Encyclopedia - أنسكلوبيديا 

  موسوعة تاريخ أقباط مصر - coptic history

بقلم عزت اندراوس

البابا ألكسندروس الثانى البطريرك رقم 43

 هناك فى صفحة خاصة أسمها صفحة الفهرس تفاصيل كاملة لباقى الموضوعات

أنقر هنا على دليل صفحات الفهارس فى الموقع http://www.coptichistory.org/new_page_1994.htm

Home
Up
خلفاء بنى أميه الفرع السفيانى
البابا أغاثون الـ39
أم معاوية آكلة الأكباد
المقريزى ومقتل عثمان
البابا خائيل2 البابا الـ46
القديس يوحنا الدمشقى
الجامع الأموى كان كنيسة
البابا يوحنا3 الـ 40
البابا إسحق الـ 41
البابا سيمون الـ 42
البابا ألكستدروس 2 الـ 43
البابا قزما 1 الـ 44
زخارياس أسقف سخا
البابا تاودروس الـ 45
جرائم الأمويين ضد الشيعة
البابا شنودة والخلفاء الأمويين
ال
New Page 1205
New Page 1206
ولاة الأموين على مصر
خلفاء بنى أمية - الفرع المروانى

 

البابا القبطى الكسندروس الثانى البطريرك رقم 43 من 704 م - 729 م

عاش فى حقبة من تاريخ الإضطهاد الإسلامى الدموى البغيض

 

قائمقام الكرسى الباباوى الشاغر:

 لم يتجاسر الأساقفه على إنتخاب خلف للبابا سيمون بعد موته المفاجئ والمشتبه فيه، وكان أثناسيوس الكاتب قد أصبح رئيسا للديوان تشاور مع زملائه الأقباط فى هذا الأمر وإتفقت كلمتهم أنه ما دام الأساقفه لن يختاروا خلفا للبابا الراحل فلا بد أن يكون هناك قائمقام للبابا 00 فذهب الى الوالى عبد العزيز وقال له: أطال الله بقاءك وامد فى عمرك أيها الوالى ، لقد جئنا نبلغك أن الضريبه المفروضه على كنيسه الإسكندريه تحتم وجود مديرا لإدارتها وتحصيل المبلغ ، فنرجوا منك أيها الوالى أن تعهد الى غريغوريوس أسقف القيس ( بمركز بنى مزار بالمنيا ) بإداره أعمال وشئون الكنيسه ، فوافق الوالى وأصدر مرسوما بذلك ، وسعى أسقف القيس كثيرا فى جمع الأساقفه لكى يختاروا بابا للكنيسه إلا أنهم ماطلوا لأنهم رأوا أنه أفضل من نظم الإداره الماليه للكنيسه ، وإستمرت الكنيسه على هذا الوضع والكرسى المرقسى شاغرا لمده 3 سنوات .

 

الخلفاء والولاة المعاصرون

 عاصر هذا البابا الوالى

الأصبغ بن عبد العزيز (أطلق عليه إبن المقفع أما الأنبا إسيذورس فاطلق عليه الأصمع) فى خليفه عبد الملك بن مروان ،

 ثم الوالى عبدالله وهو إبن الخليفه الوليد بن عبد الملك سنه 705 م ،

 ثم الوالى قره بن شريك سنه 709 م ،

 ثم الوالى أسما ( عصامه) بن يزيد فى خلافه سليمان بن عبد الملك سنه 714 م000

ومن الخلفاء الذين عاصروه الخليفه عمر بن عبد العزيز الذى عين الوالى أيوب بن شرحبيل سنه 717 م 101 هجريه ،

وأيضا الخليفه يزيد بن عبد الملك الذى عين الوالى حنظله بن صفوان ( وهى أول ولايه له على مصر) سنه 720 م 

ومما يذكر أن الخليفه يزيد بن عبد الملك أمر بإلغاء الجزيه على الرهبان ثم أعيدت مره أخرى ،  وعاصر أيضا الخليفه هشام بن عبد الملك سنه 724 م.

وفيما يلى ما ذكره أبو المكارم المؤرخ فى مخطوط تاريخ أبو المكارم - تاريخ الكنائس والأديرة فى القرن "12" بالوجه القبلى  - إعداد الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر وتوابعها 1999م  ص 104

الأب الكسندروس   القس البطريرك الـ 43 من دير طو باتارون ( دير طو باتارون أى دير الآباء وهو الأسم الرومى لدير الزجاج غرب الأسكندرية)

 

إختيار ألكسندروس البابا رقم 43:

 إستمرت محاولات غريغوريوس أسقف القيس لإنتخاب من يعتلى كرسى مرقس الرسول حتى وافق كلا من الأساقفه والإكليروس والشعب على إنتخاب راهب من دير الزجاج إسمه ألكسندروس كان معروفا بحكمته وعلمه وتواضعه وتقواه ، ولما أخذوه الى الوالى وافق عليه فورا ، خرجوا من سراى (قصر) الوالى عبد العزيز من حلوان قاصدين الإسكندريه ، وهناك ساروا فى موكب عظيم بشوارع مدينه الإسكندريه حتى وصلوا الى الكنيسه المرقسيه وقاموا بالصلاه والرسامه ووضع الأساقفه يدهم عليه وهكذا أصبح الراهب ألكسندروس البابا رقم 43 فى 3030 برمودة 420 ش لبتى توافق 25 أبريل 704 م  ،وهو اليوم الذى تعيد فيه الكنيسه بذكرى إستشهاد مرقس رسول المسيح وسيلان دمه فى شوارع الإسكندريه ، إمتلأ البعض فرحا برسامه البابا بعد ثلاثه سنين ، وخاف البعض لئلا تكون نهايه حياته مثل نهايه حياه مرقس الرسول0

.وكان الرب إلهنا يسهل جميع أمور البابا ألكسندروس لتواضعه وعفته وإتكاله عليه فلما مرت ايام وهو مستريح فأثار الشيطان حرباً عليه وعلى الأقباط وبعد رسامه البابا ألكسندروس الثانى بفتره وجيزه مات الأمير عبد العزيز ، ومما يذكر أن هذا الأمير واليا على مصر لمده 20 سنه وهذه كانت أطول مده قضاها واليا واحدا على مصر ، وقد حزن كلا من على موته الأقباط والمسلمين وبالرغم من أن  الأقباط قد أضطهدوا فى عصره خاصة عندما ترك إبنه الأصمع ينكل بالأقباط إلا أن مميزات الأميرعبد العزيز كانت أكثر من عيوبه ، لإن إستمراره فى الحكم هذه المده الطويله حماها من أطماع وجشع الولاه الذين لاهم لهم إلا نهب ما يستطيعون فى مدد ولايتهم القصيره ، كما أن مده عبد العزيز الطويله فى الحكم أعطى حاله من الإستقرار الشبه الدائم فإنتعشت الحاله الإقتصاديه فى البلاد0وبفقد هذا الأمير دخلت مصر فى حاله عدم إستقرار

يهوذا الخائن:

