبيا يبنى كنيسة العذراء بجوار دار المطرانية بأثيوبيا

وكانت الدار المطرانية بسيطة وتبعد كل البعد عن الفخامة ولكنها كانت فى أرض تبلغ مساحتها 15 فداناً وقد إكتفى بترميمها لأنه كان ناسكاً متعبداً لا تهمه المظاهر كثيراً ، ولكنه أراد أن تكون بأرض المطرانية كنيسة تعلن لكل من يدخلها أو يمر بها عن أن المكان للرب ، وكانت أثيوبيا فى ذلك الوقت تستعين بالمهندسين والأخصائيين الفرنسيين فإتفق الأنبا كيرلس مع مقاول فرنسى على بناء كنيسة بإسم السيدة العذراء بجوار دار المطرانية وقد بلغت تكاليفها النهائية 12 ألفاً من عملة أثيوبيا ، دفع المطران 8 ألاف منها وعجز عن سداد الباقى وبمرور الأيام والسنين أكملت كنيسة السيدة العذراء فى آواخر سنة 1935م 

********************************

المراجع

(1) بعد موت الإمبراطور منليك الثانى جلس حفيده ليج لياسو Lij Iyassu قاد تفاري (فيما بعد هيلاسيلاسى)  Emperor Haile Selassie/Ras Tafari Makonnen (1892-1975) زوج أبنته زوديتو الثورة التي أوصلت زوديتو ابنه الإمبراطور منليك الثانى الى العرش الا ان تفاري كان هو الذي يسيطر في الواقع على البلاد

(2) تكوين 2: 20- 25 و متى 19: 4- 6  

(3) قصة الكنيسة القبطية وهى تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية المصرية التى أسسها مار مرقس البشير - الكتاب السادس أيريس حبيب المصرى - مكتبة المحبة طبعة 1985م