رعاية الأنبا كيرلس لأهل أثيوبيا

وفى يوم الأربعاء 19/6/1929م غادر المطران القبطى الأنبا كيرلس آخر المطارنة الأقباط الذين رعوا شعب أثيوبيا وثلاثة أساقفة الأثيوبيين الجدد الذين سيموا معه مصر قاصدين أثيوبيا على ظهر باخرة فرنسية وصلت ميناء جيبوتى يوم الأثنين 24/6/1929م وكانت الحكومة قد أعدت قطاراً  خاصاً أستقلة نيافته والأساقفة حملهم إلى دير "أداواى" وبلغوه فى يوم 26/6/1929م وهناك كان فى إستقبالهم وفد أرسلته الإمبراطورة زوديتو والملك تفرى يحمل رسائلهما للتحية والتأكد من راحة مطران أثيوبيا القبطى والأساقفة الأثيوبيين ، وغادروا أداواى إلى أداش التى ما كادوا يصلونها حتى تلقوا مكالمة تليفونية من الملك للإطمئنان على وصولهم بالسلامة ، وكانت هذه آخر محطة على الطريق والتى ذهبوا منها بالقطار إلى أديس أبابا عاصمة أثيوبيا وعلى رصيف المحطة تقدم جلالة الملك وقبل الصليب من يد المطران القبطى الأنبا كيرلس ثم تقدم رئيس الوزراء وأعضاء وزارته بتقبيل الصليب من يد المطران ثم اليد التى تحملة .

ثم ركب الأنبا كيرلس السيارة التى كانت تنتظره خصيصاً وبصحبته "الآتشجة" (أى كبير الكهنة الأثيوبيين) وأحاط بهم الحرس الإمبراطورى فى موكب مهيب بينما أصطف الجنود على جانب الطريق إلى دار المطرانية .

وفى يوم 29/6/1929م أقيمت حفلة كبرى فى دار المطرانية أستقبل فيها الأنبا كيرلس ضيوفه وألقى فيها كلمة أعلن فيها شكره لصاحبى الجلالة الإمبراطورة والملك ، وعبر عن فرحه لإختيار الرب له لهذه الكرامة لخدمة أهل أثيوبيا المسيحى ، وتعاهد على خدمة الأثيوبيين شعباً وكهنة وتضرع إلى الرب أن يرعى الملك والرعية وأن يحفظ الجميع فى سلام وألفة .

وفى فجر الأحد يوم 30/6/1929م أقيمت حفلة صلوات روحية عظمى فى الكنيسة الكبرى ، وصلى  الأنبا كيرلس مطران أثيوبيا القداس الإلهى وحضرها صاحبا الجىلة الأمبراطورة والإمبراطور ، وفى اليوم التالى ذهبا فى صباح اليوم التالى لزيارة الأنبا كيرلس زيارة رسمية وأعلنا له فرحتما به فمنحهما بركته الرسولية ودعا لهما بالصحة والسلام .

مشكلة أوقاف الكنيسة الأثيوبية

وما أن بدأ فى خدمة رعاياة فى الكنيسة الأثيوبية حتى إكتشف أن الحكومة الأثيوبية قد إستولت على جميع أوقاف الكنيسة فلما طال بها لم يجد من مجيب وعرض عليه المسئولون الأثيوبييون أن يصرفوا له مرتب شهرى من خزينة الدولة يغطى نفقاته ونفقات كل العاملين معه فى المطرانية ، ولكنه رفض هذا العرض لتكون خدمته بعيداً دهاليز السياسة وتحكم الحكومة وبدأت كل المحوالات التى بذلها تتجه لطريق مسدود فبعث إلى قداسة البابا يوأنس بخطاب يرجوه التةسط فى الموضوع فلم يتلقى رداً فرأى أن يعود للقاهرة وأفهم الحكام الأثيوبيين أنه لن يعود إليهم إلا بعد إيجاد حل لهذه المشكلة .وعاد الأنبا كيرلس مطران أثيوبيا للقاهرة .

وإنتشرت الأنباء بين الشعب الأثيوبى عن عودة مطرانهم إلى القاهرة بسبب الأوقاف وبدأوا يطالبون بعودته إلى حد أقلق الحكومة ، فرأوا أنه من الحكمة إسترضاء الشعب ،

فحضرت الملكة منن بنفسها إلى مصر وهى فى طريقها إلى القدس وقابلت قداسة ألأنبا يوأنس ووعدت بتشوية الخلاف ، ملحة فى عودة الأنبا كيرلس وعادت بعدها للقاهرة ومنها سافرت لبلادها بصحبة نياقة المطران القبطى الأنبا كيرلس مطران أثيوبيا ، فهلل الشعب لعودته وأستقبله بحماس منقطع النظير يشهد على محبة الأثيوبيين للمطارنة الأقباط على مر العصور وأمام هذه البهجة الشعبية العارمة أتفقت الحكومة مع المطران الجليل على إقتسام الأوقاف فرضى هو بهذا الحل (1)         

 ***********************************

المراجع

(1) كتاب يوسف جرجس ص 87- 117 

(2) قصة الكنيسة القبطية وهى تاريخ الكنيسة الأرثوذكسية المصرية التى أسسها مار مرقس البشير - الكتاب السادس أيريس حبيب المصرى - مكتبة المحبة طبعة 1985م