 فى أيام الخليفه عبد العزيز بن مروان تولى عصبه بن عبد العزيز وهو إبن عبد العزيز الوالى السابق لمصر, حدث أن شماسا فى الكنيسه إسمه بنيامين أسلم فتشبه بذلك بإنسان ذكره الإنجيل إسمه يهوذا ، كان تلميذا لسيدنا المسيح اكلا وشاربا معه ، ثم ذهب الى رؤساء وكهنه اليهود ليسلم المسيح وأخذ أجره خيانته ثلاثين من الفضه ، فأسلم المسيح معلمه وسيده إليهم فضربوا المسيح وعذبوه وأهانوه وبصقوا فى وجهه وصلبوه على الصليب حتى مات نتيجه نزف دمائه ، إن يهوذا سلم يهوذا الخائن معلمه السيد المسيح الى اليهود أما بنيامين فسلم المسيحيين الى المسلمين ، فساعد بنيامين الخائن لسيدنا المسيح الوالى عصبه بن عبد العزيز الذى صار صديقا حميما له ( وهو لا يدرى أنه ليس عند السلطه عزيز) ، وإتحدا كلا منهما فى الشر ، وعلمه بنيامين كيف يضغط على الأقباط وفسر له الإنجيل باللغه العربيه وكتب الكيمياء ..ألخ وكان الأصمغ يحاول أن يطلع على هذه الكتب وهو يعتقد أن فيها يشتم المسيحين المسلمين فكان الخائن يقرأ له كتب النصارى ويفسرها له باللغه العربيه ويضيف من عنده ليوغر صدر الوالى فيضطهد الأقباط فأسلم بطرس والى الصعيد وتادرس اخوه وثاوفانس إبن عمده مريوط وكهنه وشعب كثير وجرهم هذا الخائن معه فى هوه الهلاك الذى إختارها لنفسه ولما رأى الوالى الذين أسلموا معافون من دفع الجزيه ضاعف الجزية على الأقباط ، ليقلل عدد الأقباط ويفنى إسم المسيح الذى أنكره من على ارض مصر ، ومن شره أنه أوعز الى عصبه بأن يفرض ضريبه على جميع الرهبان فى مصر وأمر صاحبا له إسمه يزيد ومعه مساعدا بإحصاء الرهبان فى جميع أنحاء البلاد فوجد عددهم فى ذلك الوقت 6000 راهبا وفرض على كل واحد منهم دينارا بإحصائهم ، ثم اصدر أمرا بأن لا يدخل احد الرهبنه إلا بإذن من الوالى ، وزاد فى ظلمه بان ضرب (طلب) جزيه على الأساقفه مقدارها 2000 دينارا 0  فى أواخر القرن السابع كان الخليفة الأموى مروان بن عبد الملك قد كلف إبنه عبد العزيز بأن يكون والياً على مصر فمكث يتولى شئونها 20 سنة وعندما أصبح والى مصر عبد العزيز لا يستطيع أن يتولى مهام منصبة أعطى إبنه الأصبغ سلطات واسعه ليجمع الجزية والخراج ويتولى أمر مصر ويحكمها وكان الأصبغ يأمل فى أن يحل محل والده فى حكم مصر وقد أطلق عليه إبن المقفع المؤرخ إسم الأصبغ واطلق عليه إسيزورس المؤرخ إسم عصبة وحدث أن عصبه الوالى دخل كنيسه أثناء صلاة أحد الأسقافه فى مدينه حلوان فى سبت النور وجلس فى الصفوف الأولى ، ورأى صوره للسيده العذراء حامله إبنها ، فسال الأسقف عنها فقام الأسقف بالشرح له من هى ومن هو إبنها المسيح ، حينئذ بصق هذا الشرير على الصوره تماما كما بصق اليهود على المسيح له المجد وأقسم فى الكنيسه وأمام الصوره التى بصق عليها بالأيمان المغلظه بانه سوف يلاشى الديانه المسيحيه وإسم المسيح من أرض مصر
ولما رجع الى منزله ونام رأى حلما مخيفا فإستيقظ من نومه مفزوعا ومنزعجا وكان صباح عيد القيامه المجيد فقص الحلم على أبيه عبد العزيز(الوالى السابق على مصر وأخى الخليفه عبد الملك) وهو جالس مع كبار رجال الأمة أقباطا ومسلمين فقال: " لقد أبصرت أنسانا بهيا جالسا على عرش مهيب وحوله ألوف وربوات يحملون السلاح " فسألتهم : "  من هذا الذى أخذ ملك مصر من أبى فقالوا لى : " إنه يسوع المسيح ملك الملوك ورب الأرباب الذى هزئت به  وبصقت فى وجهه أراك ضعفك فى المنام أنت وأباك البائس وأراك مجده وعظمتة وفيما هو يقول لى هذا فإذا واحد كم حاملى السلاح وتقدم أحد الجنود وأنا عريان وطعنى بحربه فى جنبى " ولم يكد يتم نهايه حلمه حتى أحس بحمى شديده تسرى فى جسده فصار يصرخ من الألام وشده الحراره وتجرع مر العذاب , ولم يكن هناك شافيا ولم يفتح فاه وصار القصاص الإلهى سريعا فمات فى ظرف ساعات قليله وحزن أبيه وتأثر من موته بعد ان تولى فى مصر لمده 10 سنين ومات ابوه عبد العزيز بعد أن حزن حزنا شديدا على إبنه ولحقه بعد 40 يوما، وصل الاصبغ ظلمه الى منتهاه وكان الله يراقبه فمد يده وإختطف روح الاصبغ ليحاسبه على ما فعله فى شعبه، ومات كما مات الأقباط ليذهب إلى الذى تفل على وجهه ليحاسبة  وكان قلب هذا الوالى ليس فيه إلا الحقد والكره ويضمر الشر للأقباط   فأخذ  يجمع الجزية والخراج الفادحه ظالما الأقباط وتمت فى ايامه الأعمال اللازمه للرى كحفر الترع وبناء الجسورعن طريق السخرة فأرهق الناس وأذلهم ومات كثير من الأقباط والذين عاشوا جعل حياتهم جحيم0 ومن أعمال هذا الوالى المسلم الوحشية أنه أمر بتعداد رهبان الأقباط فى كل أرض مصر فكانوا سته ألاف راهب ووضع عليهم جزية أسماها جزية الرهبان كما فرض جزية ألفى دينار على كل أسقف مع أنه طبقا للمعاهدات التى أبرمت مع المسلمين عند إحتلالهم لمصر أعفاء الرهبان من فرض الجزية ولم يكتفى هذا الشرير بذلك بل ارسل إثنين من حاشيتة وخصى " فخصى جميع الرهبان فى كل مكان ووادى هبيب ( وادى النطرون) وجبل جراد وسائر الأماكن " أى جميع الرهبان الذين أجرى عليهم الإحصاء وكان عددهم 6000 راهب , وهذا هو حكم المسلمين الذين يتشدقون بسماحة الإسلام وعدالته0
 ولما وصل الاصبغ ظلمه الى منتهاه وكان الله يراقبه فمد يده وإختطف روح الاصبغ ليحاسبه على ما فعله فى شعبه، ومات كما مات الأقباط الذين ظلمهم من الوباء    
والى عربى مسلم يبصق

على صورة العذراء مريم حامله إبنها فى كنيسة

ويقول للأقباط : " أنتم عندى مثل الروم إذا قتل أحد من المسلمين واحداً غفر له الله لأنكم أعداء الله"

 عندما مات الخليفه عبد العزيز بن مروان وإبنه الأصمع الذى ولاه على مصر ، سافر رئيس الديوان أثناسيوس قال ابن المقفع مضى اثناسيوس  المؤمن المحب للمسيح إلى الخليفه عبد الملك فحاسبه وظلمه وأخذ كل ما كسبه فى الماضى حتى أجره عمله لم يعطها له "

  ثم أرسل إبنه عبدالله واليا على مصر وقال عنه ساويرس المؤرخ قائلا: " لما وصل عبد الله بن عبد الملك الى كوره مصر ، فعل أيضا أفعال السوء ، وكان جميع الأراخنه خائفين لفعله الذى حسنه له الشيطان 00 وصنع آلآت يعذب بها الأقباط وفى تلك الأيام خرج الطوباوى البابا ألكسندروس وسار الى مصر ليسلم كالعاده من البطاركه والولاه0 " وعندما حضر الى الفسطاط قام البابا ألكسندروس وذهب اليه لتهنئته على بدايه حكمه وتقديم فروض الطاعه والولاء له كعاده من البطاركه للولاه فلما نظر إليه قال: " إيش هو هذا ؟ " قالوا له : " هذا أب وبطرك جميع النصارى0" فأخذه وسلمه لواحد من حجابه وقال له: " افعل به ما تريد من الهوان الى أن يقوم بثلاثه آلاف دينار" فقال له : " سيدى المسيح قال لأتباعه لآ تقتنوا ذهبا ولا فضه ، وتطالبنى بما ليس عندى ولا أملك منه شيئا لأعطيك0"

 فلم يصدقه الوالى وأخذه الحاجب وأقام عنده فى السجن ثلاثه أيام0 أخذه والمسيحيون يتوقعون أن يتنازل الوالى عن بعض منه حتى يستطيعوا أن يجمعوه فيما بينهم ، إلا أنه لم يمكن ان يتنازل ، ثم تقدم الى دار الولايه شماس إسمه جرجه (جاورجيوس) الدمراوى (نسبه الى دمرو بجوارالمنصوره) وقال:" أيهدف مولاى من إعتقال البابا وحبسه نفسه أم المال0" فقال له : " ليس هناك سببا لأن أؤذيه بل أريد المال " فقال جاورجيوس: " البابا ليس عنده درهم " فليمهلنى مولاى شهرين ومعى البابا نطوف به على أولاده وأحباؤه فأجمع منهم المال فوافق الأميروطافا على البلاد وجمعا المال اللازم لجشع الوالى" ( تاريخ البطاركه لساويرس بن المقفع ج3 ص 54 -55 ) ( وميخائيل السورى ج2 ص114)  

وكان عبدالله الوالى يجمع الأراخنة ( كبار الأقباط ) والأساقفه والرهبان فيهزأ بهم ويكلمهم كلاما صعباً قائلا لهم " أنتم عندى مثل الروم إذا قتل أحد من المسلمين واحداً غفر له الله لأنكم أعداء الله "

 ولما دفع الأقباط الجزيه والخراج المستحق عليهم كما جرت العادة قال لهم كل من عليه دينار مطالب بدفع ثلثين دينارا زياده حتى أن كنائس كثيرة خربت

وقالت مسز بوتشر فى كتابها القيم تاريخ الأمة القبطية وكذلك ابن المقفع " كان كالوحش الضارى , حتى أنه فى أكثر أوقاته إذا جلس على المائدة يقتلون قبطى قدامه  وربما طار دمه فى الصحن الذى يأكل منه فيفرح بذلك " (1)  وقال إبن المقفع عنه (2) " أنه كان محبا للمال جداً " -  كما إتهمه المؤرخ المسلم الكندى(3) " بأنه شجع على الرشوة وملأ جيوبه بمال الجزية "

 

وكانت هذه بدايه المأساه للأقباط لأنها أصبحت سنة وقانون إستحدثه أحد الولاه أنه عندما يأتى البابا  ليهنئ الوالى يطالبه بالأتاوه 0

المراجع

(1) وطنية الكنيسة القبطية وتاريخها من بعد الرسل حتى عصر الرئيس الراحل السادات – منذ عام 150 حتى عام 1981

(2) سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع نشره سيبولد طبع ببيروت عام 1904م   وطبعه ايفتس Evetts   طبعه باريس1904     ج2 ص 4750

(3) كتاب الولاه وكتاب القضاه لكندى نشره ريفون جيست عام 1912 ص 114

  

دمويه الولاه والضرائب العجيبه:

  حكم الوالى الأصبغ وهو إبن الخليفه عبد العزيز بن مروان وكان يعتقد انه سيصبح خليفه مكان ابيه وقال المؤرخين وكتاب التاريخ أن مده حكمه كانت ويلا على الأقباط وذكرت مسز بتشر عنه فى كتاب تاريخ الأمه القبطيه   وتشدد الولاه فى جبايه الضرائب بل أنهم تفننوا فى إحداث ضرائب جديده غريبه جدا ، ومن الضرائب التى لم يفكر فيها إنسان من قبل ( ضريبه الدفن ) فإنه إذا مات شخص ، لا يمكن لأهله أن يقوموا بدفنه ما لم يدفعوا ضريبه الدفن المذكوره  وأعتقد أن المثل الشعبى الشائع ( موت وخراب ديار ) أصله ما قرره الولاه بما يعرف بضريبه الدفن فكان الولاه أِشبه بالغربان التى تنتهز فرصه لتنقض على صغار الطير 0

 وإتهم ساويرس المؤرخ الوالى عبدالله  إبن الخليفه الأموى عبد الملك بن مروان ( 705م – 709م ) بأنه حصل من أهل الذمه ثلثى دينارا من الذهب عما كانوا يدفعونه من قبل ويصفه الأسقف انه ( كان محبا للمال جدا ) ولم يكن هذا رأى المؤرخين المسيحيين وحدهم بل أن الكندى إتهمه بأنه :( شجع الرشوه وملأ جيوبه بمال الجزيه) ولم يقتصر الأمر على جشع الولاه ، بل أن الطبيعه قد أعلنت غضبها على مصر فحل قحط بالبلاد  ووباء وإنتشار أمراض ومجاعه ، ولم يجد بعض الأقباط إلا إعتناق الدين الإسلامى للهرب من الظلم الواقع عليهم بسبب مسيحيتهم ،0

إلا أن معظم الأقباط رضوا بالظلم والقحط والوباء والمجاعه فمات عدد كبير منهم فى سبيل الإيمان بالمسيح 0 وعندما رأى الوالى عبد الله أن الجزيه بدأت تنخفض نتيجه لإنخفاض عدد الذين يدفعونها لتحول الكثير للإسلام وموت كثيرين من المسيحيين فإنه جمع من بلده التى أتى منها كل من هو أكبر من عشرين سنه وجعل عليهم قائدين من أصحابه وأعوانه هما عاصم ويزيد وأنزلوا البلايا على الأقباط وقتلوا من الأقباط خلقا كثيرا ونقلوا كثير من الأقباط إلى أماكن مجهوله أما الفقراء الذين ماتوا من الجوع لعدم مقدرتهم شراء الخبز أمر عبدالله الوالى بعدم السماح بدفن جثثهم إلا بعد دفع أهاليهم أتاوه على دفنهم وأمر تابعا له إسمه محمد ليتولى الإشراف على تنفيذ هذا الأمر فكان هذا الوالى لا يرحم ولا يريد من رحمه الله ان تنزل ، فهجر كثير من الأقباط مصر طلبا للنجاه من القحط والوباء والمجاعه وظلم الوالى فمات كثير من الأقباط فى الطريق الى الهروب من مصر، اما الذي كان حظه عاثراً  ولم يستطع مغادره مصر مات الكثيرين منهم من شده الجوع ، فهدم الوالى كثير من الكنائس إنتقاما من الأقباط الهاربين من ظلمه 0

أمر بتغيير الكتابة فى الدواوين من القبطية إلى العربية

قال الأنبا ساويرس أن عبدالله الوالى أمر بتغيير الكتابة فى دواوين مصر من اللغة القبطية إلى اللغة العربية فطرد كثير من الكتبة الآقباط وحل محلهم أقباط يتقنون اللغتين الخريده النفيسه  فى تاريخ الكنيسه للأسقف الأنبا إيسوزورس طبع القاهره 1923 ج2 ص  144  فما كان من الأقباط تعمقوا فى دراسة اللغة العربية وبرع الكثير منهم فيها تاريخ مصر فى القرون الوسطى ( اللغه الإنجليزية) لستانلى لاين بوول ص27 00 وتاريخ الأمة القبطية ليعقوب نخلة روفيلة طبع فى القاهرة سنة 1898 ص 68 إلا أن إنجازهم الكبير الذى تخطى تعليمهم اللغة القبطية هو تحويل علوم الحسابات من اللغة القبطية إلى اللغة العربية التى كانت تفتقر إليها فى هذا الوقت0

وما كان من عظم الشقاء والحزن الذى عم البلاد فى ولاية عبدالله حتى نظر الرب إلى شعبه المسكين وبعد أن مكث عبدالله سنتين فى ولاية مصر قبض الرب إلهنا على روح أبيه الخليفة عبد الملك وتولى الخلافة ولده الأكبر وإسمه الوليد , فبدأ يعزل الولاه ويعين غيرهم من أصحابة فولى واحدا على مصر إسمه قره وحدث أنه بينما كان الوالى عبدالله جالسا فى دار الولاية وصل الوالى الجديد فازاحه من مكانه لحق بالوالى عبدالله فضيحة عظيمة وخزى لأنه إعتقد أن ما فعله مع الأقباط سيمهد له الطريق إلى الخلافة

 

 

والى مسلم آخر من نفس منبع الظلم:

 وعندما تولى أخوه الأمير قره بن شريك سنة ( 709 م- 714م ) وكان من نفس منبع الظلم فأنزل البلايا والمضايقات وقد سجن المسلمين أصحاب عبدالله الوالى السابق لمده سنة وكذالك على الأقباط  وكان يتولى ديوان الإسكندرية رجل من الأقباط إسمه تاودروس وكان فى أيامه فبطى أورثوذكسى إسمه يؤنس من دميره ذو مكانه عظيمه ويذكر ساويرس المؤرخ : " أنه لما ذهب البابا البائس الى قره ليهنئه بالولايه ، كما جرى العرف "  قبض عليه قره وقال له: " الذى قبضه منك عبدالله بن عبد الملك تحتاج تقوم لى بمثله " فقال البابا : " شرعنا يأمرنا أن لا نقتمى شيئاً ولا نحب الذهب أو فضة , بل نصرف كل ما يأتينا يومياً حسب إحتياجاتنا ثم نعطى الفقراء والمساكين , إنما فعل بى عبدالله ما فعل كان من سعى مشورة ناس أشرار فظلمنى وألزمنى بثلاثة ألاف دينار ولم يجد معى منها شيئاً فأخرجنى إلى البلاد أتصدق حتى وفقنى إلهى ما طيب به نفسى وعلى الآن خمسمائه دينار وليس معى شئ " فقال الأمير : " تحلف لى أن ليس معك ذهب " فقال البابا : " أمرنا إلهنا أن لا نحلف البتة فصدقنى الآن إن خراج ( ضريبة الأرض) الأراضى التابعه للكنيسة ليس فى مقدورى دفعها أيضاً وإلهى يعلم أنه ليس عندى ذهب " فقال الأمير : " هذا كلام ما ينفع ولو إنك تبيع لحمك لا بد أن تعطينى المبلغ وإلا فلن تخلص من يدى "  ولم يقبل هذا الوالى الأعذار الذى قدمها له البابا وإقترح عليه أنه إذا كان جمع الثلاثه الآلاف السابقه من الوجه البحرى فعليه أن يجمع الثلاثه الآلاف الثانيه من الوجه القبلى وبالرغم من عظم المأساه إلا أنها كانت فرصه للشعب القبطى خاصة فى منطق الصعيد والقرى التى لم يسبق لبابا زيارتها أن يرى باباه فكان يقابل بالتهليل فى كل مكان يزوره وقال إبن المقفع : " أنه عندما كان يصلى فكان الرب يسوع يشفى كثيرين بصلاته وكان الكل فرحين ويقولون من زمان البابا بنيامين لم نرى بطريركا " سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع نشره سيبولد طبع ببيروت عام 1904م   وطبعه ايفتس          Evetts    طبعه باريس1904    ج1 ص124  وكان معه أمين الصندوق وكاتم أسراره فترك رفيقيه يجمعان المال وذهب الى السودان ليتفقد أحوال الممالك المسيحية 0

وكان والى مصر عبد العزيز قد امر بطاركة مصر ألا يذهبوا إلى صعيد مصر وعندما أصبح قرة والياً آمر يفرض أتاوه على البابا وقد قال أبو المكارم المؤرخ : " وبعد مدة طويلة ذهب الإلكسندروس البطريرك الـ 43 + إلى الصعيد يتصدق من الأساقفة والشعب القبطى ويعطى ما يجمعه إلى قرة الوالى الذى ولاه الخليفة الوليد ابن عبد الملك على مصر على سبيل المصاردة ( الأتاوة) وتعجب الناس من ذلك (راجع :  مخطوط تاريخ أبو المكارم - تاريخ الكنائس والأديرة فى القرن "12" بالوجه البحرى - إعداد الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر وتوابعها 1999م  ص 145 - 146)

هل بنى المسجد الأقصى فى عهد قرة بن شريك والخليفة الأموى الوليد بن عبد الملك

بنى المسجد الأقصى المبارك الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك (86-96 هجرية/ 705-715ميلادية) (3) ، في الفترة الواقعة ما بين (90-96 هجرية/ 709-714ميلادية) فقد أكدت ذلك وثائق البردى (أوراق البردى) التي احتوت على مراسلات بين قرة بن شريك عامل مصر الأموي (90-96هجرية/ 709-714ميلادية) وأحد حكام الصعيد، حيث تضمنت كشفاً بنفقات العمال الأقباط الذين شاركوا في بناء المسجد

 

كنز إلهى وشيطان الطمع :

 

 وحدث أن راهبا سائحا شيخا بالصعيد إسمه فيتباسطس وهو مقيم على صخرة طلب من تلميذين له أن ينظفا له موضعا خارج الصخرة ويحفران له فى مكان آخر ، ولما إبتدئا بالحفر عثرا على كنزا يحتوى على خمسه من أوانى من النحاس مملوئه من العمله اليونانيه الذهبيه القديمه ، فخبأ التلميذين صندوقا فسقطا التلميذين فى محبه المال وعدم الأمانه والمال هو أصل الشرور  وأعطيا الأربعه للشيخ الناسك ، أما الناسك الشيخ فقد كان أمينا وقال فيتباسطس بقلب طاهر : " هذا جميع ما وجتماه " قالا : " نعم " هذه هبه من الله أرسلها للأب البطريرك لأنه مطالب لأنه مطالب بما ليس معه " وأمر بإرسال الصناديق الأربعه الى أمين الصندوق وكاتم أسراره (تلميذه) وكان إسمه جرجه الراهى ولم يكن البابا رجع من السودان00 فأخذا الصناديق الأربعه ولم يذكرا شيئا عنهما للبابا ،

ورجعا معا كأن لم يحدث شيئا ووقعا أيضا فى محبه المال والسرقه وعدم الأمانه ، أما الراهبين اللذان أخذا الصندوق فقد تركا الرهبنة وإقتسما المال وإشتروا الألبسة الفاخرة ثم فعلا أفعالا غير مرضية لربنا ثم إشتروا جوارى وسرارى فقبض الوالى والكاتب على أحدهما وقال لهما : " من أين لك هذا المال " وعاقبوه فلما ضرب ولم يستطع المقاومه قال لهم عاهدونى ان لا تفعلوا معى سوءاً وأعرفكم لكل شئ " فعاهدوه فأعلمهم خبر الخمس أوانى وأنه هو ورفيقه أخذا واحدا وأن الأربعه كيزان الأخرى عند وكيل البطرك وسمع الوالى المسلم قره بذلك ان هذين الرجلين قد تغيرت حالهما وأنهما بدأوا فى شراء أشياء لم يستطيعا من قبل الحصول عليها إشتبه فى أمرهما فقبض على أحدهما وعذبه حتى أقر وإعترف ودلهم على المكان الذى يخبئ فيه الصناديق الأربعه فأمر بغلق ( الأبسقوبين ) الكنائس وأخذ كل ما فيها من أوانى الخدمة الذهبية والفضية كما أخذ كتب الخدمة والبهائم التى كانت حول المكان وملك للكنيسة كما أخذ المال الموجود وأخذ الأربعة أوانى النحاسية المليئه بالذهب من الكاتب وكان البطريرك بالصعيد فأرسل لأحضاره وهم بقتله بسبب يمينه , أن ليس معه ذهب  فمنعه الرب عنه فكبله بالحديد وطرحه فى السجن فأقام سبعه أيام وألزمه بدفع ثلاثه الآف دينار ولم يستطع إلا دفع ألف دينار بعد سنتين ، وبجشع أمين الصندوق وتلميذه حدث ضيق شديد للبطريرك ،

وظن الوالى أن هناك كنوزا فى الكنائس أرسل جنوده ليدنسوا الكنائس والأماكن المقدسه بحثا عن الكنوز المخبأه 0 ولما لم يجد شيئا ألقى القبض على البابا ألكسندروس ووضع الأغلال فى عنقه و وقيده بالسلاسل فى يديه ورجليه ، ووبخه لأنه قال ليس معه مال ولا يمتلك شيئا ، فوعده البابا أن يجمع له شيئا من المال 00 وظل البابا فى ضيقه شديده يسعى عند شعبه ويستعطى حتى جمع المبلغ المطلوب ، فظن الوالى مره أخرى انه يوجد كنز فى مركز الباباويه أو معمل لصك النقود  وأن العرب لا يعرفون من أسرار هذه الصناعه شيئا ، فأرسل هذا الجاهل والمتخلف كتيبه مدججه بالسلاح تبحث فى منزل البابا ومع أنهم لم يجدوا درهما واحدا إلا أنهم إرتكبوا كثيرا من الظلم والقسوة فجلد البابا بالسياط حتى سال الدم من جسمه ومزقو لحمه وتركوه بين حى وميت وأخذوا جميع أوانى الكنيسه الثمينة 0 

وكان عيد القيامه قريبا فصلى البابا العشاء الربانى فى كأس من زجاج وصينيه من خشب وفى ثالث عيد الفصح قام على البابا أهل مدينه الإسكندرية وكهنتها وألزموه أن يقوم بدفع بالمرتبات ومصاريف الأديرة ولم يكن معه ما يدفعه وكان يقول لهم : " أنظروا ياإخوتى الكنائس نهبت ومالها إستولوا عليه الأمير المسلم حتى الكاسات اللآتى يرفع فيها الدم الذكى أصبحت من زجاج بعد أن كانت من ذهب والدسقسات ( الصينية) من خشب من أجل ما نهبه قره " وكانوا يبكتونه بكلام صعب وهو صابر على تبكيتهم ويدعوا من السيد المسيح راعى الرعاة أن يتسلم منه شعبة فقد كان يهتم بخلاص كل إنسان منهم 

وقال د0 جاك تاجر فى كتابه أقباط ومسلمون " وزاد الطاغى فى ظلمه حتى إقتحم كنيسه بابليون ( الفسطاط) مع نفر من الفساق المقربين منه وبعض المهرجيين ، ومكثوا أمام الهيكل أثناء أداء الصلاه" " أقباط ومسلمون منذ الفتح العربى الى عام 1922م  إعداد  د0 جاك تاجر د0 فى الآداب من جامعه باريس القاهره 1951ص 94 "

وأعطى الله حكمه فى كاتب إسمه يوحنا وثق فيه قره وقال يوحنا( يؤنس): "إننى أدرى ببنى قومى ، وأنا أعلم من هو الغنى القادر على الدفع ومن هو الفقير الذى لن يستطيع الدفع ، فإن سمح مولاى أن أجمع  الجزيه  بدل أن يستمر مولاى فى قلق وهم ، والشعب فى ضيق وغم " وقال ابن المقفع " وقد كان يوحنا حكيما جدا ووفقه الله بحكمته أن يتفاهم مع الملكيين واعادهم الى الإيمان القويم وتفاهم أيضا مع فئه الغانانيين وقد إنفصلوا عن الأقباط لمده 170 سنة الذين كونوا طائفه منذ عهد البابا بنيامين وأرجعهم الى امهم الكنيسه القبطيه الأرثوذكسيه (سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع نشره سيبولد طبع ببيروت عام 1904م   وطبعه ايفتس          Evetts    طبعه باريس1904      ج3 ص62 -63 )

 ولم تكن فئه الغانيين وحدها التى ردها هذا البابا إلى الإيمان القويم بل كانت هناك فئه أخرى تدعى شمطيكيون والرسنوفيون الذين كنوا موجودين فى المنى ومان أسقف كرسيه أباهور عمد الرهبان ودحضهم وكذلك كان منهم فى مدينة ينا وبوصير وسمنود وحولها ورشيد ودمياط وقد أصبحوا فى مصر إيماناً واحدا هو الإيمان القبطى , وسبب رجوع هؤلاء المنشقين كان سببا غريباً فعندما ولى الأمير قرة يؤنس على جمع الخراج من الأساقفة والرهبان قال له :" إن فيهم من لا يؤمن بأمانة النصارى ولا يصلون مع المسلمين فماذا أفعل ؟ " فقال الأمير " إفعل بهم ناموس النصارى وضاعف عليهم الجزية " فخرج من أمامه بتدبير من الرب الإله , فآمن كل المنشقين بالإيمان الأرثوذكسى القبطى.

إستيلاء الوالى المسلم قرة على ميراث كل قبطى يموت

 وكان الأمير قره يعبد المال ومحبا لجمعه فكان كل أرخن ( غنى من الأقباط ) يموت يستولى على أرضه وماله وكان رئيس الديوان بالإسكندرية بقيره مات فإستولى على ممتلكاته وكل ماله وجماعه أخرى لا حصر لها حتى الأساقفه أخذ ميراثهم 0

كما أصدر هذا الوالى أمراً بأن تقلع الأعمدة الملونة والرخام من الكنائس ويحمل لبناء الجوامع وقصور الولاة 0 

ولم يكتفى بذلك بل زاد على جزية البلاد مائه ألف دينار وكان نتيجه لهذه السياسه أن هرب الأقباط هم ونساؤهم وأطفالهم من وطنهم العزيز وقلوبهم تدمى الى ما آل إليه من إنهيار حضارى فى ظل الإرهاب والوحشيه والجشع ، وكانت الهجره جماعيه ألوفا ألوفا ولما رأى الوالى خراب البلاد  عين الوالى قره أحد الضباط إسمه عبد العزيز لمنع الهجره وقتل كل من يفكر أو يضبط هاربا من البلاد ، وأصبحت البلاد سجنا كبيرا وأصبح القبطى مغلوبا على أمره فهو ميت إذا أراد الهجره وميت من الجوع والضرائب والإضطهاد إذا عاش فى وطنه ، وبما أن القبطى قد أصبح ميتا فى كلتا الحالتين وأن الوالى الظالم هو الذى سيعيش فقد رفع المصرى نظره الى فوق الى السماء  لعله يجد حلا 0

فأرسل الله طاعونا مهلكا مثل ملاك الموت الذى أرسله الله قديما لفرعون فأهلك كل بكر فى مصر من  إبن الجاريه حتى إبن فرعون، ولم يستطع إحصاء عدد الموتى زكان عدد الموتى من المسلمين أكثر ثم دخل هذا الوباء قصر قره فمات نساؤه وكان يهرب من مكان إلى آخر خوفاً من أن يلحقه الموت وقضى هذا الطاعون على اكبر طاعون حكم مصر ، وهو أنه أصاب الوالى قره فمات ولم تمت مصروذاق قبل موته معنى الخوف والإرهاب الذى كان يمارسة ضد أقباط مصر0

 ولاه الظلم:

 وحل والى آخر مكانه لم يمكث سوى ثلاثه أشهر إنتشرت فيها الفوضى فى البلاد خربت أثنائها كنائس الإسكندريه وهدمها المسلمون ليأخذوا حجاره المرمر والرخام ليبنوا بها جوامعهم ، وأرسل الخليفه سليمان بن عبد الملك الى مصر أسامه بن يزيد واليا على بيت المال سنه 714م وقال إبن المقفع أن الذى أرسله هو الخليفة الوليد سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع نشره سيبولد طبع ببيروت عام 1904م   وطبعه ايفتس          Evetts    طبعه باريس1904      ج2 ص128، وتفوق هذا الوالى على من سبقوه من ولاه فى الظلم والجشع ، ولما وصل هذا الوالى إلى الفسطاط أمر بتسجيل جميع قرى مصر بالكتابة العربية وكان ذكياً وحدث غلاء عظيم لم ترى مصر مثله من قبل ومات فى هذا الغلاء أكثر ممن ماتوا فى الوباء , حتى أن الأغنياء أشرفوا على الموت ولكن حدث رجاء من إلهنا ووصل سعر خمسة وعشرين إردباً بدينار , إلا أنه حدث فى نهاية الغلاء وباء آخر فأفنى الكثيرين أما الأمير فلم يرحم أحدا فى وسط الظروف التى مرت بها مصر وكان كل من المسلمون والنصارى يخافون منه0

 ويقول المؤرخون المسلمون والمسيحون ، انه قام بمصادره أملاك الأقباط بدون وجه حق كما أسرف فى قتلهم بصوره وحشيه وكان يجدع أنوفهم ويقلع أعينهم ثم يقتلهم فى النهايه ويضم ممتلكاتهم الى ماله الخاص

وكان يعشق الذهب ويحب الدنانير فكان يأمر الولاة أن يقتلوا الناس ويحضروا إليه مالهم فكان يصدر أمراً كتابياً يقول فيه : " سلمت لكم أنفس الناس إستولوا على ما تقدرون عليه من أساقفة ورهبان وكنائس أو عامة الناس , صادروا القماش والمال والبهائم وكل ماتجدونه ولا تراعوا موضعا مقدساً ولا تراعوا أحداً وكل ماتجدونه عند الأقباط إنهبوه "

وكانوا يخربون وينهبون ويسرقون ويقتلون فكانوا يبيعون ما قيمته عشرة دنانير بدينار واحد حتى صارت الفضه خمسة وثلاثين درهما بدينار والقمح أربعين إردباً بدينار والزيت مائه قسط بدينار , ووصلت أنباء إلى الأمير أن الناس أوشكوا أن يبيعوا أطفالهم من كثرة الظلم والضنك فلم يرحم.    

 وأصدر أمراً أن لا يأوى أحداً إنساناً غريباً فطرد الناس جميع الغرباء من بيوتهم فى الوقت الذى إشتهر الأقباط بإضافه الغرباء وطرد أصحاب الفنادق الناس المسافرين من مكان لآخر وكان هناك كساد فى الأعمال ، ولقد جمع الرهبان وأخبرهم بأمرين الأول إبقائه على الضريبه التى فرضها عبد العزيز الوالى ، الأمر الثانى ان يلبسوا خاتما من  الحديد يكتب عليها إسم ديره والسنة بتاريخ ملك الإسلام ويلبسه فى يده اليمنى فى أى مكان وكل من لا يلبسها يقطع رأسه او يجلد حتى يموت او يقطع يده 0

وقد قام رجال الشرطه بالبحث عن الرهبان المخالفين والقبض عليهم وحيث أنه لم تكن هناك وسائل يتعرف بها الرهبان بالقوانين فمعيشتهم الجبال والأديره وشقوق الأرض فقبض على كثيرين فقطع المسلمين رؤوس البعض وجلدوا الآخرين حتى الموت وقطعوا أعضاء بعضهم وعاشوا عرجا طيله حياتهم  وحلق لحى البعض وقلع عين البعض الآخر بدون رحمة وكان كثير من الأقباط يموت وهو يضرب بالسياط ولم نستطع إحصاء عدد من شوههم هذا الوالى المسلم   0

وإحتمل الأقباط أسامه بن يزيد والى الموت وفضلوا الموت عن أن يفقدوا أيمانهم ، فكثر المهاجرين الأقباط هربا وطلبا للنجاه خاصه الفقراء  وليمنع الأهالى من الهجره الجماعيه وترك البلاد أصدر ترخيصا (جوازا للسفر) يتوجب حمله للذين يسافرون بالمراكب عن طريق النيل شمالا أو جنوبا أو من مكان لآخر داخل البلاد أو إلى خارجها ، ويدفع مقابل ذلك 10 دنادير ثمنا لترخيص المرور ، وعلى الشرطه تفتيش المراكب والطرق وإذا وجد أحد المخالفين فى مركب ، قبطى يستولى على مركبه ، وإذا كان ملكيا (من الأروام) فمنهم من يقتل ومنهم من يصلب ومنهم من تقطع يديه ورجليه .

وكان التجار ينتظرون عند بابه شهرين للإنتظار بالإفراج عن سجلاتهم  

فإنقطع السفر وخاف التجار من نقل بضائعهم فلم يبق من يسافر ولا من يبيع أو يشترى وثمرات الكروم تلفت , وإذا حدث أن أكل فأرسجل إنسان أو محر بالماء أو إحترق ..الخ يدفع خمسة دنانير ليحصل على سجلاً جديداً

 

مأساة الأرملة العجوز فى ظل الحكم الإسلامى

 وإنتشرت فى هذا الوقت قصه الحادثه التى واجهتها إمرأه عجوز هاربه من الظلم مع إبنها الوحيد وتناقلتها الألسن من شمال الوادى حتى جنوبه ، فقد قصدت إمرأه عجوز الفرار مع إبنها الوحيد فباعت كل ما تملك وإشترت جوازين سفر لها واحدا والآخر لإبنها ، وأعطتهما لإبنها ، وأثناء السفر وبعد أن قطعا عده أميال بعيدا عن قريتهما إقترب الصبى من شاطئ النيل ليشرب فهجم عليه تمساح ومزقه وإبتلعه امام عينها ، فصارت تصرخ بلا معين وندبت حظها لفقد وحيدها ، وصارت وحيده فى بلد غريبه وهى ثكلى فلم تجف الدموع من عينها 0

 ومما زاد الأمر سوءا أن الولد كان معه التذكرتين وبعض المال  وإضطرت المسكينه أن تبيع ملابسها وتتسول لتشترى جوازا لترجع الى قريتها وأهلها وإلا قطع الوالى الظالم رأسها 0

 وحزن البابا القبطى من شعبه لإنه لم يحاول أحدا من الأقباط مساعدتها ولم يفعل خيرا خوفا من بطش الوالى 0

وكانت هذه الإجرائات سببا لزياده  لغضب الشعب مسلمين وأقباطا وإستعدوا لإعلان الثوره والعصيان ، إلا أن وفاه الخليفه سليمان عبد الملك حال دون وقوعها وخلفه إبن عمه عمر عبد العزيز الذى عزل أسامه بن يزيد وعين مكانه أيوب بن شرجبيل ، وكلفه بتهدئه الخواطر وإستعمال اللين مع الأهالى ، كما كلفه بإلقاء القبض على أسامه ووضع حلقه من حديد حول رقبته وتكبيل يديه بأوتار خشبيه ، وسيق والى الظلم أسامه ، وهو مقيدا الى مكان إعدامه ، ولكنه مات فى الطريق من الخوف ، وقال بعض المؤرخين بل قتل فى السجن ، وأوقف شرجبيل سير الإضهاد للأقباط ، وذكر ساويرس المؤرخ الخريده النفيسه  فى تاريخ الكنيسه للأسقف الأنبا إيسوزورس طبع القاهره 1923 - ص152 انه نفذ أمر الخليفه عمر بن عبد العزيز بإلغاء الجزيه على الرهبان والأساقفه 0

فى هذه الأثناء قام كهنه الإسكندريه بالمطالبه بالمبالغ المستحق دفعها لكنائس الإسكندريه ( عندما نقل الوالى عبد العزيز إنتخابات البابا الى بابليون بدلا من الإسكندريه كان هناك شرطا بان يدفع البابا مبالغ الى كنائس الإسكندريه كما كان مقررا)  وإنقطعت هذه العاده لمده طويله ، وذلك بسبب الغرامات التى إضطر البابا أن يقوم بدفعها للولاه المتعاقبين فى فترات قصيره00 حوالى 6-8 ولاه فى مده 19 سنه أخذ البابا يترضاهم ويطيب خاطرهم بالكلام اللين ويحاول إقنلعهم قائلا: " إنظروا إن الأوانى التى ترفع فيها الأسرار الآن أصبحت من الزجاج القابل للكسر والخشب الذى يصعب تنظيفه بدلامن المعادن الثمينه (  تستعمل هذه المعادن لعدم قابليتها للصدأ وسهوله تنظيفها من المواد الغذائيه ) إلا أنهم هاجوا وغضبوا فعرفهم البابا أن هذه المبالغ إنما كانت فى الأصل هبه من الملك قنسطنطين الكبير لمساعده الكنائس ولما إنقطعت ظلت البطريركيه تصرفها بإختيارها ، فلما سمعوا هذا الكلام ضجوا وألحوا فى دفعها ، ولما لم يرتدعوا وبخهم وإنتهرهم ، فخرجوا يشنعون عليه إلا أن بعض الأراخنه أقنعوهم بضيق وفقر البطريركيه فإنصرفوا فى النهايه  0  

ولكن لم تستمر فتره الهدوء النسبى للأضطهاد سوى سنتين حتى مات الخليفه عمر وذكر إبن المقفع أن الخليفه عمر بن عبد العزيز كان يصنع خيرا مع الناس ويصنع السوء أمام الرب سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع نشره سيبولد طبع ببيروت عام 1904م   وطبعه ايفتس          Evetts    طبعه باريس1904      ج2 ص 130وبويع يزيد بن عبد الملك للخلافة وكانت أيامه كلها سوء لأنه سلك فى طريق الشيطان وحاد عن طرق الرب  فأعاد الخراج على الرهبان والأساقفه سنة واحدة وأمر بكسر الصلبان وكشط ومسح الصور الدينية من الكنائس وأثقل على الناس أحمالا كثيرة ولكن السيد المسيح أهلكه وأخذ نفسه بعد أن أراه بلايا كثيرة قبل موته وقد مكث فى الخلافه سنتين وأربعة أشهر ومات أيوب بن شرجبيل سنه 711م وعين بشر بن صفوان مكانه واليا على مصر الذى سار بسياسه عادله بين رعيته وكافأه الأمويين بتعينه واليا على كل أفريقيا.  

هجره الأقباط

 وعين الخليفه أخاه فى منصبه المدعو حنظله بن صفوان وأعطاه أمرا أن يخير الأقباط بين أمرين إما أن يعتنقوا الديانه الإسلاميه أو أن يتركوا بلادهم ووطنهم فقال :" من أراد أن يقيم فى حاله فى البلاد فليكن على دين محمد مثلى ومن لا يريد فليخرج من ولاياتى " ففضل الأقباط الأمر الثانى رحمه لأنهم كانوا يهجرون فعلا ويدفعون 10 دنانير فأصبحت فى عهده هجره مجانيه ، وسلم الأقباط ممتلكاتهم وما بأيديهم إلى المسلمين , واثقل المسلمين أيديهم على الأقباط فى كل مكان غنيهم وفقيرهم , فهربوا بالألاف إلى ولايات الروم مفضلين دين المسيح على دين الوحشية والمجازر والتعصب ، مفضلين الحريه فى إختيار الدين وحريه فى الفكر  بدلا من التقيد بدين يقاسون بظلمه كما يقاسى أتباعه به أيضا من ظلم حكامهم  وفرغت مصر من سكانها وأهلها  

وعندما مات الخليفة تراجع الخليفة هشام بن عبد الملك فى تنفيذ هذا الأمر نتيجه للخراب الذى حدث فى البلاد وخلوها من السكان ،  اما المسلمون فخلت لهم محافظات بأكملها خاصه فى الوجه البحرى ، فهدموا الكنائس الباقيه وأخذوا أعمدتها ورخامها لبناء جوامعهم 0 وتعاقب ولاه لهم نفس الإسلوب فى إضطهاد من تبقى من الأقباط 0

 الخليفة هشام والكرسى الأنطاكى

ويقول ابن المقفع عن الخليفة هشام " أنه كان رجى خائفاً من الله على طريقة الإسلام " وكان محبا لسائر الناس ويقول مؤرخى الكنيسة الأنطاكية :" فلما علم أنه ليس لنصارى المشرق بطريرك من بعد يوليانوس بطرك أنطاكيه السابق الذى جلس لإيليا الأسقف من بعده وتوفى أيضاً فأخذ أثناسيوس الذى كان أسقفاً أيضاً ووافق على تعينه بطريركاً ووضع عليه الأساقفه الأنطاكيين أيديهم عليه ووسموه بطريركا ومان مملوء من كل نعمه روحيه وكتب كتابا " سنوديقاً " إلى البابا الأكسندروس القبطى يقول فيه : " أننى غير مستحق لهذه الرتبة من أجل ذنوبى وليس هذا بإختيارى فعلت ذلك لكن الخليفة كان يعرفنى منذ زمان " فقبل البابا هذه الرساله بفرح وكتب رد رسالته , وكتب أيضاً كتاب بركة للخليفه هشام وسأل الله أن يثبت مملكته سنيناً كثيرة ويظفر بأعدائه ليفعل الإستقامة فى عينى الرب " وكان رد الخليفة إلى مصر أن أمر يكتب ورقه لكل من يدفع الخراج براءه بإسمه حتى لا يظلم أحد ولا يكون فى مملكته ظلم " فأعطاه الرب مملكه آمنه وظفره بأعداءه ومكث يحكم لمدة 20 سنه وكانت كنيسة الأنطاكيين فى دمشق ملاصقة لمجلس الخليفة هشام من كثره حبه للنصارى حتى يسمع صلوات البطريرك الأنطاكى وقراءآته وكان دائم القول " إذا بديت بالصلاه ليلا تأتينى راحه عظيمة ويزول عنى الهم بأمر المملكة قم يأتينى نوم عميق ومريح "  سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع نشره سيبولد طبع ببيروت عام 1904م   وطبعه ايفتس          Evetts    طبعه باريس1904      ج2 ص 130- 131  

ثوره الأقباط:

 

 بدأت هذه الثوره فى منطقه الشرقيه( أهالى تنوديمى وقربيط وطربيه ) فى أيام الحسن بن يوسف ومعه آخر لجبايه الضرائب ، ومن الملاحظ انها ثوره تعبر عن مدى الضيق الذى شعر به الأقباط من تصرفات الحكام الهمجيه والوحشيه ، وفى إعتقادى الشخصى إنها ثوره إنتحاريه ، فقد أوصلوا الأقباط الى مرحله الميت الحى فلم تكن لهذه الثوره المقومات الأساسيه لنجاحها كما لم تكن لهم المعرفه والدرايه بالقتال ، فلاحين بسطاء يعبرون عن ضيقهم بالقتال حاربوا جيشا مدربا وأعدادا غفيره من الجنود ، فلم يهربوا ولم يخافوا من كثره من عليهم ، بل واجهوا الموت فى شجاعه منقطعه النظير ووقفوا صامدين فى مواقعهم ، حتى سقطوا قتلى يدافعون عن حقوقهم ومبادئهم وذبح المسلمون من تبقى فى القرى من أطفال ونساء وكبار السن ويقول المؤرخين المسلمين العرب: " أن المسلمين قتلوا خلقا لا يحصى من الأقباط فى هذه الواقعه 0"  

عوده لولاة الظلم:

  وحدث أن طبيبا من مدينه الإسكندريه من طائفه الملكيين ( الأروام ) إسمه أنوبيس إستمال والى الإسكندريه المسلم وأعطاه 1000 دينارا وأقنعه أن يقيمه بطريركا على طائفة الأروام بمساعده كاتب خائن إسمه أنسطاسيوس وآخر إسمه تاودروس 0

ولما تم له هذا أخذ يسخر من البابا ألكسندروس فما كان من الشعب أقباطا وأرواما إلا أن هجم عليه فلجأ الى البابا ليحتمى به فتلقاه البابا بصدر رحب ، وطلب الشعب من البابا أن يحرمه ، ولكن الطبيب إلتمس أن يعفوا عنه البابا وطلب أن يقبله فى العقيده الأرثوذكسيه فصفح عنه 0 وإقتبس إبن المقفع إحدى الأقوال المقدسة ليعلق تعليقاً طريفاً فقال : " إذا رأيت حمار عدوك ملقياً مثقلاً فلا تتركه بل تنهضه " سيره الأباءالبطاركه – ساويرس إبن المقفع نشره سيبولد طبع ببيروت عام 1904م   وطبعه ايفتس          Evetts    طبعه باريس1904      ج2 ص 127

 والى مسلم يريد أن يوشم " يوسم " البابا القبطى بصوره أسد

 ولم يكتفى حنظله بن صفوان ويقول بعض المؤرخين أنه عبيد الله وكان الخليفه هشام قد رأى أن عبيد الله يحب الكنيسه الأرثوذكسيه فولاه على مصر وأوصاه أن يفعل الخير وعندما تولى مهام وظيفته أمر بإحصاء عام شمل الناس والبهائم وأن تقاس الأراضى والكروم بالحبال ( حبال خاصة بالقياس ) وجعل طابع من الرصاص فى حلق كل قبطى من سن عشرين حتى المائه كما أحصى أراضى الركس ( أراضى البور التى لا تنتج محاصيل ) وأضعف الخراج – ولم يكتفى هذا الوالى بما أحدثه من خراب سنه 713م بل أن الأمر الغريب أنه ذهب إلى مدينة منف وأقام بها أربعة شهور وأمر جميع سكانها من الأقباط ووشم علامة الأسد على أيديهم كما قال يوحنا الحبيب ( إبن الرعد ) فى سفر الرؤيا أن لا يبيع أحد ولا يشترى إلا من له علامة الأسد بل أنه أمر بأن يوشم Tattoo الأقباط أنفسهم صوره أسد على أيديهم وهدد أن من وجدت يده بلا وشم الأسد سوف يقطعها 0 وكان له ولدان أعطى واحدا السلطه على الوجه البحرى والآخر الوجه القبلى ووصل إلى الجيزة وبنى فيه مبنى كبيراً وكتب إلى أمراءه فى الأقاليم أن يرسلوا الفعله والبنائين المهرة وأشغلهم فيما يريد وبنى فى الفسطاط دوراً وهلك الناي من التعب ومات الكثيرين منهم وثارت حرب على النصارى والمسلمين معاً  لأنه أثقل الخراج أيضاً  وسفك دماء ناس كثيرين جداً من المصرين مسلمين ومسيحين فى مدينه بنا ومدينة صا ومدينة سمنود وما يجاور هذه المناطق وكذلك أصبحت الطرق والجبال بها ثوار . 

نياحة البابا ألكسندروس

ثم قبض على البابا ليوسمه بوشم الأسد على يديه فإمتنع فلم يدعه الوالى فقال : " إمهلنى ثلاثه أيام "  فدخل البابا مخدعه وطلب من الرب - ان لا يتركه فى يد هذا الظالم ليوسمه برشم الأسد بل ينقله من هذا العالم بسرعه - فنظر الله الى ضيقه فمرض فى اليوم الثالث ولما إشتد عليه المرض ولم يذهب الى الوالى حسب الإتفاق أرسل فريقا من كبار الأقباط إلى الوالى عبيد الله ليعلن إعتذاره بمرضه وأن يأذن له أن يسافر إلى مدينة الأسكندرية ليموت بها " فظن الوالى أنه يكذب ، ولما إزداد المرض فى شدته ومضى أربعة أيام طلب من تلاميذه أن ينقلوه الى مركب ليموت فى ألإسكندريه ، ولما علم الوالى بهربه بعث أميراً ليعيده ومعه جنودا ورائه ليمسكوه ويحضروه أمامه ، وكان معه فى المركب أنبا جمول أسقف أوسيم (مديريه الجيزه وتوابعها) ووصلا إلى بلدة تسمى ترتوط عند الصبح وفى تلك الساعة تنيح بابا الألآم والأوجاع وقبل أن يصلا بلده مريوط كان قد مات البطريرك فى يوم أول فبراير 729 ش وقد مكث على الكرسى البطريركى 24 سنة و9 أشهر و 7 أيام

فما أعظم إيمانك ياسيدى البابا ألكسندروس فطوباك لأنك تشبهت بسيدك ذقت الألآم والأحزان حتى أنهم لم يتركوك أن تموت فى سلام لأنك قد مت فعلا عن العالم أما السلام فكان فى داخلك وما أن وصل جنود الوالى إليه حتى وجدوه قد فارق الحياه لينعم بها الوالى الشرس , ولينعم المسلمين بالحياة يظلمون ويقتلون خلق الرب يظنون أنهم يقدمون خدمة لإله لا يعرفونه.

 المسلمون يعذبون الأنبا جمول أسقف أوسيم تعذيبا وحشياً

 ولما لم يجد المسلمين فريستهم لإشباع وحشيتهم فى تعذيب خلق الله  وجدوا البابا قد تنيح فقبضوا على تلاميذه ، أما الأنبا جمول أسقف أوسيم فلم يهرب وظل فى مكانه حتى قبض عليه أميرحرب العرب المسلمين وأرسله إلى عبيد الله الوالى الذى أراد أن يدارى ظلمه بقسوتة خاصة أنه لم يستطع وسم البابا فقال للأسقف : " أنت الذى أشرت بالهرب ولا بد من دفع منه 1000 قطعه ذهب " وكان أنبا جمول فقيراً عرياناً يعجز على توفير قوته ليوما واحداً وكان حلو المنظر حسن السيرة وكان كل من يخطئ ويعظه يرجع عن خطيئته ويسمع له , وحلف للأمير أنه ليس معه ديناراً واحداً فلم يقبل منه الأمير إلا الذهب وسلمه إلى شرطيين اللذان سلماه بدورهما إلى البربر يقول عنهما إبن المقفع أنهما شكل السباع  ولما لم يقم بدفعها لأنه ليس معه ، جلده المسلمون فى شوارع الفسطاط وبابليون بل أنهم دخلوا به فى الأزقه والحوارى الضيقه وكان خلق كثير يجرون خلفه مستمرين فى جلده بسياط مصنوعه من عروق البقر ومقارع وإنهرى جلده وسال دمه على أرض مصر ليرويها دليلا على وحشية المسلمين وإضطهادهم وإرتوت أرضها بدماءه كما إرتوت بدماء شهداء الأقباط شاهده على ظلم الدول التى إحتلت مصر ، وقد إستمروا فى ضربه إسبوعاً كاملا وألبسوه مسح الشعر وعلقوه من ذراعيه وهو عريان وجميع الشعب ينظرون يعذبونه بدون رحمه حتى وصلوا الى كنيسه مار جرجس وربطوه على بابها وصاروا يضربونه بالسياط حتى إنهرى جلده  ورأف به الجميع حتى دفع المسيحيين وبعض المسلمين 300 دينارا وخلصوا وتوسط أصحاب الوالى من المسلمين ورؤساء النصارى عند الوالى قائلين له : " لقد قارب على الموت وليس له ذنب فى هذا الأمر على ما عرفنا " فأفرجوا عن هذا الأسقف المسكين الذى ساعد باباه العليل على أن يموت على فراش الموت بالأسكندرية حيث مات مرقس مبشر مصر بالمسيحيه ورسول المسيح إلى أرض مصر فأنظروا ياأخوتى على مدى ظلم ووحشية المسلمين .   

زمن المعجزات والقديسين 

تميز زمن البابا ألاكسندروس بأنه زمن الإضطهاد الشديد ولكن فى وسط هذا الضيق كان هناك قوم من القديسين يصلون لأجل الكنيسة يتعبون أنفسهم متعبدين لألههم وأظهروا عجائب كثيرة وآيات منهم

إثنان .. هو قس وصياد فى بلده إسنا يعمل بصناعه الشباك ويتمم قانون الرهبنه ثم قام ومضى وبنى ديراً فى الجبل وكانوا فى ضيقه شديدة ونال صيتة فى بلاد العالم – وآخر إسمه متيوس من أهل اسفنت فاظهر الرب على يديه عجائب كثيره فى شفاء الأمراض وتطهير البرص وإخراج الأرواح النجسة وأقام موتى بإسم السيد المسيح وقد حدث أن إنسان قبطى فى اسفنت كان له ولدان وبنت وكانوا أبكاراً أطهاراً فأضلهم الشيطان فدخل الشيطان فى أكبرهم وقال له : " إذا كان أبوك لن يزوجك , فإمضى إلى أختك ونم معها فإنها تكفيك إلى زمان " . فحسن هذا الفكر فى نفسه ففعله وكذلك فعل الصغير وفعلا المخالفه فحبلت بسرعه وكانا أبواها يخفيانها لأجل الفضيحة ولم يعلما أن إبنيهما فعلا ذلك ,

ومرت الشهور وجاء ميعاد ولادتها وفات ولم تلد فأخذاها إلى القديس متيوس الراهب فأحس الشيخ متيوس بإقتراب الخاطئه من الجبل فنزل هاربا ينتف شعر لحيته حتى لاقاهم تحت الجبل فعرفاه أبواها بالخبر وأرادا أن يدفعا له الهدايا لكى يصلى عليعا لتلد فتقدم إليهم لينزاوها برفق من على الدابه فأنزلوها وهى فى أوجاع عظيمة فقال لها : " عرفينى ما فعلت با مرزوله "  فعرفته بما حدث وأكثر مما فلناه فرفع يده إلى السماء وصلى ففتحت الأرض فاها وبلعتها وكان حاضرا جمع من الناس , وشاهدوها تسقط فى بئرا مظلمة ليس لها عمق وإستمرت النار تخرج سته شهور من هذه البئر ورائحه نتانه تخرج من فوهه البئر ولا يستطيع أحد الإقتراب من المكان من على بعد خمسه وعشرين ميلا .- أما الأشمدريدس" أبا " كان فى ديرأنبا شنودة فى جبل أدريبا كان حسن السيرة فى حياته وبعد ذهابه إلى الرب كانت هناك آيات شفاء وعجائب تظهر من جسده المقدس ولم يستطع أحد حصرها من كثرتها – وحدث فى أزمان الضيقة التى مرت بها الكنيسة أن الناس كانت تتشدد وتقاوم حينما يرون القديسين كما كان السيد المسيح يظهر لهم عياناً وتلاميذة القديسين وقامت الملائكة بالظهور للناس أيضاً  .

ويذكر إبن المقفع أن شيخ فى دير أبى مقار إسمه " يؤنس " من أهل شبرا ميسنا ( هى أرواط ) أمسكه البربر ثلاث مرات وأسروه وجعلوه عبداً وأنزلوا البلايا به وكان الرب ينظر إلى صبرة ويعيده إلى ديرة فى كل مرة وينقذه بمجد عظيم ورقى إلى رتبه اغومسا لأنه كان كاهناً فلم يتناول السرائر المقدسة حتى ظهر له السيد المسيح فى المنام وكذلك السيدة العذراء مريم – وكان له تلميذ إسمه " أبيمخس " من أرواط وإستحق أن يرقى إلى رتبة القمصية كان يشفى المرضى ويبرئ البرص وعمر عمرة حتى صار أكثر من مائة عام  وحلت عليه قوة الروح القدس ونعمتها وصار يعلم الغيب قبل أن يسأله أحد وكان له أخوان فى الروحانيات أحدهما جرجة والآخر الأنبا ابراهام وكانا قديسين حسنا السيره والأفعال والأقوال وكانا عندما يحضران الكنيسة يشاهدان بنى المعمودية كأنهم خراف بيض صغاراً وكباراً فإذا كسل واحد من الرهبان يرونه أسود اللون وبعد الإنتهاء من القداس والخدمة وصرف باقى الأخوة كانا يذهبان إلى قلايته ويقولان له : " تب عن كسلك يوعظاه ويعزياه " ونظرانه فى الغد فإذا هو قد إبيض أكثر من جميع رفقائه وكانت السيده العذراء والمسيح يظهران للقديسين فى البرية ولكنهم فضلوا من تواضعهم عدم الإبلاغ بها وإظهارها

الأقباط أصل الحضاره:

 أمر الخليفه الوليد بهدم المسجد القائم فى المدينه بالعربيه وبناء مسجدا أكبر وأعظم منه ، فأرسل الى واليه فى المدينه المال والأحجار الكريمه والفسيفساء والأخشاب اللازمه للبناء ، وإختار ثمانين من العمال المهره من الأقباط والروم من مصر وسوريا ، وهكذا بالرغم من إضطهاد المسلمين للأقباط إلا أن الأقباط يحاولون دائما أن يرفعو المسلمين الى مستوى الأخلاق الحضارى0

وقاموا أيضا ببناء مساجد فى القدس والشام ، فالمهاره والفن نعمه من الله أعطاها للأقباط فلم يبخلوا بها على أحد( فتوح البلدان للبلاذرى ص7)

******************

إحصاء أقباط مصر بالصعيد فى أثناء حكم الخليفة هشام عبد الملك والوالى الوليد بن رفاعه

قال المؤرخ ابو المكارم (فصل) شهد كتاب فضائل مصر أن الوليد بن رفاعة تولى الخراج بمصر فى خلافة هشام ابن عبد الملك فخرج لإحصاء الروس فأقام ستة أشهر بالصعيد وبأسفل الأرض ثلاثة أشهر فأحصى فوق البعشر ألاف قرية أصغر قرية منها فيها خمسمائة رجل من القبط تكون جملة ذلك من القبط خمسة ألاف ألاف نفس مخطوط تاريخ أبو المكارم - تاريخ الكنائس والأديرة فى القرن "12" بالوجه البحرى - إعداد الأنبا صموئيل أسقف شبين القناطر وتوابعها 1999م  ص 32- 33

  *********************************************************

الأنبا متى المسكين

 

عاش ألأنبا متى المسكين في القرن الثامن الميلادي في عصر الأنبا الكسندروس الثاني البابا 43 الذي تولي الباباوية سنة 704م إلى سنة 739 م.

 وُلد هذا القديس العظيم في مدينة الأقصر من أبوين مسيحيين، وكان والده يشتغل فخرانى (بصناعة الفخار) ,اسماه  متاؤس. وكان يحب الصلاة والوحدة . وكان يتردد على دير الأنبا اسحق السائح بجبل أغاثون جنوب غربي مدينة إسنا. ثم ألتحق  التحق بدير أنبا باخوميوس بجبل أصفون، يبعد حوالي 12 كم شمال غرب مدينة إسنا على الضفة الغربية من النيل و7 كم غرب أصفون.

وبلدة أصفون بلدة قديمة ذكرها المقريزي في كتابة الخطط المقريزية، وهي مازالت تابعة لمركز إسنا. ذكرها جوتيه في قاموسه فقال بأن اسمها المقدس هو موطن الإله هوريس، واسمها المدني ومعناها قصر الملك سنوفرو.

ومكث الأنبا متى المسكين فى  مغارة صغيرة في الجبل بالقرب من الدير من الناحية الغربية، وسكن فيها مصليًا إلى الرب .

بعد نياحة الأنبا مرقس رئيس الدير اختير الأب متاؤس رئيسًا للدير، فقام بنهضة عمرانية ورهبانية كبيرة. منحه الله نعمة شفاء المرضى وإخراج الشياطين.

وحدث أنهم قدَّموا إليه امرأة بها مرض خفي حار في معرفته الأطباء، فعلم بالروح حالها وأمرها أن تُقِّر بخطيتها أمام الحاضرين، فاعترفت أنها تزوجت بأخوين فاعتراها هذا الداء، فصلى القديس من أجلها وبرئت للحال.

ونما فى الفضائل فقد كانت الوحوش تألفه وتتناول طعامها من يده.

ولما بلغ سعيه تنيح بسلام في يوم 7 كيهك بالغًا من العمر 105 سنة، عاش منها 45 سنة في الرهبنة و50 سنة كرئيس للدير. وما زال جسده المبارك مدفونًا في مقبرة من الرخام داخل حجرة صغيرة في مدخل حصن الدير. القمص سمعان السرياني: مدينة الشهداء إسنا، 1985

 

This site was last updated 12/22/11